يوسف المدريدي
2010-11-09, 22:32
كعادتنا في كل مرة عندما نشاهد ونسمع ونقرأ عن الظلم والرشوة والتحيز، وعن أخطاء الحكام في كرة القدم تقوم القيامة، ويتحول الأمر إلى قضية رأي عام يدعي فيها أشباه النزهاء بأنهم ظلموا وحرموا من الفوز والتتويج، ويخرج إلينا الصحافيون والمسيرون يستغيثون وينددون ويتوعدون معلقين شماعة الخسارة بالتحكيم وبالاتحادات المحلية والقارية وتحيزها لهذا النادي أو ذاك المنتخب، ولكن الحقيقة أن الظاهرة لم تعد حكرا على بلد أو ناد أو طرف دون الأخر، بل صار يتقن فنونها الجميع ويمارسها الكل بعدما كانت من اختصاص البعض!
حتى وان كان التحكيم في العالم بأسره مريضاً فانه لا يختلف عن مناح الحياة الأخرى، وهو امتداد لكوارث أخرى تعاني منها مجتمعاتنا ولا نتحدث عنها يوميا لأسباب مختلفة، كما أن الجميع مستفيد من ثغرات وهفوات هيئاتنا الكروية وحكامنا، والكل يمارس الضغوطات على الحكام ويتودد إليهم ويدفع لهم من الأموال والهدايا منذ زمان وفي كل المنافسات، سواء كانت محلية أو إقليمية ودولية، ولكننا لا نتحدث عنها إلا عندما يدفع الآخرون أكثر منا ويساعدهم الحكام ويفوزون علينا لأن الأمور تغيرت اليوم ولم يعد الراشي واحداً بل صاروا كثر في كل مكان، والكل صار يعرف قواعد اللعبة ويخصص ميزانية إضافية لشراء ذمم الحكام، والكل يعرف ما يفعل الأخر ويعرف حتى الثمن الذي يدفعه فيقترح أكثر، وينتهج سبل وطرق مختلفة.
أضحك وأبكي في نفس الوقت عندما أسمع مسيرين ومدربين عرباً وأفارقة أعرفهم شخصيا، وأعرف كيف كانوا يفوزون بالمباريات والألقاب، وأعرف كم كانوا يدفعون للحكام من أجل تسهيل مهماتهم، وكم كانوا يدفعون لرؤساء لجان التحكيم لأجل تعيين هذا الحكم أو ذاك، ولما تفشت الظاهرة وعمت ولاحظ الحكام إقبال الجميع على نفس الممارسة صاروا يأخذون الرشاوى من الفريقين المتنافسين ويخرجون بعشرات الآلاف من الدولارات من إدارة مباراة واحدة دون أن يتفطن إليهم المغفلون من المسيرين..
العملية صارت تجارية ويحسبها المسيرون مثلما يحسبون مصاريف ومداخيل تجارتهم ويقولون لك أن التتويج بدوري أبطال إفريقيا مثلا يدر على النادي ما يقارب مليونين من الدولارات، ومن أجل الفوز بها لا مانع من صرف خمسمائة لألف دولار تخصص لارشاء حكام يتقاضون من الهيئات التي ينتمون إليها ألف دولار نظير المباريات التي يديرونها ويسيل لعابهم من أجل خمسة آلاف دولار وكومبيوتر وتلفون محمول وهدايا أخرى لا تكلف شيئا لرئيس أي ناد أو رئيس اتحاد أو أي بلد كان مقابل الفوز والتتويج.
لاحظتم أنني لم أتحدث عن الحكام ولا أحملهم كامل المسؤولية لأن مجتمعاتنا كلها غارقة في الرشوة والحقرة والظلم والمحسوبية، والحديث عن التحكيم بمعزل عن قطاع القضاء والتجارة والمشاريع الكبرى هو ظلم وتحيز في حد ذاته لفئات أخرى ترتكب نفس الجرائم في حق المجتمع وفي حق الجماهير ولعبة كرة القدم التي تحولت من لعبة العقول والأرجل إلى لعبة من يتقن الكواليس ويدفع أكثر للحكام والمسؤولين عليهم.
حال التحكيم عندنا لا يختلف عن الإطار العام للكرة العربية والإفريقية والآسيوية على حد سواء ولكنني أعلم ويعلم الكثير من أمثالي بأننا كلنا نرشى الحكام ونمارس الظلم ونتحيز لنوادينا وبلداننا وكلنا نعاني أمراض الأنانية وحب الفوز، وليس فينا من يعتمد على قدراته ومهاراته وأتحدى من يقول عكس ذالك أو ينفي ممارسته لنوع من أنواع الضغوطات على الهيئات والأشخاص، وبالتالي فلا يمكن القضاء بسهولة على ظاهرة أخرى تضاف إلى قائمة الظواهر والعيوب التي تفشت في مجتمعاتنا، خاصة أن مكسبها مضمون ويفتح الأبواب لمكاسب أخرى لا حصر لها، ولا يمكن التنديد بفعل ونأتي مثله.
