رشيدة نور
2008-06-17, 18:58
خمسَةُ شَواهِد
(1)
إفتَحِ الشُّبَّاكَ،
أعْطِ ساعةَ الغُرفَةِ ظَهْرَكَ،
وقُلْ لسائلِكَ عنِ الوقتِ:
ليس لي عينان، في الخلفِ، يا أعمي!
(2)
إفتحِ المُوسيقي،
أعْطِها ظهْرَكَ،
وقلْ للمرآةِ:
لي خلفيّةٌ مُوسيقية!
(3)
ما اللمْبةُ إلا:
وَرَمُ الضوء في عينيكَ،
يا أيها الشاعر!
(4)
الشعرُ لا تزنُه يدٌ؛
الشعرُ شاهدُك الذي يـُقيمُ وزْنـًا
لحركةِ اليَدِ في الهَواء!
(5)
إفتَحِ الخَزانةَ،
وَرّطِ الحَيرةَ في ألوانِ قُمصانِكَ.
اغْلقِ الخَزانةَ،
واخْرُجْ عارِيًا إلي النسيان!
الأشجارُ علي الرَّصيف
( )
شَجَرةٌ تَخلعُ نظّارةَ الساقي.
شَجَرةٌ تُغطِّي يافطةَ النجّار.
شَجَرةٌ تُخْفِي فمَ المزرابِ،
وتَشربُ، سِرًّا، ماءَ المزراب.
شَجَرةٌ أمامَ المَخْبز.
شَجَرةٌ تتشاجرُ معَ الريح،
وتاريخِ النار.
شَجَرةٌ تَمسحُ الماءَ عنِ الخيال.
شَجَرةٌ تَسْترُ زُجاجَ نافذةٍ بلونِها الظـِّلّ.
شَجَرةٌ تَحنو علي شحّاذ.
شَجَرةٌ تَرسم مَوعدَ الأصحاب.
شَجَرةٌ لا تَمشي،
وتَبعُدُ خمسَ دقائقَ عَنْ
شجَرةٍ مائلةٍ إلي ركبةِ أحجارٍ تـَسألُ:
المقابرُ بلا جدران عالية؛
فمَنْ علَّي المقبرة؟!
( )
ماتَ بائعُ الأشتال...
كانَ يَقولُ لكلّ سائقٍ يُخفِّفُ السُّرعةَ
أمامَ حُفْرةٍ علي الإسفلت:
إزْرَعُوا شجَرًا في الحُفَرِ،
حوّلوا الإطاراتِ السوداء مَراجيحَ
وأصيصًا للنعناع.
( )
في بلادِنا،
لا يَزرعونَ الأشجارَ المُثمرةَ علي الرَّصيف!
في بلادِنا،
يَزرعونَ أشجارًا مُثمرةً في المَقبرةِ،
ويَمنعونَ الأولادَ منْ أكْلِ الثَّمَر!!
غبارُ الجنرال
عندما يَمرّ العالَمُ مِن بينِ يديكَ
لا تقبضْ عليه،
لا تكتبْ رِوايةً،
ولا تقل الفلاسفةُ مَرّوا مِن بين يديّ.
إنَّهُ غبارُ الجنرالِِ العابر؛
طاحنًا القمحَ في عينيكَ لِتعمي،
ولِيَجُوعَ صوتـُك للهواء وللرؤي.
.................................
.................................
وعندما يَمرّ العالَمُ من بين قدميْكَ
لا تنظرْ إليه،
إنَّهُ في مَرمي البول!
يَرفعُ للأفُق تُرابَه
شَخصٌ بلا مرْكز،
بين شراسةِ الأمل وقداسة السكينِ
أعلنَ الحرب علي نفسِه،
وفي الطريق إلي السلاحِ اعترضَهُ نهرٌ
بلا مجري وذاكرةٍ؛
فاستأذنَ الشجرةَ ليصنعَ
من بنْتِها قاربًا للضفة الأخري.
ماتَ الشيءُ الكبيرُ علي قلبه؛
قالوا علي القلب ضَريحٌ،
وقالوا علي البابِ غابةٌ.
وحدَه الشخصُ قال:
شاعرٌ يَرفعُ للأفُقِ تُرابَه!
رُكَامُ القمر
كان يرتطِمُ باسْمِها في الشاطئِ المُشمس؛
فيدُوخُ كشجَرةٍ واقفةٍ علي الرمل...
والناسُ علي ظلّه تمشي، وظِلّه ينكشفُ
عن هاويةٍ تَقولُ للبحر: تعالَ يا بَحرُ إمْلأ العَتَمَةَ باسْمِكَ، تَوّجِ السُّكُونَ بالموج، إمْلأِ الكَلِمَة ولمّا افترقا كَسِتارَةٍ بَيضاءَ عنْ شُرْفةٍ في وصْفِ قَوسٍ؛
رأي الحبُّ الفراغَ والبحرَ كاملينَ واسعينَ...
ورأتِِ الريحُ الرَّطِبةُ جفافَ البابِ
في صُورةٍ قُرْبَ ساعةٍ سائلةٍ علي إنارةٍ فِضّيةٍ فوقَ هاويةٍ هَضَمَتْ رُكامَ القمرْ!
