wessam12
2010-11-06, 21:11
التمهيد
جهود علماء المسلمين في مجال القيم الخلقية.
لقد كان لعلماء الشريعة من مفسرين ومحدثين وفقهاء جهود طيبة في مجال القيم الخلقية لتعلق دراستهم وبحوثهم –ولا سيما المفسرين- بالكتاب والسنة الذين اشتملا على الكثير من الأوامر والتوجيهات الخلقية.
وليس المقصود من هذه الفقرة تتبع تلك الجهود ورصدها وإنما التنبيه إلى عناية السلف بهذا الجانب المهم وسبقهم إلى معالجة كثير من مباحثه وقضاياه.
ولا أدل على اهتمامهم بالآداب والأخلاق من إفرادهم مؤلفات مشتملة على آداب خاصة للمشتغل ببعض العلوم أو المتقلد لبعض الأعمال والوظائف؛كآداب حملة القرآن وآداب المحدث، وآداب الفقيه والمتفقه، وآداب القاضي والمفتي والكاتب والوزير وهكذا (1).
جهود المفسرين:
تناول المفسرون الآيات القرآنية المشتملة على توجيهات خلقية –وهي كثيرة جداً- بالتفسير والتحليل وضرب الأمثلة والشواهد وسياق الأحاديث والآثار المتعلقة بالمعنى ترغيباً في الالتزام, وحفزاً على العمل.
مثال ذلك ما ذكره ابن كثير (2) رحمه الله في قول الله تعالى:
( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (3) , فقد ساق بعد أن أجمل القول في معنى الآية بضعة عشر حديثاً في التوجيه إلى هذه الأخلاق الكريمة الرفيعة, وفضل العمل بها, منها:
- قوله عليه الصلاة والسلام: (ليس الشديد بالصرعة ، ولكن الشديد الذي يغلب نفسه عند الغضب) (4)
- وقوله عليه الصلاة والسلام للذي قال: أوصني قال:(لا تغضب) (5), وقوله عليه الصلاة والسلام: (ثلاث أقسم عليهن ما نقص مال عبد من صدقة ، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا, ومن تواضع لله رفعه الله) (6), إلى آخر ما ذكره رحمه الله (7).
كما كان لبعضهم – ولا سيما من عني بالأحكام الشرعية كالإمام القرطبي (8) رحمه الله – جهداً في بيان حدود العلم بالقيمة الخلقية وضوابطها ونحو ذلك (9).
على أن دراساتهم ومعالجاتهم للقضايا الخلقية لم تأت على ترتيب وتنسيق وإنما تبعاً لسياق الآيات ومواضع ورودها.
(1) انظر: حاجي خليفة – كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ج1 ص38 - 48, دار الفكر, طبع سنة 1402هـ.
وإنما قدمت بهذه الـملحوظة لأن بعض من ألف في آداب بعض العلوم هو من المشتهرين بغيرها كالإمام النووي رحمه الله صاحب كتاب آداب حملة القرآن, فهو معدود من المحدثين.
(2) هو: إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي حافظ مؤرخ فقيه, توفي بدمشق سنة 774هـ, الزركلي – الأعلام 1/320, دار العلم للملايين – بيروت ط7 سنة 1986م.
(3) سورة: آل عمران, الآيتين 133-134.
(4) متفق عليه, انظر: ابن حجر –فتح الباري (10 /518), دار المعرفـة- بيروت النووي, شرح صحيح مسلم ج5 ص468, دار الشعب- القاهرة.
(5) أخرجه البخاري – ابن حجر – المرجع السابق (10 / 519).
(6) أخرجه الترمذي وغيره بنحوه, المباركفوري – تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ج6 ص616, المكتبة السلفية – المدينة المنورة ط2 سنة 1385هـ.
الألباني –صحيح الجامع الصغير وزيادته (3 /61), المكتب الإسلامي- بيروت ط3 سنة 1402هـ.
(7) ابن كثير – تفسير القرآن العظيم ج1 ص 404- 406, دار أحياء التراث العربي بيروت سنة 1388هـ, وانظر أمثلة أخرى في: الطبري – جامع البيان في تفسير القرآن (5 / 206-209), (6 / 31 – 32), دار المعرفة – بيروت سنة 1406هـ, القرطبي – الجامع لأحكام القرآن (2/174), (4/250 – 253), دار أحياء التراث العربي, بيروت سنة 1965م.
(8) هو:محمد بن أحمد الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي المالكي من كبار المفسرين والفقهاء, مات سنة 671هـ, عبد الحي بن العماد الحنبلي–شذرات الذهب في أخبار من ذهب 4/10, المكتبة التجارية– بيروت, الأعلام5/322.
(9) انظر على سبيل المثال: القرطبي – الجامع لأحكام القرآن (18 / 27- 28).
الحلقة (1) التمهيد (39 زائر)
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, أما بعد:
فإن القيم الخلقية تعد أحد الركائز الرئيسة في البناء الإنساني, ذلك أنها تتناول جميع مظاهر السلوك الفردي والاجتماعي, فهي تضبط الفرد وتوجه سلوكه إلى ما يعود عليه بالخير, وتحفزه إلى الترقي في مراتب الكمال والسعي الجاد إلى معالي الأمور ومحاسن الأعمال, وهي ضرورة اجتماعية تضمن للناس التعايش في أمن واستقرار, وتكاتف وتعاون.
ومالمعائب التي تلحق بالأفراد والمصائب التي تحيق بالعباد والبلاد إلا أثراً لغياب القيم الخلقية عن توظيف مواهب النفس, وتوجيه سلوك الناس.
والقيم الخلقية في الإسلام ركيزة من ركائز الدعوة, فعن طريق التعامل الخلقي القويم فتح الله لهذا الدين قلوباً غلفاً وأعيناً عمياً وأسماعاً صماً, كما قال تعالى: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ...) (1).
ولقد أدرك أعداء الإسلام أهمية الأخلاق وأثرها في توجيه حياة المسلمين وتقوية أواصر المحبة والألفة بينهم فعملوا بما أتوا من قوة وبما تهيأ لهم من وسائل على إفسادها وهدمها, وسلكوا لذلك طرقاً أهمها:
1- العمل على قطع صلة القيم الخلقية بالمصادر الأصلية بإظهار الإعجاب بالأفكار الفلسفية وتعظيم من تبناها من المفكرين, وتشويه أو جحود الدراسات الأصيلة القائمة على الكتاب والسنة, وغمط أهلها.
2- السعي في تيسير الشهوات المحرمة التي تضعف صلة المسلم بربه وتفت في إيمانه بالله ويقينه بالدار الآخرة, فلا ينشط لفضيلة ولا يرغب في إحسان.
وقد تحقق لهم بعض ما أرادوا فقد استجد في المجتمعات الإسلامية اليوم نتيجة عوامل داخلية وأخرى خارجية تبدل في المفاهيم وضياع للموازين وانقلاب للقيم, حتى أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً, فكان من نتيجة ذلك أن انغمس كثير من الناس في الشهوات المحرمة, وانحرفوا عن جادة الصواب مع عدم الشعور بالذنب أو الرغبة في الإصلاح، يحدوهم الجهل بمصادر التلقي ومضان الاقتداء, فتفرقت بالناس الأهواء, وتشتتت بهم السبل, ويمموا وجوههم شرقاً وغرباً سيراً مع الركب وخوفاً من الانتقاد وجبناً عن المواجهة، لذا صارت الحاجة ملحة لإبراز القيم الخلقية في الإسلام وبيان مصادرها الأصلية وخصائصها المميزة وأمثلتها الحية وآثارها الجلية في النظم الإسلامية.
أسباب اختيار الموضوع:
نحت الدراسات في الأخلاق عند المتقدمين مناحي فلسفية, متأثرة بالفلسفة اليونانية, مع محاولة بعضهم التوفيق بينها وبين أحكام الشريعة كما فعل مسكويه (2) .
وكان لعلماء السلوك جهد في هذا المجال ومن أبرزهم الغزالي الذي قيل عن فكره في هذا الجانب: أنه برزخ بين المسلمين والفلاسفة, ففيه فلسفة مشوبة بإسلام, وإسلام مشوب بفلسفة.
أما الدراسات الحديثة فهي أيضاً قليلة العناية بهذا الجانب, ويمكن تحديد وجهتها إجمالاً في الأمور التالية:
1- كثير منها يتخذ من أعمال القدماء موضوعاً لبحثه كالدراسات العديدة لابن مسكويه والغزالي.
2- أن بعضها يعالج الموضوع بقصد الوعظ.
3- كثير من المؤلفين يكتفي بوضع فصل عن القيم والأخلاق ضمن كتب الحضارة والعقائد والثقافة الإسلامية.
