تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مائة ورقة ورد - غازي القصبي


nassima 14
2010-11-03, 22:20
الورقة الأولى..

عندما ترحل عني..

لا!
لا تطعني شموخ الوداع بتفاهة الإيضاح .
لا تشرحي لماذا كان علينا أن نفترق.
فأنا أدرك أنه ما كان ينبغي لنا أن نلتقي .
إذن ، كانت نزهتنا القصيرة بين النجوم زمردة سرقناها من خزائن الزمن الحديدية بدون حق.
وإذن ، كان جنوننا اللذيذ انفلاتا مؤقتا من سلاسل الحكمة والاتزان .
وإذن ، كان الانفجار المتدفق شعرا وعطرا وكروما وشلالات حرير نزوة عابرة عاد بعدها البركان الصامت القديم إلى وقاره الصامت القديم .
أريد أن أقول.
إن ما كان ، على قصره ، يظل دائماً جزأ من خارطة الزمن ، زمني و زمنك وزمن الأشياء التي أحببناها وأحبتنا.
الأشياء؟
صخور البحر ، القارب العتيق ، الغروب ، الشجيرات وشريط الموسيقى الذي يجهش
"عندما ترحل عني".
تذكرين؟!
أما أنا فعندما أعود إلى الكثبان والوديان فسأحمل في صدري ربيعاً صغيراً متنقلاً تختزنه نظرة من نظراتك الكستنائية .
أما العطر .. أما العطر فقد التحم بخلايا الذاكرة واختفى بين الكريات البيضاء والحمراء.
لا تتكلمي!
اذهبي إلى الشاطئ واجلسي على الصخور وتأملي الغروب يلف الشجيرات والقارب العتيق ودعي شريط الموسيقى يحقق كل تنبؤاته الدامعة!
عندما ترحل عني..



الورقة الثانية ..

المكان..
لست أدري ما الذي جاء بك إلى هذا المكان حيث تقطف الورود وتمضغ،
وتدوس الأصابع الغجرية على براءة الفل، وتسحق الأقدام الثقيلة ذكريات الربيع..
ولكنني أعرف أنك الآن وردة مقطوفة .
زهرة فلٍ فقدت براءتها..ذكرى ربيع سحقته الأقدام الثقيلة .
ألمح في عينيك قرونا من الحزن الأسود العميق تشبه الكحل الأسود العميق الذي يحاصر عينيك ليخفي شماتة الغضون.
وألمح في شفتيكِ لوعة لا تستطيع أن تعبر عن نفسها لأنها نسيت منذ سنين كيف بدأت.
وعلى يديك آثار من الأظفار التي تتغذى بقطرات الدم الصغيرة.
ومع ذلك فأنت تنظرين إليّ وكأنني أحمل معي بشرى الخلاص.
لا! أيتها الفلة التي فقدت براءتها.
إن بضاعتي كلمات اجترها و تجترني حتى شاحنت من التكرار وأصيبت بالحزن.
وكيف لكلمات كهذه أن تبشر بالخلاص ؟
أما أنتِ فقد أصبحت دون أن تدركي أسيرة هذا المكان وجاريته و قهرمانته.
أدمنتِ الأيدي التي تقطف . والأصابع التي تدوس. والأقدام التي تسحق.
أدمنتِ حتى لم يعد بإمكانك أن تتعاملي مع إنسان لا يقطف ولا يدوس ولا يسحق.
ستبقين هنا. تغنين وتضحكين وترقصين. ويرمي لك المكان فتات الخبز والقليل من الفضة الصدئة.
حتى يكتشف المكان أنه لم يعد فيك ما يصلح للقطف أو المضغ أو السحق .
وعندها تنتقلين من قبضته إلى قبضة الكهولة الجليدية بلا كلمة وداع.

فما الذي جاء بك إلى هذا المكان؟!


الورقة الثالثة....
من بيادر جبران....

أنت كريم حقاً..
عندما تعطي ..
ثن تشيح بوجهك..
حتى لا ترى..
حياء الذي يتلقى العطية..
* * *
أن أكون أصغر إنسان..
وأملك أحلاماً..
والرغبة في تحقيقها..
أروع من أكون ..
أعظم إنسان..
بدون أحلام ..
بدون رغبات..
* * *
عندما كنت أنت ..
كلمة صامتة على شفاه الحياة المرتعشة..
كنت أنا أيضاً هناك..
ثم نطقت الحياة..
وعبرنا السنين..
تنبض بذكريات الأمس..
وبالحنين إلى الغد..
فقد كان الأمس ..
الموت الذي قهرناه..
والغد..
الميلاد الذي تبعناه..


للأوراق بقية.....

فريدرامي
2010-11-03, 22:41
شكرا لك على هذا الاختيار
الذى ينبع من ذوقك المميز
.........ونحن في الانتظار

hamzadaksi
2010-11-03, 23:51
بارك الله فيك

جلال المياسى
2010-11-03, 23:54
مشكووووووووووووووووووور

زهرة السندس
2010-11-04, 10:09
http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:qs9JRaHxQ10AJM:http://up.arab-x.com/Feb10/Egr60022.gif (http://www.google.dz/imgres?imgurl=http://up.arab-x.com/Feb10/Egr60022.gif&imgrefurl=http://www.bagdady.com/vb/showthread.php%3Ft%3D214163&usg=__v22MMd4ffksP4xukKRs4x5psA3Y=&h=379&w=281&sz=57&hl=fr&start=18&zoom=1&um=1&itbs=1&tbnid=qs9JRaHxQ10AJM:&tbnh=123&tbnw=91&prev=/images%3Fq%3D%25D8%25B5%25D9%2588%25D8%25B1%2B%25D 8%25A7%25D9%2584%25D8%25B4%25D9%2583%25D8%25B1%26u m%3D1%26hl%3Dfr%26sa%3DX%26tbs%3Disch:1) شكرا على الاختيار الجميل والخس الورهف

nassima 14
2010-11-04, 17:44
الورقة الرابعة..
"بوست كارد" من لندن..

كانت لندن تصحو.. تتثاءب..
تلبس معطفها الشتوي الداكن ..
تتمشى في "هايد بارك"
وقفت لندن في نافذتي ..
باعتني " التايمز" وخبز الصّبح ولتر حليب..
أخذتني لندن في "السب وي"
تركتني لندن في " بيكادللي" وسط السّواح..
وبين حوانيت الحلوى والتبغ أتأمل قومي..
قافلة تتلو قافلة.. تسأل عن "مارك سبنسر"..
جاءتني لندن في الليل..
طافت بي "سوهو"..
خفت من الليل المملوء بتجار النشوة المصبوغ بلون القرمز..
عادت بي لندن للفندق تركتني والتلفزيون أتابع أخبار "البي بي سي"..
في نصف الليل دقّت "بج بن"
قالت لي لندن "جود نايت"..
لو كنتِ هنا ..
كانت لندن..
أحلى ..
أشهى..
أذكى..

الورقة الخامسة..
حديث مع القمر..
وفجأة .. قطع علينا القمر حبل الحديث..
دخل بغتة بيننا. امتزجت أشعته البيضاء بخصلاتك الشقراء في نافورة نزقة من الضوء التصقت عيناك بوجهه الوسيم وصمتت شفتاك ورحتِ في نصف غيبوبة..
وبقيت أنا كالشاعر القديم الذي رأى القمرين في وقت معاً..
أردد مع الأندلسي :
"سل في الظلام أخاك البدر عن سَهري"
يا أخت البدر !
أعرف ما تقولين للقمر. وأفهم ما يقوله لك..
تقولين : هذه الدقائق المسحورة ستتلاشى مع آخر خطوة من خطى الليل..
ويأتي النهار بملله وعلله والصراع مع لقمة العيش الدامية..
تقولين : باطل الأباطيل هذا وقبض الريح. هذا الحب الذي ولد مع القمر ويموت مع الشمس..
فما الجدوى؟!
ويقول لك القمر : يا أختاه!
أنت الآن في مملكتي الذهبية في أحبولتي المصنوعة من ياسمين..
انظري ماذا فعلت . صبغت البحر بألف لون ولون..
حولت الليل كرنفالاً يميس بألف "ريو" . حملت إليك عبق الغابات الاستوائية ..
ورائحة الشبق القادم من الصحراء.
لن يأخذ منك هذه الدقائق اللآلئ.
هذه الجنة الليلية .. في خليج الحوريات والدولفين .
في الجزيرة التي لا يغرب عنها العشق..
يا أخت البدر!
عيناك هالات من الدموع وأنا بدوي ولهان يغني مع جده البدوي الولهان..
كلانا ناظر قمراً ولكن..
رأيتُ بعينها ورأت بعيني..

الورقة السادسة..
من يوميات الشوق..

تريدين أن تعرفي كم اشتقت إليكِ؟! سأحاول أن أصف يومي بدونك ...
أصحو و أفتح الستائر فتبدو الأشجار في الحديقة متعبة شاحبة تسألني: أينها؟!
أحلق في الحمام وأحدّق في المرآة وتتضاعف الشعرات البيض فجأة وتضحك المرأى بخبث وهي تسألني : أينها؟!
وأقرأ جريدة الصباح وأعثر على خبر طريف وأبدأ في الحديث معك قبل أن يصفعني الواقع الوقح بسؤال مباغت : أينها؟!
تمر ساعات اليوم بطيئة .. بطيئة كجِمالٍ تحمل جندلاً وحديداً وتسألني كل ثانية منها : أينها؟!
أعود إلى المنزل وأتخيل وأنا في الطريق أن كل العيون في كل الوجوه تحملق فيّ باستغراب وتسألني : أينها؟!
ويضمني المنزل الخاوي..
أفتح كتاباً في التاريخ فلا أفهم شيئاً لأن كل حرف يغادر مكانه ويصرخ فيّ : أينها؟!
أنصرف إلى المذياع وتنهال الموسيقى طبلاً غجرياً ملحّاً يردد: أينها؟!
أهرب إلى الرائي فتقفز أمامي الصور والألوان والأصوات في سيمفونية مجنونة مشوّشة تعيد وتعيد : أينها؟!
أفر إلى السرير . أضع المخدة فوق رأسي أطمع أن أراكِ فيما يرى لنائم. ويجيء النوم بعد جهاد مرير.
لا أكاد أنام حتى فاجأني حلم غريب غاضب يسألني كأنني متهم أمام القضاء :أينها؟!
وأفيق . انتظر الصباح المرهق..
أيتها الغالية!
هل بدأتٍ تعرفين كم أشتاق إليك؟!


