المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خرافة الحقيقة المحمدية ( 1 )


essarab
2010-11-05, 20:34
من هو سيد الوجود؟

إن العقيدة الإسلامية انفردت وحدها بالدعوة إلى عبادة إله واحد، لا نظير لها في تاريخ جميع الأديان، كما أن النبي نفى عن نفسه من أوائل دعوته كل الشبهات التي ألصقتها الأقوام البائدة بالأنبياء السابقين.

ولكن، لا بد من الإشارة إلى أن الإسلام برئ من مغالاة بعض الجماعات في وصف الرسول ومدحه، وهم يغالون في محبته ، ويدعون الألوهية من جهة أخرى. فيمدحون الرسول في جذبهم ومدائحهم قائلين ( أنت حب الأكوان)، وهو لا شك اعتقاد فاسد وادعاء كاذب، وقول يقابله قول الذين قالوا ( بوذا ) إله وسيد الأكوان، ويقابله قول الذين قالوا المسيح حي يحكم الأحياء وميت يحكم الأموات، والمسيحية هي كذلك ادعت أن المسيح سيد الأولين والآخرين. وقولهم: ( أنت حب الأكوان وسيد الكونين)، إشراك بالله وأكبر من الكفر الذي ينعت به النصارى من كون الله ثالث ثلاثة، فليس حب الرسول بما كان يبغضه الرسول ذاته وينهى عنه.

فأما معنى ( أنت حب الأكوان وسيد الأكوان) مغالطة كبيرة ما كان الرسول يقبلها بهذا المعنى لو سمعها في حياته أو سمعها أحد أصحابه، لأنها تعني جميع الخلق، ويوجد في الأكوان ما يحبه الله ويرضاه ويكرهه ويبغضه، بدليل أن الله لا يحب الكافرين ولا الشياطين وهم جزء من لفظ الأكوان. قال تعالى: (هو الذى خلقكم فمنكم مؤمن ومنكم كافر)، ومن ادعى بهذا اللفظ محبة الرسول فهو كاذب بل أشرك بالله من حيث لا يدري. وأما إذا اعتقد أن المقصود بها عقيدة (وحدة الوجود) فتلك طامة أخرى، وأكبرها أن يعتقد الإنسان أن كل موجود خلق من نور الرسول محمد، وهو لا شك قول لا يخلو من الشرك ووضع الرسول موضع الله جل جلاله.

لأن سيد الوجود هو الله، وليس إلا هو، وجعل الرسول سيد الأكوان أو سيد الوجود شرك بالله، لأن كلمة ( الوجود) تشمل وجود الخالق والمخلوق ـ جماد ونبات وحيوان ـ وقولهم: محمد سيد الوجود بالمعنى اللغوي معناه هو الآمر الذي له السيادة المطلقة على جميع المخلوقات، لأنه سيد الوجود، ولا يخفى على الإنسان ما يعنيه هذا اللفظ من الشرك بالله إذا قصدنا به غير الله، وكما وجدنا في أقوال النصارى من يدعي كون المسيح هو أول موجود، ومنه خلق الوجود، نجد هذا القول عند من يدعون محبة الرسول، ومن قال بهذا القول فهو مشرك بيِّن الشرك وكفر ليس بعده كفر.

والقول بأن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس كالأنبياء وأنه وجد قبلهم ومنه يستمدون نبوتهم، هو ادعاء ليس في محله وكلام مبالغ فيه، ولا يستند لأي دليل من القرآن والسنة النبوية، لأن الله يقول في شأنه:
(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل). آل عمران 144
(ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية). الرعد 38
(يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا). الأحزاب 45

فالرسول عليه الصلاة والسلام ما هو إلا رسول كبقية الرسل والأنبياء، وقبل نزول الوحي عليه لم يكن يدري أنه سيكون رسولا، ولم يكن يعلم من شأن النبوات شيئاً، وأما قولهم أنه كان نبيا قبل الأنبياء، وأنه لا وحي للأنبياء إلا عن طريقه فهو كذب. والتقرب إلى الرسول بالجذب والغناء وإيقاعات الدفوف والطبول عمل منكر لا يرضاه الرسول لنفسه ولا يقبله الدين، وكل هذه الأقوال والشعارات مضامينها معروفة في الفكر الصوفي، ولا نريد من كلامنا إلا أن تكون أقوالنا وأعمالنا في عقيدتنا مبنية على أسس متينة وشعارات صادقة مستمدة من الكتاب والسنة الصحيحة.

