تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : القرار الأخير


المهلهل40
2010-12-03, 19:27
أمسيات صيفية
من تأليف : ب /ع
مسعد في : جويلية 2006
مهداة للمجاهدين وشهداء ثورة الفاتح من نوفمبر 54
القرار الأخير
اعتدل الشيخ في جلسته ،وابتدر حديثه قائلا:
.....شاب في مقتبل العمر طويل القامة نحيف البنية ، اسود الشعر ، طويل الأنف قليلا، تقدح عيناه نارا ، وذا عقل راجح ينم عن ذكاء وفطنة ، دفعته ككثير من أبناء الشعب الجزائري ظروف الحياة القاسية دفعا إلى ما عزم عليه ، الجوع والفقر من جهة وظروف الاحتلال الاستعماري من جهة أخرى إلى الانضمام في صفوف الاحتلال والعمل تحت سلطته ونيره ، وتنفيذ أوامره المرة غالبا .
بقي يعمل زمنا على مضاضة لما يحدث داخل وخارج الثكنات العسكرية لإخوانه المجاهدين وأبناء ، وبنات وطنه جهارا نهارا دون شفقة ورحمة ..دون وازع من دين أو خلق أو ضمير ، كل هذا كان يحز في نفسه، أضف إلى ذلك انه لم يتحمل نظرات الذل والاحتقار .
كل ليلة كانت تطارده أفكار التغيير ، ولن يكون ذلك ولن يتأتى إلا بقرار جرئ وحاسم ....وأخيرا أفاق من نومته الطويلة وسباته العميق ، وقرر قرارا لا رجعة فيه بان ينهي خدمته نهائيا مهما كلفه الأمر مع الاحتلال الغاصب الظالم ...
اجل قرر – بكل ما تحمله هذه لكلمة من معنى – وكله عزم ورباطة جاش على الالتحاق بإخوانه المجاهدين الشرفاء ...
الوقت كان ليلا حينما اتخذ هذا القرار الحاسم الذي لا يصدر إلا عن نفس كريمة تواقة للحرية والكرامة ...نفس تأبى أن تعيش عيشة الأذلاء التعساء ...عيشة العبيد ...عيشة الدناءة والرضوخ والخنوع ....
بسرعة البرق ارتدى ملابسه وبزته العسكرية وحمل معه كل ما يحتاج إليه الجندي المقاتل من سلاح وطعام وشراب ، وخرج مختفيا تحت جنا ح الظلام الدامس من مخرج سري من وراء الأبواب ، وغادر الثكنة العسكرية دون أن يشعربه احد واتجه مسرعا حيث يوجد إخوانه المجاهدون بجبل أشم -........- من جبال المنطقة .
سار والليل ، ومع بزوغ أوائل خيوط الفجر وصل إلى بساتين مدينة أهله البهية وأثناء قطعه إياها لسوء حظه سقط في إحدى السواقي فانكسرت إحدى أصابع رجله فلم يعبأ بما حدث له مطلقا وتحمل الآلام من اجل الوصول إلى احد أقربائه الذين كان يعرفهم حق المعرفة ، ويعرف أنهم كانوا على اتصال بالمجاهدين ليوصله بدوره إلى هناك ويحقق رغيته الشريفة ...
بعد جهد جهيد وصل إلى إحدى القباب التي تحيط بها البساتين من كل جهة حيث وجد فيها أشخاصا اقبلوا لزيارة ولي الله الصالح كما هي عادة أهل هذه البلدة فتقرب من احدهم فعرفه لأنه وبكل بساطة كان من أهله فاطمأن إليه وسأله عن – سي.......(فلان) – فقال له انه نائم هناك في بهو القبة فاقبل إليه... وأيقظه بهدوء تام ، واعلمه بالقصة كلها ........
سقاه وأطعمه ثم خبأه في مكان ما في المدينة ... وبعد يوم واحد اخذ ه ليلا إلى رجل اتصال آخر ، بالقرب منهم يعمل تحت إمرته فهو لا يستطيع أن يتجاوزه ولا يتعداه ، وعند الوصول إليه اقبل نحوهما يسحبه طفل صغير من يده – يوهم بذلك القادم بأنه أعمى - فإذا ما تأكد واطمأن ظهرت الحقيقة للعيان ليقوم بدوره اللازم ويتصل بطريقته بالرفقاء ...أولئك الأبطال الأشاوس ...أولئك الأسود .أولئك هم إبطال ثورة نوفمبر المجيدة ....
سلمه وقفل راجعا إلى بيته ، وسلمه هو الأخر إلى من هو أعلى منه ، وهناك تلقى العناية اللازمة وعولج ووضع في مكان امن ..وسألوه وبحثوا عن دوافعه الحقيقية...وجربوه واختبروه ...وكلفوه ... فكيف برجل يترك الاحتلال وقوته وجبروته وطغيانه، ويأتي إلى من يسميهم الاحتلال : قطاع طرق ، وفلاقة ....كيف برجل يترك المال والسلطة والجاه والمسكن ، والنساء الحسان ...والخمر والرقص ، والطعام والشراب ، والحرير والسرير الوثير ، والدواء ، و...و....و...ويأتي إلى الجوع والعطش والبرد والأمراض والمخاطر والأفاعي والعقارب والذئاب و...و...و...و لا بد من التأكد من طويته وسريرته والتحري عنه جيدا ....نعم لقد ترك كل شيء من أجل أشياء لا توجد إلا هناك ...اجل ترك المال والسلطة والجاه والمسكن والنساء والخمر و الدنيا ......وجاء إلى الشرف والعفة والرفعة والعزة والكرامة والشهامة والرجولة والحق والتبجيل والتقدير بدل المهانة والاحتقار .... فلما وجدوا منه صدق العزيمة وإخلاص النية ...قبلوه وكلفوه بالقيام بمهام ضد الاحتلال والعملاء الخونة ثم ضم إلى فيلق مشاة وشارك إخوانه في طرد الاحتلال وتحرير الوطن الغالي المفدى .....
تحيا الجزائر ....المجد والخلود للشهداء الأبرار ...
النهاية .

فريدرامي
2010-12-03, 21:29
شكرا جزيلا .............تحياتي وتقديري