مشاهدة النسخة كاملة : أقوى الردود على من أنكر علو العزيز الودود..متجدد
جمال البليدي
2010-09-15, 21:37
أقوى الردود على من أنكر علو العزيز الودود
المقدمة :
الحمد الله الذي كان، ولا مكان، ولا إنس، ولا جان، ولا طائر، ولا حيوان، المنفرد بوحدانيته في قدم أزليته، والدائم في فردانيته في قدس صمدانيته، ليس له سَمِي ولا وزير، ولا شبيه ولا نظير، المتفرد بالخلق والتصوير، المتصرف بالمشيئة والتقدير {ليس كمثله شيءٌ وهو السميع العليم}. له الرفعة والعلاء، والحمد والثناء، والعلو والاستواء، لا تحصره الأجســام، ولا تصوره الأوهام، ولا تقله الحوادث ولا الأجرام، ولا تحيط به العقول ولا الأفهام، له الأسماء الحسنى والشرف الأتم الأسنى، والدوام الذي لا يبيد ولا يفنى، نَصِفهُ بما وصف به نفسه من الصفات التي تُوجِب عظمته وقُدْسه، مما أنزله في كتابه، وبيَّنه رسوله صلى الله عليه وسلم في خطابه، ونؤمن بأنه الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم السميع البصير، العليم القدير، الرحمن الرحيم، الملك القدوس العظيم، لطيف خبير، قريب مجيب، متكلم مريد، فعال لما يريد، يقبض ويبسط، ويرضى ويغضب، ويحب ويبغض، ويكره ويضحك، ويأمر وينهى، ذو الوجه الكريم، والسمع السميع، والبصر البصير، والكلام المبين، واليدين والقبضتين، والقدرة والسلطان، والعظمة والامتنان، لم يزل كذلك، ولا يزال، استوى على عرشه فبان من خلقه، لا يخفى عليه منهم خافية، علمه بهم محيط، وبصره بهم نافذ، وهو في ذاته وصفاته لا يشبهه شيء من مخلوقاته، ولا يمثل بشيء من جوارح مبتدعاته، وهي صفات لائقة بجلاله وعظمته، لا تتخيل كيفيتها الظنون، ولا تراها في الدنيا العيون، بل نؤمن بحقائقها، وثبوتها، واتصاف الرب تعالى بها، وننفي عنها تأويل المتأولين(1)، وتعطيل الجاحدين(2)، وتمثيل المشبهين(3)، تبارك الله أحسن الخالقين، فبهذا الرب نؤمن، وإياه نعبد، وله نصلي ونسجد، فمن قصد بعبادته إلى إله ليست له هذه الصفات فإنما يعبد غير الله، وليس معبوده ذلك بإله فكفرانه لا غفرانه(4).
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله اصطفاه لرسالته، واختاره لبريته، وأنزل عليه كتابه المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أكرم الآل وأفضل العبيد.
وبعد : فهذا بحث حول مسألة صفة العلو الذي تواترت الأدلة من الكتاب والسنة أقوال السلف والأئمة على إثباتها والإيمان بها دون تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف ردا على من أنكره بحجج واهيات وفلسفات باطلات (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فهو زاهق ولكم الويل مما تصفون) وقد اعتمدت في بحثي هذا على بعض كتب أهل العلم ككتاب العلو للذهبي ورسالة الفوقية للجويني وأبحاث أخرى ككتاب "الكلمات الحسان في بيان علو الرحمان", كما رجعت إلى تعليقات مشايخنا على على الكتابين: فتح الباري و شرح النووي
فأرجوا من مشايخنا الكرام في هذا المنتدى أن يصوبونني إن أخطأت لأنني سأنشر البحث بتسلسل حتى يكتمل وأن لا يبخلوا علينا بتعليقاتهم وتوجيهاتهم حتى يلقى البحث قبولا لدى أهل السنة لأنني سأجعله فيما بعد عبارة عن كتاب إلكتروني على الشبكة .
هذا وأسأل الله تعالى أن يشرح صدورنا لما اختلف فيه من الحق وأن يتوفانا مسلمين على السنة غير مبدلين ولا مغيرين إنه ولي ذلك والقادر عليه.
يتبع...
--------------------------------------------------------------------------------
(1) المتأولين: هم الذين أولوا نصوص الصفات وصرفوها عن معناها.
(2) الجاحدون: هم الذين أنكروا نصوص الصفات وجحودها.
(3) المشبهة: وهم الذين يغلون في إثبات صفات الله تعالى ضد المعتزلة وهم شيع وفرق، وأول ظهور التشبيه صادر عن أصناف من الروافض الغلاة فمنهم السبئية الذين سمو عليّاً إلهاً، وشبهوه بذات الإله، ومنهم المشبهة المنسوبة إلى داود الجواريبي، وصف معبوده بقوله: أعفوني عن الفرج واللحية وسلوني عما وراء ذلك. راجع "الفرق بين الفرق": ص/225-230.
(4) قال البخاري في (خلق أفعال العباد): ص43: وقال بعض أهل العلم: إن الجهمية هم المشبهة؛ لأنهم شبهوا ربهم بالصنم، والأصم، والأبكم الذي لا يسمع، ولا يبصر، ولا يتكلم، ولا يخلق.
جمال البليدي
2010-09-15, 21:41
معنى علو الله على خلقه وأنواع العلو :
قال الله تعالى: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة:255]، وقال تعالى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى:1]، وقال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد:13] وذلك دال على أنَّ جميع معاني العلو ثابتة لله من كل وجه، فله علو الذات، فإنه فوق المخلوقات، وعلى العرش استوى أي علا وارتفع وله علو القدر وهو علو صفاته وعظمتها فلا يماثله صفة مخلوق، بل لا يقدر الخلائق كلهم أن يحيطوا ببعض معاني صفة واحدة من صفاته، قال تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه:110] وبذلك يعلم أنه ليس كمثله شيء في كل نعوته، وله علو القهر، فإنه الواحد القهار الذي قهر بعزته وعلوه الخلق كلهم، فنواصيهم بيده، وما شاء كان لا يمانعه فيه ممانع، وما لم يشأ لم يكن، فلو اجتمع الخلق على إيجاد ما لم يشأه الله لم يقدروا، ولو اجتمعوا على منع ما حكمت به مشيئته لم يمنعوه، وذلك لكمال اقتداره، ونفوذ مشيئته، وشدة افتقار المخلوقات كلها إليه من كل وجه 255
قال الطبري({ وهو العلي } على كل شيء { الكبير } الذي لا شيء دونه)) تفسير الطبري .
وقال كذلك(ومنها: العلوّ والارتفاع، كقول القائل، استوى فلان على سريره. يعني به علوَّه علي.)
وقال ابن خزيمة رحمه الله ((الأعلى :المفهوم في لغة العرب أنه أعلى كل شيء,وفوق كل شيء.وقد وصف الله نفسه في غير موضع من تنزيله ,وأعلمنا أنه العلي العظيم .أفليس العلي –يا ذوي الحجج-ما يكون عاليا؟ !)).التوحيد ص112
قال ابن القيم : وله العلو من جميع وجوهه***ذاتا وقهرا مع علو الشأن
لكن نفاة العلو سلبوه ***إكمال العلو فصار ذا نقصان
حاشاه من إفك النفاة وسلبهم***فله الكمال المطلق الرباني .)) الكافية الشافية ص104.
قلت : ومما يدل على ذلك أننا نجد في القرآن الكريم العلو يأتي بمعنى الفوقية
كقوله تعالى: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [النحل:50]
قال ابن القيم رحمه الله
والفَوْق أنواعٌ كلها لله ثابتة بلا نُكران
فوقية الذات، وفوقية القهر، وفوقية القدْر.
فعلو الذات : أنه مستو على عرشه فوق جميع خلقه ,مباين لهم وهو مع هذا مطلع على أحوالهم، مشاهد لهم، مدبر لأمورهم الظاهرة والباطنة متكلم بأحكامه القدرية، وتدبيراته الكونية، وبأحكامه الشرعية
وأما علو القدر فهو علو صفاته، وعظمتها فلا يماثله صفة مخلوق، بل لا يقدر الخلائق كلهم أن يحيطوا ببعض معاني صفة واحدة من صفاته، قال تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً}
وأما علو القهر : فهو قهره تعالى لجميع المخلوقات فالعالم العلوي والسفلي كلهم خاضعون لعظمته مفتقرون إليه في جميع شؤونهم .
قال الشيخ عبد العزيز الراجحي :وقد وافق أهل التعطيل على نوعين من العلو، وخالفوا في واحد، أثبتوا لله علو القدْر والعظمة والشأن، وعلو القهر والغلبة والسلطان، وأنكروا علو الذات.
الخلاف بينهم وبين أهل السنة في علو الذات، وأهل السنة أثبتوا الأنواع الثلاثة كلها لله كما قال ابن القيم
والفَوْق أنواعٌ كلها لله ثابتة بلا نُكران
ثلاثة أنواع علو القدر، وعلو القهر، وعلو الذات، وأهل التعطيل أوّلوا النصوص التي فيها إثبات علو الذات، وحملوها على علو القدر أو على علو القهر))انتهى كلامه.
وبما أن علو الذات هو المتنازع فيه بين أهل السنة وبين المعطلة سيكون تركيزي في هذا البحث عليه أكثر من غيره والله الهادي إلى سواء السبيل.
يتبع.....
جمال البليدي
2010-09-15, 21:57
تنبيه:هذا جزء مفرد من بحثي((حشد الحشود على من أنكر علو العزيز الودود)) بالرغم من أنني لم أكمله بعد إلا أنني خشيت أن يطول بي الأمد فينالي إثم كتمان العلم ,وذلك إن بقيت مثل هذه المباحث حبيسة أدراجي!
ذلك وإن عملي هذا ليس معصوما من الزلل ,ولا آمنا من مقارفة الخطل,فلست أدعي العصمة,أو الاتيان بما لم يأته به الأوائل, بل جل بحثي مأخوذ من كتب السلف وما لي فيه إلا الجمع والتنسيق .
وقد اعتمدت الإطالة فيه والتفصيل لدحض شبه المبطلين ورد اعتراضات المبتدعين الذين لا ينفع معهم الإختصار لعشقهم الجدل والإنتصار ولو على حساب النبي المختار عليه الصلاة والسلام ما ذكره الذاكرين الأبرار وكذا أتباعه المهاجرين والأنصار.
«فَإن يَكُ صَوَابًا؛ فَمِنْ اللهِ. وَإِن يَكُ خَطَأً؛ فَمِنَ نَفْسِي [وَمِنَ الشَّيْطَانِ] وأسْتَغْفِرُ اللَه»
جمال البليدي
2010-09-15, 21:59
الأدلة على علو الله تعالى على عرشه :
لقد تواترت النصوص على علو الله تعالى في الكتاب والسنة وتنوعت ألفاظها وتوافقت على أنه سبحانه فوق عباده وذكرها أئمة السنة على أساس أنها عقيدة أهل السنة والجماعة الفرقة الناجية الطائفة المنصورة
ورحم الله ابن القيم حين قال في نونيته :
يا قومنا واللــه أن لقــولنا ألــفـا تدل علــيه بـل ألفــان
عقلا ونقـلا مع صريح الفـطرة الأ ولـى وذوق حـلاوة القـرآن
ولقد لخصها قائلا:
هَذَا وَخَاتِمُ هذه العِشرينَ وَجهاً * وَهوَ أقرَبُهَا إلَى الأذهَانِ
سَردُ النُّصُوصِ فإنَّهَا قَد نَوَّعَت * طُرقَ الأدِلَّةِ فِي أتَمِّ بَيَانِ
وَالنَّظمُ يَمنَعُنِي مِنَ استِيفَائِهَا * وَسَياقَةُ الألفَاظِ بالميزَانِ
فأشِيرُ بَعضَ إشَارَةٍ لِمَوَاضِعٍ * مِنهَا وَأينَ البَحرُ مِن خِلجَانِ
فاذكُر نُصُوصَ الإِستِوَاءِ فإنَّهَا * فِي سَبعِ آياتٍ مِنَ القُرآنِ
واذكر نُصُوصَ الفوقِ أيضاً فِي ثَلاَ * ثٍ قَد غَدَت مَعلُومَةَ التِّبيَانِ
واذكُر نُصُوصَ عُلُوِّهِ فِي خَمسَةٍ * مَعلُومةٍ بَرِئَت مِنَ النُّقصَانِ
واذكُر نُصُوصاً فِي الكِتَابِ تَضَمَّنت * تَنزِيلَهُ مِن رَبِّنَا الرَّحمنِ
كَونَ الكِتَابِ كَلاَمَهُ سُبحَانَهُ * وَعُلُوَّهُ مِن فَوقِ كُلِّ مَكَانِ
وَعِدَادُهَا سَبعُونَ حِينَ تُعَدُّ أو * زادَت عَلَى السَّبعِينَ فِي الحُسبَانِ
واذكُر نُصُوصاً ضُمِّنَت رَفعاً وَمِعـ * ـرَاجاً وَإصعَاداً إلَى الدَّيَّانِ
هِيَ خَمسَةٌ مَعلُومَةٌ بِالعَدِّ وَالـ * ـحُسبَانِ فاطلُبهَا مِنَ القُرآنِ
وَلَقَد أتَى فِي سُورَةِ المُلكِ التِي * تُنجِي لِقَارِئِهَا مِنَ النِّيرَانِ
نَصَّانِ أنَّ الله فَوقَ سَمَائِهِ * عِندَ المُحرِّفِ مَا هُمَا نَصَّانِ
وَلَقَد أتَى التَّخصِيصُ بالعِندِ الذِي * قُلنَا بِسَبعٍ بَل أتَى بِثَمَانِ
مِنهَا صَرٍيحٌ مَوضِعَانِ بِسُورَةِ الـ * أعرَافِ ثُمَّ الانبِياءِ الثَّانِي
فَتَدَبَّرِ النَّصينِ وانظُر مَا الذِي * لِسَواهُ ليسَت تَقتَضِي النَّصَّانِ.
وهاهنا أذكر أهمها :
أحدها: التصريح بالفوقية مقرونة بأداة "من" المعينة لفوقية الذات
قال الله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِم} .النحل50
قال ابن خزيمة ((فأعلمنا الجليل جل وعلا في هذه الآية أيضا أن ربنا فوق ملائكته ، وفوق ما في السماوات ، وما في الأرض ، من دابة ، أعلمنا أن ملائكته يخافون ربهم الذي فوقهم))التوحيد ص111.
ثانياً: ذكرها مجردةً عن الأداة, قال تعالى:{ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } الأنعام 18.
رَوَىُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث سَعْد بْن إِبْرَاهِيم عَنْ عَامِر بْن سَعْد عَنْ أَبِيهِ , وَفِيهِ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَقَدْ حَكَمَ فِيهِمْ الْيَوْم بِحُكْمِ اللَّه الَّذِي حَكَمَ بِهِ مِنْ فَوْق سَبْع سَمَاوَات " . وَقَالَ اِبْن إِسْحَاق فِي حَدِيثه " لَقَدْ حَكَمْت فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّه الَّذِي حَكَمَ بِهِ مِنْ فَوْق سَبْعَة أَرْقِعَة " وَالرَّقِيع مِنْ أَسْمَاء السَّمَاء .
ثالثاً: التصريح بالعروج، قال تعالى:{ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ } المعارج 4.
وقال الله تعالى((يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه) السجدة5
قال مجاهد رحمه الله((يقال ذي المعارج : الملائكة تعرج إلى الله))رواه النسائي في السنن الكبرى وصححه الألباني.
وقال الطبري رحمه الله((يقول تعالى ذكره : تصعد الملائكة والروح وهو جبريل عليه السلام-إليه يعني : إلى الله جلا وعز ,والهاء في قوله(إليه) عائدة على إسم الله))جامع البيان(م14/ج39/ص78).
ومن ذلك الحديث الصحيح المتفق عليه أنه صلى الله عليه وسلم قال: {يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم الله تعالى: كيف تركتم عبادي؟ قالوا: جئناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون }
قال ابن خزيمة رحمه الله : ( وفي الخير ما بان وثبت وصح أن الله عز وجل في السماء,وأن الملائكة تصعد إليه من الدنيا ,لا كما زعمت الجهمية المعطلة)التوحيد381
رابعاً: التصريح بالصعود إليه، قال تعالى ((إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر:10]
قال الطبري رحمه الله :(( يقول تعالى ذكره : إلى الله يصعد ذكر العبد إياه وثناؤه عليه))تفسير الطبري.
وقال صديق خان رحمه الله )):وفيه دليل على علو تعالى فوق الخلق وكونه بائنا عنه بذاته الكريمة,كما تدل له الآيات الأخرى الصريحة والأحاديث المستفيضة الصحيحة)فتح البيان(11/227)
وقال ابن القيم(وإليه يصعد كل قول طيب***وإليه يرفع سعي ذي الشكران)الكافية الشافية54
وتأمل الأحاديث التالية :
1-عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال((من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل)) رواه البخاري
2--عن عبدالله بن السئب رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر, فقال : (إنها ساعة تفتح فيها أبوا السماء وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح)كما في الترمذي والحديث صحيح
3-وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهر من الشهور كما تصوم شعبان؟ قال ( ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم) الحديث رواه النسائي
4-وعن رفاعة بن رافع قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست, فقلت: الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه, مباركا عليه, كما يحب ربنا ويرضى. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فقال: (من المتكلم في الصلاة؟) فلم يتكلم أحد, ثم قالها الثانية, فلم يتكلم أحد, ثم قالها الثالثة, فقال رفاعة: أنا يا رسول الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده! لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها). رواه الترمذي وأبو داود والنسائي.
5-وعن أبي موسى قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات, فقال: (إن الله عز وجل لا ينام, ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه, يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار, وعمل النهار قبل عمل الليل, حجابه النور). رواه مسلم.
قال ابن القيم رحمه الله ((وحجابه نور فلو كشف الحجاب***لأحرق السبحات للأكوان))الكافية الشافية249
فإذا كانت سبحات وجهه الأعلى لا يقوم لها شيء من خلقه ولو كشف حجاب النور تلك السبحات ,لاحترق العالم العلوي والسفلي ,فما الظن بجلال ذلك الوجه الكريم وعظمته وكبريائه وكماله وجلاله؟ !
6-عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله ملائكة سيارة فضلا, يبتغون مجالس الذكر, فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم, وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم, حتى يملأوا ما بينهم وبين السماء الدنيا, فإذا تفرقوا عرجوا, وصعدوا إلى السماء, قال: فيسألهم الله وهو أعلم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عبادك في الأرض, يسبحونك ويكبرونك, ويهللونك ويمجدونك, ويحمدونك ويسألونك. قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك. قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا, أي ربِّ! قال: وكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك. قال: ومم يستجيروني؟ قالوا: من نارك. قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا. قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: يستغفرونك. قال: فيقول: قد غفرت لهم, فأعطيتهم ما سألوا, وأجرتهم مما استجاروا. قال: يقولون: ربِّ! فيهم فلان عبد خطاء, وإنما مرَّ فجلس معهم! قال: فيقول: وله غفرت, هم القوم لا يشقى بهم جليسهم) متفق عليه وهذه رواية مسلم.
جاء في السراج الوهاج ( 10/ 567) قوله " هذا الحديث صحيح جليل القدر زكثير الفائدة وهو حسن الافاظ لطيف المعاني ، وفيه إثبات جهة العلو و الفوق لله تعالى).
خامساً: التصريح برفعه بعض المخلوقات إليه, قال تعالى: { بل رفعه الله إليه} النساء158, { إني متوفيك ورافعك إليّ } آل عمران 55.
سادساً: التصريح بالعلو المطلق الدال على جميع مراتب العلو ذاتاً وقدراً وقهراً ، قال الله تعالى { وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }(البقرة: من الآية255) { وهو العلي الكبير } (سبأ 23 ) { عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ } (الرعد:9){ سبح اسم ربك الأعلى }[ الأعلى 1 ] { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }(يونس: من الآية18)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :( الذي هو دالٌ على كمال العلو ونهايته " ( بدائع الفوائد ( 2 / 411 )
وفسر الطبري " العلي " بالعلو والارتفاع " جامع البيان م / 3 / ج2 /ص 19 "
سابعاً: التصريح بتنزيل الكتاب منه سبحانه وتعالى :
قال الله عز وجل { تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }(الزمر:1)
{ تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } (فصلت:2){ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }(فصلت: من الآية42) {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (السجدة:2)
{وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ }(الأنعام: من الآية114){ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } (غافر:2){ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (الواقعة:80){ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ }النحل: من الآية102)
تفيد هذه الآيات الآتي :
أ- أنه المتكلم ، وأنه منه منزل ، ومنه بدأ وهو الذي تكلم به .
ب- علو الله سبحانه فوق خلقه ، فإن النزول والتنزيل الذي تعقله العقول ، وتعرفه الفِطَر : وهو وصول الشيء من أعلى إلى أسفل . والرب تعالى إنما يخاطب عباده بما تعفه فطرهم ، وتشهد به عقولهم .
قال ابن القيم رحمه الله :
والله أخبرنا بأن كتابه ***تنزيله بالحق والبرهان
أيكون تنزيلا وليس كلام من ***فوق العباد أذاك ذو إمكان
أيكون تنزيلا من الرحمان والر***حمن ليس مباين للأكوان)) الكافية الشافية ص109-110
ثامناً: التصريح باختصاص بعض المخلوقات بأنها عنده ، وأن بعضها أقرب إليه من بعض .قال الله تعالى { فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ }(فصلت: من الآية38) وقال تعالى { وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ } (الانبياء:19)
وقال تعالى { رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ }(التحريم: من الآية11) { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}(القمر: 54 – 55 )
{ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ }(يونس: من الآية2){ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ }(لأعراف:206)
فدلت هذه الآيات على أن الذين عنده هم قريبون إليه " ولو كان موجب العندية معناً عاماً ، كدخولهم تحت قدرته ومشيئته وأمثال ذلك لكان كل مخلوق عنده ؛ ولم يكن أحد مستكبراً عن عبادته ، بل مسبحاً له ساجداً ، وقد قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(غافر: من الآية60) وهو سبحانه وصف الملائكة بذلك رداً على الكفار المستكبرين عن عبادته .
" مجموع الفتاوى ( 5 / 165 – 166 )
قال ابن القيم رحمه الله : لو لم يكن سبحانه فوق الورى ***كانوا جميعا عند ذي السلطان
ويكون عند الله إبليس وجبريل***هما في العند مستويان )) الكافية الشافية ص112
عن مسروق قال سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآية ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) الآية قال إنا قد سألنا عن ذلك فقال أرواحهم في أجواف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال هل تشتهون شيئا ؟ قالوا أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا . رواه مسلم .
وقال ابن خزيمة رحمه الله : فكل من له فهم بلغة العرب ، يعلم أن اطِّلاعه إلى الشيء لا يكون إلا من أعلى إلى أسفل . ولو كان كما زعمت الجهمية أن الله مع الإنسان وأسفل منه ،وفي الأرض السابعة السفلى كما هو في السماء السابعة ، لم يكن لقوله " فاطلع إليهم ربهم اطلاعة " معنى - من كتاب التوحيد " ص 381 "
وتدبر الأحاديث التالية :
1-عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم جل وعز قلنا وكيف تصف الملائكة عند ربهم قال يتمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف))رواه مسلم.
2-عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري
أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ((ما من قوم يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده)) رواه الترمذي .
3-عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال)) لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وماذا عمل فيما علم)) رواه الترمذي وصححه الألباني .
4-عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ))لما خلق الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي))رواه مسلم.
قال ابن خزيمة :((فالخبر دال على ربنا جلا وعلا فوق عرشه الذي كتابه-أن رحمته غلبت غضبه-عنده) كتاب التوحيد ص105
وقال صديق حسن خان رحمه الله : وهذا يدل على العندية والعلو والفوقية.ونحن نؤمن به,بلا كيف ولا تمثيل,ولا ننكره,ولا نؤوله كأهل الكلام.وهذا هو سبيل السلف في مسائل الصفات.
والحديث : دليل على سبق لرحمة وغلبتها على الغضب والسخط.وهذا هو اللائق بشأن أرحم الراحمين.ولولا ذلك لكنا جميعا خاسرين هالكين.نعوذ بالله من غضب الله ونتوب إليه من سخطه ونرجوا رحمته وكرمه وفضله ولطفه.وما أحقه بذلك)السراج الوهاج(11/22-23).
قال ابن القيم رحمه الله :
واذكر حديثا في الصحيح تضمنت***كلماته تكذيب ذي البهتان
لما قضى الله الخليقة ربنا***كتبت يداه كتاب ذي إحسان
وكتابه هو عنده وضع***على العرش المجيد الثابت الأركان
إني أنا الرحمان تسبق***رحمتي غضبي وذاك لرأفتي وحنان
يتبع.........
جمال البليدي
2010-09-15, 22:00
تاسعاً: التصريح بأنه تعالى في السماء والمراد بها العلو، قال تعالى:{ أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور/أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير} الملك-1716،
والمراد (من في السماء) أي الله -وليس الملائكة كما يدعي المعطلة – لقوله تعالى((أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون))النحل45
قال ابن جرير الطبري _ وهو إمام المفسرين _ في تفسير الآية التي ذكرها (أم أمنتم من في السماء ) وهو الله )
وقال البغوي في تفسيره (8/178) (({ أأمنتم من في السماء } قال ابن عباس: أي: عذاب من في السماء إن عصيتموه. ))
بل قد روى البخاري عن ابن عباس ما يلي: قال: « لما كلم الله موسى كان النداء في السماء وكان الله في السماء » [البخاري: خلق أفعال العباد ص40].
معنى كون الله في السماء :
أما معنى(الله في السماء) فهو العلو كما قال ابن الأعرابي : [كل ما علاك فهو سماء ]،
ومما يؤكد أن السماء لفظ اصطلاحي يراد به العلو هو قول النبي صلى الله عليه وسلم ): الخيمة درّة طولها في السماء ستون ميلاً في كل زاوية منها أهل للمؤمن لا يراهم الآخرون » (متفق عليه).
يبين ذلك أيضاً قول الإمام النووي رحمه الله: « قوله (طولها في السماء) أي في العلو » [شرح النووي على مسلم ج 17/176].
يقول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :
وأما قوله تعالى : ( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ ) الملك/16 فمعناه مَن على السماء يعني على العرش ، وقد يكون في بمعنى على ، ألا ترى إلى قوله تعالى : ( فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) التوبة/2 أي : على الأرض . وكذلك قوله : ( وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) طه/71 " انتهى. " التمهيد " (7/130) .
وقال أبي الحسن الأشعري في كتاب الإبانة((ومنها قول الله عز وجل : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) ثم قال : فالسموات فوقها العرش , فلما كان العرش فوق السموات قال : (أأمنتم من في السماء ) لأنه مستو على العرش الذي فوق السموات , وكل ما علا فهو سماء . فالعرش أعلى السموات , وليس إذا قال : ( أأمنتم من في السماء) يعني جميع السموات . وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السموات إلى أن قال : ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء , لأن الله عز وجل مستو على العرش الذي هو فوق السموات , فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش)) . انتهى
و قال الشيخ ابن عثيمين في " شرح الواسطية " (ص 252 – 253): لكن ها هنا إشكال, وهو أن (في) للظرفية, فإذا كان الله في السماء, و(في) للظرفية, فإن الظرف محيط بالمظروف! أرأيت لو قلت: الماء في الكأس, فالكأس محيط بالماء وأوسع من الماء! فإذا كان الله يقول: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ فهذا ظاهره أن السماء محيطة بالله, وهذا الظاهر باطل, وإذا كان الظاهر باطلا, فإننا نعلم علم اليقين أنه غير مراد لله, لأنه لا يمكن أن يكون ظاهر الكتاب والسنة باطلا. فما الجواب على هذا الإشكال؟ قال العلماء: الجواب أن نسلك أحد طريقين:
1- فإما أن نجعل السماء بمعنى العلو, والسماء بمعنى العلو وارد في اللغة, بل في القرآن, قال تعالى: أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا (الرعد 17) والمراد بالسماء العلو, لأن الماء ينزل من السحاب لا من السماء التي هي السقف المحفوظ, والسحاب في العلو بين السماء والأرض, كما قال تعالى: وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ (البقرة 164).فيكون معنى: مَنْ فِي السَّمَاءِ أي: من في العلو. ولا يوجد إشكال بعد هذا, فهو في العلو, ليس يحاذيه شيء, ولا يكون فوقه شيء. 2
- أو نجعل (في) بمعنى (على), ونجعل السماء هي السقف المحفوظ المرفوع, يعني: الأجرام السماوية, وتأتي (في) بمعنى (على) في اللغة العربية, بل في القرآن الكريم, قال فرعون لقومه السحرة الذين آمنوا:وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ (طه 71), أي: على جذوع النخل. فيكون معنى: مَنْ فِي السَّمَاءِ. أي: مَنْ على السماء. ولا إشكال بعد هذا.) انتهى كلام الشيخ رحمه الله تعالى.
قال البيهقي في الأسماء والصفات (2 :165): « ومعنى قوله في هذه الأخبار "من في السماء" أي فوق السماء على العرش كما نطق به الكتاب والسنة
».
هذا وقد تواترت الأدلة على أن الله في السماء :
قال الحافظ الذهبي رحمه الله في كتابه "الأربعين في صفات رب العالمين"—ص53/54((وكونه-عز وجل-في السماء متواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تواتر حرفيا ))فمن ذلك :
1-عن معاوية بن حكم السلمي رضي الله عنه قال :كانت لي جارية ترعى غنما قبل أحد والجوانية .فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها ,وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون ,لكني صككتها صكة .فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي.قلت :يا رسول الله أفلا أعتقها؟ .قال((ائتني بها) فأتيته بها فقال لها((أين الله))؟,قالت في السماء.قال((من أنا)).قالت : أنت رسول الله.قال((أعتقها فإنها مؤمنة))أخرجه مسلم
قال الشيخ الهراس : (هذا الحديث يتألق نصاعة ووضوحا وهو صاعقة على رؤوس أهل التعطيل ,فهذا رجل أخطا في حق جاريته بضربها فأراد أن يكفر عن خطيئته بعتقها,فاستمهله الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يمتحن إيمانها ,فكان السؤال الذي إختاره لهذا الامتحان هو(أين الله)ولما أجابت بأنه في السماء ,رضي جوابها وشهد لها بالإيمان ,ولو أنك قلت لمعطل :أين الله؟لحكم عليك بالكفران)تعليقات الشيخ الهراس على كتاب التوحيد لابن خزيمة.(ص121-122).
ويستفاد من حديث الجارية ما يلي :
أولا: شرعية قول المسلم: أين الله؟
ثانيا: شرعية قول المسؤول "في السماء"،
ثالثا: فيه دليل على أن من لم يعلم أن الله عز وجل على عرشه فوق السماء فليس بمؤمن.
رابعا: وفيه دليل على أن الله عز وجل على عرشه فوق السماء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والجارية التي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "أين الله" قالت: في السماء. قال: "أعتقها فإنها مؤمنة" وإنما أخبرت عن الفطرة التي فطرها الله تعالى عليها وأقرها النبي صلى الله عليه وسلم وشهد لها بالإيمان. فليتأمل العاقل ذلك يجده هاديا له على معرفة ربه، والإقرار به كما ينبغي.
وقال الحافظ ابن عبد البر في (( الاستذكار ))(23/167):
)) وأمّا قوله في هذا الحديث للجارية (( أين الله؟ )) فعلى ذلك جماعة أهل السنّة، وهم أهل الحديث ورواته المتفقهون فيه وسائر نقلته، كلّهم يقول ما قال الله في كتابه.. . ومخالفونا ينسبونا في ذلك إلى التشبيه، والله المستعان، ومن قال بما نطق به القرآن، فلا عيب عليه عند ذوي الألباب )).
2- جاء صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال((والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها))
قال ابن القيم رحمه الله : وأذكر حديثا في الصحيح وفيه تحذ***ير لذات البعل من الهجران
من سخط رب في السماء على التي***هجرت لا ذنب ولا عدوان.(1)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (( وفي هذا الحديث دليل صريح لما ذهب إليه أهل السنة والجماعة وسلف الأمة من أن الله عز وجل في السماء هو نفسه جل وعلا فوق عرشه ، فوق سبع سموات ، وليس المراد بقوله : (( في السماء )) أي ملكه في السماء ؛ بل هذا تحريف للكلم عن مواضعه .
وتحريف الكلم عن مواضعه من صنيع اليهود والعياذ بالله الذين حرفوا التوراة عن مواضعها وعما أراد الله بها ، فإن ملك الله سبحانه وتعالى في السماء وفي الأرض ، كما قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض) [آل عمران: 189] ، وقال أيضاً : (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْه ) [المؤمنون: 88]، وقال أيضاً : (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض ِ) [الشورى: 12] ))(2).
3-عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((أَلَا تَأْمَنُونِي , وَأَنَا أَمِين مَنْ فِي السَّمَاء , يَأْتِينِي خَبَر السَّمَاء صَبَاحًا وَمَسَاء " .رواه البخاري
فتأمل هذا البرهان الباهر بهذا اللفظ الوجيز البين (3)الدال على علو الله سبحانه وتعالى.
4-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((الميت تحضره الملائكة ,فإذا كان الرجل صالحا,قالو : اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب.اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان.فلا يزال يقال لها ذلك ,حتى تخرج ,ثم يعرج بها إلى السماء فيفتح لها فيقال : من هذا ؟فيقولون : فلان.فيقال :مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب .ادخلي حميدة و أبشري بروح وريحان ورب غير غضبان .فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل))أخرجه أحمد وصححه الألباني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعليقا على هذا الحديث ((قوله (فيها الله) بمنزلة قوله تعالى(:{ أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور/أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير))(الملك16-17) .وبمنزلة ما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجارية معاوية بن الحكم(أين الله) ,قالت : في السماء.
وليس المراد بذلك : أن السماء تحصر الرب وتحتويه ,كما تحتوي الشمس والقمر وغيرهما ,فإن هذا لا يقوله مسلم ,ولا يعتقده عاقل فقد قال سبحانه وتعالى(وسع كرسيه السموات والأرض)البقرة255.والسماوات في الكرسي كحلقة ملقاة في أرض فلاة,والكرسي في العرش كحلقة ملقاة في أرض فلاة,والرب سبحانه فوق سمواته ,على عرشه ,بائن من خلقه,ليس في مخلوقاته شيء من ذاته,ولا في ذاته شيء من مخلوقاته-بل معنى ذلك :أنه فوق السماوات,وعليها,بائن من المخلوقات,كما أخبر في كتابه عن نفسه أنه((خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش)السجدة4. وقال(يعيسى إني متوفيك ورافعك إلي)آل عمران55.وقال تعالى(تعرج الملائكة والروح إليه) المعارج4.وقال(بل رفعه الله إليه)النساء 158.وأمثال ذلك في الكتاب والسنة)(4)
5-عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الراحمون يرحمهم الرحمن. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ( قال الترمذي حديث حسن صحيح.
-----
(1)الكافية الشافية ص154
(2)شرح رياض الصالحين(5/165).
(3)الصواعق ص463
(4)مجموع الفتاوى(4/271-272).
عاشراً: التصريح بالاستواء مقروناً بأداة (على) مختصاً بالعرش الذي هو أعلى المخلوقات {ثم استوى على العرش} ونعلم أن ثم تفيد الترتيب.
وقال سبحانه وتعالى في وصف كتابه العزير((تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى/الرحمان على العرش استوى)طه(4-5).
وقد فسر الطبري رحمه الله الاستواء : بالعلو و الارتفاع(1)
وقال مجاهد رحمه الله((استوى :علا على العرش)(2)
وقال سفيان الثوري : كنت عند ربيعة بن أبي عبد الرحمن فسأله رجل فقال(الرحمان على العرش استوى)طه5 ,كيف استوى؟قال((الكيف غير معقول ,الاستواء منه غير مجهول , ومن الله الرسالة,وعلى الرسول البلاغ ,وعلينا التصديق)(3)
وقال رجل للإمام مالك :يا أبا عبد الله(الرحمن على العرش استوى),كيف استوى؟قال
:(الكيف غير معقول,الاستواء منه غير مجهول,والإيمان به واجب,والسؤال عنه بدعة,وإني أخاف أن تكون ضالا,وأمر به فأخرج)(4)
قال الإمام الذهبي معقبا : )) هذا ثابت عن مالك، وتقدّم نحوه عن ربيعة شيخ مالك، وهو قول أهل السنة قاطبة : أنَّ كيفية الاستواء لا نعقلها، بل نجهلها، وأنَّ استواءه معلوم كما أخبر في كتابه، وأنَّه كما يليق به، ولا نتعمّق ولا نتحذلق، ولا نخوض في لوازم ذلك نفياً ولا إثباتاً، بل نسكت ونقف كما وقف السلف، ونعلم أنَّه لو كان له تأويل لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون، ولما وسعهم إقراره وإمراره والسكوت عنه، ونعلم يقيناً مع ذلك أنَّ الله -جلَّ جلاله- لا مثل له في صفاته، ولا في استوائه، ولا في نزوله، سبحانه وتعالى عمّا يقول الظالمون علواً كبيراً )) - مختصر العلو ص:141،142
وقال بشر بن عمر رحمه الله(207ه) :سمعت غير واحد من المفسرين يقولون(الرحمات على العرس استوى)طه5,على العرش ارتفع)(5).
وقال يزيد بن هارون رحمه الله(206ه) وقيل له :من الجهمية؟قال : من زعم أن(الرحمان على العرش استوى)على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي)(6)
قال الإمام الذهبي معقبا((يقر) مخفف ,و(العامة) مراده بهم جمهور الأمة وأهل العلم ,والذي وقر في قلوبهم من الآية هو ما دل عليه الخطاب مع يقينهم بأن المستوي ليس كمثله شيء .هذا الذي وقر في فطرتهم السليمة ,وأذهانهم الصحيحة ,ولو كان له معنى وراء ذلك,لتفوهوا به وما أهملوه ,ولو تأول أحد منهم الاستواء,لتوفرت الهمم على نقله ,ولو نقل لاشتهر ,ولو تأول أحد منهم الاستواء,فإن كان في بعض الجهلة الأغبياء من يفهم من الاستواء ما يوجب نقصا أو قياسا للشاهد على الغائب ,وللمخلوق على الخالق,فهذا نادر,فمن نطق بذلك زجر وعلم,وما أظن أن أحد من العامة يقر في نفسه ذلك,والله أعلم)(7).
وقال الإمام ابن خزيمة رحمه الله (311ه) :فنحن نؤمن بخبر الله جلا وعلا أن خالقنا مستو على عرشه,لا نبدل كلام الله ولا نقول قولا غير الذي قيل لنا ,كما قالت المعطلة و الجهمية :إنه استولى على عرشه لا استوى,فبدلوا قولا غير الذي قيل لهم كفعل اليهود لما أمروا أن يقولوا(حطة) فقالو :حنطة,مخالفين أمر الله جلا وعلا,وكذلك الجهمية))(8).
-------
(1)تنظر جامع البيان(1/191)
(2) أخرجه البخاري(13/414) معلقا ,وصحح إسناده ابن حجر في(تغليق التعليق)(5/3455).
(3 ) أخرجه الذهبي في العلو ص 911 وصححه.
(4) أخرجه الذهبي في العلو ص954 وقال(هذا ثابت عن مالك)
(5) أخرجه الذهبي في العلو (ص1011),وقال الألباني في مختصر العلو(ص160) : وهذا إسناد صحيح مسلسل بالثقات الحفاظ.
(6)أخرجه أبو داود في المسائل ص268
(7) العلو(2/1031).
(8)كتاب التوحيد ص101
حادي عشر: التصريح برفع الأيدي إلى الله تعالى
1- فعن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين) ،حديث صحيح.
2- عن المقداد رضي الله عنه-في حديثه الطويل-قال(فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه إلى السماء ....فقال((اللهم اطعم من أطعمني واسقي من سقاني))روام مسلم
3- عن أنس ين مالك رضي الله عنه قال : أصابت الناس سنة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في يوم الجمعة قام أعرابي فقال : يا رسول الله ,هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا,فرفع يديه))رواه البخاري.
4- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((إن الله تعالى طيبٌ لا يقبل إلا طيباَّ ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال تعالى : { يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا } ، وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء : يا رب يا رب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغُذِّيَ بالحرام ، فأنَّى يُستجاب له ) رواه مسلم .
5- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((إن صاحب الصور منذ وكل به مستعد ينظر نحو العرش,مخافة أن يأمر قبل أن يمتد إليه طرفه,كأن عينيه كوكبان دريان))(1)
6-عن أم سلمة رضي الله عنها قالت مَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِي قَطُّ إِلَّا رَفَعَ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ))رواه أبو داود وصححه الألباني.
قال ابن عبد البر رحمه الله (463ه) في التمهيد ((ومن الحجة أيضا في انه عز وجل فوق السموات السبع أن الموحدين أجمعين من العرب والعجم إذا كربهم أمر أو نزلت بهم شدة رفعوا وجوههم إلى السماء يستغيثون ربهم تبارك وتعالى ، وهذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة من أن يحتاج فيه إلى اكثر من حكايته
لأنه اضطرار لم يؤنبهم عليه أحد ولا أنكره عليهم مسلم".
وقال ابن أبي شيبة رحمه الله(297ه)(وأجمع الخلق جميعا أنهم إذا دعو الله جميعا رفعوا أيديهم إلى السماء فلو كان الله عز وجل في الأرض السفلى ما كانوا يرفعون أيديهم إلى السماء وهو معهم في الأرض)(2)
وقال أبي الحسن الأشعري رحمه الله ( ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله عز وجل مستوٍ على العرش الذي هو فوق السماوات؛ فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو السماء كما لا يحطونها إذا دعوا نحو الأرض)(3)
وقال ابن قدامة رحمه الله(620ه) : (الله تعالى وصف نفسه بالعلو في السماء ووصفه بذلك رسوله محمد خاتم الأنبياء واجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابة الأتقياء والأئمة من الفقهاء وتواترت الأخبار بذلك على وجه حصل به اليقين وجمع الله تعالى عليه قلوب المسلمين وجعله مغروزا في طباع الخلق أجمعين فتراهم عند نزول الكرب بهم يلحظون السماء بأعينهم ويرفعون نحوها للدعاء أيديهم وينتظرون مجيء الفرج من ربهم وينطقون بذلك بألسنتهم لا ينكر ذلك إلا مبتدع غال في بدعته أو مفتون بتقليد و إتباعه على ضلالته))(4)
يتبع...
