تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : 10 دروس كاملة في الاستقراء و خطواته...


ترشه عمار
2010-11-07, 11:17
http://img132.imageshack.us/img132/7051/95540309jm1.gif
المحبة نعمة من الله.. وفقد الأحبة غربــــــــــــــــة .. ولقاؤهم أنس ومسرة .. وهم للعين قــــــــــــرة..
فسلام على من دام في القلب ذكراهــــــم ..
وإن غابوا عن العين قلنا.. يا رب تحفظهم وترعاهم ..


http://i843.photobucket.com/albums/zz356/bobbebo/2-2.gif


http://www.ar-tr.com/vb/uploaded/11720_01233255443.gif (http://www.ar-tr.com/vb)



10 دروس كاملة في الاستقراء و خطواته

http://dc263.4shared.com/img/T2JlJVHY/s3/0.6883593443807309/IM_absba30png.png (http://dc263.4shared.com/img/T2JlJVHY/s7/0.7341567642259709/IM_absba30png.png)

http://www.samysoft.net/forumim/tahmeel/bramj/new/fsdfsdf.gif

اسم الكتاب: المنطق الإسلامي أصوله ومناهجه
المؤلف: آية الله السيد محمد تقي المدرسي
الناشر: دار البيان العربي - بيروت ، لبنان

http://dc263.4shared.com/img/T2JlJVHY/s3/0.6883593443807309/IM_absba30png.png (http://dc263.4shared.com/img/T2JlJVHY/s7/0.7341567642259709/IM_absba30png.png)


ما هو الإستقراء:

ما هو الإستقراء المنطقي؟ ببساطة: هو البحث عن علاقة الظواهر التي تحدث ببعضها. ذلك لأن الإستقراء هو القيام بتجميع الظواهر إلى بعضها، وهذا التجميع على نوعين:
أ- تجميع قشري أفقي: لا يقصد منه سوى (زيادة عدد إلى عدد) و(تركيب شيء فوق شيء) ليسهل التعبير عنها جميعا. تماما كما يستصعب علينا أن نقول: واحد واحد واحد. فنجمعها ونقول: ثلاثة. كذلك تجمع الظواهر إلى بعضها فنضع عليها اسماً واحداً. نسميها جميعاً باسمه فمثلاً: عندما نستقرئ البصل فنعرف أن كل بصل أبيض. لم نضف بالإستقراء علماً جديداً إلى معلوماتنا، إن الذي فعلناه كان ليس أكثر من جمع البصل إلى بعضه، والتعبير عنها جميعاً بكلمة واحدة، بدلاً من التعبير عن كل واحد بتعبير مختلف. ويندرج تحت هذا النوع من الإستقراء: الإستقراء الشكلي، وهو الذي يجمع كل المعلومات الممكنة ويعبر عنها بلفظ واحد، وبالرغم من أنه يعطينا صورة استدلالية، ولكنها لا تعطينا القدرة على التنبؤ بالمستقبل، والذي هو الهدف من الاستقراء أساساً كما يأتي، فمثلاً إذا عرفنا أن أنواع الحصان ثلاثة: أ ـ ب ـ ج ـ ثم عن طريق الإستقراء عرفنا: بأن كل هذه الأنواع ـ أبيض ـ حصل عندنا استقراء، ولكنه شكلي إذ ليس هناك نوع رابع نتنبأ بلونه، قياساً على هذه الأنواع الثلاثة، فلم يضف الإستقراء علماً جديداً لنا، وصيغة هذا الإستدلال الشكلي هي ما يلي: أ ـ ب ـ ج ـ كل أنواع الحصان.
(أ ـ ب ـ ج ـ أبيض. فكل أنواع الحصان أبيض) والإستقراء الشكلي يوجد بكثرة في علوم تعتمد على العد والتسجيل؟ مما يعتمد على القواعد العامة، وذلك مثل علوم الأحياء والنبات وعلم الفلك القديم والعقل الإلكتروني، هو الآخر يعتمد على إستقراءات شكلية. حيث لا يستطيع كشف الظواهر إنما إعادة المعلومات وتركيبها. ويستفاد من هذا الإستقراء أيضاً في المراحل الأولى للبحث ولكنه كما يقول (مل): لا يقودنا في طريق العلم إلا قليلا، ومن الممكن أن نقبله بصفة مؤقتة، إذا كانت تعوزنا وسيلة أخرى أفضل منه وأكثر قوة وضماناً وكل استقراء حقيقي، يسبقه استقراء شكلي، إذ لا بد أن يبدأ الإنسان بتجميع الظواهر عدديا، لكي يفكر فيها كيفيا، بهدف التعرف على قوانينها، وعلاقاتها ببعضها.
ب- الاستقراء الحقيقي: وهو ما ينطبق عليه تعريفنا المتقدم للاستقراء: وهو معرفة العلاقة الخفية التي تربط ظاهرة بأخرى، وعن طريق معرفتها يتم بالطبع التنبؤ بأنه كلما وجدت إحدى الظاهرتين، كانت الأخرى موجودة أيضا. وبتعبير آخر: الاستقراء التام هو الانتقال من عدد محصور من القضايا إلى قاعدة عامة، يمكن إعادة تطبيقها على عدد لا يحصى من القضايا المشابهة لكي يتم التنبؤ بالمستقبل، ويتم بالتالي تحقيق الهدف من العلم ـ أي علم ـ وهو كشف المستقبل والاهتداء إليه، ومثال ذلك اننا نعرف القانون التالي ـ من بعض التجارب ـ المعدودة التي تم الحصول عليها عن طريق الاستقراء، والقانون هو: (الكثافة = الكتلة على الحجم أو ث = ك على ح) هل إننا استقرأنا جميع أنواع وأفراد الكثافة والكتلة والحجم، وعرفنا بأن لها علاقة مطردة، فعبرنا عنها بالقانون المتقدم؟! كلا، إذا: الاستقراء الحقيقي، يتم على التعميم، والانتقال من حالة جزئية، إلى حالة كلية، وذلك عن طريق معرفة العلاقة الرابطة، بين شيء وشيء آخر. وهذه ميزة الاستقراء الحديث، عن الاستقراء الأرسطي القديم، الذي كان أشبه شيئا بتكديس الملاحظات على بعضها، دون معرفة العلاقة بينها. ولكن هذا الاستقراء ينطوي على خطر التعميم الكلي إذا تسرع الباحث فيه، وأفرط في الاعتماد عليه

يتبع..../....

http://img529.imageshack.us/img529/9026/kansign.jpg (http://www.mazikao.net/vb)

ترشه عمار
2010-11-07, 11:20
http://img51.imageshack.us/img51/1490/iraqupcom20081129n7g5k0.gif




http://img7.imageshack.us/img7/7016/92279280.gif (http://dc262.4shared.com/img/_T66tPbp/s7/0.09352714213006275/6060606.png)






ما هي الملاحظة؟
ذات صباح ربيعي، تجلس على شاطئ البحر، وتلاحظ الأمواج الحريرية التي تداعب الصخور، وهناك تجد رجلين أحدهما صياد سمك والثاني خبير. أما الصياد فيبحث عن الأسماك فيما وراء الأمواج، أما الخبير فلا يهمه السمك فقط، بل يلاحظ تحركاته ليكشف طبيعة الحياة عند الأسماك. أنتم الثلاثة تبصرون بأعينكم شيئا، ولكن بينكم فروق كبيرة.
1- فأنت تبصر لمجرد المتعة، فالنظر ـ بحد ذاته ـ هدف تنشده، ولذلك لا نسميك (ملاحظا) بل (متفرجا) والصياد يهدف من وراء بصره الكشف عن مواقع السمك. إن نظرة (عبرية) ومتعمقة إلى الأمواج لا تعنيه بقدر ما تكشف عما ورائها من أسماك، ولكنه ـ مع ذلك ـ لا ينوع ملاحظاته كثيرا حول السمك، بل يصيدها متى وجدها.
2- أما الخبير فإنه يبصر، ويهدف شيئا، وهدفه ليس السمك، كظاهرة منفصلة عن مظاهر الحياة الأخرى، بل كظاهرة مرتبطة بأية ظاهرة أخرى قد يكشفها الخبير. فهو إذ يراقب الموج والسمك، يرصد تحركات الريح وتيارات الماء والمد والجزر، ليعرف ما إذا كانت تلك الظواهر، ترتبط بظاهرة تواجد السمك مثلا في الساحل فجأة، أم لا؟
إن صياد السمك، مثل لصاحب الملاحظة الفجة، بينما الخبير، مثل لصاحب الملاحظة العلمية، والفرق بينهما كالفرق بين الذوق الفطري والاستقراء العليم، إذ يهدف الأول تحقيق حاجة عملية، بينما الثاني يحاول الكشف العلمي. وبتفصيل أكثر:
1- الملاحظة الفجة: هي كل ملاحظة سريعة يقوم بها الإنسان في ظروف الحياة العادية، ويمكن التمثيل لهذا النوع بملاحظة الرجل العامي، الذي يوجه نظره إلى مختلف الأطوار التي يمر بها القمر، فيرى أنه يبدأ هلالا، ثم ينمو ـ شيئا فشيئا ـ حتى يكتمل بدرا، ثم يتطرق إليه النقصان بالتدريج، فيصير هلالا مرة أخرى.
وتسمى هذه الملاحظة فجة لأنها: (ليست العبرة بتسجيل الملاحظات وتكديسها، بل بالقدرة على تنسيقها، وربطها، وتأويلها تأويلا صحيحا، والاستفادة منها، في الكشف عن بعض الحقائق العامة. ويرجع قصور الملاحظة الفجة في الكشف عن هذه الحقائق إلى أن الرجل العادي يرى أن الظاهرة التي يلاحظها منفصلة.. تماما، عما عداها من الظواهر. أما العالم فيرى أن الظاهرة التي يدرسها لا بد ان تكون على صلة ببعض الظواهر الأخرى ولذا فهو على استعداد دائما للتطرق من ملاحظة إلى أخرى3. والملاحظة العابرة تساهم في دفع عجلة العلم إلى الأمام لأنها حرة طليقة لا ترتبط بهدف محدد مسبقا ولذلك قد تصل إلى معرفة بعض العلاقات التي تعجز الملاحظة العلمية بسبب من تقوقعها في قمقم الهدف المحدد، تعجز عن الوصول إليها. فمثلا الشعراء الذين أهدوا سطح القمر لحبيباتهم كانت ملاحظاتهم أقرب إلى الحقيقة من ملاحظة الفلكيين القدماء الذين كونوا فكرة مسبقة عن القمر. وكثير من العظماء اكتشفوا بالملاحظة العابرة حقائق كبيرة أو لا أقل تنبأوا بتلك الحقائق، عن طريق الملاحظة العابرة. فمثلا: (جاليلو) لاحظ ـ ذات مرة ـ أن سقوط الأجسام ليس سواء، وهدته ملاحظته العبارة إلى التجربة التي أدت بالتالي إلى كشف قانونه الشهير في سقوط الأجسام، ويقال إن نيوتن اهتدى إلى التفكير حول الجاذبية من ملاحظة تفاحة سقطت من على شجرة. وهكذا، إن المنهج السليم هو المنهج الذي يفسح أكبر مجال لحرية التفكير.
ولكن من الخطأ الفظيع الاكتفاء بالملاحظة العابرة، لأنها الخطوة الأولى فقط في طريق ذات مئة خطوة والملاحظة العابرة أخيرا كالاستقراء الفطري، وكالخيال والحدس تفيدنا في وضع الإطار العام للفرضية وما سبق في الاستقراء الفطري وما سيأتي بإذن الله في الحدس ـ يلقي ضوءا على دور الملاحظة الفجة في البحث.


