samoura
2008-06-26, 20:58
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال
كيف نوفِّق بين الآيتين الكريمتين: "وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم" والآية الكريمة: "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" ومتى نقوم بالتصرف في كليهما.. أي متى نعمل بالإحسان، ومتى نعامِل بالمثل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فكل من الآيتين ينبغي أن يفهم في ضوء السياق الذي ورد فيه،
فالآية الأولى من سورة التغابن ونصها "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [التغابن:14].
أثر أنها نزلت في أناس كان لهم أزواج وأولاد عاقوهم عن الهجرة والجهاد فترة من الوقت، فلما تغلبوا عليهم وهاجروا وجدوا أن الذين سبقوهم إلى الهجرة قد تعلموا وتفقهوا في الدين، فتأسفوا على تخلفهم، فهمّوا بأزواجهم وأولادهم الذين عاقوهم عن الهجرة أن يعاقبوهم بنوع من العقاب من تجويع أو ضرب أو عتاب، فأنزل الله هذه الآيات، وفيها بيان أنكم إن تعفوا وتصفحوا وتغفروا عمن شغلوكم فعاقوكم عن الهجرة والجهاد فلم تعاقبوهم يكافئكم الله تعالى بمثله، فيعفو عنكم ويصفح ويغفر كما عفوتم وصفحتم وغفرتم لأزواجكم وأولادكم.
وأما الآية الثانية فنصّها "الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" [البقرة:194].
وهذه الآية في سياق ما قبلها تدعو المؤمنين المعتدى عليهم إلى قتال أعدائهم، وتُعلّمهم أن من قاتلهم في الشهر الحرام فليقاتلوه في الشهر الحرام وهكذا الحرمات قصاص.
قال ابن كثير رحمه الله: وقوله: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) أمر بالعدل حتى مع المشركين، كما قال: "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به"، وقال: "وجزاء سيئة سيئة مثلها".
وعلى هذا فكل من الآيتين جاءت في سياق يؤخذ بعين الاعتبار عند تفسيرها، وعند التأمل لا تجد أن بين الآيتين تعارضا؛ فإحداهما تأمر بالعدل، والعدل يقتضي الإنصاف وعدم الحيف عند أخذ الحق، والأخرى تأمر بالعفو والصفح والتجاوز عمن أساء أو قصَّر، وكل من العدل والعفو إذا جاء في موضعه كان مناسباً وحسناً. والله الموفق
د. رشيد بن حسن الألمعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
المصدر الاسلام اليوم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال
كيف نوفِّق بين الآيتين الكريمتين: "وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم" والآية الكريمة: "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" ومتى نقوم بالتصرف في كليهما.. أي متى نعمل بالإحسان، ومتى نعامِل بالمثل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فكل من الآيتين ينبغي أن يفهم في ضوء السياق الذي ورد فيه،
فالآية الأولى من سورة التغابن ونصها "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [التغابن:14].
أثر أنها نزلت في أناس كان لهم أزواج وأولاد عاقوهم عن الهجرة والجهاد فترة من الوقت، فلما تغلبوا عليهم وهاجروا وجدوا أن الذين سبقوهم إلى الهجرة قد تعلموا وتفقهوا في الدين، فتأسفوا على تخلفهم، فهمّوا بأزواجهم وأولادهم الذين عاقوهم عن الهجرة أن يعاقبوهم بنوع من العقاب من تجويع أو ضرب أو عتاب، فأنزل الله هذه الآيات، وفيها بيان أنكم إن تعفوا وتصفحوا وتغفروا عمن شغلوكم فعاقوكم عن الهجرة والجهاد فلم تعاقبوهم يكافئكم الله تعالى بمثله، فيعفو عنكم ويصفح ويغفر كما عفوتم وصفحتم وغفرتم لأزواجكم وأولادكم.
وأما الآية الثانية فنصّها "الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" [البقرة:194].
وهذه الآية في سياق ما قبلها تدعو المؤمنين المعتدى عليهم إلى قتال أعدائهم، وتُعلّمهم أن من قاتلهم في الشهر الحرام فليقاتلوه في الشهر الحرام وهكذا الحرمات قصاص.
قال ابن كثير رحمه الله: وقوله: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) أمر بالعدل حتى مع المشركين، كما قال: "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به"، وقال: "وجزاء سيئة سيئة مثلها".
وعلى هذا فكل من الآيتين جاءت في سياق يؤخذ بعين الاعتبار عند تفسيرها، وعند التأمل لا تجد أن بين الآيتين تعارضا؛ فإحداهما تأمر بالعدل، والعدل يقتضي الإنصاف وعدم الحيف عند أخذ الحق، والأخرى تأمر بالعفو والصفح والتجاوز عمن أساء أو قصَّر، وكل من العدل والعفو إذا جاء في موضعه كان مناسباً وحسناً. والله الموفق
د. رشيد بن حسن الألمعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
المصدر الاسلام اليوم