-----
(1) رواه الحاكم(4/558-559) وحسنه الحافظ في الفتح(11/376)
(2)كتاب العرش ص51
'3) الإبانة ص79-98
(4)إثبات صفة العلو ص63
جمال البليدي
2010-09-15, 22:03
ثاني عشر: التصريح بالنزول كل ليلة إلى سماء الدنيا، ونحن نعلم أن النزول المعقول عند جميع الأمم يكون من علو إلى سفول، والله أعلم بكيفية النزول.
ونذكر الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( يتنزّل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجب له من يسألني فأعطيه ومن يستغفرني فأغفر له).
اعلم رحمك الله بأن حديث النزول(حديث كبير جليل ,تنادي جلالته وفخامته وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة))(1),يجب الأخذ بظاهره من دون تأويل ولا يجب أن يستوحش من إطلاق مثل ذلك.
قال الإمام الشافعي رحمه الله(204ه) (القول في السُّنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم وأخذت عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله وأن الله تعالى على عرشه في سمائه يَقرُب من خلقه كيف شاء وأن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء».(2)
وقال الدارمي رحمه الله(280ه)(والآثار التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نزول الرب تبارك وتعالى تدل على أن الله عز وجل فوق السماوات على عرشه ,بائن من خلقه))(3)
وقال الإمام الطبري(وأنه سبحانه وتعالى يهبط كل ليلة وينزل إلى السماء الدنيا,لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم))(4)
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((إذا كان ثلث الليل الباقي يهبط الله عز وجل إلى السماء الدنيا ثم تفتح أبواب السماء ,ثم يبسط يده فيقول : هل من سائل يعطى سؤله ؟فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر)(5)
وعقد الإمام ابن خزيمة رحمه الله (311ه) بابا في كتاب ((التوحيد)) افتتحه بقوله :باب ذكر أخبار الثابتة السند ,صحيحة القوام,رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب جلا وعلا إلى السماء الدنيا كل ليلة .
نشهد شهادة مقر بلسانه ,مصدق بقلبه,مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نزول الرب من غير أن يصف الكيفية لأن نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى السماء الدنيا وأعلمنا أنه ينزل ,والله عز و جل لم يترك ولا نبيه عليه السلام بيان ما بالمسلمين إليه الحاجة من أمر دينهم,فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذكر النزول غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية ,إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية النزول.
وفي هذه الأخبار ما بان وثبت وصح أنَّ الله جل وعلا فوق سماء الدنيا الذي أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه يَنْزل إليه، إذ محال في لغة العرب أن يقول: نزل من أسفل إلى أعلى، ومفهوم في الخطاب أنَّ النُّزول من أعلى إلى أسفل )(6)
وقال أبو العباس السراج رحمه الله(313ه)((من لم يقر ويؤمن بأن الله تعالى يعجب ويضحك,وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا,فيقول(من يسألني فأعطيه؟) فهو زنديق كافر ,يستتاب,فإن تاب وإلا ضربت عنقه ,ولا يصلى عليه ولا يدفت في مقابر المسلمين)(7)
قال الذهبي معقبا على هذا الأثر((قلت إنما يكفر بعد علمه بأن الرسول قال ذلك ثم إنه جهد ذلك ولم يؤمن به))كتاب العلو.
وقال أبو بكر بن أبي داود محدث بغداد(316) :
تمسك بحبل الله واتبع الهدى...ولا تك بدعيا لعلك تفلح
ودن بكتاب الله والسنن التي... أتت عـن رسـول الله تنجـو وتربـح
وقل ينزل الجبار في كل ليلة *** بـلا كيـف جـل الواحـد المتمـدح
الى طبق الدنيـا يمـن بفضلـه *** فتفـرج أبـواب السمـاء وتفتـح
يقول ألا مستغفر يلـق غافـرا *** و مستمنـح خيـرا ورزقـا فيمنـح
روى ذاك قوم لا يرد حديثهـم *** ألا خـاب قـوم كذبوهـم وقبحـوا(8)
وقال أبي الحسن الأشعري رحمه الله(324 ه) : ""ونصدق بجميع الروايات التي يثبتها من النزول إلى السماء الدنيا وأن الرب عز وجل يقول : ( هل من سائل ؟ هل من مستغفر ؟ ) وسائر ما نقلوه و أثبتوه خلافاً لما قاله أهل الزيغ والتضليل . ونعوِّل فيما اختلفنا فيه على كتاب ربنا عز وجل وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين وما كان في معناه ولا نبتدع في دين الله بدعة لم يأذن الله بها ولا نقول على الله مالا نعلم))(9)
وقال رحمه الله((ومما يؤكد أن الله عز وجل مستو على عرشه دون الأشياء كلها ما نقله أهل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.وذكر حديث النزول بالسند عن ثلاثة من الصحابة وهم:جبير بن مطعم وأبو هريرة ورفاعة الجهني رضي الله عنهم)(10).
وقال الإمام المشهور ابن أبي زمنين رحمه الله(399ه)تعليقا على حديث النزول : هذا الحديث بين أن الله عز وجل على عرشه في السماء دون الأرض,وهو أيضا بين في كتاب الله,وفي غير ما حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .ثم ذكر آيات دالة على علو الله تعالى)(11)
وقال الإمام أبو عمر الداني رحمه الله(444) : ومن قولهم : أن الله جلا جلاله وتقدست أسماؤه : ينزل في كل ليلة إلى السماء الدنيا في الثلث الباقي من اليل ,فيقول(هل من داعي يدعوني فاستجيب له,وهل من سائل يسألني فاعطيه,وهل من مستغفر يستغفرني فاغفر له؟)حتى ينفجر الصبح,على ما صحت به الأخبار ,وتواترت به الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .نزوله تبارك وتعالى كيف شاء,بلا حد ولا تكييف.وهذا دين الأمة وقول أهل السنة في هذه الصفات أن تمر كما جاءت بغير تحديد ولا تكييف,فمن تجاوز المروي فيها وكيف شيئا منها ومثلها بشيء من جوارحنا وآلتنا فقد ضل واعتدى ,وابتدع في الدين ما ليس منه,وخرق إجماع المسلمين,وفارق أئئمة الدين)(12)
وقال ابن عبد البر رحمه الله((هذا الحديث ثابت من جهة النقل ,صحيح الإسناد,لا يختلف أهل الحديث في صحته ولا فيه(13) دليل على أن الله عز و جل في السماء على العرش من فوص سبع سماوات,وعلمه في كل مكان كما قالت الجماعة أهل السنة أهل الفقه والأثر(14),ثم ذكر الآيات الدالة على علو الله عز وجل(15)
وقال الإمام أبو إسماعيل الصابوني رحمه الله(449ه) : ( ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا من غير تشبيه له بنزول المخلوقين ولا تمثيل ولا تكييف ، بل يثبتون ما أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتهون فيه إليه ، ويُمِرُّون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره ويَكِلون علمه إلى الله ) ، قلت : قوله : ( يَكِلون علمه إلى الله ) يقصد به علم كيفية النزول ، فقد استأثر الله بعلم الكيف ، أما المعنى فهو معروف من لغة العرب وهو لائق بجلال الله وعظمته من غير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [ سورة الشورى ، الآية : 11 ] .(16)
و قال الإمام الإسماعيلي رحمه الله(369ه) : (وأنه عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا على ما صح به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا اعتقاد كيفية))(17)
وقال أبو الخطاب الكلوذاني رحمه الله(510ه) : (
قالو :النزول؟قلت ***:ناقله لنا قوم تمسكهم بشرع محمد
قالو :فكيف نزول؟فأجبتهم***لم ينقل التكييف لي في مسند(18)
وقال الشيخ عبد الله بن محمد الأندلسي القحطاني المالكي : (
والله ينزل كل آخر ليلة ***لسمائه الدنيا بلا كتمان
فيقول :هل من سائل فأجيبه***فأنا القريب أجيب من ناداني
حاشا الإله بأن تكيف ذاته***فالكيف والتمثيل منتفيان
والأصل أن الله ليس كمثله***شيء تعالى الرب ذو الإحسان(19)
وقال أبو الطيب رحمه الله : حضرت عند أبي جعفر الترمذي (295ه)فسأله سائل عن حديث نزول الرب,فالنزول كيف هو يبقى فوقه علو؟ فقال : (النزول معقول ,والكيف مجهول,والإيمان به واجب,والسؤال عنه بدعة))(20)
قال الإمام الذهبي معقبا-كما في كتابه العلو- : (صدق فقيه بغداد و عالمها في زمانه إذا السؤال عن النزول ما هو عي لأنه إنما يكون السؤال عن كلمة غريبة في اللغة وإلا فالنزول والكلام والسمع والبصر والعلم والإستواء عبارات جلية واضحة للسامع فإذا اتصف بها من ليس كمثله شيء فالصفة تابعة للموصوف وكيفية ذلك مجهولة عند البشر).
وقال ابن القيم رحمه الله :
وكذا نزول الرب جلا جلاله***في النصف من الليل وذاك الثاني
فيقول لست بسائل غيري بأح***وال العباد أنا العظيم الشان
من ذا يسألني فيعطي سؤله***من ذا يتوب إلي من عصيان
من ذاك يسألني فاغفر ذنبه***فأنا الودود الواسع الغفران
من ذا يريد شفاءه من سقمه***فأنا القريب مجيب من نادان
ذا شأنه سبحانه وبحمده***حتى يكون الفجر فجر ثان
يا قوم ليس نزوله وعلوه***حقا لديكم بل هما عدمان
وكذلك يقول ليس شيئا عندكم***لا ذا ولا قولا سواه ثان
كل مجاز لا حقيقة تحته ***أول وزد وأنقص بلا برهان(21)
-----------
(1) زاد المعاد(3/677)
(2) الوصية ص54
(3) الرد على الجهمية ص73
(4)التبصير في معالم الدين ص136
(5) رواه ابن خزيمة(ص89) وأحمد(1/388و403و446) والأجري(312) بسند صحيح.
(6) التوحيد(ص125-126).
(7)العلو ص(534)
(8)السير(13/233-234).
(9)الإبانة(ص29-30).
(10)الإبانة
(11) أصول السنةص113-114
(12)الرسالة الوافية ص134-138)
(13)التمهيد(7/128)
(14)الإستذكار(8/148)
(15)التمهيد(7/129).
(16)عقيدة السلف أصحاب الحديث.
(17)اعتقاد أئمة أهل الحديث ص62
(18)اتمام المنة بشرح إعقاد أهل السنة
(19)نونية القحطاني
(20)رواه الذهبي في العلو
(21) الكافية الشافية
ثالث عشر: الإشارة إليه حسا إلى العلو ، كما أشار إليه من هو أعلم بربه وبما يجب له ويمتنع عليه من جميع البشر ، لما كان بالمجمع الأعظم الذي لم يجتمع لأحد مثله ، في اليوم الأعظم ، في المكان الأعظم ، يوم أن خطبهم في حجة الوداع خطبته البليغة فبين لهم ما أوجب الله عليهم وما حرم عليهم وأوصاهم بكتاب الله إلى أن قال لهم : « وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون » . قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت . فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس : « اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات))أخرجه مسلم.
قال ابن القيم رحمه الله :
والله أكبر من أشار رسوله***حقا إليه بأصبع وبنان
في مجمع الحق العظيم بموقف***دون المعرف موقف الغفران
من قال منكم من أشار بأصبع***قطعت فعند الله يجتمعان(1)
وقال رحمه الله :
ولقد أشار رسوله في مجمع ال***حج العظيم بموقف الغفران
نحو السماء بأصبع قد كرمت***مستشهدا للواحد الرحمان
يا رب فاشهد أنني بلغتهم***ويشير نحوهم لقصد بيان
فغدا البنان مرفعا ومصوبا***صلى الله عليك ذو الغفران
أديت ثم نصحت إذ بلغتنا***حق البلاغ الواجب الشكران(2).
----------
(1)الكافية الشافية
(2)الكافية الشافية
الرابع عشر: التصريح بلفظ " الأين " في حديث الجارية وهو – صلى الله عليه وسلم - أعلم الخلق بربه ، وأكملهم إيمانا ، وأعرفهم بما يجوز وما يمتنع في حقه تعالى ، وأنصحه الخلق لأمته ، وأفصحهم بيانا عن المعنى الصحيح ، وقد قال بلفظ لا يوهم باطلا بوجه : " أين الله " ، في حديث الجارية الطويل وهو في صحيح مسلم فقد قال- صلى الله عليه وسلم- للجارية : « أينَ الله ؟ قالت : في السماء ، قال : مَنْ أنا ؟ قالت : أنتَ رسول الله ، قال : أعتِقها فإِنَّها مؤمِنةٌ »(1) ، وهناك فئة ينكرون هذا السؤال، باحتجاجهم بأن هذا السؤال مثير للفتنة ويعتمدون على قوله تعالى:{هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به} قال الطبري شيخ المفسرين رحمه الله في خبر روي عن ابن عباس حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا مؤمل قال: حدثنا سفيان عن أبي الزناد، قال ابن عباس: (( التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا اللّه)). فالمتشابه بقول بعض العلماء إنه الحروف المقطعة من القرآن وهذه التي لا يعلمها إلا الله ومثلها ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ونزول عيسى بن مريم، وما أشبه ذلك؛ فإن تلك أوقات لا يعلم أحد حدودها، ولا يعرف أحد من تأويلها إلا الخبر بأشراطها، لاستئثار اللّه بعلم ذلك على خلقه.
ومنهم من قال: إن القرآن جملة وتفصيلاً محكم ولفظ المتشابه أي التشابه بين الآيات وليس لشبهة بينها.
ومنهم من قال: إن التشابه بالآيات هو ما يعلمه الراسخون في العلم مع إيمانهم بها بعيدين عن العوام وعن الذين يبتغون الفتنة كما فعله الجهمية والمعطلة والمعتزلة الذين في قلوبهم زيغ فأرادوا الفتنة ولم يريدوا علماً نافعاً. --------
(1)رواه مسلم
جمال البليدي
2010-09-15, 22:15
الخامس عشر: شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن قال: إن ربّه في السماء بالإيمان وهذا ما حدث مع الجارية السوداء حينما أجابته فقال اعتقها فإنها مؤمنة. يقول البعض في هذا الحديث إن رسول الله قد خاطبها على قدر عقلها ولكن هل يعقل لرسول الله أن يطلق حكماً أو شهادةً من عنده، فما كان قول الرسول صلى الله عليه وسلم لتلك الجارية: أين الله؟ إلا لامتحان إيمانها، والدليـل أنه أمر بإعتاقها لأنها مؤمنة بقولها أن الله في السماء، فلو أجابته أنه في الأسفل أو في كل مكان هل سيكون جواب سيد الخلق كذلك بأنها مؤمنة؟ ورسول الله هو الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى.
وصرح الشافعي بأن هذا الذي وصفته من أن ربها في السماء إيمان فقال في كتابه(1) في ( باب أعتقها فإنها مؤمنة),وذكر حديث الأمة السوداء التي سودت وجوه الجهمية ,وبيضت وجوه المحمدية,فلما وصفت الإيمان قال((أعتقها فإنها مؤمنة)),وهي أنما وصفت كون ربها في السماء ,وأن محمد عبده ورسوله,فقرنت بينهما في الذكر,فجعل الصادق المصدوق مجموعهما هو الإيمان)(2)
قال شيخ الإسلام الصابوني رحمه الله : (وإنما احتج الشافعي-رحمه الله- على المخالفين....بهذا الخبر لاعتقاده أن الله سبحانه فوق خلقه وفوق سبع سماواته على عرشه كما هو معتقد المسلمين أهل السنة والجماعة سلفهم وخلفهم ,إذ كان رحمه الله لا يروي خبرا صحيحا لا يقول به)(3)
وقال الحافظ إسماعيل بن محمد التميمي رحمه الله : فحكم النبي صلى الله عليه وسلم بإيمانها حين قالت : إن الله في السماء,وتحكم الجهمية بكفر من يقول ذلك)(4)
قوال ابن القيم رحمه الله :
واذكر شهادته لمن قد قال ربي***في السماء بحقيقة الإيمان
وشهادة العدل المعطل للذي***قال ذا بحقيقة الكفران
واحكم بأيهما تشاء وإنني***لأراك تقبل شهادة البطلان
إن كنت من أتباع جهم صاحب الت***عطيل والبهتان والعدوان.(5).
---------
(1)الأم(5/298)
(2)إعلام الموقعين(2/316)
(3) عقيدة السلف أصحاب الحديث .
(4)الحجة في بيان المحجة(2/115)
(5)الكافية الشافية
سادس عشر: إخباره تعالى عن فرعون أنه رام الصعود إلى السماء ليطّلع إلى إله موسى فيكذبه بما أخبره من أن الله فوق السموات فقال: {يا هامان ابن لي صرحاً لعلّي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطّلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذباً}.
فمن نفى العلو فهو فرعوني، ومن أثبته فهو موسويٌّ مُحَمَّدِي.
قال ابن القيم رحمه الله : (فكذب فرعون موسى في إخباره إياه بأن ربه فوق السماء.وعند الجهمية : بين الإخبار بذلك وبين الإخبار بأنه يأكل ويشرب.وعلى زعمهم يكون فرعون قد نزه الرب عما لا يليق به.وكذب موسى في إخباره بذلك إذ من قال عندهم : إن ربه فوق السماوات فهو كاذب.فهم في هذا التكذيب موافقون لفرعون.مخالفون لموسى ولجميع الأنبياء ,ولذلك سماهم أئئمة السنة فرعونية.قالوا : وهم شر من الجهمية ,فإن الجهمية يقولون : إن الله في كل مكان بذاته ,وهؤلاء عطلوه بالكلية ,وأوقعوا عليه الوصف المطابق للعدم المحض ,فأي طائفة من طوائف بني آدم أثبتت الصانع على أي وجه كان قولهم خير من قولهم ))(1)
وقال ابن قدامة رحمه الله((والمخالف في هذه المسألة قد أنكر هذا يزعم ان موسى كاذب في هذا بطريق القطع واليقين مع مخالفته لرب العالمين وتخطئته لنبيه الصادق الأمين وتركه منهج الصحابة والتابعين والأئمة السابقين وسائر الخلق أجمعين ونسأل الله تعالى ان يجعلنا من أهل الإتباع و يعصمنا من البدع برحمته ويوفقنا لإتباع سنته))(2)
وقال السعدي رحمه الله(فهذا صريح في تكذيبه لموسى في قوله إن الله فوق السماوات والخلق كلهم,وتبع فرعون على قوله هذا جميع(الجهمية الفرعونية)و رموا ببلائهم "أهل السنة والجماعة" وقالوا :إن مذهبهم مذهب فرعون الذي اعتقد علو الله على خلقه ,وهذا من العجائب وقلب الحقائق(3).ومن المعلوم أن الجهمية أولى بفرعون في هذه الحالة ,لأنه قالها إنكارا ,وهو نفس مذهب الجهمية,فإنهم أنكروا كلام الله وعلوه على خلقه,كما أنكر فرعون ذلك بتكذيبه لرسالة موسى ولعلو الله,وليس بينهم فرقّ,إلا أن فرعون صرح بالإنكار وهم موهوا العبارات وزخرفوا الألفاظ ,وقبحوا الحسن وحسنوا القبيح,وسموا أنفسهم أهل الحق ,وسموا غيرهم أهل الباطل ,فانخدعوا لهذه الزخارف وخدعوا غيرهم)(4)
وقال ابن القيم رحمه الله :
ومن المصائب قولهم إن اعتقاد***الفوق من فرعون ذي الكفران
فإذا اعتقدتم هذا فأشياع له***أنتم وذا من أعظم من البهتان
فاسمع إذا من ذا الذي أولى بفر**عون المعطل جاحد الرحمن
وانظر إلى ما جاء في القصص التي***تحكي مقال إمامهم ببيان
والله قد جعل الضلالة قدوة ***بأئمة تدعوا إلى النيران
فإمام كل معطل في نفيه***فرعون مع نمرود مع هامان
طلب الصعود إلى السماء مكذبا***موسى ورام الصرح بالبنيان
بل قال موسى كاذب في زعمه***فوق السماء الرب ذو السلطان
فابنوا لي الصرح الرفيع لعلني***أرقى إليه بحيلة الإنسان
وأظن موسى كاذبا في قوله***الله فوق العرش ذي السلطان
وكذلك كذبه بأن إلهه***ناداه بالتكليم ذو عيان
هو أنكر التكليم والفوقية***العليا كقول جهم ذي الصفوان
فمن الذي أولى بفرعون إذا***منا ومنكم بعد هذا التبيان(5).
-------------
(1)إعلام الموقعين(2/317).
(2) إثبات صفة العلو.
(3)توضيح الكافية الشافية
(4)توضيح الكافية الشافية.تحقيق : أشرف عبد المقصود.
(5) الكافية الشافية.
سابع عشر: إخباره صلى الله عليه وسلم كيف تردد بين موسى عليه السلام وبين ربه في المعراج
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فأوحى الله إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم و ليلة; فنزلت إلى موسى فقال : ما فرض ربك على أمتك قلت : خمسين صلاة قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك فإني قد بلوت بني إسرائيل و خبرتهم فرجعت إلى ربي فقلت : يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا; فرجعت إلى موسى فقلت : حط عني خمسا قال : إن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فسله التخفيف; فلم أزل أرجع بين ربي و بين موسى حتى قال : يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم و ليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة و من هم بحسنة فلم يعلمها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا و من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا فإن عملها كتبت سيئة واحدة; فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف فقلت : قد رجعت إلى ربي: قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه . )أخرجه البخاري واللفظ لمسلم.
قال ابن خزيمة رحمه الله : (من الأخبار –أي أخبار المعراج- دلالة واضحة أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به من الدنيا إلى السماء السابعة وأن الله تعالى فرض عليه الصلوات على ماجاء في الأخبار .فتلك الأخبار كلها دالة على أن الله خالق البارئ فوق سبع سماوات))(1)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (ومحمد صلى الله عليه وسلما لما عرج به إلى ربه وفرض عليه الصلوات الخمس ,ذكر أنه رجع إلى موسى,وأن موسى قال له : ارجع إلى ربك فسله التخفيف إلى أمتك,كما تواترت أحاديث المعراج(2)فمحمد صلى الله عليه وسلم صدق موسى في أن ربه فوق السموات(3),وفرعون كذب موسى في أن ربه فوق ,فالمقرون بذلك متبعون لموسى ولمحمد,والمكذبون لذلك موافقون لفرعون))(4)
وقال ابن القيم :
والله أكبر من رقا فوق***الطباق رسوله فدنا من الديان
وإليه قد عرج الرسول حقيقة***لا تنكروا المعراج بالبهتان
ودنا من الجبار جلا جلاله***ودنا إليه الرب ذو الإحسان(5).
------
(1) التوحيد ص119
(2) مجموع الفتاوى(13/173)
(3) مجموع الفتاوى(12/351)
(4) مجموع الفتاوى(13/174)
(5) الكافية الشافية ص335
جمال البليدي
2010-09-15, 22:18
ثامن عشر: النصوص الدالة على رؤية أهل الجنة لله تعالى من الكتاب والسنة وإخباره النبي أنهم يرونه كرؤية الشمس والقمر فلا يرونه إلا من فوقهم ونعلم أنه لا يتم إنكار الفوقية إلا بإنكار الرؤية ولهذا نفى الجهمية الأمرين الرؤية والفوقية وأثبت أهل السنة والجماعة الأمرين وصار عندهم من أثبت الرؤية ونفى العلو مذبذباً بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
وهذه المسألة من أشرف مسائل أصول الدين((وأجلها قدرا,وأعلاها خطرا,وأقرها لعيون أهل السنة والجماعة,وأشدها على أهل البدعة والفرقة ,وهي الغاية التي شمرها لها المشمرون ,وتنافس فيها المتنافسون ,وتسابق إليها المتسابقون,ولمثلها فليعمل العاملون ,اتفق عليها الأنبياء والمرسلون,وجميع الصحابة والتابعون ,وأئمة الإسلام على تتابع القرون,وأنكرها أهل البدع المارقون,و الجهمية المتهوكون,والفرعونية المعطلون,والباطنية الذين هم من جميع الأديان منسلخون,وبحبائل الشيطان متمسكون ,ومن حبل الله منقطعون,وعلى مسبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عاكفون,وللسنة وأهلها محاربون,ولكل عدو لله ورسوله ودينه مسالمون,وكل هؤلاء عن ربهم محجوبون,وعن بابه مطرودون)(1)
وقال سبحانه وتعالى((وجوه يومئذ ناظرة إلى ربها ناظرة
))القيامة(22-23)
ومن أدلة رؤيته سبحانه يوم القيامة قوله تعالى:{ كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون }(المطففين:15)،
قال الإمام الشافعي :" وفي هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عز وجل يومئذ "، ووجه ذلك أنه لما حجب أعداءه عن رؤيته في حال السخط دل على أن أولياءه يرونه في حال الرضا، وإلا لو كان الكل لا يرى الله تعالى، لما كان في عقوبة الكافرين بالحجب فائدة إذ الكل محجوب .
قال الحافظ الذهبي رحمه الله : (أحاديث رؤية الله في الآخرة متواترة ,والقرآن مصدق لها ))(2).
وهذه بعض الأحاديث الدالة على رؤية الله في الجنة :
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن ناساً قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ قالوا : لا، يا رسول الله، قال: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا: لا، يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه كذلك ) رواه مسلم
قال ابن القيم رحمه الله : (و المخاطبون قوم عرب يعلمون المراد منه,ولا يقع في قلوبهم تشبيه سبحانه (بالشمس والقمر) بل هم أشرف عقولا,وأصح أذهانا,وأسلم قلوبا من ذلك,وحقق صلى الله عليه وسلم وقع الرؤية عيانا برؤية الشمس والقمر تحقيقا لها,ونفيا لتوهم المجاز الذي يظنه المعطلون)(3)
وقال رحمه الله :
ما بعد تبيان الرسول لناظر***إلا العمى والعيب في العميان
فانظر إلى قول الرسول لسائل***من صحبه عن رؤية الرحمن
حقا ترون ربكم يوم اللقا***رؤيا العيان كما يرى القمران
كالبدر ليل تمامه و الشمس في ***نحر الظهيرة ما هما مثلان
بل قصده تحقيق رؤيتنا له***فأتى بأظهر ما يرى بعيان
ونفى السحاب وذاك أمر مانع***من رؤية القمرين في ذا الآن
فإذا أتى بالمقتضي ونفى الموا***نع خشية التقصير في التبيان
صلى الله عليه ما هذا الذي***يأتي من بعد ذا التبيان
ماذا يقول القاصد التبيان يا***أهل العمى من بعد ذا التبيان(4)
2- حديث صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال: يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم، فيقولون: ألم تبيض وجوهنا، ألم تدخلنا الجنة، وتنجينا من النار، قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل، ثم تلا هذه الآية { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } رواه مسلم .
قال صديق خان رحمه الله : (وتفسير الزيادة النظر إلى وجه الله سبحانه,وقد ثبت التفسير بذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبقى حينئذ لقائل مقال ولا التفات إلى المجادلات الواقعة بين المتمذهبة الذين لا يعرفون من السنة المطهرة ما ينتفعون به ,فإنهم لو عرفوا ذلك لكفوا عن كثير من هذيانهم,والله المستعان))(5)
3- حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ) متفق عليه .
قال ابن القيم رحمه الله : ((فهذا يدل أن رداء الكبرياء على وجهه-تبارك وتعالى-هو المانع من رؤية الذات ,ولا يمنع من أصل الرؤية,فإن الكبرياء والعظمة أمر لازم لذاته تعالىّ,فإذا تجلى سبحانه لعباده يوم القيامة,وكشف الحجاب بينهم وبينه,فهو الحجاب المخلوق.وأما أنوار الذات الذي يحجب عن إدراكها فذاك صفة للذات ,لا تفارق ذات الرب جلا جلاله,ولو كشف ذلك الحجاب لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه .وتكفي هذه الإشارة في هذا المقام للمصدق الموقن.وأما المعطل الجهمي فكل هذا عنده باطل ومحال))(6)
4-حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((......وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقاءك )) أخرجه النسائي وصححه الألباني .
قال الحافظ إسماعيل بن محمد التميمي رحمه الله : والنبي صلى الله عليه وسلم لا يسأل سؤالا مستحيلا,لأن الله تعالى لا يبعث نبيا إلا وهو يعلم ما يجري عليه))(7)
وقال ابن القيم رحمه الله :
أو ما سمعت سؤال أعرف خلقه***بجلاله المبعوث بالقرآن
شوقا إليه ولذة النظر الذي***بجلال وجه الرب ذي السلطان
الشوق لذة روحه في هذه الد***نيا ويوم قيامة الأبدان
تلتذ بالنظر الذي فازت به***دون الجوارح هذه العينان
والله ما في هذه الدنيا ألذ***من اشتياق العبد للرحمن
وكذلك رؤية وجهه سبحانه***هي أكمل اللذات للإنسان
لكنما الجهمي ينكر ذا وذا***والوجه أيضا خشية الحدثان
تبا له المخدوع أنكر وجهه***ولقاءه ومحبة الديان
وكلامه وصفاته وعلوه***والعرش عطله من الرحمن
فتراه في واد ورسل الله في***واد وذا من أعظم الكفران(8)
5-عن جرير بن عبد البجلي رضي الله عنه قال :كنا جلوسا ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة,فقال((إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته,فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا )) ثم قرأ : (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب)((ق39)أخرجه البخاري ومسلم.
قال الإمام البغوي رحمه الله : ((وقوله : (كما ترون)ليس كاف التشبيه للمرئي بالمرئي ,بل كاف التشبيه للرؤية التي هي فعل الرائي بالرؤية ,ومعناه : ترون ربكم رؤية لا شك فيها ,كما ترون القمر ليلة البدر لا مرية فيها))(9)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- : ((ومعلوم أنا نرى الشمس والقمر عيانا مواجهة,فيجب أن نراه كذلك,وأما رؤية مالا نعاين ولا نواجهه فهذه غير متصورة في العقل ,فضلا على أن تكون كرؤية الشمس والقمر.
وأما قوله(لا تضامون) يروى بالتخفيف .أي : لا يلحقكم ضيم في رؤيته كما يحلق الناس عند رؤية الشيء الحسن كالهلال.فإنه قد يلحقهم ضيم في طلب رؤيته حين يرى,وهو سبحانه يتجلى تجليا ظاهرا فيرونه كما ترى الشمس والقمر بلا ضيم يلحقكم في رؤيته.
وقيل :(لا تضامون) بالتشديد : أي لا ينضم بعضكم إلى بعضكما يتضام الناس عند رؤية الشيء الخفي كالهلال,وهذا كله بيان لرؤيته في غاية التجلي والظهور بحيث لا يلحق الرائي ضرر ولا ضيم كما يلحقه عند رؤية الشيء الخفي والبعيد والمحجوب ونحو ذلك))(10)
6-عن أبي رزين رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله : أنرى الله يوم القيامة؟وما آية ذلك في خلقه؟قال : ((يا أبا رزين !أليس كلكم يرى القمر مخليا به؟)) قلت : بلى !قال : ((فالله أعظم وذلك آية في خلقه))رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وإثباته صلى الله عليه وسلم جواز الرؤية لجميع الخلق في وقت واحد وكل منهم يكون مخليا به بالقياس على رؤية القمر مع قوله((الله أعظم)) دليل واضح على أن الناس يرونه مواجهة عيانا يكون بجهة منهم.وإذا أمكن في بعض مخلوقاته أنه يراه الناس في وقت واحد كلهم يكون مخليا به ,فالله أولى أن يمكن ذلك فيه فإنه أعظم وأجل(11) وأكبر من كل شيء .فهذا يزيل كل إشكال ,ويبطل كل خيال(12).
قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله((وليس تشبيه رؤية الله تعالى برؤية الشمس والقمر تشبيها للهّ,بل هو تشبيه الرؤية بالرؤية,لا تشبيه المرئي ]وهو الله[ بالمرئي] وهو الشمس والقمر[,ولكن فيه دليل على علو الله على خلقه,وإلا فهل تعقل رؤية بلا مقابلة ! ومن قال : يرى لا في جهة(13) فليراجع عقله !! فإما أن يكون مكابرا لعقله,أو في عقله شيء,وإلا فإذا قال : يرى لا أمام الرائي,ولا خلفه,ولا عن يمينه ولا عن يساره ولا تحته رد عليه كل من سمعه بفطرته السليمة .
ولهذا ألزم المعتزلة من نفى العلو بالذات بنفي الرؤية ,وقالوا : كيف تعقل رؤية بغير جهة))(13)
وقال ابن القيم رحمه الله :
فسل المعطلة هل يرى من تحتنا***أم عن شمائلنا أم عن أيمان
أم خلفنا وأمامنا سبحانه ***أم هل يرى من فوقنا ببيان
يا قوم ما في الأمر شيء غير ذا***أو أن رؤيته بلا إمكان
إذ رؤية لا في مقابلة من الر***ائي محال ليس في الإمكان
ومن ادعى شيئا سوى ذا كان دعو***اه مكابرة على الأذهان(14)
وقال رحمه الله : ((والذي تفهمه الأمم على اختلاف لغاتها وأوهامها من هذه الرؤية رؤية المقابلة والمواجهة التي تكون بين الرائي والمرئي فيها مسافة محدودة غير مفرطة في البعد,فتمتنع الرؤية,ولا في القرب,فلا تمكن الرؤية,لا تعقل الأمم غير هذا,فإما أن يروه سبحانه من تحتهم-تعالى الله- أو من خلفهم,أو من أمامهم,أو عن أيمانهم,أو عن شمائلهم,أو من فوقهم,ولا بد من قسم من هذه الأقسام إن كانت الرؤية حقا ,وكلها باطل سوى رؤيتهم له من فوقهم.
ولا يتم إنكار الفوقية إلا بإنكار الرؤية ,ولهذا طرد الجهمية أصلهم,وصرحوا بذلك ,وركبوا النفيين معا ,وصدق أهل السنة بالأمرين معا ,وأقروا بهما ,وصار من أثبت الرؤية,ونفى علو الرب على خلقه واستواءه على عرشه مذبذبا بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء))(15) .
--------
(1) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح.
(2) سير أعلام النبلاء(10/455)
(3) زاد المعاد(3/681-682)
(4) (الكافية الشافية)
(5) فتح البيان(6/50)
(6)التبيان في أقسام القرآن ص179
(7)الحجة في بيان المحجة
(8)الكافية الشافية
(9) شرح السنة(2/226)للبغوي.
(10) مجموع الفتاوى (16/85-86).
(11)تلبيس الجهمية(2/415)
(12) شرح الطحاوية(ص375)
(13) شرح الطحاوية
(14) الكافية الشافية
(15)إعلام الموقعين(2/317-318).
التاسع عشر : النصوص الواردة في ذكر العرش وصفته وإضافته غالبا إلى خالقه تبارك و تعالى و أنه تعالى فوقه.
قال الله تعالى((رب العرش العظيم))] النمل26[.(رب العرش الكريم)] المؤمنون116[ ((رفيع الدرجات ذو العرش))]غافر15[((إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا))]الإسراء 55[((عند ذي العرش مكين))]التكوير20[ : أي له مكانة ووجاهة عنده ,وهو أقرب الملائكة إليه,وفي قوله((عند ذي العرش)) ]التكوير20[ إشارة إلى علو منزلة جبريل ,إذ كان قريبا من ذي العرش سبحانه(1).
وقال تعالى : ((وهو الغفور الودود /ذو العرش المجيد))]البروج14-15[ فأضاف العرش إلى نفسه ,كما تضاف إليه الأشياء العظيمة الشريفة ,وهذا يدل على عظمة العرش,وقربه منه وسبحانه واختصاصه به,بل يدل على غاية القرب والاختصاص ,كما يضيف إلى نفسه ب((ذو)) صفاته القائمة به ,كقوله تعالى((ذو القوة المتين))]الذاريات58[ ((ذو الجلال والإكرام))]الرحمان27 [
ويقال : ذو العزة ,وذو الملك,وذو الرحمة ونظائر ذلك.
فلو كان حظ العرش منه حظ الأرض السابعة ,لكان لا فرق أن يقال : ذو العرش,وذو الأرض(2)
وتدبر- رحمك الله –الأحاديث التالية الواردة في ذكر العرش :
1-عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((ما من عبد أتى أخا له يزوره في الله إلا نادى مناد من السماء : أن طبت وطابت لك الجنة ,وإلا قال الله في ملكوت عرشه : عبدي زار في ,وعلي قراه,فلم أرض له بقري دون الجنة))(3)
2-عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله,من حملة العرش : إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام))رواه أبو داوود وصححه الألباني.
3-عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم على بلال وعنده صبرة من تمر ,فقال : ((ما هذا يا بلال)) قال : أعد ذلك لأضيافك .قال : ((أما تخشى أن يكون لك دخان في نار جهنم؟أنفق بلال ! ولا تخشى من ذي العرش إقلالا))رواه البزار وصححه الألباني.
4-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة,وأعلى الجنة,وفوقه عرش الرحمان))رواه البخاري
قال ابن خزيمة((فالخبر يصرح أن عرش ربنا جل وعلا أنه مستو على عرشه,فخالقنا عال فوق عرشه الذي هو فوق جنته))(4).
-------
(1)التبيان في أقسام القرآن(ص89)
(2)التبيان في أقسام القرآن(ص68)
(3) رواه أبو يعلى في مسنده(7/166)(4140),والبزار(كشف الأستار)(2/388-389)(1918),وجود إسناده الحافظ المنذري في((الترغيب))(3/239).
(4) كتاب التوحيد(ص104).
العشرون : من البراهين الدالة على علو الله على خلقه واستوائه على عرشه الدليل العظيم والبرهان القاطع ,وهو ما يحصل من مجموع الأدلة السابقة وغيرها .
فإنه يحصل من سرد أنواعها وأفرادها ونصوصها وقواطعها ما يوصل إلى اليقين الاضطراري والعلم الضروري الذي لا يمكن دفعه ويحصل الجزم التام الذي لا ريب فيه بعلو الله وارتفاعه واستوائه على عرشه.
وذلك أن واحد من الأدلة يفيد العلم بالمقصود ثم الآخر كذلك ,ثم يستفاد من انضمام أحدهما للآخر دلالة أخرى ,ثم من مجموع الجميع دلالة هي أقوى أنواع الدلالات ,فتتزايد شواهد الإيمان ,وتتعاون أدلته حتى يكون الإيمان في القلب أرسخ من الجبال(1),فأي بيان للمقصود أعظم من هذا ؟(2)
أيرد ذو عقل سليم قط ذا****بعد التصور يا أولي الأذهان
والله ما رد امرؤ هذا بغير***الجهل أو بحمية الشيطان(3)
وهذه الأنواع من الأدلة لو بسطت أفرادها لبلغت محو ألف دليل(4)
ونحن نطالب المشتغلين بعلم الكلام ((بجواب صحيح عن دليل واحد ونعلم قبل المطالبة أنه لو اجتمع كل جهمي على وجه الأرض لما أجابوا عنه بغير المكابرة والتشنيع على أهل الإثبات بالتجسيم والتنفير والسب))(5) والطعن والافتراء والتكفير.
والله مالكم جواب غير تك***فير بلا علم ولا إيقان (6)
وهذه وظيفة كل مبطل قامت عليه حجة الله.
--------
(1)توضيح الكافية الشافية(ص338)
(2)درء التعارض(5/55)
(3) الكافية الشافية(ص112)
(4)شرح الطحاوية(2/386)
(5)الصواعق(ص294-295)
(6)الكافية الشافية(ص320).
جمال البليدي
2010-09-16, 23:11
]أقوال الصحابة في أن الله مستو على عرشه فوق السماء[/center]
1-أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
قال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن أبيه عن نافع عن ابن عمر قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر رضي الله عنه: أيها الناس إن كان محمد إلهكم الذي تعبدونه فإن إلهكم قد مات، وإن كان إلهكم الله الذي في السماء فإن إلهكم لم يمت، ثم تلا { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} حتى ختم الآية.
2-عمر ابن الخطاب رضي الله عنه:
ومن المأثور عن الصحابة رضي الله عنهم في إثبات العلو لله تعالى، مارواه ابن أبي حاتم والبيهقي في كتاب "الأسماء والصفات" عن جرير بن حازم قال: سمعت أبا يزيد يحدث قال: لقيت امرأة عمر رضي الله عنه يقال لها: خولة بنت ثعلبة، وهو يسير مع الناس فاستوقفته فوقف لها، ودنا منها، وأصغى إليها رأسه، حتى قضت حاجتها وانصرفت، فقال له رجل: ياأمير المؤمنين حبست رجالات قريش على هذه العجوز. قال: "ويحك وتدري من هذه؟ قال: لا. قال: هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات، هذه خولة بنت ثعلبة، والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ماانصرفت عنها حتى تقضي حاجتها إلا أن تحضر صلاة فأصليها ثم أرجع إليها حتى تقضي حاجتها" وقد ذكر هذا الأثر أبو عمر ابن عبد البر في الاستيعاب وقال: رويناه من وجوه.
وقال البخاري في تاريخه قال محمد بن فضيل عن فضيل بن غزوان عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل أبو بكر رضي الله عنه عليه فأكب عليه وقبل جبهته وقال " بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا "، وقال: " من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات. ومن كان يعبد الله فإن الله في السماء حي لا يموت ". وفي صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله ذهب إلى بني عمرو بن عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر رضي الله عنه، فذكر الحديث وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشار إلى أبي بكر أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله ثم استأخر، فذكره.
3-زينب بنت جحش رضي الله عنها:
ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد والبخاري والترمذي والنسائي، عن أنس رضي الله عنه قال: كانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: "زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سموات" قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
4-ابن عباس رضي الله عنه:
ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعائشة رضي الله عنها: "كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إلا طيبا وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات جاء بها الروح الأمين" ورواه ابن سعد في الطبقات، وإسناده صحيح على شرط مسلم.
ومن ذلك ما رواه إسحاق بن راهويه، عن عكرمة في قوله تعالى مخبرا عن إبليس أنه قال: {ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} (17) سورة الأعراف , قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم يستطع أن يقول من فوقهم علم أن الله من فوقهم.
وذكر الطبراني في شرح السنة من حديث سفيان عن أبي هاشم عن مجاهد قال قيل لابن عباس إن ناسا يكذبون بالقدر. قال " يكذبون بالكتاب لئن أخذت شعر أحدهم لا ينبتونه إن الله كان على عرشه قبل أن يخلق شيئا فخلق الخلق فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، فإنما يجري الناس على أمر قد فرغ منه ".
5-ابن مسعود رضي الله عنه:
ومن ذلك مارواه سنيد بن داود، حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "الله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم" إسناده صحيح.