للأوراق بقية

nassima 14
2010-11-04, 17:48
:dj_17: الأخ جلال/ فريدرامي/حمزة و الأخت زهرة
نورتم موضوعي و هو متألق بوجودكم

nassima 14
2010-11-05, 18:54
الورقة السابعة..
أزاهير من حديقة شيلى..

هاأنذا أصحو من حلمي بكِ ..في أول ساعات النوم العذبة..
حين تتنفس الرياح برفق.. وتلمع النجوم بشدة..
الينابيع تمتزج بالنهر و الأنهار بالمحيط ..
ورياح السماء في امتزاج دائم..
في نشوة حلوة..
ليس ثمة شيء وحيد في هذا العالم ..
هذه سُنّة الخالق..
لماذا لا يمتزج روحانا؟
عندما يتحطم المصباح ..يموت الضوء في الفتيل..
وعندما تتبعثر السحابة..تزول روعة قوس قزح..
وعندما يتحطم العود..تضيع ذكريات اللحون..
وعندما تنطق الشفاه..تتلاشى الكلمات التي نحبها..
تنام الأرض في أذرع المحيط..
ويحلمان معاً..
بالأمواج والسحب والغابات والصخور..
كل تلك الأشياء التي نراها في ابتسامتيهما.. ونسميها الحقيقة..


الورقة الثامنة..
بعد عشرين..

بيننا يا صديقة الأمــس بحـــــــرٌ *** وفــــلاة ... وبيننـــــــــا الأخريــــاتُ
بيننا الأربعــــــون تلهـــــــث في *** شعري ... شيبــاً كأنه جمـــــــراتُ
بيننا الأربعــــــون تطــــــفو على *** عينيك ليلاً نجومـــــه مظلمـــــــاتُ
بعد هذه السنيـــن ... مــــــــاذا *** تريدين؟...و فيم الرسائل الواعـداتُ
هي عشرون وانقضت... فدعيها *** ودعيني ... مكاننــــــــا الذكريـــاتُ
بعد عشرين .. هل يعـــود صبيٌ *** لصبـــاه ... وهل تعود فتــــــــــاةُ؟!


الورقة التاسعة..
المؤامرة..

إذن ، تسلقت بوابة القلب.
إذن ، تمكنتِ أن ترتقي الجدران المرصعة بقطع الزجاج ، المطوّقة بالأشواك الوحشية..
وإذن ، استرقت السمع ..
فاجأتِ قلبي يتحدث مع نفسه :
" أيها الرفيق القديم ، بدأنا نشيب . بدأنا نشيخ . الثلج في كل شبر .
العنكبوت في كل زاوية . الغبار يمتص الخلايا "
وعندها بدأت مؤامرتك الصغيرة .
تواطأت مع الزهور فقالت لي إنك مررتِ بها هذا الصباح .
مكرتِ مكرك مع العصافير فكانت زقزقتها حروف اسمك.
وانضم الغيم إلى المؤامرة فتلّون بضفائرك.
ونجحت المؤامرة.
خفق القلب العجوز وصفق. وطرب ورقص .
ذاب الثلج . رحل العنكبوت. وتطاير الغبار.
وانهمرت من كل مكان سمفونية العشق المجنونة.
وأضبئت الشمعة . وأقبل الأصدقاء.
وكانت المفاجأة ...
يحتفل القلب بعامه الأول.. القلب يتحول إلى طفل صغير شقيّ يحبو.
ويموء كالقطط الضئيلة . ويعبث بالأثاث ويطارد ذيله.
ووقفت أتأمل قلبي الجديد القديم..
أتأمله ينبض على انطباقة جفنتين من النرجس.
ويصحو على تمرد شفتين من الشفق. ويستسلم سعيداً ليدين من حرير.
مرحباً بك في قلبي!

الورقة العاشرة...
المد والجزر..

تستطيعين أيتها الغالية ، أن تفهمي كثيراً من غرائب الدنيا وعجائبها
إذا تذكرت أن ظاهرة المدّ والجزر لا تقتصر على حركة المياه على الشواطئ
ولكنها تشمل كل نشاط إنساني..
مع المد تجيء أشياء كثيرة .. أفكار وحركات وتيارات ومبادئ وأشخاص..
سرعان ما تزول مع الجزر..
وإذا ما بحثنا عن تفسير لظهورها وتفسير لاختفائها..
لم نجد سوى حقيقة بسيطة .. وهي أن المدّ أحضرها وأن الجزر أخذها معه فيما يأخذ.
هذا يفسر لنا كيف يفشل زعيم سياسي في الوصول إلى مقعد الحكم
(( لأنه لم يعانق المدّ ))
ثم ينجح نفس الزعيم في الوصول إلى نفس المقعد (( لأنه وصل مع المدّ ))
تذكّري نيكسون . وكيف اختفى ثم عاد..
وتشرشل وكيف قذف به مدّ الحرب العالمية الثانية إلى القمة ثم اختطفه جزرها..
وريجان الذي قيل عنه قبل أكثر من خمسة عشر عاماً أنه لا يصلح للحكم لكبر سنه ..
(( لم يظهر مد الشيوخ في تلك الأيام ))..
كم إيديولوجية سادت العقول والقلوب (( لأنها تزامنت مع عنفوان المدّ )) ثم تلاشت دون أثر (( مع إقبال الجزر ))..
هذا هو السر وراء كل فشل وكل نجاح..
كم من عبقري فشل وهو يستحق النجاح لأنه أخطأ المدّ..
وكم من غبي نجح وهو يستحق الفشل لأنه امتطى المدّ..
و الظاهرة تشمل جوانب الحياة كلها حتى التجارة والأدب والفن والرياضة والأزياء..
تسألين : ولكن كيف أستطيع أن أتوقع المدّ؟
تلك يا موجتي القادمة ،قصة أخرى ... طويلة...



للأوراق بقية......

nassima 14
2010-11-12, 22:42
الورقة العاشرة
المد والجزر..

تستطيعين أيتها الغالية ، أن تفهمي كثيراً من غرائب الدنيا وعجائبها
إذا تذكرت أن ظاهرة المدّ والجزر لا تقتصر على حركة المياه على الشواطئ
ولكنها تشمل كل نشاط إنساني..
مع المد تجيء أشياء كثيرة .. أفكار وحركات وتيارات ومبادئ وأشخاص..
سرعان ما تزول مع الجزر..
وإذا ما بحثنا عن تفسير لظهورها وتفسير لاختفائها..
لم نجد سوى حقيقة بسيطة .. وهي أن المدّ أحضرها وأن الجزر أخذها معه فيما يأخذ.
هذا يفسر لنا كيف يفشل زعيم سياسي في الوصول إلى مقعد الحكم
(( لأنه لم يعانق المدّ ))
ثم ينجح نفس الزعيم في الوصول إلى نفس المقعد (( لأنه وصل مع المدّ ))
تذكّري نيكسون . وكيف اختفى ثم عاد..
وتشرشل وكيف قذف به مدّ الحرب العالمية الثانية إلى القمة ثم اختطفه جزرها..
وريجان الذي قيل عنه قبل أكثر من خمسة عشر عاماً أنه لا يصلح للحكم لكبر سنه ..
(( لم يظهر مد الشيوخ في تلك الأيام ))..
كم إيديولوجية سادت العقول والقلوب (( لأنها تزامنت مع عنفوان المدّ )) ثم تلاشت دون أثر (( مع إقبال الجزر ))..
هذا هو السر وراء كل فشل وكل نجاح..
كم من عبقري فشل وهو يستحق النجاح لأنه أخطأ المدّ..
وكم من غبي نجح وهو يستحق الفشل لأنه امتطى المدّ..
و الظاهرة تشمل جوانب الحياة كلها حتى التجارة والأدب والفن والرياضة والأزياء..
تسألين : ولكن كيف أستطيع أن أتوقع المدّ؟
تلك يا موجتي القادمة ،قصة أخرى ... طويلة...

