المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل كثرة سواد الأشاعرة مكانا وزمانا دليل على صوابهم ؟؟؟


**ولد مزغنة**
2008-06-07, 01:54
بسم الله الرحمن الرحيم

نعلم كلنا أن من رحمة الله عز وجل بأمة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم- أنه لم يقبض النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد ترك الأمة على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، وتكفل رب العزة بحفظ هذا الدين إلى أن يشاء الله، فإذا تأملنا هذا الكلام ورجعنا إلى التاريخ الإسلامي، نجد أن السواد الأعظم من أهل الإسلام على البينة في أي عصر يعيشه الإسلام منذ الخلافة الراشدة، ومرورًا بكل الدول الإسلامية، وحتى يومنا هذا، هذا التفكير على الرغم من عقلانيته ومنطقيته إلا أنه غير مريح، لأننا إن طبقناه على أنفسنا وعقيدتنا فسنجد أن مذهب الأشاعرة هو الذي ساد في أهل السنة طوال هذه السنين، ولم يعرف في عامة أهل السنة شيوع ما نقول عنه إنه اعتقاد السلف.
فإن كان ما نراه هو اعتقاد الصحابة، رضي الله عنهم، والسلف، فلِمَ لَم يظهره الله عز وجل، وأظهر غيره عليه؟

الجواب:

الحمد لله، وبعد: لقد بعث الله نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم- بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وقد تحقق هذا كما وعد- سبحانه وتعالى- فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله ليلاً ونهارًا سرًّا وجهرًا بقوله وفعله حتى دخل الناس في دين الله أفواجًا، فما مات- صلى الله عليه وسلم- حتى أكمل الله له ولأمته دينهم، وأتم عليهم نعمته، كما جاء في الآية الكريمة التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو واقف بعرفة، وقد ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، يعني: أنه- صلى الله عليه وسلم- قد بين هذا الدين أكمل بيان، فبلغ رسالات ربه كما أمره الله بقوله: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)[المائدة:67]، وأمر صحابته، رضي الله عنهم، أن يبلغوا فقال في خطبته في حجة الوداع: "لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الغَائِبَ". وقال: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً". فقام أصحابه، رضوان الله عليهم، بالبلاغ والدعوة، والجهاد أسوة بنبيهم صلى الله عليه وسلم، وانتشر الإسلام بالمعمورة شرقًا وغربًا.

وقد أخبر- صلى الله عليه وسلم- أنه يطرأ على هذه الأمة افتراق واختلاف، وبين أن الفرقة الناجية هم من كانوا على مثل ما كان عليه- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، رضي الله عنهم، كما أخبر- صلى الله عليه وسلم- أن الإسلام بدأ غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، وقد وقع الأمر كما أخبر- عليه الصلاة والسلام- وبدأ الافتراق في الأمة منذ أن ظهرت الخوارج والرافضة، والمرجئة والقدرية، ثم تفرعت الفرق،وتعددت، وظهرت بدعة التعطيل التي يعرف أهلها بمؤسسها الجهم بن صفوان، وهم الجهمية، وتفرع عن بدعة التعطيل، فرق شتى اضطربت مذاهبهم في صفات الله، وفي كلامه، وفي القدر، فغلبت على الأمة هذه المذاهب، ولكن الله قد ضمن حفظ كتابه ودينه، فلم يزل في هذه الأمة من يقيم لها أمر دينها بالبيان، كما جاء في الحديث المشهور: "يَحْمِلُ هَذَا العِلْمَ مِن كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْه انْتِحالَ المُبْطِلِينَ وتَأْوِيلَ الجَاهِلِينَ وتَحْرِيفَ الغَالِينَ". وفي الحديث الآخر: "إنَّ اللهَ يَبْعَثُ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائةِ سَنَةٍ مَن يُجَدِّدُ لهذه الأُمَّةِ أَمْرَ دِينِهَا".

ومع هذا الافتراق، وهذا الاختلاف لابد من رد ما اختلف فيه الناس إلى كتاب الله، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، واعتبار ذلك بما كان عليه الصحابة، رضي الله عنهم، وإنهم كانوا على الهدى المستقيم، وقد وعد الله بالرضا والجنة السابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، كما قال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[التوبة:100].

