طاهر القلب
2010-10-26, 18:43
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
رثــــاء الأنـــدلـس
لـكل شـيءٍ إذا مـا تـم نقصانُ *** فـلا يُـغرُّ بـطيب العيش إنسانُ
هـي الأمـورُ كـما شاهدتها دُولٌ *** مَـن سَـرَّهُ زَمـنٌ سـاءَتهُ أزمانُ
وهـذه الـدار لا تُـبقي على أحد *** و لا يـدوم عـلى حـالٍ لها شان
يُـمزق الـدهر حـتمًا كل سابغةٍ *** إذا نـبت مـشْرفيّاتٌ وخُـرصانُ
و يـنتضي كـلّ سيف للفناء و لوْ *** كـان ابنَ ذي يزَن و الغمدَ غُمدان
أيـن الملوك ذَوو التيجان من يمـنٍ *** و أيـن مـنهم أكـاليلٌ و تيجانُ ؟
وأيـن مـا شـاده شـدَّادُ في إرمٍ *** و أين ما سـاسه في الفرس ساسانُ؟
وأيـن مـا حازه قارون من ذهب *** و أيـن عـادٌ و شـدادٌ و قحطانُ؟
أتـى عـلى الـكُل أمر لا مَرد له *** حـتى قَـضَوا فكأن القوم ما كانوا
وصـار ما كان من مُلك ومن مَلِك *** كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الـزّمانُ عـلى (دارا) و قاتِلِه *** وأمَّ كـسـرى فـما آواه إيـوانُ
كـأنما الصَّعب لم يسْهُـل له سببُ *** يومًا ولا مَـلكَ الـدُنيا سُـليمانُ
فـجائعُ الـدهر أنـواعٌ مُـنوَّعة *** و للـزمان مــسرّاتٌ وأحـزانُ
وللـحوادث سُـلوان يـسهلها *** و مـا لـما حـلّ بالإسلام سُلوانُ
دهـى الـجزيرة أمرٌ لا عـزاءَ له *** هـوى لـه أُحـدٌ و انـهدْ ثهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فـارتزأتْ *** حـتى خَلت مـنه أقطـارٌ و بُلدانُ
فـاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً) *** و أيـنَ (شـاطبةٌ) أمْ أيـنَ (جَيَّانُ)
وأيـن (قُـرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم *** مـن عـالمٍ قـد سمـا فيها له شانُ
وأين (حْمص)ُ وما تحـويه من نزهٍ *** ونـهرهُا الـعَذبُ فـياضٌ و ملآنُ
قـواعدٌ كـنَّ أركانَ الـبلاد فما *** عـسى الـبقاءُ إذا لـم تبقَ أركانُ
تـبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من أسفٍ *** كـما بـكى لـفراق الإلفِ هيمانُ
عـلى ديـار مـن الإسلام خالية *** قـد أقـفرت ولـها بالكفر عُمرانُ
حيث المساجد قد صارت كنائسَ *** ما فـيـهنَّ إلا نـواقيسٌ و صُـلبانُ
حتى المحـاريبُ تبكي وهي جامدةٌ *** حـتى الـمنابرُ تـرثي و هي عيدانُ
يـا غـافلاً و له في الدهرِ موعظةٌ *** إن كـنت فـي سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
ومـاشيًا مـرحًا يـلهيه مـوطنهُ *** أبـعد حمـصٍ تَغـرُّ المرءَ أوطانُ ؟
تـلك الـمصيبةُ أنستْ ما تقدمها *** ومـا لـها مـع طولَ الدهرِ نسيانُ
يـا راكـبين عتـاق الخيلِ ضامرةً *** كـأنها فـي مـجال السبقِ عقبانُ
وحـاملين سـيُوفَ الـهندِ مرهفةُ *** كـأنها فـي ظـلام الـنقع نيرانُ
و راتـعين وراء الـبحر في دعـةٍ *** لـهم بـأوطانهم عـزٌّ و سـلطانُ
أعـندكم نـبأ مـن أهـل أندلسٍ *** فـقد سرى بحديثِ القـومِ رُكبانُ ؟
كم يستغيث بنا المستضعفـون و هم *** قـتلى و أسـرى فما يهتز إنسان؟
لمـاذا الـتقاُطع في الإسـلام بينكمُ *** وأنـتمْ يــا عـبادَ الله إخـوانُ؟
ألا نفـوسٌ أبَّـياتٌ لـها هـممٌ *** أمـا عـلى الخيـرِ أنصـارٌ وأعوانُ
يـا مـن لـذلةِ قـومٍ بعدَ عزِّهمُ *** أحـال حـالهمْ جــورُ وطُـغيانُ
بـالأمس كـانوا ملوكًا في منازلهم *** والـيومَ هـم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ
فـلو تـراهم حيارى لا دليل لهمْ *** عـليهمُ مـن ثـيابِ الـذلِ ألوانُ
ولـو رأيـتَ بكاهُم عـندَ بيعهمُ *** لـهالكَ الأمـرُ و استهوتكَ أحزانُ
يـا ربَّ أمّ وطـفلٍ حـيلَ بينهما *** كـمـا تـفـرقَ أرواحٌ وأبـدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت *** كأنـما هي ياقـوتٌ ومـرجـانُ
يـقودُها الـعلجُ لـلمكروه مكرهةً *** والـعينُ بـاكيةُ والـقلبُ حيرانُ
لمثل هـذا يذوبُ القلبُ مـن كمدٍ *** إن كان فـي القلبِ إسلامٌ و إيمانُ
قصيدة تاريخية في رثاء الأندلس للشاعر أبو البقاء الرندي صالح بن يزيد
بعد سقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس ... فماهو الفرق بين الأمس و اليوم؟