على أن ثمة دراسات قيمة ومفيدة في هذا الباب, منها رسالة الدكتور محمد عبد الله دراز, دستور الأخلاق في القرآن, ومنها رسالة الدكتور مقداد يلجن, الاتجاه الأخلاقي في الإسلام على أن استفادتي منهما كانت محدودة لأسباب منها التباين في خطة البحث ومجال الدراسة.
لذا لأهمية هذا الجانب وحاجة جملة من أجزائه إلى البحث والدراسة والتأصيل, أحببت أن أكتب فيه.
وقد جاء هذا البحث في مقدمة وتمهيد وبابين وخاتمة.
- المقدمة: وفيها بيان أهمية الموضوع, وأسباب اختياره والمنهج المتبع في البحث.
- التمهيد: وفيه لفت الأنظار إلى جهود علماء المسلمين رحمهم الله من مفسرين ومحدثين وفقهاء في هذا المجال.
- أما الباب الأول: فهو عن "قيم الإسلام الخلقية" وقد احتوى على فصلين:
الفصل الأول: عن مفهوم قيم الإسلام الخلقية ومصادرها, وقد تضمن أول مباحثه تعريفاً بالقيم وبالأخلاق في اللغة وفي الاصطلاح, ثم تحديد المقصود بالقيم الخلقية, وبيان الأقرب في تعريفها.
وتناولت في المبحث الثاني: مصادر قيم الإسلام الخلقية, فبينت فيه مدى صلاحية الفطرة والضمير مصدراً من مصادر القيم الخلقية, كما نبهت على مكانة القرآن والسنة, وبينت أنهما الميزان الذي توزن به سائر التصرفات والأفعال فما وافقهما فحق وخير, وما خالفهما فباطل وشر.
ثم تناولت في مطلب آخر العرف والمصلحة المرسلة والاستحسان, وبينت مكانة كل واحد من هذه المصادر وموقعه الصحيح في الاستناد إليه كمصدر من مصادر القيم الخلقية في الإسلام, وقد قدمت لكل مصدر من هذه المصادر بتعريف موجز به, وطرف من أقوال العلماء فيه.
الفصل الثاني: عن خصائص قيم الإسلام الخلقية وضوابطها, وتناولت فيه أبرز خصائصها, مع الإشارة إلى شيء من ثمار كل خصيصة من هذه الخصائص وقد حرصت على الاقتصار على ما يتعلق بالخصيصة المعينة, وقد اضطر لذلك حتى لا ينجر الحديث منها إلى ما هو متعلق بغيرها من الخصائص, هذا في المبحث الأول.
ثم في مبحث آخر تناولت ضوابط القيم الخلقية في الإسلام, وهي الحلال والحرام والمباح والمكروه والندب والتفضل, وبينت وجه كونها ضوابط وأشرت إلى أهميتها, وضرورة الأخذ بها ومراعتها.
- وأما الباب الثاني: فهو عن "آثار قيم الإسلام الخلقية" واشتمل على فصلين:
الفصل الأول: عن آثار قيم الإسلام الخلقية في صياغة المجتمع الإسلامي, وتحدثت في مبحثه الأول عن أثرها في السلوك, وبينت فيه نماذجها الفريدة, وأمثلتها الحية وثمارها الخيّرة, وذلك من خلال الممارسات الفعلية والتطبيقات العملية من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم, والصحابة والتابعين.
أما المبحث الثاني فهم عن آثارها في النظم, وبينت فيه أبرز هذه الآثار من خلال الحديث عن: نظام الأسرة, والمعاملات وعلاقة السلم والحرب ونبهت فيه على أهمية القيم الخلقية في كل جانب من هذه الجوانب والآثار الحسنة المترتبة على الأخذ بها, والنتائج السيئة والعواقب الوخيمة الحاصلة من إهمالها أو الإخلال بها.
والفصل الثاني: عن آثار قيم الإسلام الخلقية في صياغة المجتمع الإنساني, وتناولت فيه أهم آثارها على المجتمعات الإنسانية سواء في ذلك من أخذ بها, أو عاش في ظل سيادتها وتفيء ظلالها, أو من قدر له الاحتكاك بأهلها, أو الاستمداد من منابعها.
- ثم الخاتمة وفيها أهم نتائج البحث.
هذا وقد حرصت في هذه الدراسة على أمور أهمها:
- الرجوع إلى المصادر الأصلية في كل فن مست الحاجة إلى الرجوع إليه والاقتباس منه.
- اعتماد ما صح سنده من الأحاديث والآثار قدر الاستطاعة, لأن فيه الغنية والكفاية, ثم هو أصدق في التدليل, وأقوى في الحجة, وأبلغ في التأثير.
- التنبيه في الغالب على درجة الحديث إذا لم يكن في الصحيحين أو في أحدهما بالإشارة إلى من صححه من أهل العلم من المشتغلين بهذا الشأن من المتقدمين أو المعاصرين, وقد أكتفي بالتنبيه على وجوده في بعض الكتب المشتملة على الأحاديث الصحيحة كصحيح الجامع الصغير وزيادته, وسلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني.
كما أني أرجع في الغالب إلى الشرح كفتح الباري وعون المعبود ونحوها لأنها الأكثر تداولاً, لما اشتملت عليه من حكم على الأحاديث وشرح لها وتنبيه على من خرج الحديث من الأئمة الآخرين ولذا أكتفي بالإحالة إلى أحد هذه الشروح لا جميعها قصداً للاختصار ولحصول المقصود بذلك عدا ما رواه الشيخان فإني أشير إلى موضعه في كل واحد منهما.
- الحرص على عدم الإطالة والاختصار والإيجاز في ذكر الأمثلة والشواهد.
- التقديم لكل فصل بتمهيد يحدد المقصود, ويبين المراد, ويزيل ما قد يوجد من غموض أو إشكال.
وبعد فإني أحمد الله تعالى أن وفقني إلى هذا الموضوع, وأعانني على إنجازه, وأسأله تعالى المزيد من فضله.
***
د/عبدالله بن محمد العمرو
(1) سورة آل عمران آية رقم (159).
(2) انظر: د.أخمد عبد الرحمن إبراهيم- الفضائل الخلقية في الإسلام ص 17, دار العلوم – الرياص ط1 سنة 1402هـ.
د. زكي مبارك – الأخلاق عند الغزالي ص 58, المكتبة العصرية- بيروت.
مقدمة (128 زائر)
جهود المحدثين والفقهاء
جهود المحدثين:
جاءت الأحاديث في السنة عن الأخلاق مفصلة ومبسوطة عنها في القرآن الكريم, وحيث تولى المحدثون ترتيب الأحاديث وتبويبها, فقد أفردوا لما يتعلق بالجانب الخلقي كتباً وأبواباً مستقلة من مؤلفاتهم, فهذا الإمام البخاري (1), رحمه الله يفرد كتاباً من صحيحه للأدب, وكذا الإمام مسلم (2) , أفرد جزءاً من صحيحه لأحاديث الآداب ومكارم الأخلاق, كما ضم جامع الترمذي (3) أبواباً في الأدب والصلة, كما فعل هذا غيرهم ممن عني بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن مظاهر العناية بهذا الجانب أيضاً أن أفرد بعض الأئمة أحاديث الآداب والأخلاق في مؤلفات مستقلة وهي على قسمين:
الأول: خاصة بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ككتاب الشمائل المحمدية للإمام الترمذي رحمه الله, وكتاب أخلاق النبي وآداب للأصبهاني رحمه الله (4) .
الثاني: عامة في الآداب والأخلاق الإسلامية ومنها الأدب المفرد للإمام البخاري رحمه الله, ومكارم الأخلاق ومعاليها للحافظ الخرائطي (5) رحمه الله.
وقد عني جماعة من الأئمة والحفاظ كالقرطبي وابن عبد البر (6) ، والنووي، والحافظ ابن حجر وغيرهم بشرح كتب السنة كالصحاح والسنن، فتناولوها بما اشتملت عليه من مباحث في الأخلاق بالشرح والتحليل والبيان فجاءت على درجة من الدقة لاعتمادها على الكتاب والسنة.
جهود الفقهاء.
لا تبعد جهود الفقهاء في هذا الباب عن غيرهم إلا أن معالجتهم لقضايا الأخلاق لم تفرد في أبواب مستقلة في كتب الفقه وأمهاته بل جاءت تابعة لبعض الأبواب كالنكاح والنفقات والمعاشرة والطلاق ونحوها, تنبيها على أهمية الأخلاق ووجوب توفرها, أو تحذيراً من إهمالها والإخلال بها وذكر ما يترتب على ذلك من أضرار وأحكام.
