يعلى
2008-06-05, 00:08
الأجنحة المتكسرة
" غدا يسير بكِ القدر إلى أحضان العائلة المملوءة بالراحة والهدوء ، ويسير بي إلى ساحة العالم حيث الجهاد والقتال . أنتِ إلى منزل رجل يسعد بجمالكِ وطهر نفسكِ ، وأنا إلى مكامن أيام تعذبني بأحزانها وتخيفني بأشباحها . أنتِ إلى الحياة وأنا إلى النِّزاع . أنتِ إلى الأنس والألفة ، وأنا إلى الوحشة والانفراد . ولكنني سأرفع في وادي الموت للحب تمثالا وأعبده ، سأتخذ الحب سميرا ، وأسمعه منشدا ، وأشربه خمرا ، وألبسه ثوبا . عند الفجر سينبهني الحب من رقادي ، ويسير أمامي إلى البريّة البعيدة . وعند الظهيرة سيقودني إلى ظل الأشجار ، فأربض مع العصافير المحتمية من حرارة الشمس . وفي المساء سيوقفني أمام المغرب ويسمعني نغمة وداع الطبيعة للنور ، ويريني أشباح السكينة سابحة في الفضاء . وفي الليل سيعانقني فأنام حالما بالعوالم العلوية ، حيث تقطن أرواح العشاق والشعراء . في الربيع سأمشي والحب جنبا لجنب ، مترنمين بين التلول والمنحدرات ، متبعين آثار أقدام الحياة المخططة بالبنفسج والأقحوان ، شاربين بقايا الأمطار بكؤوس النرجس والزنبق . وفي الصيف سأتكئ والحب سانديْن رأسينا إلى أغمار القش ، مفترشيْن الأعشاب ملتحفيْن السماء ، ساهرين مع القمر والنجوم . وفي الخريف سأذهب والحب إلى الكروم ، فنجلس بقرب المعاصر ، ناظرين إلى الأشجار وهي تخلع أثوابها المذهبة ، متأمليْن أسراب الطيور الراحلة إلى الساحل , وفي الشتاء سأجلس والحب بقرب المواقد ، تالييْن حكايات الأجيال ، مردّديْن أخبار الأمم والشعوب . وفي أيام الشبيبة سيكون لي الحب مهذبا ، وفي الكهولة عضدا ، وفي الشيخوخة مؤنسا . سيظل الحب معي يا سلمى ، إلى نهاية العمر ، إلى أن يجيء الموت ، إلى أن تجمعني بك قبضة الله . "
جبران خليل جبران " الأجنحة المتكسرة ".
" غدا يسير بكِ القدر إلى أحضان العائلة المملوءة بالراحة والهدوء ، ويسير بي إلى ساحة العالم حيث الجهاد والقتال . أنتِ إلى منزل رجل يسعد بجمالكِ وطهر نفسكِ ، وأنا إلى مكامن أيام تعذبني بأحزانها وتخيفني بأشباحها . أنتِ إلى الحياة وأنا إلى النِّزاع . أنتِ إلى الأنس والألفة ، وأنا إلى الوحشة والانفراد . ولكنني سأرفع في وادي الموت للحب تمثالا وأعبده ، سأتخذ الحب سميرا ، وأسمعه منشدا ، وأشربه خمرا ، وألبسه ثوبا . عند الفجر سينبهني الحب من رقادي ، ويسير أمامي إلى البريّة البعيدة . وعند الظهيرة سيقودني إلى ظل الأشجار ، فأربض مع العصافير المحتمية من حرارة الشمس . وفي المساء سيوقفني أمام المغرب ويسمعني نغمة وداع الطبيعة للنور ، ويريني أشباح السكينة سابحة في الفضاء . وفي الليل سيعانقني فأنام حالما بالعوالم العلوية ، حيث تقطن أرواح العشاق والشعراء . في الربيع سأمشي والحب جنبا لجنب ، مترنمين بين التلول والمنحدرات ، متبعين آثار أقدام الحياة المخططة بالبنفسج والأقحوان ، شاربين بقايا الأمطار بكؤوس النرجس والزنبق . وفي الصيف سأتكئ والحب سانديْن رأسينا إلى أغمار القش ، مفترشيْن الأعشاب ملتحفيْن السماء ، ساهرين مع القمر والنجوم . وفي الخريف سأذهب والحب إلى الكروم ، فنجلس بقرب المعاصر ، ناظرين إلى الأشجار وهي تخلع أثوابها المذهبة ، متأمليْن أسراب الطيور الراحلة إلى الساحل , وفي الشتاء سأجلس والحب بقرب المواقد ، تالييْن حكايات الأجيال ، مردّديْن أخبار الأمم والشعوب . وفي أيام الشبيبة سيكون لي الحب مهذبا ، وفي الكهولة عضدا ، وفي الشيخوخة مؤنسا . سيظل الحب معي يا سلمى ، إلى نهاية العمر ، إلى أن يجيء الموت ، إلى أن تجمعني بك قبضة الله . "
جبران خليل جبران " الأجنحة المتكسرة ".