الملاحظة العلمية:
يجب أن تتوافر ثلاثة عناصر في الملاحظة العلمية:
1- الهدف المسبق: ففي قصة الخبير الآنفة الذكر رأينا كيف أنه يهدف كشف حقيقة غامضة ومحددة، وهذا العنصر يجعل الملاحظة العلمية، الخطوة الثانية التي تلحق الملاحظة الفجة، إذ إن التأكد من صحتها يتطلب الملاحظة المكررة، لتلك الفكرة، التي استوحاها الفرد من ملاحظته الأولى. وقد يتسبب ذلك في التدخل في سير الطبيعة للكشف عنها.
2- الدقة: ولأن الملاحظة العلمية هادفة، فإنها دقيقة إذ هي تتركز حول قضية واحدة تقريبا، تفصلها عما يحيط بها من قضايا فرعية، غير ذات أهمية علمية.
ولدقة هذه الملاحظة، فهي بحاجة إلى صبر وأناة فتتوزع إلى خطوات ومراحل.
3- بعد الاستيعاب لوجود الهدف المسبق والدقة، تأتي الملاحظة العلمية، متممة للكشوفات السابقة، ومستوعبة لها. فهي تبدأ من حيث انتهى العلم، وقد تستخدم الأدوات العلمية الدقيقة، التي توصل إليها تقدم العلم سابقا، ويمكن التمثيل للملاحظات العلمية بتلك الملاحظات التي يقوم بها علماء الفلك، عندما يرصدون النجوم، والكواكب، وأوقات ظهورها، واختفائها. فهذه الملاحظات علمية، لأنها دقيقة، ولأنها تهدف إلى غرض واضح هو معرفة عدد هذه الأجرام السماوية، وأبعادها وحركاتها.

الملاحظة بين الكم والكيف:
ترتبط الملاحظة لأية ظاهرة بطبيعة الظاهرة، والهدف من معرفتها. فقد تكون الظاهرة مثلا مرتبطة بعلم الرياضيات، والهندسة، وما أشبه. فهناك نلاحظ الجانب العددي والقياسي من الظاهرة. وقد ترتبط بعلم الاجتماع والنفس فهناك نحاول معرفة الجانب الكيفي منها.. والواقع ان الكم ليس سوى العناصر الذاتية للشيء، وكلما تقدم العلم، كلما حاول إرجاع الأشياء إلى (أعداد) حسبما عرفنا ذلك في فصول سابقة، بينما الكيف هو معرفة الوجه الخارجي للشيء، وطبيعة نسبته إلى الحقائق الأخرى، فمثلا: لو أردنا ان نعبر عن طبيعة حرارة الجسم عند الحمي، فقد نقول: إن درجة الحرارة هي (38) (وهذا تعبير عن عنصر ذاتي في الحرارة وهو طبعا تعبير كمي) بينما قد نقول: ان الحرارة خفيفة بالنسبة إلى حرارة النار! إذا: التعبير الكمي هو التعبير الذاتي المتطور بينما التعبير الكيفي هو التعبير الخارجي المتخلف، والفرق بينهما لا يعدو التعبير، والحقيقة واحدة.
وكلمة أخيرة عن الملاحظة العلمية أنها قد تغني عن التجربة، وذلك فيما يخص الظواهر التي يمكن التدخل في مسيرها. والتجربة ـ أساسا ـ هي التدخل في مسيرة الطبيعة لمعرفتها، وذلك مثل الظواهر الفلكية، والسياسية، والاقتصادية، بل في كل علم الظواهر، لا يمكن إخضاعها للتجربة، وآنذاك، تحل الملاحظة العلمية مقام التجربة

ترشه عمار
2010-11-07, 11:22
http://www.mazikao.net/vb/imgcache/2/34163alsh3er.jpg (http://www.mazikao.net/vb)


ما هو الفرض؟
توجد بين المشاهدة التجريبية، والملاحظة العامة، وبين الوصول إلى الحقيقة فجوة يجب سدها بالفروض التي تقوم بدور الجسر بين الحقيقة والتجربة. والفرض هو بمثابة الصورة الهندسية، التي يضعها البناء، قبل البدء بالتعمير، فهو صورة غير حقيقية للنظرية، التي تأتي من بعده، وتمهد لمعرفة القانون.
ذلك لأن الباحث يبدأ بجمع الملاحظات، والمشاهدات التجريبية، فإذا اجتمعت عنده، لا يعرف بالضبط طبيعة العلاقة بينها، فيفترض نوعا من العلاقة، ويحاول التثبت من صحتها. وكمثل لهذه الطريقة نستعرض قصة (كلود برنارد) التالية.. ذات يوم قدم إليه بعض الأرانب، فلما وضعها على المنضدة، أخذت تبول (فلاحظ) كلود أن بولها كان صافيا حامضيا، مع أنه (يعلم) من قبل أن بول الأرانب، عكر قلوي، باعتبارها آكلة الأعشاب، ولأنه كان يعلم سابقا إن بول الحيوانات آكلة اللحوم هي صافية حامضة، فقد (افترض) أن يكون الأرانب جائعة منذ وقت، وأنها قد بدأت تتغذى من أنسجتها الداخلية، فأصبحت ـ عمليا ـ آكلة اللحم، وأصبح بولها صافيا حامضا. فلما جرب (فرضيته)، رأى أنها صحيحة، إذ ما أن أشبعها أكلا، حتى عاد بولها عكرا قلويا، فلما جوعها مرة أخرى، عاد بولها حامضا صافيا. وهكذا ثبت عنده (القانون) المعروف: (ان جميع الحيوانات الصائمة، تتغذى من أنسجتها، فيصبح بولها حامضا صافيا..) في هذه القصة نجد: ان ملاحظات كلود، ومعلوماته السابقة، دفعته إلى (فرض) لم يلبث أن أصبح حقيقة، بفعل المزيد من التجربة.
من هنا نستطيع تعريف الفرض: بأنه التنبؤ بحقائق الأشياء، بحيث لو برهنّا عليه، أصبح قانونا. فهو بديل مؤقت للقانون، وظيفته تمهيد الطريق إلى القانون. فكل فرض لا يمكن أن نبرهن عليه، ليس بفرض؛ وكل فرض يخالفه البرهان، ليس بفرض؛ وكل فرض لا يحتاج إلى البرهان، ليس بفرض، بالرغم من أن كثيرا من المناطقة السابقين، خلطوا بين المعنى الحديث للفرض، وهذه المعاني الثلاث.

الهدف من الفرض:
ما هو الهدف من الفرض؟ ليس الهدف منه إغناء الباحث عن القانون، بل دفعه إلى البحث عنه، فهو مساهمة في البحث، عن خلفيات الظواهر، وذلك بوضع قانون مؤقت لها، حتى يكتشف القانون الحقيقي. ذلك إن الظواهر المتفرقة تضيع في زحمة الفكر، فيضع الفكر ظرفا لها، يجمعها بصفة مؤقتة، إلى ان يأتي القانون فيوحدها، وليست للتجارب أية فائدة لو لم يتم بناء هيكل لحفظها، والهيكل هو الفرض. يقول هنري بوانكاريه:
للمرء أن يجري مائة تجربة، وله ان يجري ألف تجربة، (ولكنها لا تفيد بدون الفرض) فإن انتاج عالم واحد ممتاز، كباستير ـ مثلا ـ يكفي في إسدال ستار النسيان، على هذه التجارب، فما التجربة الجيدة إذا؟ إنها التجربة التي تطلعنا على شيء آخر، سوى الظواهر المتفرقة، وهي التي تتيح لنا: التكهن بالمستقبل، وتسمح لنا بالتعميم

