essarab
2010-11-12, 17:20
إن التصوف يقوم في جوهره على سوء العقيدة في الدنيا وغلبة الوهم على مظاهره وخفاياه، وأنه أختلط بما يجوز وبما لا يجوز وبكثير من الخرافات والسحر، حتى أنه يتعسر على العقل أن يوفق بين ما هو أصله من الدين، وبين ما هو أصله من الكهانة والسحر، ويمكن أن يقال أن الإسلام ينكر مذهب الحلول، كما ينكر المذهب القائل بوحدة الوجود، ـ وشيوخ التصوف جميعهم يؤمنون بالحلول ووحدة الوجود ـ فلا يقر الإسلام مذهبا يدعي بحلول الله في بدن الإنسان، ولا يقر كذلك مذهب الزاعمين بفناء الذات البشرية في الذات الإلهية حتى وإن فسر ذلك بعضهم بفناء الشهوات لا بفناء الأجساد وحلول محبة الله محلها من القلوب. ولا يقر كذلك مذهب يدعي وحدة الوجود، وأن الله هو مجموعة كل الموجودات في الكون، وأن الكون كله بسمواته ونجومه وأفلاكه وأرضه بما يتسع هو الله، وليس المقصود بالوحدة الوجودية عندهم تعني وحدة الفصائل الإلهية، بل تعني وحدة الخالق بالمخلوق والواجد بالموجود واندماجه عقلا وروحا في كيان واحد، وهي لا شك شريعة إباحة وفسوق، لا توفق بين الأمور الدنيوية والأخروية بأي مذهب من المذاهب، وجميع الأقطاب على هذا المذهب كان منهم من كان. ونظريات مذهبهم مستعارة بالأساس من الديانات المجوسية والبوذية والهندوسية والأفلاطونية الحديثة، وهي ديانات على العموم تقوم مبادؤها على الكشف بواسطة الجن لمعرفة الحقائق ما وراء الظواهر، وهذه المبادئ أصيلة في الديانات الوثنية تعلمها الصوفية الأوائل من فلسفة أبراهمة وبوذا وفلسفة افلوطين، ومن يتصفح كتاب الإشراق للسهروردي يجد هذا الكلام كله موثقا باعترافاته إذ يؤكد أن التصوف قسط مشترك بين الديانات الوثنية والكتابية يستوعبها جميعا في عقيدة واحدة كل الاستيعاب. والصوفية الإسلامية مازجت صوفية الهند وصوفية الأفلوطنيين كل المزج وأضافت إلى مذهبها شيئا جديدا سمته الحقيقة المحمدية التي تعتبرها أساس العقيدة الصوفية، ومن يتعقب التواريخ والأسانيد لتقرير هذه الحقيقة يجد كل ذلك موثقا في كتبهم بشكل واضح وصريح، وقد يكتشف أن العقيدة الصوفية مستعارة كلها من تلك الديانات المذكورة محيطة بالأصول التي تفرعت عنها، ولم تستخرج أسرارها الخفية ومعانيها الروحية من طوايا كلمات القرآن الذي يقرأه جميع المسلمين ولا يحتكره فريق منهم دون فريق آخر .