الورقة الحادية عشر..
لآلئ من بحار ناجي..
شوق الكهولة

أأرى شروقكِ في أفول مغــاربي؟***وأشم عطرك في ذبول شبابي؟
تجارة
أشتري الأحلام في سوق المنى***وأبيع العمر في سوق الهمــوم
الجهل القديم
آه! من يــــأخذ عـــمري كلــــــــه***ويعيد الطفل والجهل القديـــــم
الغربة
يا حبيبي! كــان اللقـــــاء غريبــــاً***وافترقنا ... فبات كلٌ غريبــــــــاً
الحمّى
أيها الأسى لنــــــــاري هــــــــذه***ما الذي تصنع بالنار الدفينــــــة؟
الرحمة
نضبت رحمـــــــة الوجــــود جميعاً***وبك الرحمة التي ليس تنضـــب
الدنيا
إنمـــــا الدنيــــا عبـــــاب ضمنـــــا***وشطوط من حظوظ فرقتنــــــــا
في المرآة
أبصرت في المرآة آخـــر قصتـــــي***ونعى نفسي إليّ النـــــــــاعي
الآخرون
لن يحبوك كحبي .. لــــن تــــــرى***ضاحكاً مثلي .. ولا حزناً كحزني
فجر الأسى
لم أكن أعلم يا ليــــــل الأســــى***أن في جنحك لي فجراً جنينــــا
ابنة الشاعر
ما تلتقي عيني بعينـــك لــــحظة***إلا رأيتُ صباي في عينيــــــــــك
لحظة الوداع
وكأن ثغرك والنوى تعدو بنـــــــــا***شفق يلوح على نضيد زنابـــــــق
الدميم
يا عبقريـــــــاً في شنـــــــــاعته***ولدتك أمك وهي معتـــــــــــــذرة
الخديعة
خدعتنـــــا مقلتاه!..خدعتنــــــــا***وجنتاه!خدعتنــــــــا شفتـــــــــاه

الورقة الثانية عشر..
لآلئ من بحر ناجي ( 2 ) ..
هزيمة..

طأطأت للبين المشتت هامتــي***وخفضت للقدر المغير جنــــــاحي
امرأة..
مر الغريب .. فباعدت يدهـــــــــا***وخلا الطريق ..فقربت فمــــــــــها
في الزحام..
إني غريب .. فتعالا يا سكنــــي***فليس لي في زحامها أحــــــــــد
الانتظار..
ما بقائي .. وأجمل العمر ولـى؟***وانتظاري حتى يجيء الشتــــــاء؟
زائرة الخريف..
جئتِ في الخريف والروض عـــارٍ***فكسوتِ الربى عذارى البراعــــــم
أنا..
سائلي الأعماق عن غواصــــها***أنا صياد لآليَها .. أنــــــــــــــــــــــا!
أصدقاء..
مرَّ الهــــــــوى في ســـــــــلام***فلنفتــــــــــــــرق أصدقـــــــــــــــاء
الألم..
وإذا انحط زمــــــــــــــان لم تجد***عاليا ذا رفعة .. إلا الألـــــــــــــــــم
العمر..
وما العمر إلا أنتَ والحب والمنى***وما كان باقي العمر غير ضــــــلال!
الحب المعلم..
ذلك الحــــب الذي علمنــــــــي***أن أحبَّ الناس والدنيا وجميعــــــــاً
ديار الحبيب..
يا ديار الحــــــــب هل كان حلمـاً***ملتقى دون موعــــــــــــدِ .. يا ديار
كيف أنساك؟..
كيف أنســـــــــــاكِ وقد علمتني***كيف يحيا رجل فوق الحيـــــــــــــاة
الكف الكاذبة..
كذبت كـــــــــــــفٌّ على أطرافها***رعشة البُعد .. وإحساسُ المسافر
أين؟
أيها الساكــــــــــن عيني ودمي***أين في الدنيا مكان لســــــت فيه؟

الورقة الثالثة عشر..
الصداقة..
هل تدرك كم أتعذب بصداقتك؟!
هل تدرك أنني لو ملكت حرية الاختيار لترددت طويلا قبل أن أدخل عالمك المزدحم صديقاً؟
أنت متعب .. وصداقتك متعبة .. وأنا أنتقل من تعب إلى تعب..
أنت متعب لأنك تصر على أن تكون أنت وحدك في عالم لا يعترف إلا بملايين النسخ المتكررة ..
وأنت متعب لأنك تستطيع ، دون أدنى مجهود ، أن تكون ساذجاً كملاح عجوز وعميقاً كفيلسوف محنّط..
وأنت متعب لأنك لا تثير في أحد أية مشاعر محايدة ..
لا تثير سوى الإعجاب الجارف أو الكره العميق أو الغيرة المتأججة..
وصداقتك متعبة ..
ذلك لأنك تمنح و لا تأخذ .. تزور ولا تزار..
تسأل ولا تتوقع أن يسأل عنها أحد..
صداقتك تعطي لوجه الله لا تريد جزاءً ولا شكوراً..
وأجيء أنا ، بعد هذا كله ، لأضيف تعبي إلى رصيد التعب المتراكم..
أُتعب نفسي وأتعبك عندما أحمل كل آلامك وأدفنها خنجراً مسموماً صغيراً في صدري..
أتعب نفسي وأتعبك عندما أخوض معك كل معاركك ..
حروبك الحقيقية ومغامراتك مع طواحين الهواء..
أتعب نفسي وأتعبك عندما أتصور الوجود بدونك..
ويذوق (( كلانا ثكل صاحبه قدماً ))..
ولكن!
عندما أعود إلى صندوقي السحري وأتأمل ما أملكه من كنوز الدنيا الفانية أجد لؤلؤة بيضاء فريدة يخطف بريقها الأبصار..
أتعرف ما اسمها؟!
اسمها الصداقة .. أيها الصديق!

الورقة الرابعة عشر..
المحاكمة..

أتريدين أن نتقاسم الأخطاء؟
أتريدين أن نقيم محاكمة مصغرة يمثل أمامها مندوب الادعاء والمتهم ويثور جدال عنيف صاخب قبل أن يصدر القاضي حكمه النهائي؟
أتريدين أن نستعرض الماضي ، ثانية ثانية ، واقعة واقعة ، وكلمة كلمة ، لكي نقرر من أصاب ومن أخطأ؟
دعيني أختصر المشوار فأقول أننا مذنبان وبنفس الدرجة..
لقد أذنبنا حين اعتقدنا أننا نستطيع أن ننصب بمفردنا خيمة من الشعر وسط عالم من الحرائق..
حين ظننا أن بإمكاننا أن نفرّ من دنيا الحقد والكراهية إلى قوقعة الحنين..
حين تصورنا أننا نستطيع أن نتجاهل ضجيج الكون ونفتح قلوبنا للسمفونيات الزرقاء..
كان هذا ذنبنا الأعظم..
ثم اكتشفنا أن الحرائق تستطيع أن تلتهم الخيام وأن قبضة الحقد تستطيع أن تهشم القواقع الصغيرة ..
وأن الضجيج يخمد كل السيمفونيات..
بدأنا نتحاور .. ونمت للحوار أظافر ومخالب..
قلت أنت ِ إنه كان بإمكاننا أن نعيش بمعزل عن العالم الخارجي المشوه .. لولاي..
وقلت أنا إنك فتحت الباب الذي دخلت منه الجراثيم المسمومة..
وقلنا ، وقلنا ..
تبقى ثمة حقيقة مفروشة في وجداني كما أعلم ، وفي وجدانك ، كما أرجو..
لقد تمكنا من أن نحلم ، برهة ، في خيمتنا الشعرية ، في قوقعة الحنين ، في السمفونية الزرقاء..
أنجزنا هذه الروعة معاً ..
هل يهم بعدها من الذي أخطأ؟

الورقة الخامسة عشر..
الوردة والبلبل..
((ترجمة قصيدة للشاعر حافظ ))

في الفجر كنت أتمشى في الحديقة الحسناء..
اجمع الورود..
عندما سمعت فجأة غناء البلبل..
وا أسفاه ! لقد أحب وردة .. مثلي..
وهو يتعذب بحبه .. مثلي..
ويمضي يرسل في الآفاق ..
تشييح ألمه..
مضيت أتنقل بين الأزاهير ..
بخطوة حزينة بطيئة..
أفكر في القصة الفاجعة.. الحب .. والوردة .. والبلبل..
كم كانت تلك الوردة جميلة !
أحبها البلبل بعمق..
لك يكن بوسعة البقاء بدونها..
ولكنه لم يحظ منها بكلمة حنان واحدة..
هزني غناء ذلك البلبل العاشق..
هزني حتى لم أعد أحتمل غناءه..
ما أكثر الورود الشذية الرائعة..
ولكن هل يمكنني قطف واحدة..
دون أن يدميني شوكها؟!

الورقة السادسة عشر..
طفل في الهفوف..

هفوف!
الطفل في فراشه..
يسمع صوت الذئب من بعيد..
يبحث حين تقفل " الدروازة "..
عن ولد وحيد ..
الطفل في فراشه..
يسمع صوت " أم الليف "..
تطير في الزقاق..
تملئ الغرفة بالرفيف والحفيف..
الطفل في فراشه يخاف..
أطرافه باردة تحت اللحاف..
وعندما ينام..
يتبعه الذئب إلى الأحلام..
ومرّت الأعوام..
كبرت يا هفوف..
لكنني إذا أويت للفراش..
أسمع صوت الذئب من بعيد..
يبحث حين تقفل " الدروازة "..
عن ولد وحيد..

الورقة السابعة عشر..
رحيل الساحر الصغير..

تقولين بدهشة : لقد حدث شيء غريب غريب..
تقولين : إن عيوننا تلتقي الآن فلا يبصر أحدنا في عين الآخر ملايين الأفلاك والمجرات والعوالم..
تقولين : إن أصابعنا تشتبك الآن دون أن ينفجر ذلك الحريق المدمر الجميل الأخضر..
تقولين : إننا نتحدث الآن فلا تورق الكلمات بالبرتقال والعنب والليمون..
تتساءلين : ماذا حدث؟
حدث أن ذلك الساحر الصغير الذي كان يسكن عيوننا وأصابعنا وكلماتنا امتطي بساطه الطائر ورحل..
فعادت العيون إلى طبيعتها : نوافذ نطل منها على العالم الخارجي ..
واستأنفت الأصابع وظيفتها اليومية : أدوات نستعين بها على اللمس والالتقاط..
ورجعت الكلمات إلى أبجديتها القديمة : عارية من الكروم والواحات..
ماذا سنصنع الآن ؟ تسألين بحرقة ..
لا شيء..
من العبث أن نحدق في عيون فارغة أو نتلامس بأصابع باردة ، أو نتحدث بلغة ميتة..
من العبث أن نطارد الساحر الصغير ونحن نجهل اسمه وعنوانه وخط سيره ومحطته القادمة..
فلنبتسم ، إذن ، ونحن نسترجع الأيام التي قضيناها في صحبة ساحرنا الصغير..
ولنبتسم ، مرة ثانية ، ونحن نتصور حبيبين آخرين ينعمان الآن برفقة ساحرنا الصغير..
ولنبتسم ، مرة ثالثة ، ونحن نحلم بليوم الذي نعود فيه ، دون موعد ، ساحرنا الصغير.