بين النظرية والفرض:
لم يبحث المناطقة هنا عن النظرية، ولكن يبدو البحث عنها ضروريا لأنها مرحلة متقدمة من الفروض، إذ ـ بعد أن يتكون عند الباحث مجموعة من الفروض التي يضعها لتفسير المشاهدات ـ يأتي دور النظرية، وعلينا أن نلقي ضوءا عليها لأنها تخدم المنهج التجريبي كثيرا1 ويشمل حديثنا بالترتيب: تعريفها وتركيبها ووظائفها.
أ- تعريف النظرية:
الفرض، كما سبق، هو صياغة علاقة مفسرة لعدة ملاحظات متنوعة والنظرية تقوم بذات الدور، إلا أن موضوعها هو الفروض. من هنا كانت حقيقة النظرية (مجموعة من المتواضعات2 خلقها صاحب النظرية). وهذا يعني ان صاحب النظرية يبدعها، كما يبدع صاحب الفرض فرضه، إلا أنه (يجب أن تتضمن النظرية مجموعة من الفروض، ذات الصلة بموضوعها، يرتبط بعضها بالبعض الآخر ارتباطا منظما، كما يجب أن تتضمن مجموعة من التعريفات التجريبية).
ب- تركيبة النظرية:
وهذا التعريف أو التفسير يسمح لنا بمعرفة تركيبة النظرية الداخلية، وهي:
1 ـ لا يمكن ابداع نظرية، قبل وجود فروض مفسرة لمشاهدات أو تجارب، إذ ان موضوع النظرية هو الفروض، فهي تفسير لهذه الفروض لا أكثر.
2 ـ وجمع الفروض إلى بعضها لا يكفي في وضع النظرية، بل لا بد من (ايجاد) علاقة تفسيرية بينها. وهذه العلاقة هي من صنع واضع النظرية، وليست مدلولة للتجارب مباشرة، والا سميت قانون علمي لها نظرية فـ(يجب أن تكون هناك قواعد للتفاعل المنظم بين الفروض، ويجب لكي يتوفر للنظرية التناسق المنطقي، ولكي تسمح بعملية الاشتقاق، أن تكون هذه العلاقات الداخلية واضحة. وبدون هذا التحديد النوعي يصبح من الصعب، أو المستحل، استخلاص نتائج تجريبية من النظرية). وكمثل على نوعية العلاقة التي يجب توفرها في النظرية بين فرضين، أو عدة فروض، نقول: (إن المرء يستطيع أن يفترض أن ازدياد القلق، سيؤدي إلى انخفاض الأداء الحركي، ويمكن ـ بالإضافة إلى ذلك ـ أن يفترض أن ازدياد تقدير الذات، سيؤدي إلى تحسن في الأداء الحركي). هذان فرضان ولكنهما لا يشكلان نظرية إذ إننا (إذا لم نعرف شيئا أكثر من ذلك، فإن العلاقة بين هذين الفرضين، ستكون ـ كما هو واضح ـ غير محددة، إذ إننا نحتاج إلى معرفة شيء عن العلاقة بين القلق وتقدير الذات، قبل أن نستطيع القيام بأي تنبوء بما يمكن أن يحدث، في ظل ظروف يدخل فيها المتغيران (القلق وتقدير الذات). من هنا يمكننا أن نقرر (إن الصياغة الكافية للفروض النظرية، يجب أن تزود مستخدم النظرية، بتحديد واضح للعلاقة بين هذين الفرضين).
3 ـ لأن الهدف من النظرية هو كالهدف من الفرض، تمهيد السبيل إلى مزيد من البحث، فإن الوضوح هو أمر هام في وضع النظرية، لذلك يجب أن تشتمل النظرية، على تعريفات واضحة جدا (وكثيرا ما تسمى هذه التعريفات، بالتعريفات الاجرائية) في مقابل التعريفات النهائية (إذ إنها تحاول ان تحدد العمليات التي يمكن بها قياس المتغيرات) (وإذا كانت النظرية ستسهم في نهاية الأمر في علم تجريبي، فلا بد أن تتوفر لها طريقة للترجمة التجريبية).
ج- وظائف النظرية:
وليست هذه التي سنذكرها فقط وظائف النظرية، وإنما هي أيضا شروط النظرية، إذ النظرية التي لا تؤدي هذه الوظائف، ليست نظرية أبدا.
وهي، أولا، كما الفرض إذ تقوم النظرية بتسليط الأنوار على مناطق مظلمة من الموضوع، وتوجه الإنسان إلى ملاحظة علاقات لم تلاحظ من قبل.
(إن جوهر أي علم، يكمن في اكتشاف علاقات تجريبية ثابتة بين الوقائع، والمتغيرات، ووظيفة النظرية أن تدفع خطي هذه العملية بطريقة منظمة).
و(في الحالة التالية، تسمح النظرية باشتقاق فروض نوعية قابلة للاختبار، وهذه بدورها تؤدي إلى دراسات تجريبية نوعية). ومن هنا نعرف أن أهم صفة تتسم بها النظرية هي توجيه الباحث إلى مسار البحث والسماح له بمزيد من التجربة، ولذلك من هنا فلا بد أن تكون النظرية ممكنة التجربة أو الاستدلال، ولا تكون كالنظريات الفلسفية، التي لا يمكن قياسها أو تقييمها.
ثانيا، لأن النظرية هي مرحلة معينة، من البحث، فلا بد أن تكون هناك تجارب سابقة عليها، وتجارب لاحقة. بالنسبة إلى التجارب اللاحقة، لا بد أن تكون النظرية هادية إليها، مثيرة للدواعي إلى التثبت عنها، وبالنسبة إلى التجارب الماضية يجب ان تكون جامعة لها، ومستوحاة منها. (إن النظرية وسيلة لتنظيم وتكامل كل ما هو معروف عن مجموعة متصلة من الوقائع، فالنظرية الكافية للسلوك الذهني يجب أن تكون قادرة على تنظيم كل ما هو معروف عن الفصام وغيره، في أشكال الذهن، في إطار مفهوم ومنطقي. كما أن نظرية التعلم الكافية يجب أن تتضمن بطريقة متناسقة جميع النتائج الموثوق بها، والتي تتناول عملية التعلم. إن النظريات تبدأ دائما، بذلك الذي تمت ملاحظته وتقريره).
ثالثا، لأن النظرية تقوم بجمع الوقائع، إلى بعضها في علاقة متبادلة، فإنها تنظم هذه الوقائع في خطوط معينة، وهذا التنظيم ينفع الباحث في القدرة على الملاحظة، إذ لو كانت المشاهدات، أو الفروض، غير منتظمة، احتار الباحث بينها وتعقد بسببها (بينما تسمح النظرية للملاحظ القيام بالتجربة، من التعقيد الطبيعي بطريقة، تتسم بالكفاية، والتنظيم). من هنا، لا تكون النظرية نافعة، إلا إذا كانت ذات وضوح كامل، خصوصا فيما يتصل بالفروض، التي يجب التجربة فيها. وكلمة أخيرة، النظرية تتسم بطابع إجرائي، بمعنى أنها ليست صادقة أو كاذبة، بل نافعة أو غير نافعة، وبقدر ما تفيدنا النظرية في فتح مجالات جديدة للبحث، تكون نافعة. (إن النظرية، إما أن تكون مفيدة فقط، أو غير مفيدة فقط ويتحدد ذلك أساسا كما سوف نرى طبقا لمدى كفاءة النظرية، في توليد التنبوءات، أو القضايا المتعلقة بالوقائع الهامة. والتي يثبت التحقق منها).


يتبع.../.....

ترشه عمار
2010-11-07, 11:24
http://i50.tinypic.com/2h74379.gif



أسس التجربة:
التجربة، كما نعلم، تدخُّل بشري في ظروف وقوع الظاهرة، وهذا التدخُّل، يتم عن طريق تغيير في هذه الظروف، ثم ملاحظة التطورات، بوعي كامل، فأساس التجربة ـ إذا ـ هو تطوير الظروف وتغييرها. والتغيير يتم بعدة طرق:
أ ـ تغيير مصدر الظاهرة من مصدر إلى مصدر آخر، وذلك مثل ان نبحث عن الحرارة فننوع مصادر الحرارة من الشمس، إلى النار، إلى حرارة الكائن الحي، وهكذا.. وهناك نعرف الصفات العامة للحرارة التي لا ترتبط بتنوع مصادرها، ويدعى هذا بـ(قائمة الحضور) أي حضور الظاهرة بحضور مصدرها.
ب ـ تغيير في مصدر الظاهرة، من مصدر إلى عكس المصدر، أي ملاحظة الظاهرة في حالة وجود ذلك المصدر، وعدم وجوده، مثل ملاحظة الحرارة في حالة عدم وجود الشمس، أو عدم وجود النار، وهكذا.. وهذا يدعى بـ(قائمة الغياب).
ج ـ تتغير المصدر من ناحية الشدة أو الضعف ، مثل: قياس الحرارة مع استمرار النار، أو مع شدتها، أو مع ضعفها، أو ما أشبه، مما يمكن تغييره في مصدر الحرارة، ثم قياس مدى الاختلاف الذي ينشأ في الظاهرة، مع هذه التطورات وهذا يدعى بـ(قياس المتغيرات).
د ـ التغيير في محل المصدر، مثل قياس حرارة الشمس في أعلى الجبل، أو في أسفل الوادي، وهكذا مما يمكن تغييرها بسببه.
هـ ـ تغيير أي ظرف آخر متصل بالمصدر، أو متصل بالظاهرة، ثم ملاحظة ما إذا كانت الظاهرة مرتبطة بالمصدر، أم لا ومشاهدة نوعية هذا الارتباط، ومدى قوته وضعفه. من هنا نعرف أن تنويع الظاهرة، ومشاهدات التغييرات التي تطرأ عليها بسبب هذا التنويع، هو أساس التجربة. ومن هنا نجد أن كبار العلماء حينما أرادوا ان يتأكدوا من صحة ما افترضوه من صلة العلية بين مقدمات ونتيجة، حاولوا ان ينوعوا التجارب، كما نصح بذلك بيكون من قبل. فكانوا يستخدمون موادا مختلفة، حتى لا يكون لهذه الأمور العرضية دخل في إحداث الظاهرة. فجاليلو في بحثه لقانون سقوط الأجسام، قد استخدم أجساما من الحديد والنحاس والعاج الخ.. ونيوتن في تجاربه على البندول قد استخدم أنواعا مختلفة من البندولات، من الفضة، والنحاس، والمعدن، وكل هذا من أجل أن لا تكون الظاهرة قد حدثت لأسباب عرضية أخرى تتعلق بالمادة.

