المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لسنة السياسية في الشورى والمشاورة -


الامام الغزالي
2010-11-19, 09:59
إن من رحمة الله تعالى بعباده أن بعث إليهم رسلا مبشرين ومنذرين يبلغونهم رسالة الله، ويجسدونها أمامهم في مثال بشري حي، وجعل الخالق سبحانه هؤلاء الرسل بشرا ولم يجعلهم ملائكة عن قصد وحكمة، تسهيلا للاقتداء، وإعذارا بالحجة: "رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل" (1) "قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا" (2).


وإن من أهم المبادئ السياسية في الإسلام مبدأ الشورى في بناء السلطة والمشاورة في أدائها. وقد ورد ورد المبدأ الأول في سورة "الشورى" في قوله تعالي في وصف المؤمنين: "وأمرهم شورى بينهم" (3) وورد الثاني في أمره تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: "وشاورهم في الأمر" (4). لكن ما ورد في الكتاب الكريم هنا مجملا، ورد في السنة النبوية مفصلا بالقول وبالفعل. والسنة لا تنفك عن الكتاب الكريم، ولا تستقيم حياة المسلمين دون الاغتراف من معينها، والاسترشاد بنورها.


وهذه مساهمة في الحوار الدائر الآن حول مبدإ الشورى، ومكانته في النظام السياسي الإسلامي، من خلال استقراء لبعض ما ورد في السنة النبوية من مشاورات، نحاول من خلال استنطاقها استنباط بعض الإجابات على بعض الإشكالات ذات الصلة بالشورى، مثل: الفرق بين الشورى والمشاورة، ومن يشملهم الأمر بالشورى والمشاورة، ومدى الإلزام والإعلام فيهما، ووضع المشاورة في موضعها، وتخصيص أهل العلم والخبرة بمكانة خاصة في هذه العملية، وحق المرأة المسلمة في المشاركة فيها، واعتبار الأغلبية مرجحا وقت التشاور..الخ


ولسنا نطمح إلى تقديم إجابات شافية على هذه الإشكالات العملية - بل نترك ذلك لأهله المؤهلين له - وإنما هي محاولة لكشف جوانب من النموذج الإسلامي في بناء السلطة وأدائها، عسى أن يكون ذخرا للعاملين وعبرة للمعتبر، مع لفت نظر المهتمين بالسياسة نظريةً وممارسةً إلى ثراء السنة النبوية في هذا المضمار، وضرورة الاغتراف منها والاهتداء بهديها. والله الموفق لكل خير.


بين الشورى والمشاورة


إن من المستحسن التمييز منهجيا بين مبدإ الشورى ومبدإ والمشاورة، إذ الشورى ترتبط بالمداولات المتعلقة بوجود السلطة ابتداء وشرعيتها وتداولها، أما المشاورة فترتبط بالمداولات المتعلقة بأداء السلطة وإدارتها وتسييرها.


وهذا التمييز المنهجي مبني على اعتبار شرعي وآخر لغوي:


• أما الاعتبار الشرعي فهو أن المشاورة وردت في القرآن الكريم في سياق الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "وشاورهم في الأمر"، أما الشورى فقد وردت في سياق الحديث عن المؤمنين: "وأمرهم شورى بينهم" فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يؤمر بالشورى، وإنما أُمر بالمشاورة، أما المؤمنون فهم مأمورون بالشورى نصا، ومأمورون بالمشاورة ضمنا، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. وفائدة ذلك في التمييز بين الشورى والمشاورة، هي أن الأنبياء لا يستمدون قيادتهم من الأمة، فهم ليسوا بحاجة إلى الشورى ذات الصلة ببناء السلطة وشرعيتها، لأن شرعية الأنبياء السياسية مسألة اعتقادية، فطاعتهم طاعة لله متعينة: "من يطع الرسول فقد أطاع الله" (5) وبيعتهم بيعة لله لازمة: "إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله" (6). فحق الأنبياء في القيادة أمر مفروغ منه اعتقادا، وهو تولية من الله تعالى لا من الناس، ولذلك قال تعالى لداود: "يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض" (7). وفي قصة الرجل الأزدي ابن اللتبية دلالة واضحة، حيث "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخطب الناس، وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني أستعمل رجالا منكم على أمور مما ولاني الله، فيأتي أحدكم فيقول: هذا لكم وهذه هدية أهديت لي، فهلا جلس في بيت أبيه وبيت أمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا؟" (8) وفي روايات أخرى: " قال: أما بعد، ما بال أقوام نوليهم أمورا مما ولانا الله" (9) " أما بعد، فإني أستعمل رجلا منكم على أمور مما ولاني الله" (10) "إني استعملت أحدكم على العمل مما ولاني الله" (11) " إنا نستعمل منكم رجالا على ما ولانا الله" (12) فأسند صلى الله عليه وسلم ولايته إلى الله مباشرة، لا إلى الناس. وبذلك يتضح أن نظرية "التفويض الإلهي" التي كان يقول بها ملوك أوربا في العصور الوسيطة هي نظرية صحيحة في الإسلام، لكن بالنسبة للأنبياء فقط. أما غير الأنبياء فهم يستمدون شرعيتهم السياسية المباشرة من الخلق لا من الخالق، وكل ادعاء منهم باستمداد الشرعية السياسية من الخالق مباشرة إنما هي تضليل للخلق وافتراء على الخالق سبحانه.