والحق إنما يعرف بدلالة كتاب الله، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، لا يعرف الحق بالكثرة، فإن الله تعالى أبطل ذلك، حيث بين أن الكثرة لا يعوَّل عليها، كما قال تعالى: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)[يوسف:21]. وقال تعالى: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ) [يوسف:38]. وقال تعالى: (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ)[الأنعام:116]، والسنة ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودلت عليها نصوص الكتاب والسنة.

والأشاعرة فرقة من الفرق الإسلامية، وهم وإن كانوا ينتسبون إلى السنة، فليس مذهبهم موافقًا لما كان عليه الصحابة، رضي الله عنهم، وما دل عليه القرآن والحديث، فمذهب الأشاعرة يتضمن أمورًا مخالفة كنفي كثير من الصفات حيث لا يثبتون إلا سبعًا من الصفات، ويقولون: إن الإيمان هو مجرد التصديق. ويخرجون الأعمال عن مسمى الإيمان، وهذا مذهب المرجئة، ومن أصول مذهبهم نفي تأثير الأسباب في مسبباتها، ومن ذلك نفي تأثير قدرة العبد في أفعاله، ومن ذلك قولهم بأن كلام الله معنى نفسي لا يسمع من الله؛ لأنه ليس بحرف، ولا صوت، وأن هذا القرآن عبارة عن كلام الله ليس هو كلام الله حقيقة؛ فموسى لم يسمع كلام الله من الله، بل إن الذي سمعه كلامٌ خلقه الله في الشجرة وهو عبارة عن المعنى النفسي، وهذا من أعظم التنقص لله، حيث يتضمن هذا القول تشبيه الله بالأخرس.
ولا يزكي هذه الأقوال إن قال بها بعض الأكابر والفضلاء من أهل العلم فإنهم غير معصومين، وما قالوه من هذه الأقوال المخالفة لمذهب السلف الصالح هو مما يعد من أخطائهم التي لا يتابعون عليها، وهم في ذلك مجتهدون ومأجورون، والواجب على المسلم أن يحكِّم كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وألا يتعصب لإمام، أو مذهب، فكلٌّ يؤخذ من قوله ويرد، إلا الرسول صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.


المجيب: عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التاريخ 13/09/1425هـ

oumyahia
2008-06-07, 08:13
السلام عليكم
بارك الله فيك وفي صاحب الموضوع
يعني على حسب ما فهمت ،( الإيمان هو مجرد التصديق...........نفي تأثير قدرة العبد في أفعاله ....)، يعني دخول الجنة عندهم يكون على طول وبدون تعب .....

مهاجر إلى الله
2008-06-07, 12:06
بارك الله فيك أخي ولد السعودية.......مع ان القول بأن الأشاعرة هم اكثر الناس غير مسلم به......حتى وإن سلمنا به فالكثرة مذمومة في القرآن والسنة.والحق لا يعرف بالكثرة و إنما هو اتباع للكتاب والسنة.........

يقول الشيخ العلامة عبد المحسن العباد البدر حفظه الله تعالى على شرحه لمقدمة أبي زيد القيرواني :

