*مصطفى*
2010-10-13, 17:45
بسم الله الرحمن الرحيم
جدتـــــــــــــي
كان ذالك الأصيل صافيا، نقي الهواء، وكانت أسراب من البلابل
تودع النهار بتغريد تتجاوب على أغصان الشجر
كنت مستمتعا بمشهد خلاب في عمق الغاب اذ
بصوت جدتي ينبعث ... عود الى البيت
بيت جدتي في أسفل الجبل بناه جدي بعد أن طرده المستعمر
الفرنسي من قمة الجبل في يوم عصيب نكل بالأهالي ودمر أكواخهم
قتل من قتل وكان من بين الضحايا والد جدتي علقه العدو في شجرة ثم
أحرقه بالنار نكاية لمن يساند الثورة.
في هذا لبيت العتيق سكن الحب قلب جدتي فأضاءه بشعلته
بعد أن كان مظلما بضباب الوحدة الموحشة ، مغمورة بذالك النور
البديع المتفجر في فجر الشباب ، محلقة بأجنحة السعادة كطائر غريد
تترنم في الغاب المبتسم الملتحف بجمال الطبيعة ، مفتونة
بتلك الحياة النيرة المجنحة بالأحلام الساكنة.
الآن وقد انقضت أفراح الأيام واندثرت أحلام السعادة كما تندثر
الزهور ، تاركة على صفحة القلب سوى ظل ضئيل لحياة توارت
مع أشباح الزمن يثير في النفس هاجع التذكار.
أجد هذا البيت كعالم صنعته جدتي بأناملها
ونشاطها الدءوب ، أحاطته بجنة فيها من شتى
الثمار وأجرت فيها جداول كالوديان كنت أتساءل بسذاجة
لما لا توقف جدتي الشمس في كبد السماء لقد كنت أكره حين
تزحف جحافل الظلام أكره ظلمته المفعمة المرة وانقبض لسكونه
أتمنى أن تظل الشمس شارقة والبلابل مغردة.
حين أشعلت جدتي الشموع أيقنت أن الحرب لبدّ منها هاهي
تعد مائدة العشاء وقد هيئت الفراش كما أنها عصبت رأسها بوشاح أحمر.
. لم أجد مذاق الطعام الذي تبدع جدتي في إعداده
كنت أرسم المشهد الحربي وأضع له أشكال خرافية
وما أن دخلت الفراش حتى خيل إلي أن الوحوش غادرت كهفها
الأخرس وهي الآن تزحف على أطراف الوادي الكئيب
شخير جدتي يبلغ مسمعي فتتغير نبرته
كأنّه ينبعث من عمق الوادي
ومن أفواه الوحوش التي تسيل لعابا
.. تزداد نبضات قلبي ..ألصق ركبتاي بصدري
وأقبض بيدي الصغيرتين على غطاء رث..ينبعث
من الغرفة الأخرى أنينا خافت
انه جدي يرقد لوحده كالجثة أسقطه المرض
هاهي الوحوش تزحف إليه أحاول أن أخرج يدي من تحت الخطاء
لأوقظ جدتي فلا أستطيع لقد قيدني الخوف..يرتفع الأنين ..
هاهي الوحوش الزاحفة تمزقه يعلو أنينه فتستيقظ جدتي
أزيح الغطاء برفق عن رأسي وأمد بصري فلا أرى سوى الظلام
تهرول جدتي الى الغرفة الأخرى حيث كان الصوت ينبعث من
قيتارة الألم لقد كانت الحياة باسمة فأمست كئيبة ...لقد كان الغاب
يسمعنا ترانيم الحب والجمال المتفجر من صدور البلابل ، لقد
بعثر الخريف القاسي أوراق الغصون المملوءة بالحياة والأمل..
تلك الوردة العذبة بالأمس كانت محدقة بجمال الحياة واليوم
أصبحت محدقة برهبة الموت .
سحبت عني الغطاء برفق فداعب وجهي النسيم تقلبت الى
الجهة الأخرى فدست يدها في بطني ودغدغتني رميت الغطاء
وتعلقت برقبتها ضمتني الى صدرها شعرت بحنانها كالشلال
المتدفق ، أشارت الى مكان الحليب والخبز .
وقفت في وسط الساحة أتأمل الأرض لعلي أرى بقايا معركة الليل
أبحث عن أثار الوحوش الزاحفة ... اتجهت الى غرفة جدي حيث
يرقد وأنفاسه تنبعث أنات تشكو الأيام.