وقد رواه عثمان بن سعيد الدارمي عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " ما بين السماء السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام وبين كل سماء مسيرة خمسمائة عام وبين السماء السابعة وبين الكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي وبين الماء خمسمائة عام، والعرش على الماء والله تعالى فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم علية" إسناده صحيح،
ورواه البهقي في كتاب "الأسماء والصفات" من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة فذكره بنحوه، ورواه ابن عبد البر في التمهيد من طريق يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن زر، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام، وما بين كل سماء إلى الأخرى مسيرة خمسمائة عام، وما بين السماء السابعة إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام، والعرش على الماء، والله تبارك وتعالى على العرش يعلم أعمالكم"
ورواه البيهقي أيضا من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة –وهو المسعودي- عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل – واسمه شقيق بن سلمة- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فذكره بنحوه.
ومن ذلك قول ابن مسعود رضي الله عنه: " من قال سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر تلقاهن ملك فعرج بهن إلى الله فلا يمر بملأ من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يجيء بهن وجه الرحمن" قال ابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية" أخرجه العسال في كتاب "المعرفة" بإسناد كلهم ثقات.
6-عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:
ومن ذلك قصة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه مع امرأته حين وقع على أمته وهي مشهورة. وقد ذكرها ابن عبد البر في الاستيعاب وقال: رويناها من وجوه صحاح، وذلك أنه مشى ليلة إلى أمة له فنالها، وفطنت له امرأته فلامته فجحدها، وكانت قد رأت جماعه لها فقالت له: إن كنت صادقا فاقرأ القرآن فإن الجنب لا يقرأ القران فقال:
شهدت بأن وعد الله حق *** وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء حق *** وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكـة غـلاظ *** ملائكـة الإله مسـومينا
فقالت امرأته: صدق الله وكذبت عيني، وكانت لا تحفظ القرآن ولا تقرؤه، وقد رواها الذهبي في "سير أعلام النبلاء" بإسناده إلى عبد العزيز بن أخي الماجشون، وفيه أن امرأة عبد الله بن رواحة قالت: له لما جحد خلوته بجاريته، إن كنت صادقا فاقرأ آية من القرآن فقال:
شهدت بأن وعد الله حق *** وأن النار مثوى الكافرينا
قالت فزدني آية فقال:
وأن العرش فوق الماء طاف *** وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكـة كـرام *** ملائكـة الإله مقربينـا
فقالت: آمنت بالله وكذبت البصر، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه فضحك ولم يغير عليه.
7-سعيد ين جبير رضي الله عنه:
و ذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب السنة من حديث سعيد بن جبير رضي الله عنه قال " تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله، فإن بين السماوات السبع إلى كرسيه سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك ".
8-حسان ابن ثابت-رضي الله عنه- شاعر الرسول عليه الصلاة والسلام:
ومن ذلك ما رواه ابن سعد أنبأنا مالك بن إسماعيل النهدي أنبأنا عمر بن زياد، عن عبد الملك بن عمير قال: جاء حسان بن ثابت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أسمك يا رسول الله قال: "قل حقا" فقال:
شهدت بإذن الله أن محمدا *** رسول الذي فوق السموات من على
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأنا أشهد" فقال:
وان الذي عادى اليهود ابن مريم *** له عمل من ربه متقبل
فقال "وأنا أشهد"
وقد ذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" وقال في البيت الأخير:
وان الذي عادى اليهود ابن مريم *** نبي أتى من عند ذي العرش مرسل
وهكذا هو في ديوان حسان بن ثابت رضي الله عنه.
9-عائشة رضي الله عنها:
و قال الدارمي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جويرية بن أسماء قال: سمعت نافعا يقول: " قالت عائشة رضي الله عنها: وأيم الله إني لأخشى لو كنت أحب قتله لقتلته ـ تعني عثمان ـ ولكن علم الله من فوق عرشه إني لم أحب قتله ".
10-أبي هريرة رضي الله عنه:
ومن ذلك ما رواه عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب "النقض" على المريسي بإسناد جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " لما ألقي إبراهيم في النار قال: اللهم إنك في السماء واحد وأنا في الأرض واحد أعبدك".
11- أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه :
ومن ذلك ما روي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال " لما لعن الله إبليس وأخرجه من سمواته وأخزاه قال: رب أخزيتني ولعنتني وطردتني عن سمواتك وجوارك فوعزتك لأغوين خلقت ما دامت الأرواح في أجسادهم، فأجابه الرب تبارك وتعالى فقال: وعزتي وجلالي وارتفاعي على عرشي لو أن عبدي أذنب حتى ملأ السماوات والأرض خطايا ثم لم يبق من عمره إلا نفس واحد فندم على ذنوبه لغفرتها وبدلت سيئاته كلها حسنات " وقد روى هذا المتن مرفوعا، ولفظه " وعزتي وجلالي وارتفاعي لو أن عبدي " ـ وذكره.
اجتماع الجيوش الاسلامية - ص52
قول الصحابة كلهم رضي الله عنهم:
قال يحيى بن سعيد الأموي في مغازيه حدثنا البكائي عن ابن إسحق قال: حدثني يزيد بن سنان عن سعيد بن الأجود الكندي عن العرس بن قيس الكندي عن عدي بن عميرة رضي الله عنه قال " خرجت مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر قصة طويلة وقال فيها: فإذا هو ومن معه يسجدون على وجوههم ويزعمون أن إلههم في السماء فأسلمت وتبعته ".
اجتماع الجيوش الاسلامية - ص 52
يتبع...
مراد_2009
2010-09-17, 11:10
بارك الله فيك على الموضوع و جزاك الله خيرا
أقول الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
علينا أن نأخذ العبر من غيرنا
بربكم ماذا نفعل بعلم أهله الكبار تبرؤوا منه عند موتهم
و رجعوا الى عقيدة العجائز
و السعيد من وعض بغيره
جمال البليدي
2010-09-17, 20:43
وفيك بارك الله أخي الكريم مراد
ذكر الاجماع على استواء الله على عرشه فوق سماواته
لقد أجمعت رسل الله تعالى واتفقت كتبه المنزلة([1]) بل العرب والعجم([2]) , والآدميون عربهم وعجمهم مؤمنهم وكافرهم([3]) واتفقت بذلك كلمة المسلمين والكافرين([4]) على أن الله تعالى فوق العالم عالٍ على عباده([5]) .
ولم يخالف في ذلك أحد من بني آدم إلا شرذمة من الفلاسفة والجهمية والمعطلة والأشعرية
والماتريدية([6]) .
فكلهم يشهدون بألسنتهم وفطرهم على أن الله فوق العالم وعليه فطرة المسلمين علمائهم وجهالهم وأحرارهم ومماليكهم وذكرانهم وإناثهم وأطفالهم وكل من دعا الله تعالى([7]) .
وأما إجماع أهل السنة والجماعة على استواء الله على عرشه فوق سماواته ، فقد حكاه غير واحد من أكابر العلماء.
1-الإمام أحمد ابن حنبل :
و من أجلهم إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، فقد روى القاضي أبو الحسين في "طبقات الحنابلة" بإسناد إلى أبي العباس أحمد بن جعفر بن يعقوب بن عبد الله الفارسي الإصطخري قال: قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل: هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر، وأهل السنة المتمسكين بعروقها، العارفين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب الني صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وأدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئا من هذه المذاهب، أو طعن فيها أو عاب قائلها، فهو مبتدع خارج من الجماعة، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق.
ثم ساق الإمام أحمد أقوالهم في هذه العقيدة إلى أن قال: وخلق سبع سموات بعضها فوق بعض، وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض، وبين الأرض العليا والسماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام، والماء فوق السماء العليا السابعة، وعرش الرحمن عز وجل فوق الماء، والله عز وجل على العرش، والكرسي موضع قدميه، وهو يعلم ما في السموات والأرضين السبع وما بينهما، وما تحت الثرى، وما في قعر البحار، ومنبت كل شعرة وشجرة، وكل زرع وكل نبات، ومسقط كل ورقة، وعدد كل كلمة، وعدد الحصى والرمل والتراب، ومثاقيل الجبال، وأعمال العباد، وآثارهم وكلامهم وأنفاسهم ويعلم كل شيء، لا يخفى عليه من ذلك شيء، وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حجب من نور ونار وظلمة وما هو أعلم به.
فإن احتج مبتدع ومخالف بقول الله عز وجل: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} وبقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} وبقوله: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} إلى قوله {إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا } ونحو هذا من متشابه القرآن. فقل: إنما يعنى بذلك العلم، لأن الله تعالى على العرش فوق السماء السابعة العليا، ويعلم ذلك كله وهو بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان. انتهى.
2-الإمام ابن عبد البر :
وقال أبو عمر ابن عبد البر: أجمع علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل قالوا في تأويل قوله:{مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} هو على العرش، وعلمه في كل مكان، وما خلفهم في ذلك أحد يحتج بقوله. انتهى. وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في " القاعدة المركشية" وأقره وهو مذكور في صفحة 193 من المجلد الخامس من مجموع الفتاوى، ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: فهذا ما تلقاه الخلف عن السلف، إذ لم ينقل عنهم غير ذلك، إذ هو الحق الظاهر الذي دلت عليه الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية. انتهى. وقد نقل الذهبي كلام ابن عبد البر في كتاب "العلو" ونقله ابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية" وأقره.
3-الإمام أبو عمر الطلمنكي :
قال في كتابه: الوصول إلى معرفة الأصول:
" أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله : وهو معكم أينما كنتم . ونحو ذلك من القرآن : أنه علمه ، وأن الله تعالى فوق السموات بذاتـه مستو على عرشه كيف شاء
وقال: قال أهل السنة في قوله :الرحمن على العرش استوى:إن الاستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز.". انتهى
قال الذهبي: كان الطلمنكي من كبار الحفاظ وأئمة القراء بالأندلس
درء التعارض 6/250 ، الفتاوى 5/189 ، بيان تلبيس الجهمية 2/38 ، مختصر العلو 264
ونقل شيخ الإسلام أيضا عن أبي عمر الطلمنكي أنه قال: وقد أجمع المسلمون من أهل السنة على أن الله على عرشه بائن من جميع خلقه، وتعالى الله عن قول أهل الزيغ، وعما يقول الظالمون علوا كبيرا. انتهى. وهو المذكور في صفحة 501 من المجلد الخامس من مجموع الفتاوى.
4-الإمام الأوزاعي :
وروى البيهقي في كتاب "الأسماء والصفات" بإسناد صحيح عن الأوزاعي قال: كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى ذكره فوق عرشه، ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته جل وعلا، وقد ذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى قول الأوزاعي في "الفتوى الحموية الكبرى" ثم قال: وقد حكى الأوزاعي وهو أحد الأئمة الأربعة في عصر تابع التابعين الذين هم: مالك إمام أهل الحجاز، والأوزاعي إمام أهل الشام، والليث إمام أهل مصر، والثوري إمام أهل العراق – حكى شهرة القول في زمن التابعين بالإيمان بأن الله فوق العرش وبصفاته السمعية، وإنما قال الأوزاعي هذا بعد ظهور مذهب جهم المنكر لكون الله فوق عرشه، والنافي لصفاته، ليعرف الناس أن مذهب السلف خلاف ذلك. انتهى. وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى كلام الأوزاعي في كتابه " اجتماع الجيوش الإسلامية" ثم قال: هذا الأثر يدخل في حكاية مذهبه ومذهب التابعين انتهى.
5- الامام قتيبة بن سعيد:
وقال الذهبي في كتاب "العلو" قال أبو أحمد الحاكم وأبو بكر النقاش المفسر واللفظ له حدثنا أبو العباس السراج، قال: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: هذا قول الأئمة في الإسلام والسنة والجماعة، نعرف ربنا أنه في السماء السابعة على عرشه كما قال جل جلاله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وكذا نقل موسى بن هارون، عن قتيبة أنه قال: نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه. قال الذهبي فهذا قتيبة في إمامته وصدقه قد نقل الإجماع على المسألة. انتهى. وقد نقل ابن القيم كلام قتيبة في كتابه "اجتماع الجيوش الإسلامية" بمثل ما ذكره الذهبي.
6-الإمام علي بن مديني :
وروى شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي بإسناده إلى الحسن بن محمد بن الحارث قال: سئل علي بن المديني وأنا أسمع: ما قول أهل الجماعة؟ قال: يؤمنون بالرؤية وبالكلام، وأن الله عز وجل فوق السموات على عرشه استوى، فسئل عن قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} فقال اقرأ ما قبله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} انتهى. وقد نقله الذهبي في كتاب "العلو" وابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية".
7-إسحاق ابن راهوية :
وقال أبو بكر الخلال في كتاب السنة: أخبرنا أبو بكر المروذي، حدثنا محمد بن الصباح النيسابوري، حدثنا أبو داود الخفاف سليمان بن داود قال: قال إسحاق بن راهويه: قال الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} إجماع أهل العلم أنه فوق العرش استوى ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة. انتهى. وقد نقله الذهبي في كتاب "العلو" وابن القيم في كتاب "اجنماع الجيوش الإسلامية" وقال الذهبي بعد إيراده: اسمع ويحك إلى هذا الإمام كيف نقل الإجماع على هذه المسألة كما نقله في زمانه قتيبة المذكور. انتهى.
8- الإمام أبا زرعة :
وروى الذهبي في كتاب "العلو" بإسناده إلى عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سألت أبي وأبا زرعة رحمهما الله تعالى عن مذهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار، وما يعتقدان من ذلك فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار، حجازا وعراقا ومصرا وشاما ويمنا، فكان من مذهبهم أن الله تبارك وتعالى على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله بلا كيف، أحاط بكل شيء علما، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. انتهى. وقد ذكره ابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش المسلمة" ثم قال: وهذان الإمامان إماما أهل الدين وهما من نظراء أحمد والبخاري رحمهم الله تعالى.
9-الإمام الدارمي :
وقال عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب "النقض" على بشر المريسي: قد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله فوق عرشه فوق سمواته، وقال أيضا: إن الله فوق عرشه يعلم ويسمع من فوق العرش، ولا تخفى عليه خافية من خلقه، ولا يحجبهم عنه شيء. انتهى. وقد نقله الذهبي في كتاب "العلو" وابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية".
10-الإمام إسماعيل الكرماني :
وذكر ابن القيم أيضا في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية" عن حرب بن إسماعيل الكرماني صاحب أحمد وإسحاق أنه قال: والماء فوق السماء السابعة، والعرش على الماء، والله على العرش.
قال ابن القيم: هذا لفظه في مسائله وحكاه إجماعا لأهل السنة من سائر أهل الأمصار. انتهى.
11-الإمام الآجري :
وقال أبو بكر محمد بن الحسين الآجري في كتاب " الشريعة" "باب التحذير من مذاهب الحلولية" ثم ذكر عنهم أنهم يحتجون لمذهبهم بقول الله تعالى في سورة المجادلة: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} وبقوله: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} إلى قوله :{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} قال: فلبسوا على السامع بما تأولوا، وفسروا القرآن على ما تهوى أ،فسهم، فضلوا وأضلوا. قال والذي يذهب إليه أهل العلم أن الله عز وجل على عرشه فوق سمواته، وعلمه محيط بكل شيء، قد أحاط علمه بجميع ما خلق في السموات العلا، وبجميع ما في سبع أرضين وما بينهما وما تحت الثرى، يسمع ويرى، لا يعزب عن الله مثقال ذرة في السموات والأرضين وما بينهن إلا وقد أحاط علمه به، فهو على عرشه سبحانه العلي الأعلى، يرفع إليه أعمال العباد، وهو أعلم بها من الملائكة الذين يرفعونها باليل والنهار.
فإن قال قائل: فأي شيء معنى وله: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} الآية التي يحتجون بها.
قيل: علمه عز وجل، والله على عرشه، وعلمه محيط بهم وبكل شيء من خلقه، كذا فسره أهل العلم، والآية يدل أولها وآخرها على أنه العلم قال الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} إلى قوله: { ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فابتدأ عز وجل الآية بالعلم، وختمها بالعلم، فعلمه محيط بجميع خلقه وهو على عرشه. وهذا قول المسلمين.
قال: وفي كتاب الله عز وجل آيات تدل على أن الله عز وجل في السماء على عرشه، وعلمه محيط بجميع خلقه، وذكر آيات في ذلك، وقد ذكرتها فيما تقدم، ثم قال: "باب ذكر السنن التي دلت العقلاء على أن الله عز وجل على عرشه فوق سبع سمواته، وعلمه محيط بكل شيء، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء" وذكر أحاديث كيرة في ذلك، وقد ذكرتها فيما تقدم ثم قال: فهذه السنن قد اتفقت معانيها، ويصدق بعضها بعضا، وكلها تدل على ما قلنا أن الله عز وجل على عرشه فوق سمواته، وقد أحاط علمه بكل شيء وأنه سميع بصير خبير. انتهى المقصود من كلامه ملخصا. وقد نقل الذهبي في كتاب "العلو" وابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية" بعض كلام الآجري مختصرا إلى قوله: وهذا قول المسلمين.
12-الإمام العبكري :
وقال الإمام الزاهد أبو عبد الله بن بطة العكبري شيخ الحنابلة في كتابه « الإبانة » , « باب الإيمان بأن الله على عرشه بائن من خلقه وعلمه محيط بجميع خلقه » : أجمع المسلمون من الصحابة والتابعين أن الله على عرشه فوق سمواته بائن من خلقه ، فأما قوله : ( وهو معكم ) فهو كما قالت العلماء : علمه . وأما قوله : ( وهو الله في السموات وفي الأرض )معناه أنه هو الله في السموات إله وهو الله في الأرض إله . وتصديقه في كتاب الله : ( و هو الذي في السماء إله و في الأرض إله ) . واحتج الجهمي بقوله : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) فقال : إن الله معنا وفينا . وقد فسر العلماء أن ذلك علمه . ثم قال تعالى في آخرها : ( إن الله بكل شيء عليم ) انتهى وقد نقله عنه الذهبي في كتاب « العلو » وقال : ثم إن ابن بطة سرد بأسانيده أقوال من قال إنه علمه، وهم الضحاك والثوري ونعيم بن حماد وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه .
13-الإمام القيرواني :
وذكر ابن القيم في كتابه « اجتماع الجيوش الإسلامية » عن أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني أنه ذكر في كتابه المفرد في السنة تقرير العلو ، واستواء الرب تعالى على عرشه بذاته أتم تقرير فقال : « فصل » فيما عليه الأمة من أمور الديانة من السنن التي خلافها بدعة وضلالة أن الله سبحانه وتعالى له الأسماء الحسنى ، والصفات العلى لم يزل بجميع صفاته - ثم ذكر جملة من الصفات ومنها : أنه فوق سمواته على عرشه دون أرضه ، وأنه في كل مكان بعلمه - ثم ذكر سائر العقيدة وقال في آخرها : وكل ما قدمنا ذكره فهو قول أهل السنة وأئمة الناس في الفقه والحديث ، وكله قول مالك . انتهى المقصود من كلامه .
14-الإمام الزمنين :
وذكر ابن القيم أيضاً في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عن أبي عبد الله محمد بن أبي زمنين أنه قال في كتابه الذي صنفه في أصول السنة : ومن قول أهل السنة أن الله عز وجل خلق العرش واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق , ثم استوى عليه كيف شاء كما أخبر من نفسه ، قال : ومن قول أهل السنة : أن الله بائن من خلقه محتجب عنهم بالحجب . انتهى . وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية في « الفتوى الحموية الكبرى » .
15-الإمام الزنجاني :
وذكر ابن القيم أيضاً في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » من إمام الشافعية في وقته سعد بن علي الزنجاني أنه قال : أجمع المسلمون على أن الله هو العلي الأعلى ، وأن لله علو الغلبة والعلو الأعلى من سائر وجوه العلو ، فنثبت بذلك أن لله علو الذات ، وعلو الصفات ، وعلو القهر والغلبة . انتهى .
16-الإمام إسماعيل التيمي :
وذكر ابن القيم أيضاً في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عن إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي أنه قال في كتاب « الحجة » : قال علماء السنة : إن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه ، وقال أيضاً : أجمع المسلمون أن الله سبحانه العلي الأعلى . قال : فنثبت أن لله تعالى علو الذات ، وعلو الصفات ، وعلو القهر والغلبة . انتهى .
17-الإمام الباقلاني :
وقال أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني في كتاب « الإبانة » ما ملخصه : فإن قيل فهل تقولون : إنه في كل مكان . قيل : معاذ الله ، بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه فقال : ( الرحمن على العرش استوى ) وقال تعالى :( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) وقال : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ) قال : ولو كان في كل مكان لكان يصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض ، وإلى خلفنا ويميننا وشمالنا , وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه وتخطئة قائله . انتهى . وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في « الفتوى الحموية الكبرى » ونقله الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتابه « اجتماع الجيوش الإسلامية » وأقروه .
18-الإمام الأصبهاني :
وقال الحافظ الكبير أبو نعيم أحمد بن عبدالله بن أحمد الأصبهاني مصنف « حلية الأولياء » في كتاب « الاعتقاد » له : طريقتنا طريقة السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة , ومما اعتقدوه أن الأحاديث التي ثبتت في العرش , واستواء الله عليه يقولون بها ، ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل ، وأن الله بائن من خلقه، والخلق بائنون منه لا يحل فيهم ، ولا يمتزج بهم ، وهو مستو على عرشه في سمائه من دون أرضه . انتهى . وقد نقله شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى والذهبي في كتاب « العلو » ثم قال : فقد نقل هذا الإمام الإجماع على هذا القول ، ولله الحمد . ونقل ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » قوله : طريقنا طريق السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة ، قال : وساق ذكر اعتقادهم ثم قال : ومما اعتقدوه أن الله في سمائه دون أرضه . انتهى .
19-الإمام النيسابوري :
وقال أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري الصابوني في رسالته في السنة : ويعتقد أصحاب الحديث ، ويشهدون أن الله فوق سبع سمواته على عرشه كما نطق به كتابه ، وعلماء الأمة , وأعيان الأئمة من السلف ، لم يختلفوا أن الله على عرشه ، وعرشه فوق سمواته . انتهى . وقد نقله شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى والذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وأقروه .
20-الإمام أبن عبر البر :
وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب « التمهيد » : لما تكلم على حديث النزول في صفحة 128 وما بعدها من الجزء السابع ، قال : هذا حديث ثابت من جهة النقل ، صحيح الإسناد لا يختلف أهل الحديث في صحته ، وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سموات كما قالت الجماعة ، وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم : إن الله عز وجل في كل مكان ، وليس على العرش - إلى أن قال : ومن الحجة في أنه عز وجل على العرش فوق السموات السبع ، أن الموحدين أجمعين من العرب والعجم إذا كربهم أمر أو نزلت بهم شدة رفعوا وجوههم إلى السماء يستغيثون ربهم تبارك وتعالى ، وهذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة من أن يحتاج فيه إلى أكثر من حكايته ، لأنه اضطرار لم يوقفهم عليه أحد ولا أنكره عليهم مسلم .
قال : وأما احتجاجهم بقوله عز وجل : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ) فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية ، لأن علماء الصحابة والتابعين الذين حملت عنهم التأويل في القرآن قالوا في تأويل هذه الآية : هو على العرش ، وعلمه في كل مكان . وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله ، ذكر سنيد عن مقاتل بن حيان ، عن الضحْاك بن مزاحم في قوله : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) الآية قال : هو على عرشه ، وعلمه معهم أينما كانوا . قال وبلغني عن سفيان الثوري مثله . انتهى . وقد نقل شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى جملة من كلامه وتقدم ذكرها . وكذلك الذهبي فإنه نقل بعض كلام ابن عبد البر في كتاب « العلو » ونقله أيضا ابن القيم في كتابه« اجتماع الجيوش الإسلامية » وأقره كل منهم .
21-الإمام ابن قدامة المقدسي :
وقال الشيخ الموفق أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي في كتابه « لمعة الاعتقاد » بعد أن ذكر قول الله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) وقوله : ( أأمنتم من في السماء ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم للجارية : « أين الله ؟ » قالت : في السماء ، قال : « اعتقها فإنها مؤمنة » وقوله : « ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك » وقوله لحصين بن عبيد والد عمران بن حصين : «كم إلهاً تعبد ؟ » قال : سبعة ستة في الأرض وواحد في السماء ، قال : « ومَنْ لرغبتك ورهبتك ؟ » قال: الذي في السماء . قال : « فاترك الستة واعبد الذي في السماء وأنا أعلمك دعوتين » الحديث . وذكر أيضاً حديث الأوعال وفي آخره : « وفوق ذلك العرش ، والله سبحانه فوق ذلك » ثم قال : فهذا وما أشبهه مما أجمع السلف رحمهم الله على نقله وقبوله ، ولم يتعرضوا لرده ولا تأويله ولا تشبيهه ولا تمثيله . انتهى .
وقال الموفق أيضاً في كتاب « إثبات صفة العلو » أما بعد : فان الله تعالى وصف نفسه بالعلو في السماء ، ووصفه بذلك رسوله خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام ، وأجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابة الأتقياء والأئمة من الفقهاء ، وتواترت الأخبار في ذلك على وجه حصل به اليقين , وجمع الله عز وجل عليه قلوب المسلمين ، وجعله مغروزاً في طبائع الخلق أجمعين ، فتراهم عند نزول الكرب يلحظون السماء بأعينهم ، ويرفعون عندها للدعاء أيديهم ، وينتظرون مجيء الفرج من ربهم سبحانه ، ينطقون بذلك بألسنتهم ، لا ينكر ذلك إلا مبتدع غال في بدعته ، أو مفتون بتقليده واتباعه على ضلالته . انتهى . وقد نقله ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وفيه أبلغ رد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية .
22-أبو نعيم صاحب الحلية (336-430) هـ
قال في كتاب الاعتقاد له:
" طريقتنا طريقة السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة ، ومما اعتقدوه:
أن الله لم يزل كاملا بجميع صفاته القديمة ، لا يزول ولا يحول …. وأن القرآن في جميع الجهات مقروءا ومتلوا ومحفوظا ومسموعا ومكتوبا وملفوظا: كلام الله حقيقة لا حكاية ولا ترجمة… وأن الأحاديث التي ثبتت في العرش واستواء الله عليه يقولون بها ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل ، وأن الله بائن من خلقه والخلق بائنون منه لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم ، وهو مستو على عرشه في سمائه من دون أرضه". انتهى.
قال الذهبي: " فقد نقل هذا الإمام الإجماع على هذا القول ولله الحمد ، وكان حافظ العجم في زمانه بلا نزاع … ذكره ابن عساكر الحافظ في أصحاب أبى الحسن الاشعري".
درء التعارض 6/261 ، الفتاوى 5/ 190 ، بيان تلبيس الجهمية 2/ 40 مختصر العلو 261
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ) غنية الطالبين 1/63 , الصواعق المرسلة 4/1279 , ومختصر الصواعق 2/205 .
[2] ) تأويل مختلف الحديث 172 , والتمهيد لابن عبدالبر 7/134 .
[3] ) انظر مجموع الفتاوى 5/320 , واجتماع الجيوش 284 .
[4] ) رد الدلرمي على بشر المربسي 25 .
[5] ) راجع درء التعارض 6/208 , ونقض المنطق 52 , ومجموع الفتاوى 4/61 و 5/275 , والرد على الجهمية للدارمي 20-21 .
[6] ) انظر إثبات العلو لابن قدامة 131 , ودرء التعارض 6/209 , 266 , والحموية 24 , ومجموع الفتاوى 5/20 , 271 , وبيان تلبيس الجهمية 1/127 , وشرح الطحاوية 327 .
[7] ) التوحيد لابن خزيمة 1/254 , وانظر الفتاوى 5/275 .
وفيك بارك الله أخي الكريم مراد
ذكر الاجماع على استواء الله على عرشه فوق سماواته
لقد أجمعت رسل الله تعالى واتفقت كتبه المنزلة([1]) بل العرب والعجم([2]) , والآدميون عربهم وعجمهم مؤمنهم وكافرهم([3]) واتفقت بذلك كلمة المسلمين والكافرين([4]) على أن الله تعالى فوق العالم عالٍ على عباده([5]) .
ولم يخالف في ذلك أحد من بني آدم إلا شرذمة من الفلاسفة والجهمية والمعطلة والأشعرية
والماتريدية([6]) .
فكلهم يشهدون بألسنتهم وفطرهم على أن الله فوق العالم وعليه فطرة المسلمين علمائهم وجهالهم وأحرارهم ومماليكهم وذكرانهم وإناثهم وأطفالهم وكل من دعا الله تعالى([7]) .
وأما إجماع أهل السنة والجماعة على استواء الله على عرشه فوق سماواته ، فقد حكاه غير واحد من أكابر العلماء.
1-الإمام أحمد ابن حنبل :
و من أجلهم إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، فقد روى القاضي أبو الحسين في "طبقات الحنابلة" بإسناد إلى أبي العباس أحمد بن جعفر بن يعقوب بن عبد الله الفارسي الإصطخري قال: قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل: هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر، وأهل السنة المتمسكين بعروقها، العارفين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب الني صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وأدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئا من هذه المذاهب، أو طعن فيها أو عاب قائلها، فهو مبتدع خارج من الجماعة، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق.
ثم ساق الإمام أحمد أقوالهم في هذه العقيدة إلى أن قال: وخلق سبع سموات بعضها فوق بعض، وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض، وبين الأرض العليا والسماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام، والماء فوق السماء العليا السابعة، وعرش الرحمن عز وجل فوق الماء، والله عز وجل على العرش، والكرسي موضع قدميه، وهو يعلم ما في السموات والأرضين السبع وما بينهما، وما تحت الثرى، وما في قعر البحار، ومنبت كل شعرة وشجرة، وكل زرع وكل نبات، ومسقط كل ورقة، وعدد كل كلمة، وعدد الحصى والرمل والتراب، ومثاقيل الجبال، وأعمال العباد، وآثارهم وكلامهم وأنفاسهم ويعلم كل شيء، لا يخفى عليه من ذلك شيء، وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حجب من نور ونار وظلمة وما هو أعلم به.
فإن احتج مبتدع ومخالف بقول الله عز وجل: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} وبقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} وبقوله: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} إلى قوله {إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا } ونحو هذا من متشابه القرآن. فقل: إنما يعنى بذلك العلم، لأن الله تعالى على العرش فوق السماء السابعة العليا، ويعلم ذلك كله وهو بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان. انتهى.
2-الإمام ابن عبد البر :
وقال أبو عمر ابن عبد البر: أجمع علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل قالوا في تأويل قوله:{مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} هو على العرش، وعلمه في كل مكان، وما خلفهم في ذلك أحد يحتج بقوله. انتهى. وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في " القاعدة المركشية" وأقره وهو مذكور في صفحة 193 من المجلد الخامس من مجموع الفتاوى، ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: فهذا ما تلقاه الخلف عن السلف، إذ لم ينقل عنهم غير ذلك، إذ هو الحق الظاهر الذي دلت عليه الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية. انتهى. وقد نقل الذهبي كلام ابن عبد البر في كتاب "العلو" ونقله ابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية" وأقره.
3-الإمام أبو عمر الطلمنكي :
قال في كتابه: الوصول إلى معرفة الأصول:
" أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله : وهو معكم أينما كنتم . ونحو ذلك من القرآن : أنه علمه ، وأن الله تعالى فوق السموات بذاتـه مستو على عرشه كيف شاء
وقال: قال أهل السنة في قوله :الرحمن على العرش استوى:إن الاستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز.". انتهى
قال الذهبي: كان الطلمنكي من كبار الحفاظ وأئمة القراء بالأندلس
درء التعارض 6/250 ، الفتاوى 5/189 ، بيان تلبيس الجهمية 2/38 ، مختصر العلو 264
ونقل شيخ الإسلام أيضا عن أبي عمر الطلمنكي أنه قال: وقد أجمع المسلمون من أهل السنة على أن الله على عرشه بائن من جميع خلقه، وتعالى الله عن قول أهل الزيغ، وعما يقول الظالمون علوا كبيرا. انتهى. وهو المذكور في صفحة 501 من المجلد الخامس من مجموع الفتاوى.
4-الإمام الأوزاعي :
وروى البيهقي في كتاب "الأسماء والصفات" بإسناد صحيح عن الأوزاعي قال: كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى ذكره فوق عرشه، ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته جل وعلا، وقد ذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى قول الأوزاعي في "الفتوى الحموية الكبرى" ثم قال: وقد حكى الأوزاعي وهو أحد الأئمة الأربعة في عصر تابع التابعين الذين هم: مالك إمام أهل الحجاز، والأوزاعي إمام أهل الشام، والليث إمام أهل مصر، والثوري إمام أهل العراق – حكى شهرة القول في زمن التابعين بالإيمان بأن الله فوق العرش وبصفاته السمعية، وإنما قال الأوزاعي هذا بعد ظهور مذهب جهم المنكر لكون الله فوق عرشه، والنافي لصفاته، ليعرف الناس أن مذهب السلف خلاف ذلك. انتهى. وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى كلام الأوزاعي في كتابه " اجتماع الجيوش الإسلامية" ثم قال: هذا الأثر يدخل في حكاية مذهبه ومذهب التابعين انتهى.
5- الامام قتيبة بن سعيد:
وقال الذهبي في كتاب "العلو" قال أبو أحمد الحاكم وأبو بكر النقاش المفسر واللفظ له حدثنا أبو العباس السراج، قال: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: هذا قول الأئمة في الإسلام والسنة والجماعة، نعرف ربنا أنه في السماء السابعة على عرشه كما قال جل جلاله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وكذا نقل موسى بن هارون، عن قتيبة أنه قال: نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه. قال الذهبي فهذا قتيبة في إمامته وصدقه قد نقل الإجماع على المسألة. انتهى. وقد نقل ابن القيم كلام قتيبة في كتابه "اجتماع الجيوش الإسلامية" بمثل ما ذكره الذهبي.
6-الإمام علي بن مديني :
وروى شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي بإسناده إلى الحسن بن محمد بن الحارث قال: سئل علي بن المديني وأنا أسمع: ما قول أهل الجماعة؟ قال: يؤمنون بالرؤية وبالكلام، وأن الله عز وجل فوق السموات على عرشه استوى، فسئل عن قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} فقال اقرأ ما قبله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} انتهى. وقد نقله الذهبي في كتاب "العلو" وابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية".
7-إسحاق ابن راهوية :
وقال أبو بكر الخلال في كتاب السنة: أخبرنا أبو بكر المروذي، حدثنا محمد بن الصباح النيسابوري، حدثنا أبو داود الخفاف سليمان بن داود قال: قال إسحاق بن راهويه: قال الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} إجماع أهل العلم أنه فوق العرش استوى ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة. انتهى. وقد نقله الذهبي في كتاب "العلو" وابن القيم في كتاب "اجنماع الجيوش الإسلامية" وقال الذهبي بعد إيراده: اسمع ويحك إلى هذا الإمام كيف نقل الإجماع على هذه المسألة كما نقله في زمانه قتيبة المذكور. انتهى.
8- الإمام أبا زرعة :
وروى الذهبي في كتاب "العلو" بإسناده إلى عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سألت أبي وأبا زرعة رحمهما الله تعالى عن مذهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار، وما يعتقدان من ذلك فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار، حجازا وعراقا ومصرا وشاما ويمنا، فكان من مذهبهم أن الله تبارك وتعالى على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله بلا كيف، أحاط بكل شيء علما، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. انتهى. وقد ذكره ابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش المسلمة" ثم قال: وهذان الإمامان إماما أهل الدين وهما من نظراء أحمد والبخاري رحمهم الله تعالى.
9-الإمام الدارمي :
وقال عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب "النقض" على بشر المريسي: قد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله فوق عرشه فوق سمواته، وقال أيضا: إن الله فوق عرشه يعلم ويسمع من فوق العرش، ولا تخفى عليه خافية من خلقه، ولا يحجبهم عنه شيء. انتهى. وقد نقله الذهبي في كتاب "العلو" وابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية".
10-الإمام إسماعيل الكرماني :
وذكر ابن القيم أيضا في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية" عن حرب بن إسماعيل الكرماني صاحب أحمد وإسحاق أنه قال: والماء فوق السماء السابعة، والعرش على الماء، والله على العرش.
قال ابن القيم: هذا لفظه في مسائله وحكاه إجماعا لأهل السنة من سائر أهل الأمصار. انتهى.
11-الإمام الآجري :
وقال أبو بكر محمد بن الحسين الآجري في كتاب " الشريعة" "باب التحذير من مذاهب الحلولية" ثم ذكر عنهم أنهم يحتجون لمذهبهم بقول الله تعالى في سورة المجادلة: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} وبقوله: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} إلى قوله :{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} قال: فلبسوا على السامع بما تأولوا، وفسروا القرآن على ما تهوى أ،فسهم، فضلوا وأضلوا. قال والذي يذهب إليه أهل العلم أن الله عز وجل على عرشه فوق سمواته، وعلمه محيط بكل شيء، قد أحاط علمه بجميع ما خلق في السموات العلا، وبجميع ما في سبع أرضين وما بينهما وما تحت الثرى، يسمع ويرى، لا يعزب عن الله مثقال ذرة في السموات والأرضين وما بينهن إلا وقد أحاط علمه به، فهو على عرشه سبحانه العلي الأعلى، يرفع إليه أعمال العباد، وهو أعلم بها من الملائكة الذين يرفعونها باليل والنهار.
فإن قال قائل: فأي شيء معنى وله: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} الآية التي يحتجون بها.
قيل: علمه عز وجل، والله على عرشه، وعلمه محيط بهم وبكل شيء من خلقه، كذا فسره أهل العلم، والآية يدل أولها وآخرها على أنه العلم قال الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} إلى قوله: { ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فابتدأ عز وجل الآية بالعلم، وختمها بالعلم، فعلمه محيط بجميع خلقه وهو على عرشه. وهذا قول المسلمين.
قال: وفي كتاب الله عز وجل آيات تدل على أن الله عز وجل في السماء على عرشه، وعلمه محيط بجميع خلقه، وذكر آيات في ذلك، وقد ذكرتها فيما تقدم، ثم قال: "باب ذكر السنن التي دلت العقلاء على أن الله عز وجل على عرشه فوق سبع سمواته، وعلمه محيط بكل شيء، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء" وذكر أحاديث كيرة في ذلك، وقد ذكرتها فيما تقدم ثم قال: فهذه السنن قد اتفقت معانيها، ويصدق بعضها بعضا، وكلها تدل على ما قلنا أن الله عز وجل على عرشه فوق سمواته، وقد أحاط علمه بكل شيء وأنه سميع بصير خبير. انتهى المقصود من كلامه ملخصا. وقد نقل الذهبي في كتاب "العلو" وابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية" بعض كلام الآجري مختصرا إلى قوله: وهذا قول المسلمين.
12-الإمام العبكري :
وقال الإمام الزاهد أبو عبد الله بن بطة العكبري شيخ الحنابلة في كتابه « الإبانة » , « باب الإيمان بأن الله على عرشه بائن من خلقه وعلمه محيط بجميع خلقه » : أجمع المسلمون من الصحابة والتابعين أن الله على عرشه فوق سمواته بائن من خلقه ، فأما قوله : ( وهو معكم ) فهو كما قالت العلماء : علمه . وأما قوله : ( وهو الله في السموات وفي الأرض )معناه أنه هو الله في السموات إله وهو الله في الأرض إله . وتصديقه في كتاب الله : ( و هو الذي في السماء إله و في الأرض إله ) . واحتج الجهمي بقوله : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) فقال : إن الله معنا وفينا . وقد فسر العلماء أن ذلك علمه . ثم قال تعالى في آخرها : ( إن الله بكل شيء عليم ) انتهى وقد نقله عنه الذهبي في كتاب « العلو » وقال : ثم إن ابن بطة سرد بأسانيده أقوال من قال إنه علمه، وهم الضحاك والثوري ونعيم بن حماد وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه .
13-الإمام القيرواني :
وذكر ابن القيم في كتابه « اجتماع الجيوش الإسلامية » عن أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني أنه ذكر في كتابه المفرد في السنة تقرير العلو ، واستواء الرب تعالى على عرشه بذاته أتم تقرير فقال : « فصل » فيما عليه الأمة من أمور الديانة من السنن التي خلافها بدعة وضلالة أن الله سبحانه وتعالى له الأسماء الحسنى ، والصفات العلى لم يزل بجميع صفاته - ثم ذكر جملة من الصفات ومنها : أنه فوق سمواته على عرشه دون أرضه ، وأنه في كل مكان بعلمه - ثم ذكر سائر العقيدة وقال في آخرها : وكل ما قدمنا ذكره فهو قول أهل السنة وأئمة الناس في الفقه والحديث ، وكله قول مالك . انتهى المقصود من كلامه .
14-الإمام الزمنين :
وذكر ابن القيم أيضاً في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عن أبي عبد الله محمد بن أبي زمنين أنه قال في كتابه الذي صنفه في أصول السنة : ومن قول أهل السنة أن الله عز وجل خلق العرش واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق , ثم استوى عليه كيف شاء كما أخبر من نفسه ، قال : ومن قول أهل السنة : أن الله بائن من خلقه محتجب عنهم بالحجب . انتهى . وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية في « الفتوى الحموية الكبرى » .
15-الإمام الزنجاني :
وذكر ابن القيم أيضاً في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » من إمام الشافعية في وقته سعد بن علي الزنجاني أنه قال : أجمع المسلمون على أن الله هو العلي الأعلى ، وأن لله علو الغلبة والعلو الأعلى من سائر وجوه العلو ، فنثبت بذلك أن لله علو الذات ، وعلو الصفات ، وعلو القهر والغلبة . انتهى .
16-الإمام إسماعيل التيمي :
وذكر ابن القيم أيضاً في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عن إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي أنه قال في كتاب « الحجة » : قال علماء السنة : إن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه ، وقال أيضاً : أجمع المسلمون أن الله سبحانه العلي الأعلى . قال : فنثبت أن لله تعالى علو الذات ، وعلو الصفات ، وعلو القهر والغلبة . انتهى .
17-الإمام الباقلاني :
وقال أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني في كتاب « الإبانة » ما ملخصه : فإن قيل فهل تقولون : إنه في كل مكان . قيل : معاذ الله ، بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه فقال : ( الرحمن على العرش استوى ) وقال تعالى :( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) وقال : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ) قال : ولو كان في كل مكان لكان يصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض ، وإلى خلفنا ويميننا وشمالنا , وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه وتخطئة قائله . انتهى . وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في « الفتوى الحموية الكبرى » ونقله الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتابه « اجتماع الجيوش الإسلامية » وأقروه .