الفائدة الثامنة: هل صحيح أنَّ أكثرَ المسلمين في هذا العصر أشاعرة؟
الأشاعرة هم المنتسبون إلى أبي الحسن الأشعري، وهو علي بن إسماعيل المتوفى سنة (330ه) رحمه الله، وقد مرَّ في العقيدة بثلاثة أطوار: كان على مذهب المعتزلة، ثم في طور بين الاعتزال والسُّنَّة، يثبت بعضَ الصفات ويؤوِّل أكثرها، ثمَّ انتهى أمره إلى اعتقاد ما كان عليه سلف الأمة؛ إذ أبان عن ذلك في كتابه الإبانة، الذي هو من آخر كتبه أو آخرها، فبيَّن أنَّه في الاعتقاد على ما كان عليه إمام أهل السُّنَّة، الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – وغيره من أهل السُّنَّة، وهو إثبات كلّ ما أثبته الله لنفسه، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات، على ما يليق بالله، من غير تكييف أو تمثيل، ومن غير تحريف أو تأويل، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. والأشاعرة باقون على مذهبه الذي كان عليه قبل الانتقال إلى مذهب أهل السُّنَّة والجماعة، وقد اشتهر عند بعض الناس مقولةٌ أنَّ الأشاعرة في هذا العصر يُمثِّلون 95? من المسلمين، وهذه المقولة غير صحيحة من وجوه:
الأول: أنَّ إثبات مثل هذه النسبة إنِّما يكون بإحصاء دقيق يؤدِّي إلى ذلك، وهو غير حاصل، وهي مجرَّد دعوى.
الثاني: أنَّه لو سُلِّم أنَّهم بهذه النِّسبة؛ فإنَّ الكثرةَ لا تدلُّ على السلامة وصحَّة العقيدة، بل السَّلامةُ وصحَّةُ المعتقد إنَّما تحصل باتِّباع ما كان عليه سلف هذه الأمَّة من الصحابة ومَن سار على نهجهم، وليست باتِّباع معتقد توفي صاحبُه في القرن الرابع، وقد رجع عنه، وليس من المعقول أنَّ يُحجب حقٌّ عن الصحابة والتابعين وأتباعهم، ثم يكون في اتِّباع اعتقاد حصلت ولادتُه بعد أزمانهم.
الثالث: أنَّ مذهب الأشاعرة إنَّما يعتقده الذين تعلَّموه في مؤسَّسات علمية، أو تعلَّموه من مشايخ كانوا على مذهب الأشاعرة، وأمَّا العوام– وهم الأكثرية – فلا يعرفون شيئاً عن مذهب الأشعرية، وإنَّما هم على الفطرة التي دلَّ عليها اعتقاد الجارية في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، وقد تقدَّم.
والعقيدة المطابقة للفطرة هي عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة، وقد مرَّ إيضاحُ ذلك قريباً في الفائدة الثالثة.

وللفائدة نذكر الفائدة الثالثة المشار إليها في كلام الشيخ حفظه الله :

الفائدة الثالثة: عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة مطابقةٌ للفطرة
روى البخاري في صحيحه (1385) ومسلم في صحيحه (2658)– واللفظ للبخاري – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النَبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "كلُّ مولود يُولَد على الفطرة، فأبواه يُهوِّدانه أو يُنصِّرانه أو يُمجِّسانه. . . " الحديث.
وفي صحيح مسلم (2865) من حديث عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه: ". . . وإنِّي خلقتُ عبادي حنفاء كلّهم، وإنَّهم أتتهم الشياطينُ فاجتالتهم عن دينهم، وحرَّمت عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرتهم أن يُشركوا بي ما لم أُنزل به سلطاناً" الحديث.
وهذان الحديثان يدلاَّن على أنَّ دينَ الإسلام هو دينُ الفطرة، وعقيدةَ أهل السُّنَّة والجماعة مطابقةٌ للفطرة، ولهذا جاء في حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه في صحيح مسلم (537) في قصة جاريته، وفيه أنَّه قال: "أفلا أُعتقها؟ قال: ائتنِي بها، فأتيتُه بها، فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: مَن أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: اعتقها فإنَّها مؤمنة".
فهذه الجاريةُ بفطرتها أجابت بأنَّ الله في السماء، وقد قال الله عزَّ وجلَّ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ}، والمراد بالسماء العلو، أو تكون (في) بمعنى (على) كما في قوله تعالى: {وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} أي: على جذوع النخل.
وأمَّا الذين ابتُلوا بعلم الكلام، فإنَّهم يقولون: إنَّ علوَّ الله عزَّ وجلَّ علُوُّ قدر وقهر، وأهلُ السَّنَّة والجماعة يقولون إنَّ علُوَّ الله عزَّ وجلَّ علُوُّ قدر وقهر وذات، وقد جاء عن بعض المتكلمين وغيرهم عباراتٌ تدلُّ على أنَّ السلامةَ والنجاةَ إنَّما هي في عقيدة العجائز المطابقة للفطرة، وقد نقل شارحُ الطحاوية عن أبي المعالي الجوينِي كلاماً ذمَّ فيه علمَ الكلام، وقال فيه عند موته: "وهَا أنا ذا أموت على عقيدة أمِّي، أو قال: على عقيدة عجائز نيسابور". وفي ترجمة الرازي - وهو من كبار المتكلِّمين - في لسان الميزان (4/427): "وكان مع تبحُّره في الأصول يقول: من التزم دينَ العجائز فهو الفائز".

