بوفاتح سبقاق
2008-06-29, 13:07
فجأة وبدون سابق إنذار تحولت المدينة الى عروس زاهيةالألوان ، تنتظر قدوم العريس ، أخدت أتجول بسيارتي عبر الشوارع الرئيسة ، أتأملالواجهات والأرصفة ، كل شيئ غيروه ماعدا وجوه الناس لم ينجحوا في إضفاء الطابعالإحتفالي عليها.
على مقربة من مفترق طرق خطير تجاوزتني سيارة فخمة علىاليسار ، لم تكن سيارتي في وضع وإمكانيات تسمح لها بالمنافسة فهي من جيل السبعينات،في حين تبدو سيارة غريمي وكأنها خرجت لتوها من إعلان إشهاري .
ماهي إلا ثوانيحتى أصبحت في خط واحد مع منافسي عند الضوء الأحمر ، فرحت لذالك وأيقنت بتساوي الفرصفي آخر المطاف ، ولكن سرعان ما ضرب صاحبنا عرض الحائط الضوء الأحمر وانعطف يمينا فيحين كانت غمازة الإتجاه تشير إلى اليسار .
في هذه الأثناء كنت أنتظر رحمة الضوءالأحمر ، الذي بدا متواطئا مع صاحب السيارة الفخمة، وبينما كنت أتجرع مرارة الهزيمة، لمحت على جانب الطريق شخصا مبتسما يشير لي ، حسبته لأول وهلة جزاء من مظاهرالاستقبال ، و ما إن توقفت حتى أدركت بأنه صديقي صالح.
- هل بإمكانك أن توصلنيالى المنطقة الصناعية بسرعة .
- بالتأكيد ، إسرع بالركوب.
صديقي مراسل صحفيقدير يعرف خبايا المدينة وأسرارها، عرفت بأنه سيقوم بتغطية زيارة مسوؤل مهم.
- طوال العام يهتكون عرض هذه المدينة ويحولونها في ثوان إلى بكر وعذراء عند زيارةالعريس ، قال محدثي
- إن الإخطار بالزيارة مسبقا هو الذي يجعل الجميع يشاركونفي مسرحية يعرفون بدايتها وعقدتها ونهايتها ، ليس هناك مسوؤل محلي مقتنع بما يقولأو يفعل وهكذا يأتي المسوؤل المهم ليرى ما أريد له أن يراه .
بعد دقائق وجدناأنفسنا بصدد المشهد الأول من المسرحية . ركنت السيارة جانبا ومشيت تحت غطاء صديقيالمراسل الصحفي فهو يمثل سلطة رابعة ، ظلت دوما موازية للسلطة الأولى ، بعد تجاوزعدة حواجز أمنية ، وجدت نفسي وسط نخبة الإدارة ووجهاء المدينة وتراءى لي عن بعد،المسوؤل المهم يستمع إلى شروحات ممثل محترف .
تركت صديقي وتوغلت بين الصفوفلكشف المستور ومعرفة كيفية توزيع الأدوار واختيار المواقع ، هاهم مبعوثو التلفزةالوطنية يتصدرون وسائل الإعلام ، ينقلون صورا زاهية تعبر عن الحدث بجلاء واضح إلىحد الغموض، وما أن اقتربت من اللوحات التوضيحية حتى فهمت الموضوع ، وضعت في متناولالمسوؤل المهم كل المعطيات التي تقنعه بجدوى المشروع وفعالية المشرفين عليه ، وفيالحقيقة فإن الألوان الجذابة والمعلومات الثرية جعلتني أنا الموظف البسيط أقتنعبمدى تطور وتقدم المؤسسات وحين ابتعدت قليلا عن مجال تأثير المعلقات السبع، حتىأدركت بأن التطور والتقدم لا يتعلقان سوى بالجانب الدعائي والشكلي فقط .
وفيماأنا تائه وسط الوفد ، تسنى لي أن أستمع إلى أشخاص يتحدثون عن مدى نوعية الرخامالمستورد من إسبانيا، في حين ظهر أحدهم أكثر وطنية وهو يحاول إقناع زملاءه بضرورةإقتناء النوعية الفرنسية .