طلبت مني جدتي أن أنتعل حذائي في ما كانت هي تلف على
نفسها الحايك
كانت جدتي قابضة على يدي وتجرني في مسلك ضيق كنت
أجتنب الأحراش سألتها متبرما من سوء المسلك
لماذا لا توجد طريق بين هذه الحقول فقالت لي أن هذا المسلك
هو الطريق الذي كنا نسلكه وقت الاستعمار فهو يختزل المسافة
أما الطريق الحديث فهو يجتنب الحقول ويطيل المسافة...!!!!
كنت أسألها عن وجهتها وعن السبب الذي حرمني من رقاد لذيذ
فترد علي لا تتكلم حتى لا تتعب نفسك اصدقها وأعظ شفتي
لبأس أن أحدث نفسي سرا وأن أصنع مشهد بطولي لجدتي ..
فهي دوما البطل الذي لا يقهر .. شعرت بالهواء يمر تحت راحت يدها
سحبت يدي ببطء وتخلفت عنها خطوات اقتربت هي من بيت كبير وعتيق
انتظرتني حتى لحقت بها أمسكت بيدي من جديد وأوصتني بالهدوء ..
تخطت عتبت البيت وفي ساحته بعض
النسوة يلتحفن (( الحايك)) كجدتي ويتبادلنا الحديث انضمت أليهم جدتي
واستغرقت معم في الثرثرة بعد أن أعطتني حريتي
فأطلقت العنان لنفسي أتسكع بين الغرف لم أشعر إلا ويد تمسك بكتفي
إنها جدتي تتعقبني ... تسحبني من يدي إلى غرفة يتربع فيها شيخ مسن
ملتف في برنوصه البني وعلى رأسه عمامة صفراء
أما أنا فقد فهمت من وخز جدتي لي فتسمرت عند الباب
اقتربت من ذالك الشيخ وانكبت تقبل كتفه ثم جلست عن يمينه
هو يسأل وهي تجيب ولم أكن أفقه شيء من الكلمات
خرجنا من ذالك المكان الكريه والفضول يدفعني لمعرفة ذالك العالم
كنت قد هيئت عدة أسئلة لكن جدتي تعلم مسبقا أنني سأضايقها
وأحاصرها بكم من الأسئلة لذا خبأت لي بعض الحلوة لأنشغل بها[/center][/color][/size]
جدتـــــــــــــي
كان ذالك الأصيل صافيا، نقي الهواء، وكانت أسراب من البلابل
تودع النهار بتغريد تتجاوب على أغصان الشجر
كنت مستمتعا بمشهد خلاب في عمق الغاب اذ
بصوت جدتي ينبعث ... عود الى البيت
بيت جدتي في أسفل الجبل بناه جدي بعد أن طرده المستعمر
الفرنسي من قمة الجبل في يوم عصيب نكل بالأهالي ودمر أكواخهم
قتل من قتل وكان من بين الضحايا والد جدتي علقه العدو في شجرة ثم
أحرقه بالنار نكاية لمن يساند الثورة.
في هذا لبيت العتيق سكن الحب قلب جدتي فأضاءه بشعلته
بعد أن كان مظلما بضباب الوحدة الموحشة ، مغمورة بذالك النور
البديع المتفجر في فجر الشباب ، محلقة بأجنحة السعادة كطائر غريد
تترنم في الغاب المبتسم الملتحف بجمال الطبيعة ، مفتونة
بتلك الحياة النيرة المجنحة بالأحلام الساكنة.
الآن وقد انقضت أفراح الأيام واندثرت أحلام السعادة كما تندثر
الزهور ، تاركة على صفحة القلب سوى ظل ضئيل لحياة توارت
مع أشباح الزمن يثير في النفس هاجع التذكار.
أجد هذا البيت كعالم صنعته جدتي بأناملها
ونشاطها الدءوب ، أحاطته بجنة فيها من شتى
الثمار وأجرت فيها جداول كالوديان كنت أتساءل بسذاجة
لما لا توقف جدتي الشمس في كبد السماء لقد كنت أكره حين
تزحف جحافل الظلام أكره ظلمته المفعمة المرة وانقبض لسكونه
أتمنى أن تظل الشمس شارقة والبلابل مغردة.
حين أشعلت جدتي الشموع أيقنت أن الحرب لبدّ منها هاهي
تعد مائدة العشاء وقد هيئت الفراش كما أنها عصبت رأسها بوشاح أحمر.