الورقة الثامنة عشر..
قليل من الحب..

لن أستطيع أن أحل معضلة وجودك..
هذه حقيقية مؤكدة ..
ولن تستطيع أن تحلي معضلة وجودي..
هذه حقيقية مؤكدة ثانية ..
ذلك أن معضلات الوجود تعيش في دهاليز الروح المظلمة التي لا يتسرب إليها ضوء نجم ، ولا تدنو منها نسمة هواء ..
تصطرع مع الكوابيس ، مع الأشباح ، مع الأسئلة التي لا تملك جواباً ، مع المجهول الذي يصب في مجهول ..
ونحن نحمل دهاليزنا المظلمة ، نروح ونجيء، نبتسم ابتسامة بلا روح ، ونضحك ضحكة بلا فرح ، ونتظاهر أن وجودنا خلو المعضلات ..
ولكننا عندما نخلو إلى أنفسنا ندرك أننا نحاول أن نخدع قاضياً لا يخدع..
لا نستطيع أن نحل معضلات وجودنا ..
ولكننا نستطيع أن نقتسم لحظة وردية فاتنة..
في تلك اللحظة نضحك .. وتجيء ضحكاتنا صافية كالخرير..
ونبتسم.. وتجيء ابتسامتنا مشرقة كالشموس..
نلعب على الرمل.. نعدو فنسبق ظلنا ، كما يقول ناجي..
نمتطي أراجيح النجوم.. ننزلق على تلال الخيال..
نزور مقاصير الشعر..نسافر على أشعة القمر..
سنقتسم هذه اللحظة الوردية الفاتنة ..
ومعها قليل من الحب..
ثمة حقيقية مؤكدة ثالثة ..
بقليل من الحب..
نستطيع أن نواصل السير في الرحلة المرعبة ..
بقليل من السعادة..

الورقة التاسعة عشر..
باقة من أغاني الحب اليابانية .. ( 1 )

الثلج المتساقط على الجبل..
يذوب مع النهار..
وشعرها ..
يذوب مع النوم..
كم تمنيت لو كنت القمر..
لأسطُع وأسطُع..
على السرير..
الذي ينام فيه حبيبي..
في صدري..
تحترق شعلة الألم..
ولكنها تحترق بصمت..
فلا يدري أحد..
الليالي مليئة بالثلج المنهمر..
بوريقات الشاي..
إذا كنت تريدني.. تعال!
لا! لن أغسل هذا الرداء..
هدية حبيبي..
حتى لا تشحب..
ذكريات الحب..

الورقة العشرين ..
باقة ثانية من أغاني الحب اليابانية .. ( 2 )

إذا جاءت الريح..
وانحت أمامها شجيرات المعبد..
ألا تنحني أنت أيضاً..
أمام ريح الحب؟!
أتنوي الذهاب الآن؟
كم أتمنى لو بقيت ..
لو أن السماء أمطرت..
وأمطرت .. وأمطرت !
يقولون لي:
"هذا جنون! .. هذه حماقة! "..
ولكنني لا أستطيع الخروج..
من ظلمات الحب..
أتذكّره في الليل ..
وأتحدث إلى وسادتي :
"تكلمني! .. تكلمني ! ..فأنا أحترق.."
كما يلتصق الضباب ..
بقمة الجبل الشاهق..
تلتصق عيناي به..

للأوراق بقية.......

nassima 14
2010-11-14, 00:01
الورقة الواحد والعشرين..
باقة ثالثة من أغاني الحب اليابانية .. ( 3 )
يا للروعة...
اليراعان المتطايرة..
الضوء..
الطريق ..
الذي نسير عليه معاً..
عندما أنام بمفردي ..
أصفّ الوسائد حولي..
واسمّي إحداها حبيبي..
وأعانقها.. وأنام..
عندما نقطف الأعشاب ..
من حقول الأرز..
أنا وحبيبي..
تبقى الأعشاب..
دون قطاف..
الحب !.. الحب !..
وأتيت أجري محترقة ..
لماذا تقفين خرساء هكذا ..
لا تنطقين بحرف؟!
العنادل والأغصان..
الغزلان والغابة..
السمك والماء!..
أنا وأنت .

الورقة الثانية والعشرين..
الصحراء .. وأنتِ..
لأول وهلة .. لا يبدو بينك وبين الصحراء أي شبه..
لأول وهلة .. تفزعين من المقارنة وتحتجين بعنف ..
الصحراء مخيفة .. ملتهبة .. مليئة بالصخور والرمال .. تقولين ..
الصحراء قاسية القلب .. تمضغ القوافل التائهة ..
الصحراء عالم بلا خصب.. بلا ماء.. بلا روح..
ربما!
ولكن هل رأيتِ الصحراء؟
هل رأيتِ الصحراء ذات أمسية من أماسي الصيف..
حين تدنو النجوم من الأرض .. تقترب حتى يمكن أن نلامسها بالأصابع ..
تنهمر من السماء إنهماراً ويشتعل الأفق في مهرجان من الجمال..
لو رأيتِها لما غضبتِ حين أقول : أنتِ كالصحراء في أماسي الصيف..
ولكن!
هل رأيتِ الصحراء قبيل الشروق ..
وألوان الفجر الحمراء تنسكب على عباءة الليل الرمادية..
ونيران المخيّم تصارع قشعريرة النسيم ..
والحياة تحتفل احتفالاً صاخباً بمولد يوم رائع جديد؟
لو رأيتها لسررتِ حين أقول : أنت كالصحراء في لحظات الشروق..
ولكن!
هل رأيتِ الصحراء في الربيع بعد موسم العطاء..
كيف تتفجر اقحواناً و خزامى وزهوراً لها ألف اسم وألف شذى..
وكيف تختفي الرمال في بحار من الخضرة المتأججة؟
لو رأيتِها لابتسمتِ حين أقول :أنتِ كالصحراء..
في عرس الربيع..
فيا صحرائي الغالية الفاتنة..
رحبي بهذا البدوي..
خذيه إلى أقرب واحة..

الورقة الثالثة والعشرون..
سؤال صغير .. وقح!
أنتِ يا سيدتي ، كما يبدو بوضوح ، ثرية جداً..
فهذا الخاتم الماسي.. أثمن من المنزل الذي أسكنه..
وهذا الرداء الباريسي كنز متنقل..
وأنتِ يا سيدتي ، بدون ريب ، جميلةٌ جداً..
العيون الكحيلة دون كحل.. القوام الذي ينتصب كنخلة مراهقة مغرورة..
الشعر الذي ينحدر كمهرجان في الليل الملامح السمراء الودود ..
الشفاه التي تقول دون أن تتكلم ..
وأنتِ يا سيدتي ، بدون شك ، مثقفةٌ جداً..
فأنتِ تتعاملين مع بُكائيات كافكا.. و رجودية سارتر.. وتعادلية الحكيم .. ومأساة لوركا..
كما تتعامل زميلاتك في العالم العربي مع ثرثرة الكوافير وإشاعات الجيران ..
وآخر وصفت الكعك بالزبيب..
وأنتِ يا سيدتي ، كما لاحظت نشيطةٌ جداً..
كل هذه المؤتمرات ، والجمعيات ، والمقابلات ، والذوات والمحاضرات ، والقضايا..
وأنتِ يا سيدتي ، بلا تردد ، ساحرةٌ جداً..
لا أعتقد أن رجلا يستطيع أن يفلت بسهولة من القيود الحريرية التي تغزلها عيونك..
وينسجها صوتك.. وتضفرها يداك..
كل الرجال في القاعة الواسعة كانوا مأخوذين مبهورين كأطفال فوجئوا بقلعة مصنوعة من الحلوى..
يا سيدتي ! يامن تملك كل شيء..
لماذا تريدين أن تكوني ، بعد هذا كله ، شاعرة ..
وأنتِ يا سيدتي ، يا من تملك كل شيء ، لستِ شاعرة ..

الورقة الرابعة والعشرون..
بيروت..
ما التقينا نحن من عشر سنين..
آه يا بيروت ..
أدمتك الرصاصات..وداستك حراب الفاتحين..
وتغيرت كثيراً..
غاب عن عينيك نجم..كان نور السامرين..
وانطوت روحك في قمتها مثل السجين..
وتغيرت كثيراً..
أنت لو أبصرتني..
راعك في وجهي شحوب الخائفين..وذهول الضائعين..
أنت لو أبصرتني..
راعك هذا السهم في ظهري..وهذا النصل في صدري..
وإفلاسي من الطهر..وأكوام من الشعر الحزين..
آه يا بيروت لو نحن التقينا..
فسألقي رأسي المتعب في الصدر الذي ضم جميع المتعبين..
وسنبكي ..
وسنحكي.
كل ما ذقناه من عشر سنين.

