ابو إبراهيم
2008-05-20, 00:17
بسم الله الرحمن الرحيم
فقداشتهر هذا القول عن الإمام أحمد ، واستفاض ، وشـاع ، حتى قال الحافظ الحجة ابنالقيم في (( إعلام الموقعين ))(1/31) : (( الأصل الرابع الذي بنى عليه فتاويه : الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف ، إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه ، وهو الذي رجحه علىالقياس . وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ، ولا المنكر ، ولا ما في روايته متهم ،بحيث لا يسوغ الذهاب إليه ، والعمل به ؛ بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح ، وقسممن أقسام الحسن ، ولم يكن يقسم الحديث إلى : صحيح ، وحسن ، وضعيف ؛ بل إلى صحيحوضعيف . وللضعيف عنده مراتب ، فإذا لم يجد في الباب أثراً يدفعه ، ولا قول صاحب ،ولا إجماعا على خلافه ، كان العمل به عنده أولى من القياس.
ثم ذكر موافقيهمن الأئمة على العمل بهذا الأصل ، فقال : (( وليس أحد من الأئمة إلا وهو موافقه علىهذا الأصل من حيث الجملة ، فإنه ما منهم أحد إلا وقد قدم الحديث الضعيف على القياس . فقدَّم أبو حنيفة حديث (( القهقهة في الصلاة )) على محض القياس ، وأجمع أهلالحديث على ضعفه . وقدَّم حديث (( الوضوء بنبيذ التمر )) على القياس ، وأكثر أهلالحديث يضعِّفه . وقدَّم حديث (( أكثر الحيض عشرة أيام )) ، وهو ضعيف باتفاقهم علىمحض القياس ، فإن الذي تراه في اليوم الثالث عشر مساو في الحد والحقيقة والصفة لدماليوم العاشر . وقدَّم حديث (( لا مهر أقل من عشرة دراهم )) ، وأجمعوا على ضعفه ،بل بطلانه ، على محض القياس ، فإنَّ بذل الصداق معاوضة في مقابلة بذل البضع ، فماتراضيا عليه جاز ، قليلا كان أو كثيراً .
وقدَّم الشافعي خبر (( تحريم صيد وجمع ضعفه على القياس . وقدَّم خبر (( جواز الصلاة بمكة في وقت النهي )) مع ضعفهومخالفته لقياس غيرها من البلاد . وقدَّم في أحد قوليه حديث (( من قاء أو رعففليتوضأ ، وليبن على صلاته )) على القياس مع ضعف الخبر وإرساله . وأما مالك فإنهيقدم الحديث المرسل ، والمنقطع ، والبلاغات ، وقول الصحابي على القياس )) أهـ .
وقال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في (( منهاج السنة )) : (( وأما نحن ،فقولنا : إن الحديث الضعيف خير من الرأي ، ليس المراد به الضعيف المتروك ، لكنالمراد به الحسن ، كحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، وحديث إبراهيم الهجريوأمثالهما ، ممن يحسن الترمذي أحاديثهم . فالحديث إما صحيح وإما ضعيف ، والضعيفنوعان : ضعيف متروك ، وضعيف ليس بمتروك . فتكلم أئمة الحديث بذلك الاصطلاح ، فجاءمن لم يعرف إلا اصطلاح الترمذي ، فسمع قول بعض الأئمة : الحديث الضعيف أحب إلى منالقياس ، فظن أنه يحتج بالحديث الذي يضعفه مثل الترمذي ، وأخذ يرجح طريقة من يرىأنه أتبع للحديث الصحيح ، وهو في ذلك من المتناقضين الذين يرجحون الشيء على ما هوأولى بالرجحان منه ، إن لم يكن دونه )) أهـ .
وهذا الذي ذكره الحافظ ابن القيم – رحمه الله - في غاية البيان والدلالة على المقصود ، وقد دفع الملام عن إمام الأئمةالأعلام ، بذكر موافقيه على هذا الأصل من أصول مذهبه . ثم زاده شيخ الإسلام إيضاحاًبذكر خطأ من ظنَّ أنه أراد بالضعيف ما كان على اصطلاح الترمذي ، ومن نحا نحوه .