وقال أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين في نصيحته لمشايخه من الأشاعرة (1/185 – مجموعة الرسائل المنيرية): "فمن تكون الراعية أعلم بالله منه لكونه لا يعرف وجهة معبوده، فإنَّه لا يزال مظلمَ القلب، لا يستنيرُ بأنوار المعرفة والإيمان".
وروى ابن سعد في الطبقات بإسناد صحيح على شرط مسلم (5/374) عن جعفر بن بُرقان قال: "جاء رجلٌ إلى عمر بن عبد العزيز فسأله عن شيء من الأهواء، فقال: الزَم دينَ الصبِيِّ في الكُتَّاب والأعرابيِّ، والْهُ عمَّا سوى ذلك"، وعزاه إليه النووي في تهذيب الأسماء واللغات (2/22).

**ولد مزغنة**
2008-06-07, 15:31
أشكر الأخت الكريمة أم يحي على حماستها وفزعتها في الحق، كما أن الشكر موصول للفاضل المفضال المهاجر إلى الله على مداخالاته القيمة.
حياكم ربي وبيض الله وجوهكم وما عليكم زود.

يوسف زكي
2008-06-07, 18:10
أشكرك أخي الكريم ولد مزغنة و الشكر موصول للأخت أم يحي و الأخ الفاضل مهاجر إلى الله

أصبت بطرحك هذا و لقد صدق الإخوة الكرام فهذه شبهة تضاف إلى قائمة الشبه التي يتمسحون على أعتابها و يتشبثون بها تشبث الغريق بكومة القش العائمة.

نعم فمن الشبه الواهية و التلبسات الغاوية زعمهم أن أهل السنة في قلة ونحن في كثرة .
فكيف يعقل أن يكون هذا الجم الغفير والسواد الكثير هم أهل الباطل وتلك الشرذمة هم أهل الحق ... !؟

لكن هذه الشبه كما قال القائل :

حجج تهافت كالزجاج تخالها ****** حقا وكل كاسر ومكسور

كثيرا من الخلق يتشبث بهذه الشبه و هي أوهن من بيت العنكبوت هي في الحقيقة عليهم و ليست لهم .

كثيرا ما نسمع هذه الكلمات أيعقل أن يكون هذا الجم الغفير على خطأ و تلك القلة القلية على صواب ؟؟

فإذا ذكرتهم ببدعية المولد فأنت شاذ في أقوالك أما ترى حواليك احتفالات رسمية و علماء يباركون و يصادقون على جواز الإحتفال.

إذا ذكرت ضوابط اللباس الشرعي للمرأء فأنت متخلف شاذ في رأيك أما ترى العالم الفلاني يعقد حلقات للنساء و هن كاشفات على رؤوسهن أيعقل أن يرضى هذا الشيخ بهذا و لا ينبه على هذا الأمر.

لباس فضفاض ؟؟؟ نحن في القرن العشرين ، نحن في عصر التقدم حضاريا و فكريا و لا بد للإسلام أن يواكب العصر الذي نعيشه . ذاك زمان ولى ........

(( فقه الواقع ))، سلعة يروجون لها كثيرا :

إن من المسلم به أَن أَََهل السُّنَّة موجودون في كل زمان لا يخلو وقت مِنهم ، وهم متمسكون بالحق ناصحون للخلق لا يخافون في الله لومة لائم ، برغم تكالب الملل عليهم واجتماع النحل ضدّهم .

بكتاب الله معتصمون وبسنة نبيه مقتدون وبآثار السلف سائرون ، لا يلتفتون إلى زخارف الأقوال ولا إلى آراء الرجال
، لا يصدهم على دعوتهم ملبس ولا يردهم عن معتقدهم مخرف ولا يقيسون الباطل بالقلة ولا الحق بالكثرة ، فكانوا بحق خير أمة أخرجت للناس.

و شبهة الكثرة قد انبرى لها عز وجل في كتابه فدمغها فهي زاهقة , وأحرقها نور السنة فهي مارقة
وغمرها بحر السلف فهي غارقة . فلله الحمد والمنة .