الورقة الخامسة والعشرون..
حديث الشيخ الشاب..
كان في السابعة والسبعين .. وكنا حوله مجموعة من سن أولاده..
كان أكثرنا نشاطاً.. وأعظمنا سعادة .. وأحسننا صحة..
كان يبدو في حدود الأربعين .. الأربعين الباسمة .. لا العابسة..
وكان يتحدث ويضحك .. ونضحك معه..
شدّت الظاهرة أنظارنا..كنا نتساءل عن السر الذي يحول هذا الشيخ شاباً..
ويحول كثيراً من الشباب شيوخاً..
وتكلم أحدنا باسمنا جميعاً:
كيف استطعت أن تكون بهذه الحيوية وأنت في هذه السن؟ ما هو السر؟
وضحك شيخنا الشاب.. وأجاب على الفور:
السر بسيط.. هي ثلاثة أشياء ولا شيء سواها..
لا تخف الموت .. فالموت قادم في أوانه لا يقدمه شيء ولا يؤخره شيء..
ولا تخف الفقر .. فالله قدر لك رزقك ويسرك لما سوف يعطيك..
ولا تحسد أحدا على شيء .. فالحسد جهنم الدنيا..
وعاد الشيخ إلى حديث ذكرياته..
وأطرقت قليلاً أفكر فيما قاله..
أذكر نصيحته الأولى.. وأتأمل الوجوه التي حولي ..
والهلع الذي ينتاب أصحابها مع قدوم كل شعرة بيضاء..
ومع كل صداع ومع كل خفقان في القلب..
أذكر نصيحته الثانية .. وأرى السباق المحموم وراء الأسهم والعقارات والذهب والفضة..
هذا السباق الذي يبتلع ساعات النهار عملاً وساعات الليل تفكيراً..
أذكر نصيحته الثالثة..وأمامي مجتمعنا يوشك أن يتحول مباراة كبرى بين أفراده في التكاثر والتفاخر والتظاهر ..
ورجعت أتأمل شيخنا الشاب .. يقهقه من الأعماق..
لا يخشى السكر .. ولا انخفاض الدولار.. ولا يفكر في الأرض التي اشتراها جاره ..
قلت له دون تفكير: دعني أقبل جبينك..

الورقة السادسة والعشرون..
لماذا لا تحبني؟!
كنت يا أبتاه في السبعين وكنت أنا في التاسعة.. أصغر أبنائك..
كانت السيارة تقلّنا إلى حيث نلتقي بأصدقائنا قبيل الغروب..
في ضاحية من ضواحي المدينة ..
التفت إليك فجأة .. وقلت : أبي ! لماذا لا تحبني؟!..
تظاهرت ، يا أبتاه ، أنك لم تسمع السؤال .. ولكنني رأيت وجهك يتقلص بالألم والدهشة ..
وشعرت بالندم .. وتمنيت لو استطعت أن استرد الكلمات .. أو أن أغسلها بكلمات جديدة..
قطعنا باقي الطريق صامتين واجمين نبحر في أفكارنا الخاصة ..
كيف كان بوسعي ، يا أبتاه ، أن أشرح لك ما عنيت؟
أن أقول إن حاجز الاحترام بيني وبينك كان ينسيني في كثير من الأحيان أنني ابنك ..
أن أقول كم كنت أتمنى لو حملتني على كتفك ، لو ضحكت معي ..
لو أخذتني في جولة على الأقدام.. نحن الاثنين فقط..
ووصلنا إلى حيث يجتمع أصدقاؤك ..
و التفت إليهم وبدأت تتحدث بانفعال..
"هل علمتم ماذا قال لي (( هذا )) قبل قليل..؟؟!؟
سألني لماذا لا أحبه هل تصدقون؟!
ماذا يريدني (( هذا )) أن أفعل؟؟!
أن أعترف له أنني لم أحمل في حياتي صورة غير صورته (( وأخرجت الصورة يا أبتاه من محفظتك )) ؟؟
هل يريدني أن أقول له كم أتألم عندما يمرض؟
وكم أشتاق إليه عندما أسافر؟؟
هل يريد أن أدلّله ؟!
أن أفسده؟؟!!
سوف يكبر ذات يوم ويفهم..".
وضحك الأصدقاء وغصت في غمامة من الخجل الأحمر..
كبرت .. يا أبتاه.. وفهمت..
وأدركت يا أبتاه .. كم كنت تحبني..
يرحمك الله!..

الورقة السابعة والعشرون..
رياحين من إبراهيم العريّض..
صوت السرور..
لم أكن قبل ذلك الصـــــــــــــــــوت أدرى***أن في الأرض كل هذا الســــــــــــــــرور
اليتيمة..
وهل أشبهت دنياي إلا قــــــــــــــــــلادة***بديعاً دراريها .. وأنتِ يتيمهــــــــــــــــــــا؟
الازدواج..
كأنما الدنيا ازدواج .. فمـــــــــــــــــــــــــا***شيئان إلا و هما في اتحـــــــــــــــــــــاد
الضفائر..
اعذريني إذا تلمســــــــــــــــــــتُ قلبي***بين تلك الضفائر الســــــــــــــــــــــــوداء
الوجنة..
تضاحك الورد لما قيــــــــــل في وجنتها***أ كنت يا ورد مشغوفاً بإطــــــــــــــــــــراء؟
الخيال والحقيقة ..
أنا .. ذاك الذي عشقت خيـــــــــــــــــالاً***ثم أعرضت عنه .. وهو حقيـــــــــــــــقة !
الرواة..
سألتني أ أنت تشـــــــــــــــــعر؟.. هلاّ ***سألت عني النجوم .. رواتـــــــــــــــــــي!
الشاعر..
هو من أحــــــلامه في جنـــــــــــــــــــة***فإذا حدّث عنـــــــها قيـــــــل جُنّــــــــــــــا!
الطهارة..
هذه التربة .. مذ غنى بها أهل الحداء***لم يطهرها من الرجس سوى تلك الدماء
الحرمان..
هل أرى البحر زاخر بين جنبــــــــــــــيّ***وأرضى من الحيـــــــــــــــــــــــاة بقطره؟!
الطبيعة الحزينة ..
إن الطبيعة لو تمثل شخصـــــــــــــــــها***لبدت فتاة في ثياب حـــــــــــــــــــــــــداد
الجوار المؤلم..
حسب المفــــــــــــــــــجع أن يــــــــراكِ***وإن تملــــــــــــــــــمل في جــــــــــــواركِ!
الظبية..
أوه! أنى ظفرت بالجيــــــــــــــــــد هذا؟***هو وقف على ظبــــــــاء البيــــــــــــــــــد

الورقة الثامنة والعشرون..
أندلسية..
عيونك نوافير أندلسية..
تلعب بالأقمار والنجوم..
وعندما سافرت في عيونك ..
صحوت في غرناطة..
شعرك شجرة زيتون سوداء..
تنبت كل زيتون قصيدة..
وتنبت كل قصيدة جناحاً..
يحملني إلى قرطبة..
شفاهك ورود ندية..
ضحكت لي وقالت:
ألا تذكرني؟!
وفجأة .. رأيت ولاّدة
ألقيت على ابن زيدون السلام..
ولكنه كان مشغولاً عني ..
يكتب بالبرق..
على أسوار القصر الشاهق..
عندما افترقنا ..
كنت أنزف من الداخل..
أسداً حجرياً جرياً..
من أسود الحمراء

الورقة التاسعة والعشرون..
المغني العجوز..
كان يرتدي بدلة فاقعة ، وربطة عنق فاقعة ، ويغني أغنيات فاقعة..
البدلة مفصّلة بعناية لكي تصلح ما أفسده الدهر..
وربطة العنق تم اختيارها بدقة كي تشد الانتباه إليها..
والأغاني الفاقعة تصدم و تثير وتستفز لكي ينسى السامعون أنها صادرة من حنجرةٍ عجوز..
ماذا فعل المغني العجوز بالشعرات البيض؟!
استأصلها بلا رحمة..
بالغضون؟
شدها في عيادة في سويسرا..
بالسنين؟
تظاهر أنها لم تعبر به ولم يعبر بها..
كان المسرح مزدحماً..
المراهقون يصفقون للمغني العجوز الذي اكتشفوه أول مرة..
والكهول يصفقون للمغني العجوز الذي اكتشفوه عندما كانوا مراهقين..
والمغني العجوز.. ينتشي بالتصفيق.. ويكرر أغانيه الفاقعة..
المغني العجوز يعتقد أنه لا يزال المغني الفتي.. ويحاول أن يقنعنا ونحاول أن نقتنع..
غير أن حبّات العرق تتراكم على الجبين المشدود في سويسرا ويصاب الصوت بغتة بالحشرجة..
كم تمنيت لو كف المغني العجوز عن الغناء ، لو شكي إلينا الإرهاق.. ثم حدّثنا عن ذكريات شبابه..
ولو كان الصوت المتهدّج يصر على أن يلوك الأغاني الفاقعة..
أتذكر شطر بيت للسياب .. " الذي مات قبل أن يصبح عجوزاً "
هَرِمَ المغني العجوز
وأصفّق بحرارة !

الورقة الثلاثون..
الزلزال..
(( ترجمة قصيدة للشاعرة آن فيريرين ))
عندما استيقظت بعنف مفاجئ..
لم أسمع سوى دقات قلبي..
وشيئاً فشيئاً دخل الفجر غرفتي..
ورأيت شرخاً يمتد عبر الجدار..
ومع الفطور أخبرني المذياع ..
أن زلزالاً زار المدينة في الليل..
ظللت أشعر بالخوف طيلة النهار..
أشعر أنني في سباق مع الزمن..
أويت إلى فراشي مبكرة..
أفكر كالعادة في حبي البعيد..
البعيد عن يدي .. البعيد عني..
البعيد عن آمالي..
حبي الذي يعيش في أفكاري..
حلمت أننا تحولنا إلى مهرجين..
نضحك بوجهينا المصبوغين..
حتى صرخت فجأة ......
" هيا .. أحببني .. أحببني .. فالحياة قصيرة "..
إلا أن صوتي كان بلا كلمات..
وكانت عينه ميتة..
وسقطنا معاً كدميتين محطمتين..
ووضعت رأسي على صدره..
وصحوت..
فلم أسمع سوى دقات قلبي الوحيد..