لقد كان الوفد منشغلا بأشياء لا تمت بصلة لموضوعالزيارة ، وكان المسوؤل المهم ، الوحيد الذي أرغم إرغاما على بطولة العرض، فهو مهمدائما وقابل للتنحية في أي احظة .
أضحت الرغبة في اغتنام الفرصة لفهم ما يجريتتملكني ، لم أشعر إلا وأنا أدوس على قدم مسوؤل أنيق وأرفقت حركتي بالإعتذار مباشرةوجاءني الرد في صورة نظرة ثاقبة أرجعتني إلى الوراء خطوتين ، لم يكن الرجل سوىالحارس الشخصي للمسوؤل المهم، إنه يبدو بأناقة ملفتة ونظارات متميزة ونظرات أكثرتميزا ، هو نفسه نشاهده كل مساء في نشرة الثامنةعلى يسار المسوؤل يرافقه أينما ذهب .
اتجهت صوب سيارتي عازما على مغادرة المكان في حين كان الوفد يتأهب للتحرك هوالآخر ، ونظرا لصعوبة الخروج وسوء التنظيم ، وجدت نفسي ودونما إرادة وسط سياراتالوفد ، تحيط بي الدراجات النارية وهكذا دخلت تحت الرعاية السامية، أكيد أن بعضهماعتبرني مسوؤلا مهما متواضعا أو تبين لهم بأن شكلي لا يوحي بأي خطر على المصالحالعليا للبلاد .
الغريب أن نظرتي للشوارع تغيرت ، فكأنما أصابتني عدوى الوفدوتناسيت إمكانيات سيارتي القديمة ، وأضحى محول السرعة أسرع وتحول المواطنون البسطاءعلى حافة الطريق الى أوباش يسدون منافذ الحضارة ، حتى الضوء الأحمر لم يعد له تأثيروفجأة انتبهت إلى أحدهم يأمرني بالخروج من التشكيلة الخاصة وهكذا رضخت للأمر الواقعوانعطفت يمينا وسرت في شارع ضيق غير معبد ،تصطف على جانبيه القمامات والمشردين .
وبالرغم من رداءة الطريق ، فقدت كنت مسرورا لأنني تخلصت من الوفد المرافق لهولم يبق في ذهني سوى هو ، حاملا في حقيبة عودته صورة مشوهة عن واقع المدينة وأيقنتبأن مشاهدة مسرحية أفضل بكثير من المشاركة فيها .
على مقربة من مفترق طرق خطير تجاوزتني سيارة فخمة علىاليسار ، لم تكن سيارتي في وضع وإمكانيات تسمح لها بالمنافسة فهي من جيل السبعينات،في حين تبدو سيارة غريمي وكأنها خرجت لتوها من إعلان إشهاري .
ماهي إلا ثوانيحتى أصبحت في خط واحد مع منافسي عند الضوء الأحمر ، فرحت لذالك وأيقنت بتساوي الفرصفي آخر المطاف ، ولكن سرعان ما ضرب صاحبنا عرض الحائط الضوء الأحمر وانعطف يمينا فيحين كانت غمازة الإتجاه تشير إلى اليسار .
في هذه الأثناء كنت أنتظر رحمة الضوءالأحمر ، الذي بدا متواطئا مع صاحب السيارة الفخمة، وبينما كنت أتجرع مرارة الهزيمة، لمحت على جانب الطريق شخصا مبتسما يشير لي ، حسبته لأول وهلة جزاء من مظاهرالاستقبال ، و ما إن توقفت حتى أدركت بأنه صديقي صالح.
- هل بإمكانك أن توصلنيالى المنطقة الصناعية بسرعة .
- بالتأكيد ، إسرع بالركوب.
صديقي مراسل صحفيقدير يعرف خبايا المدينة وأسرارها، عرفت بأنه سيقوم بتغطية زيارة مسوؤل مهم.
- طوال العام يهتكون عرض هذه المدينة ويحولونها في ثوان إلى بكر وعذراء عند زيارةالعريس ، قال محدثي
- إن الإخطار بالزيارة مسبقا هو الذي يجعل الجميع يشاركونفي مسرحية يعرفون بدايتها وعقدتها ونهايتها ، ليس هناك مسوؤل محلي مقتنع بما يقولأو يفعل وهكذا يأتي المسوؤل المهم ليرى ما أريد له أن يراه .