و قد قرأت منذ مدة رسالة طيبة للشيخ الفاضل حسين عويشة يسرد فيها الأدلة على ذم الكثرة في كتاب الله و سنة رسوله فألفتها رسالة وافية شافية كافية لا أتذكر عنوانها و الله أعلم في آخر رسالته :((المظهرية الجوفاء ))

و سأسوق لكم بعض الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة على بطلان هذه القاعدة ، وتجعلها حصنا تتقي به شرر هؤلاء المرجفين المبطلين وسيفا تقطع به دابر الضالين ، ولتقول الحمد لله رب العالمين .


قال عز وجل : (وَإِنْ تطَع أَكثر مَنْ في اْلأرْض يُضِلوك عن سبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعونَ إِلَّا الظّن وَإِنْ هُم إِلاا يَخرُصُونَ) [ الأنعام : 116]

وقال تعالى : (وما أَكثرُ الناس ولو حَرَصتَ بِمُؤمِنِين ) [ يوسف : 103]

وقال تعالى‏:‏ ‏( ‏أَمْ تحسبُ أَنَّ أَكْثرهُمْ يسمعون أو يعقلونَ إِنْ هُمْ إِلا كالأْنعامِ بَل هم أَضَلُّ سَبِيلا ) ‏[‏الفرقان‏:‏ 44‏]‏ ‏.‏

وقال عز وجل : (وما وجدنَا لأَكثَرِهِم مِنْ عهدٍ وإِنْ وجدنَا أَكثرَهمْ لَفاسقِينَ ) [ الأعراف : 102]

وقال تبارك وتعالى : (المر تِلْكَ آَياتُ الْكتابِ والذي أُنزِلَ إلَيكَ منْ ربكَ الْحقُّ وَلكن أَكثَرَ الناسِ لا يؤمنونَ ) [ الرعد : 1]

فما أكثر ما ذم الله عز وجل الكثرة في كنابه ، ومدح القلة فقال : (اعملوا آَلَ داوودَ شكرًا وقليلٌ من عبادِيَ الشكورُ )[ سبأ:13]

وقال عز وجل : ( ... وإِن كثِيرًا منَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بعضهمْ على بعض إلا الذِينَ آَمنوا وعملوا الصالحاتِ وقَليلُُ مَا هُمْ ...) [ ص:24]

وقال أيضا تبارك وتعالى : (حَتَّى إِذا جاء أَمرنا وفار التَنورُ قلنا احملْ فِيها من كل زوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأهلك إِلا َمن سبق عليه القول و من آمن و ما آمن معه إلا قليل ) [ هود : 40]


وعن ابن عباس –رضي الله عنه- قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: ( عرضت علي الأمم فجعل يمر النبي ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان والنبي ومعه الرهط والنبي وليس معه أحد ...)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا. فطوبى للغرباء)[ أخرجه مسلم

وسئل عنهم فقال صلى الله عليه وسلم : (ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم) صححه الألباني


وعن معاوية –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمَّة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلاّ واحدة وهي الجماعة ). ).[ أخرجه أبو داود برقم-- وابن ماجة من حديث عوف بن مالك - وغيرهما وقد اجمعت الأمة على صحته ).

فقد جعل صلى الله عليه وسلم الطائفة المنصورة الناجية في مقابل الفرق الهالكة قليل .


قال ابن مسعود –رضي الله عنهما- : " الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك ".

وعن الفضيل بن عياض: ' اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين واياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين'.

قال أبو شامة –رحمه الله- (الباعث على إنكار البدع والحوادث : " وحيث جاء الأمر بلزوم الجماعة؛ فالمراد به لزوم الحق وإتباعه وإن كان المتمسك به قليلاً والمخالف كثيراً؛ لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابة رضي الله عنهم ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل"


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- ( الفتاوى ص: 298-299 جـ 18 ): "
وفي السنن‏:‏ ‏( ‏إن الله يبعث لهذه الأمة في رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها )‏‏.‏ والتجديد إنما يكون بعد الدروس، وذاك هو غربة الإسلام‏.