رثــــاء الأنـــدلـس
لـكل شـيءٍ إذا مـا تـم نقصانُ *** فـلا يُـغرُّ بـطيب العيش إنسانُ
هـي الأمـورُ كـما شاهدتها دُولٌ *** مَـن سَـرَّهُ زَمـنٌ سـاءَتهُ أزمانُ
وهـذه الـدار لا تُـبقي على أحد *** و لا يـدوم عـلى حـالٍ لها شان
يُـمزق الـدهر حـتمًا كل سابغةٍ *** إذا نـبت مـشْرفيّاتٌ وخُـرصانُ
و يـنتضي كـلّ سيف للفناء و لوْ *** كـان ابنَ ذي يزَن و الغمدَ غُمدان
أيـن الملوك ذَوو التيجان من يمـنٍ *** و أيـن مـنهم أكـاليلٌ و تيجانُ ؟
وأيـن مـا شـاده شـدَّادُ في إرمٍ *** و أين ما سـاسه في الفرس ساسانُ؟
وأيـن مـا حازه قارون من ذهب *** و أيـن عـادٌ و شـدادٌ و قحطانُ؟
أتـى عـلى الـكُل أمر لا مَرد له *** حـتى قَـضَوا فكأن القوم ما كانوا
وصـار ما كان من مُلك ومن مَلِك *** كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الـزّمانُ عـلى (دارا) و قاتِلِه *** وأمَّ كـسـرى فـما آواه إيـوانُ
كـأنما الصَّعب لم يسْهُـل له سببُ *** يومًا ولا مَـلكَ الـدُنيا سُـليمانُ
فـجائعُ الـدهر أنـواعٌ مُـنوَّعة *** و للـزمان مــسرّاتٌ وأحـزانُ
وللـحوادث سُـلوان يـسهلها *** و مـا لـما حـلّ بالإسلام سُلوانُ
دهـى الـجزيرة أمرٌ لا عـزاءَ له *** هـوى لـه أُحـدٌ و انـهدْ ثهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فـارتزأتْ *** حـتى خَلت مـنه أقطـارٌ و بُلدانُ
فـاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً) *** و أيـنَ (شـاطبةٌ) أمْ أيـنَ (جَيَّانُ)
وأيـن (قُـرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم *** مـن عـالمٍ قـد سمـا فيها له شانُ
وأين (حْمص)ُ وما تحـويه من نزهٍ *** ونـهرهُا الـعَذبُ فـياضٌ و ملآنُ
قـواعدٌ كـنَّ أركانَ الـبلاد فما *** عـسى الـبقاءُ إذا لـم تبقَ أركانُ
تـبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من أسفٍ *** كـما بـكى لـفراق الإلفِ هيمانُ
عـلى ديـار مـن الإسلام خالية *** قـد أقـفرت ولـها بالكفر عُمرانُ
حيث المساجد قد صارت كنائسَ *** ما فـيـهنَّ إلا نـواقيسٌ و صُـلبانُ
حتى المحـاريبُ تبكي وهي جامدةٌ *** حـتى الـمنابرُ تـرثي و هي عيدانُ
يـا غـافلاً و له في الدهرِ موعظةٌ *** إن كـنت فـي سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
ومـاشيًا مـرحًا يـلهيه مـوطنهُ *** أبـعد حمـصٍ تَغـرُّ المرءَ أوطانُ ؟
تـلك الـمصيبةُ أنستْ ما تقدمها *** ومـا لـها مـع طولَ الدهرِ نسيانُ
يـا راكـبين عتـاق الخيلِ ضامرةً *** كـأنها فـي مـجال السبقِ عقبانُ
وحـاملين سـيُوفَ الـهندِ مرهفةُ *** كـأنها فـي ظـلام الـنقع نيرانُ
و راتـعين وراء الـبحر في دعـةٍ *** لـهم بـأوطانهم عـزٌّ و سـلطانُ
أعـندكم نـبأ مـن أهـل أندلسٍ *** فـقد سرى بحديثِ القـومِ رُكبانُ ؟
كم يستغيث بنا المستضعفـون و هم *** قـتلى و أسـرى فما يهتز إنسان؟
لمـاذا الـتقاُطع في الإسـلام بينكمُ *** وأنـتمْ يــا عـبادَ الله إخـوانُ؟
ألا نفـوسٌ أبَّـياتٌ لـها هـممٌ *** أمـا عـلى الخيـرِ أنصـارٌ وأعوانُ
يـا مـن لـذلةِ قـومٍ بعدَ عزِّهمُ *** أحـال حـالهمْ جــورُ وطُـغيانُ
بـالأمس كـانوا ملوكًا في منازلهم *** والـيومَ هـم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ
فـلو تـراهم حيارى لا دليل لهمْ *** عـليهمُ مـن ثـيابِ الـذلِ ألوانُ
ولـو رأيـتَ بكاهُم عـندَ بيعهمُ *** لـهالكَ الأمـرُ و استهوتكَ أحزانُ
يـا ربَّ أمّ وطـفلٍ حـيلَ بينهما *** كـمـا تـفـرقَ أرواحٌ وأبـدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت *** كأنـما هي ياقـوتٌ ومـرجـانُ
يـقودُها الـعلجُ لـلمكروه مكرهةً *** والـعينُ بـاكيةُ والـقلبُ حيرانُ
لمثل هـذا يذوبُ القلبُ مـن كمدٍ *** إن كان فـي القلبِ إسلامٌ و إيمانُ
قصيدة تاريخية في رثاء الأندلس للشاعر أبو البقاء الرندي صالح بن يزيد
بعد سقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس ... فماهو الفرق بين الأمس و اليوم؟