تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اتفقوا على الاختلاف


يوسف المدريدي
2010-11-18, 08:06
في السياسة معروف عند العرب أنهم اتفقوا من زمان على أن لا يتفقوا لأسباب مختلفة ذاتية وموضوعية، وصار الأمر عاديا لدى الرأي العام العربي يتعامل معه كقدر محتوم حتى أنه أصبح يشكك في كل اتفاق أو تقارب أو إجماع عربي حول واحدة من قضايانا المشتركة، ووجد العالم في هذا الاتفاق على عدم الاتفاق مصالح وفوائد سياسية واقتصادية وإستراتيجية لا تعد و لا تحصى، ووجدنا أنفسنا نتقبل الأمر بصدر رحب ونستغرب كل إجماع أو توافق بين أبناء البلد الواحد والأمة الواحدة !

الاتفاق على عدم الاتفاق بين الساسة وصناع القرار في بلداننا يختلف عن الاتفاق على الاختلاف الحاصل في الأوساط الرياضية والكروية خصوصا، لأنه يحدث داخليا وإقليميا ودوليا وباستمرار في كل المناسبات والمحافل وأمام مرأى ومسمع الكل دون رقيب أو حسيب، ويرتكز على مصالح شخصية ضيقة عكس اتفاق الساسة العرب الذي تحكمه مصالح الدول وتوازنات وقواعد دولية يكون فيها النفاق والمراوغة عملتان يتداولها الكثير في حين لا توجد مبررات منطقية لاختلافات وخلافات الرياضيين.

في الشأن الرياضي العربي داخل البلد الواحد هناك إجماع على الاختلاف تحول إلى خلاف أزلي متجدد ومتواصل في أوساط المسيرين والمدربين والرياضيين ووسائل الإعلام حول من يرأس الاتحاد والنادي ومن يدرب المنتخب والفرق، واتفق الجميع على الاختلاف لأسباب عشائرية وجهوية وطائفية واتفقوا على الاختلاف في الهيئات الإقليمية والدولية وذهبوا إلى حد مقاطعة بعضهم البعض ومقاضاة بعضهم البعض والوقوف مع أطراف أجنبية على حساب بعضهم البعض.

المعارك بين الأشخاص في النوادي والاتحادات المحلية لا تتوقف، ولا يمر يوم واحد دون إثارة الفتن والاختلافات داخل الهيئات بين أعضائها بعيدا عن الاختلاف في الرؤى والأفكار والبرامج ومن أجل الظهور والاستعراض والاعتراض بكل الحقد والكراهية والغيرة.


فهذا الرئيس يختلف مع نظيره في نادي أخر على مباراة أو لاعب أو حكم ويحقد عليه ويعامله أسوء ما يكون عندما يواجهه في الدوري وتمتد الخلافات إلى المناصرين للفريقين وتستمر الخلافات لسنوات.

وهؤلاء المدربين يتفقون على الاختلاف مع المدرب الوطني خاصة عند التعثر فينتقدون اختياراته ويعرضون خدماتهم لتعويضه.

ورؤساء بعض النوادي يتفقون على الاختلاف مع رئيس الاتحاد لأن مصالحهم تتعارض مع مصالح الاتحاد أو لأنهم خسروا مباراة أو لقب الدوري، ويتفقون على الإطاحة به لأنه يزعجهم في مصالحهم.

الإعلام العربي يساهم بوعي ودون وعي في إذكاء نار الفتنة ليبيع ويربح، والسلطات العمومية تلعب دور المتفرج وكأن الاتفاق على الاختلاف يتم بتواطؤ ورعاية منها حتى ينشغل الناس عن أمور أكثر أهمية.

الاتفاق على الاختلاف يتحول إلى اتفاق على الخلافات المستمرة بين الفاعلين في المجال الرياضي فصارت الممارسة الرياضية رهينة عصابات وبارونات تنشط أمام الملأ في عز النهار و يضرب بها المثل و يقتدى به على حساب الأخلاق والمبادئ والنوادي والاتحادات، وعلى حساب مصالح الدول في حد ذاتها، ويبقى الخاسر الأول والأخير هم شباب لا ذنب لهم ..

صحيح أن التنوع والاختلاف في الآراء والأفكار رحمة وثراء ولكن الاتفاق على الاختلاف مسبقا ودائما واستمراره في الوسط الرياضي هو فتنة ونكسة وأزمة تتخبط فيها الرياضة العربية.