وهذا الحديث يفيد المسلم أنه لا يغتر بقلة من يعرف حقيقة الإسلام، ولا يضيق صدره بذلك، ولا يكون في شك من دين الإسلام، كما كان الأمر حين بدأ‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏( ‏فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إليكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ‏ )‏ ‏[‏يونس‏:‏ 94‏]‏ ، إلى غير ذلك من الآيات والبراهين الدالة على صحة الإسلام


قال الإمام الشاطبي – رحمه الله- ( " الاعتصام " 01/11 - 12 ) : " وهذه سنة الله في الخلق : أن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل لقوله تعالى : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) [ سورة يوسف الآية 103 ] وقوله : ( وقليل من عبادي الشكور ) [سورة سبأ الآية 13 ]ولينجز الله ما وعد به نبيه صلى الله عليه وسلم من عود وصف الغربة إليه فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد الأهل أو قلتهم وذلك حين يصير المعروف منكرا والمنكر معروفا وتصير السنة بدعة والبدعة سنة


قال ابن القيم –رحمه الله- (زاد المعاد 181/3 ) : " ولما رأى المنافقون ومَن فى قلبه مرض قِلَّة حزبِ الله وكثرةَ أعدائه، ظنُّوا أن الغلبة إنما هى بالكثرة، وقالوا: ( غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ ) [الأنفال: 49]، فأخبر سبحانه أن النصر بالتوكل عليه لا بالكثرة، ولا بالعدد، والله عزيز لا يُغالَب، حكيم ينصر مَن يستحق النصر، وإن كان ضعيفاً، فعزتُه وحكمتُه أوجبت نصرَ الفئةِ المتوكِّلَةِ عليه. "


قال أيضا –رحمه الله- في نونيته

واصدع بما قال الرسول ولا تخف ***من قلة الأنصار و الأعوان
فالله ناصر دينه وكتابــــــــــــــه*** والله كاف عبده بأمـــان

إلى أن قال :

لاتخش كثرتهم فهم همج الورى *** وذبابه أتخاف من ذبـــان

قال الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ( كتاب التوحيد : باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب بعدما ذكر حديث ابن عباس السابق) : " فيه مسائل :الخامسة عشرة: ثمرة هذا العلم، وهو عدم الاغترار بالكثرة، وعدم الزهد في القلة ".

وقال الإمام الشوكاني –رحمه الله- ( فتح القدير ) عند قوله تعالى : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) : " أخبره الله سبحانه بأنه إذا رام طاعة أكثر من في الأرض أضلوه، لأن الحق لا يكون إلا بيد الأقلين، ومنهم الطائفة التي تزال على الحق ولا يضرها خلاف من يخالفها، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "

قال العلامة ابن باز –رحمه الله- ( " نصيحة موجهة إلى كافة المسلمين " أنظر فتاويه –رحمه الله- ص: 411 – 416 جـ 12) : " وليحذر كل مسلم أن يغتر بالأكثرين ، ويقول : إن الناس قد ساروا إلى كذا ، واعتادوا كذا ، فأنا معهم ، فإن هذه مصيبة عظمى ، قد هلك بها أكثر الماضين ، ولكن أيها العاقل ، عليك بالنظر لنفسك ومحاسبتها والتمسك بالحق وإن تركه الناس ، والحذر مما نهى الله عنه وإن فعله الناس ، فالحق أحق بالاتباع ، كما قال تعالى : وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه ِ وقال تعالى : وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ وقال بعض السلف رحمهم الله : ( لا تزهد في الحق لقلة السالكين ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين " .

قال العلامة الألباني –رحمه الله- (صلاة العيدين في المصلى ص : 47 ): " فالمؤمن لا يستوحش من قلة السالكين على طريق الهدى ولا يضره كثرة المخالفين "

وقال معالي الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان –حفظه الله- ( شرح مسائل الجاهلية ص : 60) : " فالعبرة ليست بالكثرة, العبرة بالصواب وإصابة الحق . نعم, إذا كانت الكثرة على صواب فهذا طيب , ولكن سنة الله جل وعلا أن الكثرة تكون على الباطل (ومآ أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) (وأن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله) "



فالحق عزيز وأهله في غربة وقلة والباطل ذليل وأهله في كثرة ، فاختر لنفسك الحق بقلة أهله وانبذ الباطل واترك كثرة أهله .
فالزم ما سبق تنجو بإذن الله تعالى


أخوكم يوسف