المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجذور السحرية للبرمجة اللغوية العصبية (2)


essarab
2010-11-09, 19:22
إذن، فالبرمجة تعني فيما تعنيه تلك التأثيرات التي تتم عبر كلمات شفهية ينطق بها الشخص المعالج، أو المبرمج، هذا بالإضافة إلى ممارسة بعض الأساليب الأخرى على الجهاز العصبي للشخص الخاضع للعلاج. وفي كل الأحوال كما يزعم هؤلاء يتوقف نجاح العملية التقنية على مدى تجاوب الشخص النائم، أو الخاضع للعملية تحت تأثيرات كلمات شفهية مباشرة ومركزة أو تحت تأثيرات أساليب أخرى يستعمل فيها التنويم القهري من قبل الشخص القائم بالعملية، بناء على ذلك تكون عملية التواصل بين المدرب والجهاز العصبي للعميل تتم بإيجابية وفقا لمعايير مطلوبة!!!

يعتبر الذين انتقدوا فكرة البرمجة اللغوية العصبية كون جذورها دينية وثنية، وهي عبارة عن مزجة جمعت ما بين علوم روحانية قديمة وفلسفات رهبانية وثنية، وأساليبها السحرية مستلهمة من ديانات كثيرة كالمجوسية والهندوسية والطاوية وديانة الفراعنة. ومن هذا التراث الوثني القديم استخلصت مبادئها، لتُكون مواكبة للتطورات التقنية الحديثة ومتطابقة مع مفاهيم الناس الاجتماعية والدينية في العصر الحديث، وزعموا كذلك أن التقنية الجديدة أصبحت تتوفر على باقة كبيرة من الروابط، أهمها أنها توثق العلاقة الشخصية وتعيد صياغة الواقع المتصور في عقل الإنسان، من شعور ومعتقدات وأفكار، وفي إمكانها سحق كل السلبيات، واستبدالها بأفكار جديدة عالية الجودة داخليا، ومن ثم يمكن أن تنعكس نتائجها الإيجابية على تصرفاته خارجيا .

فهذا العالم الذي نراه في نظر هؤلاء عالما خياليا باطنه أصح من ظاهره، ومن أهداف هذه التقنية إمكانية تجسيم الحوادث الباطنية إلى واقع ملموس ومحسوس، كما أنها تحاول فرض صورة نمطية في حياة الإنسان، وذلك بتعديل كل التصرفات الغير اللائقة من الداخل قبل انعكاسها على الواقع الخارجي، ويمكنها تحويل كل ما هو سلبي إلى ما هو إيجابي، وبوسعها كذلك تنمية القدرات الكامنة في النفس البشرية وزيادة سرعة التعلم، وخلق ذاكرة تختزن المعلومات ولا تهمل شيئا، وبإمكانها إعادة هيكلة جميع قدرات الشخص الداخلية والخارجية، وإظهار أنماط سلوكية جديدة، سواء كان ذلك في التصرفات أو المعاملات. وباستطاعتها إعادة تشكيل معتقدات دينية جديدة في نفسه، أو على الأقل تهذيبها وتحسينها، كل ذلك يتم من خلال صياغة جديدة لواقع الفرد الذي يخضع لهذا النوع من العلاج حتى تظهر بمظهر الذي يبسط لها الرجاء فيها ويبعث على الارتباط بها ولا يحجب عنها رونق الحياة.

فثمة من يقول أن التقنية الجديدة ظهرت لأول مرة في أوائل السبعينات، وأعاد صياغة منهجيتها كل من (ريتشارد باندلر) و(جون جرندر) وعلى أيديهما تم إجراء بعض التغييرات والتعديلات وإضافة بعض ممارسات أطباء التحليل النفسي الشفائي على أساس أبحاث أجريت سابقا، ومشاهدات لشخصيات معروفة بمهارتها التأثيرية على العميل في الجلسات النفسية العلاجية والاستفادة من عروض مسارح السحر.

وانتهى (باندلر) و(جرندر) بعد دراسة معمقة إلى أن البنية الأساسية التي تقوم عليها هذه التقنية والعلاج النفسي التحليلي، استنبطت أساسا من السحر نفسه، ثم أجريت على أشخاص خضعوا لاختبارات عدة مكنتهم من معرفة المصادر الحقيقية المؤثرة على العملاء وسر تجاوبهم .