بين التجربة والملاحظة:
بين التجربة والملاحظة فرق بسيط، هو أن الملاحظة ترقب لظاهرة طبيعية، بينما التجربة ترقب لظاهرة يصنعها الإنسان. وهذا الفرق هو الذي يجعل التجربة أقرب إلى النتيجة العلمية، وذلك لأنها تتميز بعدة سمات:
أ ـ لأن التجربة، هي (صنع) الظاهرة، ولأن الباحث لا يصنع ظاهرة، إلا لهدف علمي مجرد، هو الكشف عن شيء معين، فإن التجربة تتم على عينات قريبة جدا إلى موضوع البحث. فالملاحظ، مثلا، يراقب بدقة البرق، والمجرب يصنع الشرارة الكهربائية والملاحظ لا يستطيع أن يرى البرق وحده، ودون ان يدوخه صوت الرعد، كما لا يمكنه أن يمدد وقت البرق ولا أن يراه، في وقت يتناسب مع ظروفه وحالاته، بينما المجرب يستطيع أن يصنع الشرارة وحدها وبدون إزعاج الرعد، وأن يمددها ويوقتها بزمن يتناسب معه، وتحديد الهدف، أهم ميزة للتجربة، ولذلك تكون التجربة التي لا هدف لها أشبه شيء بالملاحظة.
ب ـ الملاحظة مراقبة فوقية للظاهرة المركبة، من دون نفوذ إلى عناصرها الذاتية الداخلية، فهي لا تستطيع تحديد هذه العناصر بالدقة، ولا مدى تأثير كل واحد منها في صنع الظاهرة، فمثلا لا يستطيع المرء بملاحظة حالة الثورة في البلد أن يعرف مدى تأثير العامل الاقتصادي فيها، أو أي عامل آخر، إنما يستطيع أن يفهم صفات الثورة الخارجية.
بينما التجربة تحلل كل ظاهرة (مما يمكن تحليلها) إلى عناصرها الذاتية، وكأنها دراسة من الداخل للظاهرة، وبعدئذ تتعرف على نسبة كل عنصر في تكوين الظاهرة، فمثلا: يستطيع المجرب تحليل الماء إلى عنصريه، وتحديد نسبة كل عنصر إلى العنصر الثاني، وذلك كمقدمة لمعرفة خواص كل عنصر منهما. وبكلمة، التجربة دراسة من الداخل لعناصر الظاهرة وتحديد لنسبها وصفاتها.
ج ـ وكما تستطيع التجربة تحليل الظاهرة تستطيع تركيبها، ولكن ليس بالشكل الطبيعي، وذلك بهدف الوصول إلى عناصر جديدة بالمرة. من طريق التجربة، استطاع الإنسان أن يؤلف بين النحاس والقصدير والرصاص، ليصنع معدنا جديدا هو (البرونز)، واستطاع الإنسان أن يصنع ملايين التركيبات الكيمياوية، ذات الآثار المتنوعة.
د ـ والوقت الذي تختاره للتجربة، هو الوقت الذي يناسبك، بينما وقت الملاحظة يناسب الطبيعة، لأنها هي التي تصنع الظاهرة، كما أن المدة التي تستغرقها الظاهرة، والمكان، وسائر السمات، لا يمكن التحكم فيها في الملاحظة بعكس التجربة، مما يجعل الفرق بينهما كبيرا في النتائج، إذ ان الملاحظات تسبب في تدخل الأوضاع الشخصية للباحث في نتائج ملاحظته، بعكس التجربة، وبذلك: (نتائج الملاحظة تختلف باختلاف الملاحظين لأنهم ليسوا سواءاً في قوة حواسهم، وسرعة خاطرهم، وفي القدرة على فهم ما يلاحظون، أو تأوليه تأويلا علميا صحيحا).
ولكن مع ذلك تحتفظ الملاحظة، بقيمها البحثية في أمرين، الأول: إن التجربة لا يمكن حصولها في بعض العلوم كالسياسة والفلك والاقتصاد، الثاني: إن دراسة الظاهرة الطبيعية دراسة حية ميدانية، ولذلك فهي توحي إلينا بروح الطبيعة، والتي تحمل أكثر من مجرد فهم لنقطة واحدة، بل فهما شاملا لمسيرتها العامة، وبذلك يحتاج الباحث القدير إلى الملاحظة، لشمولها وحيويتها، ويحتاج إلى التجربة لموضوعيتها ودقتها، وهما بالتالي كجناحي طائر.

ترشه عمار
2010-11-07, 11:26
http://up.7cc.com/upfiles/97U01558.gif (http://www.mazikao.net/vb)
http://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gif (http://www.mazikao.net/vb)



الطرق الاستقرائية:
لقد قرر المناطقة السابقون طريقة الاستقراء، إلا ان أول من صاغها في أساليب واضحة كان بيكون، الذي كان يستهدف من أساليبه تحقيق هذا الهدف: حذف كل ما ليس بسبب، ليبقى السبب بلا منافس. ولهذا فهو يوصي باستعراض الفروض ومحاولة البرهنة على عدم صحة كل واحد منها، إما بالاستدلال العقلي، أو بالتجربة، وحينئذ يبقى الفرض الصحيح. والسؤال: كيف يتم حذف الفروض غير الصحيحة وإبقاء الفرض الصحيح؟ الجواب بأمرين:
الأول: بأن نأتي ببرهان ضد كل فرض، فإذا ثبت البرهان، سقط الفرض غير الصحيح، وهذا ما يسمى عندهم بـ(البرهان الضد) وفيه يقول الدكتور بدوي1: (نستبعد من الفروض ما لا يتفق يقينا مع الحقائق المسلم بها من قبل، أو القوانين الثابتة، ويتصل بهذا المنهج السلبي ما يسميه كلود برنارد باسم منهج برهان الضد ويتصل به أيضا ما يسمى باسم (التجريب على بياض) وذلك بامتحان الأجهزة في الأحوال العادية، أو الأوزان بحسب المعايير النموذجية، كإمتحان الترمومتر في درجة حرارة منتظمة، أو البارومتر في مستوى سطح البحر، أو الميزان بوضع ثقلين متساويين، نموذجين في كلتا الكفتين.
ووظيفة هذا الجانب السلبي من تحقيق الفروض، هو إسقاط الفروض الباطلة، وبأية طريقة ممكنة.
الثاني: إثبات صحة فرض، وذلك عن طريق تنويع التجربة عليه فمثلا: إذا كان الفرض هو ان الكائن الحي يبعث بحرارة لا بد من تجربة هذا الفرض في الشتاء والصيف، وفي مختلف أجزاء الكائن الحي، ومختلف أنواعه حتى يتم اثبات الفرض يقينا. هذه روح التجارب، اما وسائلها فهي التالية:

لوائح بيكون ومناهج مل:
هناك لوائح بيكون ومناهج مل، وهما يختلفان في أن مل أقرب إلى الطرق العلمية الحديثة من بيكون، لذلك نفضل الحديث مباشرة عن مناهج مل مع الإشارة العابرة إلى لوائح بيكون في الأثناء.

منهج الاتفاق:
ويدعوه بيكون بقائمة الحضور، ويعني حضور الظاهرة بأي سبب كان، ويدعي بيكون بقنص الظاهرة في الأحوال المتفرقة، وتسجيلها في قائمة واحدة، ليطلع بذلك على المصدر الحقيقي المشترك، بين المواقع المختلفة. والمثل الذي جاء به بيكون هو تسجيله لـ(28) ظاهرة حرارة من مصادر مختلفة، من حرارة الشمس، وحرارة الكائن الحي، وحرارة النار، وحرارة الاحتكاك. و.. و.. ولا بد من تسجيل الظاهرة دون الاعتماد على مجرد المشابهة، أو المعلومات المشوهة، وتتميز هذه المرحلة بتنويع مصادر الظاهرة، وبذلك تتاح لنا فرصة ملاحظة الظاهرة، في أحوال متفرقة جدا. ويسمي مل هذه الطريقة بـ(منهج الاتفاق) ويقول: علينا ان نلاحظ جميع الأحوال المولدة لظاهرة ما، لنعرف فيما إذا كان هنالك، عامل واحد، يظل باستمرار موجودا مع الموارد المختلفة، وحينئذ نعرف أن هذا العامل، هو السبب المباشر لتلك الظاهرة. (ويأتي مل) بمثل الندى الذي نلاحظه على الزجاجة، أو على لوحة معدنية، في أحوال مختلفة، عندما تنفخ عليها، وعندما يكون طرف منها أبرد من الطرف الآخر، وفي الليل، وعندما تستخرج اللوحة من بئر، وهكذا ان ظاهرة (الندى) نلاحظها في أحوال مختلفة مولدة لها، ثم نفتش عن ذلك العامل الواحد، الذي يستمر مع هذه الظاهرة في كل هذه الأحوال (وهو اختلاف درجة الحرارة بين الزجاجة، أو اللوحة، وبين الوسط الخارجي) ونعتقد أن هذا العامل هو فعلا، السبب لتوليد هذه الظاهرة. والتعبير العلمي لهذا المنهج هو: إذا كان أمامنا تواجد لظاهرة واحدة في أوضاع مختلفة، ورأينا ان كل شيء يتنوع في الأوضاع، سوى شيء واحد، نعرف أنه هو السبب.
مثال ذلك إذا عرفنا انه توجد ظاهرة في الأحوال التالية (أ ب ج) (أ د هـ) (أ و ز) عرفنا أن (أ) هو سبب الظاهرة لأن غيره تغير طبعا. هذا فيما إذا لم يكن هناك ما يتناسب والظاهرة، أي ما يمكن أن يكون سببا للظاهرة، والبرهان العقلي على صحة هذه الطريقة، هو أن هذه الظاهرة بحاجة إلى علة، ولا يوجد ما يمكن ان يكون علة، إلا هذا العامل الموجود باستمرار، لأن غيره يتخلف، والعلة لا تتخلف، فهذا هو السبب والعلة، وانتقدت هذه الطريقة بعدة أمور1.
من الضروري في هذه الطريقة ان يلاحظ الباحث جميع الظروف المحيطة بالظاهرة، حتى لا يشذ عن قلمه أي شيء، يمكن أن يكون هو السبب المباشر لوجود الظاهرة. وهذا صعب جدا، بل يكاد يكون مستحيلا، لأن الطبيعة معقدة إلى أكبر حد، وهي تحتوي على مجموعة هائلة من الأسباب، والمسببات المتشابكة المتداخلة، فلا يكفي مثلا، ان نقارن بين حالتين أو ثلاث حالات توجد فيها الظاهرة، حتى نكشف عن السبب في وجودها. ولكن هذا الانتقاد غير صحيح، إذ إنه يكاد يكون تحذيرا ولفت نظر للباحث، بأن لا يتسرع في الحكم، إذا وجد بعض الحالات، فوجد عاملا واحدا، مستمراً، إذ قد يكون هناك عامل آخر، خفي على المشاهد، ويكون هو السبب في ايجاد الظاهرة.
هذا بالإضافة إلى ان العقل يقوم بدوره ليحدد لنا إطار الإمكان، الذي يحتمل أن يوجد ـ خلاله ـ السبب، وهذا التحديد، ضروري هو الآخر، فليس من المعقول ان يكون السبب في حرارة اليد مثلا، وجود نار في داخل الجسم، بقدر ما يمكن أن يكون السبب فيها، وجود الحركة والإحتكاك. كما ليس من المحتمل، عقلا، ان يكون السبب هو يوم الجمعة الذي أجرينا فيه التجارب على الكائن الحي والإحتكاك.. وبتعبير آخر، حين يقوم العقل بحذف بعض الفروض، وتقوم التجربة بحذف الباقية إلا واحدا، حينئذ نحصل على معرفة يقينية بالسبب.
كان هذا نقدا لمنهج الاتفاق، والنقد الآخر يقول ليس من الضرروي أن يكون الظرف الوحيد، المشترك، سببا في وجود الظاهرة، لأن هذا الاتفاق قد يكون وليد الصدفة، أو يرجع إلى ان كلا من الظرف المشترك، والظاهرة المراد تفسيرها، نتيجة لسبب واحد، أو عائدا إلى وجود ظرف خفي، يكون سببا في وجود أحد الأمرين1. ولكن هذا النقد أشبه بتحديد دور منهج الاتفاق، إذ إن هذا المنهج إنما يصح، فيما لو عرفنا جميع الظروف المحيطة، وعرفنا ـ بالعقل أو التجربة ـ أن العامل الوحيد المستمر، هو هذا العامل، فنعرف، بوجود الملازمة، وهناك قد يهدينا العقل، بأن الأول سبب للثاني، أو العكس، ذلك أمر آخر.
يضاف إلى هذا، ان إحتمال وجود ظاهرة خفية ننفيها بالبحث الدقيق عنها ثم إن منهج الاتفاق يعتمد على سائر المناهج أيضا، وعلينا ان لا نقتصر عليه. ويشترط في هذا المنهج أمور: الأول، تحديد جميع الظروف المحيطة بالظاهرة. الثاني، تنويع الملاحظة قدر الإمكان. الثالث، الاستفادة من بصيرة التناسب في فهم السبب. وهذه الشروط هي خلاصة ما قلناه آنفا حول هذا المنهج.