18-الإمام الأصبهاني :
وقال الحافظ الكبير أبو نعيم أحمد بن عبدالله بن أحمد الأصبهاني مصنف « حلية الأولياء » في كتاب « الاعتقاد » له : طريقتنا طريقة السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة , ومما اعتقدوه أن الأحاديث التي ثبتت في العرش , واستواء الله عليه يقولون بها ، ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل ، وأن الله بائن من خلقه، والخلق بائنون منه لا يحل فيهم ، ولا يمتزج بهم ، وهو مستو على عرشه في سمائه من دون أرضه . انتهى . وقد نقله شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى والذهبي في كتاب « العلو » ثم قال : فقد نقل هذا الإمام الإجماع على هذا القول ، ولله الحمد . ونقل ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » قوله : طريقنا طريق السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة ، قال : وساق ذكر اعتقادهم ثم قال : ومما اعتقدوه أن الله في سمائه دون أرضه . انتهى .
19-الإمام النيسابوري :
وقال أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري الصابوني في رسالته في السنة : ويعتقد أصحاب الحديث ، ويشهدون أن الله فوق سبع سمواته على عرشه كما نطق به كتابه ، وعلماء الأمة , وأعيان الأئمة من السلف ، لم يختلفوا أن الله على عرشه ، وعرشه فوق سمواته . انتهى . وقد نقله شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى والذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وأقروه .
20-الإمام أبن عبر البر :
وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب « التمهيد » : لما تكلم على حديث النزول في صفحة 128 وما بعدها من الجزء السابع ، قال : هذا حديث ثابت من جهة النقل ، صحيح الإسناد لا يختلف أهل الحديث في صحته ، وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سموات كما قالت الجماعة ، وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم : إن الله عز وجل في كل مكان ، وليس على العرش - إلى أن قال : ومن الحجة في أنه عز وجل على العرش فوق السموات السبع ، أن الموحدين أجمعين من العرب والعجم إذا كربهم أمر أو نزلت بهم شدة رفعوا وجوههم إلى السماء يستغيثون ربهم تبارك وتعالى ، وهذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة من أن يحتاج فيه إلى أكثر من حكايته ، لأنه اضطرار لم يوقفهم عليه أحد ولا أنكره عليهم مسلم .
قال : وأما احتجاجهم بقوله عز وجل : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ) فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية ، لأن علماء الصحابة والتابعين الذين حملت عنهم التأويل في القرآن قالوا في تأويل هذه الآية : هو على العرش ، وعلمه في كل مكان . وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله ، ذكر سنيد عن مقاتل بن حيان ، عن الضحْاك بن مزاحم في قوله : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) الآية قال : هو على عرشه ، وعلمه معهم أينما كانوا . قال وبلغني عن سفيان الثوري مثله . انتهى . وقد نقل شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى جملة من كلامه وتقدم ذكرها . وكذلك الذهبي فإنه نقل بعض كلام ابن عبد البر في كتاب « العلو » ونقله أيضا ابن القيم في كتابه« اجتماع الجيوش الإسلامية » وأقره كل منهم .
21-الإمام ابن قدامة المقدسي :
وقال الشيخ الموفق أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي في كتابه « لمعة الاعتقاد » بعد أن ذكر قول الله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) وقوله : ( أأمنتم من في السماء ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم للجارية : « أين الله ؟ » قالت : في السماء ، قال : « اعتقها فإنها مؤمنة » وقوله : « ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك » وقوله لحصين بن عبيد والد عمران بن حصين : «كم إلهاً تعبد ؟ » قال : سبعة ستة في الأرض وواحد في السماء ، قال : « ومَنْ لرغبتك ورهبتك ؟ » قال: الذي في السماء . قال : « فاترك الستة واعبد الذي في السماء وأنا أعلمك دعوتين » الحديث . وذكر أيضاً حديث الأوعال وفي آخره : « وفوق ذلك العرش ، والله سبحانه فوق ذلك » ثم قال : فهذا وما أشبهه مما أجمع السلف رحمهم الله على نقله وقبوله ، ولم يتعرضوا لرده ولا تأويله ولا تشبيهه ولا تمثيله . انتهى .
وقال الموفق أيضاً في كتاب « إثبات صفة العلو » أما بعد : فان الله تعالى وصف نفسه بالعلو في السماء ، ووصفه بذلك رسوله خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام ، وأجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابة الأتقياء والأئمة من الفقهاء ، وتواترت الأخبار في ذلك على وجه حصل به اليقين , وجمع الله عز وجل عليه قلوب المسلمين ، وجعله مغروزاً في طبائع الخلق أجمعين ، فتراهم عند نزول الكرب يلحظون السماء بأعينهم ، ويرفعون عندها للدعاء أيديهم ، وينتظرون مجيء الفرج من ربهم سبحانه ، ينطقون بذلك بألسنتهم ، لا ينكر ذلك إلا مبتدع غال في بدعته ، أو مفتون بتقليده واتباعه على ضلالته . انتهى . وقد نقله ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وفيه أبلغ رد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية .
22-أبو نعيم صاحب الحلية (336-430) هـ
قال في كتاب الاعتقاد له:
" طريقتنا طريقة السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة ، ومما اعتقدوه:
أن الله لم يزل كاملا بجميع صفاته القديمة ، لا يزول ولا يحول …. وأن القرآن في جميع الجهات مقروءا ومتلوا ومحفوظا ومسموعا ومكتوبا وملفوظا: كلام الله حقيقة لا حكاية ولا ترجمة… وأن الأحاديث التي ثبتت في العرش واستواء الله عليه يقولون بها ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل ، وأن الله بائن من خلقه والخلق بائنون منه لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم ، وهو مستو على عرشه في سمائه من دون أرضه". انتهى.
قال الذهبي: " فقد نقل هذا الإمام الإجماع على هذا القول ولله الحمد ، وكان حافظ العجم في زمانه بلا نزاع … ذكره ابن عساكر الحافظ في أصحاب أبى الحسن الاشعري".
درء التعارض 6/261 ، الفتاوى 5/ 190 ، بيان تلبيس الجهمية 2/ 40 مختصر العلو 261
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ) غنية الطالبين 1/63 , الصواعق المرسلة 4/1279 , ومختصر الصواعق 2/205 .
[2] ) تأويل مختلف الحديث 172 , والتمهيد لابن عبدالبر 7/134 .
[3] ) انظر مجموع الفتاوى 5/320 , واجتماع الجيوش 284 .
[4] ) رد الدلرمي على بشر المربسي 25 .
[5] ) راجع درء التعارض 6/208 , ونقض المنطق 52 , ومجموع الفتاوى 4/61 و 5/275 , والرد على الجهمية للدارمي 20-21 .
[6] ) انظر إثبات العلو لابن قدامة 131 , ودرء التعارض 6/209 , 266 , والحموية 24 , ومجموع الفتاوى 5/20 , 271 , وبيان تلبيس الجهمية 1/127 , وشرح الطحاوية 327 .
[7] ) التوحيد لابن خزيمة 1/254 , وانظر الفتاوى 5/275 .
كنت اتمنى ان تذكر لنا التصورات الاخرى للعلماء المعروفين ... و الذين اثبتوا صفة العلو لله بطريقة اخرى و نسبوها ايضا للسلف الصالح
01 algeroi
2010-09-18, 01:42
كنت اتمنى ان تذكر لنا التصورات الاخرى للعلماء المعروفين ... و الذين اثبتوا صفة العلو لله بطريقة اخرى و نسبوها ايضا للسلف الصالح
كان الأولى أن تدلي برايك الموضوعي وانت ترى هذا السيل الجارف من الأدلة .. فالعبرة بالدليل لا بالتهويل ايها العالم الجليل
جمال البليدي
2010-09-19, 23:40
أقوال الأئمة الأربعة في استواء الله على عرشه فوق سماواته
1-الامام أبو حنيفة:
قال:«من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر, وكذا من قال إنه على العرش ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض» . الفقه الأبسط ص 46، ونقل نحو هذا اللفظ شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/48)، وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص139، والذهبي في العلو ص 101 - 102، وابن قدامة في العلو ص116، وابن أبي العز في شرح الطحاوية ص 301.
ولما سئُل عن النزول الإلهي قال:«ينزل بلا كيف». عقيدة السلف أصحاب الحديث ص42، الأسماء والصفات للبيهقي ص456، وسكت عليه الكوثري ,وشرح العقيدة الطحاوية ص245 , وشرح الفقه الأكبر للقاري ص60.
وقال أبو حنيفة:«والله تعالى يدعى من أعلى لا من أسفل لأن الأسفل ليس من وصف الربوبية والألوهية في شيء»6. الفقه الأبسط ص51.
وقال للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده قال:«إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض, فقال له رجل: أرأيت قول الله تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ) (الحديد: آية 4)، قال: هو كما تكتب للرجل إني معك وأنت غائب عنه»2. الأسماء والصفات ص 429.
وقال: «لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين, وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف, وهو قول أهل السنة والجماعة وهو يغضب ويرضى ولا يقال: غضبه عقوبته ورضاه ثوابه, ونصفه كما وصف نفسه أُحدٌ صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد, حيٌّ قادر سميع بصير عالم, يد الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلقه ووجهه ليس كوجوه خلقه»3. الفقه الأبسط ص56.
روى البيهقي في كتاب « الأسماء والصفات » بإسناده إلى نعيم ابن حماد قال : سمعت نوح بن أبي مريم أبا عصمة يقول : كنا عند أبي حنيفة أول ما ظهر إذ جاءته امرأة من ترمذ كانت تجالس جهماً فدخلت الكوفة فأظنني أقل ما رأيت عليها عشره آلاف من الناس تدعو إلى رأيها فقيل لها : إن ههنا رجلا قد نظر في المعقول يقال له أبو حنيفة . فأتته فقالت : أنت الذي تعلم الناس المسائل وقد تركت دينك . أين إلهك الذي تعبده ؟ فسكت عنها ثم مكث سبعة أيام لا يجيبها ، ثم خرج إليها وقد وضع كتاباً : الله تبارك وتعالى في السماء دون الأرض . فقال له رجل : أرأيت قول الله عز وجل : ( وهو معكم ) قال : هو كما تكتب إلى الرجل إني معك وأنت غائب عنه .
2-الامام مالك:
أخرج أبو داوود عن عبد الله بن نافع قال:« قال مالك : الله في السماء وعلمه في كل مكان». رواه أبو داوود في مسائل الإمام أحمد ص263 , وأخرجه عبد الله بن أحمد في السنة ص11 الطبعة القديمة , وابن عبد البر في التمهيد (7/138).
وأخرج أبو نعيم عن جعفر بن عبد الله قال:« كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله, الرحمن على العرش استوى، كيف استوى .
فما وجد مالك من شيء ما وجد في مسألته , فنظر إلى الأرض وجعل ينكت في بعود يده حتى علاه الرحضاء – يعني العرق – ثم رأسه ورمى العود وقال:« الكيف منه غير معقول, والاستواء منه غير مجهول , والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج» الحلية (6/325 , 326 )، وأخرجه أيضاً الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث ص17-18 , من طريق جعفر بن عبد الله عن مالك وابن عبد البر في التمهيد (7/151) من طريق عبد الله بن نافع عن مالك والبيهقي في الأسماء والصفات ص408، من طريق عبد الله بن وهب عن مالك، قال الحافظ بن حجر في الفتح (13/406 – 407) إسناده جيد وصححه الذهبي في العلو ص103 .
روى أبو داود في كتاب « المسائل » وأبو بكر الآجري في كتاب « الشريعة » من طريق أبي داود ومن طريق الفضل بن زياد كلاهما عن الإمام أحمد بن حنبل قال : حدثني سريج بن النعمان قال : حدثنا عبد الله بن نافع قال : قال مالك بن أنس : الله عز وجل في السماء ، وعلمه في كل مكان لا يخلو من علمه مكان ، وقد رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب « السنة » عن أبيه ، وزاد بعد قوله وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء ، وتلا هذه الآية : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في « القاعدة المراكشية » أن المالكية وغير المالكية نقلوا عن مالك أنه قال : الله في السماء ، وعلمه في كل مكان ، حتى ذكر ذلك مكي خطيب قرطبة في « كتاب التفسير » الذي جمعه من كلام مالك ، ونقله أبو عمر الطلمنكي ، وأبو عمر بن عبد البر ، وابن أبي زيد في المختصر , وغير واحد ونقله أيضاً عن مالك غير هؤلاء ممن لا يحصى عددهم مثل أحمد بن حنبل ، وابنه عبد الله والأثرم والخلال والآجري وابن بطة وطوائف غير هؤلاء من المصنفين في السنة - إلى أن قال : وكلام أئمة المالكية وقدمائهم في الإثبات كثير مشهور حتى علماؤهم حكوا إجماع أهل السنة والجماعة على أن الله بذاته فوق عرشه . انتهى .
3-الامام الشافعي:
قال الشافعي:« القول في السُّنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم وأخذت عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله وأن الله تعالى على عرشه في سمائه يَقرُب من خلقه كيف شاء وأن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء». اجتماع الجيوش الإسلامية ص165 , إثبات العلو ص124 , وانظر مجموع الفتاوى (4/181-183) , والعلو للذهبي ص120 , ومختصره للألباني ص176.
و روى بن قدامة في صفة العلو عن الشافعي أنه قال: "خلافة أبي بكر حق قضاها الله في سمائه، وجمع عليها قلوب أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم.
وأورد الذهبي عن المزني قال:« قلت : إن كان أحد يخرج ما في ضميري وما تعلق به خاطري من أمر التوحيد فالشافعي , فصرت إليه وهو في مسجد مصر , فلما جثوتُ بين يديه قلت : هجس في ضميري مسألة في التوحيد فعلمت أن أحداً لا يعلم علمك، فما الذي عندك فغضب ثم قال : أتدري أين أنت قلت نعم . قال: هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون, أَبَلغَك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك قلت: لا قال: هل تكلم فيه الصحابة, قلت: لا, قال: تدري كم نجماً في السماء ؟ قلت: لا, قال: فكوكب منها تعرف جنسه, طلوعه, أفوله, ممَ خُلق قلت: لا, قال: فشيء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقَه ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت فيها ففرعها على أربعة أوجه فلم أصب في شيء منه فقال : شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات تدع علمه وتتكلف علم الخالق إذ هجس في ضميرك ذلك فارجع إلى قول الله تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (البقرة: الآيتان 163، 164)، فاستدل بالمخلوق على الخالق ولا تتكلف على ما لم يبلغه عقلك»20. سير أعلام النبلاء (10/31)
4-أحمد بن حنبل:
قول الإمام أحمد:« نحن نؤمن بأن الله على العرش كيف شاء وكما شاء بلا حدّ ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد , فصفات الله منه وله وهو كما وصف نفسه لا تدركه الأبصار»25. درء تعارض العقل والنقل (2/30).
وأورد ابن الجوزي في المناقب كتاب أحمد بن حنبل لمسدد22 وفيه:« صفوا الله بما وصف به نفسه , وانفوا عن الله ما نفاه عن نفسه ...»23. مناقب الإمام أحمد ص221.
جاء في كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد قوله:« وزعم – جهم بن صفوان – أن من وصف الله بشيء مما وصف به نفسه في كتابه أو حدّث عن رسوله كان كافراً وكان من المشبهة»24. الرد على الجهمية ص104.
جاء في العقيدة التي رواها أبو العباس الإصطخري عن الإمام احمد في إثبات علو الله تعالى على العرش فوق السماء السابعة , وأنه بائن من خلقه , وأنه مع الخلق بعلمه لا يخلو من علمه مكان . فليراجع كلامه فإنه مهم جداً
وعن عبد الله بن المبارك أنه قيل له : بماذا نعرف ربنا , قال : بأنه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه , ولا نقول كما تقول الجهمية إنه ههنا في الأرض . قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية : وهكذا قال الإمام أحمد وغيره ,
وقال الذهبي : قيل هذا لأحمد بن حنبل فقال : هكذا هو عندنا ,
وروى القاضي أبو الحسن في « طبقات الحنابلة » عن يوسف بن موسى القطان قال : قيل لأبي عبد الله : والله تعالى فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه وقدرته وعلمه بكل مكان , قال : نعم على عرشه , ولا يخلو شيء من علمه .
وذكر الذهبي في كتاب « العلو » عن أبي طالب أحمد بن حميد قال : سألت أحمد بن حنبل عن رجل قال : الله معنا وتلا ): ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم (فقال : قد تجهم هذا , يأخذون بآخر الآية ويَدَعون أولها . هلاّ قرأت عليه) : ألم تر أن الله يعلم (فعلمه معهم . وقال في سورة ق) : ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ( فعلمه معهم .
. وذكر الإمام أحمد في كتاب « الرد على الجهمية » أنهم قالوا : إن الله تحت الأرض السابعة كما هو على العرش , فهو على العرش , وفي السموات , وفي الأرض , ولا يخلو منه مكان , ولا يكون في مكان دون مكان , وتلوا آية من القرآن : ( وهو الله في السموات وفي الأرض ) فقلنا : قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظمة الرب شيء : أجسامكم وأجوافكم وأجواف الخنازير والوحوش , والأماكن القذرة ليس فيها من عظمة الرب شيء . وقد أخبرنا أنه في السماء – ثم ذكر أحمد الأدلة من القرآن على أن الله تعالى في السماء , وقال بعد ذلك : وإنما معنى قول الله جل ثناؤه : ( وهو الله في السموات وفي الأرض ) يقول : هو إله من في السموات , وإله من في الأرض , وهو على العرش , وقد أحاط علمه بما دون العرش , ولا يخلو من علم الله مكان ولا يكون علم الله في مكان دون مكان , فذلك قوله) : لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً ) .
جمال البليدي
2010-09-19, 23:49
أقوال التابعين وأئمة الإسلام عبر العصور:
1-قول كعب الأحبار:
روى أبو صفوان الأموي بإسناده إلى كعب الأحبار قال : قال الله عز وجل في التوراة : « أنا الله فوق عبادي , وعرشي فوق جميع خلقي , وأنا على عرشي أدبر أمور عبادي ، ولا يخفى علي شيء في السماء ولا في الأرض » وقد ذكره الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وقال الذهبي : رواته ثقات . وقال ابن القيم رواه أبو الشيخ وابن بطة وغيرهما بإسناد صحيح عن كعب ، وروى أبو الشيخ في كتاب « العظمة » بإسناد إلى كعب الأحبار قال : إن الله عز وجل خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن ، ثم جعل بين كل سمائين كما بين السماء الدنيا والأرض ، وجعل كثفها مثل ذلك ، ثم رفع العرش فاستوى عليه ، وقد ذكره الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وقال الذهبي الإسناد نظيف .
2-قول قتادة بن دعامة:
روى عثمان بن سعيد الدارمي عنه أنه قال : قالت بنو اسرائيل : يارب أنت في السماء ونحن في الأرض فكيف لنا أن نعرف رضاك وغضبك ؟ قال : إذا رضيت عنكم استعملت عليكم خياركم ، وإذا غضبت عليكم استعملت عليكم شراركم . وقد ذكره الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية »
وقال الذهبي هذا ثابت عن قتادة أحد الحفاظ , وروى ابن جرير في تفسيره عن قتادة في قول الله تعالى : ( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) قال : يعبد في السماء ويعبد في الأرض ، وقد ذكره البخاري في كتاب « خلق أفعال العباد » بدون إسناد ورواه البيهقي في كتاب « الأسماء والصفات » ثم قال : وفي معنى هذه الآية قول الله عز وجل : ( وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون ).
3-قول الضحاك بن مزاحم:
روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب « السنة » وأبو داود في كتاب « المسائل » بإسناد حسن عن الضحاك في قوله تعالى : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ) قال هو على العرش ، وعلمه معهم . وقد رواه ابن جرير في تفسيره ولفظه قال : هو فوق العرش ، وعلمه معهم أينما كانوا ، ورواه الآجري في كتاب « الشريعة » والبيهقي في كتاب « الأسماء والصفات » والقاضي أبو الحسين في « طبقات الحنابلة » وقال بعد إيراده : قال أبو عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - هذه السنة . وذكره ابن عبد البر في التمهيد فقال : ذكر سنيد عن مقاتل بن حيان ، عن الضحاك بن مزاحم في قوله : (مايكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) الآية قال : هو على عرشه ، وعلمه معهم أينما كانوا . قال : وبلغني عن سفيان الثوري مثله . وقد ذكره الذهبي في كتاب « العلو » قال : وفي لفظ « هو فوق العرش وعلمه معهم أينما كانوا » أخرجه أبو أحمد العسال ، وأبو عبد الله بن بطة ، وأبو عمر بن عبد البر بإسناد جيد .
4-قول مالك بن دينار:
روى أبو نعيم في « الحلية » عنه أنه كان يقول : خذوا فيقرأ ثم يقول : اسمعوا إلى قول الصادق من فوق عرشه . قال الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » إسناده صحيح
.
-5التابعي الجليل مسروق :
كان مسروق إذا حدث عن عائشة رضي الله عنها , قال حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرئة من فوق سبع سماوات . ( أخرجه الذهبي في العلو وقال إسناده صحيح ) .
-6أيوب السختياني :
قال أيوب السختياني : إنما مدار القوم على أن يقولوا ليس في السماء شيء . ( أخرجه الذهبي في العلو وقال : هذا إسناد كالشمس وضوحاً وكالأسطوانة ثبوتاً عن سيد أهل البصرة وعالمهم ) .
7- سليمان التيمي :
قال سليمان التيمي رحمه الله : لو سئلت أين الله لقلت في السماء . ( أخرجه الذهبي في العلو ) .
8- مقاتل بن حيان( ت قبل 150 هـ) :
قال عالم خراسان مقاتل بن حيان ( ت قبل 150 هـ ) في قوله تعالى : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) ( المجادلة آية 7 ) : هو على عرشه وعلمه معه . ( أخرجه أبو داود في مسائله ص / 263 بسند حسن ) .
9-الإمام أبو حنيفة(ت 150هـ):
قال الإمام أبو حنيفة : من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر، وكذا من قال إنه على العرش، ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض. [الفقه الأبسط ص49، مجموع الفتاوى لابن تيمية ج5 ص48، اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص139، العلو للذهبي ص101، 102، العلو لابن قدامة ص116، شرح الطحاوية لابن أبي العز ص301]
10-الإمام الأوزاعي( ت 157 هـ ) :
قال عالم الشام الإمام الأوزاعي: كنا والتابعون متوافرون نقول : ( إن الله عز وجل على عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته ) . ( أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات وصححه الذهبي في تذكرة الحفاظ 1/182 ) .
11-الإمام سفيان الثوري ت ( 161 هـ ) :
قال معدان : سألت سفيان الثوري عن قوله عز وجل ( وهو معكم أينما كنتم ) قال : علمه .
( أخرجه الذهبي في السير وإسناده صحيح ) .
قلت : كان الجهمية الاوائل يقولون ان الله في كل مكان - تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا - و يستدلون بآيات المعية !! فلما سُئل الامام الثوري اجاب بأن المعية هنا بالعلم , و الامام الثوري يقر بأن الله فوق عرشه قطعا كما نقل ذلك الامام السجزي حيث قال : ( وأئمتنا كالثوري ومالك وابن عيينة وحماد بن زيد والفضيل وأحمد وإسحاق متفقون على أن الله فوق العرش بذاته وأن علمه بكل مكان ) ( الابانة للسجزي )
12-الإمام مالك ( ت 179 هـ ) :
قال الإمام مالك)) الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء . ( أخرجه أبو داوود في مسائله ص / 263 بسند صحيح ) .
13-الإمام حماد بن زيد( ت 179 هـ ) :
قال الإمام حماد بن زيد: إنما يدورون على أن يقولوا ليس في السماء إله – يعني الجهمية - ( أخرجه الذهبي في العلو بسند صحيح ) .
14-عبد الله ابن المبارك ( ت 181 هـ ) :
شيخ الإسلام عبدالله ابن المبارك قال علي بن حسن بن شقيق : قلت لعبدالله بن المبارك : كيف نعرف ربنا عز وجل ؟ قال : بأنه فوق السماء السابعة على العرش بائن من خلقه . ( أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية بسند صحيح ص / 67 ) .
15- قول أبي عصمة نوح بن أبي مريم :
قال عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب « السنة » حدثني أحمد ابن سعيد الدارمي ، سمعت أبا عصمة وسأله رجل عن الله في السماء هو ؟ فحدث بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين سأل الأمة : « أين الله » ؟ قالت : في السماء . قال : « فمن أنا ؟ » قالت : رسول الله . قال : « اعتقها فإنها مؤمنة » قال : سماها رسول الله صلى الله عليه مؤمنة أن عرفت أن الله في السماء.
16-الامام جرير الضبي محدث الري ( ت 188 هـ ):
) قال جرير بن عبدالحميد رحمه الله : كلام الجهمية أوله عسل وآخره سم وإنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء إله . ( أخرجه الذهبي في العلو بسند جيد ) .
17-قال الإمام عبدالرحمن بن مهدي ( ت 198 هـ ) :
قال : أن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن يكون الله كلم موسى , وأن يكون على العرش , أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم . ( أخرجه الذهبي في العلو وقال نقله غير واحد بإسناد صحيح ) .
18-أبو معاذ البلخي ( ت 199 هـ ) :
قال أبو قدامة السرخسي : سمعت أبا معاذ خالد بن سليمان بفرغانة يقول : ( كان جهم على معبر ترمذ , وكان فصيح اللسان ولم يكن له علم ولا مجالسة لأهل العلم فكلم السمنية فقالوا له صف لنا ربك الذي تعبده فدخل البيت لا يخرج منه , ثم خرج إليهم بعد أيام فقال : هو هذا الهواء مع كل شيء وفي كل شيء ولا يخلو منه شيء فقال أبو معاذ البلخي رحمه الله : ( كذب عدو الله بل الله عز وجل على العرش كما وصف نفسه ) . ( أخرجه الذهبي في العلو بسند صحيح ) .
19-الامام منصور بن عمار ( ت 200 هـ ) :
كتب بشر المريسي إلى منصور بن عمار يسأله عن قوله تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) كيف استوى ؟ فكتب إليه ( استواؤه غير محدود والجواب به تكلف , مساءلتك عنه بدعة , والإيمان بجملة ذلك واجب ) . ( تاريخ الإسلام حوادث ووفيات ( 191 – 200 هـ ) ص / 413 ) .
20-الإمام الشافعي ( ت 204 هـ ) :
قال رحمه الله : القول في السنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها , أهل الحديث الذين رأيتهم فأخذت عنهم مثل : سفيان ومالك وغيرهما : الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله , وأن الله على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء . ( وصية الإمام الشافعي ص / 53 – 54 ) .
وقال أيضاً : ( وأن الله عز وجل يرى في الآخرة ينظر إليه المؤمنين أعياناً جهاراً ويسمعون كلامه وأنه فوق العرش ) . ( وصية الإمام الشافعي ص / 38 – 39 ) .
21- يزيد بن هارون الواسطي ت 206 هـ
:
قال : من زعم أن ( الرحمن على العرش استوى ) على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي . ( أخرجه أبو داوود في المسائل ص / 268 بسند جيد.
22-الامام سعيد بن عامر الضبعي ( ت 208 هـ ) :
ذكر الجهمية فقال : هم شر قول من اليهود والنصارى , قد اجتمع اليهود والنصارى وأهل الأديان مع المسلمين , على أن الله عز وجل على العرش وقالوا هم ليس على شيء . ( كتاب العلو للذهبي )
23-الامام القعنبي ( ت 221 هـ )
قال بنان بن أحمد كنا عند القعنبي رحمه الله فسمع رجلاً من الجهمية يقول : ( الرحمن على العرش استوى ) فقال القعنبي من لا يوقن أن الرحمن على العرش استوى كما يقر في قلوب العامة فهو جهمي . ( كتاب العلو للذهبي )
24-الامام عاصم بن علي – شيخ الإمام البخاري – ت ( 221 هـ ) :
قال رحمه الله : ناظرت جهماً فتبين من كلامه أنه لا يؤمن أن في السماء رباً . ( كتاب العلو )
26-الامام هاشم بن عبيد الله الرازي ت 221 هـ :
قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسن بن يزيد السلمي سمعت أبي يقول : سمعت هشام بن عبيدالله الرازي – وحبس رجلاً في التجهم فتاب فجىء به إليه ليمتحنه – فقال له : أتشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه ؟ فقال لا أدري ما بائن من خلقه , فقال : ردوه فإنه لم يتب بعد . ( العلو )
26-سنيد بن داود المصيصي الحافظ(ت226ه)
قال أبو حاتم الرازي : حدثنا أبو عمران الطرسوسي قال : قلت لسنيد بن داود : هو عز وجل على عرشه بائن من خلقه ؟ قال : نعم ))) ذكره الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية ».
27-بشر الحافي ( ت 227 هـ ) :
قال حمزة بن دهقان قلت لبشر بن الحارث أحب أن اخلوا معك , قال : إذا شئت فيكون يوماً فرأيته قد دخل قبةً فصلى فيها أربعة ركعات لا أحسن أصلي مثلها فسمعته يقول في سجوده : اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الذل أحب إلي من الشرف , اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الفقر أحب إلي من الغنى , اللهم إنك تعلم فوق عرشك أني لا أؤثر على حبك شيئاً , فلما سمعته أخذنا الشهيق والبكاء فقال : اللهم إنك تعلم أني لو أعلم إن هذا هاهنا لم أتكلم . ( السير 10 / ص 473 ) .
28-محمد بن مصعب العابد ( ت 228 هـ ) :
قال :( من زعم انك لا تتكلم ولا ترى في الآخرة فهو كافر بوجهك , أشهد أنك فوق العرش , فوق سبع سماوات , ليس كما تقولوا أعداء الله الزنادقة . ( أخرجه الذهبي في العلو بسند صحيح ) .
29-
الامام الحافظ نعيم بن حماد الخزاعي ( ت 228 هـ ):
أخبرنا أبو صفوان الأموي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن كعب قال قال الله في التوراة أنا الله فوق عبادي وعرشي فوق جميع خلقي وأنا على عرشي أدبر أمور عبادي لا يخفى علي شيء من أمر عبادي في سمائي ولا أرضي وإلي مرجع خلقي فأنبئهم بما خفي عليهم من علمي أغفر لمن شئت منهم بمغفرتي وأعاقب من شئت بعقابي)رواه الذهبي في العلو وصححه الألباني.
30-الامام لغوي زمانه أبو عبدالله ابن الأعرابي ( ت 231 هـ ) :
قال داوود بن علي كنا عند ابن الأعرابي فآتاه رجل فقال : يا أبا عبدالله ما معنى قوله تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) , قال : هو على عرشه كما هو , فقال الرجل ليس كذلك ! إنما معناه استولى , فقال : اسكت ما يدريك ما هذا , العرب لا تقول للرجل استولى على شيء حتى يكون له فيه مضاد فأيهما غلب قيل استولى والله تعالى لا مضاد له فهو على عرشه كما أخبر . ثم قال الإستيلاء بعد المغالبة . ( أخرجه الذهبي في العلو وصححه الألباني ) .
31-أبو معمر القطيعي ( ت 236 هـ ) :
قال رحمه الله : آخر كلام الجهمية انه ليس في السماء إله . (أخرجه الذهبي في العلو )
32- الامام الحافظ إسحاق بن راهويه - شيخ البخاري و مسلم - ( ت 238 هـ ) :
قال رحمه الله : قال الله تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) إجماع أهل العلم أنه فوق العرش استوى , ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة . ( العلو ص / 1128 ) .
33-العزيز بن يحيى الكناني المكي240هـ
قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في الفتاوى : ومن أصحاب الشافعي عبد العزيز بن يحيى الكناني المكي له كتاب « الرد على الجهمية » وقرر فيه مسألة العلو , وأن الله تعالى فوق عرشه . والأئمة في الحديث والفقه والسنة والتصوف المائلون إلى الشافعي , ما من أحد منهم إلا له كلام فيما يتعلق بهذا الباب ما هو معروف يطول ذكره . انتهى .
34-الامام قتيبة بن سعيد 240 هـ
قال : هذا قول الأئمة في الإسلام السنة والجماعة : نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه كما قال جل وعلى ( الرحمن على العرش استوى ) .
35- الإمام أحمد بن حنبل ( ت 241 هـ )
قال في الرد على الجهمية : (فَقُلْنَا لِهمَ أَنْكَرْتُمْ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ, وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: (الرحمن على العرش استوى )
وقال : ( خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش )3
و قال في موضع اخر : ( و قد اخبرنا انه في السماء فقال (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض )
( أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا )
وقال : ( إليه يصعد الكلم الطيب )
وقال : ( إني متوفيك ورافعك إلي )
وقال : ( بل رفعه الله إليه )
وقال : ( يخافون ربهم من فوقهم )
وقال : ( وهو القاهر فوق عباده )
وقال : ( وهو العلي العظيم )
فَهَذَا خَبَرُ اللَّهِ, أَخْبَرَنَا أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ, وَوَجَدْنَا كُلَّ شَيْءٍ أَسْفَلَ مِنْهُ مَذْمُومًا, يَقُولُ اللَّهُ -جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) ( الرد على الجهمية و الزنادقة )
و ايضا : قال ابو بكر الأثرم وحدثني محمد بن ابراهيم القيسي قال قلت لأحمد ابن حنبل يحكى عن ابن المبارك انه قيل له كيف نعرف ربنا قال في السماء السابعة على عرشه قال احمد هكذا هو عندنا
( اثبات صفة العلو للحافظ ابن قدامة )
36- الإمام الرباني محمد بن أسلم الطوسي ( ت 242 هـ ) :
قال : قال لي عبدالله بن طاهر بلغني أنك ترفع رأسك إلى السماء فقلت ولم ؟ وهل أرجوا الخير إلا ممن هو في السماء . ( أخرجه الذهبي في العلو ) .
37- الحارث بن أسد المحاسبي ( ت 243 هـ ) :
قال : ( وأما قوله : ( الرحمن على العرش استوى )
(وهو القاهر فوق عباده ) و ( أأمنتم من في السماء- و ساق ادلة الفوقية و العلو - ثم قال :
وهذه توجب أنه فوق العرش فوق الأشياء كلها متنزه عن الدخول في خلقه لا يخفى عليه منهم خافية لأنه أبان في هذه الآيات أنه أراد به بنفسه فوق عباده لأنه قال ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) يعني فوق العرش والعرش على السماء لأن من كان فوق كل شيء على السماء في السماء ) ( كتاب العقل و فهم القرآن ص 355 , تحقيق القوتلي )
38- الامام الكبير عبدالوهاب الوراق ( ت 250 هـ ) :
قال : من زعم أن الله هاهنا فهو جهمي خبيث , أن الله عز وجل فوق العرش وعلمه محيط بالدنيا والآخرة ( العلو ) .
عقب الامام الذهبي بقوله : ( كان عبد الوهاب ثقة حافظا كبير القدر حدث عنه أبو داود والنسائي والترمذي قيل للإمام أحمد رضي الله عنه من نسأل بعدك فقال سلوا عبد الوهاب وأثنى عليه )
39- الإمام الحافظ الحجة أبو عاصم خشيش بن أصرم ( 253 ه) - شيخ أبي داود والنسائي –
قال في في كتابه الإستقامة:
((وأنكر جهم أن يكون الله في السماء دون الأرض ، وقد دل في كتابه أنه في السماء دون الأرض:
بقوله: ((إني متوفيك ورافعك إلي وطهرك من الذين كفروا)) وقوله : ((وما قتلوه يقيناً))
وقوله : ((بل رفعه الله إليه))
وقال: ((يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه))
وقوله : ((إليه يصعد الكلم الطيب))
وذكر أكثر من 75 دليل من القرآن مثل ((ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور () أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا)) ثم قال:
لو كان في الأرض كما هو في السماء لم ينزل من السماء إلى الأرض شيء ولكان يصعد من الأرض إلى السماء كما ينزل من الأرض إلى السماء ، وقد جاءت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله في السماء دون الأرض ثم ذكر أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم.)) نقله بنصه الملطي الشافعي مرتضياً له في التنبيه والرد ص104.
40-الامام البخاري ( ت256هـ ) :
قال رحمه الله في آخر الجامع الصحيح في كتاب الرد على الجهمية باب قوله تعالى وكان عرشه على الماء :
قال أبو العالية استوى إلى السماء إرتفع
وقال مجاهد في استوى علا على العرش )
و قال ايضا في كتابه خلق أفعال العباد :
(باب ما ذكر أهل العلم للمعطلة الذين يريدون أن يبدلوا كلام الله
- قال حماد بن زيد : "القرآن كلام الله نزل به جبرائيل، ما يجادلون إلا أنه ليس في السماء إله" ص8
- قال ابن المبارك : "لا نقول كما قالت الجهمية إنه في الأرض ههنا، بل على العرش استوى" وقيل له : كيف تعرف ربنا ؟ قال : " فوق سماواته على عرشه " ص8
- قال سعيد بن عامر : " الجهمية أشر قولا من اليهود والنصارى، قد اجتمعت اليهود والنصارى وأهل الأديان أن الله تبارك وتعالى على العرش، وقالوا هم : ليس على شيء " ص9 )
41-إمام خراسان الامام الذهلي ( ت 258 هـ ) :
قال الحاكم قرأت بخط أبي عمرو المستملي سئل محمد بن يحيى عن حديث عبد الله بن معاوية عن النبي ليعلم العبد أن الله معه حيث كان فقال يريد أن الله علمه محيط بكل ما كان والله على العرش ( العلو للذهبي ص186 )
42-الامام الكبير أبو زرعة الرازي ( ت 264 هـ ) :
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم : سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين , وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان في ذلك فقالا : أدركنا العلماء في جميع الأمصار – حجازاً وعراقاً ويمناً – فكان من مذهبهم وأن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بلا كيف , أحاط بكل شيء علماً , ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) . ( كتاب شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة للإمام اللالكائي , 1 / ص 198 ) .
43-الامام اللغوي ابن قتيبة الدينوري ( ت 276 هـ )
قال : (والأمم كلها عربيها وعجميها تقول إن الله تعالى في السماء ما تركت على فطرها ولم تنقل عن ذلك بالتعليم وفي الحديث إن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمة أعجمية للعتق فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله تعالى فقالت في السماء قال فمن أنا قالت أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام هي مؤمنة ( كتاب تأويل مختلف الحديث ص 272)
و قال ايضا في موضع اخر : (وكيف يسوغ لأحد أن يقول إنه بكل مكان على الحلول مع قوله ( الرحمن على العرش استوى ) أي استقر كما قال ( فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك ) أي استقررت ومع قوله تعالى ( إليه يصعد الكلم الطيب والعلم الصالح يرفعه )وكيف يصعد إليه شيء هو معه أو يرفع إليه عمل وهو عنده وكيف تعرج الملائكة والروح إليه يوم القيامة وتعرج بمعنى تصعد يقال عرج إلى السماء إذا صعد والله عز وجل ذو المعارج والمعارج الدرج فما هذه الدرج وإلى من تؤدي الأعمال الملائكة إذا كان بالمحل الأعلى مثله بالمحل الأدنى ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق سبحانه لعلموا أن الله تعالى هو العلي وهو الأعلى وهو بالمكان الرفيع وأن القلوب عند الذكر تسمو نحوه والأيدي ترفع بالدعاء إليه ومن العلو يرجى الفرج ويتوقع النصر وينزل الرزق )
44-الحافظ الكبير إمام اهل الجرح و التعديل أبي حاتم محمد بن ادريس الحنظلي الرازي 277) هـ )
قال الحافظ أبو القاسم الطبري وجدت في كتاب أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي مما سمع منه يقول مذهبنا وإختيارنا: إتباع رسول الله وأصحابه والتابعين من بعدهم والتمسك بمذاهب أهل الأثر مثل الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد رحمهم الله تعالى ولزوم الكتاب والسنة ونعتقد أن الله عزوجل على عرشه بائن من خلقه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ( أخرجه الذهبي في العلو ) .
45- الإمام أبو عيسى الترمذي ( ت 279 هـ ) :
قال رحمه الله : وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه . ( جامع الترمذي ) .
46- أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني ( ت280 هـ ) :
قال في في مسائله التي نقلها عن أحمد بن إسحاق وغيرهما : ( وهو سبحانه بائن من خلقه ولا يخلو من علمه مكان , ولله العرش وللعرش حملة يحملونه .- الى ان قال - والله على عرشه عز ذكره وتعالى جده ولا إله غيره ) . ( درء تعارض العقل والنقل 2 / ص 22 – 23 ) .
47-الحافظ عثمان بن سعيد الدارمي ( ت 280 هـ ) :
قال :( قد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله فوق عرشه فوق سماواته ) , ( كتاب نقض عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد ) . قال الذهبي معلقاً : كان عثمان الدارمي جذعاً في أعين المبتدعة . ( كتاب السير , 13 / 322 )
48-ابو العباس ثعلب إمام العربية ( ت 291 هـ ) :
قال الحافظ أبو القاسم اللالكائي في كتاب السنة : وجدت بخط أبي الحسن الدارقطني رحمه الله ، عن إسحاق الهادي ، قال : سمعت أبا العباس ثعلبا يقول : استوى : أقبل عليه وإن لم يكن معوجا (ثم استوى إلى السماء ) أقبل ( و استوى على العرش ) : علا واستوى وجهه : اتصل واستوى القمر : امتلأواستوى زيد وعمرو تشابها واستوى فعلاهما وإن لم تتشابه شخوصهما هذا الذي يعرف من كلام العرب ) ( شرح اعتقاد اهل السنة و الجماعة للامام اللالكائي 3\443 )
49- حماد البوشنجي الحافظ(ت291هـ)
روى الإسلام الهروي بإسناده إلى حماد بن هناد البوشنجي قال : هذا ما رأينا عليه أهل الأمصار , وما دلت عليه مذاهبهم فيه , وإيضاح منهاج العلماء وصفة السنة وأهلها , أن الله فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه . وعلمه وسلطانه وقدرته بكل مكان . انتهى . ونقله الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » .
50-الإمام مسند العصر أبو مسلم الكجي الحافظ ( ت 292 هـ ) :
روى قصة ملخصها ما قاله :
)خرجت فإذا الحمام قد فتح سحرا فقلت للحمامي أدخل أحد قال لا فدخلت فساعة افتتحت الباب قال لي قائل أبو مسلم أسلم تسلم ثم أنشأ يقول
لك الحمد إما على نعمة ... وإما على نقمة تدفع
تشاء فتفعل ما شئته ... وتسمع من حيث لا نسمع
قال فبادرت وخرجت وأنا جزع فقلت للحمامي أليس زعمت أنه ليس في الحمام أحد قال ذاك جني يتزايا لنا في كل حين وينشدنا فقلت هل عندك من شعره شيء قال نعم وأنشدني :
أيها المذنب المفرط مهلا ... كم تمادى وتكسب الذنب جهلا
كم وكم تسخط الجليل بفعل ... سمج وهو يحسن الصنع فعلا
كيف تهدي جفون من ليس يدري ... أرضي عنه من على العرش أم لا ) ( رواه الذهبي في العلو بسنده و صححه الالباني )
جمال البليدي
2010-09-19, 23:57
51-عمرو بن عثمان المكي ( ت 297 هـ ) :
صنف كتاباً سماه ( التعرف بأحوال العباد والمتعبدين ) قال باب ما يجيب الشيطان للتائبين فذكر في التوحيد , فقال : من أعظم ما يوسوس في التوحيد بالتشكل أو في صفات الرب بالتمثيل والتشبيه أو بالجحد لها والتعطيل فقال بعد ذكر حديث الوسوسة :
(فلا تذهب فى أحد الجانبين لا معطلا ولا مشبها وأرض لله بما رضى به لنفسه وقف عند خبره لنفسه مسلما مستسلما مصدقا بلا مباحثة التنفير ولا مناسبة التنقير الى أن قال فهو تبارك وتعالى القائل انا الله لا الشجرة الجائى قبل أن يكون جائيا لا أمره المتجلى لأوليائه فى المعاد فتبيض به وجوههم وتفلج به على الجاحدين حجتهم المستوى على عرشه بعظمة جلاله فوق كل مكان تبارك و تعالى .)
و قال ايضا : (النازل كل ليلة الى سماء الدنيا ليتقرب اليه خلقه بالعبادة وليرغبوا اليه بالوسيلة القريب فى قربه من حبل الوريد البعيد فى علوه من كل مكان بعيد ولا يشبه بالناس .
الى أن قال : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه القائل أأمنتم من فى السماء ان يخسف بكم الأرض فإذا هى تمور
أم أمنتم من فى السماء أن يرسل عليكم حاصبا تعالى وتقدس أن يكون فى الأرض كما هو فى السماء جل عن ذلك علوا كبيرا أهـ ( مجموع الفتاوى 5 / 62 )
52-الامام الحافظ ابن أبي شيبة ( ت 297 هـ ):
قال في كتابه العرش : فهو فوق السماوات وفوق العرش بذاته متخلصاً من خلقه بائناً منهم علمه في خلقه لا يخرجون من علمه . ( كتاب العرش 51 )
53- الإمام المحدث زكريا الساجي ( ت 307 هـ ) :
القول في السنة التي رأيت عليها أهل الحديث الذين لقيتهم أن الله على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء . ( تذكر الحفاظ ص 710 ) .
54- الإمام الحافظ شيخ المفسرين محمد بن جرير الطبري ( ت 310 هـ )
قال في تفسير قوله تعالى ( وهو معكم أينما كنتم ) يقول : وهو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم يعلمكم ويعلم أعمالكم ومتقلبكم ومثواكم , وهو على عرشه فوق سماواته السبع . ( تفسير الطبري 27 / 216 )
و قال رحمه الله في تفسيره : ( وأولى المعاني بقول الله جل ثناؤه : { ثم استوى إلى السماء فسواهن } علا عليهن وارتفع فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سموات )
و قال رحمه الله في تفسيره لسورة الملك (( {أم أمنتم من في السماء} وهو الله ))
و قال ايضا رحمه الله : (وعني بقوله : { هو رابعهم } بمعنى أنه مشاهدهم بعلمه وهو على عرشه )
وقال ايضا في تفسير سورة المعارج (( يقول تعالى ذكره: تصعد الملائكة والروح، وهو جبريل عليه السلام إليه، يعني إلى الله عز و جل ))
55 -ابن الأخرم ( ت 311 هـ ) :
قال رحمه الله :الله تعالى على العرش وعلمه محيط بالدنيا والآخرة . ( تذكر الحفاظ / 747 )
56- إمام الأئمة ابن خزيمة رحمه الله ( ت 311 هـ ) :
قال رحمه الله : من لم يقر بإن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سماواته فهو كافر بربه , يستتاب فإن تاب وألا ضربت عنقه وألقي على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون والمعاهدون بالنتن ريحة جيفته , وكان ماله فيئاً لا يرثه أحد من المسلمين إذ المسلم لا يرث الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم . ( كتاب التوحيد )
57- نفطويه شيخ العربية ( ت 323 هـ ) :
صنف الإمام أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي نفطويه كتابا في الرد على الجهمية وذكر فيه أشياء منها قول ابن العربي الذي مضى ثم قال وسمعت داود بن علي يقول كان المريسي لا رحمه الله يقول سبحان ربي الأسفل , قال : وهذا جهل من قائله ورد لنص كتاب الله إذ يقول ( أأمنتم من في السماء) ( العلو للذهبي )
58-
الامام أبو الحسن الأشعري إمام الفرقة الأشعرية ( ت 324 هـ ) :
قال في كتابه الإبانة : ( فإن قال قائل ما تقولون في الإستواء ؟ قيل : نقول إن الله مستو على عرشه كما قال ( الرحمن على العرش استوى ) وقال: ( إليه يصعد الكلم الطيب ) وقال : ( بل رفعه الله إليه ) , وقال حكاية عن فرعون ( وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا )
كذّب موسى في قوله إن الله فوق السموات , وقال عزوجل : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) فالسموات فوقها العرش فلما كان العرش فوق السموات وكل ما علا فهو سماء وليس إذا قال ( أأمنتم من في السماء ) يعني جميع السموات وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السموات ألا ترى أنه ذكر السموات فقال وجعل القمر فيهن نورا ولم يرد أنه يملأهن جميعا )
و قال في موضع اخر : ( ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله مستو على العرش الذي هو فوق السماوات فلولا أن الله على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية إن معنى استوى إستولى وملك وقهر وأنه تعالى في كل مكان وجحدوا أن يكون على عرشه كما قال أهل الحق وذهبوا في الإستواء إلى القدرة فلو كان كما قالوا كان لا فرق بين العرش وبين الأرض السابعة لأنه قادر على كل شيء والأرض شيء فالله قادر عليها وعلى الحشوش , وكذا لو كان مستويا على العرش بمعنى الإستيلاء لجاز أن يقال هو مستو على الأشياء كلها ولم يجز عند أحد من المسلمين أن يقول إن الله مستو على الأخلية والحشوش فبطل أن يكون الإستواء الإستيلاء ) ( الإبانة للأشعري و ذكر نحوه عدد من اهل العلم كالذهبي و غيره و ذكر انه شهره الحافظ ابن عساكر , و هذا الكتاب مرجع للاشعرية عند دفاعهم عن امامهم , و ممن نقل هذا الكلام منه من المتأخرين : الامام مرعي الكرمي – ت1033 هـ-
و قال في كتابه الذي سماه إختلاف المضلين ومقالات الإسلاميين فذكر فرق الخوارج والروافض والجهمية وغيرهم إلى أن قال : ذكر مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث جملة قولهم الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله .. الى ان قال : وإنه على العرش كما قال : ( الرحمن على العرش استوى ) ولا نتقدم بين يدي الله بالقول بل نقول استوى بلا كيف ) ( قال الذهبي : نقلها ابن فورك بهيئتها في كتابه المقالات و الخلاف بين الاشعري و ابن كلاب )
59-شيخ الحنابلة الامام أبو الحسن علي البربهاري ( ت 329 هـ:
قال : (وهو على عرشه استوى وعلمه بكل مكان ولا يخلو من علمه مكان ) ( شرح السنة للبربهاري ص1 )
60- الوزير علي بن عيسى ( ت 334 هـ ) :
قال محمد بن علي بن حبيش : دخل أبو بكر الشبلي رحمه الله دار المرضى ليعالج فدخل عليه الوزير بن عيسى عائدا فقال الشبلي ما فعل ربك ؟ قال : الرب عز وجل في السماء يقضي ويمضي . ( العلو 1258 )
-61 العلامة الفقيه أبوبكر الصبغي ( ت 342 هـ )
قال رحمه الله: قد تضع العرب في موضع على قال الله تعالى ( فسيحوا في الأرض ) وقال ( ولأصلبنكم في جذوع النخل )ومعناه على الأرض وعلى النخل فكذلك قوله ( من في السماء ) أي من على العرش كما صحت الأخبار عن رسول الله ( كتاب العلو ص1264)
62-شيخ المالكية العلامة ابو إسحاق محمد بن القاسم ابن شعبان المالكي ( ت355 هـ ) :
قال الذهبي رأيت له تأليفا في تسمية الرواة عن مالك، أوله (أوله: الحمد لله الحميد، ذي الرشد والتسديد، والحمد لله أحق مابدي، وأولى من شكر الواحد الصمد، جل عن المثل فلا شبه له ولا عدل، عال على عرشه، فهو دان بعلمه، وذكر باقي الخطبة، ولم يكن له عمل طائل في الرواية. ( السير 16 / 79 )
63- الإمام أبوبكر الآجري ( ت 360 هـ
قال) في كتابه الشريعة : والذي يذهب به أهل العلم أن الله عز وجل على عرشه فوق سماواته وعلمه محيط بكل شيء . ( كتاب الشريعة )
-وفي موضع آخر قال : ( وفي كتاب الله عز وجل آيات تدل على أن الله تبارك وتعالى في السماء على عرشه وعلمه محيط بجميع خلقه ) ثم ذكر آيات دالة على العلو وذكر جملة من الأحاديث إلى أن قال : ( هذه السنن قد اتفقت معانيها , ويصدق بعضها بعضاً وكلها تدل على من قلنا أن الله عز وجل على عرشه فوق سماواته وقد أحاط علمه بكل شيء وانه سميع بصير عليم خبير . )
و قال ايضا في موضع اخر من كتابه الشريعة :
- (وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن يقولوا في السجود : [ سبحان ربي الأعلى ثلاثا ]
وهذا كله يقوي ما قلنا : أن الله عز وجل العلي الأعلى : على عرشه فوق السموات العلا وعلمه محيط بكل شيء خلاف ما قالته الحلولية نعوذ بالله من سوء مذهبهم ) ص 295
64-الحافظ الامام أبو الشيخ ( ت 369 هـ ) :
قال في كتاب العظمة : له ذكر عرش الرب تبارك وتعالى وكرسيه وعظم خلقهما و علو الرب فوق عرشه . ثم ساق جملة من الأحاديث في ذلك . ( العظمة 2 / 543 ) .
65- العلامة أبوبكر الإسماعيلي ) ت 371 هـ )
قال في كتاب إعتقاد أئمة الحديث ص 50 : يعتقدون إن الله تعالى ... استوى على العرش , بلا كيف , إن الله انتهى من ذلك إلى إنه استوى على العرش ولم يذكر كيف كان استواؤه .
66-أبو الحسن بن مهدي المتكلم ( ت 380 هـ ) :
قال في كتابه مشكل الآيات : في باب قوله ( الرحمن على العرش استوى )
( أعلم أن الله في السماء فوق كل شيء مستو على عرشه بمعنى أنه عال عليه ومعنى الإستواء الإعتلاء كما تقول العرب إستويت على ظهر الدابة وإستويت على السطح بمعنى علوته وإستوت الشمس على رأسي واستوى الطير على قمة رأسي بمعنى علا في الجو فوجد فوق رأسي )
-و قال ايضا : ( فالقديم جل جلاله عال على عرشه , يدلك على أنه في السماء عال على عرشه قوله : ( أأمنتم من في السماء ) وقوله : ( يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ) وقوله : ( إليه يصعد الكلم الطيب وقوله ثم يعرج إليه )
(العلو للذهبي , و كذا كتاب الكلمات الحسان نقله صاحبه عن المخطوط الأصلي لكتاب أبي الحسن بن مهدي الموجود في مكتبة طلعت في مصر ورقة 132 )
67- الإمام الزاهد أبو عبدالله بن بطة العكبري ( ت 387 هـ ) :
قال :أجمع المسلمون من الصحابة والتابعين وجميع أهل العلم من المؤمنين أن الله تبارك وتعالى على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه وعلمه محيط بجميع خلقه لا يأبى ذلك ولا ينكره إلا من انتحل مذاهب الحلولية . )
- و قال في موضع اخر : ( و قال : ( الرحمن على العرش استوى ) فهذا خبر الله أخبر به عن نفسه , و أنه على العرش .( المختار من الإبانة
- و قال أيضا في موضع آخر : ( و قال ( يخافون ربهم من فوقهم ) فأخبر انه فوق الملائكة , و قد أخبرنا الله تعالى انه في السماء على العرش , أوَ مَا سمع الحلولي قول الله تعالى { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) } ) ( المختار من الإبانة 3\136 -144 )
- و قال ايضا : (وَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ0 ) ( متن كتاب الشرح و الإبانة )
قال الحافظ ابن حجر عن الإمام ابن بطة : (كان إماما في السنة ) لسان الميزان ( 4\113 )
68-الإمام أبو محمد بن أبي زيد القيرواني المالكي ( ت 386 هـ ) :
قال في كتابه الجامع ( ص 139 – 141 ) ( مما اجتمعت الأئمة عليه من أمور الديانة ومن السنن التي خلافها بدعه وضلالة أن الله تبارك وتعالى فوق سماواته على عرشه دون أرضه وإنه في كل مكان بعلمه .)
ثم قال في آخره : وكل هذا قول مالك ، فمنه منصوص من قوله ومنه معلوم من مذهبه
-وقال رحمه الله في أول رسالته المشهور في مذهب الإمام مالك ( وإنه فوق عرشه المجيد بذاته وهو بكل مكان بعلمه ) . ( مقدمة ابن أبي زيد القيرواني لكتابه الرسالة ص 56 ) .
قال الحافظ الذهبي عن الإمام ابن أبي زيد القيرواني : (وكان رحمه الله على طريقة السلف في الاصول، لا يدري الكلام، ولا يتأول، فنسأل الله التوفيق.) السير ( 12\17 )
69-الإمام الحافظ محدث الشرق ابن مندة ( ت 395 هـ ) :
قال في كتابه التوحيد : ذكرُ الآي المتلوة والأخبار المأثورة في أن الله عز وجل على العرش فوق خلقه بائن عنهم وبدء خلق العرش والماء . ثم ذكر ثلاث آيات في استواء الرحمن على العرش .( 3\185 )
- وقال رحمه الله : ذكر الآيات المتلوة والأخبار المأثورة بنقل الرواة المقبولة التي تدل على أن الله تعالى فوق سماواته وعرشه وخلقه قاهراً لهم عالماً بهم . ثم ذكر آيات دالة على العلو وساق جملة من الأحاديث في ذلك . ( كتاب التوحيد 3 / 185 – 190 ) .
70-الإمام ابن أبي زمنين ( ت 399 هـ) :
) قال : ومن قول أهل السنة أن الله عز وجل خلق العرش واختصه بالعلو والإرتفاع فوق جميع ما خلق وسبحان من بَعُدَ فلا يُرى وقَرُبَ بعلمه فسمع النجوى . ( أصول السنة ص / 88 ) .
- 71 القاضي أبوبكر محمد بن الطيب الباقلاني الأشعري ( 403 هـ ) :
جاء في كتاب التمهيد : فإن قالوا فهل تقولون إنه في كل مكان قيل معاذ الله بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه فقال تعالى : ( الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ) . ( التمهيد ص / 260 )
- ثم قال في موضع آخر : ولا يجوز أن يكون معنى استواؤه على العرش هو استيلاؤه عليه ؛ لأن الإستيلاء هو القدرة والقهر والله تعالى لم يزل قادراً قاهراً عزيزاً مقتدراً . (التمهيد ص\260 – 262 )
قال الحافظ الذهبي معلقا على كلام الباقلاني
( فهذا النفس نفس هذا الإمام وأين مثله في تبحره وذكائه وبصره بالملل والنحل فلقد امتلأ الوجود بقوم لا يدرون ما السلف ولا يعرفون إلا السلب ونفي الصفات وردها صم بكم غتم عجم يدعون إلى العقل ولا يكونون على النقل فإنا لله وإنا إليه راجعون ) العلو
72- الشيخ العلامة أبوبكر بن محمد ابن موهب المالكي ( ت 406 هـ ) :
قال في شرحه لرسالة الإمام محمد بن أبي زيد القيرواني : ( أما قوله إنه فوق عرشه المجيد بذاته , فمعنى فوق وعلى عند جميع العرب واحد وبالكتاب والسنة تصديق ذلك .
- وساق حديث الجارية والمعراج إلى سدرة المنتهى
إلى أن قال : ( وقد تأتي لفظة في في لغة العرب بمعنى فوق كقوله فأمشوا في مناكبها و في جذوع النخل و أأمنتم من في السماء قال أهل التأويل يريد فوقها وهو قول مالك مما فهمه عمن أدرك من التابعين مما فهموه عن الصحابة مما فهموه عن النبي أن الله في السماء يعني فوقها وعليها فلذلك قال الشيخ أبو محمد إنه فوق عرشه ثم بين أن علوه فوق عرشه إنما هو بذاته لأنه تعالى بائن عن جميع خلقه بلا كيف وهو في كل مكان بعلمه لا بذاته لا تحويه الأماكن وأنه أعظم منها )
- و قال ايضا : ( ثم بين أن علوه فوق عرشه إنما هو بذاته ، لأنه تعالى بائن عن جميع خلقه بلا كيف ، وهو في كل مكان بعلمه لا بذاته ، لا تحويه الأماكن وأنه أعظم منها ، وقد كان ولا مكان .... ) ، نقله عنه الحافظ الذهبي في كتاب العلو ص 264
و العلامة ابن موهب من أخص تلامذة الامام ابن أبي زيد و هو أعرف بأقواله من المتأخرين الذين حرّفوا كلام الامام ابن ابي زيد بكل صفاقة و الله المستعان
-73الإمام العارف معمر بن أحمد بن زياد الأصبهاني ( ت418 هـ ) :
قال في وصيته لأصحابه : " وإن الله استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل والاستواء معقول والكيف فيه مجهول . وأنه عز وجل مستو على عرشه بائن من خلقه والخلق منه بائنون ; بلا حلول ولا ممازجة ولا اختلاط ولا ملاصقة ; لأنه الفرد البائن من الخلق الواحد الغني عن الخلق ) ( الفتوى الحموية لابن تيمية )
74-الإمام الحافظ أبو القاسم اللالكائي ( ت418 هـ ) :
قال رحمه الله في كتابه النفيس شرح أصول اعتقاد اهل السنة: (سياق ما روي في قوله تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) وأن الله على عرشه في السماء وقال عز وجل ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) وقال : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض )وقال : ( وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة ) فدلت هذه الآيات أنه تعالى في السماء وعلمه بكل مكان من أرضه وسمائه . وروى ذلك من الصحابة : عن عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأم سلمة ومن التابعين : ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، وسليمان التيمي ، ومقاتل بن حيان وبه قال من الفقهاء : مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، وأحمد بن حنبل )( شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة 3 \429-430 )
75-السلطان العادل يمين الدولة محمود سبكتكين ( ت421 هـ ) :
قال أبو علي بن البناء: حكى علي بن الحسين العكبري أنه سمع أبا مسعود أحمد بن محمد البجلي قال: دخل ابن فورك على السلطان محمود، فقال: لا يجوز أن يوصف الله بالفوقية لان لازم ذلك وصفه بالتحتية، فمن جاز أن يكون له فوق، جاز أن يكون له تحت.
فقال السلطان: ما أنا وصفته حتى يلزمني، بل هو وصف نفسه.
فبهت ابن فورك، فلما خرج من عنده مات , فيقال: انشقت مرارته.) ( سير أعلام النبلاء 17\487 )
76-المفسر الأصولي يحيي بن عمار ( ت 422 هـ ) :
قال رحمه الله : ( كل مسلم من أول العصر الى عصرنا هذا اذا دعا الله سبحانه رفع يديه الى السماء . و المسلمون من عهد النبي صلى الله عليه وسلم الى يومنا هذا يقولون في الصلاة ما أمرهم الله به في قوله : ( سبح اسم ربك الأعلى ) – الى ان قال :
و نقول : هو بذاته على العرش , و علمه محيط بكل شيء )
- و قال ايضا : ( و لا نقول كما قالت الجهمية انه مداخل للأمكنة و ممازج لكل شيء و لا نعلم أين هو ؟ بل نقولُ هو بذاته على العرش و علمه محيط بكل شيء و علمه و سمعه و بصره و قدرته مدركة لكل شيء و ذلك معنى قوله : ( و هو معكم أين ما كنتم ) فهذا الذي قلناه هو ما قاله الله و قاله الرسول ( الحجة في بيان المحجة 2 \ 106 – 107 )
77- الامام الحافظ أبوعمر الطلمنكي المالكي ( ت429 هـ ) :
قال في كتابه الوصول الى معرفة الأصول : (أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله ( وهو معكم أينما كنتم ) ونحو ذلك من القرآن أنه علمه وأن الله تعالى فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء ) ( العلو للذهبي و اجتماع الجيوش لابن القيم)
- و قال ايضا في نفس الكتاب : (أجمع المسلمون من أهل السنة على أن الله استوى على عرشه بذاته ) ( اجتماع الجيوش لابن القيم )
- وقال في هذا الكتاب أيضا : ( أجمع أهل السنة على أنه تعالى استوى على عرشه على الحقيقة لا على المجاز ) ثم ساق بسنده عن مالك قوله : ( الله في السماء وعلمه في كل مكان )
قال الامام الذهبي : (كان الطلمنكي من كبار الحفاظ وأئمة القراء بالأندلس )
78-الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبدالله الأصبهاني الشافعي ( ت430 هـ )
قال في مصنف حلية الأولياء, قال في كتاب الإعتقاد له : ( طريقتنا طريقة السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة ومما اعتقدوه أن الله لم يزل كاملا بجميع صفاته القديمة لا يزول ولا يحول لم يزل عالما بعلم بصيرا ببصر سميعا بسمع متكلما بكلام ثم أحدث الأشياء من غير شيء وأن القرآن كلام الله وكذلك سائر كتبه المنزلة كلامه غير مخلوق وأن القرآن في جميع الجهات مقروءا ومتلوا ومحفوظا ومسموعا ومكتوبا وملفوظا كلام الله حقيقة لا حكاية ولا ترجمة وأنه بألفاظنا كلام الله غير مخلوق وأن الواقفة واللفظية من الجهمية وأن من قصد القرآن بوجه من الوجوه يريد به خلق كلام الله فهو عندهم من الجهمية وأن الجهمي عندهم كافر إلى أن قال وأن الأحاديث التي ثبتت في العرش وإستواء الله عليه يقولون بها ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل وأن الله بائن من خلقه والخلق بائنون منه لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم وهو مستو على عرشه في سمائه من دون أرضه )( العلو للذهبي ص 243 )
وقال رحمه الله فى كتابه محجة الواثقين ومدرجة الوامقين تأليفه : ( وأجمعوا أن الله فوق سمواته عال على عرشه مستو عليه لا مستول عليه كما تقول الجهمية أنه بكل مكان خلافا لما نزل فى كتابه أأمنتم من فى السماء اليه يصعد الكلم الطيب الرحمن على العرش استوى (مجموع الفتاوى لابن تيمية 5/60 )
-79إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي(535ه):
ذكر ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه قال في كتاب « الحجة » « باب في بيان استواء الله على عرشه » قال الله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) وذكر آيات ثم قال : قال أهل السنة : الله فوق السموات لا يعلوه خلق من خلقه , ومن الدليل على ذلك أن الخلق يشيرون إلى السماء بأصابعهم , ويدعونه ويرفعون إليه رءوسهم وأبصارهم – ثم قال : « فصل في بيان أن العرش فوق السموات وأن الله سبحانه وتعالى فوق العرش » إلى أن قال : قال علماء السنة : إن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه . وقالت المعتزلة : هو بذاته في كل مكان – إلى أن قال : وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) قال : هو على عرشه , وعلمه في كل مكان – إلى أن قال : وزعم هؤلاء – يعني المعتزلة – أنه لا تجوز الإشارة إلى الله سبحانه بالرءوس والأصابع إلى فوق , فإن ذلك يوجب التحديد , وقد أجمع المسلمون أن الله سبحانه العلي الأعلى , ونطق بذلك القرآن , فزعم هؤلاء أن ذلك بمعنى علو الغلبة لا علو الذات . وعند المسلمين أن لله عز وجل علو الغلبة , والعلو من سائر وجوه العلو , لأن العلو صفة مدح فنثبت أن لله تعالى علو الذات وعلو الصفات وعلو القهر والغلبة . وفي منعهم الإشارة إلى الله سبحانه وتعالى من جهة الفوق خلاف منهم لسائر الملل , لأن جماهير المسلمين وسائر الملل قد وقع منهم الإجماع على الإشارة إلى الله سبحانه وتعالى من جهة الفوق في الدعاء والسؤال , واتفاقهم بإجماعهم على ذلك حجة , ولم يستجز أحد الإشارة إليه من جهة الأسفل ولا من سائر الجهات سوى جهة الفوق . انتهى المقصود من كلامه
-80 أبي نصر السجزي(ت 444هـ)
لقد نقل في كتابه الإبانة عن الثوري ومالك والحمادين وسفيان بن عيينة والفضيل وابن المبارك وأحمد وإسحاق أنهم متفقون على أن الله سبحانه بذاته فوق العرش وعلمه بكل مكان .
وقال في كتابه(الرد على من أنكر الحرف والصوت ص123 : ((وعند أهل الحق أن الله سبحانه مباين لخلقه بذاته فوق العرش بلا كيفية بحيث لا مكان))
81- أبي عثمان الصابوني(ت449هـ):
قد ذكرت عنه فيما تقدم أنه نقل عن أصحاب الحديث أنهم يعتقدون ويشهدون أن الله فوق سبع سمواته على عرشه كما نطق به كتابه , وأن علماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف لم يختلفوا أن الله على عرشه وعرشه فوق سمواته .
-82قول أبي عمرو عثمان بن أبي الحسن بن الحسين السهروردي الفقيه المحدث من أئمة أصحاب الشافعي:
ذكر ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه قال في كتابه في أصول الدين : ومن صفاته تبارك وتعالى فوقيته واستواؤه على عرشه بذاته كما وصف نفسه في كتابه , وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بلا كيف – ثم ذكر الأدلة على ذلك من القرآن إلى أن قال : وعلماء الأمة واعيان الأئمة من السلف لم يختلفوا في أن الله سبحانه مستو على عرشه . وعرشه فوق سبع سمواته , ثم ذكر كلام عبد الله بن المبارك : نعرف ربنا بأنه فوق سبع سمواته على عرشه , بائن من خلقه . وساق قول ابن خزيمة : من لم يقر بأن الله تعالى فوق عرشه قد استوى فوق سبع سمواته فهو كافر – ثم ذكر حديث الجارية التي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : « أين الله ؟ » فأشارت إلى السماء فقال لها : « من أنا ؟ » فأشارت إليه وإلى السماء . تعني أنك رسول الله الذي في السماء فقال : « اعتقها فإنها مؤمنة » فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامها وإيمانها لما أقرت بأن ربها في السماء وعرفت ربها بصفة العلو والفوقية . انتهى
-83 أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي(458هـ):
قال في كتابه المسمى ب « الاعتقاد » : « باب القول في الاستواء » قال الله تبارك وتعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) ثم ذكر آيات في ذكر استواء الرب على العرش , وآيات في ذكر علو الله على خلقه , وقد ذكر الآيات أيضاً والكلام عليها في كتابه المسمى ب « الأسماء والصفات » ونقلت من كلامه ما يتعلق بالرد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية فليراجع ذلك مع الكلام على قول الله تعالى : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) الآية .
84- أبي عمر بن عبد البر(463هـ):
قد ذكرت عنه فيما تقدم أنه نقل إجماع الصحابة والتابعين على القول بأن الله تعالى على العرش وعلمه في كل مكان , وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله , وذكرت له أيضاً كلاماً حسناً على حديث النزول فليراجع كل ما تقدم عنه .
85- سعيد الزنجاني(471هـ)
قال رحمه الله((وهو فوق عرشه بوجود ذاته))إجتماع الجيوش الإسلامية ص197
-86 الإمام أبي بكر محمد بن محمود بن سورة التميمي فقيه نيسابور(477هـ):
ذكر ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » ما رواه الحافظ عبد القاهر الرهاوي عنه أنه قال : لا أصلي خلف من لا يقر بأن الله تعالى فوق عرشه بائن من خلقه .
87-شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي: (481هـ)
ذكر الذهبي في كتاب « العلو » عنه أنه قال في كتاب « الصفات » له « باب استواء الله على عرشه فوق السماء السابعة بائنا من خلقه من الكتاب والسنة » ثم ساق آيات وأحاديث – إلى أن قال : وفي أخبار شتى أن الله في السماء السابعة على العرش بنفسه وهو ينظر كيف تعملون . وعلمه وقدرته واستماعه ونظره ورحمته في كل مكان .
-88- أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي(490هـ):
ذكر الذهبي في كتاب « العلو » عنه أنه قال في كتاب « الحجة » له , وأن الله تعالى مستو على عرشه بائن من خلقه كما قال في كتابه .
89-أبي الحسن الكرجي من كبار فقهاء الشافعية: (491هـ)
ذكر الذهبي في كتاب « العلو » عنه أنه قال في عقيدته الشهيرة :
عقيدة أصحاب الحديث فقد سمعت***بأرباب دين الله أسمى المراتب
عقائدهم أن الإله بذاته *** على عرشه مع علمه بالغوائب
وقد ذكرت فيما تقدم قول الذهبي أنه مكتوب على هذه القصيدة بخط العلامة تقي الدين ابن الصلاح : هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث
90- الحسين بن مسعود البغوي:(516هـ)
قال في الكلام على قول الله تعالى في سورة الحديد : (وهو معكم ) بالعلم . وقال في الكلام على قول الله تعالى في سورة المجادلة : ( ما يكون من نجوى ثلاثة ) أي من إسرار ثلاثة ? إلا هو رابعهم ? بالعلم يعلم نجواهم .
91- أبي جعفر الهمداني(531هـ) :
قال شارح العقيدة الطحاوية : ذكر محمد بن طاهر المقدسي أن الشيخ أبا جعفر الهمداني حضر مجلس الأستاذ أبي المعالي الجويني المعروف بإمام الحرمين , وهو يتكلم في نفي صفة العلو ويقول : كان الله ولا عرش وهو الآن على ما كان . فقال الشيخ أبو جعفر : أخبرنا يا أستاذ عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا , فإنه ما قال عارف قط يا الله إلا وجد في قلبه ضرورة يطلب العلو , ولا يلتفت يمنة ولا يسرة . فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفسنا ؟ قال : فلطم أبو المعالي على رأسه ونزل , وأظنه قال : وبكى , وقال : حيّرني الهمداني . وقد ذكر هذه القصة ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » بنحو ما ذكرها شارح العقيدة الطحاوية . وذكرها الذهبي في كتاب « العلو » فقال : قال أبو منصور بن الوليد الحافظ في رسالة له إلى الزنجاني : أنبأنا عبد القادر الحافظ بحران , أنبأنا الحافظ أبو العلاء , أنبأنا أبو جعفر ابن أبي علي الحافظ قال : سمعت أبا المعالي الجويني , وقد سئل عن قوله) الرحمن على العرش استوى ) فقال : كان الله ولا عرش , وجعل يتخبط في الكلام فقلت : قد علمنا ما أشرت إليه فهل عندك للضرورات من حيلة ؟ فقال : ما تريد بهذا القول , وما تعني بهذه الإشارة ؟ فقلت : ما قال عرف قط يا رباه إلا قبل أن يتحرك لسانه قام من باطنه قصد لا يلتفت يمنة ولا يسرة يقصد الفوق , فهل لهذا القصد الضروري عندك من حيلة , فنبئنا نتخلص من الفوق والتحت , وبكيت وبكى الخلق , فضرب الأستاذ بكمه على السرير وصاح يا للحيرة وخرق ما كان عليه , وانخلع وصارت قيامة في المسجد , ونزل ولم يجبني إلا يا حبيبي الحيرة الحيرة والدهشة الدهشة , فسمعت بعد ذلك أصحابه يقولون : سمعناه يقول : حيرني الهمداني . قال شارح العقيدة الطحاوية في الكلام على هذه القصة : أراد الشيخ أن هذا أمر فطر الله عليه عباده من أن يتلقوه من المرسلين يجدون في قلوبهم طلباً ضرورياً يتوجه إلى الله ويطلبه في العلو . انتهى .
92- عدي بن مسافر الأموي الهكاري(555هـ) :
قال رحمه الله : ((وأن الله على عرشه بائن من خلقه,كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف,أحاط بكل شيء علما وهو بكل شيء عليم))إعتقاد أهل السنة والجماعة ص30
93- الشيخ عبد القادر الجيلي الحنبلي 561( هـ)
قال الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، في كتاب "الغنية" له: "وهو بجهة العلو مستو على العرش، محتو على الملك، محيط علمه بالأشياء، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}، {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}، ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان، بل يقال إنه في السماء على العرش كما قال {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش، وكونه سبحانه وتعالى على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف"[ كتاب الغنية لطالبي طريق الحق لعبد القادر الجيلاني (1/54-57)، ط: الحلبي،
94- ابن رشد :(ت590هـ)
قال ((في "مناهج الأدلة": وأما هذه الصفة – أي الجهة - فلم يزل أهل الشريعة في أول الأمر يثبتونها لله سبحانه حتى نفتها المعتزلة ثم تبعهم على نفيها متأخروا الأشعرية كأبي المعالي, ومن اقتدى بقوله, وظواهر الشرع تقتضي إثبات الجهة مثل قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، ومثل قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}، ومثل قوله: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}، ومثل قوله: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ}، ومثل قوله: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}، ومثل قوله: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ}، إلى غير ذلك من الآيات التي إن سلط التأويل عليها عاد الشرع كله مؤولاً, وإن قيل فيها: إنها من المتشابهات عاد الشرع كله متشابهاً، لأن الشرائع كلها مبنية على أن الله في السماء, وأن منها تنزل الملائكة بالوحي إلى النبيين, وأن من السماء نزلت الكتب وإليها كان الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى قرب من سدرة المنتهى.
-95 بن قدامة المقدسي(ت600هـ):
قد ذكرت فيما تقدم أنه نقل إجماع السلف على أن الله تعالى فوق العرش , وذكرت أيضاً كلامه في كتابه « إثبات صفة العلو » وما ذكر فيه من إجماع جميع العلماء من الصحابة والأئمة من الفقهاء على إثبات صفة العلو لله تعالى , وأن الأخبار قد تواترت في ذلك على وجه حصل به اليقين . فليراجع كلامه في ذلك . الله سبحانه وتعالى وليراجع أيضاً ما ذكره مما جعله الله مغروزاً في طبائع الخلق عند نزول الكرب من لحظ السماء بالأعين , ورفع الأيدي للدعاء نحوها . وانتظار مجيء الفرج من الله تعالى , وأنه لا ينكر ذلك إلا مبتدع غالٍ في بدعته , أو مفتون بتقليده على ضلالته .
-96 أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي مؤلف التفسير الكبير المسمى ب « الجامع لأحكام القرآن »:(677هـ)
قال في كتابه المسمى ب « الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى » وقد كان الصدر الأول لا ينفون الجهة بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى , كما نطق كتابه وأخبر رسوله صلى الله عليه وسلم , ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على العرش حقيقة , ثم ذكر كلام أبي بكر الحضرمي في رسالته التي سماها ب « الإيماء إلى مسألة الاستواء » وحكايته عن القاضي عبد الوهاب أنه استواء الذات على العرش وذكر أن ذلك قول القاضي أبي بكر بن الطيب الأشعري كبير الطائفة , وأن القاضي عبد الوهاب نقله عنه نصاً وأنه قول الأشعري وابن فورك في بعض كتبه , وقول الخطابي وغيره من الفقهاء والمحدثين .
قال القرطبي : وهو قول أبي عمر بن عبد البر والطلمنكي وغيرهم من الأندلسيين , ثم قال بعد أن حكى أربعة عشر قولاً : وأظهر الأقوال ما تظاهرت عليه الآي والأخبار , وقال جميع الفضلاء الأخيار : إن الله على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف بائن من جميع خلقه , هذا مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقات . انتهى . وقد نقله ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وأقره .
-97 شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية (728 هـ)
قال في بعض فتاويه : والرب سبحانه فوق سمواته على عرشه , بائن من خلقه ليس في مخلوقاته شيء من ذاته , ولا في ذاته شيء من مخلوقاته . انتهى . وهو في صفحة 406 من الجزء الأول من مجموع الفتاوى المطبوع في القاهرة في سنة 1326 ه .
وقال في أول « الفتوى الحموية الكبرى » : فهذا كتاب الله من أوله إلى آخره , وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولها إلى آخرها , ثم عامة كلام الصحابة والتابعين , ثم كلام سائر الأئمة مملوء بما هو إما نص أو ظاهر في أن الله سبحانه وتعالى هو العلي الأعلى , وهو فوق كل شيء , وأنه فوق العرش , وأنه فوق السماء ثم ذكر الأدلة على ذلك من القرآن , ثم قال : وفي الأحاديث الصحاح والحسان ما لا يحصى إلا بكلفة – وذكر عدة أحاديث في ذلك وقال بعد ذكرها – إلى أمثال ذلك مما لا يحصيه إلا الله مما هو من أبلغ المتواترات اللفظية والمعنوية التي تورث علماً يقيناً من ابلغ العلوم الضرورية أن الرسول صلى الله عليه وسلم المبلغ عن الله ألقى إلى أمته المدعوين – أن الله سبحانه على العرش , وأنه فوق السماء كما فطر الله على ذلك جميع الأمم عربهم وعجمهم في الجاهلية والإسلام إلا من اجتالته الشياطين عن فطرته . ثم عن السلف في ذلك من الأقوال ما لو جمع لبلغ مئين أو ألوفاً . ثم ليس في كتاب الله , ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من سلف الأمة لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان , ولا عن الأئمة الذين أدركوا زمن الأهواء والاختلاف – حرف واحد يخالف ذلك . لا نصاً ولا ظاهراً . انتهى .
وفي كتب شيخ الإسلام وفتاويه من كلامه وما نقله عن أكابر العلماء في إثبات علو الرب على خلقه , وأنه سبحانه مستو على عرشه , بائن من خلقه , وتقرير ذلك بالأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة والإجماع شيء كثير جداً . وقد ذكرت جملة منه فيما تقدم . وأما كلامه في المعية , وقوله إنها معية العلم فهو كثير أيضاً , وقد نقل أقوال بعض الذين حكوا الإجماع على ذلك في مواضع كثيرة من كتبه وفتاويه , وقد ذكرت بعض نقوله عنهم فيما تقدم فلتراجع ففيها أبلغ رد على من وعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية .
وقد ذكر في « الفتوى الحموية الكبرى » عن سلف الأمة وأئمتها أئمة أهل العلم والدين
من شيوخ العلم والعبادة أنهم أثبتوا أن الله فوق سمواته على عرشه , بائن من خلقه وهم بائنون منه . وهو أيضاً مع العباد عموماً بعلمه , ومع أنبيائه وأوليائه بالنصر والتأييد والكفاية , وهو أيضاً قريب مجيب . ففي آية النجوى دلالة على أنه عالم بهم . انتهى . وذكر في « شرح حديث النزول » قول الله تعالى في سورة الحديد : ( وهو معكم أينما كنتم )وقوله تعالى في سورة المجادلة : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ) ثم قال : وقد ثبت عن السلف أنهم قالوا : هو معهم بعلمه . وقد ذكر ابن عبد البر وغيره أن هذا إجماع من الصحابة والتابعين لهم بإحسان , ولم يخالفهم فيه أحد يعتد بقوله , وهو مأثور عن ابن عباس والضحاك ومقاتل بن حيان وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وغيرهم .
ثم ذكر ما رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ) وهو معكم) قال : هو على العرش وعلمه معهم , قال : روى عن سفيان الثوري أنه قال : علمه معهم , وروى أيضاً عن الضحاك بن مزاحم في قوله : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) إلى قوله : ( أينما كانوا ) قال : هو على العرش وعلمه معهم . ورواه بإسناد آخر عن مقاتل ابن حيان . وهو ثقة في التفسير ليس بمجروح كما جرح مقاتل بن سليمان . وذكر أيضاً ما رواه عبد الله بن أحمد عن الضحاك في قوله تعالى : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ) قال : هو على العرش , وعلمه معهم , وروى أيضاً عن سفيان الثوري في قوله : ( وهو معكم أينما كنتم ) قال علمه . وذكر أيضاً ما رواه حنبل بن إسحاق في كتاب « السنة » قال : قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : ما معنى قوله تعالى : ( وهو معكم أينما كنتم ) و : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) إلى قوله : ( إلا هو معهم أينما كانوا ) قال : علمه , عالم الغيب والشهادة , محيط بكل شيء , شاهد علام الغيوب , يعلم الغيب , ربنا على العرش بلا حد ولا صفة , وسع كرسيه السموات والأرض .
قلت : قوله : بلا حد ولا صفة معناه أنه لا يحد استواء الرب على العرش ولا توصف كيفيته كما قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن ومالك بن أنس : الاستواء معلوم , والكيف غير معقول . قال شيخ الإسلام : وأيضاً فإنه افتتح الآية بالعلم وختمها بالعلم , فكان السياق يدل على أنه أراد أنه عالم بهم . ثم ذكر أن لفظ المعية في اللغة – وإن اقتضى المجامعة والمصاحبة والمقارنة , فهو إذا كان مع العباد لم يناف ذلك علوه على عرشه , ويكون حكم معيته في كل موطن بحسبه , فمع الخلق كلهم بالعلم والقدرة والسلطان , ويخص بعضهم بالإعانة والنصر والتأييد . انتهى .
98-قول الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (748 هـ)
قد صنف الذهبي رحمه الله تعالى في إثبات علو الله على عرشه كتابه المسمى ب « العلو للعلي الغفار » وساق فيه أدلة العلو من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أكابر العلماء إلى قريب من زمانه , ومنهم من حكى الإجماع على أن الله تعالى فوق عرشه ومع الخلق بعلمه , وقال في أثناء الكتاب : ويدل على أن الباري تبارك وتعالى عالٍ على الأشياء فوق عرشه المجيد , غير حال في الأمكنة قوله تعالى : ( وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم ) ثم ساق آيات وأحاديث كثيرة في إثبات العلو فليراجع , وليراجع الكتاب كله فإنه كثير الفوائد عظيم المنفعة .
-99قول العلامة شمس الدين ابن القيم (751 هـ)
قد صنف ابن القيم رحمه الله تعالى في إثبات علو الله على خلقه كتابه المسمى ب « اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية » وساق فيه أدلة العلو من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أكابر العلماء إلى قريب من زمانه , ومنهم من حكى الإجماع على أن الله تعالى فوق عرشه , وهو مع الخلق بعلمه , فليراجع الكتاب كله فإنه كثير الفوائد عظيم المنفعة .