إن الخالق سبحانه وتعالى منح للإنسان هامشا عريضا من الحرية وهو في ذلك مأمور أن يحتكم إلى العقل، وأن يتأمل في هذا الوجود ليجد الحقيقة التي تدله إلى من تحق له العبادة والطاعة في الوجود .

لقد حاول ابن عربي الفصل في مسألة الخلق بقوله كما جاء في كتابه (الفتوحات المكية) أن يضلل الناس في كيفية بدء الخلق فقال: " بدء الخلق الهباء، وأول موجود فيه الحقيقة المحمدية الرحمانية الموصوفة بالاستواء على العرش الرحماني وهو العرش الإلهي ولا أين يحصرها لعدم التحيز.

ومم وجد ؟ وجد من الحقيقة المعلومة التي لا تتصف بالوجود ولا بالعدم.
وفيم وجد؟ في الهباء.

وعلى أي مثال وجد ؟ على المثال القائم بنفس الحق المعبر عنه بالعلم به.
ولم وجد ؟ لإظهار الحقائق الإلهية.

وما غايته؟ التخلص من المزجة فيعرف كل عالم حظه من منشئه من غير امتزاج، فغايته إظهار حقائقه ومعرفة أفلاك العالم الأكبر وهو ما عدا الإنسان، والعالم الأصغر يعي الإنسان روح العالم وعلته وسببه وأفلاكه ومقاماته وحركاته وتفصيل طبقاته.فكما أن الإنسان عالم صغير من طريق الجسم كذلك هو أيضا إله حقير من طريق الحدوث وصح له التأله لأنه خليفة الله في العالم، والعالم مسخر له مألوه، كما أن الإنسان مألوه الله" .

الحقيقة المحمدية في نظر ابن عربي يرد إليها كل شيء، وجدت من حقيقة لا تتصف بالوجود ولا بالعدم، وهي أول الوجود المستوية على العرش الرحماني، لا يحدها مكان، ولا تقع تحت حيز، ويفهم أنها حالة إلهية. والغاية منها إظهار الحقائق الإلهية فيها والتخلص من المزجة، ليأخذ كل عنصر حقه في بروزه إلى عالم الوجود. وعبارة " أن غاية الخلق التخلص من المزجة فيعرف كل عالم حظه من منشئه بغير امتزاج "، تعني فيما تعني أن العالم كله كان في جوهر الحق على نحو ما كان بنو البشر في صلب آدم. فالإنسان حسب هذه النظرية إله ابن إله ومألوه في آن واحد. فكونه إله لأنه خرج من المزجة الإلهية، وله قدرة التصرف في الكون، وهو مألوه لأنه مزجة من الحق. ووفقا لهذه النظرية اللامنطقية ادعى بعضهم أنه هو الله.

إن الغلو الصوفي يقضي بأنه لولا محمد ما ظهر الوجود ولا وجد فيه أثر للحياة وفي هذا المعنى أنشد ابن نباتة المصري قائلا:

لولاه ما كان أرض لا ولا أفق ولا زمان ولا خلق ولا جيل
ولا مناسك فيها للهدى شهب ولا ديار بها للوحي تنزيـل

وادعى ابن عربي في بيته الشعري أننا شركاء مع الله في الخلق، ولولانا ما وجد خلق أو كون، وذلك عندما أنشد قائلا:
فلــــــــولاه ولــــولانــــــــأ لمــــا كـــان الـــذي كـــانــــا