يتبع....../.........

ترشه عمار
2010-11-07, 11:29
http://dc262.4shared.com/img/_T66tPbp/s3/0.13188968402816648/6060606.png (http://dc262.4shared.com/img/_T66tPbp/s7/0.09352714213006275/6060606.png)


http://dc252.4shared.com/img/354236562/c05b36e4/s3/0.4496974034894745/_online.gif (http://dc252.4shared.com/img/354236562/c05b36e4/s7/0.690615289770945/_online.gif)










منهج الاختلاف:
ويسميه بيكون بـ(قائمة الغياب)، ويريد منا ان نضع في مقابل كل حالة، من حالات الحضور، حالة من حالات الغياب مثلا: الحرارة (التي رتب بيكون قائمة لحالات الحضور فيها فأضفاها إلى 28 حالة) توجد مع وجود الشمس، وهذه حالة حضور ولكنها لا توجد مع غياب الشمس، وهذه حالة غياب مثل حالة الكسوف، أو في الليل. وفي المقارنة بين هاتين الحالتين نجد ان جميع الظروف المؤثرة واحدة، لا ظرفا واحدا، وهو طلوع الشمس، أو غيابها. فهناك اختلاف في شيء واحد، هو الذي سبب غياب الظاهرة، من هنا يسمي (مل) هذه الطريقة بـ(منهج الاختلاف) أي اختلاف حالتين في شيء واحد، بعد اتفاقهما في كل شيء آخر، وهذا المنهج يدعى (بالبرهان العكسي) وهو يتفق مع (معادلة التفنيد الرياضية)، وقد أشاد به كلود برنارد، وأعتقد بأنه التجربة الحقيقية، التي دعا إليها بيكون، إذ بيكون أراد بقائمتي (الغياب) و(الحضور) عملية واحدة، وجعل من قائمة الحضور تمهيدا لقائمة الغياب.
ويقدر ـ هذا المنهج ـ حسب تعبير مل، إذا اتفقت مجموعتان من الأحداث في كل الوجوه الا وجها واحدا فتغيرت النتيجة، ويقدر من مجرد اختلاف هذا الوجه، بأن ثمة صلة علية، بين هذا الوجه، وبين الظاهرة الناتجة. فإذا كانت لدينا مجموعة (ك ل م ن) تنتج ظاهرة ما، ومجموعة أخرى (ك ل م هـ) ثم نتج عن ذلك اختلاف في النتيجة، في حالة أخرى، فإنه يوجد بين (ن) و(هـ) صلة العلية1. وهذا المنهج دقيق لأنه نستطيع أن نحذف عاملا في مجموعة عوامل لنلاحظ فيما إذا كانت الظاهرة تبقى أم لا. فإذا ذهبت الظاهرة أيضا عرفنا أن هذا العامل هو المؤثر. ولكنه منهج يخص ـ في هذا الجانب ـ بعض العلوم، بالتي يستطيع ان يتحكم فيها الإنسان، كالطب والفيزياء، وما أشبه. وفعلا استفادت مثل هذه العلوم كثيرا من هذا المنهج، وقد استخدمها باستير في كشفه عن الميكروب، حيث إنه حينما افترض ان ظاهرة التعفن، ترجع إلى وجود حيوانات دقيقة ميكروسكوبية، تتطرق إلى الوسائل والأجسام، فتتغذى بها، وتتكاثر عليها. ثم أراد البرهنة على هذا الرأي، والرد على من سخروا منه، أخذ أنبوبتين ووضع في كل منهما كمية واحدة من محلول السكر، وعقمهما في ماء تزيد درجة حرارته على 100 سنتيجراد، ثم أغلق فوهة إحديهما وترك الأخرى مفتوحة، بعد أن اتخذ جميع ضروب الحيطة حتى تتفق جميع الظروف، في كلتا الحالتين، باستثناء ظرف وحيد، وهو ان إحدى الأنبوبتين تبقى معرضة للهواء، والأخرى غير معرضة له، وبعد ان ترك الأنبوبتين، مدة معينة من الزمن أعاد فحص السائل، في كل واحدة منهما، فوجد أن التعفن تطرق إلى سائل الأنبوبة المفتوحة، وإن السائل في الأنبوبة الأخرى ظل سليما، فكانت هذه التجربة حاسمة، لأنها برهنت بحالتين متناقضتين، على صحة فرضه القائل بأن الجراثيم هي سبب التعفن2. ان باستير استفاد من منهج الاختلاف، إذ ان وجود (ظاهرة) التعفن ارتبط بوجود عامل التعرض للهواء، وحيث لم يوجد (عامل) التعرض للهواء، ما وجدت ظاهرة التعفن.
ويشترط في هذه الطريقة تنويع التجارب إلى أكبر عدد ممكن، حتى لا يأتي احتمال وجود عامل خفي، يرتفع عند ارتفاع العامل الأساسي (صدفة) كما يشترط استخدام العقل لاستبعاد العوامل العرضية، غير ذات الوزن العلمي.
ويجب ان نحاول ربط هذا المنهج بالمنهج السابق، بمعنى جعل قائمة للحضور، وأخرى للغياب، واستخدام منهج الاتفاق ثم الاختلاف معا، لأن المنهج الأول يفيد تنويعا للملاحظة. بينما الثاني يفيد دقة فيها، والدقة والتنويع كلاهما ضروريان.

طريقة التلازم في التغيير:
وهي الطريقة التي سماها بيكون بقائمة التدرج، ويمكن تحديد هذه الطريقة بأنها:
(إذا لاحظنا ظاهرة تتغير كلما تغيرت ظاهرة أخرى، في حين تبقى سائر الظواهر المحيطة الممكنة التأثير فيها، غير متغيرة، نعرف أن هناك علاقة سببية، من نوع ما، بين هذه الظاهرة وتلك).
ومثل هذه الطريقة: لو رأينا أن ظاهرة نرمز إليها بـ(س)، مرت بحالات نقص وتمام وزيادة، نرمز إليها بـ(س) و(س) و(س) ثم فتشنا، عن الظواهر المحيطة، فلم نلاحظ أية ظواهر أخرى تغيرت هكذا، الا ظاهرة (ص)، حيث انها هي الأخرى مرت في نفس الحالات فكانت (ص) و(ص) و(ص) نعرف أن هناك علاقة بين (ص) و(س).
ومن هنا إذا رأينا، أنه كلما ارتفع القمر في السماء كلما ارتفع مد البحر، وكلما مال القمر إلى المغيب كلما هبط الماء في البحر، نعرف بوجود علاقة بين ماء البحر والقمر، علما بأننا لاحظنا سائر الظواهر المحيطة بماء البحر، وتغيراته فلم نجدها تتناسب مع تغيراتها. فلاحظنا الشمس، ولم نجد علاقة بين ارتفاع الشمس وارتفاع ماء البحر. ولاحظنا الهواء، فلم نجد علاقة بين هبوب الرياح وارتفاع المد، فعرفنا أن الظاهرة الوحيدة، التي تتناسب تغيراتها مع تغيرات البحر هو القمر. وهذه الطريقة تتناسب مع طريقة الاختلاف، حيث إن طريقة الاختلاف هي حذف الظواهر غير المرتبطة بالحدث، حتى نعرف الظاهرة المرتبطة به. وهذه الطريقة هي حذف الظواهر التي لا تتناسب تحولاتها مع تحولات الحدث لنعرف الظاهرة التي تتناسب تحولاتها مع تحولات الحدث. فطريقة التغيير النسبي نوع من طريقة الاختلاف، ولذلك تشتركان في كثير من الشروط. ويعتمد العلم الحديث على هذه الطريقة كثيرا وذلك لعدة أسباب:
أولا: لأنها دقيقة، حيث لا تكشف فقط عن وجود علاقة بين ظاهرة وأخرى، بل عن مقدار هذه العلاقة ونسبتها.
ثانيا: لأن العلم الحديث، لا يهتم كثيرا بمعرفة السبب والمسبب، بقدر ما يهتم بمعرفة العلاقة بين حدث وآخر، لكي يتم توظيفها عمليا في الحياة، وطريقة التغيير النسبي أفضل طريقة لمعرفة العلاقات.
ثالثا: لأن هذه الطريقة أيسر معرفة، وأسهل كشفا، إذ من السهل ان تقارن حدثا بحدث، وتلاحظ ارتباط تغيراتهما بالبعض، بينما من الصعب أن تحذف ظاهرة، أو عدة ظاهرات، للتعرف على السبب الحقيقي، كما في الطرق الماضية. من هنا استخدم باستير هذه الطريقة في الكشف عن الميكروب، فأخذ ثلاث مجموعات من أنابيب الاختبار، كل مجموعة منها عشرون أنبوبة، وملأها بسائل معين، ثم عقم هذه الأنابيب في ماء تزيد درجة حرارته على (100 درجة) وأغلق فوهاتها جميعا، ثم فتح هذه المجموعات، في أماكن تختلف درجة نقاء الهواء فيها، فوق قمة جليدية، فوق هضبة، في الريف، بالترتيب، فتبين له أن نسبة التعفن في المجموعة، التي فتحها في القمة كانت 1 من 20 أنبوبة، وكانت هذه النسبة في الهضاب 5 من 20، بينما بلغت نسبة التعفن في المجموعة، التي فتحها في الريف، حيث تقل درجة النقاء فيها 8 من 20، فعرف أن هناك علاقة مطردة، بين درجة تلوث الهواء، وسرعة تلوث المياه، واكتشف ان هذه العلاقة مرتبطة بالجراثيم، التي تكثر في الأجواء المتلوثة، وتؤثر في تعفن المياه. ولأنه من الصعب ضبط تغير الظواهر في الذاكرة، يجدر على الباحث أن يستخدم الرسم البياني، والجدول، حيث يساعدانه على ضبط التغييرات، ومدى نسبة ارتباطهما بالظواهر المحيطة


يتبع......../........