حتى وان كان التحكيم في العالم بأسره مريضاً فانه لا يختلف عن مناح الحياة الأخرى، وهو امتداد لكوارث أخرى تعاني منها مجتمعاتنا ولا نتحدث عنها يوميا لأسباب مختلفة، كما أن الجميع مستفيد من ثغرات وهفوات هيئاتنا الكروية وحكامنا، والكل يمارس الضغوطات على الحكام ويتودد إليهم ويدفع لهم من الأموال والهدايا منذ زمان وفي كل المنافسات، سواء كانت محلية أو إقليمية ودولية، ولكننا لا نتحدث عنها إلا عندما يدفع الآخرون أكثر منا ويساعدهم الحكام ويفوزون علينا لأن الأمور تغيرت اليوم ولم يعد الراشي واحداً بل صاروا كثر في كل مكان، والكل صار يعرف قواعد اللعبة ويخصص ميزانية إضافية لشراء ذمم الحكام، والكل يعرف ما يفعل الأخر ويعرف حتى الثمن الذي يدفعه فيقترح أكثر، وينتهج سبل وطرق مختلفة.
أضحك وأبكي في نفس الوقت عندما أسمع مسيرين ومدربين عرباً وأفارقة أعرفهم شخصيا، وأعرف كيف كانوا يفوزون بالمباريات والألقاب، وأعرف كم كانوا يدفعون للحكام من أجل تسهيل مهماتهم، وكم كانوا يدفعون لرؤساء لجان التحكيم لأجل تعيين هذا الحكم أو ذاك، ولما تفشت الظاهرة وعمت ولاحظ الحكام إقبال الجميع على نفس الممارسة صاروا يأخذون الرشاوى من الفريقين المتنافسين ويخرجون بعشرات الآلاف من الدولارات من إدارة مباراة واحدة دون أن يتفطن إليهم المغفلون من المسيرين..
العملية صارت تجارية ويحسبها المسيرون مثلما يحسبون مصاريف ومداخيل تجارتهم ويقولون لك أن التتويج بدوري أبطال إفريقيا مثلا يدر على النادي ما يقارب مليونين من الدولارات، ومن أجل الفوز بها لا مانع من صرف خمسمائة لألف دولار تخصص لارشاء حكام يتقاضون من الهيئات التي ينتمون إليها ألف دولار نظير المباريات التي يديرونها ويسيل لعابهم من أجل خمسة آلاف دولار وكومبيوتر وتلفون محمول وهدايا أخرى لا تكلف شيئا لرئيس أي ناد أو رئيس اتحاد أو أي بلد كان مقابل الفوز والتتويج.
لاحظتم أنني لم أتحدث عن الحكام ولا أحملهم كامل المسؤولية لأن مجتمعاتنا كلها غارقة في الرشوة والحقرة والظلم والمحسوبية، والحديث عن التحكيم بمعزل عن قطاع القضاء والتجارة والمشاريع الكبرى هو ظلم وتحيز في حد ذاته لفئات أخرى ترتكب نفس الجرائم في حق المجتمع وفي حق الجماهير ولعبة كرة القدم التي تحولت من لعبة العقول والأرجل إلى لعبة من يتقن الكواليس ويدفع أكثر للحكام والمسؤولين عليهم.
حال التحكيم عندنا لا يختلف عن الإطار العام للكرة العربية والإفريقية والآسيوية على حد سواء ولكنني أعلم ويعلم الكثير من أمثالي بأننا كلنا نرشى الحكام ونمارس الظلم ونتحيز لنوادينا وبلداننا وكلنا نعاني أمراض الأنانية وحب الفوز، وليس فينا من يعتمد على قدراته ومهاراته وأتحدى من يقول عكس ذالك أو ينفي ممارسته لنوع من أنواع الضغوطات على الهيئات والأشخاص، وبالتالي فلا يمكن القضاء بسهولة على ظاهرة أخرى تضاف إلى قائمة الظواهر والعيوب التي تفشت في مجتمعاتنا، خاصة أن مكسبها مضمون ويفتح الأبواب لمكاسب أخرى لا حصر لها، ولا يمكن التنديد بفعل ونأتي مثله.