وأما الجهد البارز لهم فيتمثل في المؤلفات المفردة في الآداب الشرعية والأخلاق الإسلامية, كأدب الدنيا والدين للماوردي(7) , والآداب الشرعية والمنح المرعية لابن مفلح (8) إلا أنها لم تأت خالصة في قضايا المعاملة بين الخلق بل مشتملة بالإضافة إلى ذلك على مباحث أخرى كالحديث عن الخوف والرجاء والرضا والتوبة وأحكام اللباس والأغذية وغيرها ولعل من أسباب إدخالها في مثل هذه المؤلفات هو النظر إلى الأخلاق والآداب الإسلامية بمعناها الواسع أي بما يشمل سائر علاقات الإنسان مع ربه ومع نفسه ومع الناس(9).
(1) هو محمد بن اسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي, أبو عبد الله البخاري, جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث, مات سنة 256هـ.
ابن حجر – تقريب النهذيب – 468, دراسة ومقابلة محمد عوّامة – دار الرشيد ج حلب الطبعة الأولى سنة 1406هـ.
(2) مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري, الإمام الحافظ صاحب الصحيح, مات سنة 261هـ, تقريب التهذيب 529.
(3) هو محمد بن عيسى بن سورة الترمذي, الإمام الحافظ العلم, مات بترمذ سنة 279هـ, الذهبي – سير أعلام النبلاء 13/270, تحقيق شعيب الأرناؤوط, مؤسسة الرسالة بيروت ط 4 سنة 1406هـ, تقريب التهذيب 500.
(4) هو عبد الله بن محمد بن جعفر, أبو محمد المعروف بأبي الشيخ الأصبهاني, الإمام الحافظ, محدث أصبهان, توفي سنة 369هـ, سير أعلام النبلاء 16/276.
(5) هو أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد السّامري الخرائطي, الإمام الحافظ المصنف, مات بيافا سنة 327هـ, سير أعلام النبلاء 15/267, ابن كثير – البداية والنهاية 11/190, مكتبة المعارف – بيروت.
(6) هو يوسف عبد الله محمد بن عبد البر النمري الأندلسي القرطبي المالكي, حافظ المغرب, توفي 463, سير أعلام النبلاء 18/153, البداية والنهاية 12/104.
(7) هو علي بن محمد بن حبيب أبو الحسن الماوردي, أقضى قضاة عصره, توفي سنة 450هـ, شذرات الذهب 3/285, الأعلام 4/327.
(8) هو محمد بن مفلح بن محمد المقدسي الحنبلي, أعلم أهل عصره بمذهب الإمام أحمد, مات سنة 763هـ, شذرات الذهب 6/199, الأعلام 7/107.
(9) يأتي إن شاء الله تقرير ذلك عند التعريف بالأخلاق في الاصطلاح في أول مباحث هذه الرسالة.
- ملحوظة: لم أتقدم بذكر الأمثلة والشواهد خشية التكرار لورودها في ثنايا هذا البحث وفيها التدليل على عامة ما ذكر في هذا التمهيد.
الحلقة (2) جهود المحدثين والفقهاء (44 زائر)
مفهوم القيم (1-2)
الفصل الأول: مفهوم قيم الإسلام الخلقية ومصادرها.
المبحث الأول: مفهوم قيم الإسلام الخلقية .
لنصل إلى مفهوم قيم الإسلام الخلقية نعرّف أولاً بالقيم ثم بالأخلاق مع الإشارة إلى مفهوم كل منهما في الفلسفة لأنهما من جملة مباحثها.
أولاً: مفهوم القيم
1- القيم في اللغة:
القيم: جمع قيمة(1) " وأصل القيمة الواو, ومنه: قومت الشيء تقويماً, وأصله أنك تقيم هذا مكان ذاك"(2).
فأصلها قَوَمَ قال ابن فارس(3): "القاف والواو والمقيم صحيحان, يدل أحدهما على جماعة ناس – قوم وأقوام – وربما استعير في غيرهم, والآخر على انتصاب أو عزم – قام قياماً –"(4).
قال في القاموس: "القيمة بالكسر: واحدة القيم, وماله قيمة إذا لم يدم على الشيء, والقَوام: العدل وما يعاش به, والقِوام: نظام الأمر وعماده وملاكه"(5).
وقال الراغب(6) في المفردات "القيام والقوام: اسم لما يقوم به الشيء ويثبت كالعماد والسناد, لما يعمد ويسند به(7) " كقوله تعالى: (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً)" (8).
2- القيم في الفلسفة:
"يطلق لفظ القيمة من الناحية الموضوعية على ما يتميز به الشيء من صفات تجعله مستحقاً للتقدير كثيراً أو قليلاً, فإن كان مستحقاً للتقدير بذاته, كانت قيمته مطلقة, وإن كان مستحقاً للتقدير من أجل غرض معين كانت قيمته إضافية"(9).
وقد جرت عادة الباحثين في نماذج القيم وصنوفها بأن يردوها إلى ثلاث هي الحق والخير والجمال(10), ومع أن هذا التقسيم ليس محل اتفاق بين الباحثين, حيث أضاف بعضهم قيماً جديدة, كما شكك آخرون في بعض هذه القيم(11), إلا أن "تقسيم القيم إلى ثلاث قيم هي الحق والخير والجمال هو ما ارتضاء غالب من عرض لمشكلة القيمة (12) " وتختص فلسفةالأخلاق بالبحث عن الخير.
واختلف في طبيعة القيمة في هذه الأوصاف:
- فقيل أنها صفة عينية في طبيعة الأقوال والأفعال والأشياء, وعليه فهي ثابتة لا تتغير بتغير الظروف والملابسات, وبهذا قال المثاليون العقليون(13), وبهذا المعنى تطلب لذاتها.
- وقيل أنها صفة يخلعها العقل على الأقوال والأفعال والأشياء طبقاً للظروف والملابسات, وبالتالي تختلف باختلاف من يصدر الحكم, وبهذا قال الطبعيون(14) (15).
وأحدث الاتجاهات الفلسفية ترجح كون هذه القيم عينية على كونها معاني عقلية(16).
(1) الفيروز آبادي: القاموس المحيط (4/168), دار الفكر بيروت.
(2)ابن فارس, معجم مقاييس اللغة, تحقيق غبد السلام هارون (5/43), ط 2 سنة 1392هـ.
3))هو أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي من أئمة اللغة والأدب ولد سنة 329هـ, وتوفي سنة 395هـ.
(4) ابن فارس – معجم مقاييس اللغة (5 /43).
(5) الفيروز آبادي: القاموس المحيط (4/168).
(6) هو الحسين بن محمد بن المفضل الأصفهاني – أو الأصبهاني – المعروف بالراغب أديب من الحكماء العلماء سكن بغداد وتوفي سنة 502هـ, الأعلام 2/255.
(7) الراغب الأصبهاني, المفردات في غريب القرآن ص 416 – 417, دار المعرفة للطباعة والنشر, بيروت.
(8) سورة: النساء (5).
(9) د. جميل صليبا, المعجم الفلسفي (2 /213), دار الكتاب اللبناني ط 1 سنة 1971م.
(10) د. توفيق الطويل, أسس الفلسفة, مكتبة النهضة المصرية ط 3.
(11) قال بعضهم بالقيمة الدينية قيمة رابعة, مثل شيلر ماخر, وأضاف غيره القيم السيكلوجية والقيم التاريخية كما شك مونتاج وغيره في اعتبار الحق قيمة ذاتية, إلى غير ذلك من الآراء, انظر في تفاصيل ذلك: د. توفيق الطويل المرجع السابق ص 304.
د. صلاح قنصوه, نظرية القيمة في الفكر المعاصر ص 47- 48, دار الثقافة بالقاهرة 1981م.
(12)د. صلاح قنصوه, نظرية القيمة في الفكر المعاصر ص 47- 48.
(13) المثالية العقلية: مذهب يقوم على إنكار التجربة مصدراً للمعرفة بالحقائق الثابتة والقيم المطلقة على السواء, أو وسيلة لإدراكها بل العقل أو الحدس هو أداة إدراكها واكتشافها: فقوامه رد كل وجود إلى الفكر, فوجود الشيء مرهون بقوى الإدراك ويقابل المذهب الواقعي, وهو في الأخلاق يشير إلى وضع مثل أعلى أو مبدأ أسمى ينبغي أن يسير بمقتضاه السلوك الإنساني.
مجمع اللغة العربية – المعجم الفلسفي ص170 القاهرة, الهيئة العامة لشئوون المطابع الأميرية 1399هـ.
د. صلاح قنصوه, نظرية القيمة ص 109.
(14) الطبعيون نسبة إلى المذهب الطبعي الذي يرد الأشياء إلى الطبيعة وحدها ويفسر كل شيء في ضوئها ويرجع الظواهر كلها إليها ويستبعد كل مؤثر يجاوز عالم الطبيعة, وفي الأخلاق يفسر الحياة الخلقية بأنها امتداد للحياة البيولوجية, وأن المثل الأعلى تعبير عن حاجات الفرد وغرائزه.