ولابن القيم أيضاً فصول في كتابه المسمى ب « الكافية الشافية » وفي كتابه المسمى ب « الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة » قرر فيها علو الرب تبارك وتعالى فوق جميع المخلوقات , ورد فيها على أهل التشبيه والتعطيل . فلتراجع أيضاً .
-100قول الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير:(ت774هـ)
قال في تفسير سورة الحديد وقوله تعالى : ( وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير ) أي رقيب عليكم , شهيد على أعمالكم حيث كنتم وأين كنتم من بر أو بحر , في ليل أو نهار , في البيوت أو في القفار , الجميع في علمه على السواء , وتحت بصره وسمعه فيسمع كلامكم , ويرى مكانكم , ويعلم سركم ونجواكم . وقال في تفسير سورة المجادلة : ثم قال تعالى مخبراً عن إحاطة علمه بخلقه , واطلاعه عليهم وسماعه كلامهم , ورؤيته مكانهم حيث كانوا وأين كانوا فقال تعالى : ( ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة ) أي من سر ثلاثة ( إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ( أي مطلع عليهم يسمع كلامهم وسرهم ونجواهم , ورسله أيضاً مع ذلك تكتب ما يتناجون به مع علم الله به وسمعه له . ولهذا حكى غير واحد الإجماع على أن المراد بهذه الآية معية علمه تعالى , ولا شك في إرادة ذلك , ولكن سمعه أيضاً مع علمه بهم , وبصره نافذ فيهم , فهو سبحانه وتعالى مطلع على خلقه لا يغيب عنه من أمورهم شيء . ثم قال تعالى ) ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ) قال الإمام أحمد : افتتح الآية بالعلم واختتمها بالعلم . انتهى .
فهذا ما تيسر إيراده من أقوال أكابر العلماء في إثبات العلو لله تعالى , وأنه فوق جميع المخلوقات , مستو على عرشه , بائن من خلقه , والخلق بائنون منه , وأن معيته لخلقه معية العلم والإحاطة والاطلاع والسماع والرؤية . وأن له معية خاصة مع أنبيائه وأوليائه , وهي معية النصر والتأييد والكفاية . ولم يأت في القرآن ولا في السنة ولا في أقوال الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان ما يدل على أن معية الله لخلقه معية ذاتية , وإنما جاء ذلك عن بعض أهل البدع , وهم الذين يقولون : إن الله بذاته فوق العالم , وهو بذاته في كل مكان . وهذا قول باطل مردود بالأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة والإجماع وقد تقدم بيان ذلك في أول الكتاب فليراجع .
وكلام أكابر العلماء المتأخرين في المائة الثامنة من الهجرة فما بعدها في إثبات العلو والرد على من قال بخلاف ما عليه أهل السنة والجماعة كثير جداً , وفيما ذكرته عن المتقدمين كفاية إن شاء الله تعالى .
جمال البليدي
2010-09-19, 23:58
الدليل من الفطرة على علو الله على خلقه
لقد شهدت قلوب بني آدم أن الله تعالى فوق العالم كله , ولأجل هذه الفطرة السليمة , ولأجل هذه الضرورة التي يحسونها في قلوبهم تراهم يرفعون أيديهم عند الدعاء والتضرع إلى الفوق وهكذا تتوجه قلوبهم إلى العلو لاعتقادهم وشهادة قلوبهم بأن الله تعالى فوق العالم عال على خلقه أجمعين .
وأول من صرح بهذا الدليل الفطري واستدل به على علو الله تعالى على خلقه وفوقيته على عباده : الإمام أبو حنيفة – رحمه الله – ([1]) .
كما استدل بهذا الدليل غيره من أئمة الإسلام كالإمام يزيد بن هارون([2]) , وابن كلاب([3]) , وابن قتيبة([4]) , والدارمي([5]) , وابن خزيمة([6]) , والأشعري([7]) , والخطابي([8]) , والباقلاني([9]) , وابن فورك([10]) , وابن عبدالبر([11]) , وغيرهم من أئمة الإسلام قبلهم وبعدهم .
فكلهم استدلوا على علو الله تعالى وأنه فوق العالم – بأن بني آدم يرفعون أيديهم وتتجه قلوبهم إلى جهة الفوق عند الدعاء .
فدل ذلك على أن الله تعالى فوق العالم بائن عن هذا الكون .
قال الإمام ابن القيم : وإليه أيدي السائلين توجهت ***نحو العلو بفطرة الرحمن
وإليه آمال العباد توجهت***نحو العلو بلا تواص ثان
بل فطرة الله التي لم يفطرو***إلا عليها الخلق والثقلان
ونظير هذا أنهم فطروا على ***إقرارهم لا شك بالديان
لكن أولو التعطيل منهم أصبحوا***مرضى بداء الجهل والخذلان(12)
وجميع الطوائف تنكر قول المعطلة إلا من تلقاه منهم,وأما العامة من جميع الأمم ففطرهم جميعهم مقرة بأن الله فوق العالم,وإذا قيل لهم لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ,ولا ترفع إليه الأيدي ,ولا تتوجه إليه القلوب نحو العلو أنكرت فطرهم ذلك غاية الإنكار ودفعته غاية الدفع(13). ومنهم من لا يصدق أن عاقلا يقول ذلك,لظهور هذه القضية عندهم,واستقرارها في أنفسهم,فينسبون من خالفها بالجنون(14).
قال ابن القيم رحمه الله :
وعلوه فوق الخليقة كلها ***فطرت عليه الخلق والثقلان
لا يستطيع معطل تبديلها ***أبدا وذلك سنة الرحمان
كل إذا ما نابه أمر يرى ***متوجها بضرورة الإنسان
نحو العلو فليس يطلب خلفه***وأمامه أو جانب الإنسان(15)
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في تقرير ذلك((...وأن الخلق كلهم إذا حزبهم شدة أو حاجة في أمر,وجهوا قلوبهم إلى الله يدعونه ويسألونه,وأن هذا أمر متفق عليه بين الأمم التي لم تغير فطرتها,لم يحصل بينهم بتواطئ و اتفاق.ولهذا يوجد هذا في فطرة الأعراب والعجائز والصبيان من المسلمين واليهود والنصارى والمشركين ,ومن لم يقرأ كتابا ,ومن لم يتلق مثل هذا عن معلم ولا أستاذ....))(16)
قال أبو الحسن الأشعري في كتبه: ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله عز وجل مستوٍ على العرش الذي هو فوق السماوات؛ فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو السماء كما لا يحطونها إذا دعوا نحو الأرض.
هذا لفظه في أجل كتبه وأكبرها وهو "الموجز", وفي أشهرها وهو "الإبانة" التي اعتمد عليها أبصر الناس له, وأعظمهم ذباً عنه من أهل الحديث أبو القاسم ابن عساكر؛ فإنه اعتمد على هذا الكتاب وجعله من أعظم مناقبه في كتاب "تبيين كذب المفتري" ثم قال في كتابه: ومن دعاء أهل الإسلام جميعاً إذا هم رغبوا إلى الله عز وجل في الأمر النازل بهم يقولون يا ساكن العرش ويقولون: لا والذي احتجب بسبع سماوات.
وقال أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب في كتاب "الصفات", وقد ذكر مسألة الاستواء ... قال: ولو لم يشهد بصحة مذهب الجماعة في هذا إلا ما ذكرنا من هذه الأمور لكان فيه ما يكفي؛ كيف وقد غرس في بنية الفطرة, ومعارف الآدميين من ذلك ما لا شيء أبين منه, ولا أوكد لأنك لا تسأل أحدا عنه عربياً ولا عجمياً ولا مؤمناً ولا كافراً فتقول أين ربك؟ إلا قال: في السماء إن أفصح أو أومأ بيده أو أشار بطرفه، وإن كان لا يفصح لا يشير إلى غير ذلك من أرض ولا سهل ولا جبل, ولا رأينا أحداً داعياً إلا رافعاً يديه إلى السماء.
-
-وقال ابن عبد البر إمام أهل السنة ببلاد المغرب في "التمهيد" لما تكلم على حديث النزول قال: هذا حديث ثابت من جهة النقل صحيح الإسناد لا يختلف أهل الحديث في صحته, وهو منقول من طرق سوى هذه من أخبار العدول عن النبي صلى الله عليه وسلم, وفيه دليل على أن الله في السماء على العرش فوق سبع سماوات كما قال الجماعة, وهو من حجتهم على المعتزلة في قولهم إن الله بكل مكان، قال: والدليل على صحة قول أهل الحق قوله تعالى - وذكر عدة آيات - إلى أن قال: وهذا أشهر وأعرف عند العامة والخاصة من أن يحتاج إلى أكثر من حكايته لأنه اضطرار لم يوقفهم عليه أحد, ولا أنكره عليهم مسلم وهذا قليل من كثير من كلام من ذكر أن مسألة العلو فطرية ضرورية, وأما من نقل إجماع الأنبياء والرسل والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين؛ فأكثر من أن يذكر ولكن ننبه على اليسير منه)).
وليتأمل القارئ اللبيب القصة التالية : قال أبو منصور بن الوليد الحافظ في رسالة له إلى الزنجاني انبأنا عبد القادر الحافظ بحران أنبأنا الحافظ أبو العلاء أنبأنا أبو جعفر بن أبي علي الحافظ قال سمعت أبا المعالي الجويني وقد سئل عن قوله الرحمن على العرش استوى فقال كان الله ولا عرش وجعل يتخبط في الكلام فقلت قد علمنا ما أشرت إليه فهل عندك للضرورات من حيله فقال ما تريد بهذا القول وما تعني بهذه الإشارة فقلت ما قال عارف قط يا رباه إلا قبل أن يتحرك لسانه قام من باطنه قصد لا يلتفت يمنة ولا يسرة يقصد الفوق فهل لهذا القصد الضروري عندك من حيلة فنبئنا نتخلص من الفوق والتحت وبكيت وبكى الخلق فضرب الأستاذ بكمه على السرير وصاح ياللحيرة وخرق ما كان عليه وانخلع وصارت قيامة في المسجد ونزل ولم يجبني إلا يا حبيبي الحيرة الحيرة والدهشة الدهشة فسمعت بعد ذلك أصحابه يقولون سمعناه يقول حيرني الهمداني))(17)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية تعليقا على هذا الكلام : ((فهذا الشيخ تكلم بلسان جميع بني آدم,فأخبر أن العرش والعلم باستواء الله عليه إنما أخذ من جهة الشرع وخبر الكتاب والسنة.بخلاف الإقرار بعلو الله على الخلق من غير تعيين عرش ولا استواء,فإن هذا أمر فطري ضروري نجده في قلوبنا نحن وجميع من يدعو الله تعالى,فكيف ندفع هذه الضرورة عن قلوبنا؟ !))(18)
ونذكر في هذا المقام : ما جرى بين شيخ الإسلام ابن تيمية وبين أحد المشايخ النافين للعلو ,يقول شيخ الإسلام مخبرا عن ذلك : ((وقد كان عندي من هؤلاء النافين لهذا –يعني صفى العو-من هو من مشايخهم, وهو يطلب مني حاجة ، وأنا أخاطبه في هذا المذهب ، كأني غير منكر له ، وأخرت قضاء حاجته حتى ضاق صدره ، فرفع طرفه ورأسه إلى السماء ، وقال: يا الله ، فقلت له: أنت محقق لمن ترفع طرفك ورأسك ؟ وهل فوق عندك أحد ؟!
فقال: استغفر الله ، ورجع عن ذلك لما تبين له أن اعتقاده يخالف فطرته ، ثم بينت له فساد هذا القول ، فتاب من ذلك ، ورجع إلى قول المسلمين المستقر في فطرهم.))(19)
---------------------------------------------
[1] ) انظر الفقه الأبسط بشرح السمرقندي 16-20 , والفقه الأبسط بتحقيق الكوثري 46-52 .
[2] ) روى نصه أبو داود في مسائله 262 , وعبدالله بن أحمد في السنة 119-120 .
[3] ) نقل عنه شيخ الإسلام في درء التعارض 6/194 .
[4] ) انظر نصه في تأويل مختلف الحديث 271-272 .
[5] ) انظر الرد على الجهمية له 20-21 .
[6] ) انظر كتاب التوحيد له 1/254 .
[7] ) انظر الإبانة 2/107 .
[8] ) انظر تلبيس الجهمية 2/436-437 عن كتاب شعار الدين للخطابي .
[9] ) انظر نصه في التمهيد له 260-262 .
[10] ) انظر تفسير سورة الأعلى ضمن دقائق التفسير 5/39 , وضمن مجموع الفتاوى 6/90 عن كتاب ابن فورك الذي صنفه في أصول الدين .
[11] ) انظر نصه في التمهيد له 7/134/135 .
(12)الكافية الشافية(ص54-55)
(13)الصواعق المرسلة(ص1281)
(14) درء التعارض العقل والنقل(6/243).
(15)الكافية الشافية(ص104-105).
(16) درء تعارض العقل والنقل(6/12).
(17) كتاب العلو للإمام الذهبي (ص1347) وقال العلامة الألباني في(مختصر العلو) : ((وإسناد هذه القصة صحيح مسلسل بالأسانيد).
(18)مجموع الفتاوى(4/61).
(19)درء تعارض العقل والنقل(6/3436-344).
جمال البليدي
2010-09-20, 00:00
هل نجزم بإثبات العلو على العرش أم نفوض ونؤول؟ !
لقد انقسمت الطوائف الإسلامية إلى ثلاث أقسام:
القسم الأول: من جعلوا الظاهر المتبادر منها معنى حقاً يليق بالله - عز وجل - وأبقوا دلالتها على ذلك، وهؤلاء هم السلف الذين اجتمعوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والذين لا يصدق لقب أهل السنة والجماعة إلا عليهم.
وقد أجمعوا على ذلك كما نقله ابن عبد البر فقال: "أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن الكريم والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة" أهـ.
القسم الثاني: من جعلوا الظاهر المتبادر من نصوص الصفات معنى باطلاً لا يليق بالله وهو: التشبيه، وأبقوا دلالتها على ذلك. وهؤلاء هم المشبهة
القسم الثالث: من جعلوا المعنى المتبادر من نصوص الصفات معنى باطلاً، لا يليق بالله وهو التشبيه، ثم إنهم من أجل ذلك أنكروا ما دلت عليه من المعنى اللائق بالله، وهم أهل التعطيل سواء كان تعطيلهم عاماً في الأسماء والصفات، أم خاصاً فيهما، أو في أحدهما، فهؤلاء صرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معاني عينوها بعقولهم، واضطربوا في تعيينها اضطراباً كثيراً، وسموا ذلك تأويلاً، وهو في الحقيقة تحريف.
أين الحق؟؟؟
والحق بلا ريب ولا شك مع القسم الأول أهل السنة والجماعة الذين يثبتون العلو على حقيقته دون تفويض ولا تأويل وبيان ذلك من أوجه :
((الوجه الأول : أنه تطبيق تام لما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب الأخذ بما جاء فيهما من أسماء الله وصفاته كما يعلم ذلك من تتبعه بعلم وإنصاف.
الوجه الثاني : يقال: إن الحق إما أن يكون فيما قاله السلف من إثبات العلو أو فيما قاله غيرهم من نفيه، والثاني باطل لأنه يلزم منه أن يكون السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان الذين أثبتوا العلو تكلموا بالباطل تصريحاً أو ظاهراً، ولم يتكلموا مرة واحدة لا تصريحاً ولا ظاهراً بالحق الذي يجب اعتقاده. وهذا يستلزم أن يكونوا إما جاهلين بالحق وإما عالمين به لكن كتموه، وكلاهما باطل، وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم، فتعين أن يكون الحق فيما قاله السلف دون غيرهم.
قال الإمام ابن القيم :
لو كان حقا ما يقوله معطل ***لعلوه وصفاته الرحمن
لزمتكم شنع ثلاث فارتؤوا*** أو خلة منهن أو ثنتان
تقديمهم في العلم أو في نصحهم***أو في البيان أذاك ذو إمكان
إن كان ما قد قلتم حقا فقد***ضل الورى بالوحي والقرآن
إذ فيهما ضد الذي قلتم وما***ضدان في المعقول يجتمعان
بل كان أولى أن يعطل منهما***ويحال في علم وفي عرفان
إما على جهم وجعد أو على النظ***ام أو ذي المذهب اليونان
وكذلك أتباع لهم فقع الفلاصم***وبكم تابعو العميان
وكذلك أفراخ القرامطة الألى***قد جاهروا بعداوة الرحمن(1)
الوجه الثالث : أن التأويل صرف لكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عن ظاهره، والله - تعالى - خاطب الناس بلسان عربي مبين، ليعقلوا الكلام ويفهموه على ما يقتضيه هذا اللسان العربي، والنبي صلى الله عليه وسلم خاطبهم بأفصح لسان البشر؛ فوجب حمل كلام الله ورسوله على ظاهره المفهوم بذلك اللسان العربي؛ غير أنه يجب أن يصان عن التكييف والتمثيل في حق الله - عز وجل.
الوجه الرابع :أن صرف كلام الله ورسوله عن ظاهره إلى معنى يخالفه، قول على الله بلا علم وهو محرم ؛ لقوله - تعالى - : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ). ولقوله - سبحانه -: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً).
فالصارف لكلام الله - تعالى - ورسوله عن ظاهره إلى معنى يخالفه قد قفا ما ليس له به علم. وقال على الله ما لا يعلم من وجهين:
الأول: أنه زعم أنه ليس المراد بكلام الله - تعالى - ورسوله كذا، مع أنه ظاهر الكلام.
الثاني: أنه زعم أن المراد به كذا لمعنى آخر لا يدل عليه ظاهر الكلام.
وإذا كان من المعلوم أن تعيين أحد المعنيين المتساويين في الاحتمال قول بلا علم؛ فما ظنك بتعيين المعنى المرجوح المخالف لظاهر الكلام؟!
مثال ذلك: قوله - تعالى - لإبليس (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي)
إذا صرف الكلام عن ظاهره، وقال: لم يرد باليدين اليدين الحقيقيتين وإنما أراد كذا وكذا. قلنا له: ما دليلك على ما نفيت؟! وما دليلك على ما أثبت؟! فإن أتى بدليل - وأنى له ذلك - وإلا كان قائلاً على الله بلا علم في نفيه وإثباته.
الوجه الخامس : أن يقال للمعطل:
هل أنت أعلم بالله من نفسه؟ فسيقول: لا.
ثم يقال له: هل ما أخبر الله به عن نفسه صدق وحق؟ فسيقول: نعم.
ثم يقال له: هل تعلم كلاماً أفصح وأبين من كلام الله - تعالى؟ فسيقول: لا.
ثم يقال له: هل تظن أن الله - سبحانه وتعالى - أراد أن يعمي الحق على الخلق في هذه النصوص ليستخرجوه بعقولهم؟ فسيقول: لا.
هذا ما يقال له باعتبار ما جاء في القرآن.
أما باعتبار ما جاء في السنة فيقال له:
هل أنت أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فسيقول: لا.
ثم يقال له: هل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحق صدق وحق؟ فسيقول: نعم.
ثم يقال له: هل تعلم أن أحداً من الناس أفصح كلاماً، وأبين من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسيقول لا ثم يقال له هل تعلم أن أحداً من الناس أنصح لعباد الله من رسول الله ؟ فسيقول : لا
فيقال له: إذا كنت تقر بذلك فلماذا لا يكون عندك الإقدام والشجاعة في إثبات ما أثبته الله - تعالى - لنفسه، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم على حقيقته وظاهره اللائق بالله؟ وكيف يكون عندك الإقدام والشجاعة في نفي حقيقته تلك، وصرفه إلى معنى يخالف ظاهره بغير علم؟
وماذا يضيرك إذا أثبت لله - تعالى - ما أثبته لنفسه في كتابه، أو سنة نبيه على الوجه اللائق به، فأخذت بما جاء في الكتاب والسنة إثباتاً ونفياً؟
أليس هذا أسلم لك وأقوم لجوابك إذا سئلت يوم القيامة: (مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ).
أوليس صرفك لهذه النصوص عن ظاهرها، وتعيين معنى آخر مخاطرة منك؟! فلعل المراد يكون - على تقدير جواز صرفها - غير ما صرفتها إليه.
الوجه السادس في إبطال مذهب أهل التعطيل: أنه يلزم عليه لوازم باطلة؛ وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم.
فمن هذه اللوازم:
أولاً: أن أهل التعطيل لم يصرفوا نصوص الصفات عن ظاهرها إلا حيث اعتقدوا أنه مستلزم أو موهم لتشبيه الله - تعالى - بخلقه، وتشبيه الله - تعالى - بخلقه كفر؛ لأنه تكذيب لقوله - تعالى-: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(131).
قال نعيم بن حماد الخزاعي أحد مشايخ البخاري - رحمهما الله -: من شبه الله بخلقه فقد كفر ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيهاً. أهـ.
ومن المعلوم أن من أبطل الباطل أن يجعل ظاهر كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم تشبيهاً وكفراً أو موهماً لذلك.
ثانياً: أن كتاب الله - تعالى - الذي أنزله تبياناً لكل شيء، وهدى للناس، وشفاءً لما في الصدور، ونوراً مبيناً، وفرقاناً بين الحق والباطل لم يبين الله - تعالى - فيه ما يجب على العباد اعتقاده في أسمائه وصفاته، وإنما جعل ذلك موكلاً إلى عقولهم، يثبتون لله ما يشاءون، وينكرون ما لا يريدون. وهذا ظاهر البطلان.
ثالثاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها، كانوا قاصرين أو مقصرين في معرفة وتبيين ما يجب لله تعالى من الصفات أو يمتنع عليه أو يجوز؛ إذ لم يرد عنهم حرف واحد فيما ذهب إليه أهل التعطيل في صفات الله - تعالى - وسموه تأويلاً فلم يقل أي أحد منهم ألبتة أن ((الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال)) فهذه العقيدة لم تثبت عنهم ألبتة ولم تثبت لا في كتاب ولا في سنة إطلاقا !
وحينئذ إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وسلف الأمة وأئمتها قاصرين لجهلهم بذلك وعجزهم عن معرفته، أو مقصرين لعدم بيانهم للأمة، وكلا الأمرين باطل!!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ((فلئن كان الحق ما يقوله هؤلاء السالبون النافون للصفات الثابتة في الكتاب والسنة ; من هذه العبارات ونحوها ; دون ما يفهم من الكتاب والسنة إما نصا وإما ظاهرا فكيف يجوز على الله تعالى ثم على رسوله صلى الله عليه وسلم ثم على خير الأمة : أنهم يتكلمون دائما بما هو إما نص وإما ظاهر في خلاف الحق ثم الحق الذي يجب اعتقاده لا يبوحون به قط ولا يدلون عليه لا نصا ولا ظاهرا ; حتى يجيء أنباط الفرس والروم وفروخ اليهود والنصارى والفلاسفة يبينون للأمة العقيدة الصحيحة التي يجب على كل مكلف أو كل فاضل أن يعتقدها .
لئن كان ما يقوله هؤلاء المتكلمون المتكلفون هو الاعتقاد الواجب وهم مع ذلك أحيلوا في معرفته على مجرد عقولهم وأن يدفعوا بما اقتضى قياس عقولهم ما دل عليه الكتاب والسنة نصا أو ظاهرا ; لقد كان ترك الناس بلا كتاب ولا سنة : أهدى لهم وأنفع على هذا التقدير ; بل كان وجود الكتاب والسنة ضررا محضا في أصل الدين .
فإن حقيقة الأمر على ما يقوله هؤلاء : إنكم يا معشر العباد لا تطلبوا معرفة الله عز وجل وما يستحقه من الصفات نفيا وإثباتا لا من الكتاب ولا من السنة ولا من طريق سلف الأمة .)) إلى أن قال((ولازم هذه المقالة : أن يكون ترك الناس بلا رسالة : خيرا لهم في أصل دينهم . لأن مردهم قبل الرسالة وبعدها واحد ; وإنما الرسالة زادتهم عمى وضلالة .
يا سبحان الله كيف لم يقل الرسول يوما من الدهر ولا أحد من سلف الأمة : هذه الآيات والأحاديث لا تعتقدوا ما دلت عليه . ولكن اعتقدوا الذي تقتضيه مقاييسكم أو اعتقدوا كذا وكذا . فإنه الحق وما خالف ظاهره فلا تعتقدوا ظاهره أو انظروا فيها فما وافق قياس عقولكم فاقبلوه وما لا فتوقفوا فيه أو انفوه ؟ .
ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة فقد علم ما سيكون . ثم قال : { إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله } .
وروي عنه أنه قال في صفة الفرقة الناجية { هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي } .
فهلا قال من تمسك بالقرآن أو بدلالة القرآن أو بمفهوم القرآن أو بظاهر القرآن في باب الاعتقادات : فهو ضال ؟ وإنما الهدى رجوعكم إلى مقاييس عقولكم وما يحدثه المتكلمون منكم بعد القرون الثلاثة - في هذه المقالة - وإن كان قد نبغ أصلها في أواخر عصر التابعين .
ثم أصل هذه المقالة - مقالة التعطيل للصفات - إنما هو مأخوذ عن تلامذة اليهود والمشركين وضلال الصابئين ; فإن أول من حفظ عنه أنه قال هذه المقالة في الإسلام - أعني أن الله سبحانه وتعالى ليس على العرش حقيقة وأن معنى استوى بمعنى استولى ونحو ذلك - هو الجعد بن درهم وأخذها عنه الجهم بن صفوان ; وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية إليه .))مجموع الفتاوى(5/15-19).
رابعاً: أن كلام الله ورسوله ليس مرجعاً للناس فيما يعتقدونه في ربهم وإلاههم الذي معرفتهم به من أهم ما جاءت به الشرائع بل هو زبدة الرسالات، وإنما المرجع تلك العقول المضطربة المتناقضة وما خالفها، فسبيله التكذيب إن وجدوا إلى ذلك سبيلاً، أو التحريف الذي يسمونه تأويلاً، إن لم يتمكنوا من تكذيبه.
خامساً: أنه يلزم منه جواز نفي ما أثبته الله ورسوله، فيقال في قوله - تعالى -: (وَجَاءَ رَبُّكَ).إنه لا يجيء،وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا" إنه لا ينزل لأن إسناد المجيء والنزول إلى الله مجاز عندهم، وأظهر علامات المجاز عند القائلين به صحة نفيه، ونفي ما أثبته الله ورسوله من أبطل الباطل، ولا يمكن الانفكاك عنه بتأويله إلى أمره؛ لأنه ليس في السياق ما يدل عليه.
ثم إن من أهل التعطيل من طرد قاعدته في جميع الصفات، أو تعدى إلى الأسماء - أيضاً - ومنهم من تناقض فأثبت بعض الصفات دون بعض، كالأشعرية والماتريدية: أثبتوا ما أثبتوه بحجة أن العقل يدل عليه، ونفوا ما نفوه بحجة أن العقل ينفيه أو لا يدل عليه.
فنقول لهم: نفيكم لما نفيتموه بحجة أن العقل لا يدل عليه يمكن إثباته بالطريق العقلي الذي أثبتم به ما أثبتموه كما هو ثابت بالدليل السمعي.
مثال ذلك: أنهم أثبتوا صفة الإرادة، ونفوا صفة الرحمة.
أثبتوا صفة الإرادة لدلالة السمع والعقل عليها.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ)(
وأما العقل: فإن اختلاف المخلوقات وتخصيص بعضها بما يختص به من ذات أو وصف دليل على الإرادة.
ونفوا الرحمة؛ لأنها تستلزم لين الراحم ورقته للمرحوم، وهذا محال في حق الله تعالى.
وأولوا الأدلة السمعية المثبتة للرحمة إلى الفعل أو إرادة الفعل ففسروا الرحيم بالمنعم أو مريد الإنعام.
فنقول لهم: الرحمة ثابتة لله تعالى بالأدلة السمعية، وأدلة ثبوتها أكثر عدداً وتنوعاً من أدلة الإرادة. فقد وردت بالاسم مثل: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) والصفة مثل: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ)( والفعل مثل: (وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ)
ويمكن إثباتها بالعقل فإن النعم التي تترى على العباد من كل وجه، والنقم التي تدفع عنهم في كل حين دالة على ثبوت الرحمة لله - عز وجل - ودلالتها على ذلك أبين وأجلى من دلالة التخصيص على الإرادة، لظهور ذلك للخاصة والعامة، بخلاف دلالة التخصيص على الإرادة، فإنه لا يظهر إلا لأفراد من الناس.
وأما نفيها بحجة أنها تستلزم اللين والرقة؛ فجوابه: أن هذه الحجة لو كانت مستقيمة لأمكن نفي الإرادة بمثلها فيقال: الإرادة ميل المريد إلى ما يرجو به حصول منفعة أو دفع مضرة، وهذا يستلزم الحاجة، والله تعالى منزه عن ذلك.
فإن أجيب: بأن هذه إرادة المخلوق أمكن الجواب بمثله في الرحمة بأن الرحمة المستلزمة للنقص هي رحمة المخلوق.
وبهذا تبين بطلان مذهب أهل التعطيل سواء كانت تعطيلاً عاماً أو خاصاً.
وبه علم أن طريق الأشاعرة والماتريدية في أسماء وصفاته وما احتجوا به لذلك لا تندفع به شبه المعتزلة والجهمية وذلك من وجهين:
أحدهما: أنه طريق مبتدع لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولا سلف الأمة وأئمتها، والبدعة لا تدفع بالبدعة وإنما تدفع بالسنة.
الثاني: أن المعتزلة والجهمية يمكنهم أن يحتجوا لما نفوه على الأشاعرة والماتريدية بمثل ما احتج به الأشاعرة والماتريدية لما نفوه على أهل السنة، فيقولون: لقد أبحتم لأنفسكم نفي ما نفيتم من الصفات بما زعمتموه دليلاً عقلياً وأولتم دليله السمعي، فلماذا تحرمون علينا نفي ما نفيناه بما نراه دليلاً عقلياً، ونأول دليله السمعي، فلنا عقول كما أن لكم عقولاً، فإن كانت عقولنا خاطئة فكيف كانت عقولكم صائبة، وإن كانت عقولكم صائبة فكيف كانت عقولنا خاطئة، وليس لكم حجة في الإنكار علينا سوى مجرد التحكم وإتباع الهوى.
وهذه حجة دامغة وإلزام صحيح من الجهمية والمعتزلة للأشعرية والماتريدية، ولا مدفع لذلك ولا محيص عنه إلا بالرجوع لمذهب السلف الذين يطردون هذا الباب، ويثبتون لله تعالى من الأسماء والصفات ما أثبته لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم إثباتاً لا تمثيل فيه ولا تكييف، وتنزيهاً لا تعطيل فيه ولا تحريف، (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ)))(2)
-----------------
(1)الكافية الشافية138
(2) ملخص من كلام الإمام ابن عثيمين (كتاب : القواعد المثلى) مع كثير من التصرف .
جمال البليدي
2010-09-20, 00:01
قاعدة عظيمة في إثبات علو الله تعالى:
(وهو واجب بالعقل الصريح، والفطرة الإنسانية الصحيحة. وهو أن يقال: كان الله ولا شيء معه ثم خلق العالم، فلا يخلو: إما أن يكون خلقه في نفسه وانفصل عنه، وهذا محال، تعالى الله عن مماسة الأقذار وغيرها، وإما أن يكون خلقه خارجًا عنه ثم دخل فيه، وهذا محال أيضا، تعالى أن يحل في خلقه وهاتان لا نزاع فيهما بين أحد من المسلمين وإما إن يكون خلقه خارجًا عن نفسه الكريمة ولم يحل فيه، فهذا هو الحق الذي لا يجوز غيره، ولا يليق بالله إلا هو. وهذه القاعدة للإمام أحمد من حججه على الجهمية في زمن المحنة. وذكر الأشعري في المقالات مقالة محمد بن كُلاب الذي ائتم به الأشعري: إنه يعرف بالعقل أن الله فوق العالم، والاستواء بالسمع، وبأخبار الرسل الذين بعثوا بتكميل الفطر، ولا تبديل لفطرة الله، وجاءت الشريعة بها، خلافًا لأهل الضلال من الفلاسفة وغيرهم فإنهم قلبوا الحقائق.)مجموع الفتاوى المجلد الخامس .
قلت : لهذا قال الجويني في رسالته(إثبات الفوقية) : ((واقتضت العظمة الربانية أن يكون هو فوق الكون باعتبار الكون لا باعتبار فردانيته إذ لا فوق فيها ولا تحت، ولكن الرب سبحانه وتعالى كما كان في قدمه وأزليته، فهو الآن كما كان، لكن لما حدث المربوب المخلوق، والجهات، والحدود ذو الخلا، والملا، وذو الفوقية، والتحتية، كان مقتضى حكم عظمة الربوبية أن يكون فوق ملكه، وأن تكون المملكة تحته باعتبار الحدوث من الكون لا باعتبار القدم من المكون، فإذا أشير إليه يستحيل أن يشار إليه من جهة التحتية، أو من جهة اليمنى، أو من جهة اليسرى، بل لا يليق أن يشار إليه من جهة العلو والفوقية ثم الإشارة هي بحسب الكون وحدوثه، وتسفله، فالإشارة تقع على أعلى جزء من الكون حقيقة وتقع على عظمة الإله تعالى كما يليق به لا كما تقع على الحقيقة المعقولة عندنا في أعلا جزء من الكون، فإنها إشارة إلى جسم، وتلك إشارة إلى إثبات، إذا علم ذلك فالاستــــواء صفة كانت له سبحانه في قدمه لكن لم يظهر حكمه إلا في الآخرة، وكذلك التجلي في الآخرة لا يظهر حكمه إلا في محله.)) انتهى.
جمال البليدي
2010-09-20, 22:04
سأكمل نشر البحث في موضوع آخر بعنوان(شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها).
جمال البليدي
2010-10-30, 23:00
شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها:
تمهيد:
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3753084&postcount=1
الرد المجمل على جميع الشبهات والاعتراضات :
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3753096&postcount=2
شبهة الجهة :
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3753102&postcount=3
شبهة الحيز والمكان و الحد:
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3753108&postcount=4
شبهة التشبيه :
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3753116&postcount=5
شبهة التجسيم:
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3753129&postcount=6
الشبهة الخامسة : قولهم : لو كان الخالق فوق العرش لكان حامل العرش حاملا لمن فوق العرش فيلزم احتياج الخالق للمخلوق.
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3753137&postcount=7
الشبهة السادسة : لو كان الله في السماء لكان محصورا.
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3753149&postcount=8
الشبهة السابعة :كروية الأرض
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3753162&postcount=9
الشبهة الثامنة :قولهم : ((لو كان الله فوق العرش للزم أن يكون أكبر من العرش أو أصغر أو مساويا وكل ذلك من المحال)).
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3753187&postcount=10
الشبهة التاسعة :يستدل المشتغلون بعلم الكلام بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((إذا قام أحدكم إلى الصلاة ,فإن الله قبل وجهه ,فلا يبصق قبل وجهه))(1) على نفي العلو.
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3753202&postcount=11
شبهة العاشرة : يستدل المشتغلون بعلم الكلام بقول النبي صلى الله عليه وسلم((أنت الظاهر فليس فوقك شيء,وأنت الباطن فليس دونك شيء))(1) على نفي علو الله .
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3753218&postcount=12
الشبهة الحادية عشر :إستدلالهم بآيات المعية لنفي العلو
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3768541&postcount=22
الآثار والأقوال المروية عن أئمة السلف في الجمع بين صفتي العلو والمعية :
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3768560&postcount=23
الشبهة الثانية عشر : لو كان الله تعالى فوق العرش لما صح القول بأنه تعالى قريب من عباده.
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3768571&postcount=24
الشبهة الثالثة عشر :قولهم من في السماء أي الملائكة.
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3768581&postcount=25
الشبهة الرابعة عشر:استدلالهم بقوله تعالى(وهو الله في السماء وفي الأرض)
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3768592&postcount=26
الشبهة الخامسة عشر:شبهة المماسة والمسافة
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3768606&postcount=27
الشبهة السادسة عشر :قولهم أن الإستواء فعل حادث
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3768617&postcount=28
آثار ضعيفة:
الشبهة السابعة عشر : قال عبدُ القاهر البغداديُّ: قال عليٌّ: كانَ اللهُ ولا مكانَ، وهوَ الآنَ على ما عليهِ كانَ.
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3768627&postcount=29
الشبهة الثامنة عشر :
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3768632&postcount=30
الشبهة التاسعة عشر: خلق العرش إظهارا لقدرته
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3768644&postcount=31
الشبهة العشرون:احتجاجهم بأثر منسوب لعلي ابن أبي طالب رضي الله عنه
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3768653&postcount=32
جمال البليدي
2011-06-20, 12:09
تابع لما سبق
رد الإعتراضات:
تنبيه:لقراءة المحتويات اضغط على العناوين
الإعتراض الأول:تفسير الفوقية بالمجاز على أنها فوقية قدر ورتبة . (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3792165&postcount=60)
الإعتراض الثاني: قولهم بأن آيات الصفات من المتشابه الذي لا يعرف معناه (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3792198&postcount=61)
الإعتراض الثالث (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3792206&postcount=62):إستنكارهم إطلاق لفظ(بذاته) ولفظ(حقيقة) على العلو والإستواء. (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3792206&postcount=62)
الإعتراض الرابع:تفسيرهم الإستواء بالإستيلاء (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3792278&postcount=63)
الإعتراض الخامس: إعتراضهم على الإستدلال بآيات الصعود والعروج والرفع والفوقية وتنزيل الكتب (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804066&postcount=72)
الإعتراض السادس: (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804066&postcount=72)إعتراضهم على دليل :رفع الأيدي إلى السماء. (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804066&postcount=72)
الجزء الأول:الرد على قولهم(( (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804073&postcount=73)نَّ السَّماءَ قبْلَةُ الدُّعاءِ)) (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804073&postcount=73)
الجزء الثاني:الرد على إحتجاجهم بوضع الجبهة على الأرض في السجود (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804082&postcount=74)
الإعتراض السابع:إعتراضاتهم على حديث الجارية. (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804100&postcount=75)
السؤال بأين الله ليس بدعةً (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804101&postcount=76)
الإعتراض الثامن: (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804121&postcount=77)شبهاتهم حول حديث النزول . (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804121&postcount=77)
لا تعارض بين النزول والعلو (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804124&postcount=78)
الإعتراض التاسع: (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804127&postcount=79)إعتراضهم على دليل الإسراء والمعراج في إثبات العلو(ردا على شيخهم ابن جهبل)) (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804127&postcount=79)
الإعتراض العاشر:إعتراضهم على دليل فطرة (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804129&postcount=80)
الإعتراض الحادي عشر:إعتراضهم على الدليل العقلي . (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3804132&postcount=81)
معنى قول بعض السلف" أمروها كما جاءت" (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3806005&postcount=82)
الرد على من يقول:الله لا داخل العالم ولا خارج عنه (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3806014&postcount=83)
الرد من قال: الله في كل مكان. (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3806027&postcount=84)
تعقيبات على بعض تفسيرات الإمامين النووي وابن حجر:
أولا:السبب الذي دعاني إلى عقد هذا الفصل مع بيان موقفنا من النووي وابن حجر (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3817445&postcount=85)
ثانيا: (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3817460&postcount=86)تعقيبات على الإمام النووي رحمه الله (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3817460&postcount=86)
ثالثا:تعقيبات على الحافظ ابن حجر: (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=3817821&postcount=87)
قذائف الحق
2011-06-20, 20:03
المنتدى : وثائق التجسيم الوهابي (http://tajalawliaa.org/vb/forumdisplay.php?f=134) http://tajalawliaa.org/vb/images/icons/icon1.gif تفسير إبن عثيمين للاستواء
تفسير إبن عثيمين للاستواء (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=238)
يفسر ابن عثيمين (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=238) معني الاستواء في كتابه العقيدة الواسطية ويقول في الاستواء ما لم يقوله مالك في الخمر
واليكم صفحة مصورة من كتابه العقيدة الواسطية:
http://tajalawliaa.org/vb/images/statusicon/wol_error.gifإضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.http://www10.0zz0.com/2010/11/09/17/777475114.jpg (http://www.0zz0.com/)
قذائف الحق
2011-06-20, 20:05
من فساد التجسيم الوهابي (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=428)
هذه بعض اقوال الوهابية في التجسيم (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=428) ونبدا بابن القيم ,وابن عثيمين.
قال ابن القيم في مختصر الصواعق ص 386 , المثال الخامس : وجه الربجلا جلاله حيث ورد في الكتاب والسنة فليس بمجاز بل على حقيقته , واختلف المعطلون فيجهة التجوز في هذا فقالت طائفة : لفظ الوجه زائدا والتقدير ويبقى ربك .
ثم ياتي شيخ التجسيم (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=428) ابن عثيمين ويقول عن الوجه :
((ولعلنا بالمناسبة لا ننسى ما مر من قول النبي عليه الصلاة والسلام: "إن الله خلق آدم على صورته ، وذكرنا أن أحد الوجهين الصحيحين في تأويلها أن الله خلق آدم على الصورة التي اختارها واعتنى بها، ولهذا أضافها الله إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم، كإضافة الناقة والبيت إلى الله والمساجد إلى الله. والقول الثاني: أنه على صورته حقيقة ولا يلزم من ذلك التماثل.))
وكما ذكرت ان ابن عثيمين ذكر في العقيدة الواسطية في حديث (خلق ادم علي صورة الرحمن بانها صورة فوتوغرافية لا اختلاف بينها وبين صورة الاصل).
قذائف الحق
2011-06-20, 20:07
الصورة الفوتوغرافية لمعبود الوهابية (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=145)
ابن عثيمين حبر الوهابية (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=145) يأتي بجريرة لعمري انها من شر ما جاء به فقد اثبت تشابه شبه صورة ادم عليه السلام بصورة الله والعياذ بالله ومن افك هذا الرجل ضرب مثلا بالصورة الفوتوغرافية (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=145) لايجاد الشبه بين الصورتين.
وذكر ذلك في كتابه العقيدة الواسطية صفحة 65 طبعة دار المنار ، ثم يستدل هذا المتناقض ويقول لا يمكن ان يتناقض هذا الحديث مع قوله تعالي (ليس كمثله شيء).
سبحان الله علي عقلية هذا الرجل يقول صورة فوتو غرافية طبق الاصل ثم ياتي ويقول لا تناقض.
http://tajalawliaa.org/vb/images/statusicon/wol_error.gifإضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.http://www3.0zz0.com/2010/11/02/18/929105281.jpg (http://www.0zz0.com/)
ويقول في نفس الكتاب صفحة 60 : ( لا يمكن التماثل بين الخالق والمخلوق باي حال من الاحوال). أهـ
فمن نصدق يا ابن عثيمين؟
قذائف الحق
2011-06-20, 20:10
ابن القيم والدارمي وعقيدة التجسيم (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=930)
الحمد لله الاول الذي ليس قبله شيء والاخر الذي ليس بعده شيء واصلي واسلم علي خير مبعوث لخير امة.