فالصوفية تعتبر الحقيقة المحمدية هي العماد الذي قام عليه الوجود وهي الصلة بين الله والموجودات، وهي القوة المدبرة للكون التي يصدر منها الأمر لكل الأشياء. ولندع ابن عربي يصور لنا كيف بدأت قصة الحقيقة المحمدية حسب قوله: (أعلم أن الله لما خلق الخلق جعلهم أصنافا، وجعل في كل صنف خيارا، وأختار من الخيار خواص وهم المؤمنون، واختار من المؤمنين خواص وهم الأولياء، وأختار من هؤلاء الخواص خلاصة وهم الأنبياء، وأختار من الخلاصة نقاوة وهم أنبياء الشرائع المقصورة عليهم، وأختار من النقاوة شرذمة قليلين هم صفاء النقاوة المروقة وهم الرسل أجمعهم، وأصطفى واحدا من خلقه هو منهم، وليس منهم، هو المهيمن على جميع الخلائق جعله الله عمدا أقام عليه قبة الوجود وجعله الله أعلى المظاهر واسناها، صح له المقام تعيينا وتعريفا، فعلمه قبل وجود طينة البشر وهو محمد صلى الله عليه وسلم لا يكاثر ولا يقاوم،هو السيد ومن سواه سوقة). الفتوحات المكية

يقول ابن عربي في هذه العبارة ( هو منهم وليس منهم)، هو منهم لأنه من الخلائق وهو ليس منهم لأنه المهيمن على جميع الخلائق (إله)، ولأنه يفيض على الوجود والمخلوقات. وأن محمدا كان موجودا قبل أن يجمع الله طينة البشر وهو أزلي الروح، له الفردية مطلقا في الوجود لا ند له، ولا يساويه شيء في المرتبة وليس فوقه إلا الذات الأحدية، وهو خاتم النبيين وأول الأولين وآخر الآخرين وهو البرزخ بين الذات الأحدية وسائر الكائنات. وأحتج في أقواله بحديث ( كنت نبيا وآدم بين الماء والطين)، وهو حديث يتعارض مع آيات الخلق في القرآن. ولا ندري كيف نتصور أن محمدا كان نبيا وآدم المخلوق الأول بين الماء والطين!!

ويعتقد الصوفية أن محمدا هو الذات الأحدية التي تكاثرت عنه التعينات ونشأت عنه الأنبياء وهو الحكمة الفردية، ولذلك حق له أن يكون سيد الناس وخاتم الأنبياء. ويبدو واضحا أنهم احتجوا بحديث ضعفه جميع العلماء ( أنا سيد الناس)، ويدعم قولنا ما روي عن الرسول عليه الصلاة والسلام أن رجلا جاءه فقال له: " أنت سيد قريش. فقال: السيد الله. قال: أنت أعظمها طولا وأعلاها قولا،فقال: يا أيها الناس، قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا عبد الله ورسوله ".
يقول الشيخ التيجاني في تعريفه للحقيقة المحمدية كونها وجدت قبل الملائكة وقبل ذرة الكون كما جاء في كتاب الجواهر : " وأما الحقيقة المحمدية صلى الله عليه وسلم r، فهي أول موجود أوجده الله تعالى من حضرة الغيب، وليس عند الله موجود من خلقه قبلها لكن هذه الحقيقة مفردة ليس معها شيء، فلا تخلو ما أن تكون جوهرا أو عرضا فإنها كانت جوهرا افتقرت إلى المكان الذي تحل فيه، فلا تستقل بالوجود دونه، فإن وجدت مع مكانها دفعة واحدة فلا أولية لها لأنهما اثنان، وإن كانت عرضا ليست بجوهر، فالعرض لا كلام عليه إذ لا وجود للعرض إلا قدر لمحة العين ثم يزول... أنها حقيقة له نسبتان نورانية وظلمانية، وكونه مفتقر إلى المحل لا يصح هذا التحديد، لأن هذا التحديد يعتد به من تثبط عقله في مقام الأجسام، والتحقيق أن الله تعالى قادر على أن يخلق هذه المخلوقات في غير محل تحل فيه... فالله تعالى خلق الحقيقة المحمدية جوهرا غير مفتقر إلى المحل، ولا شك أن من كشف له عن الحقيقة المحمدية، ثم استأثرت بألباس من الأنوار الإلهية واحتجبت بها عن الوجود، فهي في هذا الميدان تسمى روحا بعد احتجابها بالألباس، وهذا غاية إدراك النبيين والمرسلين والأقطاب يصلون إلى هذا المحل ويقفون، ثم استأثرت بألباس من الأنوار الإلهية أخرى وبها سميت عقلا، ثم استأثرت بألباس من الأنوار الإلهية أخرى، فسميت بسببها قلبا ثم استأثرت بألباس أخرى عن الأنوار الإلهية أخرى، فسميت بسببها نفسا، ومن بعد هذا ظهر جسده الشريف صلى الله عليه وسلمr، فالأولياء مختلفون في الإدراك لهذه المراتب، فطائفة غاية إدراكهم نفسه r، وفي ذلك علوم وأسرار ومعارف، وطائفة فوقهم غاية إدراكهم قلبه صلى الله عليه وسلمr، ولهم في ذلك علوم وأسرار ومعارف أخرى، وطائفة فوقهم غاية إدراكهم عقله rولهم في ذلك علوم وأسرار ومعارف أخرى، وطائفة وهم الأعلون بلغوا الغاية القصوى في الإدراك، فأدركوا مقام روحه صلى الله عليه وسلم rفيه، وهو غاية ما يدرك ولا مطمع لأحد في درك الحقيقة ماهيتها التي خلقت فيها. وفي هذا يقول أبو زيد: " غصت لجة المعارف طالبا للوقوف على عين حقيقة النبي r،فإذا بيني وبينها ألف حجاب من نور، ولو دنوت من الحجاب الأول لاحترقت به كما تحترق الشعرة إذا ألقيت في النار". هذا أمر عجز عنه أكابر الرسل والنبيين، فلا مطمع لغيرهم فيه، والسلام". كتاب جواهر المعاني