ترشه عمار
2010-11-07, 11:33
طريقة البواقي:
وهذه الطريقة اكشتفها مل دون بيكون، وهي طريقة تستخدم في أحد مجالين:
1- فيما إذا امتلكنا علما متقدما جدا، وعرفنا ظواهر عديدة، كل ظاهرة منها تسبب حدثا، وبقيت ظاهرة واحدة لا نعرف أثرها، ومن جانب آخر بقي أثر واحد لا نعرف سببه، فلا بد ان نعرف أثرها، عن طريق البواقي، إن هذه الظاهرة هي المسببة لهذا الأثر.
ولكن هذا ليس إلا نوعا من طريقة الاختلاف، إذا لم نجد ظاهرة تفسر هذا السبب، إلا هذه الظاهرة، وذلك حيث نعرف أن الظواهر الأخرى ليست سببا لها بالتأكيد.
2- فيما إذا لاحظنا تفسيرا لكل الظواهر، إلا ظاهرة واحدة، هنالك قد تهدينا طريقة البواقي إلى تفسير لها بالقياس إلى تفسير سائر الظواهر، ومثال ذلك: لما طبق الفلكيون القوانين الفلكية التي تحدد موقع أي كوكب، في أي وقت لاحظوا انحرافا في مدار الكوكب (يورانوس) بحيث لا يتفق هذا الانحراف، مع نظرية الجاذبية. وظاهرة الانحراف هذه لم تفسر بالطبع، بنظرية الجاذبية، وبقي علينا تفسيرها لسبب آخر، لهذا وضع لوفرييه هذا الفرض حيث قال: لا بد من وجود كوكب آخر، في هذا البعد، هو الذي يسبب انحراف مدار (يورانوس) وحدد موقع هذا الكوكب، وكتلته ومداره بطريقة رياضية اعتمادا على طريقة البواقي.
وفعلا وفق أحد علماء الفلك بعدئذ للكشف عن كوكب (نبتون)، وبذات الخصائص التي قالها لوفرييه سابقا. إن طريقة البواقي، هنا، كشفت لنا عن هذا الكوكب، بسبب وجود ظاهرة مباشرة واحدة، لم تفسر، حينما فسرت كل الظواهر الأخرى، وهي كانت ظاهرة الانحراف، في مدار كوكب (يورانوس).
وتبدو هذه الطريقة أنها تخلق لنا فروضا، أكثر مما تحدد لنا نظريات علمية، ولكن من حيث العموم نتمكن من القول: ان هذه الطريقة قد تكشف عن حقائق، فيما كانت الظواهر المحيطة واضحة التفسير، كما في حال كوكب نبتون.

http://www.ar-tr.com/vb/uploaded/11720_01233255443.gif (http://www.ar-tr.com/vb)



بين السبب والقانون:
إلا أن ما سبق لا يعني أننا نستعيض كليا عن السبب بفكرة القانون، والتي يميزها عن فكرة السبب.
إن القانون هو الجواب في الجوانب الخارجية للظاهرة، بينما السبب هو البحث عن الجوانب الداخلية منها. فالقانون يقول: إن ظاهرة المد ترتبط بعلاقة مطردة مع صعود القمر، وهذه العلاقة هي علاقة خارجية، إذ لا تعني سوى وجود ارتباط بين ظاهرة وأخرى، بينما فكرة السبب تسعى لتحليل هذه العلاقة والإجابة عن هذا السؤال: لماذا المد يرتبط بالقمر؟ والجواب لأن القمر له جاذبية، وللبحر إمكانية الانجذاب، وهذا هو السبب في جذب القمر لمياه البحر، وهذا الكشف بين لنا قوة داخلية في القمر، وقوة داخلية في البحر، والفائدة التي قد نستفيدها من هكذا كشف هي أن نبدأ نعمم السبب على أماكن ثانية فنستفيد من معرفتنا بجاذبية القمر في جذب القمر للأرض أو للنجم المذيل وهكذا، وقد قسم لالاند القوانين بأنواع ستة وهي:
1- الطبائع وتركيبات الأشياء، مثل: تركيب الجزئي أو تركيب الذرة، أو تركيب أي عنصر كيمياوي، وهذا أشبه شيء بالسبب.
2- الاضافات الثابتة الموجودة بين صفين أو سلسلتين من الظواهر المعينة بالنسبة إلى بعضها، تبعا للدالة (ص) و(س) وذلك مثل الجاذبية وانكسار الضوء وما أشبه.
3- مقادير عددية ثابتة، مثل سرعة الضوء، وطول الموجة.
4- اطرادات، بحيث توجد ظاهرة مع وجود ظاهرة أخرى، دون ان نعرف بالدقة، صلة علية بينهما، كما نجد مثلا أن الاجترار يتبعه كون الظلف مشقوقا.
5- أحداث دورية ينظر فيها إلى أوجه ثابتة في تطورها، بالنسبة إلى مجاميع مشابهة، كما يظهر، مثلا، في ظاهرة التيار، أو ردود الفعل الكيمياوية، أو ظواهر الهدم والبناء بالنسبة إلى الخلايا.
6- علاقات الإتجاه، كما في القانون الثاني من قوانين علم القوى الحرارية المعروف بقانون (كارنو)، وقانون نقصان الطاقة، حيث يوجد هناك إتجاه نحو النقصان أبدا في تطور الظواهر، ومثل قانون التطور الدارويني. والسؤال الآن: هل بإمكاننا أن نتخلص من فكرة السبب كليا؟
(أوجيست كنت) يقول: نعم، ويضيف: فما دام القانون يفسر الظواهر فمن العبث أن نتطلب من العلم أكثر من ذلك، فمن البديهي اننا لا نستطيع الوقوف بدقة على ذلك التأثير المتبادل بين النجوم، وعلى ثقل الأجسام الأرضية، وإن أية محاولة في هذا الصدد ستكون بالضرورة محاولة عابثة وغير مجدية تماما، وان العقول التي لا تربطها صلة بالدراسات العلمية، هي وحدها التي تستطيع ان تشغل نفسها اليوم بمثل هذا الأمر.
ولكن الواقع أن القانون هو خطوة في معرفة السبب، وان العلم يمكن ان يخطو إلى الامام ليصل إلى معرفة السبب، والعلم الحديث لا يبحث فقط عن الظواهر كيف ترتبط ببعضها، دون أن يبحث أيضا عن أنها لماذا ترتبط ببعضها؟ وما نجده في علم الكيمياء، وعلم التاريخ وعلم الاقتصاد والإجتماع من البحث عن خلفيات الظواهر، أفضل دليل على الصبغة العامة للعلم الحديث وأنها هي فهم الأسباب لا الظواهر فقط.
صحيح ان علم الفلك، حديث الظهور نسبيا، والذي يفتقر إلى تجارب كثيرة أخرى، حتى يتمكن من الوصول إلى معرفة ظواهر الفلك والعلاقات الضرورية فيها. هذا العلم لا يتمكن من معرفة الأسباب الكامنة وراء هذه القوانين بسرعة. إلا أن علم التاريخ أو علم الاجتماع أو علم النفس، يتمكن لا أقل من معرفة بعض الأسباب الداخلية التي تسبب هذه الظواهر.
أما بحث العلم عن القوانين فليس بحثا نهائيا، بل هو بحث مؤقت حتى يمهد له الطريق إلى معرفة الأسباب بل ـ بعكس ما يقول كنت ـ إن الذي تربطه صلة وثيقة بالعلوم الحديثة يعلم أن هناك صلة قربى بين القانون والسبب، بحيث يكاد يخفي الفارق بينهما، وان الطريق يسير من السبب إلى القانون، ومن القانون إلى السبب، بصورة أمواج علمية متداخلة فلا يكاد العلم يكتشف قانونا حتى يبحث عن سببه، وإذا عرف السبب كشف له السبب عن قانون آخر وهكذا.