شاعر من فلسطين
نصر جميل شعث
(1)
إفتَحِ الشُّبَّاكَ،
أعْطِ ساعةَ الغُرفَةِ ظَهْرَكَ،
وقُلْ لسائلِكَ عنِ الوقتِ:
ليس لي عينان، في الخلفِ، يا أعمي!
(2)
إفتحِ المُوسيقي،
أعْطِها ظهْرَكَ،
وقلْ للمرآةِ:
لي خلفيّةٌ مُوسيقية!
(3)
ما اللمْبةُ إلا:
وَرَمُ الضوء في عينيكَ،
يا أيها الشاعر!
(4)
الشعرُ لا تزنُه يدٌ؛
الشعرُ شاهدُك الذي يـُقيمُ وزْنـًا
لحركةِ اليَدِ في الهَواء!
(5)
إفتَحِ الخَزانةَ،
وَرّطِ الحَيرةَ في ألوانِ قُمصانِكَ.
اغْلقِ الخَزانةَ،
واخْرُجْ عارِيًا إلي النسيان!
الأشجارُ علي الرَّصيف
( )
شَجَرةٌ تَخلعُ نظّارةَ الساقي.
شَجَرةٌ تُغطِّي يافطةَ النجّار.
شَجَرةٌ تُخْفِي فمَ المزرابِ،
وتَشربُ، سِرًّا، ماءَ المزراب.
شَجَرةٌ أمامَ المَخْبز.
شَجَرةٌ تتشاجرُ معَ الريح،
وتاريخِ النار.
شَجَرةٌ تَمسحُ الماءَ عنِ الخيال.
شَجَرةٌ تَسْترُ زُجاجَ نافذةٍ بلونِها الظـِّلّ.
شَجَرةٌ تَحنو علي شحّاذ.
شَجَرةٌ تَرسم مَوعدَ الأصحاب.
شَجَرةٌ لا تَمشي،
وتَبعُدُ خمسَ دقائقَ عَنْ
شجَرةٍ مائلةٍ إلي ركبةِ أحجارٍ تـَسألُ:
المقابرُ بلا جدران عالية؛
فمَنْ علَّي المقبرة؟!
( )
ماتَ بائعُ الأشتال...
كانَ يَقولُ لكلّ سائقٍ يُخفِّفُ السُّرعةَ
أمامَ حُفْرةٍ علي الإسفلت:
إزْرَعُوا شجَرًا في الحُفَرِ،
حوّلوا الإطاراتِ السوداء مَراجيحَ
وأصيصًا للنعناع.
( )
في بلادِنا،
لا يَزرعونَ الأشجارَ المُثمرةَ علي الرَّصيف!
في بلادِنا،
يَزرعونَ أشجارًا مُثمرةً في المَقبرةِ،
ويَمنعونَ الأولادَ منْ أكْلِ الثَّمَر!!
غبارُ الجنرال
عندما يَمرّ العالَمُ مِن بينِ يديكَ
لا تقبضْ عليه،
لا تكتبْ رِوايةً،
ولا تقل الفلاسفةُ مَرّوا مِن بين يديّ.
إنَّهُ غبارُ الجنرالِِ العابر؛
طاحنًا القمحَ في عينيكَ لِتعمي،
ولِيَجُوعَ صوتـُك للهواء وللرؤي.
.................................
.................................
وعندما يَمرّ العالَمُ من بين قدميْكَ
لا تنظرْ إليه،
إنَّهُ في مَرمي البول!
يَرفعُ للأفُق تُرابَه
شَخصٌ بلا مرْكز،
بين شراسةِ الأمل وقداسة السكينِ
أعلنَ الحرب علي نفسِه،
وفي الطريق إلي السلاحِ اعترضَهُ نهرٌ
بلا مجري وذاكرةٍ؛
فاستأذنَ الشجرةَ ليصنعَ
من بنْتِها قاربًا للضفة الأخري.
ماتَ الشيءُ الكبيرُ علي قلبه؛
قالوا علي القلب ضَريحٌ،
وقالوا علي البابِ غابةٌ.
وحدَه الشخصُ قال:
شاعرٌ يَرفعُ للأفُقِ تُرابَه!
رُكَامُ القمر
كان يرتطِمُ باسْمِها في الشاطئِ المُشمس؛
فيدُوخُ كشجَرةٍ واقفةٍ علي الرمل...
والناسُ علي ظلّه تمشي، وظِلّه ينكشفُ
عن هاويةٍ تَقولُ للبحر: تعالَ يا بَحرُ إمْلأ العَتَمَةَ باسْمِكَ، تَوّجِ السُّكُونَ بالموج، إمْلأِ الكَلِمَة ولمّا افترقا كَسِتارَةٍ بَيضاءَ عنْ شُرْفةٍ في وصْفِ قَوسٍ؛
رأي الحبُّ الفراغَ والبحرَ كاملينَ واسعينَ...
ورأتِِ الريحُ الرَّطِبةُ جفافَ البابِ
في صُورةٍ قُرْبَ ساعةٍ سائلةٍ علي إنارةٍ فِضّيةٍ فوقَ هاويةٍ هَضَمَتْ رُكامَ القمرْ!
شاعر من فلسطين
نصر جميل شعث