للأوراق بقية...............

ب.علي
2010-11-14, 01:55
بارك الله فيك أختي نسيمة

nassima 14
2010-11-24, 12:36
الله يبارك فيك نورت الموضوع أخي أبو الحسن

nassima 14
2010-11-24, 12:51
الورقة الواحد والثلاثون..
امرأة من شعر..

ها أنتِ ذي ! ها أنتِ ذي ! ها أنتِ ذي !
شامخة كالشمس .. واثقة كالرمح.. مغرورة كالسحاب جميلة كليلة العرس..
وها أنا ذا !
أنظر إليك .. أحاول .. بالعيون التي احترقت ألف مرة..
أتحدث إليك .. أحاول .. باللسان الذي فقد الذاكرة..
أمد إليك .. أحاول .. اليد لم تعد تحسن الأخذ .. ولا العطاء..
يا الله ..
وقد كان مضمارنا وحداً ..
فكيف كبرتُ ولم تكبري؟!
أقولها مع جميل بثينة..
فهل ولدتِ " خارج الزمن " كصديقة صلاح عبد الصبور؟
ومن أين أبدأ الحديث ؟
رحلة السندباد السابعة ؟!
مغامرات " جلفر " في بلاد الأقزام؟!
طرائف " أليس " في بلاد العجائب؟!
يوميات ابن بطوطة؟!
لا! لا تقولي شيئاً!
أخشى أن تلاحظي ما لاحظته صاحبة أبي فراس!
" .. لقد أزرى بك الدهر بعدنا .. "
أخشى أن تسألي مع ليلى شوقي :
" أترى قد سلوتنا *** وعشقت المها الاُخَر؟! "
دعيني ، إذن ، أقف صامتاً .. أتأمل .. أحاول .. الشمس الرمح السحاب ليلى العرس..
تتحول امرأة من شعر ..
أقف صامتاً .. ثم أمشي!

الورقة الثانية والثلاثون..
رسالة من باريس..

وأخيراً ..
هذه مدينة المدائن!
السين ..
والغروب والعشاق والأرض المرصوفة بالقوافي..
والرصيف المصنوع من الفلسفة و أغنية عن الرجل والمرأة ..
الحي اللاتيني وقصة " عصفور من الشرق "
والطلبة والطالبات ..
يفلسفون الحياة ويحيونها حتى الثمالة ..
برج إيفل ..
يثبت للتاريخ أن الأهرام لم تكن حمق الإنسان الأخير..
أسير في الشانزليزية ..
أبحث عن عرس همنجواي المتنقل..
أحاول أن أتقمّص باريس..
أن أتحرر من جسدي المغيّر..
تصحو باريس تحتسي شربة البصل..
في المطاعم الصغيرة ..
وأنا ما زلت في الشوارع..
أبحث عن همنجواي..
أسأل نفسي :
أي باريس أحببت؟
باريس التي رأيت؟
أم باريس التي قرأت؟!

الورقة الثالثة والثلاثون..
عن الحب والعقل..
((مترجمة عن الشاعر إقبال))

هذه الأغنية ..
يا عندليبي المشدوه ..
لم تكتمل بعد ..
دعها في صدرك بعض الوقت ..

العقل ينضج مع الاتزان..
أنا الحب المتزن ..
لم ينضج بعد..

لقد قفز الحب ..
دون خوف..
في نار نمرود..
أما العقل فقد كان يراقب مذهولاً من السقف..

يا غمامة الربيع !
حتى متى أكتفي بهذه القطرات الضئيلة من الندى ..
و زنابقي الجبلية لا تزال ظمأى إلى الماء ؟

هذا النسيم عبر الحديقة ..

يحمل خبراً عن إقبال :
لقد اصطيد طائره الجديد..
ولكنه لا يزال يقاوم في الشبكة..

الورقة الرابعة والثلاثون..
العقــاد شاعــراً... (( 1 ))

الولادة..
قضيت ببطن السجن تسعة أشهـــــــر *** وها أنا ذا في ساحة المجد أولـــــد!
ثقيل..
حيــــــــاتك شؤم على العالمـــــــــــين *** وموتــــــــك شؤم على الآخـــــــرة
إثم الحب..
من علّم الناس أن الحـــــــب مأثـــــمة *** حتى كأن ليس غير البغض إحسان؟
بعد الرحيل..
ولا تذكروني بالبــــــــــكاء ... وإنـــــــما *** أعيدوا على سمعي القصيد فأطربـا
الوداع..
فهــــــــب لوداعي من رقــــــــادك ليلة *** تمر... فإني قـد وهبــــــــــت حياتيا
الرزايا..
حسنات الزمــــــــان تمضي ســــــراعاً *** والرزايـــــــــا تلّج في الإبـــــــــــطاء
العشاق..
ندنو إلى نــــــــور السراج ... ونـــــــوره *** يردى ... ونسقط فيه وهو لهيــــــب
بعد الموت..
ستغرب شمس هذا العــــــــمر يــــوماً *** ويغمـــــــــــــض ناظري ليل الحمام
فهل يرى إلى قبــــــــري خيــــــــــــال *** من الدنيا بأنبــــــــــــــــــــاء الأنام؟!
ضحك القلوب..
وإني لأسمع ضحــــــــك القلــــــــــوب *** بين الجوانح ... مهما اســـــــــــتتر!
موت الفؤاد..
مـــات الفـــــــــــــؤاد ... فـــــــها أنـــــا *** حي يعـــــيش بـــــــلا فــــــــــؤاد!
اعتداد..
إني لأصغر أرضــــــــا ليس يعـــــــمرها *** من الخلائق أندادي وأمثــــــــالي!
أنت..
كان في الدنيا جمال لا يعد .. لحتا
فعددنا الحسن طراً فهو فرد .. هو أنتا
ذهبي الشعر..
ذهبي الشعر .. ساجي الطرف .. حلو اللفتات ..
وحييٌّ .. لا يحييك بغير البسمات..


الورقة الخامسة والثلاثون..
العقــاد شاعــراً... (( 2 ))

زهر الربيع..
واقتطف زهــــــــر ربيعٍ مونــــــــــــــــقٍ *** نحن إن لم نقطف الزهــــر فمن؟!
خازن الأفراح ..
فيــــــــا خازن الأفراح .. ما لقلـــــــــوبنا *** خــــــــواءٌ .. وأفراح الحياة كثيرة؟!
أنا الليل..
أنا الليل ! .. فاطرقني على غير خشية *** ولج أحلامي .. وجُلْ في خاطري
فتكة الجمال..
ولا تعيــــــــب الجمـــــــــال فتكتــــــــه *** الفتك حــــــقٌ لكل من قــــــــدّرا!
الحبيبة ..
فإذا صحــــــــوت فأنتِ أول الخــــــــاطر *** وإذا غــــــفا جفني .. فأنت الآخر!
الطفل..
لو درى الطفل بما ســــــــوف يـــــــرى *** شَقِيَ الطفلُ بما سوف يـــــــكون
اليأس..
مــــا الأمــــــــاني؟ إنــــــــها خــــــــُدعٌ *** ما الغــــــــواني ؟ إنها دِمَــــــنْ ؟!
البدر..
وأنظــــــــــــــــــر لا أرى بـــــــــــــــــدراً *** أ أنتِ الليــــــــلة البــــــــــــــــدْرُ!؟
آه..
آه لو يبقى على الــــــــدهر الصبــــــــا *** آه لو يرأف بالحــــــــب الفنـــــــــاء
الشفاء..
تسأل اللــــــــــــــه شفــــــائي .. ولقد *** جعل الله شفائي في يديــــــــك؟!
موت الحب..
ولد الحــــــــب لنا .. و ا فرحــــــــــــتاه! *** وقضى في مهده .. و ا أســـــــفاه!
مات لم يدرج .. ولم يلعــــــــب .. ولــــم *** يشهد الدنيــــــــا .. ولم يعرف أباه!
الحب الضعيف..
إن الحب يا قلب ليس منسيك جمال الحبيب .. حب ضعيف!
أنا وأنت ..
مرّ عــــــــام .. منذ سرنا حيث ســـــرنا *** لا تبالي ما أتى .. أو سوف يأتــــي
منذ ما كنـــــــا غريبيــــــــن فصرنــــــــا *** كلَّ شيء .. أنا في الدنيــــــا وأنتِ!

الورقة السادسة والثلاثون..
عن أفعى الشهرة ..