ترشه عمار
2010-11-07, 11:35
بعد هذا الاستعراض يبقى السؤال الأهم وهو: ما هو ضمان الاستقراء؟ وكيف نثبت أن الظاهرة التجريبية التي وقعت مرة سوف تقع كل مرة في كل زمان ومكان؟ لقد سعى مناطقة كثيرون للوصول إلى ضمان كاف يستندون إليه باطمئنان في هذا المجال، وفيما يلي بعض هذه المساعي:
1- أول من سعى إلى ضمان الاستقراء بتحليل قضية العلية بطريقة عملية هو (لاشيليه) حيث انتهى إلى تقرير مبدأين:
أ- في كل سلسلة من الأحداث لا بد أن يعين وجود ظاهرة وجود ظاهرة أخرى.
ب- وجود ظاهرة في نظام معين لا يتعين تعيينا حقيقيا إلا بالنسبة إلى نظام الكون.
ويقصد من المبدأ الأول أن الظواهر الكونية مترابطة، بحيث يستحيل ان تبدو ظاهرة دون ان تسبقها ظاهرة أخرى ودون أن تلحقها ظواهر ثانية، وبهذا يكون الكون عبارة عن سلسلة من الظواهر المترابطة ولكن لا تبقى هذه الظواهر مترابطة بشكل سلسلة طويلة وبلا هدف، بل يكون الترابط بشكل دائري، يحده من كل جهة النظام العام، الذي جعل للكون كله. وهذا هو معنى المبدأ الثاني، الذي بدونه لا يمكن أن نحصل على العلم الحقيقي، وإذا أردنا ان نضرب لظواهر الكون مثلا لقلنا نفترض جسم إنسان وفيه ما لا تحصى من الخلايا وكل خلية نفترض أنها ظاهرة تحدث، وتتعين بظاهرة أخرى، التي هي هنا عبارة عن خلية ثانية (هذا هو المبدأ الأول). ولكن، هل تستمر الخلايا في التكاثر إلى ما لا نهاية؟ طبعا لا، بل سوف تتحدد الخلايا بقدرة الجسم على تحملها وبما في الجسم من ضوابط وقوانين عامة. تسبب في (تحديد) تسلسل الظواهر وهذا هو المبدأ الثاني عند (لاشيليه) الذي يقول:
هذا المبدأ هو مبدأ الغائية، والغائية هنا ليست بالمعنى المفهوم عادة من أن مجموعة أشياء تتجه نحو غاية نهائية، وإنما يقصد به أن ثمة نظاما يقتضي ترابط الأشياء على نحو ضروري، من شأنه أن يجعل الجزء الواحد يتوقف في تركيبه وطبيعته على الجزء الآخر، وبتعبير آخر: إذا كونت الظواهر نظاما فإن هذا النظام تقود فيه فكرة الكل فكرة الأجزاء، وطبيعة الكل تحدد وجود الأجزاء1. ولكن لاشيليه لم يبين لنا ـ بعد هذا الكلام كله ـ ما الدليل على صحة هذه الافتراضات ولماذا يجب علينا أن نعتقد ان الظواهر تعين بعضها وإنها تخضع لقانون عام؟ وهل أننا اكتشفنا هذه الحقيقة بالتجربة أم بالعقل وكيف؟
2- يبقى أن نسأل: ما هو نظر الإسلام كمنهج للمعرفة في هذا المضمار؟
قبل كل شيء يذكِّر الإسلام البشر بعقله ليتخذه مصباحا يكشف به غيب الحياة ـ وتماما كما أن كل شيء في البيت المظلم ينكشف بالمصباح، والمصباح ذاته لا يعرف الا بنفسه بعد الإلتفات إليه ـ فإن الإسلام يعتبر العقل أول ما يعرف، بيد أن معرفته لن تكون الا بذاته إذ كيف يتسنى للإنسان أن يكشف العقل وهو لا يملكه؟ بل كيف يكون العقل كاشفا للبشر عن كل شيء، ولا يكون كاشفا عن ذاته؟ هكذا يبدأ الإسلام معالجة أعقد مشكلة عند البشر من زاوية جديدة وبمنهج جديد، وذلك حين يأمر الإنسان بألا يحاول معرفة العقل إلا بذات العقل، إذ إنه سينحرف عن الطريق السليم لو أراد معرفته بالتوصيف أو بتصورات غريبة عنه، فليس العقل بعيدا عن الإنسان حتى يسعى الفرد إلى معرفته بشيء غريب، بل هو أقرب إلى الفهم من أي شيء آخر، لأنه هو الذي يكشف الأشياء الأخر.
إن الكشف الذاتي الذي يتصف به العقل، نابع من أن كل شيء ظاهر بسببه، فكل ما هو منكشف للبشر وظاهر له آية من آيات وجوده. ومن هنا كان على الإنسان الغافل عن عقله ان يستثير في ذاته أكبر كمية ممكنة من معارفه ليجد أنه لا يحيط بها علما لولا وجود (نور) لديه يكشفها وهو العقل، فالالتفات إلى آثار العقل، التي هي تلك المعارف التي يكشفها العقل للإنسان هذا الالتفات هو أقرب وسيلة لمعرفته.
وإذا استيقظ العقل في ذات الإنسان كان من أبرز صفاته الإيمان بذاته، والثقة التامة بما يكشفه من حقائق.
خلاصة القول، إن الإسلام ينطلق من منهجه من قاعدتين:
1- التذكرة بأن معرفة العقل هي بداية معرفة معارف الإنسان الأخرى.
2- التوجيه بأن معرفة العقل لا تتم إلا بالعقل نفسه، وذلك عن طريق إثارة ومقارنة بعضها بالبعض.
وحين يتعرف الإنسان على العقل، يستطيع أن يميز العلم الصحيح عن الخيال الفارغ، فالعقل يحكم باستحالة التناقض والتضاد، وقبح الشر والظلم، وبصحة الأشياء التي يحس بها الإنسان، وأخيرا يتسطيع ان يرد كل حادثة إلى سببها. كما يتأكد العقل من أي هاجس في النفس أنه حق أم باطل، بعد أن يعيده إلى مصدره.
والإسلام أولى جانب الحس أهمية مناسبة حيث دعا إلى النظر في آيات الباري والسير في أرض الله، ولكنه أولى العقل أكثر اهتمامه، لأنه موجه الحس ولنفترض أننا أبعدنا العقل لحظة واحدة من مجال الحس لنرى كيف نتخبط في الضلالات حتى لا نستيطع كشف أية حقيقة، مهما كانت ضئيلة، بواسطة الحس وحده، بل ان نكران العقل يدعونا إلى التشكيك في وجود أية حقيقة وراء الحس، بل قد ينتهي بنا إلى الشك في ان الحس شيء نابع من الأعصاب ذاتها. بمعنى أن العين لا تبصر الحقائق الخارجية إنما هي تصنع حقائق وتبصرها، فإن لم يكن لدينا نور يحكم بأن مصدر الإحساس لا بد أن يكون حقيقة خارجية ـ لأنه لا يمكن وجود سبب له ـ لو لم يكن هذا النور موجودا لدينا فإن أية حجة لا تقدر على اثبات الحقائق وراء الإحساس.
وصرح العلم، الذي نفتخر به اليوم، يقوم على أساس التجربة، والتجربة تقوم على قاعدتين: الحس والعقل. إن الحيوان لا يمكنه أن يكتشف من تجاربه علما، مع أنه يحس ربما أشد وأقوى. فالكلب ذو سمع شديد والصقر ذو بصر نافذ، لكنهما يفتقران إلى التجارب لأنهما يحسان فقط دون ان يعقلان (حسهما).
ثم إننا لا نملك في أي قانون من قوانينا العلمية، التجربة الشاملة التي تحصي جميع أفراد الظاهرة، دعنا نفترض قانون التجاذب الذي بشر به نيوتن، هل جرب مكتشفه كل تجارب الكون؟ كلا، فهذا مستحيل، ان ما فعله لم يتعد اجراء التجربة على بضعة حوادث حتى حصلت له القناعة التامة بأن أية حادثة أخرى، لا تعدو أن تكون مثل تلك التي جربها.
وهذه القناعة من أين حصل عليها؟ من أين استطاع قياس ما يأتي بما مضى؟ أفليس لحكم عقله بالمعادلة التالية:
إن التجربة الماضية دلت بطريق الحس على وجود تجاذب بين جسم وجسم مخصوصين، وإن هذا التجاذب ليس صدفة وإنما هو بسبب وجود علة في الأجسام، وحسب عدة ملاحظات على أنواع من الأجسام عرفنا وجود هذه العلة فيها، فدل على أن كل الأجسام ذات قوة تتجاذب بها.
ترى، كم من حكم عقلي اشترك على إعطائنا هذا القانون العلمي؟ ومع أننا لا نرتاب في هذه الأحكام فإن أحدا منا لا يدعي أنه قد جربها هي الأخرى، وأنه لولا التجربة لم يكن يعترف بها.
خلاصة القول: ان الإسلام ـ حين يذكرنا بالعقل، ويوجه الفرد إلى نوره وهداه، يؤمن العقل بذاته، وبما يكشفه لنا وفي طليعته الإيمان بمبدأ ثبات الظواهر، والذي يفيدنا في فكرة (السنة) الإسلامية. ان أبسط دليل على صحة فكرة السنة هو الضرورة العقلية التي تتسم بها هذه الفكرة، وهذه الضرورة هي من مكتشفات العقل، والعقل ذاته ثقة وإيمان لا يمكن الشك فيه، والدليل على ذلك، هو ذاته ليس أكثر. من هنا نعرف إن نظرية راسل في فكرة القانون هي نظرية غير صحيحة.

ترشه عمار
2010-11-07, 11:38
يقول راسل:
إن فكرة الضرورة فكرة عقلية إنسانية، ومن ثم فإن القول بوجودها في العلاقات السببية أو غيرها، معناه أن الإنسان يخلع على الطبيعة إرادة شبيهة بإرادته.
وادعى راسل أنه يمثل الفكرة العلمية المعاصرة، واعتمد على عدة أمثلة عجيبة لينكر وجود العلاقات السببية بين الأشياء الطبيعية، فهو يريد منا ألا نستنبط مثلا من جر الحصان للعربة، أو رفع الإنسان لأحد الأثقال بيديه، دليلا على وجود قوى في الطبيعة، لأن مثل هذه الأفعال هي التي دفعت بالناس قديما وحديثا إلى القول، بوجود قوى مؤثرة في الطبيعة، وإذن لا سبيل إلى فهم الطبيعة ـ في ظنه ـ الا إذا جردناها من تلك الفكرة الإنسانية لأن الطبيعة ليست ـ حسب خبرتنا الحسية ـ سوى حوادث تتعاقب أو تتعارض دون أية ضرورة. وهنا ينبغي أن نقف قليلا لنتساءل:
1- ما هي الضرورة عند راسل وأنصاره، تلك التي ينكرها، هل معناها: ان الكرة التي تتدحرج أمام ضربة اللاعب، ليس الضرب علة مطلقة في دحرجتها؟ نقول (نعم) ولكن أليس هناك واقع فرض حدوث هذه الظاهرة بحيث إنه لو تكرر لتكررت؟! إذا قال راسل: لا، فنحن نعارضه، وإن قال: نعم، فنحن معه. وفعلا هو يؤمن بذلك حين يقول: إن الأمر في الطبيعة ليس فوضى مع أنه وصف العلاقة السببية بأنها علاقة اطراد.
فإذا كانت علاقة اطراد فإن هناك ضرورة في هذا الإطراد، وهذا ما يجب ان نؤكد عليه من أن هناك شيئا يفرض هذا الإطراد.
2- ثم إن العقل يؤمن بالضرورة، ولذلك يثق ثقة كاملة لا ريب فيها بحدوث ظاهرة عندما تحدث الظواهر ذات العلاقة السببية بها، مثل ظهور الاحتراق لدى ظهور النار وموجبات الحريق.
إن راسل أراد ان يتوغل في فهم الضرورات، التي يؤمن بها العقل فتعقد عبثا وكان من الأفضل له ان يهتدي بنور العقل مباشرة ودون اللف والدوران.

http://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gif (http://www.mazikao.net/vb)


القانون:
قبلئذ فرقنا بين القانون والسبب، وكان القانون هو التعبير عن العلاقات الخارجية للأشياء، بينما السبب هو التعبير عن القوى الداخلية فيها.
وعلينا الآن أن نلقي نظرة خاطفة على أنواع القوانين.. في البدء ينقسم القانون إلى:
أ- قوانين رياضية، وهي التي تعبر عن طبيعة العلاقة دون أن تكون متجسدة في الأشياء، كالقوانين الحسابية والهندسية.
ب- قوانين طبيعية، وهي التي تعبر عن علاقات الأشياء الواقعية ببعضها.
أما عن القوانين الرياضية فالحديث مرهون بالفصل الخاص به من هذا الكتاب.
بينما القوانين الطبيعية تنقسم بدورها إلى:
1 ـ الربط بين ظاهرتين تسبق الواحدة الثانية وتنعكس تغيرات الأولى على الأخرى، كما يؤثر الماء في ذوبان السكر.
2 ـ الربط بين ظاهرتين تتبادلان التأثير بينهما، فكل منهما تؤثر في الثانية كالتفاعلات الكيمياوية بين المواد.
3 ـ الربط بين ظاهرتين تقترنان في الوجود دون ان تؤثر إحداهما على الأخرى كاقتران السواد في البشرة بتجعيد الشعر مع أن كلتي الظاهرتين متأثرتان ليس ببعضهما، بل كل واحدة بعامل ثالث. والقسم الأول من القوانين هو القسم الذي يدور عنه حديث السبب عادة إذ نسمي الظاهرة المؤثرة بالسبب، والظاهرة الثانية بالمسبب. وقد تقدم في الفصل السابق حديث مطول عنه ويسمى هذا النوع بالقوانين السببية. بقي القسمان الآخران وهما: القوانين المقترنة والقوانين الوظيفية.