مجمع اللغة العربية – المرجع السابق ص 177.
(15)المرجع السابق ص 151, مختصراً.
(16) انظر: توفيق الطويل, أسس الفلسفة ص 305.
الحلقة (3) مفهوم القيم (1-2) (168 زائر)
مفهوم القيم (2-2)
3- القيم في الإسلام:
جاء استعمال لفظ القيمة قي الفكر الإسلامي في حدود مدلولاته في اللغة, معبراً به عن قدر الشيء وأهميته, سواء في الماديات أو المعنويات, فقيمة الشيء: قدره وقيمة المتاع ثمنه, ويقال: ما لفلان قيمة: أي ماله ثبات ودوام على الأمر(1).
ومن أمثلة استعمالها, قول الله تعالى: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (2), أي الدين المستقيم, وقوله: {رَسُولٌ مّنَ اللّهِ يَتْلُو صُحُفاً مّطَهّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيّمَةٌ } (3) أي عادلة مستقيمة محكمة(4), وقوله تعالى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَاتَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} (5), وقال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا * قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً} (6).
وقد جاء استعمالها في القرآن كثيراً في وصف الله تعالى دينه وكتابه مبيناً قدرهما ومنبهاً إلى ما فيهما من هداية وخير وإقامة ورعاية لمصالح الناس وشؤونهم.
ثم استعملت في الكتابات الحديثة للدلالة على المثل والمبادئ الإسلامية, وعرف بعضهم القيم بأنها: "المعايير أو الموازين التي تكشف عن قيمة الأفعال والأشخاص والمذاهب"(7).
وفي هذا التعريف نظر لأنه عرف الشيء بنفسه, حيث جاءت القيمة في تعريف القيم, فاتفق المعرّف والمعرّف, وشرط المعرّف أن يكون أوضح, حتى يتبين به معنى الشيء.
والذي يظهر أن القيم: صفات ذاتية في طبيعة الأقوال والأفعال والأشياء, مستحسنة بالفطرة والعقل والشرع.
(1) مجمع اللغة العربية, المعجم الوسيط (2/ 768), المكتبة الإسلامية, تركيا.
(2) سورة: البينة (5).
(3) سورة: البينة (2),(3).
(4) الطبري, جامع البيان في تفسير القرآن (12/169).
القرطبي, الجامع لأحكام القرآن (20/ 143- 144).
(5) سورة: الروم (30).
(6) سورة: الكهف (1),(2).
(7)د. أحمد عبد الرحمن إبراهيم, فكرة تطور القيم الخلقية وموقف الإسلام منها, ص 9 من محاضرات قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لعام 1402هـ.
الحلقة (4) مفهوم القيم (2-2) (66 زائر)
مفهوم الأخلاق (1-3 )
ثانياً: مفهوم الأخلاق.
1-الخلق في اللغة:
أصلها خلق, قال ابن فارس " خلق: الخاء واللام والقاف أصلان أحدهما: تقدير الشيء, والآخر: ملاسة الشيء.
- فأما الأول: فقولهم خلقت الأديم للسقاء, إذا قدرته.
وقال زهير: (1).
ولأنت تفرى ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لايفرى(2).
ومن ذلك الخُلُق, وهي السجية, لأن صاحبها قد قُدّر عليه, وفلان خليق بكذا, وأخْلِق به, أي ما أخْلَقه, أي هو ممن يُقدر فيه ذلك.
والخَلاق: النصيب, لأنه قد قُدر لكل أحد نصيبه.
ومن الباب: رجل مُخْتَلَق: تام الخلق, والخَلْق: خلق الكذب, وهو اختلاقه واختراعه وتقديره في النفس, قال الله تعالى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } (3).
- وأما الأصل الثاني: فصخرة خَلْقاء, أي ملساء, ويقال: اخلولق السحاب: استوى, ومن هذا الباب: أخْلَق الشيء وخَلِق: إذا بلي, ومن ذلك أنه إذا أخلق أملاسّ وذهب زئيره(4)
وقال ابن منظور(5): " قال أبو بكر الأنباري (6): الخلق في كلام العرب على وجهين: أحدهما الانشاء على مثال أبدعه, والآخر التقدير, وقال في قول الله تعالى: { فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } (7), معناه: أحسن المقدرين وقوله تعالى: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ} (8), خلقه: تقديره ولم ير أنه يحدث معدوماً(9).
والخُلُق: الدين والطبع والسجية(10), ويطلق على صفات النفس الباطنة, قال ابن منظور: "وحقيقته أنه لصورة الإنسان الباطنة, وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها, بمنزلة الخَلْق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها(11).
وقال الراغب: "الخَلْق والخُلُق في الأصل واحد, كالشَرْب والشُرْب ولكن خص الخَلْق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر, وخص الخُلُق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة(12).
2- الخلق في الفلسفة:
يبرز في الدراسات الفلسفية اتجاهان رئيسان في محاولة الكشف عن مفهوم الأخلاق:
الأول: وتمثله النظرية الفلسفية التقليدية للأخلاق, وهي تنظر إلى علم الأخلاق باعتباره علماً معيارياً, أي يدرس ما ينبغي أن يكون عليه السلوك الإنساني, فيضع بذلك قوانين الأفعال الإنسانية ومثلها والمبادئ العليا لها.
وهذا الاتجاه هو المعتمد بين جمهرة الأخلاقيين في فهم هذا العلم وتحديد منهجه.
الثاني: وتمثله النظرية الوضعية التي تبناها بعض علماء الاجتماع حيث أصبحت الأخلاق عندهم هي مجرد "القواعد السلوكية التي تسلم بها جماعة من الناس في حقبة من حقب التاريخ(13).
وقد كان للفلاسفة في الإسلام إسهام في تعريف الخلق من حيث ارتباطه بالنفس وعلاقته بالسلوك.
فعرّفه مسكويه (14), بأنه: "حال للنفس داعية لها إلى أفعالها من غير فكر ولا رويّة", قال: "وهذه الحال منها ما يكون طبيعياً من أصل المزاج, ومنها ما يكون مستفاداً بالعادة والتدريب(15)
وعرفه الغزالي (16)فقال: "الخلق عبارة عن هيئة في النفس راسخة, عنها تصدر الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية, فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة المحمودة عقلاً وشرعاً سميت تلك الهيئة خلقاً حسناً, وإن كان الصادر عنها الأفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي المصدر خلقاً سيئاً(17)
(1)هو زهير بن أبي سلمى ربيعة بن رباح المزني من مضر حكيم الشعراء في الجاهلية, مات قبل البعثة.
ابن حجر – الإصابة (3 /279), ذكره في ترجمة ابنه كعب رضي الله عنه, الزركلي, الأعلام (3 /52).
(2) المعنى: أنك إذا قدّرت أمرأ قطعته وأمضيته, وغيرك يقدّر مالا يقطعه لأنه ليس بماضي العزم, وأنت مضاء على ماعزمت عليه, انظر: ابن منظور, لسان العرب (10/879).
(3) سورة: العنكبوت (17).
(4) ابن فارس – معجم مقاييس اللغة (2 /113- 114).
(5) محمد بن مكرم بن علي, ابن منظور الأنصاري الأفريقي الإمام اللغوي الحجة ولد سنة 630 وتوفي سنة 711هـ.
ابن حجر – الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (4/262), مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بالهند ط1 سنة 1350هـ, الأعلام (7/108).
(6) أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري الإمام اللغوي, المقرئ النحوي, مات ببغداد سنة 328هـ, سير أعلام النبلاء 15/274, البداية والنهاية (11/196).
(7) سورة :المؤمنون (14).
(8) سورة: آل عمران(49).
(9) ابن منظور, لسان العرب ج10 ص 85.
(10) ابن منظور, المرجع السابق (10/89), الفيروز آبادي, القاموس المحيط (3 /229).
(11) ابن منظور, المرجع السابق (10/86).
(12) الراغب الأصفهاني – المفردات في غريب القرآن ص 158.
(13) د. مصطفى حلمي, الأخلاق بين الفلاسفة وحكماء الإسلام ص 10,
د. توفيق الطويل, أسس الفلسفة ص 372.
(14) أحمد بن محمد بن يعقوب اشتغل بالفلسفة والمنطق أصله من الري توفي سنة 421هـ.
الأعلام ج1 ص211.
(15) مسكويه, تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق ص 41, المطبعة المصرية ومكتبتها ط 1.
(16) محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي يلقب بحجة الإسلام فيلسوف متصوف ولد وتوفي في خراسان (450-505هـ).
جمال الدين الأسنوي – طبقات الشافعية (2 /242), مطبعة الإرشاد بغداد سنة 1391هـ., شذرات الذهب ج 4 ص10.
(17) الغزالي إحياء علوم الدين (3 /53), دار المعرفة, بيروت 1402هـ.