تريدين إذن أن أحدثك عن الشهرة ..
لا تصدقي ،في البداية، أن إنسانا اشتهر رغماً عنه..
ولا تصدقي أن أحداً صحا ذات صباح ليجد نفسه مشهوراً كما زعم اللورد بيرون..
كل المشاهير ، بلا استثناء ، كافحوا وصارعوا وقاسوا وشقوا وجدوا واجتهدوا..
حتى تمكنوا من اقتناص أفعى الشهرة ..
لا تقاطعيني .. فأنا أعرف أن جاكلين أوناسيس تهرب من الصحفيين ..
وأن فرانك سيناترا لكم أكثر من مصور على أنفه..
كل ما يعنيه هذا هو أن المشاهير يريدون تطويع أفعى الشهرة ..
فلا تعبث بمواعيد نومهم ولا ترافقهم إلى الحلاق ..
ولا تتبعهم إلى جزرهم الحالمة البعيدة ..
ولكن أفعى الشهرة الملساء المشتهاة ترفض التعاون..
فهي تطارد صاحبها حتى في الحمام.. حتى في الأحلام ..
ولا تكتفي الأفعى بهذا ولكنها تبدأ في بث سمها اللذيذ تدريجيا..
يبدأ الشهير يعتقد أنه إنسان مختلف عن الآخرين..
أنه أشد نبوغاً وأكثر ذكاءً .. ويبدأ التصرف على هذا الأساس..
كان قيصر روما يعيّن موظفاً يقف وراءه وهو يتلقى تمجيد الجماهير ..
ليكرر في إذنه " تذكر أنك بشر فانٍ يا قيصر! تذكر أنك بشر فانٍ يا قيصر! "
ومه ذلك فقد ادعى أكثر من قيصر الألوهية .. بل أن قيصراً معتوهاً نصب حصانه إلهاً !!
أفعى الشهرة هي التي تحول الفنانين في العالم الصناعي إلى ساسة ..
وتحول الساسة في العالم الثالث إلى فلاسفة ..
ملهمين ومعلمين منظّرين وقادة ملهمين ..
ثم تغوص أفعى الشهرة في قلب صاحبها تطارد فراشات السلام واحدة تلو واحدة وتفترسها..
ويضيع الشهير في حلقة مفرغة من التشبث بالشهرة والخوف من فقدها والضيق بتبعاتها..
هل رأيت إنسانا استطاع أن يجمع بين الشهرة والسعادة ؟!
أما أنا.. فلم أر كائناً كهذا ..
ولا أتوقع أن أراه..

الورقة السابعة والثلاثون..
العنوان..

تسألين : كيف أعرف عنوانك؟!
كيف أجهله ؟
عنوانكِ حيث تأوي العصافير مجهدة تشقشق بعد رحلة نهار طويلة ..
عنوانكِ حيث تتفتح الورود في ربيع دائم بلا شتاء ولا صيف ولا خريف..
عنوانكِ حيث تؤوب الأمواج لتستريح من عناء المد والجذر..
عنوانكِ في تلك الغيمة البعيدة التي تزورها القمر خفية كيلا تغار الشمس..
وإلى عنوانكِ تصل قصائدي..
أما أنا لا أستطيع الوصول ..
وكيف أصل إليك؟
وأذني لا تسمع شقشقة العصافير..
و شذا الورود ضاع من ذاكرتي..
وعيني لا ترى الأمواج العائدة ..
والسماء لا تعرفني على غيومها..
كيف أصل إليك؟
وبيننا هذا العالم المحنّط المثلج .. يسد الطريق..
وبيننا هذا الآدمي الماكر.. يسد الطريق..
وبيننا القرون والعصور والأحقاب .. تسد الطريق..
عنوانكِ؟؟؟
من قال إني أعرف عنوانك؟!!!

الورقة الثامنة والثلاثون..
قالوا عن الشعر..

• إذا لم يجيء الشعر طبيعياً كما تنمو الأوراق على الأشجار فخير له ألا يجيء..
كيتيس
• الشعر علم دقيق شأنه شأن الهندسة تماماً..
فلاوبرت
• حتى عندما يكون للشعر معنى فمن الأفضل ألا تستخرجه كلّه..
هاوسمان
• هذا ليس شعراً ... إنه نثر جنون ..
بوب
• النثر هو الكلمات في أجمل نظام ..
الشعر هو أجمل الكلمات في أجمل نظام..
كولريدج
• الشعر هو سجل لأروع الدقائق وأسعدها في أسعد العقول وأروعها..
شيللي
• - سيدي ... ما هو الشعر؟
- من الأسهل ، يا سيدي ، أن أصف لك ما ليس بشعر..
جونسون

الورقة التاسعة والثلاثون..
على بحيرة جينيف..

الفجر يعتنق البحيرة ..
ثم يفترش البحيرة ..
ثم يمتزجان .. فالفجر البحيرة ..
والخلايا في الخلايا..
كنتِ أنتِ الفجر..
إني أتيتكِ مرهق الأعصاب..
والأشعار .. محترقا..
بأشجاني وآهات البرايا..
وأتيتني أندى من الأنداء..
أحلم في صباك بما تطاير من صبايا..
يا أنتِ ! .. ليلتنا الزمان..
توهج التاريخ بالشوق القديم..
تلهف الأجيال للحسن الذي ..
جُنت لمرآه المرايا..
في كل زاوية أساطير..
معتقة .. فما أحلى التغرب ..
في الزوايا
والفجر يعتنق البحيرة .

الورقة الأربعون..
المســــرح..
(( مترجمة عن شكسبير ))

العالم بأسره مسرح..
وكل الرجال والنساء مجرد ممثلين ..
يدخلون المسرح ويخرجون منه في أوقات محددة ..
وكل رجل في زمانه يلعب عدة أدوار..
تمثل سبعة أعمار..
في البداية : الطفل يبكي ويتقيأ على ذراع مربيّته..
ثم طالب المدرسة كثير التذمر بحقيبة كتبه..
و وجهه الملتمع في الصباح ..
يزحف كالقوقعة إلى المدرسة ..
دون أي رغبة ..
ثم العاشق : يتنهد كالفرن بأغنية حزينة عن أهداب حبيبته..
ثم الجندي : يخطر ماشياً بالشتائم الغريبة ، مطلقاً لحية كلحية النمر..
تراه غيوراً على العرض ، سريعاً إلى العراك..
يطلب فقاعة الشهرة .. حتى في فم المدفع..
ثم القاضي : ببطنه الجميل ، المستدير ، المغطى بالقماش الفاخر ..
بعيونه القاسية ولحيته الرسمية .. يردد الأقوال الحكيمة ..
والمواقف الأخلاقية , هكذا يلعب دوره ..
أما العمر السادس فيرتدي سراويل ضيقة مرقطة..
النظارات على عينيه ، والجيوب الدهنية تحتها..
ضمرت ساقه وضمر صوته الرجولي .. فعاد إلى غناء الأطفال وضجيجهم ..
يصفر عندما يتكلم..
أما المشهد الأخير .. الذي ينهي هذا التاريخ الحافل..
فطفولة جديدة تسير إلى النسيان.. بدون أسنان..
بدون عيون .. بدون طعم .. بدون شيء!

الورقة الواحدة والأربعون..
دموع وابتسامات من ابن الرومي

الشبيب..
وقفت مسلماً للشـــــــــيب:أهلاً***بهادي المخطئين إلى الصـواب..
ألست مبشـــــــــرى في كل يوم***بوشك ترحّلي بعد الشبــــــاب..
البعيد القريب..
طـــواه الروى عني فأضحى مزاره***بعيداً على قرب قريباً على بعد..
وجه الشاعر..
شغفت بالحزد الحشــــــــــان وما***يصلح وجهي إلا لــــــــــذي ورعِ..
حظ الشاعر..
عكست أمري النحوس فعنـــــزي***أبداً حائل .. وتيسي حلــــــوب!
هواها..
عن يميني .. وعن شمالي.. وقدامي.. وخلفي.. فأين عنه أحيد؟!!
الأولاد..
أولادنـــــــــــــــــا ! أنتم لنا فتـــــن***وتفارقون فأنتم محــــــــــــــن..
الوطن..
فإذا تمثل في الضميــــــــــــر رأيته***وعليه أغصان الشباب تميــــد..
المطرب المزعج..
ومسمعٍ لا عدمـــــــــــــــــت فرقته***فإنها نعمة من النعــــــــــــــــم..
كأنني طول ما أشـــــــــــــــــاهده***أشرب كأسي ممزوجة بدمــــي..
الجد والمزاح..
والمــــــــــــزاح الجــــــــــــد..إن فكّــــــــــرت.. والجــــــــــــد المـــــــــــزاح!
الوسيلة والغاية..
ألامن يريني غايتي دون مذهبي***ومن أين ؟ والغايات بعد المذاهب..
الاندماج..
كأن فؤادي ليس يشفى غليـــله***سوى أنيرى الروحين يمتزجان..
كساد النساء..
أخشى كساداً على النســاء إذا*** سُننتُ .. والسنّ حجة الخبل

الورقة الثاني والأربعون..
الحب والصراع..

تستغربين هذا الصراع الذي يوشك أن يكون قاعدة في العلاقة بين حبيبين .. كل حبيبين..
تتساءلين :ألا يمكن لاثنين يحب أحدهما الآخر بعمق وصدق أن يعيشا دون خصام, دون صراخ,,
دون فترات غضب وقطعية..
الحق أقول لك : يمكن ... ولكن يصعب!
دعيني أ وضح الأمر ..
في كل حبّ هناك رغبة خفية أو ظاهرة في التسلط على الطرف المحبوب..
ومن هنا فكثيراً ما تبدو علاقات الحب وكأنها علاقات حرب ..
في كل حب نكهة استعمار كما يقول نزار قباني..
خذي الأطفال مثلاً..
نحن نريد أن نحول أطفالنا إلى نسخ مصغرة منا، تحب ما نحب ومن نحب، وتكره ما نكره ومن نكره,,
وتذهب إلى نفس مدارسنا وتحترف نفس المهن التي نحترفها..
ونحن نبرر هذا الطغيان السافر باسم الحب..
كذلك في العلاقة بين الحبيبين..
يتوقع الرجل من المرأة أن تكون مجرد امتداداً أنثوي لشخصيته,,
أن يتحول وجودها إلى ملحق تابع لوجوده, أن تنطفئ كل طموحاتها وآمالها وتطلعاتها في سماء حبّه..
وتتوقع المرأة من الرجل أن يعيد رسم نفسه على التحو الذي يلائمها ..
فيتخلص من عاداتة السيئة (( في نظرها )) ,, ويطلق شاربه أو يحلقه على (( حسب الأحوال )) ..
ويقلل ساعات عمله , ويتنكر لأقاربه وأصدقاء طفولته ..
تتوقع منه ,باختصار, أن يتفرغ لحبها..
ويبدأ الصراع ويتذخذ ألف شكل وشكل.. أما الجوهر فواحد لا يتغيّر ؛
رغبة كل في الاحتفاظ بشخصيته وذاتيته وتميزه أمام خطر الذوبان والانصهار والاندماج..
تسألين : ألا يوجد حل؟
بلى ثمة حل.. وحل ناجح ..
إمزجي الحب بشيء من الصداقة, فالصداقة بخلاف الحب ..
تعترف بالاستقلال والسيادة والحدود الإقليمية لكل صديق..
وامزجي الحب بشيء من المودة .. فالمودة أهدأ من الحب أعصاباً ، وأقصر أنياباً ، وأكثر حكمة..