إلا أنه قد يفهم من كلامهما أن المراد بالضعيف الذي قدَّمه على الرأي ؛ هوالحسن لذاتهِ دون ما عداه ، وإنما المراد عند التحقيق ثلاثة أقسام :
أولهاالحسن لذاته الذي لا يفتقر إلى جابر ولا عاضد ، وهذا أقوى الثلاث وأمثلها .
ثانيها) الحسن لغيره الذي ينجبر بما يشد أزره ويقويه ويعضده .
ثالثهاالضعيف الذي لم يشتد ضعفه حتى يطابق الموضوع والمتروك . فإن قيل : فهل جاء عنالإمام أحمد ما يتأيد به إرادته بالضعيف لهذه الأقسام الثلاثة ؟ ، قلنا : فأماالأول والثاني فأظهر من أن يستدل لهما ، سيما وقد وقع التمثيل لهما آنفاً ، لذافلنقتصر على ذكر الضعيف الذى لم يشتد ضعفه حتى يلتحق بالمتروك ، ولم ينجبر حتىيلتحق بالحسن ، وذلك بما قال أبو عبد الله مهنا بن يحيى : قال أحمد : الناس كلهمأكفاء إلا الحائك والحجام والكساح ، فقيل له : تأخذ بحديث (( كل الناس أكفاء إلاحائكاً أو حجاماً )) وأنت تضعِّفه ؟ ، فقال : إنما نضعِّف إسناده ، ولكن العمل عليه . وبما ذكره الخلال فى (( الجامع )) من حديث ابن عباسٍ في كفارة وطء الحائض ، قال : كأن الإمام أحمد أحبَّ أن لا يترك الحديث ، وإن كان مضطرباً ، لأن مذهبه فيالأحاديث إذا كانت مضطربة ، ولم يكن لها مخالف قال بها ..والله الموفق للصواب ، والحمد لله أولاً وآخراً.اختصره –ابوابراهيم-
فقداشتهر هذا القول عن الإمام أحمد ، واستفاض ، وشـاع ، حتى قال الحافظ الحجة ابنالقيم في (( إعلام الموقعين ))(1/31) : (( الأصل الرابع الذي بنى عليه فتاويه : الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف ، إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه ، وهو الذي رجحه علىالقياس . وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ، ولا المنكر ، ولا ما في روايته متهم ،بحيث لا يسوغ الذهاب إليه ، والعمل به ؛ بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح ، وقسممن أقسام الحسن ، ولم يكن يقسم الحديث إلى : صحيح ، وحسن ، وضعيف ؛ بل إلى صحيحوضعيف . وللضعيف عنده مراتب ، فإذا لم يجد في الباب أثراً يدفعه ، ولا قول صاحب ،ولا إجماعا على خلافه ، كان العمل به عنده أولى من القياس.
ثم ذكر موافقيهمن الأئمة على العمل بهذا الأصل ، فقال : (( وليس أحد من الأئمة إلا وهو موافقه علىهذا الأصل من حيث الجملة ، فإنه ما منهم أحد إلا وقد قدم الحديث الضعيف على القياس . فقدَّم أبو حنيفة حديث (( القهقهة في الصلاة )) على محض القياس ، وأجمع أهلالحديث على ضعفه . وقدَّم حديث (( الوضوء بنبيذ التمر )) على القياس ، وأكثر أهلالحديث يضعِّفه . وقدَّم حديث (( أكثر الحيض عشرة أيام )) ، وهو ضعيف باتفاقهم علىمحض القياس ، فإن الذي تراه في اليوم الثالث عشر مساو في الحد والحقيقة والصفة لدماليوم العاشر . وقدَّم حديث (( لا مهر أقل من عشرة دراهم )) ، وأجمعوا على ضعفه ،بل بطلانه ، على محض القياس ، فإنَّ بذل الصداق معاوضة في مقابلة بذل البضع ، فماتراضيا عليه جاز ، قليلا كان أو كثيراً .