جهود علماء المسلمين في مجال القيم الخلقية.
لقد كان لعلماء الشريعة من مفسرين ومحدثين وفقهاء جهود طيبة في مجال القيم الخلقية لتعلق دراستهم وبحوثهم –ولا سيما المفسرين- بالكتاب والسنة الذين اشتملا على الكثير من الأوامر والتوجيهات الخلقية.
وليس المقصود من هذه الفقرة تتبع تلك الجهود ورصدها وإنما التنبيه إلى عناية السلف بهذا الجانب المهم وسبقهم إلى معالجة كثير من مباحثه وقضاياه.
ولا أدل على اهتمامهم بالآداب والأخلاق من إفرادهم مؤلفات مشتملة على آداب خاصة للمشتغل ببعض العلوم أو المتقلد لبعض الأعمال والوظائف؛كآداب حملة القرآن وآداب المحدث، وآداب الفقيه والمتفقه، وآداب القاضي والمفتي والكاتب والوزير وهكذا (1).
جهود المفسرين:
تناول المفسرون الآيات القرآنية المشتملة على توجيهات خلقية –وهي كثيرة جداً- بالتفسير والتحليل وضرب الأمثلة والشواهد وسياق الأحاديث والآثار المتعلقة بالمعنى ترغيباً في الالتزام, وحفزاً على العمل.
مثال ذلك ما ذكره ابن كثير (2) رحمه الله في قول الله تعالى:
( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (3) , فقد ساق بعد أن أجمل القول في معنى الآية بضعة عشر حديثاً في التوجيه إلى هذه الأخلاق الكريمة الرفيعة, وفضل العمل بها, منها:
- قوله عليه الصلاة والسلام: (ليس الشديد بالصرعة ، ولكن الشديد الذي يغلب نفسه عند الغضب) (4)
- وقوله عليه الصلاة والسلام للذي قال: أوصني قال:(لا تغضب) (5), وقوله عليه الصلاة والسلام: (ثلاث أقسم عليهن ما نقص مال عبد من صدقة ، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا, ومن تواضع لله رفعه الله) (6), إلى آخر ما ذكره رحمه الله (7).
كما كان لبعضهم – ولا سيما من عني بالأحكام الشرعية كالإمام القرطبي (8) رحمه الله – جهداً في بيان حدود العلم بالقيمة الخلقية وضوابطها ونحو ذلك (9).
على أن دراساتهم ومعالجاتهم للقضايا الخلقية لم تأت على ترتيب وتنسيق وإنما تبعاً لسياق الآيات ومواضع ورودها.
(1) انظر: حاجي خليفة – كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ج1 ص38 - 48, دار الفكر, طبع سنة 1402هـ.
وإنما قدمت بهذه الـملحوظة لأن بعض من ألف في آداب بعض العلوم هو من المشتهرين بغيرها كالإمام النووي رحمه الله صاحب كتاب آداب حملة القرآن, فهو معدود من المحدثين.
(2) هو: إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي حافظ مؤرخ فقيه, توفي بدمشق سنة 774هـ, الزركلي – الأعلام 1/320, دار العلم للملايين – بيروت ط7 سنة 1986م.
(3) سورة: آل عمران, الآيتين 133-134.
(4) متفق عليه, انظر: ابن حجر –فتح الباري (10 /518), دار المعرفـة- بيروت النووي, شرح صحيح مسلم ج5 ص468, دار الشعب- القاهرة.
(5) أخرجه البخاري – ابن حجر – المرجع السابق (10 / 519).
(6) أخرجه الترمذي وغيره بنحوه, المباركفوري – تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ج6 ص616, المكتبة السلفية – المدينة المنورة ط2 سنة 1385هـ.
الألباني –صحيح الجامع الصغير وزيادته (3 /61), المكتب الإسلامي- بيروت ط3 سنة 1402هـ.
(7) ابن كثير – تفسير القرآن العظيم ج1 ص 404- 406, دار أحياء التراث العربي بيروت سنة 1388هـ, وانظر أمثلة أخرى في: الطبري – جامع البيان في تفسير القرآن (5 / 206-209), (6 / 31 – 32), دار المعرفة – بيروت سنة 1406هـ, القرطبي – الجامع لأحكام القرآن (2/174), (4/250 – 253), دار أحياء التراث العربي, بيروت سنة 1965م.
(8) هو:محمد بن أحمد الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي المالكي من كبار المفسرين والفقهاء, مات سنة 671هـ, عبد الحي بن العماد الحنبلي–شذرات الذهب في أخبار من ذهب 4/10, المكتبة التجارية– بيروت, الأعلام5/322.
(9) انظر على سبيل المثال: القرطبي – الجامع لأحكام القرآن (18 / 27- 28).
الحلقة (1) التمهيد (39 زائر)
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, أما بعد:
فإن القيم الخلقية تعد أحد الركائز الرئيسة في البناء الإنساني, ذلك أنها تتناول جميع مظاهر السلوك الفردي والاجتماعي, فهي تضبط الفرد وتوجه سلوكه إلى ما يعود عليه بالخير, وتحفزه إلى الترقي في مراتب الكمال والسعي الجاد إلى معالي الأمور ومحاسن الأعمال, وهي ضرورة اجتماعية تضمن للناس التعايش في أمن واستقرار, وتكاتف وتعاون.
ومالمعائب التي تلحق بالأفراد والمصائب التي تحيق بالعباد والبلاد إلا أثراً لغياب القيم الخلقية عن توظيف مواهب النفس, وتوجيه سلوك الناس.
والقيم الخلقية في الإسلام ركيزة من ركائز الدعوة, فعن طريق التعامل الخلقي القويم فتح الله لهذا الدين قلوباً غلفاً وأعيناً عمياً وأسماعاً صماً, كما قال تعالى: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ...) (1).
ولقد أدرك أعداء الإسلام أهمية الأخلاق وأثرها في توجيه حياة المسلمين وتقوية أواصر المحبة والألفة بينهم فعملوا بما أتوا من قوة وبما تهيأ لهم من وسائل على إفسادها وهدمها, وسلكوا لذلك طرقاً أهمها:
1- العمل على قطع صلة القيم الخلقية بالمصادر الأصلية بإظهار الإعجاب بالأفكار الفلسفية وتعظيم من تبناها من المفكرين, وتشويه أو جحود الدراسات الأصيلة القائمة على الكتاب والسنة, وغمط أهلها.
2- السعي في تيسير الشهوات المحرمة التي تضعف صلة المسلم بربه وتفت في إيمانه بالله ويقينه بالدار الآخرة, فلا ينشط لفضيلة ولا يرغب في إحسان.
وقد تحقق لهم بعض ما أرادوا فقد استجد في المجتمعات الإسلامية اليوم نتيجة عوامل داخلية وأخرى خارجية تبدل في المفاهيم وضياع للموازين وانقلاب للقيم, حتى أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً, فكان من نتيجة ذلك أن انغمس كثير من الناس في الشهوات المحرمة, وانحرفوا عن جادة الصواب مع عدم الشعور بالذنب أو الرغبة في الإصلاح، يحدوهم الجهل بمصادر التلقي ومضان الاقتداء, فتفرقت بالناس الأهواء, وتشتتت بهم السبل, ويمموا وجوههم شرقاً وغرباً سيراً مع الركب وخوفاً من الانتقاد وجبناً عن المواجهة، لذا صارت الحاجة ملحة لإبراز القيم الخلقية في الإسلام وبيان مصادرها الأصلية وخصائصها المميزة وأمثلتها الحية وآثارها الجلية في النظم الإسلامية.
أسباب اختيار الموضوع:
نحت الدراسات في الأخلاق عند المتقدمين مناحي فلسفية, متأثرة بالفلسفة اليونانية, مع محاولة بعضهم التوفيق بينها وبين أحكام الشريعة كما فعل مسكويه (2) .
وكان لعلماء السلوك جهد في هذا المجال ومن أبرزهم الغزالي الذي قيل عن فكره في هذا الجانب: أنه برزخ بين المسلمين والفلاسفة, ففيه فلسفة مشوبة بإسلام, وإسلام مشوب بفلسفة.
أما الدراسات الحديثة فهي أيضاً قليلة العناية بهذا الجانب, ويمكن تحديد وجهتها إجمالاً في الأمور التالية:
1- كثير منها يتخذ من أعمال القدماء موضوعاً لبحثه كالدراسات العديدة لابن مسكويه والغزالي.
2- أن بعضها يعالج الموضوع بقصد الوعظ.
3- كثير من المؤلفين يكتفي بوضع فصل عن القيم والأخلاق ضمن كتب الحضارة والعقائد والثقافة الإسلامية.