حقيقة لقد ادهش كتاب المتجسم الدارمي (النقض علي بشر) جميع عقيدة أهل التجسيم (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=930) بما فيهم ابن تيمية وابن القيم (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=930) لان هذا الكتاب قد عبر عما في دواخلهم والذي خافوا اخراجه فيكون سببا في هلاكهم .
وهذا ابن تيمية يثني علي كتاب الدارمي وليس حظ ابن القييم في الثناء علي هذا الكتاب باقل مما قاله ابن تيمية فيه.
فقد قال ابن القيم (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=930) في كتابه اجتماع الجيوش الاسلامية طبعة دار الكتاب العربي تحقيق فواز احمد زمرلي صفحة 139 :قال في ثناءه علي الدارمي مستشهدا:
قال فيه ابو الفضل الفرات : ما رايت مثل عثمان سعيد ولا راي عثمان مثل نفسه.
وهذه حقيقة لان ما ذكره الدارمي لم يتجرأ أحد من أهل الاسلام علي ذكره وقد افتى أهل العلم بكفر المجسم لذلك احجم أهل العلم في الخوض في لجة التشبيه.
ثم يقول ابن القيم (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=930) مستشهدا بكلام الدارمي من كتابه السابق ذكره :وقد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالي فوق عرشه فوق سماواته لا ينزل قبل يوم القيامة الي الارض.
ثم يمضي هذا المتجسم المفتري علي الله ويقول وتتشقق السموات يومئذ لنزوله وتنزل الملائكة تنزيلا ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية كما قال الله سبحانه وتعالي ورسوله صلي الله عليه وسلم ، فلم يشك المسلمون ان الله لا ينزل الي الارض قبل يوم لقيامة لشيء من امور الدنيا .
قذائف الحق
2011-06-20, 20:16
صالح السحيمي الوهابي والتجسيم الصريح:- يقول ان لله تعالى ظل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صالح السحيمي الوهابي والتجسيم الصريح:- يقول ان لله تعالى ظل
ما زلنا مع مسلسل تجسيم الوهابية وفي هذا الموضوع سنرفق ملف صوتي لصالح السحيمي المجسم يقول الله له ظل يليق بجلاله.
فإذا لم يكن هذا تجسيماً فماذا يكون يا عقلاء؟؟؟
{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ }
{ سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ }
(تعالى الله عما يصفون)
الا يعلم هؤلاء أنه يوجد حديث يفسر المعني بوضوح ما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام: ((في ظل عرشه))
كما ثبت عن المسجد أنه بيت الله، هل يعني بيت الله إلا الإضافة والتمليك لا أنه يسكن فيه سبحانه..هل بعد التجسيم تجسيم؟؟؟
فا لمقصود بالظل ظل العرش وليس الظل وصفا لله
(سبحانه ليس كمثله شئ)
والحديث الذي ورد عند البخاري من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِى ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِى عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِى الْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِى اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ . وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ »
ورد تفسيره في موضع آخر عند الترمذي
من حديث عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ ».
وصححه ايضاً شيخهم الألباني في صحيح الجامع حديث رقم: 6107. حتى لا يكون لبني وهبان حجة في الطعن في الحديث فلا يأخذون الا بقول الألباني فذلك قول الألباني في الحديث.
فعلم من الحديث أن المقصود ظل العرش فأين بني وهبان من فهم آيات الله تعالى وسنه نبيه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؟؟
حمل قول صالح بن سعد السحيمي صوتياً وفي الملف الصوتي ينفي
تفسير الحديث بالحديث بل يقول ان للعرش ظل وكذلك لله ظل تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً
صالح السحيمي والتجسيم الصريح :يقول ان لله تعالى ظل (http://02fc108.netsolhost.com/voce/sohemy_zel.rar)
قذائف الحق
2011-06-20, 20:19
كشف تدليس الوهابية في مقولة قَالَ مالك بن أنس: إن الله فَوْقَ السماء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كشف تدليس الوهابية في مقولة قَالَ مالك بن أنس: إن الله فَوْقَ السماء
بيان أن ما تنسبه المشبهة للإمام مالك تقوٌّلٌ عليه بما لم يقُل .
قالت الوهابية
قَالَ مالك بن أنس: إن الله فَوْقَ السماء، وعلمه فِي كلّ مكان
فمن اعتقد أنّ الله فِي جوف السّمَاء محصور محاط به، وأنّه مفتقر إِلَى العرش، أَوْ غير العرش – من المخلوقات- أَوْ أَنْ استواءه عَلَى عرشه كاستواء المخلوق عَلَى كرسيّه: فَهُوَ ضال مبتدع جاهل، ومن اعتقد أنّه لَيْسَ فَوْقَ السَّمَاوَات إله يعبد، وَلاَ عَلَى العرش ربّ يصلّى لَهُ ويسجد، وأنّ محمداً لَمْ يعرج بِهِ إِلَى ربّه؛ وَلاَ نزل القرآن من عنده: فَهُوَ معطّل فرعوني، ضال مبتدع –وقال- بَعْدَ كلام طويل- والقائل الَّذِي قَالَ: من لَمْ يعتقد أَنّ الله فِي السّمَاء فَهُوَ ضال: إن أراد بذلك من لاَ يعتقد أنّ الله فِي جوف السّمَاء، بحيث تحصره وتحيط بِهِ: فَقَدْ أخطأ.
نقول:
قال الشيخ محمد اليافعي
إن هذا الآثر المنسوب عن الأمام مالك لا يصح انفرد بذكره عبد الله بن نافع عن الإمام مالك دوناً عن غيره ! ولم يتابع عليه ..
وعبد الله بن نافع هذا متكلم في حفظه كما ذكر كبار العلماء ..
وأما هذا الأثر فهو مخرّج في كتب العلماء من طريق عبد الله بن نافع ..
فقد أخرجه أبو داود في مسائل الإمام أحمد ( ص263 ) عن عبد الله بن نافع قال : ( قال مالك : الله في السماء وعلمه في كل مكان )
وقال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء ( 8 / 101 ) : ( وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب : " الرد على الجهمية " ( 1 ) له ، قال: حدثني أبي ، حدثنا سريج بن النعمان ، عن عبد الله بن نافع ، قال : قال مالك : الله في السماء ، وعلمه في كل مكان لا يخلو من شئ)
وأخرجه الإمام عبد الله بن حنبل في كتاب السنة المنسوب اليه ( 1 / 106 - 107 طبعة دار ابن القيم - الدمام الطبعة الأولى ، 1406 ، بتحقيق الدكتور محمد سعيد سالم القحطاني ) : ( حدثني أبي رحمه الله قال حدثنا سريج بن النعمان اخبرني عبد الله بن نافع قال : وقال مالك رحمه الله الله عز و جل في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء وتلا هذه الآية " ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم " ، وعظم عليه الكلام في هذا واستشنعه )
ثم اورده في مكان آخر بعد صفحات ( 1 / 174 طبعة دار ابن القيم - الدمام الطبعة الأولى ، 1406 ، بتحقيق الدكتور محمد سعيد سالم القحطاني ) ، : ( حدثني أبو الحسن العطار قال سمعت سريج بن النعمان يقول سألت عبد الله بن نافع .... فذكره )
قال المحقق القحطاني : ( رجاله ثقات ) !
قلت : هكذا قال تقليداً للالباني ! من دون تمحيص !!
ولو كان تحرى الحق لما جازف بهذه العبارة ! ، ولكن هذا جزاء من يأخذ العلم عن غير أهله !
كما أخرجه اللالكائي في اعتقاد أهل السنة والجماعة ( 3 / 401 برقم 673 طبعة دار طيبة - الرياض ، 1402 تحقيق الدكتور أحمد سعد حمدان ) من طريق الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب السنة ، فقال : ( أخبرنا محمد بن عبد الله بن الحجاج قال أخبرنا أحمد بن الحسين قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا أبي قال ثنا سريج بن النعمان قال حدثني عبد الله بن نافع قال ملك الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء )
ورواه أبو بكر النجاد في الرد على من يقول القرآن مخلوق برقم 2 طبعة مكتبة الصحابة الإسلامية - الكويت ، 1400 ، بتحقيق رضا الله محمد إدريس ) ، قال : ( ثنا احمد ثنا عبد الله بن احمد بن حنبل قال حدثني ابي رحمه الله قال ثنا سريج بن النعمان قال حدثني عبد الله بن نافع قال كان مالك بن انس يقول الايمان قول وعمل ويقول وكلم الله عز وجل موسى وقال مالك الله في السماء وعلمه في كل مكان لايخلو منه شيء )
وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة الإمام مالك رحمه الله ( 1 / 209 ) من رواية عبد الله بن حنبل في كتاب السنة المنسوب إليه ، عن ابيه به .
ومن هذه الطريق ؛ ذكره في تاريخ الإسلام ، فقال : ( وقال عبد الله بن نافع : قال مالك : الله في السماء وعلمه في كل مكان رواه أحمد بن حنبل ، عن سريج بن النعمان ، عن ابن نافع )
وذكره الإمام أحمد في العلل ( 1 / 530 برقم 1248طبعة المكتب الإسلامي , دار الخاني - بيروت ، الرياض الطبعة الأولى ، 1408 - 1988 ، بتحقيق وصي الله بن محمد عباس ) ، و ( 3 / 180 برقم 4783 طبعة المكتب الإسلامي , دار الخاني - بيروت ، الرياض الطبعة الأولى ، 1408 - 1988 ، بتحقيق وصي الله بن محمد عباس ) بنفس اسناد كتاب السنة المنسوب إلى ابنه عبد الله عن عبد الله بن نافع .
وأخرجه ابن قدامة في إثبات صفة العلو ( ص 115 طبعة الدار السلفية - الكويت الطبعة الأولى ، 1406 ، بتحقيق بدر عبد الله البدر ) ، فقال : ( اخبرنا ابو بكر عبد الله بن محمد قال أنبأنا ابو بكر احمد بن علي أنبأ هبة الله بن الحسن أنبأ محمد بن عبيد الله بن الحجاج أنبأ احمد بن الحسن ثنا عبد الله ابن احمد أنبأ ابي ثنا سريج بن النعمان قال حدثني عبد الله بن نافع قال قال مالك الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء )
وقد ذكره الذهبي في العلو ( ص 228 طبعة مكتبة أضواء السلف - الرياض الطبعة الأولى ، 1995 ، بتحقيق أبو محمد أشرف بن عبد المقصود ) من طريق الآجري ، فقال : ( قال ( يعني الآجري ) حدثنا ابن مخلد حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا سريج بن النعمان حدثنا عبد الله بن نافع قال قال مالك الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو من علمه مكان )
وصححه الألباني في مختصر العلو ( ص 75 طبعة المكتب الإسلامي - بيروت الطبعة الثانية - 1412 ، باختصاره وتحقيق وتعليق وتخريج الألباني ) !! ..
قلت : وهذا تقصير من الألباني وعدم فهم لكلام العلماء ! ، أو انه بسبب اتباع الهوى !!؟؟
وقال العلامة وهبي سليمان غاوجي الألباني في شرحه لكتاب إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل لبدر الدين بن جماعة ( ص 82 طبعة دار السلام الطبعة الأولى ، 1990 ، بتحقيق وهبي سليمان غاوجي الألباني ) في فصل تحت عنوان " دعاوى خطيرة ليس لها دليل شرعي" ، ما نصه :
( وما يرويه سريج بن النعمان عن عبد الله بن نافع عن مالك أنه كان يقول : " الله في السماء وعلمه في كل مكان " .
لا يثبت .
قال الإمام أحمد : عبد الله بن نافع الصايغ لم يكن صاحب حديث وكان ضعيفا فيه .
قال ابن عدي : يروي غرائب عن مالك .
وقال ابن فرحون : كان أصم أميا لايكتب .
وبمثل هذا السند لا ينسب إلى مثل مالك مثل هذا وقد تواتر عنه عدم الخوض في الصفات وفيما ليس تحته عمل كما كان عليه أهل المدينة على ما في شرح السنة للألكائي وغيره )
قلت : لا فض فوك فهذا هو الكلام الصحيح ، فرحم الله امرء عرف قدر نفسه ..
فـ " عبد الله بن نافع " لم يرتضي العلماء حفظه ، فهو لم يكن بالحافظ عندهم ..
قال أبو أحمد الحاكم : ليس بالحافظ عندهم
وقال أبو طالب عن أحمد : لم يكن صاحب حديث كان ضعيفا فيه
وانما صححوا كتابه ، ولينوه في حفظه ..
وقال أبو حاتم : ليس بالحافظ هو لين في حفظه ، وكتابه أصح
وقال البخاري : في حفظه شيء ، وقال أيضا : يعرف حفظه وينكروا ، كتابه أصح
وذكره بن حبان في الثقات وقال : كان صحيح الكتاب وإذا حدث من حفظه ربما أخطأ
وقال الحافظ في التهذيب : ( والصائغ قال البخاري : في حفظه شيء وأما الموطأ فأرجو )
قلت : لانه يروي الموطأ من كتاب وليس من حفظه ..
وقال عنه الحافظ في التقريب : ( ثقة صحيح الكتاب ، في حفظه لين ) اهـ ..
وأما سبب تركهم لحفظه هو لانه في آخر عمره دخله شك في حديث مالك ..
قال الآجري عن أبي داود :
( سمعت أحمد يقول : كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه ، كان يحفظ حديث مالك كله ثم دخله بآخره شك ) .
قلت : وهذه علة تقدح في حفظه ، ولهذا فقد ضعفوه من قِبَلِ حفظه ولم يصححوا حديثه اذا حدث من غير كتاب ..
بانه اتهم بروايته غرائب عن الإمام مالك ؟؟
قال ابن عدي : يروي غرائب عن مالك .
فلا يصح تفرد الضعيف بالرواية ..
قال أبو طالب عن أحمد : لم يكن صاحب حديث كان ضعيفا فيه
وبالجملة فالرجل ضعيف صاحب يتفرد بغرائب عن مالك ! ..
وهذا ملخص قولهم في حفظه ، فكيف بعد هذا يصححون تفرده ؟؟
ثم كيف ينفرد عن الإمام مالك بهذه المقولة دوناً عن اصحابه !
مع شهرة الإمام مالك ؟؟
وهذا ما يزيدنا شكاً في نسبة هذه العبارة للإمام مالك رحمه الله ..
قلت : وهذه هي الكتب التي ذكرت هذا الاثر مسنداً فيما أعلم ..
اما بقية الكتب فنقلته نقلاً من دون اسناد ، ولا نحتاج الى الاشادة بها لعدم الحاجة ..
فالعبرة بالإسناد ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ..
أنتهي كلام الشيخ محمد اليافعي.
الرد على شبهات القوم مع ان جميع الشبهات تم الرد عليه ولا مانع من تكرارها بصيغة شبهات وردود ليتعلم الوهابية
1- قولهم ان الإمام احمد احتج بالاثر في كتاب الشريعة للاجري.
الرد
قال الآجري عن أبي داود : ( سمعت أحمد يقول : كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه ، كان يحفظ حديث مالك كله ثم دخله بآخره شك ) .
وهذه عبارة الامام أحمد من دون بتر ..
اذاً فالرجل قد دخله شك في آخره ، ولو كانت هذه العلة الوحيدة فيه ؛ لكانت كافية لاسقاط تفرداته ! ، ولكنه ايضاً ضعيفاً عند العلماء ..
ومثله لا يُقبل تفرده ..
وحدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلى قال : حدثنا الفضل بن زياد قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول : قال مالك بن أنس : الله عز وجل في السماء وعلمه في كل مكان ، لا يخلو منه مكان ، فقلت : من أخبرك عن مالك بهذا ؟ قال : سمعته من شريح بن النعمان ، عن عبد الله بن نافع
فهذا النقل ليس من باب الاحتجاج ..
اولاً:- فهنا الإمام أحمد قد أخلى عهدته من هذا الاثر حيث قال في نهايته
فقلت : من أخبرك عن مالك بهذا ؟ قال : سمعته من شريح بن النعمان ، عن عبد الله بن نافع
فقوله بانه سمعه من شريح بن النعمان عن عبد الله بن نافع ؛ هو من باب اخلاء العهدة ثانياً : ان الامام أحمد قد بيّن حال عبد الله بن نافع حيث قال : عبد الله بن نافع الصايغ لم يكن صاحب حديث وكان ضعيفا فيه .
وقال الآجري عن أبي داود : ( سمعت أحمد يقول : كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه ، كان يحفظ حديث مالك كله ثم دخله بآخره شك ) .
2- قولهم ان أن عبدالله بن نافع الصائغ أعلم الناس برأي مالك وحديثه
فقد عده ابن معين من الأثبات في مالك
وقال عنه ابن سعد (( لزم مالك لزوما شديدا ))
وقال أحمد (( كان أعلم الناس برأي مالك وحديثه ))
وقال أبوداود (( كان عبدالله عالما بمالك ))
نقول
اولاً عبارة الإمام احمد بن حنبل كاملة هي هكذا
كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه ، كان يحفظ حديث مالك كله ثم دخله بآخره شك .
وهذه عبارة الامام أحمد من دون بتر ..
اذاً فالرجل قد دخله شك في آخره ، ولو كانت هذه العلة الوحيدة فيه ؛ لكانت كافية لاسقاط تفرداته ! ، ولكنه ايضاً ضعيفاً عند العلماء ..
ومثله لا يُقبل تفرده ..
ثانثاً:- قرر العلماء انه لم يكن صاحب حديث وقد لينه العلماء في حفظة وكتابه اصح.
وهذا لانه دحلة شك وحفظة لين فهو قد روي الموطأ من كتاب وليس من حفظه وما وصل من حفظه وتفرد به فهو مردود
قال أبو أحمد الحاكم : ليس بالحافظ عندهم
وقال أبو طالب عن أحمد : لم يكن صاحب حديث كان ضعيفا فيه
قلت : وانما صححوا كتابه ، ولينوه في حفظه ..
وقال أبو حاتم : ليس بالحافظ هو لين في حفظه ، وكتابه أصح
وقال البخاري : في حفظه شيء ، وقال أيضا : يعرف حفظه وينكروا ، كتابه أصح
وذكره بن حبان في الثقات وقال : كان صحيح الكتاب وإذا حدث من حفظه ربما أخطأ
وقال الحافظ في التهذيب : ( والصائغ قال البخاري : في حفظه شيء وأما الموطأ فأرجو )
قلت : لانه يروي الموطأ من كتاب وليس من حفظه ..
وقال عنه الحافظ في التقريب : ( ثقة صحيح الكتاب ، في حفظه لين ) اهـ ..
وأما سبب تركهم لحفظه هو لانه في آخر عمره دخله شك في حديث مالك ..
قال الآجري عن أبي داود : ( سمعت أحمد يقول : كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه ، كان يحفظ حديث مالك كله ثم دخله بآخره شك ) .
ونقول ثبت وتوتر عن الإمام مالك عدم الخوض في الصفات وفيما ليس تحته عمل
وبمثل السند السابق لا ينسب إلى مثل مالك مثل هذا ابداً.
* ثبت عن الإمام مالك رضي الله عنه ما رواه الحافظ البيهقي في كتابه (( الأسماء والصفات ))(ص 408 ) ، بإسناد جيد كما قال الحافظ في (( الفتح )) (ج13/406-407) من طريق عبد الله بن وهب قال :
كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل فقال : يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى كيف استواؤه؟ قال: فأطرق مالك وأخذته الرحضاء ثم رفع رأسه فقال : الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه ، قال : فأخرج الرجل "اهـ
فقول الإمام مالك : (( وكيف عنه مرفوع )) أي ليس استواؤه على العرش كيفًا أي هيئة كاستواء المخلوقين من جلوس ونحوه . وقوله :" أنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه"، وذلك لأن الرجل سأله بقوله كيف استواؤه ، ولو كان الذي حصل مجرد سؤال عن معنى هذه الآية مع اعتقاد أنها لا تؤخذ على ظاهرها ما كان اعترض عليه .
وروى الحافظ البيهقي في الأسماء والصفات (ص 408) من طريق يحيى بن يحيى قال :
((" كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال : يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى فكيف استوى ؟ قال : فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرحضاء ثم قال :الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا مبتدعا فأمر به أن يخرج" ، قال البيهقي : وروي في ذلك أيضا عن ربيعة بن عبد الرحمن أستاذ مالك بن أنس رضي الله عنهما )) ا هـ .
قال المحدث الشيخ سلامة العزامي– من علماء الأزهر - (فرقان القرءان بين صفات الخالق وصفات الأكوان ص 22):
" قول مالك عن هذا الرجل (( صاحب بدعة )) لأن سؤاله عن كيفية الاستواء يدل على أنه فهم الاستواء على معناه الظاهر الحسي الذي هو من قبيل تمكن جسم على جسم واستقراره عليه وإنما شك في كيفية هذا الاستقرار. فسأل عنها وهذا هو التشبيه بعينه الذي أشار إليه الإمام بالبدعة " ا هـ.
قلنا : وهذا فيمن سأل كيف استوى فما بالكم بالذي فسره بالجلوس والقعود والاستقرار؟
ثم إن الإمام مالكا عالم المدينة وإمام دار الهجرة نجم العلماء أمير المؤمنين في الحديث رضي الله عنه ينفي عن الله الجهة كسائر أئمة الهدى
فقد ذكر الإمام العلامة قاضي قضاة الإسكندرية ناصر الدين بن المنير المالكي من أهل القرن السابع الفقيه المفسر النحوي الأصولي الخطيب الأديب البارع في علوم كثيرة في كتابه (( المقتفى في شرف المصطفى)) لما تكلم عن الجهة وقرر نفيها ، قال :
ولهذا المعنى أشار مالك رحمه الله في قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تفضلوني على يونس بن متى" ( رواه البخاري)، فقال مالك: إنما خص يونس للتنبيه على التنـزيه لأنه صلى الله عليه وسلم رُفع إلى العرش ويونس عليه السلام هُبط على قابوس البحر ونسبتهما مع ذلك من حيث الجهة إلى الحق جل جلاله نسبة واحدة ، ولو كان الفضل بالمكان لكان عليه الصلاة والسلام أقرب من يونس بن متى وأفضل مكانا ولما نهى عن ذلك"اهـ ، ثم أخذ الفقيه ناصر الدين يبين أن الفضل بالمكانة لا بالمكان )) ا هـ.
ونقل ذلك عنه أيضا الإمام الحافظ تقي الدين السبكي الشافعي في كتابه (( السيف الصقيل )) (ص 137)
والإمام الحافظ محمد مرتضى الزبيدي الحنفي في (( إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين )) (ج2/105) وغيرهما .
قذائف الحق
2011-06-20, 20:21
نقاش هادئ لمقولة (الله فى السماء بذاته التي ينطقها حشوية العصر الوهابية)
الكاتب: هانى على الرضا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام الأتمَّان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
هذه كلمات ليس فيها جديد يضاف على المسألة المقتولة بحثا ، ولكنها محاولة لتقريب الفهم وتيسير العبارة ، وإعادة الشرح لعقيدة أهل السنة والجماعة في هذا الشأن ، وهي في أغلبه نقول أو تقييدات لبعض ما سمعته من مشايخي من فوائد وإشارات وإحالات .
إني أعتقد أن منشأ الكثير من الخلاف والاحتراب حول هذه العبارة ، هو عدم فهم لعبارات علماء أهل السنة ومنطلقاتهن في تنزيه الله سبحانه ، فهذه الكلمات هنا هي فقط محاولة لإعادة تقديم عقيدة أهل السنة في هذه المسألة ، في عبارات أرجو أن تكون سهلة بينة للجميع تناسب العصر، ويفهمها غير المتخصص، وهي موجهة أصلا لعامة الناس ممن أكلتهم فتنة التجسيم في هذا الزمان ،والقصد أولا وأخيرا لم شمل المسلمين والنصح في الدين ، وليس مقصدي الجدل والمراء والله على ما أقول شهيد .
مدخل وتأسيس
إن المعنى الحرفي لـ ( الله في السماء ) يعني أن الله في الحقيقة موجود في أحد مخلوقاته لأن السماء مخلوقة.
ولا يجوز أبدا في الإسلام اعتقاد أن الله يكمن، أو يقيم، أو يحل في شيء من مخلوقاته .
يعتقد النصارى أن الله حل في عيسى عليه السلام، أو كما يعتقد الهندوس والبوذيين، أن الآلهة تتجسد وتتقمص أجساد أشخاص بعينهم ،ومن اعتقد أن الله ( في السماء ) حقيقة فقد ماثل قولُه قولَ النصارى والهندوس بلا شك.
الله عند المسلمين الموحدين له حق توحيده واحد أحد ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
يجب علينا كمسلمين أن نعتقد أن الله هو (الغني) الذي لا يحتاج إلى ما سواه من خلقه وكل ما سواه من خلقه محتاج له قائم بمنه وكرمه.
يقول الله بأوضح بيان في سورة العنكبوت
((إن الله لغني عن العالمين))
ويذكر الله صفة ( الغِنَى ) هذه عن نفسه في حوالي سبعة عشر موضعا من القرآن.
إن ( غِنَى ) الله هو نقطة رئيسة في العقيدة الإسلامية ومحور مهم يقوم عليه كل إيمان المسلمين .
إنه بسبب هذا ( الغِنَى ) لا يمكن أبدا عند المسلمين أن يكون الله هو عيسى عليه السلام، أو يكون أي شخص، أو شيء آخر ذا جسد وبدن، أو شكل وكيف :
لأن الأبدان والأجساد والأجسام والأشكال وذوات الكيف، كلها تحتاج إلى الحيز ( المكان)الذي تحتله، ولا يمكن أن تتواجد بدونه ،والزمان الذي تتحرك وتحيا فيه وخلاله، ولا يعقل وجودها دونه .
فالحيز والبعد الزمني كلاهما لازمين ذاتيين لوجودنا ولوجود أي جسم.
إذاً، كل ذا جسد أو جسم أو بدن أو كيف لا يمكن أن يتواجد دون توفر هذين البعدين الذين هما في نفسيهما مخلوقان من خلق الله ،فإذاً كل ذا جسم وكيف ( هيئة ) يفتقر وجوده لوجود الزمان والمكان.
أما الله (الغَنِيُّ ) عند المسلمين، فلا يجوز أن يفتقر أو يحتاج إلى ما سواه، وهو الذي وَصَفَ نفسه بالغِنَى المطلق في الكتاب الكريم
الله تعالى يقوم بذاته ولا يحتاج لما سواه وكل ما سواه محتاج له، لهذا السبب عينِه يستحيل أن يكون لله تعالى جسم أو كيف أو مكان أو زمان.
هذه هي " عقيدة القرآن " ، وهي العقيدة التي صرح بها القرآن الكريم في أكثر من موضع ، وهي العقيدة التي أبقاها السادة العلماء من السلف والخلف في ذهنهم خلال قراءتهم وفهمهم لآيات قرآنية أخرى أو أحاديث نبوية، فلم يفهموا تلك الآيات والأحاديث بعيدا عن هذه العقيدة القرآنية المحورية بل فهموا كل تلك الآيات والأحاديث في ضوء هذه العقيدة المهمة التي تفرق المسلمين الموحدين عن غيرهم من عبدة الأوثان والكفرة المجسِّمين من يهود ونصارى .
يرفع المسلمون أيديهم إلى السماء عند دعاء الله لأن السماء هي(قبلة)الدعاء وليس لأن الله – سبحانه – يحتل تلك الجهة المعينة تماماً،مثلما أن الكعبة هي قبلة الصلاة التي يتوجه إليها المسلمون في صلاتهم
ولا أحدَ من المسلمين البتة، يعتقد أن الله في جهة الكعبة أو داخلها، بل كما إن الله خلال حكمته قد جعل القبلة علامةً، وآيةً،ورمزَ وحدة للمسلمين بكافة طوائفهم وفرقهم ، فهو سبحانه قد جعل السماء علامةً، وآيةً،ورمزاً، وإشارةَ رفعته ومجده وعزه، ولا تناهيه، ولا محدوديته ،سبحانه وتعالى
فكلما يأتي ذِكرُ السماء، يتذكر المسلمون رفعةَ الله وعزَّه ومجدَه ولا تناهيه، كما أنه كلما ذُكِرَت الكعبة، شعر المسلمون وتذكروا وحدتهم وتوحد مصيرهم وأصلهم وأمتهم
وهذا المعنى الدال على رفعة الله وعلوه وعزته، هو الذي يتملك قلب كل مؤمن موحِّد حالَ رفعه يديه إلى السماء، ودعاءه رب السماء والأرض سبحانه وتعالى .
لقد اقتضت حكمة الله البالغة أن تضمن هذه المعاني في السنة النبوية، لترفع من قلوب الناس الذين كانوا أول من سمعها، ولِتُوَجِّهَهُم ليلحظوا ويعرفوا مجد الله وعلوه ورفعته ولا تناهيه من خلال أعظم وأكبر آية إلهية محسوسة لهم : السماء المرئية التي رفعها الله فوقهم .
العديد من أولئك الذين سمعوا هذه المعاني أول مرة من فم النبي صلى الله عليه وسلم، وبالأخص عندما كانوا حديثي عهد بكفر وفارقوا لتوهم الجاهلية ،كانوا مرتبطين بشدة ومنجذبين إلى الواقع المادي المحسوس ولم يكن لديهم أدنى تصور عن وجود غير مادي أو محسوس كما تشهد بذلك أوثانهم التي كانت تماثيلَ وصوراً منصوبةً على الأرض أمامهم، ذات جسم وجسد وجهة تتحيز فيها ويرونها أمامهم.
وبالطبع،كانت لغة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لإيصال معاني رفعةِ الله ومجدِه وعزِّه وعلوِّه وسموِّه ولا تناهيه إلى هؤلاء القوم الماديين حتى النخاع، كانت ولا بد أن تكون بمصطلحات وألفاظ ،يسهل عليهم إدراكها وفهمها
ومن هنا كان استخدام مجاز السماء أمامهم ليقود عقولهم إلى إدراك لا تناهي الله ولا محدوديته وسموه وعلوه
فاستُخدمت السماء كرمز يشير إلى كل هذه المعاني الغائبة عن عقول هؤلاء الوثنيين ،فكانت الإشارة إلى ما يعلمون لا تناهيه، ويرون ويحسون سموَّه وعلوَّه أمام أعينهم ( السماء ) ليسهل عليه إدراك سموِّ وعلوِّ ورفعةِ ولا تناهي ما لا يرون ولا يحسون ولا يعلمون ( الله عز وجل) وكل ذلك بالطبع مع قيام الفارق العظيم ، وقيام معنى(ليس كمثله شيء) شاهداً على القلوب فلا يقاس الله بسمائه سبحانه وتعالى .
يقول الإمام القرطبي – مفسر القرآن الشهير والعالم الرباني القدير من القرن السابع – في تفسيره ( الجامع لأحكام القرآن ) في تفسير قول الله تعالى((أأمنتم من في السماء)):
(والأخبار في هذا الباب كثيرة صحيحة منتشرة، مشيرة إلى العلو،لا يدفعها إلا ملحد أو جاهل معاند ، والمراد بها توقيره وتنزيهه عن السفل والتحت ، ووصفه بالعلو والعظمة لا بالأماكن والجهات والحدود لأنها صفات الأجسام) . انتهى
وقـال الشاطبي في (الموافقات) 4/154- تحت مسألة مالا بد من معرفته لمن أراد علم القرآن- :
(ومن ذلك معرفة عادات العرب في أقوالها وأفعالها ومجاري أحوالها حالة التنزيل ، وإن لم يكن ثم سبب خاص لابد لمن أراد الخوض في علوم القرآن منه ، وإلا وقع في الشُبه والإشكالات التي يتعذرالخروج منها إلا بهذه المعرفة – ...... ثم ذكر أمثلةً على ذلك ومنها قوله، والثالث:
قوله تعالى (يخافون ربهم من فوقهم) (أأمنتم من في السماء) وأشباه ذلك ، إنما جرى على معتادهم في اتخاذ الآلهة في الأرض، وإن كانوا مقرِّين بإلهية الواحد الحق ، فجاءت الآيات بتعيين الفوق وتخصيصه تنبيهاً على نفي ما ادَّعوه في الأرض ، فلا يكون فيه دليل على إثبات جهة البتة. ) انتهى من الموافقات
ولكن .... الجارية تقول : الله في السماء !!!
حديث الجارية :
أورد الإمام مسلم في صحيحه عن معاوية بن الحكم قال :
(قلت: يا رسول الله ، إني حديث عهد بجاهلية. وقد جاء الله بالإسلام. وإن منا رجالا يأتون الكهان. قال "فلا تأتهم" قال: ومنا رجال يتطيرون. قال "ذاك شيء يجدونه فيصدورهم. فلا يصدَّنَّهم (قال ابن المصباح: فلا يصدَّنَّكم)
قال قلت: ومنا رجال يخطُّون. قال "كان نبي من الأنبياء يخط. فمن وافق خطه فذاك"
قال: وكانت لي جاريةٌ ترعى غنماً ليقِبَل أحد والجوانية. فاطَّلعتُ ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها.
وأنا رجل من بني آدم. آسف كما يأسفون. لكني صككتها صكة. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي. قلت: يا رسول الله ، أفلا أعتقها؟
قال "ائتني بها" فأتيته بها. فقال لها : "أين الله؟" قالت: في السماء. قال: "من أنا؟" قالت: أنت رسول الله. قال: "أعتقها. فإنها مؤمنة.) صحيح مسلم
ويعلق الإمام النووي على الحديث في شرحه على مسلم قائلا :
(هذا الحديث من أحاديث الصِّفات، وفيها مذهبان تقدَّم ذكرهما مرَّات في كتاب الإيمان:
أحدهما:
الإيمان به من غير خوض في ((( معناه )))، مع اعتقاد أنَّ الله ليس كمثله شيء،وتنزيهه عن سمات المخلوقات.
والثَّاني:
(((تأويله ))) بما يليق به.
فمن قال بهذا – أي التأويل - قال: كان المراد امتحانها هل هي موحِّدة تقرُّ بأنَّ الخالق المدبِّر الفعَّال هو الله وحده، وهو الَّذي إذا دعاه الدَّاعي استقبل السَّماء،كما إذا صلَّى المصلِّي استقبل الكعبة،وليس ذلك لأنَّه منحصر في السَّماء، كما أنَّه ليس منحصراً في جهة الكعبة، بل ذلك لأنَّ السَّماء قبلة الدَّاعين، كما أنَّ الكعبة قبلة المصلِّين.
أو هي من عبدة الأوثان العابدين للأوثان الَّتي بين أيديهم، فلمَّا قالت: في السَّماء علم أنَّها موحِّدة وليست عابدة للأوثان. ) انتهى من شرح النووي على مسلم
جدير بالملاحظة هنا أن الإمام النووي لا يذكر فهم هذا الحديث حرفيا على ظاهره - كما يفعل الحشوية المجسمة كالوهابية عندما يقولون هو في السماء، تُفهم على ظاهر معناها الذي هو الجهة - كأحد أراء العلماء أو مواقفهما لمعتبرة أبدا !!
وقد يتصور البعض أن موقف النووي هذا نابع من كون هذا الحديث من أحاديث الآحاد التي لا يستدل بها في العقائد لكونها ظنية الثبوت ظنية الدلالة، ولكن الأمر أبعد من ذلك وأعمق بكثير !!
فنوع هذه الأحاديث تقبل كأدلة في العقيدة لدى أهل السنة والجماعة إن توفرشرط مهم وهو كون العقيدة المذكورة فيها سالمة من المعارضة .
وهذا الشرط غير موجود هنا في حديث الجارية هذا لعدة أسباب:
أولا :
القصة المروية في الحديث وألفاظها ومضمونها قد وصلت إلينا في عدة صور وألفاظ أخرى صحيحة ثابتة تختلف كثيرا عن نسخة وصورة ( أين الله؟ .. الله في السماء.)
أحد هذه الصور المغايرة مروي في صحيح ابن حبان بسند حسن وفيه يسأل النبي صلى الله عليه وسلم الجارية :
(من ربك ؟) ،فترد قائلة : الله ، ثم يسألها : (من أنا ؟) ،فتقول : أنت رسول الله ، فيقول عندها الرسول صلى الله عليه وسلم : أعتقها فإنها مؤمنة.
(الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ، مؤسسة الرسالة 1988)
وفي نسخة أخرى من الحديث مروية في مسند عبد الرزاق بسند صحيح ، يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجارية إن كانت تشهد أن لا إله إلا الله ،فتقول نعم ، فيسألها إن كانت تشهد أنه هو رسول الله ،فترد بنعم ،فيسألها إن كانت تؤمن بالبعث بعد الموت ، فترد بنعم فيأمر الرسول صلى الله عليه وسلم سيدها أن يعتقها .
( المصنف – المجلد 9 صفحة 175 طبعة المجلس العلمي 1970)
وهذه هي قواعد الإيمان الثلاثة المذكورة في القرآن في أكثر من موضع: الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر ويناسب أن يُسأل عنها من يراد أن يتحقق من إيمانه !
وفي نسخة أخرى نجد الجارية بَكْماء لا تستطيع الكلام،ولكنها فقط تشير إلى السماء في الجواب .
ويعلق الحافظ أمير المؤمنين في الحديث ابن حجر العسقلاني أن هنالك تناقض عظيم في ألفاظ الحديث في نسخه المختلفة ( تخليص الحبير – المجلد الثاني طـ الكليات الأزهرية 1979)
وعندما يكون لحديث ما هذا العدد من الصور والنسخ المتضاربة فإن هنالك احتمالاً قوياً أن يكون هذا الحديث قد رواه بعض الرواة في بعض طبقات السند بالمعني لا باللفظ !!
والمعنى هنا هو ما فهمه ذلك الراوي من الحديث لا حقيقة ما حدث فعلا وبالتالي فإن(فهم) شخص ما،لا يصلح لتبنى عليه عقيدة في الله تعالى .
ثانيا :
هذا الاعتبار السابق مهم جدا لموضوع البحث، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين بوضوح تام أركان العقيدة الإسلامية وقوائم الإيمان في الإسلام، وذلك في الحديث الذي رواه مسلم في كتاب الإيمان من صحيحه عندما أجاب على أسئلة جبريل عليه السلام قائلا :
(الإيمان : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر و تؤمن بالقدر خيره وشره)
ولم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أي شيء عن كون الله في السماء كركن من أركان الإيمان يعرف بها إيمان المرء من عدمه !!
لو كانت ( الله في السماء ) نقطة حاسمة وامتحان فاصل لإيمان المسلم من عدمه - كما تشير إلى ذلك نسخة - أين الله - من هذا الحديث - لكان لزاماً وواجباً حتمياً على النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر هذه النقطة في جوابه لسؤال جبريل عن ما هو الإيمان ؟!!!
ثالثا :
لو فهم شخص ما حديث الجارية حرفيا على ظاهره واعتقد أن ( الله في السماء ) حقيقة ، فإن ذلك يتناقض مع أحاديث أخرى صحيحة، لها هي الأخرى الحق في أن تفهم حرفياً على ظاهرها كما فهم حديث الجارية على ظاهره، ولا تؤول ولا تصرف عن الظاهر ،
ومن أمثلة هذه النصوص :
1 - مثلاً الله ( قريب) منا حال سجودنا :
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء) صحيح مسلم – كتاب الصلاة – باب ما يقال في الركوع والسجود.
بينما لو كان الله حرفياً (في السماء ) لكان أقرب إلينا حال وقوفنا !!
2 - الله سبحانه (أمامنا) حال قيامنا وصلاتنا :
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا كان أحدكم في صلاته فلا يبصق((أمامه)) فإن ((ربه أمامه))وليبصق عن يساره أو تحت قدمه فإن - قال سريج لم يجد - مبصقاً ففي ثوبه أو نعله.)
مسند الإمام أحمد بن حنبل – المجلد الثالث – مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .
فهل الله فوقنا في السماء أم هو أمامنا أو هو قريب منا !!؟؟؟
3 - الله((معنا)) حال ذكرنا له :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله تعالى :
(أنا((مع))عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه)
رواه أحمد في مسنده وابن ماجه والحاكم في المستدرك وصححه الحاكم والسيوطي كذلك في الجامع الصغير .
فأين الله بالضبط ؟؟
في السماء أم معنا - على الفهم الحرفي لـ ( مع ) - أم أمامنا أم قريب منا !!!؟؟
4 - الله ليس ( في السماء):
وأخيرا .. في حديث المعراج يمر النبي صلى الله عليه وسلم بكل السماوات السبع ويقص علينا ما شاهد في كل سماء ومن التقى وهو بصحبة جبريل عليه السلام ،ولكنه لا يأتي على ذكر التقائه بالله سبحانه وتعالى في أي من تلك السماوات السبع .
فلو كان الله تعالى ( في السماء ) حقيقة لأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه التقى رب العزة في السماء كذا وكذا !!!
والآن ..
عندما يقرأ المسلم كل هذه الأحاديث وغيرها الكثير الكثير ويفهمها كلها حرفيا على ظاهرها - كما تقول وتريد طائفة المجسمة الحشوية - فإنه يصيبه الارتباك ولا شك ويتبادر إلى ذهنه وجود التناقض بين نصوص الدين الحنيف ،والحقيقة أن ما من تناقض ولكن التناقض يكمن في عقله الضعيف فقط !!
فإذاً، الفهم الحرفي الظاهر يؤدي بالمسلم إلى الحيرة والتناقض،فلا يستطيع تحديد مكان ربه بالضبط - تعالى سبحانه عن المكان - ولا يمكنه الجمع بين كل هذه النصوص البتة إن فهمت كلها ظاهريا وحرفيا دون اللجوء إلى التأويل في بعضها على الأقل، ومن فهم هذه النصوص وغيرها ظاهريا فإنه سيتصور إله اًيتحرك هنا وهناك، مرة قرب العبد، ومرة معه، ومرة فوقه ومرة أمامه وووووووووو ، ومثل هذا الإله المتوهم هو قطعاً ليس الله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون ، وفساد هذا الاعتقاد بيّن لا يحتاج إلى كثير كلام .
رابعا :
الفهم الحرفي لكون الله في السماء يتناقض مع أصلين من أصول العقيدة الإسلامية أصَّلَهما القرآن الكريم :
الأول:
هو كون صفات الله مخالفة لصفات الحوادث ( المخلوقات)فلا تماثل شيئا من خلق الله البتة لقول الله تعالى في سورة الشورى : (ليس كمثله شيء.)