وقدَّم الشافعي خبر (( تحريم صيد وجمع ضعفه على القياس . وقدَّم خبر (( جواز الصلاة بمكة في وقت النهي )) مع ضعفهومخالفته لقياس غيرها من البلاد . وقدَّم في أحد قوليه حديث (( من قاء أو رعففليتوضأ ، وليبن على صلاته )) على القياس مع ضعف الخبر وإرساله . وأما مالك فإنهيقدم الحديث المرسل ، والمنقطع ، والبلاغات ، وقول الصحابي على القياس )) أهـ .
وقال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في (( منهاج السنة )) : (( وأما نحن ،فقولنا : إن الحديث الضعيف خير من الرأي ، ليس المراد به الضعيف المتروك ، لكنالمراد به الحسن ، كحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، وحديث إبراهيم الهجريوأمثالهما ، ممن يحسن الترمذي أحاديثهم . فالحديث إما صحيح وإما ضعيف ، والضعيفنوعان : ضعيف متروك ، وضعيف ليس بمتروك . فتكلم أئمة الحديث بذلك الاصطلاح ، فجاءمن لم يعرف إلا اصطلاح الترمذي ، فسمع قول بعض الأئمة : الحديث الضعيف أحب إلى منالقياس ، فظن أنه يحتج بالحديث الذي يضعفه مثل الترمذي ، وأخذ يرجح طريقة من يرىأنه أتبع للحديث الصحيح ، وهو في ذلك من المتناقضين الذين يرجحون الشيء على ما هوأولى بالرجحان منه ، إن لم يكن دونه )) أهـ .
وهذا الذي ذكره الحافظ ابن القيم – رحمه الله - في غاية البيان والدلالة على المقصود ، وقد دفع الملام عن إمام الأئمةالأعلام ، بذكر موافقيه على هذا الأصل من أصول مذهبه . ثم زاده شيخ الإسلام إيضاحاًبذكر خطأ من ظنَّ أنه أراد بالضعيف ما كان على اصطلاح الترمذي ، ومن نحا نحوه .
إلا أنه قد يفهم من كلامهما أن المراد بالضعيف الذي قدَّمه على الرأي ؛ هوالحسن لذاتهِ دون ما عداه ، وإنما المراد عند التحقيق ثلاثة أقسام :
أولهاالحسن لذاته الذي لا يفتقر إلى جابر ولا عاضد ، وهذا أقوى الثلاث وأمثلها .
ثانيها) الحسن لغيره الذي ينجبر بما يشد أزره ويقويه ويعضده .
ثالثهاالضعيف الذي لم يشتد ضعفه حتى يطابق الموضوع والمتروك . فإن قيل : فهل جاء عنالإمام أحمد ما يتأيد به إرادته بالضعيف لهذه الأقسام الثلاثة ؟ ، قلنا : فأماالأول والثاني فأظهر من أن يستدل لهما ، سيما وقد وقع التمثيل لهما آنفاً ، لذافلنقتصر على ذكر الضعيف الذى لم يشتد ضعفه حتى يلتحق بالمتروك ، ولم ينجبر حتىيلتحق بالحسن ، وذلك بما قال أبو عبد الله مهنا بن يحيى : قال أحمد : الناس كلهمأكفاء إلا الحائك والحجام والكساح ، فقيل له : تأخذ بحديث (( كل الناس أكفاء إلاحائكاً أو حجاماً )) وأنت تضعِّفه ؟ ، فقال : إنما نضعِّف إسناده ، ولكن العمل عليه . وبما ذكره الخلال فى (( الجامع )) من حديث ابن عباسٍ في كفارة وطء الحائض ، قال : كأن الإمام أحمد أحبَّ أن لا يترك الحديث ، وإن كان مضطرباً ، لأن مذهبه فيالأحاديث إذا كانت مضطربة ، ولم يكن لها مخالف قال بها ..والله الموفق للصواب ، والحمد لله أولاً وآخراً.اختصره –ابوابراهيم-