ترشه عمار
2010-11-07, 11:43
http://img529.imageshack.us/img529/9026/kansign.jpg (http://www.mazikao.net/vb)


http://up.7cc.com/upfiles/97U01558.gif (http://www.mazikao.net/vb)
http://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gifhttp://img216.imageshack.us/img216/4702/43961226ws8.gif (http://www.mazikao.net/vb)





صياغة القوانين:
يتجه العلم الحديث إلى التدقيق في صياغة القوانين والتعبير عنها، ذلك لأن كثيرا من الأخطاء العلمية كانت ناشئة من التعبير عن المعلومات، فكانت المعلومات القليلة تعبر عنها بما يوهم أنها معلومات كثيرة.
فمثلا، يعلم الواحد منا وجود علاقة بين عشرة من الناس وبين البياض ولكنه يعبر عن هذه العلاقة بأكثر من حجمها فيقول: كل إنسان أبيض، ويرجع الفضل في هذا التعميم إلى ضعف قدرة الفرد على التعبير. إذ إنه حين يسأل كيف عبرت عن عشرة بالكل يقول: أليس معنى الكل (عشرة)؟
لذلك وجب أن نهتم في جعل صيغة القوانين مطابقة لحجم معارفنا عنها حتى لا ندخل في التعبير أكثر مما نعلمه يقينا، وحين نجد في كثير من الكتب العلمية الحديثة أو القديمة تدقيقات في (معنى) الألفاظ، خصوصا تلك الألفاظ المستخدمة في العلوم الطبيعية فإنه إتجاه صحيح، الهدف منه الدقة في التعبير عن القوانين. كما أن الدعوة الحديثة التي أخذت تنصحنا إلى ترويض العلوم جميعها ـ أي جعلها تتبع لغة الرموز تماما كما تفعل الرياضيات ـ هذه الفكرة إنما نشأت بسبب الصعوبات التي يجدها الباحثون في التعبير عن القوانين، حيث إن الألفاظ قد تخون ولا تقدر على (ضبط) المعلومات بالدقة الكافية. من هنا وجب على الباحث ان يكون دقيقا في صياغة القوانين، التي يتوصل إليها حتى لا تعبر الا عن مقدار المعلومات وحدودها بالضبط ويمكن ذلك باتباع التعاليم التالية:
* لا بد من اتضاح الفكرة وبلورتها في الذهن، بحيث يستشعر الباحث نفسه بحدود فكرته وأبعادها، ويتم هذا النضج عادة عندما يقدر الباحث توضيح الفكرة بدون عناء للآخرين، إذ قد يزعم الفرد ان معرفته بمواضيع ناضجة، ولكنه يكتشف غير ذلك فور ما يسعى لشرح الموضوع للآخرين.
* اعتماد الأرقام والبيانات والنسب في التعبير عن الحقيقة، حيث إنها تضع الباحث على مقربة من الواقع. فمثلا، لو قلنا: ثلاثة من كل عشرة من أهل الكويت هم من أصل سعودي كنا أقرب إلى التعبير عن الحقيقة، لو رسمنا خطا قصيرا وإلى جانبه خط طويل للبيان عن نسبة السعوديين في أهل الكويت. وهذا بدوره أضبط مما لو قلنا أقل من نصف أهل الكويت من أصل سعودي. وهو كذلك أضبط من القول ان بعض أهل الكويت من أصل سعودي.
* اعتماد الأرقام والبيانات والنسب في التعبير عن الحقيقة، للفجوة الموجودة بين ما تدل عليه الأرقام (أو الإحصائية) وبين الواقع. فمثلا إذا أردنا التدليل على أن بعض أهل الكويت من أصل عربي خالص دون بعضهم الآخر، فأوردنا إحصائية عن أهله النازحين من السعودية، وقلنا ان 30% من السعودية يوهمنا بأن الآخرين أي 70% هم من أصل فارسي، بينما الحقيقة إن الإحصاء إنما يكشف عن جانب من الحقيقة، ولذلك يجب تنبيه القارئ عن علاقة الإحصاء أو النسب بجوهر القانون.
* وفي الأمور التي لا تخضع للأرقام (كالقضايا الاجتماعية والنفسية والمعارف الفلسفية)، لا بد من اعتماد التعابير الواضحة والتدقيق فيها ونبذ التعابير الأدبية الفضفاضة كالمصطلحات العلمية الغامضة.ومن هنا فإن دراسة الرياضيات واللغة، ضرورتان لفهم القوانين العلمية والتعبير عنها.
والتركيب وهو نوعان:
أ- التركيب العقلي:
وتعريفه أن تربط بين فكرتين لتكشف فكرة ثالثة. كما تربط بين (فكرة) ان الإنسان عاقل و(فكرة) أن العاقل قادر على الاختراع لتكشف: أن الإنسان قادر على الاختراع (وهذه فكرة ثالثة).
وهذا التركيب بؤرة القياس المباشر وغير المباشر، الذي نتحدث عنهما في فصل القياس.
بيد أن التركيب العقلي يعني أيضا افتراض خطة تركيب مادي قبل البدء به إذ ما من تركيب مادي في الواقع إلا ويسبقه تركيب عقلي، بمعنى أن الإنسان يفكر في تركيب الأجزاء إلى بعضها ثم يبدأ بذاك.
ب- التركيب المادي:
والهدف من التركيب المادي قد يكون معرفة الخصائص التي تنطوي عليها العناصر وهذه من أنواع التجربة الفجة، بينما قد تكون الغاية من التركيب المادي اثبات نظرية سابقة. كما إذا أردنا التحقق من فكرة أن الماء مركب من عنصري الأوكسجين والهيدروجين. هنالك أمامنا طريقتان للتثبت، الأولى: تحليل قدر من الماء إلى عنصرين، والثانية: تركيب العنصرين حتى يتحولان إلى ماء وهذا النوع هو التركيب المادي.
ويمكن التمثيل له أيضا بالتأليف بين معادن مختلفة بنسب معينة من النحاس والرصاص والقصدير. وهذا النوع من التركيب التجريبي هام جدا باعتباره وسيلة إلى الاختراع، وهناك علاقة متبادلة بين التحليل والتركيب بمعنى أن كلا منهما يؤدي وظيفة الآخر، ولذلك وجب ألا ننظر إليهما كما لو كانا عمليتين تختلف إحداهما عن الأخرى تماما، بل على اعتبار أنهما مظهران لعملية واحدة بعينها، وهي تمثل التفكير الإنساني في جملته، حقا قد يغلب أحد هذين المظهرين على الآخر، ولكن ليس من الممكن ان يستقل أحدهما عن الآخر تماما، فلا بد للتحليل من التركيب والعكس بالعكس. فإن الغلو في التحليل ينتهي بالمرء إلى نسيان ان الظواهر الطبيعية ليست من البساطة إلى الحد الذي يتصوره، ولأن الغلو في التركيب يؤدي إلى وضع فروض سريعة تقوم على أساس الملاحظات الخاطئة والآراء الوهمية.


http://www.almodarresi.com/images/p3logoright.jpg


اسم الكتاب: المنطق الإسلامي أصوله ومناهجه
المؤلف: آية الله السيد محمد تقي المدرسي
الناشر: دار البيان العربي - بيروت ، لبنان
اللغة: عربي






http://s53.radikal.ru/i142/0901/0b/2cdf41862e80.gif



http://i061.radikal.ru/1004/be/fce0eaa43560.gif

mouloud69
2010-11-07, 13:37
شكرا جزيلا ....و لكن الملاحظ على هذه الدروس انها لا تتماشى و المقرر الجديد في مادة الفلسفة....

ترشه عمار
2010-11-07, 20:50
http://img132.imageshack.us/img132/7051/95540309jm1.gif


http://reddodo.com/cellphones/spring/?sesid=VDVUbnpqS254YlBVeFRudmppclNqNmNhNlQrajEzODc rYVh6Z1k4dVJuYVBXY3RNM0NDNDhPYzNJOWdrc3dtUEtacHZ2N kNpQjViYytiS1ZhZHdiOE9SK1daNkpCeDVCU0VDRENjcHBzaFY vT3hGRQ==



بوركت اخي مولود....لكن عند العودة الى الكتاب المدرسي الجديد....ابتداءا من الصفحة 70 للعلوم التجريبية...اقرا على مسامعك..العناصر التالية

كيف ينطبق الفكر مع الواقع
-مفهوم الاستقراء و انواعه
-خطوات المنهج التجريبي
1-الملاحظة
2-الفرضية
3-التجريب
-قواعد المنهج التجريبي/ الطرق الاستقرائية الاربعة
-القانون و مبدا السببية.....الخ


واظن بالعودة الى الدروس العشر...بتسلسها لم اخترق
منهج الكتاب المدرسي ....بل شارح له...ومفصل لعناصره...ملتزم بنظامه

كما اشرت على راس الصفحة الاولى..باني لست كاتبا...بل ناقلا لجزء من

من كتاب: المنطق الإسلامي أصوله ومناهجه
المؤلف: آية الله السيد محمد تقي المدرسي....بتصرف..اي اخذت مايتماشى و المقرر فقط...وتجاهلت العناصر التي لا تخدمه



تحياتي.....

imad.gatel
2010-11-08, 11:47
مرجع عظيم وناقله عظيم شكرا جزيلا.

ترشه عمار
2010-11-10, 13:04
http://alfaris.net/up/61/alfaris_net_1281444297.gif
شكرا....اختي imad.gatel (http://www.djelfa.info/vb/member.php?u=139104).على ردودك الطيبة ووجودك في هذه الصفحة

يارب رحمتك
2010-11-10, 13:15
اخي الكريم ممكن رد ولو بسيط وصغير في موضوعي ؟

ارجو التوجيه في موضوعي الاخير :http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=420286

ولم افهم لم تضعون الدروس مالفرق بينها وبين الكتاب المدرسي ؟

hasnihasni5001
2011-02-14, 13:44
http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRCjpIk2IoSaTw5vjn1ysZOHk5VIHf1M AWQ45XXBHW42TC2E67OsA&t=1

amira3914
2011-02-14, 13:46
ربي يخليك يا معلم