ويرى الشيخ أنه لا مطمع لأحد في القرب من الله أو دخول الجنة إلا عبر هذه الحقيقة الوهمية: " حجاب الحقيقة المحمدية بين الله وبين الوجود والحقيقة المحمدية دونها حجب الأنوار فلا مطمع لأحد أن يصل إلى الحقيقة المحمدية بتخطي حجب الأنوار التي دونها... وإنما تجليات الحق كلها من وراء حجاب الحقيقة المحمدية ومن وراء الحجب التي دونها".
وزعم الشيخ التيجاني في موضوعات متفرقة أن النبي محمد عليه الصلاة والسلام هو أول موجود انبثق منه الكون وهو أصل كل شيء في الوجود: " كان أول موجود روح سيدنا محمد r إذ هو الذي وقعت فيه المحبة الكلية من الحق وعنه وعن تلك المحبة تفرع وجود الكون، فهو الأصل r والكون كله فرع... فجمع سبحانه وتعالى في تلك الحقيقة المحمدية جميع ما ذكره إجمالا وتفصيلا، ثم جعله منبعا وعنصرا من جميع ما يصل إلى الأكوان ما ذكره أزلا وأبدا ". جواهر المعاني

وقال: " وما ذكر من أن العقل يأخذ العلم عن الله بواسطة، فإنه نفي الواسطة المشهورة، لا يشهد واسطة بينه وبين الحق أصلاً، لكنها موجودة في نفسها غير مشهودة له، وهى الحقيقة المحمدية، فإنه لا مطمع لأحد في درك حقيقتها فضلاً عن مشاهدتها، فإنها أخفى من السر الخفي، فإنه يرى نفسه يأخذ العلم عن الله بلا واسطة، وما برز له ذلك العلم إلا من الحقيقة المحمدية من حيث لا يراها، وإن رآه من الله فإنه مغطى عليه بحجاب التلبيس، فهذا معنى أخذ العلم عن الله بلا واسطة ".جواهر المعاني