. لم أجد مذاق الطعام الذي تبدع جدتي في إعداده
كنت أرسم المشهد الحربي وأضع له أشكال خرافية
وما أن دخلت الفراش حتى خيل إلي أن الوحوش غادرت كهفها
الأخرس وهي الآن تزحف على أطراف الوادي الكئيب
شخير جدتي يبلغ مسمعي فتتغير نبرته
كأنّه ينبعث من عمق الوادي
ومن أفواه الوحوش التي تسيل لعابا
.. تزداد نبضات قلبي ..ألصق ركبتاي بصدري
وأقبض بيدي الصغيرتين على غطاء رث..ينبعث
من الغرفة الأخرى أنينا خافت
انه جدي يرقد لوحده كالجثة أسقطه المرض
هاهي الوحوش تزحف إليه أحاول أن أخرج يدي من تحت الخطاء
لأوقظ جدتي فلا أستطيع لقد قيدني الخوف..يرتفع الأنين ..
هاهي الوحوش الزاحفة تمزقه يعلو أنينه فتستيقظ جدتي
أزيح الغطاء برفق عن رأسي وأمد بصري فلا أرى سوى الظلام
تهرول جدتي الى الغرفة الأخرى حيث كان الصوت ينبعث من
قيتارة الألم لقد كانت الحياة باسمة فأمست كئيبة ...لقد كان الغاب
يسمعنا ترانيم الحب والجمال المتفجر من صدور البلابل ، لقد
بعثر الخريف القاسي أوراق الغصون المملوءة بالحياة والأمل..
تلك الوردة العذبة بالأمس كانت محدقة بجمال الحياة واليوم
أصبحت محدقة برهبة الموت .
سحبت عني الغطاء برفق فداعب وجهي النسيم تقلبت الى
الجهة الأخرى فدست يدها في بطني ودغدغتني رميت الغطاء
وتعلقت برقبتها ضمتني الى صدرها شعرت بحنانها كالشلال
المتدفق ، أشارت الى مكان الحليب والخبز .
وقفت في وسط الساحة أتأمل الأرض لعلي أرى بقايا معركة الليل
أبحث عن أثار الوحوش الزاحفة ... اتجهت الى غرفة جدي حيث
يرقد وأنفاسه تنبعث أنات تشكو الأيام.
طلبت مني جدتي أن أنتعل حذائي في ما كانت هي تلف على
نفسها الحايك
كانت جدتي قابضة على يدي وتجرني في مسلك ضيق كنت
أجتنب الأحراش سألتها متبرما من سوء المسلك
لماذا لا توجد طريق بين هذه الحقول فقالت لي أن هذا المسلك
هو الطريق الذي كنا نسلكه وقت الاستعمار فهو يختزل المسافة
أما الطريق الحديث فهو يجتنب الحقول ويطيل المسافة...!!!!
كنت أسألها عن وجهتها وعن السبب الذي حرمني من رقاد لذيذ
فترد علي لا تتكلم حتى لا تتعب نفسك اصدقها وأعظ شفتي
لبأس أن أحدث نفسي سرا وأن أصنع مشهد بطولي لجدتي ..
فهي دوما البطل الذي لا يقهر .. شعرت بالهواء يمر تحت راحت يدها
سحبت يدي ببطء وتخلفت عنها خطوات اقتربت هي من بيت كبير وعتيق
انتظرتني حتى لحقت بها أمسكت بيدي من جديد وأوصتني بالهدوء ..
تخطت عتبت البيت وفي ساحته بعض
النسوة يلتحفن (( الحايك)) كجدتي ويتبادلنا الحديث انضمت أليهم جدتي
واستغرقت معم في الثرثرة بعد أن أعطتني حريتي
فأطلقت العنان لنفسي أتسكع بين الغرف لم أشعر إلا ويد تمسك بكتفي
إنها جدتي تتعقبني ... تسحبني من يدي إلى غرفة يتربع فيها شيخ مسن
ملتف في برنوصه البني وعلى رأسه عمامة صفراء
أما أنا فقد فهمت من وخز جدتي لي فتسمرت عند الباب
اقتربت من ذالك الشيخ وانكبت تقبل كتفه ثم جلست عن يمينه
هو يسأل وهي تجيب ولم أكن أفقه شيء من الكلمات
خرجنا من ذالك المكان الكريه والفضول يدفعني لمعرفة ذالك العالم
كنت قد هيئت عدة أسئلة لكن جدتي تعلم مسبقا أنني سأضايقها
وأحاصرها بكم من الأسئلة لذا خبأت لي بعض الحلوة لأنشغل بها[/center][/color][/size]