ووفقا لهذه الدراسة وضع كل من ( باندلر Bandler) و(جرندر Grinder) القواعد الأساسية للبرمجة اللغوية النظرية والتطبيقية والرموز والارتباطات والدعائم المفترض أن يقوم عليها هذا النوع من السحر، فطور هذا السحر المعدل حسب ميكانيزمات جديدة وفعالة، ومن خلال تجارب أجريت سابقا تأكدا أن الاتصال الناجح لا يتم إلا بقوة اللغة المستعملة والمنطق والخيال والعقل وأساليب الخطاب الذكية، ونتيجة لذلك توصلا إلى وضع مبادئ وقواعد البرمجة اللغوية العصبية.
لقد تمخضت الأبحاث عن نتائج دفعتهما إلى تأليف كتابهما ( بنية السحر)، الذي وضعا فيه صياغة جديدة للبرمجة اللغوية، وأساليب الخطاب السحري الواجب استعماله في التقنية المعدلة. ومما يؤكد أن البرمجة مستمدة من طلاسم السحر قولهما في كتابهما: " في خلال الأزمنة الماضية كان تدوين القوّة والأعجوبة لممارسي السحر فقط معروفاً في الأغنية والقصّة. وكان دائماً وجود السحر والسحرة والساحرات والشامان والكهنة والعرافين مثيراً لدهشة الإنسان العادي ". وهذا القول يثبت أن الغاية من إيجاد فكرة البرمجة هو نزع السحر من السحرة، وإدخال تعديلات جوهرية عليه تكون أشد تأثيرا وجاذبية، وتقديمه للناس بصياغة جديدة بعد تطهيره من الطقوس السحرية المعروفة شعبيا، وهما يعترفان بذلك صراحة في قولهما: "هدفنا في هذا الكتاب ليس لإنكار النوعية السحرية للسحرة العلاجّيين الذين استفدنا من خبراتهم، ولكن بالأحرى لنُظهر أن ذلك السحر هو كغيره من النشاطات البشرية المعقّدة الأخرى، له بُنية وقابل للتعلّم إذا توفرت مصادره. وهذا الكتاب فقط عبارة عن مصدر واحد للتعلم التدريجي للساحر. وهذا الكتاب أيضاً له بُنية كالسحر الذي يصفه". The structure of magic/ Richard Bandler

ويتضح من سياق قولهما أن العلاج النفسي له ارتباط قوي بالسحر، وكان تطويره وفقا لآليات جديدة وأساليب حديثة: " لم تكن رغبتنا في هذا الكتاب لتسأل جودة تجربتنا السّاحرة لهؤلاء السحرة العلاجيّين، ولكنّ إلى حدّ ما لإظهار أن هذا السّحر الذي يؤدّونه له بُنية مثل الأنشطة البشريّة المعقّدة الأخرى كالرّسم أو تأليف الموسيقى أو وضع رجل على القمر، ولذلك فهو ممكن وقابل للتّعلّم على اعتبار وجود الموارد المناسبة. ونحن لا ندّعي أننا قد اكتشفنا الحقيقة أو معظم الطّرق القويّة للعلاج النّفسيّ خاصّة، ولكن نرغب فقط لإعطائك مجموعة معيّنة من الأدوات التي تبدو إلينا أنها ضمنيّة في أفعال هؤلاء المعالجين؛ حتّى قد تبدأ أو تواصل العمليّة الأبديّة للتّحسّن وإثراء وصناعة المهارات التي تعرضها كمساعد للناس ". المصدر السابق

نعم، كل الدلائل تشير إلى أن هؤلاء الذين ابتدعوا فكرة البرمجة اللغوية، سبق لهم وأن درسوا كل أنواع السحر قبل أن ينتهي بهم الأمر إلى إنشاء ما يسمى بالتقنية الجديدة حسب اعتراف (جرندر) كما ذكر في قوله: " نعم، السحرة العلاجّيون الذين دارسناهم كان لديهم طقوسهم السحرية و(إريكسون) كان أقل من البقية ". المصدر السابق
ويضيف معلقا عن دوافع دراستهم لـبنية السحر قائلا: " وقد أنهينا أنا و(باندلر) في ذلك الوقت في مكانه في ( بن لوموند) جلسة عمل مبكّرة في ما نُشر لاحقاً بـ"بُنية السحر". وكنت أفكّر بصوت عال حول ما كنّا نعمل، وقلت شيئاً عنّا بتقديم تركيباً للسحر. فقال (باندلر): "ماذا قلت للتو؟ فأجبت: نحن نقدّم تركيباً للسحر الذي يمارسانه فريتز وفرجينيا، أنت تعرف، تركيب السحر، فنحن كلانا كنّا مسرورين بعنوان الكتاب ". The structure of magic/ Richard Bandler
ويؤكدان في كتابهما على أن البرمجة اللغوية العصبية استخلصت تقنياتها من السحر نفسه، وذلك في قولهما: " و كنّا مدركين لمفهوم (يانكي في محكمة الملك آرثر) حول الاتصال بين التقنية والسحر ".

وكما يوجد للسحر طقوسا ورموزا، فالبرمجة هي الأخرى بنيت على رموز وطقوس جديدة، وعلى أنماط ترمز إلى مجموعة التعليمات التي يقوم عليها السحر كما ذكر في قولهما: " جميع الأنماط عندما تُرمّز فإنها تمثّل مجموعة من التعليمات حول أين تضع انتباه الواحد. يتبّع بعض الممارسين هذه التعليمات كما لو أنّها الطريق الوحيد لإنجاز النتائج الإيجابية المرغوبة. ويستعمل الآخرون النمط المُرمّز كدليل لتعلّم تعقيدات النمط وبعد ذلك يُحرّرون أنفسهم من الحاجة للخنوع بعد هذه الخطوات ويطوّرون الكثير،والعديد من الاختلافات على النمط المُرمّز. فالمجموعة الأولى تُعتبر طقوسية والثانية ليست طقوسية ". المصدر السابق

...................... يتبع .........................