قال الشيخ الأكبر (الغزالي) في صلاته كما ذكر في جواهر المعاني ما نصه: " الدرة البيضاء التي تكونت عنها الياقوتة الحمراء. أراد بالدرة البيضاء هاهنا هي الحقيقة المحمدية، والياقوتة الحمراء هي وجود العالم بأسره ".
وأما ما ذهب إليه الشيخ عبد القادر (الجيلاني) في قصيدته حسب رأي الشيخ التيجاني: (على الدرة البيضاء كان اجتماعنا). أوَّلها الشيخ على أساس أنها: " هي الدرة الموجودة قبل خلق السموات والأرضيين، فإذا بها سبحانه وتعالى صيرها ماء، فاضطربت أمواج الماء ألف حقب، في كل حقب ألف قرن، في كل قرن ألف سنة، في كل سنة ألف يوم، في كل يوم ألف ساعة، في كل ساعة مثل عمر الدنيا سبعين ألف مرة، فاجتمع في هذه المدة كوم من الزبد، فبسطها على وجه الماء، فصيرها أرضا وخلق منها الطباق السبعة، ثم خلق السموات بعدها". جواهر المعاني

ثم أخبرنا الشيخ التيجاني بأن محمدا كان أول مخلوق وعينة انبثق عنها الوجود وانبثقت من حقيقته جميع الخلائق في الكون كما ذكر ذلك بلفظ بلسانه: " أول ما خلق الله تعالى روحه الشريفة، وهي الحقيقة المحمدية r، ثم بعد ذلك نسل الله منها أرواح الكائنات من روحه الشريفة الكريمة، وأما طينته التي هي جسده الشريف، فكوّن الله منها أجساد الملائكة والأنبياء والأقطاب وخمّر طينته الشريفة عليها من الله الصلاة والسلام بماء البقاء مدة قدرها، وهو أن تضرب الاسمين الشريفين، وهما سيدنا محمد r، وأحمد rتضرب عددهما في سبعة، والخارج في نفسه، ثم تضرب العدد كله في ألف عام كل فرد من هذه الأعداد في ألف عام، ثم كل يوم من أيام تلك السنين فيه ألف عام من السنين هذه، وهي أيام الرب وفي كل سنة من هذه ثلاثمائة ألف عام، وستون ألف عام، والخارج من هذه الضروب كلها وهو ألف ألف ألف ثلاث مراتب، وثلاثون ألف ألف ألف مرتبة، ومائتا ألف وخمسة وعشرون ألفا هذا الخارج من الضروب كلها، وهذا الخارج كله يضرب في أيام الرب، والخارج هو ثلاثمائة ألف ألف ألف ألف أربع مراتب، وسبعون ألف ألف ألف ألف أربع مراتب، وإحدى وثمانون ألف ألف ألف ثلاث مراتب، فهذه هي مدة تخمير الطينة المحمدية الشريفة عليها من الله أفضل الصلاة والسلام ". جواهر المعاني

وليتدبر المرء كيف بالغ الشيخ أحمد بن عبد الله الغوث في وصف الحقيقة المحمدية الوهمية، عندما قال: " كان لي مريد وكنت أحبه حبا شديدا، فكنت ذات يوم أعظم له أمر سيد الوجود، فقلت له: يا ولدي، لولا نور سيدنا محمد ما ظهر سر من أسرار الأرض، فلولا هو ما تفجرت عين من العيون ولا جرى نهر من الأنهار، وإن نوره يا ولدي يفوح في شهر مارس ثلاث مرات على سائر الحبوب فيقع لها الإثمار ببركته، ولولا نوره ما أثمرت... فبينما أذكر له تعظيمه وأعدد له الخيرات المكتسبة منه حتى غبت فيه r ( أي حليت فيه) فلما رآني حصل لي ما حصل". كتاب الإبريز

ولكن غلاة التصوف أبوا إلا أن يجعلوا محمدا بشرا إلها انبثق عنه الوجود، وهو السبب الأول في وجود كل إنسان والواسطة بينه وبين الحق. وليتأمل الإنسان في صلاة ابن مشيش كيف يظهر أن محمدا أصل الوجود.

