المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصيف .. والقفـــص الذهـــبـــي


الشيخ قدور بن علية
2008-06-19, 14:04
الصّيفُ .... والقَـــفـَــــصُ الذّهبيّ *



إذا كان البحر بأمواجه الدافئة مِلحفة لمن أضنتهم الشمس بِوَهَجِهَا ، ولسعت أقدامهم الأرض بما ادّخرت من جَمْرها ، فشواطيء الزفاف قد أعلنت عودتها على أعمدة جرائد المصيف ومجلاّته ...!!
وأنت تعبُر الشارع ، تتناهى إلى سمعك أصوات أبواق السيارات ذاتِ الإيقاع الموسيقي الجذاب ، سياراتٌ تباينت أشـكالها ، وازدانــــت مُتُونُـهَا بباقــات الورد البارعة التصميم ، وبـــدت من خلال نوافـــــذها وجوهٌ ضاحكة مُستبشرة ، وأيادٍ مُذَهّبةُ السّواعـــــد مُصفقة ، فتقف مبهوت الفؤاد شارد العقل ، وسلسلة التساؤلات لا تكاد تُنهي جلستها الاستثنائية هذه ، في محيط تواجدك ، إلاّ بانتهاء ما صنعته السيارات من سلاسلَ موصولة الحلقات ، حين تتابُـــــــعِها وامتزاج ألحانها " الخميسية " الموعد واللقاء ! .
ثم تثوب إلى رُشدك، وتُعيد تثبيت خيوط عقلك في أماكنها ، بعدما شاركْتَ القوم لحظةً من لحظات حياتهم ، لحظةً قال عنها " عِلْمُ " التجارِب أنه لا يُمكن البتّ فيها إلاّ بعد طول تفكير ، بعد طول كَـدٍّ ، بعد طول جمع والتقاط بعد طول حَسَدٍ ، بعد طول حُبّ وغِيرة ، بعد تردد وإقدام ، بعد كـرٍّ و فَر ، لكنك بعد هذا تُشعل أنوار المنطق حتىّ يتضح السؤال الذي جرّه قَلَمُكَ في ظُلمة تساؤلاتك الفارطة ، لحظةَ كنتَ تَطْرَبُ لزغاريد السيارات ، ماثلاً قُبالة جَـوْقِــهَـا :
ــ هل أدرك الزوجان مسؤولية هذا الذي أقبلا عليه ؟؟ أم تُراهما من الصنف الذي لا وزن لرغبته وإرادته في حَضْرَةِ ذوي النِّـهْـيَاتِ المكنونة ، غيرِ النبيهة من الوالديْن ؟؟ ، لأنه ما أكثر الضحايا حين تعدّهم في هذا الخِضم ! ما أكثر الذين يتوجسون خِيفةً ، حين يُسدل الصيف حرارته الدّالَّــةَ على مَقدمه في وسطهم الاجتماعي ، يتخوّفون من أن تَـفُــوهَ شِفاه والدِيهم بأن قد حان أوان زواجهم ـ وخير البرّ عاجله ـ ، فلم يلبثوا إلاّ عشية أو ضُحاها ، حتى يُقال للفتاة فيهم بأن الخطيب قد أتى ممثلا في والديْه ، وليكن يوم الرحيل بعد شهر ــ إن شئتم ــ أو غدَا ، والويل ثمّ الويلُ لمن أبدتْ رفضها لمنطوق الحُكم الصادر في حقّها ! .
موقف من هذا القبيل ، يجعل الوالديْن يُدركان على الفور ، أن للفتاة شخصاً ضمّـه قلبُها دونما عِلم منهما ، وهي الحبيسة في غياهب الدّيار ، وتتداعى الشكوك إلى أذهانهما ، لأن هذا عُقُــوقٌ ما ضَمّـه كتابُ وَصْــفٍ في مِلّة اعتقادهما ، رغم أنهما القائمان على تربية الفتاة ، أنهما اللذان شَهِـدَا مَراتِعَ صِباها ، شهِدا تحركاتِها وكل ما له صِلةٌ بها ، إلى أن اشتدّ عُودُها ، وبدتْ لهما مؤهلة لأن تصير زوجة لذي ( شَرَفٍ ) في منطقهم ، أو ذي ( مالٍ ) في أرضهم ، وقد يكون فقيرا " تواضعوا لحاله " ، فلم يَضِـنّوا عليه بهذه الهِـبة !!.
و يُزجّ بالبريئة في ما يُسمّى بـ"القفص الذّهبي " عند قوم لم تَبِتْ ترعى النجم في التفكير فيهم ، لأنها لم تُعْطَ فُرصةً و لا فُسحة من لحظات الزمان لذلك ، ومن هنا تُرمى أول بذرةٍ في أرض الطلاق ، الذي هو أبغضُ الحلال إلى الله !!
لئن كان الزواج أمرا لا بُدّ منه ، مُصَدِّقاً لما بين يدي الشريعة ، بديهيا بحُكم الطبيعة البيولوجية لذي العقل ، فهو مسؤولية كُبرى ، مسؤوليةٌ تتطلب النضج العقلي ، البلوغَ بمؤدّى معناه الحقيقي ، وهو بالتالي لا يعني " الانتفاخَ الجَـيْـبِــيَّ " ، الذي يبدو في عين البعض جواز سفر إلى قلب الوالد وما ولد !!
فما أصعب أن يقف البالغ الراشدُ موقفا كهذا دون إعمالٍ لفِكْرٍ ذي مردودية ، وما أعجب أن ترى الشاب يضربُ الأخماس بالأسداس ، لاهثا وراء ليالي الحياة الزوجية ، حتى إذا ما تمّ له ما ابتغى ، انقلب على عَقِـبَيْه ، ومن ينقلب على عَقبيه فلا يضُرّن إلاّ نفسه ، ونفس التي استهواها حماسُه ، فأقبلت عليه راضية مرضية ، تَبغيه شريكا لسرّائها وضَـرّائها ، دون عِلم منها أنها في موقف هو من أعسر الأمور في حياة مَن ثبتت أهليتُهم في إطاره الرّحب ، أما حالتما كان التأني وقَطَعَ رضا الطّرفيْن قول كل خطيب ، حلَّ الفتحُ ، فتحُ أبواب السعادة على مصراعيْها ، وبَدَتْ من خلالها الابتسامةُ الدّالّة بحق على حياةٍ زوجية مُشرقة ، ومِـن هُنا تزول الضبابية ، حين رُؤية الورود وسَماع الأنغام ،، أنغامِ السياراتِ والحناجـــر .

بقلم/ الشيخ قدور بن علية ــ الأبيض سيدي الشيخ ــ ولاية البيض

le fugitif
2008-06-20, 16:20
شكرا يا شيخ تسلم

http://www.w6w.net/album/37/w6w_20051002163543b2c2fc5a.gif

amine-maghnawi
2010-05-29, 13:17
شكرا على الوضوع القيم

samasima
2010-05-29, 15:20
بارك الله فيك شكرا جزيلا