بعد دقائق وجدناأنفسنا بصدد المشهد الأول من المسرحية . ركنت السيارة جانبا ومشيت تحت غطاء صديقيالمراسل الصحفي فهو يمثل سلطة رابعة ، ظلت دوما موازية للسلطة الأولى ، بعد تجاوزعدة حواجز أمنية ، وجدت نفسي وسط نخبة الإدارة ووجهاء المدينة وتراءى لي عن بعد،المسوؤل المهم يستمع إلى شروحات ممثل محترف .
تركت صديقي وتوغلت بين الصفوفلكشف المستور ومعرفة كيفية توزيع الأدوار واختيار المواقع ، هاهم مبعوثو التلفزةالوطنية يتصدرون وسائل الإعلام ، ينقلون صورا زاهية تعبر عن الحدث بجلاء واضح إلىحد الغموض، وما أن اقتربت من اللوحات التوضيحية حتى فهمت الموضوع ، وضعت في متناولالمسوؤل المهم كل المعطيات التي تقنعه بجدوى المشروع وفعالية المشرفين عليه ، وفيالحقيقة فإن الألوان الجذابة والمعلومات الثرية جعلتني أنا الموظف البسيط أقتنعبمدى تطور وتقدم المؤسسات وحين ابتعدت قليلا عن مجال تأثير المعلقات السبع، حتىأدركت بأن التطور والتقدم لا يتعلقان سوى بالجانب الدعائي والشكلي فقط .
وفيماأنا تائه وسط الوفد ، تسنى لي أن أستمع إلى أشخاص يتحدثون عن مدى نوعية الرخامالمستورد من إسبانيا، في حين ظهر أحدهم أكثر وطنية وهو يحاول إقناع زملاءه بضرورةإقتناء النوعية الفرنسية .
لقد كان الوفد منشغلا بأشياء لا تمت بصلة لموضوعالزيارة ، وكان المسوؤل المهم ، الوحيد الذي أرغم إرغاما على بطولة العرض، فهو مهمدائما وقابل للتنحية في أي احظة .
أضحت الرغبة في اغتنام الفرصة لفهم ما يجريتتملكني ، لم أشعر إلا وأنا أدوس على قدم مسوؤل أنيق وأرفقت حركتي بالإعتذار مباشرةوجاءني الرد في صورة نظرة ثاقبة أرجعتني إلى الوراء خطوتين ، لم يكن الرجل سوىالحارس الشخصي للمسوؤل المهم، إنه يبدو بأناقة ملفتة ونظارات متميزة ونظرات أكثرتميزا ، هو نفسه نشاهده كل مساء في نشرة الثامنةعلى يسار المسوؤل يرافقه أينما ذهب .
اتجهت صوب سيارتي عازما على مغادرة المكان في حين كان الوفد يتأهب للتحرك هوالآخر ، ونظرا لصعوبة الخروج وسوء التنظيم ، وجدت نفسي ودونما إرادة وسط سياراتالوفد ، تحيط بي الدراجات النارية وهكذا دخلت تحت الرعاية السامية، أكيد أن بعضهماعتبرني مسوؤلا مهما متواضعا أو تبين لهم بأن شكلي لا يوحي بأي خطر على المصالحالعليا للبلاد .
الغريب أن نظرتي للشوارع تغيرت ، فكأنما أصابتني عدوى الوفدوتناسيت إمكانيات سيارتي القديمة ، وأضحى محول السرعة أسرع وتحول المواطنون البسطاءعلى حافة الطريق الى أوباش يسدون منافذ الحضارة ، حتى الضوء الأحمر لم يعد له تأثيروفجأة انتبهت إلى أحدهم يأمرني بالخروج من التشكيلة الخاصة وهكذا رضخت للأمر الواقعوانعطفت يمينا وسرت في شارع ضيق غير معبد ،تصطف على جانبيه القمامات والمشردين .
وبالرغم من رداءة الطريق ، فقدت كنت مسرورا لأنني تخلصت من الوفد المرافق لهولم يبق في ذهني سوى هو ، حاملا في حقيبة عودته صورة مشوهة عن واقع المدينة وأيقنتبأن مشاهدة مسرحية أفضل بكثير من المشاركة فيها .