spy4me
2010-09-20, 14:26
عدت لتلك الوجوه البائسة التي تحتسي المرارة كلما مر صهيوني يدنس تراب الطاهرين، لقد كانت قريتي كما تركتها، كل زاوية فيها تحكي قصة قوامها ستون سنة، أشجار الزيتون فقدت بهاءها لكنها ظلت صامدة، لعلها تنتظر أن تشهد عصرا آخر، وأما ظلالها فظلت تترقب المجاهدين حتى أنها تحاول أن ترمي بنفسها تحت أقدامهم لكي تقبل الأرض المقدسة، ليل قريتي كنهارها، غير أن يومها يطول عندما يدوي صوت المدفع، فتدرك الحواجز أنها على موعد مع الصدى، صدى مر لكنه لا يسمع إلا في قريتي، وذلك العجوز ألفته يستند إلى جدار بيته، جدار أو نصف جدار، يحرك رأسه إلى الأمام وكأنه يتحسر على أحوال القرية، وتجاعيد تعلو جبينه وكأنها الطرق، الطرق الحمراء التي اعتادت أن تصنع أمام عينيه الغائرتين، لتروي قصته الطويلة تحت عنوان المعاناة والعيش على هوامش الحياة، وإن كان الأمر لا يختلف عن باقي سكان القرية، وتراه أحيانا يقف على تلة يتأمل البيوت وأي بيوت بل هي قبور إذا أردت الاحتماء خرجت منها لا دخلت إليها.
أحياء قريتي أنحاؤها، أغوارها، ترسم كابوسا، كابوس لن تستيقظ منه أبدا حتى تقرر إحدى نساؤها أن تنجب أيوبيا آخر كي تعود سماؤها سماءا وأرضها أرضا.
لقد قررت العيش هنا، فالموت على أعتاب الكرامة خير لي من الموت في فراش الخزي، إني ذاهب إلى آخر مكان في دنياي لأبني مملكتي، مملكة الحزن والألم، لا لشيء ولكن لأن صرختي وأهلي أصبحت جوفاء، تعاود النداء في كل مرة، لكنها لم تجد من الأصوات سوى صوت صداها. إنا هاهنا ننتظر الرحيل قبل الرحيل، فنغمة الموت هنا تصنع بأنامل حاقدة وبمباركة أحسن ما يقال عنها أنها تجيد فقدان الكرامة...
أحياء قريتي أنحاؤها، أغوارها، ترسم كابوسا، كابوس لن تستيقظ منه أبدا حتى تقرر إحدى نساؤها أن تنجب أيوبيا آخر كي تعود سماؤها سماءا وأرضها أرضا.
لقد قررت العيش هنا، فالموت على أعتاب الكرامة خير لي من الموت في فراش الخزي، إني ذاهب إلى آخر مكان في دنياي لأبني مملكتي، مملكة الحزن والألم، لا لشيء ولكن لأن صرختي وأهلي أصبحت جوفاء، تعاود النداء في كل مرة، لكنها لم تجد من الأصوات سوى صوت صداها. إنا هاهنا ننتظر الرحيل قبل الرحيل، فنغمة الموت هنا تصنع بأنامل حاقدة وبمباركة أحسن ما يقال عنها أنها تجيد فقدان الكرامة...