تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جميل بثينة


هدهد سليمان
2010-10-28, 20:08
لقد أورَثَتْ قلبـي وكان مصحـحـا * * * بثينـةُ صدغا يـوم طار رداؤهـا
إذ خَطَرَتْ من ذكر بـثـنـة خطرةٌ * * * عصتني شؤون العين فانهلّ ماؤها
فإن لم أزرها عادني الشوق والهوى * * * وعاود قلـبـي من بثينـة داؤها
وكيف بنفـس أنتِ هيّجتِ سقمهـا * * * ويمنع منها يـا بثيـن شفـاؤهـا
لقد كنت أرجـو أن تجـودي بنائل * * * فأخلف نفسـي من جداك رجاؤهـا
فلو أن نفسـي يا بثيـن تطيعـني * * * لقد طال عنكم صبرهـا وعزاؤهـا
ولكن عصتـني واستبدّت بأمرهـا * * * فأنتِ هـواهـا يا بثيـن وشاؤها
فأحيي –هداك الله- نفسـاً مريضةً * * * طويـلاً بكم تهْيامُها وعـنـاؤهـا
وكم وَعَدَتْنا من مواعد –لو وفـت * * * بوأيٍ- فلم تنجَزْ قليـلٍ غنـاؤهـا
وكم لي عليها من ديـونٍ كثيـرةٍ * * * طويـلٍ تقاضيهـا بطيءٍ قضاؤهـا
تجـود بـه في النّـوم غير معرّدٍ * * * ويحـزن أيقاظـاً عليها عطاؤهـا

هدهد سليمان
2010-10-28, 20:09
وبثنـة قد قالت و كل حديثها * * * إلينا ولو قالت بسـوء مملـح
رجال ونسـوان يودون أنني * * * وإياكَ نخزى يابْن عمي ونفضح
وحولي نساء إن ذُكِرْتُ بريبة * * * شمتـن وما منهن إلا سيفـرح
أتقرح أكباد المحبيـن كالذي * * * أرى كبدي من حـب بثنة يقرح
فوالله ثـم الله إني لصـادق * * * لذكرك في قلبـي ألـذ وأملـح

هل الحائم العطشان مسقًى بشربة * * * من المزن تروي ما به فتريح
فقالت: فنخشى إن سقيناك شربة * * * تخبِّر أعـدائـي بهـا فتبـوح
إذن فأباحتني المنـايـا و قادني * * * إلى أجلي عضب السلاح سفوح

أظل نهـاري لا أراهـا وتلتقي * * * مع الليل روحي في المنام وروحها
فهل لي في كتمان حبي راحة ؟ * * * وهل تنفعني بوحـة لو أبـوحهـا

هدهد سليمان
2010-10-28, 20:11
أبثين إنك قد ملكـت فأسجحي * * * وخذي بحظّك من كريـم واصل
فلربّ عارضـة علينا وصلها * * * بالجـدّ تخلطه بقـول الهـازل
فأجبتهـا بالقـول بعد تستّـر * * * حبّي بثينة عن وصالك شاغلي
لو كان في صدري كقدر قلامة * * * فضـل وصلتك أو أتتك رسائلي
ويقلن: إنك قد رضيـت بباطل * * * منها فهل لك في اجتناب الباطل
ولبـاطل ممن أحـبّ حديثـه * * * أشهى إليّ من البغيـض الباذل
ليزلن عنك هـواي ثم يصلنني * * * وإذا هويـت فما هـواي بزائل
صادت فؤادي يا بثين حبـالكم * * * يوم الحجون وأخطأتـك حبائلي
منّيتنـي فلويت مـا منّيتنـي * * * وجعلت عاجل ما وعدت كآجـل
وتثاقلـت لما رأت كلفي بهـا * * * أحبـب إليّ بـذاك من متثاقـل
وأطعـت فيّ عواذلا فهجرتني * * * وعصيت فيك وقد جهدن عواذلي
حاولنني لأبتّ حبـل وصالكم * * * مني ولست وإن جهـدن بفاعـل
فرددتهنّ وقد سعيـن بهجركم * * * لمّا سعيـن لـه بأفوق ناصـل
يمشيـن حول عقيلة منسوبة * * * كالبـدر بيـن دمالـج وخلاخـل
نصح الحميم يجول في أقرابها * * * حول الحباب إلى الحباب الجائل
يعضضن من غيظ لعيّ أنامـلا * * * ووددت لو يعضضن صمّ جنادل
ويقلـن : إنك يا بثين بخيلـة * * * نفسي فـداءك من ضنين باخل
ولن ألفتك أو وصلـت حبالكم * * * لعلى المودّة من ضمير الواصل
فصلي بحبلك يا بثيـن حبائلي * * * وعدي مواعـد منجز أو ماطل