على أن ثمة دراسات قيمة ومفيدة في هذا الباب, منها رسالة الدكتور محمد عبد الله دراز, دستور الأخلاق في القرآن, ومنها رسالة الدكتور مقداد يلجن, الاتجاه الأخلاقي في الإسلام على أن استفادتي منهما كانت محدودة لأسباب منها التباين في خطة البحث ومجال الدراسة.
لذا لأهمية هذا الجانب وحاجة جملة من أجزائه إلى البحث والدراسة والتأصيل, أحببت أن أكتب فيه.
وقد جاء هذا البحث في مقدمة وتمهيد وبابين وخاتمة.
- المقدمة: وفيها بيان أهمية الموضوع, وأسباب اختياره والمنهج المتبع في البحث.
- التمهيد: وفيه لفت الأنظار إلى جهود علماء المسلمين رحمهم الله من مفسرين ومحدثين وفقهاء في هذا المجال.
- أما الباب الأول: فهو عن "قيم الإسلام الخلقية" وقد احتوى على فصلين:
الفصل الأول: عن مفهوم قيم الإسلام الخلقية ومصادرها, وقد تضمن أول مباحثه تعريفاً بالقيم وبالأخلاق في اللغة وفي الاصطلاح, ثم تحديد المقصود بالقيم الخلقية, وبيان الأقرب في تعريفها.
وتناولت في المبحث الثاني: مصادر قيم الإسلام الخلقية, فبينت فيه مدى صلاحية الفطرة والضمير مصدراً من مصادر القيم الخلقية, كما نبهت على مكانة القرآن والسنة, وبينت أنهما الميزان الذي توزن به سائر التصرفات والأفعال فما وافقهما فحق وخير, وما خالفهما فباطل وشر.
ثم تناولت في مطلب آخر العرف والمصلحة المرسلة والاستحسان, وبينت مكانة كل واحد من هذه المصادر وموقعه الصحيح في الاستناد إليه كمصدر من مصادر القيم الخلقية في الإسلام, وقد قدمت لكل مصدر من هذه المصادر بتعريف موجز به, وطرف من أقوال العلماء فيه.
الفصل الثاني: عن خصائص قيم الإسلام الخلقية وضوابطها, وتناولت فيه أبرز خصائصها, مع الإشارة إلى شيء من ثمار كل خصيصة من هذه الخصائص وقد حرصت على الاقتصار على ما يتعلق بالخصيصة المعينة, وقد اضطر لذلك حتى لا ينجر الحديث منها إلى ما هو متعلق بغيرها من الخصائص, هذا في المبحث الأول.
ثم في مبحث آخر تناولت ضوابط القيم الخلقية في الإسلام, وهي الحلال والحرام والمباح والمكروه والندب والتفضل, وبينت وجه كونها ضوابط وأشرت إلى أهميتها, وضرورة الأخذ بها ومراعتها.
- وأما الباب الثاني: فهو عن "آثار قيم الإسلام الخلقية" واشتمل على فصلين:
الفصل الأول: عن آثار قيم الإسلام الخلقية في صياغة المجتمع الإسلامي, وتحدثت في مبحثه الأول عن أثرها في السلوك, وبينت فيه نماذجها الفريدة, وأمثلتها الحية وثمارها الخيّرة, وذلك من خلال الممارسات الفعلية والتطبيقات العملية من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم, والصحابة والتابعين.
أما المبحث الثاني فهم عن آثارها في النظم, وبينت فيه أبرز هذه الآثار من خلال الحديث عن: نظام الأسرة, والمعاملات وعلاقة السلم والحرب ونبهت فيه على أهمية القيم الخلقية في كل جانب من هذه الجوانب والآثار الحسنة المترتبة على الأخذ بها, والنتائج السيئة والعواقب الوخيمة الحاصلة من إهمالها أو الإخلال بها.
والفصل الثاني: عن آثار قيم الإسلام الخلقية في صياغة المجتمع الإنساني, وتناولت فيه أهم آثارها على المجتمعات الإنسانية سواء في ذلك من أخذ بها, أو عاش في ظل سيادتها وتفيء ظلالها, أو من قدر له الاحتكاك بأهلها, أو الاستمداد من منابعها.
- ثم الخاتمة وفيها أهم نتائج البحث.
هذا وقد حرصت في هذه الدراسة على أمور أهمها:
- الرجوع إلى المصادر الأصلية في كل فن مست الحاجة إلى الرجوع إليه والاقتباس منه.
- اعتماد ما صح سنده من الأحاديث والآثار قدر الاستطاعة, لأن فيه الغنية والكفاية, ثم هو أصدق في التدليل, وأقوى في الحجة, وأبلغ في التأثير.
- التنبيه في الغالب على درجة الحديث إذا لم يكن في الصحيحين أو في أحدهما بالإشارة إلى من صححه من أهل العلم من المشتغلين بهذا الشأن من المتقدمين أو المعاصرين, وقد أكتفي بالتنبيه على وجوده في بعض الكتب المشتملة على الأحاديث الصحيحة كصحيح الجامع الصغير وزيادته, وسلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني.
كما أني أرجع في الغالب إلى الشرح كفتح الباري وعون المعبود ونحوها لأنها الأكثر تداولاً, لما اشتملت عليه من حكم على الأحاديث وشرح لها وتنبيه على من خرج الحديث من الأئمة الآخرين ولذا أكتفي بالإحالة إلى أحد هذه الشروح لا جميعها قصداً للاختصار ولحصول المقصود بذلك عدا ما رواه الشيخان فإني أشير إلى موضعه في كل واحد منهما.
- الحرص على عدم الإطالة والاختصار والإيجاز في ذكر الأمثلة والشواهد.
- التقديم لكل فصل بتمهيد يحدد المقصود, ويبين المراد, ويزيل ما قد يوجد من غموض أو إشكال.
وبعد فإني أحمد الله تعالى أن وفقني إلى هذا الموضوع, وأعانني على إنجازه, وأسأله تعالى المزيد من فضله.
***
د/عبدالله بن محمد العمرو
(1) سورة آل عمران آية رقم (159).
(2) انظر: د.أخمد عبد الرحمن إبراهيم- الفضائل الخلقية في الإسلام ص 17, دار العلوم – الرياص ط1 سنة 1402هـ.
د. زكي مبارك – الأخلاق عند الغزالي ص 58, المكتبة العصرية- بيروت.
مقدمة (128 زائر)
جهود المحدثين والفقهاء
جهود المحدثين:
جاءت الأحاديث في السنة عن الأخلاق مفصلة ومبسوطة عنها في القرآن الكريم, وحيث تولى المحدثون ترتيب الأحاديث وتبويبها, فقد أفردوا لما يتعلق بالجانب الخلقي كتباً وأبواباً مستقلة من مؤلفاتهم, فهذا الإمام البخاري (1), رحمه الله يفرد كتاباً من صحيحه للأدب, وكذا الإمام مسلم (2) , أفرد جزءاً من صحيحه لأحاديث الآداب ومكارم الأخلاق, كما ضم جامع الترمذي (3) أبواباً في الأدب والصلة, كما فعل هذا غيرهم ممن عني بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن مظاهر العناية بهذا الجانب أيضاً أن أفرد بعض الأئمة أحاديث الآداب والأخلاق في مؤلفات مستقلة وهي على قسمين:
الأول: خاصة بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ككتاب الشمائل المحمدية للإمام الترمذي رحمه الله, وكتاب أخلاق النبي وآداب للأصبهاني رحمه الله (4) .
الثاني: عامة في الآداب والأخلاق الإسلامية ومنها الأدب المفرد للإمام البخاري رحمه الله, ومكارم الأخلاق ومعاليها للحافظ الخرائطي (5) رحمه الله.
وقد عني جماعة من الأئمة والحفاظ كالقرطبي وابن عبد البر (6) ، والنووي، والحافظ ابن حجر وغيرهم بشرح كتب السنة كالصحاح والسنن، فتناولوها بما اشتملت عليه من مباحث في الأخلاق بالشرح والتحليل والبيان فجاءت على درجة من الدقة لاعتمادها على الكتاب والسنة.
جهود الفقهاء.
لا تبعد جهود الفقهاء في هذا الباب عن غيرهم إلا أن معالجتهم لقضايا الأخلاق لم تفرد في أبواب مستقلة في كتب الفقه وأمهاته بل جاءت تابعة لبعض الأبواب كالنكاح والنفقات والمعاشرة والطلاق ونحوها, تنبيها على أهمية الأخلاق ووجوب توفرها, أو تحذيراً من إهمالها والإخلال بها وذكر ما يترتب على ذلك من أضرار وأحكام.