• وأما الاعتبار اللغوي الذي نستند إليه في التمييز بين الشورى والمشاورة، فهو الصيغة الصرفية والإيقاع الصوتي: أما صرفيا فالأصل في الفعل على وزن "فاعَلَ" أن يكون مصدره القياسي على وزن "فِعال" مثل "قاتل قتالا" أو على وزن "مُفاعلة" مثل "شاور مشاورة". وبذلك نحمل آية آل عمران "وشاورهم في الأمر" على المشاورة، لا على الشورى. وأما الإيقاع الصوتي فرغم الاشتراك في الجذر اللغوي فإن لفظ الشورى يوحي بمعنى الانفتاح والتداول غير المحدود، فناسب عملية بناء السلطة التي يشترك فيها الكل مع الكل. أما لفظ المشاورة فهو يوحي بالثنائية والتداول الحصري، فناسب مشاورة السلطة لعموم الناس، أو لبعضهم حول صناعة القرار السياسي. وليس استعمالنا للإيقاع الصوتي هنا مجرد انطباع، فالإيقاع الصوتي لألفاظ القرآن الكريم له شأن أحيانا في مدلولاتها، كما بينه كل من الباقلاني والزمخشري، وقد كتب الشهيد سيد قطب دراسة تطبيقية لذلك هي كتابه "التصوير الفني في القرآن"، فقدم نظرات ثاقبة في هذا السبيل.

fatimazahra2011
2010-11-19, 17:33
http://www.al-mhj.com/up/uploads/images/al-mhj-2fe0977445.gif

http://www.nsaayat.com/up/uploads/nsaayatc67888cab2.gif

http://www.nsaayat.com/up/uploads/nsaayat632b27691f.gif



http://dc06.arabsh.com/i/00838/kvvw3txepjzm.gif

الامام الغزالي
2010-11-19, 17:37
بارك الله لك وجزاك الف خير

زكرياء1409
2010-11-21, 07:50
بارك الله فيك ووفقك لكل خير

الامام الغزالي
2010-11-21, 11:50
وفيك بركة اخي لك مني الف سلام

فريدرامي
2010-11-21, 19:36
جزاك الله خيرا

http://www.djelfa.info/vb/picture.php?albumid=4766&pictureid=44495

لقاء الجنة
2010-12-04, 13:10
http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSGd-kwBSQmt6-WmAwiNm66-bslrF8vH5s7Qw4YCkC1pmVh77x3ejqwbO5-pw

كارمن13
2010-12-18, 14:35
شكرا لك على الموضوع المتميز.....جعله الله في ميزان حسناتك إن شاء الله.....

الامام الغزالي
2011-01-23, 17:24
بارك الله فيك على المرور

``-RAWAN-``
2011-01-24, 01:45
http://thedesignershub.com/e-cards/thank_u.gif (http://ly-group.net/vb/showthread.php?t=417)

الامام الغزالي
2011-01-25, 10:03
ومن قال ان المسلم الكامل ايمانه يحتفل بعيد الجنس والهوى والمجون إننا ومن منطلق تعاليمنا وتربيتنا الاسلامية نخجل ان نذكر هذه التسمية امام القريب فما بالك بالتشهير اسأل الله اللطف والعفية من شرور اعمالنا
وبارك الله لك على التذكير