" اللهم صل على من منه انشقت الأسرار، وانفلقت الأنوار، وفيه أرتقت الحقائق وتنزلت علوم آدم بأعجز الخلائق، وله تضاءلت الفهوم فلم يدركه سابق ولا لاحق، فرياض الملكوت بزهر جماله مونقة، وحياض الجبروت بفيض أنواره متدفقة، ولا شيء إلا هو به منوط، إذ لولا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط ". ما يعني أن محمدا هو الواسطة بين الحق وجميع الأشياء. وهو ما قاله التيجاني في شأن الحقيقة المحمدية : إن الفيوض التي تفيض من ذات الوجود صلى الله عليه وسلم تتلقاها ذوات الأنبياء....

ولمصطفى البكري صلاة لا تختلف عن صلاة أصحابه في وصف الحقيقة المحمدية عندما يقول:" اللهم صل وسلم وبارك على من تشرفت به جميع الأكوان، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد الذي أظهرت به معالم العرفان، وصل وسلم وبارك على عين الأعيان والسبب في وجود كل إنسان". التصوف الإسلامي

يقول أبو يزيد البسطامي واصفا الحقيقة المحمدية بالسر الذي لم يبلغه احد من البشر: " خضت لجة المعارف طالبا للوقوف على الحقيقة المحمدية، فإذا بيني وبينها ألف حجاب من نور لو دنوت لواحد منها لاحترقت كما تحترق الشعرة في النار ". جواهر المعاني لعلي حرازم

ويضيف الشيخ التيجاني واصفا هو الآخر الحقيقة المحمدية بقوله: " فإنها أول موجود أنشأه الله من حضرة العماء الرباني، وأوجدها سبحانه وتعالى مشتملة على جميع ذوات الوجود من الأزل إلى الأبد، والوجود كله متنسل منها كما أن آدم عليه الصلاة والسلام وجوده مشتمل على وجود ذريته إلى قيام الساعة، فما في الوجود آدمي خارج عنه كذلك ما في الوجود ذرة موجودة من الأزل إلى الأبد خارجة عن الحقيقة المحمدية إذ هو الأب الأول للوجود كله، فهذا هو التنزل الأول وهو تنزل وجود الذوات، وكان التنزل الثاني الذي هو فيض الرحمة الإلهية الذي اقتضاه النفس الرحماني مجموع أيضا كله في الحقيقة المحمدية، فكما أنه r هو السبب في إيجاد الخلق كذلك هو السبب في إمدادهم بالرحمة الإلهية... فهو ( محمد) أول موجود عبد الله لكونه لم يتقدمه أحد في الوجود ... مرتبة الوحدة الاسم الأعظم الحقيقية المحمدية: أم الفيض القلم الأعلى، البرزخ الكبرى أم الكتاب كنز الكنوز عالم الجبروت كنز الصفات عالم مطلق، موجود إجمالي موجود أول الوحدة الصرفة أحدية الجمع الدرة البيضاء حقيقة الحقائق، برزخ البرازخ الخلق الأول الظل الأول العقل الأول، المبدأ الأول الظهور الأول عالم الرموز عالم الوحدة عالم الصفات " !! جواهر المعاني

سأل علي حرازم شيخه التيجاني عن المقصود من الآية في قوله عز وجل: (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ...) فأجابه على أن المقصود بذلك البرازخ الموجودة بين بحر الألوهية وبحر الوجود المطلق وبحر الخليقة وأن الرسول الأكرم هو البرزخ بينهم جميعا ولولاه لأحرق بحر الألوهية بحر الخليقة، لأن الوجود كله قائم على مقام الرسول الذي بسبب وجوده لا يتبدد الكون وما فيه، ولا ندري كيف يمكن أن يوفق بين قوله: ( فما ترى ذرة في الكون إلا وعليها اسم أو صفة من صفات الله)، وما بين قوله لا تختلط الألوهية بالخليقة ولا الخليقة بالألوهية) وهو ما يعني أن الله مفصول عن أسمائه وصفاته وذلك حسب ما قاله بلفظه: " معنى البحرين بحر الألوهية وبحر الوجود المطلق وبحر الخليقة، وهو الذي عليه كن وهو البرزخ بينهما صلى الله عليه وسلمr ، لولا برزخيته صلى الله عليه وسلمr لاحترق بحر الخليقة كله من هيبة جلال الذات، بحر الخليقة بحر السماء والصفات، فما ترى ذرة في الكون إلا وعليها اسم، أو صفة من صفات الله، بحر الألوهية هو بحر الذات المطلقة التي لا تكيف ولا تقع العبارة عنها، يلتقيان لشدة القرب الواقع بينهما، ولا يختلطان لا تختلط الألوهية بالخليقة، ولا الخليقة بالألوهية، فكل منهما لا يبغي على الآخر للحاجز الذي بينهما، وهي البرزخية العظمى التي هي مقامه صلى الله عليه وسلم r ، فالوجود كله عائش بدوام بقائه تحت حجابه صلى الله عليه وسلمr استنارا به عن سبحات الجلال التي لو تبدت بلا حجاب لاحترق الوجود كله". المصدر السابق