وأما الجهد البارز لهم فيتمثل في المؤلفات المفردة في الآداب الشرعية والأخلاق الإسلامية, كأدب الدنيا والدين للماوردي(7) , والآداب الشرعية والمنح المرعية لابن مفلح (8) إلا أنها لم تأت خالصة في قضايا المعاملة بين الخلق بل مشتملة بالإضافة إلى ذلك على مباحث أخرى كالحديث عن الخوف والرجاء والرضا والتوبة وأحكام اللباس والأغذية وغيرها ولعل من أسباب إدخالها في مثل هذه المؤلفات هو النظر إلى الأخلاق والآداب الإسلامية بمعناها الواسع أي بما يشمل سائر علاقات الإنسان مع ربه ومع نفسه ومع الناس(9).
(1) هو محمد بن اسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي, أبو عبد الله البخاري, جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث, مات سنة 256هـ.
ابن حجر – تقريب النهذيب – 468, دراسة ومقابلة محمد عوّامة – دار الرشيد ج حلب الطبعة الأولى سنة 1406هـ.
(2) مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري, الإمام الحافظ صاحب الصحيح, مات سنة 261هـ, تقريب التهذيب 529.
(3) هو محمد بن عيسى بن سورة الترمذي, الإمام الحافظ العلم, مات بترمذ سنة 279هـ, الذهبي – سير أعلام النبلاء 13/270, تحقيق شعيب الأرناؤوط, مؤسسة الرسالة بيروت ط 4 سنة 1406هـ, تقريب التهذيب 500.
(4) هو عبد الله بن محمد بن جعفر, أبو محمد المعروف بأبي الشيخ الأصبهاني, الإمام الحافظ, محدث أصبهان, توفي سنة 369هـ, سير أعلام النبلاء 16/276.
(5) هو أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد السّامري الخرائطي, الإمام الحافظ المصنف, مات بيافا سنة 327هـ, سير أعلام النبلاء 15/267, ابن كثير – البداية والنهاية 11/190, مكتبة المعارف – بيروت.
(6) هو يوسف عبد الله محمد بن عبد البر النمري الأندلسي القرطبي المالكي, حافظ المغرب, توفي 463, سير أعلام النبلاء 18/153, البداية والنهاية 12/104.
(7) هو علي بن محمد بن حبيب أبو الحسن الماوردي, أقضى قضاة عصره, توفي سنة 450هـ, شذرات الذهب 3/285, الأعلام 4/327.
(8) هو محمد بن مفلح بن محمد المقدسي الحنبلي, أعلم أهل عصره بمذهب الإمام أحمد, مات سنة 763هـ, شذرات الذهب 6/199, الأعلام 7/107.
(9) يأتي إن شاء الله تقرير ذلك عند التعريف بالأخلاق في الاصطلاح في أول مباحث هذه الرسالة.
- ملحوظة: لم أتقدم بذكر الأمثلة والشواهد خشية التكرار لورودها في ثنايا هذا البحث وفيها التدليل على عامة ما ذكر في هذا التمهيد.
الحلقة (2) جهود المحدثين والفقهاء (44 زائر)
مفهوم القيم (1-2)
الفصل الأول: مفهوم قيم الإسلام الخلقية ومصادرها.
المبحث الأول: مفهوم قيم الإسلام الخلقية .
لنصل إلى مفهوم قيم الإسلام الخلقية نعرّف أولاً بالقيم ثم بالأخلاق مع الإشارة إلى مفهوم كل منهما في الفلسفة لأنهما من جملة مباحثها.
أولاً: مفهوم القيم
1- القيم في اللغة:
القيم: جمع قيمة(1) " وأصل القيمة الواو, ومنه: قومت الشيء تقويماً, وأصله أنك تقيم هذا مكان ذاك"(2).
فأصلها قَوَمَ قال ابن فارس(3): "القاف والواو والمقيم صحيحان, يدل أحدهما على جماعة ناس – قوم وأقوام – وربما استعير في غيرهم, والآخر على انتصاب أو عزم – قام قياماً –"(4).
قال في القاموس: "القيمة بالكسر: واحدة القيم, وماله قيمة إذا لم يدم على الشيء, والقَوام: العدل وما يعاش به, والقِوام: نظام الأمر وعماده وملاكه"(5).
وقال الراغب(6) في المفردات "القيام والقوام: اسم لما يقوم به الشيء ويثبت كالعماد والسناد, لما يعمد ويسند به(7) " كقوله تعالى: (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً)" (8).
2- القيم في الفلسفة:
"يطلق لفظ القيمة من الناحية الموضوعية على ما يتميز به الشيء من صفات تجعله مستحقاً للتقدير كثيراً أو قليلاً, فإن كان مستحقاً للتقدير بذاته, كانت قيمته مطلقة, وإن كان مستحقاً للتقدير من أجل غرض معين كانت قيمته إضافية"(9).
وقد جرت عادة الباحثين في نماذج القيم وصنوفها بأن يردوها إلى ثلاث هي الحق والخير والجمال(10), ومع أن هذا التقسيم ليس محل اتفاق بين الباحثين, حيث أضاف بعضهم قيماً جديدة, كما شكك آخرون في بعض هذه القيم(11), إلا أن "تقسيم القيم إلى ثلاث قيم هي الحق والخير والجمال هو ما ارتضاء غالب من عرض لمشكلة القيمة (12) " وتختص فلسفةالأخلاق بالبحث عن الخير.
واختلف في طبيعة القيمة في هذه الأوصاف:
- فقيل أنها صفة عينية في طبيعة الأقوال والأفعال والأشياء, وعليه فهي ثابتة لا تتغير بتغير الظروف والملابسات, وبهذا قال المثاليون العقليون(13), وبهذا المعنى تطلب لذاتها.
- وقيل أنها صفة يخلعها العقل على الأقوال والأفعال والأشياء طبقاً للظروف والملابسات, وبالتالي تختلف باختلاف من يصدر الحكم, وبهذا قال الطبعيون(14) (15).
وأحدث الاتجاهات الفلسفية ترجح كون هذه القيم عينية على كونها معاني عقلية(16).
(1) الفيروز آبادي: القاموس المحيط (4/168), دار الفكر بيروت.
(2)ابن فارس, معجم مقاييس اللغة, تحقيق غبد السلام هارون (5/43), ط 2 سنة 1392هـ.
3))هو أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي من أئمة اللغة والأدب ولد سنة 329هـ, وتوفي سنة 395هـ.
(4) ابن فارس – معجم مقاييس اللغة (5 /43).
(5) الفيروز آبادي: القاموس المحيط (4/168).
(6) هو الحسين بن محمد بن المفضل الأصفهاني – أو الأصبهاني – المعروف بالراغب أديب من الحكماء العلماء سكن بغداد وتوفي سنة 502هـ, الأعلام 2/255.
(7) الراغب الأصبهاني, المفردات في غريب القرآن ص 416 – 417, دار المعرفة للطباعة والنشر, بيروت.
(8) سورة: النساء (5).
(9) د. جميل صليبا, المعجم الفلسفي (2 /213), دار الكتاب اللبناني ط 1 سنة 1971م.
(10) د. توفيق الطويل, أسس الفلسفة, مكتبة النهضة المصرية ط 3.
(11) قال بعضهم بالقيمة الدينية قيمة رابعة, مثل شيلر ماخر, وأضاف غيره القيم السيكلوجية والقيم التاريخية كما شك مونتاج وغيره في اعتبار الحق قيمة ذاتية, إلى غير ذلك من الآراء, انظر في تفاصيل ذلك: د. توفيق الطويل المرجع السابق ص 304.
د. صلاح قنصوه, نظرية القيمة في الفكر المعاصر ص 47- 48, دار الثقافة بالقاهرة 1981م.
(12)د. صلاح قنصوه, نظرية القيمة في الفكر المعاصر ص 47- 48.
(13) المثالية العقلية: مذهب يقوم على إنكار التجربة مصدراً للمعرفة بالحقائق الثابتة والقيم المطلقة على السواء, أو وسيلة لإدراكها بل العقل أو الحدس هو أداة إدراكها واكتشافها: فقوامه رد كل وجود إلى الفكر, فوجود الشيء مرهون بقوى الإدراك ويقابل المذهب الواقعي, وهو في الأخلاق يشير إلى وضع مثل أعلى أو مبدأ أسمى ينبغي أن يسير بمقتضاه السلوك الإنساني.
مجمع اللغة العربية – المعجم الفلسفي ص170 القاهرة, الهيئة العامة لشئوون المطابع الأميرية 1399هـ.
د. صلاح قنصوه, نظرية القيمة ص 109.
(14) الطبعيون نسبة إلى المذهب الطبعي الذي يرد الأشياء إلى الطبيعة وحدها ويفسر كل شيء في ضوئها ويرجع الظواهر كلها إليها ويستبعد كل مؤثر يجاوز عالم الطبيعة, وفي الأخلاق يفسر الحياة الخلقية بأنها امتداد للحياة البيولوجية, وأن المثل الأعلى تعبير عن حاجات الفرد وغرائزه.