هدهد سليمان
2010-10-28, 20:12
خليليّ إن قالـت بثينـة : ما له * * * أتانا بلا وعدٍ؟ فقولا لها : لها
أتى وهو مشغولٌ لعظـم الذي به * * * ومن بات يرعى السّها سهـا
بثينة تزري بالغزالة في الضحى * * * إذا برزت لم تبث يوما بِها بَها
لها مقلة كحـلاء نجـلاء خلقة * * * كأن أباها الظّبي أو أمّها مهـا
دهتني بودّ قاتـل وهـو متلفي * * * وكم قتلت بالودّ من ودّها دها
أبلغ بثينـة أني لست ناسيهـا * * * ما عشت حتى تجيب النّفس داعيها
بانت فلا القلب يسلو من تذكّرها * * * يوما ولا نحن في أمـر نلاقيهـا
على الـدار التي لبست بلاهـا * * * قفـا، يـا صاحبيّ، فسائلاهـا
ومـا يبكيـك من عرصات دار * * * تقـادم عهدهـا وبـدا بلاهـا
ذكـرت بها التي ترمي فتوري * * * إذا ما أرسلت سهمـا شواهـا
أتيحـت لـي ونفسي قد تجّلت * * * عمايـة غيّهـا ورأت هداهـا
وزايلها السفاه فليـس منهـا * * * وتـاب الحلم واجتنبت صباهـا
وقـد طالبتهـا حتـى مللنـا * * * مواعدهـا وأعيانـا منـاهـا
فما جـادت لنـا حتى وردنـا * * * حياض المـوت أو كدنا نراها
ذكرتـك إذ رأينـا أم خشـف * * * بذي ضـال تريع إلى طلاهـا
رأتنـا قاصديـن لهـا فولّـت * * * أمام الخشف مضطربا حشاها
وقـد حفّ الرّمـاة بجانبيهـا * * * وكلّهـم على حنـق يـراهـا
فجالـت ساعـة ثم استظلّـت * * * إلى سنـد تحـاول ملتجاهـا
إليه تـارة تـرمـي بطـرف * * * وأخرى نحونا قلقـا حشاهـا
وقد آليـت خشيتهـم عليهـا * * * اكلّـم منهـم رجـلا رماهـا
فقالوا: ما دهاك؟ فقلت: نفسي * * * وبيـت الله تعلم ما دهـاهـا
وما بي فاعلموا من حبّ ظبيٍ * * * ولكنّي ذكـرت بهـا سواهـا
ألا يا شبـه ذات الخـال قرّي * * * بأرضك لن تراعي في رباهـا
فقد أشبهـت ذات الخـال إلا * * * مناط القـرط منهـا أو شواها
وساقـك حمشة والسّاق منها * * * خدلّجة يغـضّ بهـا براهـا
ولو ماشيتهـا لعجلـت عنها * * * وذات الخال مقصور خطاهـا
ولكنّ الـذي أشبهـتِ منهـا * * * مقلّدهـا العتيـق ومقلتاهـا
أعدّ الليالي ليلة بعد ليلة * * * وقد عشت دهرا لا أعدّ اللياليا
ألم تعلمي يا عذبـة المـاء أنني * * * أظلّ إذا لم أُسقَ مـاءك صاديا
وودت على حبّي الحيـاة لو أنّها * * * يزاد لها في عمرها من حياتيا
فما زادني الواشـون إلا صبابـة * * * ولا زادني النّاهون إلا تماديـا
وقالـوا بـه داء عيـاء أصابـه * * * وقد علمت نفسي مكان دوائيا
هي السّحـر إلا أنّ للسّحـر رقية * * * وإنّي لا ألفي لها الدّهـر راقيا
أحبّ من الأسماء ما وافق اسمها * * * وأشبهه أو كان منـه مدانيـا

الباشـــــــــــق
2010-10-28, 21:45
جميل بثينة

هو جميل بن عبد الله بن معمر العذري القضاعي, نسبة إلى عذرة وهي بطن من قضاعة. شاعر من عشاق العرب, افتتن ببثينة بنت حيان بن ثعلبة العذرية, من فتيات قومه. خطبها إلى أبيها فرده وزوجها من رجل آخر. كان له معها أخبار تناقلها الناس, وقال فيها شعرا يذوب رقة. أكثر شعره في النسيب والغزل والفخر وأقله في المديح. قصد جميل مصر وافدا على عبد العزيز بن مروان، فأكرمه عبد العزيز وأمر له بمنزل, فأقام قليلا ومات ودفن في مصر, ولما بلغ بثينة خبر موته حزنت عليه حزنا شديدا وأنشدت:

وإن ســلوي عــن جـميل لسـاعة * * * مـن الدهـر مـا حانت ولا حان حينها
سـواء علينـا, يـا جـميل بـن معمر, * * * إذا مــت بأســاء الحيــاة ولينهـا

فريدرامي
2010-10-31, 23:03
شكرا لك أخي الكريم