الورقة الثالثة والأربعون..
عن الأربعين..

تقولين :لماذا تحمّل الأربعين مالا تطيق؟!
لماذا تكثر الشكوى منها .. ومما فعلت بك؟!
تقولين أن الأربعين سن هادئة متزنة تخلصت من حمق العشرين ومن غرور الثلاثين .. وقبلت أن تتعايش بسلام..
مع نفسها ومع العالم..
ما تقولينه ، أيتها الصديقة ، صحيح ومنطقي..
ولكن منذ متى اعترف الشعراء بالصحيح والمنطقي؟!
الشعراء يرون في الأربعين رحيل الشباب وقدوم الكهولة ، سفر الربيع ووصول الخريف ، هروب النهار وهجوم الليل..
والشعراء -كل الشعرا- يخافون الكهولة يخافون الخريف ، ويخافون الليل..
ومن هنا فقد كانت الأربعون هاجساً دائماً من هواجس الشعراء ، والعرب منهم بالذات..
بدأً من الشاعر القديم الذي أعلن للعالم أنه جاوز حد "الأربعين" إلى الشاعر المعاصر الذي كتب "قصائد في الأربعين"..
ولو تحمس باحث لاصدار كتاب "نفح الياسمين عن الشعر الذي قيل في الأربعين" لتجمع له مجلّد ضخم..
وأنا ، يا سيدتي ، أخاف أن تقلّم الأربعون أظافري ، أن تكسّر أقلامي ، أن تحنطني ، أن تعطيني قلباً صناعياً ،
أن تجعلني مليئاً بالوقار .. والقش..
أود أن أظل في طفولة لا تنتهي..
والأربعون هجوم كاسح على الطفولة ..
تقولين : ولكن الطفل يبقى في الروح..
يبقى .. يبقى.. ولكنه يوشك أن يختنق..
ثمة كلمة أخيرة .. سأكف عن الحديث عن الأربعين ..
لسبب آخر..
ذلك أن الحديث عن الأربعين بعد أن تجاوزتها.. بخمس سنين قد يعتبر من باب التضليل!...

الورقة الأربعة والأربعون..
رسالة من امرأة عاشقة ..

لو كنت أستطيع أن أكتب لك رسالة ..
لكتبتها بخط مذهل مذهل..
مصقول كالمرآة .. صاف كالعسل..
ترقص عبره دوائر القرمز.. والأزرق والأخضر..
لجاءتك رسالتي ندية من شاطئ البحرين ..
مملوءة ، حتى الثمالة بالشمس..
تلمع كل نقطة فيها وتبرق..
كأشد اللآلئ بياضاً..
لوجدت زهور الذهب تتابع اسمك..
وتلاحقه عبر الصفحات..
لروت لك رسالتي..
كل حكايا شهرزاد القديمة ..
واسترسلت تقص حكايا جديدة..
لم يسمعها أحد من قبل..
لو كنت أستطيع ..
أن أكتب لك رسالة..
لكتبتها على ورق يعبق بشذى العود..
وأودعتها كلمات رقيقة ..
كالبراعم الصغيرة..
إلا أن هذه الكلمات ..
ستوقظ الرغبة الظامئة في قلب كل ورقة ..
حتى تشتعل الرسالة كلها في بحر أحمر..
من الورد الدمشقي..
لو كنت أستطيع !..

الورقة الخامسة والأربعون..
أوسكار وايلد .. ساخراً

*إنني أستطيع مقاومة كل شيء ... ما عدا الإغراء!
*إنه يعرف سعر كل شيء ... ولا يعرف قيمة أي شيء!
*التجربة هي الاسم الذي نطلقه على أخطائنا..
*صائد الثعلب على الخيل في انجلترا : الذي لا يطاق يطارد الذي لا يؤكل..
*هناك شيء واحد أسوأ من أن يتكلم الناس عنك .. وهو ألا يتكلّم الناس عنك..
*ليس عندس ما أعلنه سوى عبقريتي.. (( قالها لمفتش الجمرك ))
*الطيبون انتهوا نهاية طيبة .. والأشرار انتهوا نهاية سيئة ... هذا ما نعنيه عندما نقول أن القصة خيالية..
*السطحيون وحدهم هم الذين لا يحكمون على الظاهر..
*على الإنسان أن يكون في غاية الحذر عندما يختار أعداءه..
*إنني الإنسان الوحيد في العالم الذي أتمنى لو عرفته جيداً..
*ليس لديه عدو واحد .. ولا يوجد من أصدقائه من يحبه..
* لا تقل لي إنك تتفق معي .. عندما يقول الناس لي ذلك أشعر أنني على خطأ..
*لا تثق بامرأه تخبرك بعمرها الحقيقي.. مثل هذه المرأة لا يمكن أن تؤتمن على السر ..

الورقة السادسة والأربعون..
رسالة من نيويورك ..

قال الدليل : معذرة ..
تمثال الحرية يحتاج الى اصلاح ولهذا لن نتمكن من رؤيته اليوم..

قال الدليل : انظرو إلى هذه العمارات ..
لقد حرقها أصحابها.. واستلموا التأمين وتركوها للفئران ..
والسود .. ورعايا بورتوريكو..

قال الدليل : هنا في منهاتن بيعت شقة .. بسبعة ملايين دولار..
وتلمّظ..

قال الدليل : هذا مبنى الأمم المتحدة ..
وضحك طويلاً..

قال الدليل : في هذا الميدان يجتمع المدمنون من كل أنحاء أمريكا..
يتسولون .. ويشربون النبيذ الرديء..
وينامون بدولارين في الليلة ..

قال الدليل : هذه المسرحية عن القطط ..
وتعرض في برود واي..
من خمس سنوات..
وسعر التذكرة في سوق السوداء..
خمسون دولاراً..

ماذا أقول لكِ عن نيويورك...
ألم يقل الدليل كل شيء؟!!



الورقة السابعة والأربعون..
لو! ..

آه لو نهــــرب يا سلمى***لونهرب من دنيا البشــــرِ
لو نسكن نجماً مسحوراً***لا تسكنه غير الصـــــــورِ
آه لو نبــــــحر يا سلمى***لو نبحر الدهشة والخطرِ
تقذفنا الصبـــوة من جُزرٍ***ملأى بالشعرِ ..إلى جُـزُرِ
لو نحيــا يوماً ذهبيــــــــاً***يتألق في سأم القمـــــرِ



الورقة الثامنة والأربعون..
يا أبا النبل..

أواه يا نبيل !
ومرت السنوات .. سنة .. سنتان .. ثلاث .. تأخذ سنة بعنق أخرى..
تتمسك سنة بذيل أخرى ..
كيف مرت السنوات ..
خمس عشرة سنة !..
أواه يا نبيل!!
تعرف ؟!
هدأ جرح الفراق .. لم يندمل ولكنه خلد إلى نوم متقطع كئيب ..
سكن خنجر اللوعة .. لم يغادر مكانه من الأضلاع ولكنه كفّ عن التمزيق..
ارتاحت غصة الموت .. لم تبارح موقعها في الروح ولكنها لم تعد تشتعل..
تعرف؟!
لم أعد أصحو في منتصف الليل ..
لأسأل نفسي هل كان رحيلك كابوساً ثقيلاً سينقشع ..
ولكنك لا تزال تزور في الاحلام ..
لم تعد ذكراك تطبق على القلب فكاً حديدياً ... يعتصر الدماء قطرة فقطرة ..
ولكنها تحولت إلى مزيج مأساوى من الفرح والألم..
الفرح ؟!
اضحك يا نبيل وأنا اعود إلى مواقفنا الباسمة (صيد النجوم ) معاً..
ونقاش "الندوة" .. وحرف الثاء .. قائمتك التي تحوي الثقلاء الذين يجب تفاديهم بأي ثمن..
وتعليقاتك اللاذعة عن "الأناقة القذرة" والصديق الذي " يهرف بما لا يعرف"..
"والحيوان الذي لا يخلو من عنفوانه"
الألم؟!
أتعذب يا نبيل وأنا أتذكر مواقفنا الدامعة .. ملحمتك الشامخة مع المعاناة..
رحلتك المريرة مع الغربة والمرض ومواسم الجفاف..
والفراق الساحق الصاعق بلا كلمة وداع..
يا أبا نبيل!
لقد كان الحب قضيتك الكبرى .. لا ! كن الحب قضيتك الوحيدة ..
تعرف؟!
لازلت في حب حبنا تعيش وتنمو وتتجدد..
فسلام عليك من الله ورحمة ..
وجادك الحب إذا الحب همى .. !!