مجمع اللغة العربية – المرجع السابق ص 177.
(15)المرجع السابق ص 151, مختصراً.
(16) انظر: توفيق الطويل, أسس الفلسفة ص 305.
الحلقة (3) مفهوم القيم (1-2) (168 زائر)
مفهوم القيم (2-2)
3- القيم في الإسلام:
جاء استعمال لفظ القيمة قي الفكر الإسلامي في حدود مدلولاته في اللغة, معبراً به عن قدر الشيء وأهميته, سواء في الماديات أو المعنويات, فقيمة الشيء: قدره وقيمة المتاع ثمنه, ويقال: ما لفلان قيمة: أي ماله ثبات ودوام على الأمر(1).
ومن أمثلة استعمالها, قول الله تعالى: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (2), أي الدين المستقيم, وقوله: {رَسُولٌ مّنَ اللّهِ يَتْلُو صُحُفاً مّطَهّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيّمَةٌ } (3) أي عادلة مستقيمة محكمة(4), وقوله تعالى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَاتَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} (5), وقال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا * قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً} (6).
وقد جاء استعمالها في القرآن كثيراً في وصف الله تعالى دينه وكتابه مبيناً قدرهما ومنبهاً إلى ما فيهما من هداية وخير وإقامة ورعاية لمصالح الناس وشؤونهم.
ثم استعملت في الكتابات الحديثة للدلالة على المثل والمبادئ الإسلامية, وعرف بعضهم القيم بأنها: "المعايير أو الموازين التي تكشف عن قيمة الأفعال والأشخاص والمذاهب"(7).
وفي هذا التعريف نظر لأنه عرف الشيء بنفسه, حيث جاءت القيمة في تعريف القيم, فاتفق المعرّف والمعرّف, وشرط المعرّف أن يكون أوضح, حتى يتبين به معنى الشيء.
والذي يظهر أن القيم: صفات ذاتية في طبيعة الأقوال والأفعال والأشياء, مستحسنة بالفطرة والعقل والشرع.
(1) مجمع اللغة العربية, المعجم الوسيط (2/ 768), المكتبة الإسلامية, تركيا.
(2) سورة: البينة (5).
(3) سورة: البينة (2),(3).
(4) الطبري, جامع البيان في تفسير القرآن (12/169).
القرطبي, الجامع لأحكام القرآن (20/ 143- 144).
(5) سورة: الروم (30).
(6) سورة: الكهف (1),(2).
(7)د. أحمد عبد الرحمن إبراهيم, فكرة تطور القيم الخلقية وموقف الإسلام منها, ص 9 من محاضرات قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لعام 1402هـ.
الحلقة (4) مفهوم القيم (2-2) (66 زائر)
مفهوم الأخلاق (1-3 )
ثانياً: مفهوم الأخلاق.
1-الخلق في اللغة:
أصلها خلق, قال ابن فارس " خلق: الخاء واللام والقاف أصلان أحدهما: تقدير الشيء, والآخر: ملاسة الشيء.
- فأما الأول: فقولهم خلقت الأديم للسقاء, إذا قدرته.
وقال زهير: (1).
ولأنت تفرى ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لايفرى(2).
ومن ذلك الخُلُق, وهي السجية, لأن صاحبها قد قُدّر عليه, وفلان خليق بكذا, وأخْلِق به, أي ما أخْلَقه, أي هو ممن يُقدر فيه ذلك.
والخَلاق: النصيب, لأنه قد قُدر لكل أحد نصيبه.
ومن الباب: رجل مُخْتَلَق: تام الخلق, والخَلْق: خلق الكذب, وهو اختلاقه واختراعه وتقديره في النفس, قال الله تعالى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } (3).
- وأما الأصل الثاني: فصخرة خَلْقاء, أي ملساء, ويقال: اخلولق السحاب: استوى, ومن هذا الباب: أخْلَق الشيء وخَلِق: إذا بلي, ومن ذلك أنه إذا أخلق أملاسّ وذهب زئيره(4)
وقال ابن منظور(5): " قال أبو بكر الأنباري (6): الخلق في كلام العرب على وجهين: أحدهما الانشاء على مثال أبدعه, والآخر التقدير, وقال في قول الله تعالى: { فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } (7), معناه: أحسن المقدرين وقوله تعالى: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ} (8), خلقه: تقديره ولم ير أنه يحدث معدوماً(9).
والخُلُق: الدين والطبع والسجية(10), ويطلق على صفات النفس الباطنة, قال ابن منظور: "وحقيقته أنه لصورة الإنسان الباطنة, وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها, بمنزلة الخَلْق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها(11).
وقال الراغب: "الخَلْق والخُلُق في الأصل واحد, كالشَرْب والشُرْب ولكن خص الخَلْق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر, وخص الخُلُق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة(12).
2- الخلق في الفلسفة:
يبرز في الدراسات الفلسفية اتجاهان رئيسان في محاولة الكشف عن مفهوم الأخلاق:
الأول: وتمثله النظرية الفلسفية التقليدية للأخلاق, وهي تنظر إلى علم الأخلاق باعتباره علماً معيارياً, أي يدرس ما ينبغي أن يكون عليه السلوك الإنساني, فيضع بذلك قوانين الأفعال الإنسانية ومثلها والمبادئ العليا لها.
وهذا الاتجاه هو المعتمد بين جمهرة الأخلاقيين في فهم هذا العلم وتحديد منهجه.
الثاني: وتمثله النظرية الوضعية التي تبناها بعض علماء الاجتماع حيث أصبحت الأخلاق عندهم هي مجرد "القواعد السلوكية التي تسلم بها جماعة من الناس في حقبة من حقب التاريخ(13).
وقد كان للفلاسفة في الإسلام إسهام في تعريف الخلق من حيث ارتباطه بالنفس وعلاقته بالسلوك.
فعرّفه مسكويه (14), بأنه: "حال للنفس داعية لها إلى أفعالها من غير فكر ولا رويّة", قال: "وهذه الحال منها ما يكون طبيعياً من أصل المزاج, ومنها ما يكون مستفاداً بالعادة والتدريب(15)
وعرفه الغزالي (16)فقال: "الخلق عبارة عن هيئة في النفس راسخة, عنها تصدر الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية, فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة المحمودة عقلاً وشرعاً سميت تلك الهيئة خلقاً حسناً, وإن كان الصادر عنها الأفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي المصدر خلقاً سيئاً(17)
(1)هو زهير بن أبي سلمى ربيعة بن رباح المزني من مضر حكيم الشعراء في الجاهلية, مات قبل البعثة.
ابن حجر – الإصابة (3 /279), ذكره في ترجمة ابنه كعب رضي الله عنه, الزركلي, الأعلام (3 /52).
(2) المعنى: أنك إذا قدّرت أمرأ قطعته وأمضيته, وغيرك يقدّر مالا يقطعه لأنه ليس بماضي العزم, وأنت مضاء على ماعزمت عليه, انظر: ابن منظور, لسان العرب (10/879).
(3) سورة: العنكبوت (17).
(4) ابن فارس – معجم مقاييس اللغة (2 /113- 114).
(5) محمد بن مكرم بن علي, ابن منظور الأنصاري الأفريقي الإمام اللغوي الحجة ولد سنة 630 وتوفي سنة 711هـ.
ابن حجر – الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (4/262), مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بالهند ط1 سنة 1350هـ, الأعلام (7/108).
(6) أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري الإمام اللغوي, المقرئ النحوي, مات ببغداد سنة 328هـ, سير أعلام النبلاء 15/274, البداية والنهاية (11/196).
(7) سورة :المؤمنون (14).
(8) سورة: آل عمران(49).
(9) ابن منظور, لسان العرب ج10 ص 85.
(10) ابن منظور, المرجع السابق (10/89), الفيروز آبادي, القاموس المحيط (3 /229).
(11) ابن منظور, المرجع السابق (10/86).
(12) الراغب الأصفهاني – المفردات في غريب القرآن ص 158.
(13) د. مصطفى حلمي, الأخلاق بين الفلاسفة وحكماء الإسلام ص 10,
د. توفيق الطويل, أسس الفلسفة ص 372.
(14) أحمد بن محمد بن يعقوب اشتغل بالفلسفة والمنطق أصله من الري توفي سنة 421هـ.
الأعلام ج1 ص211.
(15) مسكويه, تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق ص 41, المطبعة المصرية ومكتبتها ط 1.
(16) محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي يلقب بحجة الإسلام فيلسوف متصوف ولد وتوفي في خراسان (450-505هـ).
جمال الدين الأسنوي – طبقات الشافعية (2 /242), مطبعة الإرشاد بغداد سنة 1391هـ., شذرات الذهب ج 4 ص10.
(17) الغزالي إحياء علوم الدين (3 /53), دار المعرفة, بيروت 1402هـ.