أبو جابر الجزائري
2010-11-05, 23:48
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أخي الكريم بارك الله فيكم على الموضوع، وفتح عليكم

لكن أودّ أن توضحوا لي ما المقصود بالكلام التالي :


والقول بأن محمدا فضله الله على جميع الرسل، هو ادعاء ليس في محله وكلام مبالغ فيه، ولا يستند لأي دليل من القرآن والسنة النبوية، لأن الله يقول في شأنه:
(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل). آل عمران 144
(ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية). الرعد 38
(يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا). الأحزاب 45

ً

فهل هناك شك في أنّ محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء؟؟، أم بقصد صاحبه شيء آخر، فسياق الموضوع لا يتماشى مع هذا الكلام

وبورك فيكم مرة أخرى

essarab
2010-11-06, 12:55
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أخي الكريم بارك الله فيكم على الموضوع، وفتح عليكم

لكن أودّ أن توضحوا لي ما المقصود بالكلام التالي :




فهل هناك شك في أنّ محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء؟؟، أم بقصد صاحبه شيء آخر، فسياق الموضوع لا يتماشى مع هذا الكلام

وبورك فيكم مرة أخرى

لا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والرسل فضله الله على جميعهم بالدين الذي جاء به، ولكن الصوفية شككت في أنه خاتم النبيين وزعمت أن الباب ما زال مفتوحا أمام بعث الأنبياء وعلى أساس هذا الادعاء حكم الحلاج والسهرودي ونفذا فيهما حكم الإعدام وهما من كبار الصوفية. وتزعم الصوفية أن أول موجود وجد في الكون هو محمد صلى الله عليه وسلم ومنه أنبثق الوجود . وهذا الكلام يبدو واضحا من خلال أقوال شيوخ التصوف.

الباشـــــــــــق
2010-11-06, 19:42
http://m7ml.com/uploads6/d6a6bc810e.gif (http://m7ml.com/)

حازم312
2010-11-06, 22:36
هناك شيئ لم افهمه ....
كيف ان الحقيقة المحمدية كما تسمى في التصوف ...اجمع عليها كل اعمدة التصوف و ائمته بل و تكلموا فيها بنفس المعاني و بنفس التعابير تقريبا رغم انهم من ازمنة متفرقة و في اماكن متعددة و من ثقافات متنوعة

شريف عبد الستار
2010-11-07, 17:13
وانسب الى ذاته ما شئت من شرف وانسب الى قدره ما شئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له حد فيعرب عنه ناطق بفــــــــــــــــــم


صدق الشيخ البوصيري رحمه الله

wessam12
2010-11-07, 22:28
بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا

essarab
2010-11-08, 10:20
هناك شيئ لم افهمه ....
كيف ان الحقيقة المحمدية كما تسمى في التصوف ...اجمع عليها كل اعمدة التصوف و ائمته بل و تكلموا فيها بنفس المعاني و بنفس التعابير تقريبا رغم انهم من ازمنة متفرقة و في اماكن متعددة و من ثقافات متنوعة

الحقيقة المحمدية الممثلة في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم حالة إلهية يرد إليها كل شيء في العقيدة الصوفية وهي من أوجدت الكون وما فيه من خلائق.

essarab
2010-11-08, 10:20
بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا

لك ألف شكر