فلو كان الله حرفياً في السماء، لكان هنالك عدد لا يحصى من الحوادث مماثلة له في كونها في السماء لها ارتفاع ومكان وجهة وتحيز وهلم جرا كالطائرة والملائكة والشمس والقمر والكواكب،وبما أن الله ليس كمثله شيء فهو قطعاً ليس بجسم متحيز،لأن ما سواه أجسام متحيزة، وهو ليس كمثله شيء فليس جسماً قطعاً وتحقيقاً ،وكلما تبادر إلى ذهنك كونه الله فالله خلافه!!
الله يقول : (تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجاً وقمراً منيرا)
فهاهي البروج والشمس والقمر في السماء بنص الآية ، فلو كان الله أيضاً في السماء لماثلها ولكننا نعلم أن ليس كمثله شيء، فنتج انتفاء كونه في السماء على ظاهر اللفظ كما هو الحال مع البروج ووجب تفويض المعنى أو تأويله.
الثانى:
الأصل الثاني الذي تخالفه هذه العقيدة التجسيمية هو صفة ( غِنَى ) الله وعدم احتياجه البتة لشيء من خلقه سبحانه ، وهو أصل مبثوث في عدد من آي القرآن الكريم ، لذا وبموجب اعتقاد غِنَى الله المطلق، فإنه يستحيل كون الله جسماً أو كينونةً جسمية، لأن الأجسام تحتاج المكان والزمان لتتواجد فيهما، والله لا يحتاج البتة إلى زمان أو مكان، بل هو سبحانه قبل أن يكون زمان ومكان، والزمان والمكان خلقٌ منخلقه (الله خالق كل شيء.)
خامسا :
الفهم الحرفي الظاهري لمقولة الله ((في))السماء ، يعني ويفيد أن السماء تحيط بالله سبحانه وتعالى من كل الجهات بحيث يكون سبحانه أصغر منها لتحويه، وهو بالطبع تصور متهافت يرفضه حتى الأطفال الذين لم يبلغوا السعي .
وصرف معنى مقولة الله((في))السماء إلى((على السماء)) كما يفعل المجسمة عندما يغلبون في المناظرات ، هو نوع من التأويل الذي يفر منه هؤلاء الظاهرية ليقعوا فيه ولا بد !!
فإن (( في )) غير (( على )) وجعل أحدهما بمعنى الآخر هو تأويل وإن ادَّعوا أنه ليس تأويلا .
لكل هذه الأسباب ولأسباب أخرى يطول ذكرها ، رأى السادة العلماء ضرورةً ولزوما لفهم المجازي الرمزي لهذا الحديث ولغيره من النصوص الحاوية لمثل هذه التعابير والاستعارات الموهمة للتشبيه والتجسيم، بحيث يتوافق المعنى مع استعمالات اللغة العربية دون أن يعارض الثوابت القرآنية أو الحديثية الدالة على تنزيه الخالق سبحانه وتعالى .
أأمنتم من ( في السماء)
لنأخذ مثلا على ذلك قول الله سبحانه وتعالى : (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور)
ولننظر كيف فهمه وفسره أئمة أهل السنة والجماعة،ومدى توافق فهم المجسمة الحشوية كالوهابية مع فهمهم أو اختلافه عنه وبناء عليه نستطيع أن نحكم من هم أهل السنة :
القرطبي
( قال المحققون: أمنتم من فوق السماء؛ كقول: { فسيحوا في الأرض } أي فوقها لا بالمماسة والتحيز لكن بالقهر والتدبير. وقيل: معناه أمنتم من على السماء ؛كقوله تعالى: { ولأصلبنكم في جذوع النخل } أي عليها. ومعناه أنه مديرها ومالكها؛ كما يقال: فلان على العراق والحجاز؛أي وإليها وأميرها.) انتهى .
الجامع لأحكام القرآن .
الشربيني الخطيب
يذكر أن هنالك عدة وجوه تأويل لقول الله ( من في السماء ) ، منها أنها تعني : الذي في السماء سلطانه وسيادته، لأن السماء هي حيث تقطن الملائكة وتسكن وهناك عرشه أعظم المخلوقات وكرسيه واللوح المحفوظ الذي منه تتنزل أحكامه وقضاءه وكتبه وأوامره ونواهيه .
ويذكر كذلك تأويلا آخر وهو أن ( من في السماء) حذف منها إضافة وتقديرها :
أأمنتم من خالق الذي في السماء، ويقصد الملائكة الذين يقطنون السماء لأنهم هم المأمورون بإيقاع الرحمة الإلهية ( إرادته سبحانه الخير ) أو الغضب والانتقام الإلهي ( إرادته سبحانه الشر) .
(راجع السراج المنير طـ دار المعارف بيروت المجلد الرابع)
فخر الدين الرازي
يذكر أن ( من في السماء ) تعني الملك الموكل بايقاع العذاب والعقاب – جبريل عليه السلام - ،وقوله ( يخسف بكم الأرض ) يعني بأمر الله وإذنه .
(تفسير الفحر الرازي ط دارالفكر بيروت 1985)
أبو حيان النحوي
يذكر أن سياق هذه الكلمات قد يكون وفق معتقدات المخاطبين بهذا الوعيد ( المشركين ) لأنهم كانوا مجسمة يجسمون الله ويتصورنه جسما كما يجسمون بقية آلهتم في شكل أوثان وأصنام وتماثيل ، فخاطبهم وفق معتقدهم لا موافقة لهم وإقرارا بل تنبيها على خلطه وزيفه ، وعلى هذا يكون المعنى :
أأمنتم ممن تزعمون وتعتقدون كونه في السماء؟ بينما هو أعلى وأرفع من سائر المكان والزمان .
(تفسير النهر المدد من البحر المحيط ط دار الجنان ومؤسسة الكتب الثقافية 1987 بيروت)
القاضي عياض
ينقل الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم في شرح حديث الجارية بعد أن بَيَّن موقف السلف من أحاديث الصفات - وهو الموقف الذي أوردته أعلاه – كلامَ القاضي عياض في ذلك :
قال القاضي عياض :
لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدِّثهم ومتكلِّمهم ونظَّارهم ومقلِّدهم أنَّ الظَّواهر الواردة بذكر الله في السَّماء كقوله تعالى: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) ونحوه ليست على ظاهرها بل متأوّلة عند جميعهم، فمن قال بإثبات جهة فوق، من غير تحديد ولا تكييف من المحدِّثين والفقهاء والمتكلِّمين تأوَّل في السَّماء أي : على السَّماء.
ومن قال من دهماء النظَّار والمتكلِّمين وأصحاب التَّنزيه بنفي الحدِّ واستحالة الجهة في حقِّه سبحانه، تأوَّلوها تأويلات بحسب مقتضاها، وذكر نحو ما سبق - أي ما سبق للنووي إيراده من مواقف العلماء من أحاديث الصفات-قال: أي القاضي عياض
(ويا ليت شعري! ما الَّذي جمع أهل السُّنَّة والحقُّ كلّهم على وجوب الإمساك عن الفكر في الذَّات ، كما أمروا وسكتوا لحيرة العقل، واتَّفقوا على تحريم التَّكييف والتَّشكيل، وأنَّ ذلك من وقوفهم وإمساكهم غير شاكٍّ في الوجود والموجود،وغير قادح في التَّوحيد بل هو حقيقته، ثمَّ تسامح بعضهم بإثبات الجهة خاشياً من مثل هذا التَّسامح ،وهل بين التَّكييف وإثبات الجهات فرق؟.
لكن إطلاق ما أطلقه الشَّرع من أنَّه القاهر فوق عباده، وأنَّه استوى على العرش مع التَّمسُّك بالآية الجامعة للتَّنزيه الكلِّي، الَّذي لا يصحُّ في المعقول غيره، وهو قوله تعالى:
(ليس كمثله شيء ) عصمة لمن وفَّقه اللَّه، وهذا كلام القاضي -رحمه اللَّه. )
انتهى من شرح النووي على مسلم
هل يكفر من يقول أن الله في السماء حقيقة الآن ؟؟
نأتي الآن لمثال أخير .. الحديث المروي في صحيح مسلم:
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ، حين يبقى ثلث الليل الآخر. فيقول:
من يدعوني فأستجيب له! ومن يسألني فأعطيه! ومن يستغفرني فأغفر له! .)
صحيح مسلم – الجزء الأول – كتاب صلاة المسافرين وقصرها – باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه .
لو تأملنا هذا الحديث للحظة ،لفهمنا أنه لا يتعلق ولا يقصد بيان عقيدة وليس موضوعه عن العقيدة ،ولكنه يقصد تأسيس نقطة عملية تعبدية ،وهي أنه يفترض بنا فعل شيء ما في الثلث الأخير من الليل : أن نقوم ونصلي وندعو الله!!
لهذا السبب عندما عَنْوَن الإمام النووي صحيح مسلم ،وبَوَّبه تبويبه وتقسيمه الموجود عليه حالياً ،عَنْوَن لهذا الحديث بـ :
(باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه)
ولم يترجم له بـ ( باب نزول الله ) مثلا ..
أما في ما يتعلق بمعنى ( ينزل ) الواردة في الحديث فإن الإمام النووي يعلق قائلا :
(هذا الحديث من أحاديث الصِّفات وفيه مذهبان مشهوران للعلماء سبق إيضاحهما في كتاب الإيمان ومختصرهما أنَّ:
أحدهما:
وهو مذهب جمهور السَّلف وبعض المتكلِّمين:
أنَّه يؤمن بأنَّها حقُّ عَلَى ما يليق باللَّه، وأنَّ ظاهرها المتعارف في حقِّنا غير مراد، ولا يتكلَّم في تأويلها، مع اعتقاد تنزيه الله عن صفات المخلوق وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق.
والثَّاني:
مذهب أكثر المتكلِّمين وجماعات من السَّلف، وهو محكيٌّ هنا عن مالك بن أنس والأوزاعيِّ:
أنَّها تتأوَّل عَلَى ما يليق بها بحسب مواطنها، فعَلَى هذا تأوَّلوا هذا الحديث تأويلين:
أحدهما:
تأويل مالك بن أنس وغيره معناه: تنزل رحمته وأمره وملائكته، كما يقال: فعل السُّلطان كذا إذا فعله أتباعه بأمره.
والثَّاني:
أنَّه عَلَى الاستعارة، ومعناه: الإقبال عَلَى الدَّاعين بالإجابة واللُّطف، واللَّه أعلم.
( انتهى من شرح الإمام النووي على مسلم)
(ويلاحظ العلامة علي قاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ) : أن الإمام مالك والإمام الأوزاعي والذين هما من السلف قد تأول كلاهما (ينزل ) تأويلا مفصلا دقيقا ،وكذلك فعل الإمام جعفر الصادق
بل إن جمهور السلف والخلف قالوا بأن كل من يؤمن بأن الله يوجد في جهة حسية هو كافر كما نص على ذلك العراقي بكل وضوح قائلاً أن هذا هو موقف أبو حنيفة ومالك والشافعي والأشعري والبلقيني.
(مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح – ط بيروت طار إحياء التراث المجلد الثاني صفحة 137)
ويجدر بنا هنا أن ننبه أن العراقي قد وصل رتبة حافظ ،(شخص قد حفظ أكثر من مائة ألف حديث عن ظهر قلب ) ، بينما الملا علي قاري هو محدث له أعمال مرجعية في الأحاديث الموضوعة، ما يعني أن كلاهما كان له المؤهلات والمقومات الكافية للتأكد من سند أي موقف يروي انه، ولهذا السبب فإن روايتهما لموقف العلماء من القائل بالجهة الحسية وتكفيرهم له لها وزنها واعتبارها ووجاهتها .
ولكن لعله من المناسب اليوم أن نقول أن المسلم الذي يعتقد أن الله موجود في السماء، أو في أعلى ليس كافرا، وذلك لأن شبهة نشر بدعة التجسيم من قبل البعض بأموال البترودولار بهذا الشكل المكثف الذي يقلب الليل نهاراً والنهار ليلا، تجد له عذر الجهل وعموم البلوى.
وقد كانت بدعة التجسيم هذه محصورة فيما مضى في بضعة أسماء تعد على اليد من مجسمة الحنابلة الذين تم فضحهم ودفعهم مرة تلو الأخرى من بقية فضلاء الحنابلة المتقدمين أنفسهم من أمثال ابن الجوزي الذي خاطب رفقائه الحنابلة في كتابه النفيس القيم،دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه قائلا :
(وقد أخذوا - أي بعض الحنابلة - بالظاهر في الأسماء والصفات .. ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى، ولا إلى إلغاء ما توجبه الظواهر من سمات الحَدَث، ولم يَقْنَعُوا بأن قالوا : ( صفة فعل ) حتى قالوا: (صفة ذات)، ثم لما أثبتوا أنها صفات، قالوا : لا نحملها على توجيه اللغة، مثل ( يد ) على معنى نعمة وقدرة ، ولا ( مجيء وإتيان ) على معنى بِرٍّ ولطف ، ولا ( ساق ) على شدة ، بل قالوا : نحملها على ظواهرها المتعارفة
والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين .. ثم يتحرجون من التشبيه ، ويَأْنَفُون من إضافته إليهم، ويقولون : ( نحن أهل السنة) !! ، وكلامهم صريح في التشبيه، وقد تبعهم خلق من العوام ، وقد نصحت التابع والمتبوع ، فقلت لهم : يا أصحابنا ، أنتم أصحاب نقل واتِّباع ، وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل رحمه الله يقول وهو تحت السياط : كيف أقول ما لم يُقَل ؟،
فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس منه ، ثم قلتم في الأحاديث :
(تُحْمَل على ظاهرها ) !! ، وظاهر القدم، الجارحة، فإنه لما قيل في عيسى عليه الصلاة والسلام : ( روح الله ) ، اعتقدت النصارى لعنهم الله تعالى أن لله سبحانه وتعالى صفةً هي روح وَلَجَت في مريم !! ، ومن قال : (استوى بذاته المقدسة ) فقد أجراه سبحانه مجرى الحِسِّيَّات !! ، وينبغي أن لا يُهْمَل ما ثبت به الأصل ، وهو العقل ، فإنا به عرفنا الله تعالى ، وحكمنا له بالقِدَم ، فلو أنكم قلتم : (نقرأ الأحاديث ونسكت ) ، لما أنكر أحد عليكم ، وإنما حَمْلُكُم إياها على الظاهر قبيح
فلا تُدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي ما ليس منه ، ولقد كسيتم هذا المذهب شيناً قبيحاً حتى صار لا يُقال حنبلي إلا مجسم ، ثم زينتم مذهبكم أيضا بالعصبية ليزيد بن معاوية ، ولقد علمتم أن صاحب المذهب أجاز لعنته،
وقد كان أبو محمد التميمي يقول في بعض أئمتكم : لقد شان المذهب شيناً لا يُغسل إلى يوم القيامة.
انتهى كلام الإمام ابن الجوزي منتقدا مجسمة الحنابلة في كتابه النفيس ( دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه ) المكتبة التوفيقية 1976 .
ويبدو من استقراء التاريخ أن هذه العقائد الفاسدة المجسِّمة تمكنت من البقاء حية لبضعة قرون في نواحي خراسان وأفغانستان وبعض المواضع الأخرى من الشرق .. وقد لاحظ الإمام العلامة الكوثري قدس الله سره أن ابن تيمية الحنبلي قد وقع على تفاصيل هذه العقائد الفاسدة من بعض المخطوطات عن النحل والفرق عندما تدفقت مكتبات العلماء على دمشق مع القوافل الهاربة من غزو المغول والتتار الهمج القادمين من الشرق ..
وقد قرأ ابن تيمية رحمه الله هذه المخطوطات دون معونة أستاذ أو شيخ متوقد الذهن ثاقب الفكر ،ونتيجة لذلك غاب عنه فساد ما في هذه المخطوطات، وآمن واعتقد بما فهمه منها وتطور به الأمر إلى أن أصبح داعية لهذه العقائد ومنافحا عنها في كتبه وأعماله .
( راجع السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل.)
وقدحوكم وسجن بسبب هذه العقائد الفاسدة عدة مراتقبل موته وقدن قل الإمام النويري وكذلك ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة عنه أنه تاب عن هذه العقائد الفاسدة وعاد إلى اعتقاد أهل السنة والجماعة بعد محاكمته واستتابته من قبل علماء زمانه وشهد على نفسه أنه يعود أشعريا رحمه الله وغفر له خطأه إن صدقت توبته.
وقد صنفت مصنفات من قبل علماء من أمثال أبو حيان النحوي(ت 745 هـ )
وتقي الدين السبكي(ت 756)
وبدر الدين ابن جماعة(ت 733 )
والأمير الصنعاني صاحب سبل السلام ( ت 1182)
وتقي الدين الحسني صاحب كفاية الأخيار ( ت 829)
وابن حجر الهيثمي(ت 974 هـ )
في الرد على عقيدة ابن تيمية ..
وقد بقيت عقيدته مرفوضة من قبل جمهور المسلمين، وكل أهل السنة والجماعة لمدة أربعة قرون أخرى، حتى ظهرت حركة محمد بن عبد الوهاب في القرن الثامن عشر الميلادي، وكما هو معلوم فقد اتَّبعت هذه الحركة ابن تيمية في نقاط من العقيدة واتخذت منه مرجعيتها وسلفها .
ولكن هذه العقائد لم تلقَ انتشارا ويتفاقم أمرها إلا بعد وصول الطباعة إلى العالم العربي وطباعة كتب ابن تيمية .
ويذكر البعض أن تاجراً غنياً من وجهاء جدة دفع تكاليف طباعة كتاب منهاج السنة وعدة كتب أخرى لابن تيمية في العقيدة في مصر في نهايات القرن التاسع عشر الميلادي ،وبعثت من جديد هذه العقائد الفاسدة تحت اسم السلفية .
ومن ذلك الحين حملت هذه الكتب والعقائد إلى كل الأنحاء مدفوعة بفيضان من التمويل الغزير المتدفق من دولة أو اثنتان من دول الخليج الغنية ..
ونتيجة لهذه الجهود امتلأت المساجد في أنحاء العالم كله بكتب ومطويات وكتيبات تشرح هذه العقائد الفاسدة وتنشرها
وأيضا امتلأت المساجد بشباب غِر يدفعون بهذه العقائد وينسبونها جهلاً إلى السلف الصالح من التابعين وتابعيهم وأئمة المسلمين الأوائل ، بمعونة سند ابن تيمية المشكوك فيه أصلا، أو في كثير من الأحيان دون أي سند
ومن هنا تبرز لنا أهمية عدم تكفير عامة المسلمين إن قالوا بهذه العقائد الفاسدة، لأن مثل هذا النوع من الدعم المادي الضخم، يشتري النفوذ والإعلام والدعاية التي تقلب الحقائق وتلبسها على الناس البسطاء، والذين هم في أغلبهم لا يملكون القدرة أو الوقت على البحث والتنقيب والتعلم بأنفسهم ..
لذا من المناسب، بل من الضروري عذر الناس بالجهل هنا إلى أن يُعَلَّموا أن الرب في الإسلام هو بشكل لا محدود أعظم وأعلى وفوق أن يكون رجلا ضخما أو شابا أمردا كما يصفه البعض
كما أنه سبحانه أعظم من أن يكون محدودا بمكان وزمان اللذان هما في النهاية خلق من خلقه سبحانه وتعالى .
الخلاصة
فإذاً، نخلص إلى أن أهل السنة والجماعة يأخذون النصوص على ظاهرها، ويفهمونها حرفياً إلا إن كان هنالك سببٌ مصاحبٌ ، وقرينةٌ صارفةٌ تمنعهم من فهم تلك النصوص على ظاهرها .
وفي حالة ( نزول ) الله أو كونه ( في السماء ) هنالك ما لا يحصى من الأسباب والقرائن الصارفة لهذه النصوص عن ظاهرها
فأولاً :
الفهم الحرفي لهذه النصوص، يجعل من المستحيل الجمع بينها وبين الكثير من النصوص الصحيحة الأخرى،والتي ينبغي أن تفهم هي أيضاً على ظاهرها كما فهمت تلك على ظاهرها فهنالك نصوص تتحدث عن كون الله (( مع )) العبد عند ذكره لله
((أقرب إليه من حبل الوريد))
((أمامه )) حال صلاته
((أقرب )) إليه حال سجوده
((في السماء))عندما سأل رسول الله الجارية
((معكم أينما كنتم))
ووووووووو
هذه النصوص، إن جمعت وفهمت كلها حرفيا على ظاهرها، فإنها غير واضحة ومتناقضة تماما
ولا ينتفي هذا التناقض إلا بفهمها مجازيا ورمزيا، وبتأويلها على مقتضى لغة العرب كما فعل علماء أهل السنة والجماعة منذ السلف إلى الخلف وثانيا :
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد فصَّل كل العقائد التي يجب على المسلم الإيمان بها في جوابه على سؤال جبريل عليه السلام، ولم يأت على ذكر كَوْنِ الله في السماء أو في أي مكان آخر .
وثالثا :
فإن كوَْنَ الله ( في السماء ) كما الطيور والسحاب والطائرات والكواكب والملائكة والأنبياء والجنان وووووو على المعنى الظاهر لـ ( في السماء)،تنافي بشكل قاطع عقيدة القرآن القائلة بـ (( ليس كمثله شيء ))
كما أنها تنافي عقيدة ( غِنَى ) الله المذكورة في عدة مواضع من القرآن، لأن ما احتاج إلى خلق من حلقه(السماء ) ليكون فيه أو يستوي عليه حقيقة ( العرش ) فهو قطعا ليس الله الموصوف بالغنى التام في محكم التنزيل وإنما وثن يعبده الجاهلون .
والله وحده الغني ،وأنتم الفقراء ، وهو ولي التوفيق وعليه التكلان
اللهم اهدنا لما اختلفوا فيه،وأنر بصائرنا وعقولنا، وَنَقِّ سرائرنا ونفوسنا بجاه الواسطة العظمى سيدنا محمد النبي الأمي . آمين
انتهى
هانى على الرضا
صل يا قديم الذات عدد الحوادث .. على المصطفى المعصوم سيد كل حادث
إدارة الصوفية
قذائف الحق
2011-06-20, 20:31
يا أخ جمال ها قد جاءك صدى صوتك، لقد نصحك الاخوة بعدم التعنت ولكن اردت غير ذلك، فلا تغتر بتك النقولات التي استدللت بها ونسيت ان تقول للاعضاء بأن هناك راي اخ غير هذا، فهاهو امامك وقد ساعدناك لوجه الله.
لذا نرجوا ان تتوقف عن هذا التشدد الذي قد يضر بك اولا وبمصداقية الفكر الوهابي وبالمنتدى ثانيا وثالثا.
هذا رجاء فقط لا استعطاف،وان اردت المواصلة فنحن لها.
قذائف الحق
2011-06-20, 20:34
هل الله في السماء؟ حديث الجارية أين الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حديث الجارية أين الله
ماذا يقول أهل العلم بحديث الجارية الذي فيه لفظ : أين الله ، فقالت الجارية : في السماء ؟
حديث الجارية روي بعدة ألفاظ مختلفة منها ما رواه الإمام ابن حبان في صـحيحـه عن الشريد بن سويد الثقفي قال قلت يا رسول الله إن أمي أوصت أن نعتق عنها رقبة وعندي جارية سوداء قال: ادع بها فجاءت فقال: من ربك؟ قالت: الله، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة.
ورواه أيضا بهذا اللفظ النسائي في الصغرى وفي الكبرى والإمام أحمد في مسنده والطبراني والبيهقي ورواه أيضا بهذا اللفظ ابـن خزيمة في كتابه الذي سماه كتاب التوحيد من طريق زياد بن الربيع عن بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن الشريد.
ومنها ما رواه الإمام مسلم في صحيحه باب تحريم الكلام في الصلاة دون كتاب الإيمان من طريق هلال بن أبي ميمونة عن عطاء ابـن يسار عن معاوية بن الحكم السُّلَمي قال: وكانت لي جارية ترعى غنما لي قِبَلَ أُحد والجوَّانية فاطَّلَعتُ ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بني ءادمَ ءاسفُ كما يأسفون لكني صككتها صكَّةً فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظَّمَ ذلك علي قُلتُ يا رسول الله أفلا أُعتقُها؟ قال: إئتني بها، فأتيته بها، فقال لها: أين الله؟ قالت في السماء، قال: من أنا؟قالت أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنةٌ.
وجاء من وجه ءاخر عند الإمام مالك في الموطأ: باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة بلفظ: أين الله وبلفظ: أتشهدين أن لا إله إلا الله بزيادة: أتوقنين بالبعث بعد الموت دون لفظ: فإنها مؤمنة من طريق ابن شهاب في الثانية.
وفي رواية لابن الجارود بلفظ: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم، قال: أتشهدين أني رسول الله؟ قالت: نعم، قال: اتوقنين بالبعث بعد الموت؟ قالت نعم، قال: اعتقها فإنها مؤمنة.
وهي رواية صحيحة.
وفي رواية لأبى داود في سننه: باب: تشميت العاطس في الصلاة، وباب: في الرقبة المؤمنة ، من طريق يزيد بن هارون قال أخبرني المسعودي عن عون بن عبد الله عن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء فقال: يا رسول الله إن عليَّ رقبة مؤمنة، فقال لها: أين الله؟ فأشارت إلى السماء بإصبعها، فقال لها: من أنا؟ فأشارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى السماء، يعني أنت رسول الله.
وفي لفظ من طريق الحجاج بن الصواف قالت في السماء..
وفي رواية لأحمد أنها أشارت إلى السماء بإصبعها السبابة
وفي رواية لعبد الرزاق في مصنفه باب ما يجوز من الرقاب بلفظ: أين ربك؟ فأشارت إلى السماء. وبلفظ: أتشهدين أن لا إله إلا لله؟ قالت نعم.
كذا روى الدارمي في السنن بلفظ: أتشهدين من حديث الشريد قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إن على أمي رقبة وإن عندي جارية سوداء...الحديث.
وقد جاءت رواية: أيـن الله التي رواها عطاء بن يسار بلفظ ءاخر من طريق سعيد بن زيد عن توبة العنبري عن عطاء بن يسار قال حدثني صاحب الجارية وهي بلفظ: فمد النبي يده إليها مستفهما من في السمـاء؟ قالت الله... الحديث.
أي دون أن يقول لها لفظ أين الله الذي يتشبث به المتعصبون مـن وهابية وغيرهم تبعا لشيخهم ابن تيمية لإثباتهم الحيز والجهة لله.
وأوردها الذهبي في كتاب العلو وذكر سندها المزي في تحفة الأشراف.
قال فيه الإمام النووي في شرح صحيح مسلم الجزء الخامس كتاب المساجد ومواضع الصَّلاة باب تحريم الكلام في الصَّلاة ونسخ ما كان من إباحته :
" هذا الحديث من أحاديث الصّفات، وفيها مذهبان تقدَّم ذكرهما مرَّات في كتاب الإيمان: أحدهما: الإيمان به من غير خوض في معناه، مع اعتقاد أنَّ الله ليس كمثله شىء، وتنـزيهه عن سمات المخلوقات. والثَّاني: تأويله بما يليق به.
فمن قال بهذا قال: كان المراد امتحانها هل هي موحِّدة تقرُّ بأنَّ الخالق المدبِّر الفعَّال هو الله وحده، وهو الَّذي إذا دعاه الدَّاعي استقبل السَّماء، كما إذا صلَّى المصلِّي استقبل الكعبة، وليس ذلك لأنَّه منحصر في السَّماء، كما أنَّه ليس منحصراً في جهة الكعبة، بل ذلك لأنَّ السَّماء قبلة الدَّاعين، كما أنَّ الكعبة قبلة المصلِّين، أو هي من عبدة الأوثان العابدين للأوثان الَّتي بين أيديهم، فلمَّا قالت: في السَّماء علم أنَّها موحِّدة وليست عابدة للأوثان.
قال القاضي عياض: لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدِّثهم ومتكلِّمهم ونظَّارهم ومقلِّدهم أنَّ الظَّواهر الواردة بذكر الله في السَّماء كقوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك: 16] ونحوه ليست على ظاهرها بل متأوّلة عند جميعهم" انتهى.
وقال الحافظ أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي في كتابه المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ما نصه :
" وقيل في تأويل هذا الحديث: إن النبي صلى الله عليه وسلم سألها بأين عن الرتبة المعنوية التي هي راجعة إلى جلاله تعالى وعظمته التي بها باين كلَّ مَن نُسبت إليه الإلهية وهذا كما يقال: أين الثريا من الثرى؟! والبصر من العمى؟! أي بعُدَ ما بينهما واختصت الثريا والبصر بالشرف والرفعة على هذا يكون قولها في السماء أي في غاية العلو والرفعة وهذا كما يقال: فلان في السماء ومناط الثريا" اهـ .
وقال الرازي أيضا في كتابه أساس التقديس:
" إن لفظ أين كما يجعل سؤالا عن المكان فقد يجعل سؤالا عن المنـزلة والدرجة يقال أين فلان من فلان فلعل السؤال كان عن المنـزلة وأشار بها إلى السماء أي هو رفيع القدر جدا " .اهـ
وفي كتاب إكمال المعلم شرح صحيح مسلم للإمام محمد بن خليفة الأبي ما نصه:
وقيل إنما سألها بأين عما تعتقده من عظمة الله تعالى، وإشارتها إلى السماء إخبار عن جلاله في نفسها، فقد قال القاضي عياض لم يختلف المسلمون في تأويل ما يوهم أنه تعالى في السماء كقوله تعالى: {ءأمنتم من في السماء}.اهـ
ومثله في كتاب مكمل إكمال الإكمال شرح صحيح مسلم للإمام محمد السنوسي الحسني.
وقال الإمام محمد بن أحمد السرخسي الحنفي المتوفى سنة 483 هـ في كتابه المبسوط، المجلد الرابع (الجزء 7) >> [تابع كتاب الطلاق] >> باب العتق في الظهار :
فأما الحديث فقد ذكر في بعض الروايات: أن الرجل قال عليّ عتق رقبة مؤمنة، أو عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي أن عليه رقبة مؤمنة، فلهذا امتحنها بالإيمان، مع أن في صحة ذلك الحديث كلامًا فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أين الله فأشارت إلى السماء) ولا نظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يطلب من أحد أن يثبت لله تعالى جهة ولا مكانًا، ولا حجة لهم في الآية، لأن الكفر خبث من حيث الاعتقاد، والمصروف إلى الكفارة ليس هو الاعتقاد إنما المصروف إلى الكفارة المالية، ومن حيث المالية هو عيب يسير على شرف الزوال"اهـ.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي في شرح سنن الترمذي :
" أين الله؟ والمراد بالسؤال بها عنه تعالى المكانة فإن المكان يستحيل عليه.اهـ
وقال الحافظ ابن الجوزي في دفع شبه التشبيه بعد رواية حديث معاوية بن الحكم : قلت
" قد ثبت عند العلماء أن الله تعالى لا يحويه السماء والأرض ولا تضمه الأقطار وإنما عرف بإشارتها تعظيم الخالق عندها.اهـ
وقال الباجي:
لعلها تريد وصفه بالعلو وبذلك يوصف كل من شأنه العلو فيقال فلان في السماء بمعنى علو حاله ورفعته وشرفه.اهـ
وقال البيضاوي:
لم يرد به السؤال عن مكانه فإنه منـزه عنه والرسول أعلى من أن يسأل ذلك.اهـ
وقال الإمام الحجة تقي الدين السبكي في رده على نونية ابن قيم الجوزية المسمى بالسيف الصقيل:
أما القول فقوله صلى الله عليه وسلم للجارية: أين الله؟ قالت في السماء، وقد تكلم الناس عليه قديما وحديثا والكلام عليه معروف ولا يقبله ذهن هذا الرجل لأنه مشَّاء على بدعة لا يقبل غيرها.اهـ
قال الفخر الرازي:
وأما عدم صحة الاحتجاج بحديث الجارية في إثبات المكان له تعالى فللبراهين القائمة في تنـزه الله سبحانه عن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات، قال الله تعالى: {قل لمن ما في السموات والأرض قل لله} [الأنعام:12] وهذا مشعر بأن المكان وكل ما فيه ملك لله تعالى، وقال تعالى: {وله ما سكن في الليل والنهار} [الأنعام:13] وذلك يدل على أن الزمان وكل ما فيه ملك لله تعالى فهاتان الآيتان تدلان على أن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات كلها ملك لله تعالى وذلك يدل على تنـزيه الله سبحانه عن المكان والزمان.اهـ
وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي المفسر في كتاب التذكار في أفضل الأذكار:
لأن كل من في السموات والأرض وما فيهما خلق الله تعالى وملك له وإذا كان كذلك يستحيل على الله أن يكون في السماء أو في الأرض إذ لو كان في شىء لكان محصورا أو محدودا ولو كان كذلك لكان محدثا وهذا مذهب أهل الحق والتحقيق وعلى هذه القاعدة قوله تعالى: {ءأمنتم من في السماء} وقوله عليه السلام للجارية: أين الله؟ قالت في السماء، ولم يُنكر عليها وما كان مثله ليس على ظاهره بل هو مؤول تأويلات صحيحة قد أبداها كثير من أهل العلم في كتبهم.اهـ
الحافظ أبو سليمان الخطابي
قال الحافظ أبو سليمان الخطابي في شرحه على أبي داود ما نصه: وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: أعتقها فإنها مؤمنة ولم يكن ظهر لـه من إيمانها أكثر من قولـه حين سألها أيـن الله فقالت: في السماء وسألها من أنا فقالت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هذا السؤال عن أمارة الإيمان وسمة أهله وليس بسؤال عن أصل الإيمان وصفة حقيقته ولو أن كافرا يريد الانتقال من الكفر إلى دين الإسلام فوصف من الإيمان هذا القدر الذي تكلمت به الجارية لم يصر به مسلما حتى يشهد أن لا إلـه إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويـتـبرى من دينه الذي كان يعتقده، وإنما هذا كرجل وامرأة يوجدان في بيت فيقال للرجل من هذه منك فيقول زوجتي وتصدقه المرأة فإنا نصدقهما في قولهما ولا نكشف عن أمرهما ولا نطالبهما بشرائط عقد الزوجية حتى إذا جاءانا وهما أجنبيان يريدان ابتداء عقد النكاح بينهما فإنا نطالبهما حينئذ بشرائط عقد الزوجية من إحضار الولي والشهود وتسمية المهر كذلك الكافر إذا عرض عليه الإسلام لم يقتصر منه على أن يقول إني مسلم حتى يصف الإيمان بكماله وشرائطه وإذا جاءنا من نجهل حاله بالكفر والإيمان فقال إني مسلم قبلناه وكذلك إذا رأينا عليه أمارة المسلمين من هيئة وشارة ونحوهما حكمنا بإسلامه إلى أن يظهر لنا منه خلاف ذلك.اهـ.
كلام نفيس للإمام السهيلي
ولأبي القاسم السهيلي على هذا الحديث كلام نفيس ومن كلامه فيما نقله الشيخ محمد الشنقيطي في كتابه استحالة المعية بالذات ما نصه:
السؤال بأين ينقسم إلى ثلاثة أقسام اثنان جائزان وواحد لا يجوز:
الأول: على جهة الاختبار للمسؤول ليعرف مكانه من العلم والإيمان كسؤاله عليه الصلاة والسلام للأمة.
والثاني: السؤال عن مستقر ملكوت الله تعالى وموضع سلطانه كعرشه وكرسيه وملائكته.
والثالث: السؤال بأين عن ذات الرب سبحانه وتعالى وهذا سؤال فاسد لا يجوز ولا يجاب عنه سائله، وإنما سبيل المسؤول عنه أن يبين له فساد سؤاله كما قال سيدنا علي كرم الله تعالى وجهه ورضي عنه حين سئل: أين الله؟ فقال: الذي أين الأين لا يقال فيه أيـن. فبين للسائل فساد سؤاله بأن الأينية مخلوقة والذي خلقها لا محالة قد كان قبل أن يخلقها ولا أينية له وصفات نفسه لا تتغير فهو بعد أن خلق الأينية على ما كان قبل أن يخلقها، وإنما مثل هذا السائل كمن سأل عن لون العلم أو طعم الظن أو الشك فيقال له من عرف حقيقة العلم أو الظن ثم سأل هذا السؤال فهو متناقض لأن اللون والطعم من صفات الأجسام وقد سألت عن غير جسم فسؤالك فاسد محال لتناقضه.اهـ
الإمام البياضي
وفي كتاب إشارات المرام للإمام البياضي ممزوجا بالمتن: ولا يتطرق إليه سمات الـحدوث والفناء كما أشار إليه بقوله فيه [وعليه] أي يُخرّج على أنه يدعى من أعلى ويوصف بنعوت الجلال وصفات الكبرياء [ما روي في الحديث أن رجلا] وهو عمرو بن الشريد كما رواه أبو هريرة وعبد الله بن رواحة كما بيّنه الإمام في مسنده بتخريج الحارثي وطلحة والبلخلي والخوارزمي [أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأمة سوداء فقال: وجب علي عتق رقبة مؤمنة] قال: إن أمي هلكت وأمرت أن أعتق عنها رقبة مؤمنة ولا أملك إلا هذه وهي جارية سوداء أعجمية لا تدري ما الصلاة أفتجزيني هذه؟ عما لزم بالوصية كما في مصنف الحافظ عبد الرزاق وليس في الروايات الصحيحة أنها كانت خرساء كما قيل [فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أمؤمنة أنت؟ قالت نعم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أين الله؟] سائلا عن المنزلة والعلو على العباد علوّ القهر والغلبة، ومشيرا أنه إذا دعاه العباد استقبلوا السماء دون ظاهره من الجهة، لكن لما كان التنـزيه عن الجهة مما يقصر عنه عقول العامة فضلا عن النساء حتى يكاد يجزم بنفي ما ليس في الجهة، كان الأقرب إلى إصلاحهم والأليق بدعوتهم إلى الحق ما يكون ظاهرا في الجهة كما في شرح المقاصد، [فأشارت إلى السماء] إشارة إلى أعلى المنازل كما يقال فلان في السماء أي رفيع القدر جدا كما في التقديس للرازي [فقال: أعتقها فإنها مؤمنة]. ثم قال: [فأشار إلى الجواب بأن السؤال والتقرير لا يدلان على المكان بالجهة لمنع البراهين اليقينية عن حقيقة الأينية]. ثم قال البياضي:
الرابعة: أنه عليه الصلاة والسلام أراد امتحانها هل تُقرُّ بأن الخالق الفعال المتعالي هو الله الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء كما دل السؤال والتقرير كما في شرح مسلم للنووي، وإليه أشار بترتيب التخريج أنه يدعى من أعلى لا من أسفل.
الخامسة: أنها كانت أعجمية لا تقدر أن تفصح عما في ضميرها من اعتقاد التوحيد بالعبارة فتعرف بالإشارة أن معبودها إله السماء فإنهم كانوا يسمون الله إله السماء كما دل السؤال، والاكتفاء بتلك الإشارة كما في الكفاية لنور الدين البخاري.اهـ
الإمام المازري المالكي
وفي كتاب استحالة المعية بالذات وما يضاهيها من متشابه الصفات للشيخ المحدث محمد الشنقيطي ما نصه: وقال المازري: وقيل وقع السؤال لها بأين لأجل أنه صلى الله عليه وسلم أراد السؤال عما تعتقده من جلالة البارئ وعظمته جل وعلا، فأشارت إلى السمـاء إخباراً عن جلالته سبحانه وتعالى في نفسها، لأنها قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين.اهـ
الإمام ابن فورك
وقال الإمام الحجة أبو بكر بن فورك: إن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: أين الله؟ استعلام لمنـزلته وقدره عندها وفي قلبها وأشارت إلى السماء فدلت بإشارتها على أنه في السماء عندها على قول القائل إذا أراد أن يخبر عن رفعة وعلو منـزلة فلان في السماء أي هو رفيع الشأن عظيم القدر كذلك قولها في السماء على طريق الإشارة إليها تنبيها عـن مكانته في قلبها ومعرفتها به وإنما أشارت إلى السماء لأنها كانت خرساء فدلت بإشارتها على مثل دلالة العبارة على نحو هذا المعنى وإذا كان كذلك لم يجز أن يحمل على غيره مما يقتضي الحد والتشبيه والتمكين في المكان والتكييف.اهـ
وقال بعض العلماء إن الرواية الموافقة للأصول هي رواية مالك وفيها أن الرسول قال لها: "أتشهدين أن لا إله إلا الله" قالت: "نعم" قال: "أتشهدين أني رسول الله" قالت: "نعم". أخرجها الإمامان إماما أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل ومالك بن أنس رضي الله عنهما.
أما أحمد فأخرج عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمَةٍ سوداء فقال: "يا رسول الله إن عليَّ رقبه مؤمنة فإن كنت ترى هذه مؤمنة فأعتقها" فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: "أتشهدين أن لا إله الا الله" قالت: "نعم"، قال: "أتشهدين أني رسول الله" قالت: "نعم"، قال: "أتؤمنين بالبعث بعد الموت" قالت: "نعم"، قال: "أعتقها"، ورجاله رجال الصحيح.
وفي رواية لابن الجارود بلفظ: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم، قال: أتشهدين أني رسول الله؟ قالت: نعم، قال: أتوقنين بالبعث بعد الموت؟ قالت نعم، قال: اعتقها فإنها مؤمنة. وهي رواية صحيحة.
ومنها ما رواه الإمام ابن حبان في صـحيحـه عن الشريد بن سويد الثقفي قال قلت: يا رسول الله إن أمي أوصت أن نعتق عنها رقبة وعندي جارية سوداء قال: ادع بها، فجاءت فقال: من ربك؟ قالت: الله، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة. ورواه أيضا بهذا اللفظ النسائي في الصغرى وفي الكـبرى والإمام أحمد في مسنده والطبراني والبيهقي ورواه أيضا بهذا اللفظ ابـن خزيمة في كتابه الذي سماه كتاب التوحيد من طريق زياد بن الربيع عن بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن الشريد.
قال بعض العلماء :
ظاهر هذا الحديث ( الذي فيه حكم على الجارية بالإسلام لأنها قالت : في السماء ) يخالف الحديث المتواتر الذي رواه خمسة عشر صحابيا.
وهذا الحديث المتواتر الذي يعارض حديث الجارية قوله عليه الصلاة والسلام: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله}.
هذا الحديث فيه أنّ الرسول لا يحكم بإسلام الشخص الذي يريد الدخول بالإسلام إلا بالشهادتين.
لأن من أصول الشريعة أن الشخص لا يحكم له بقول " الله في السماء " بالإسلام لأن هذا القول مشترك بين اليهود والنصارى وغيرهم وإنما الأصل المعروف في شريعة الله ما جاء في الحديث: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله "اهـ
ولفظ رواية مالك : أتشهدين ، موافق للأصول .
لذا حكم الحافظ أبو بكر البيهقي وغيره باضطراب حديث الجارية هذا.
- الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى قال في " الأسماء والصفات " : " وهذا صحيح قد أخرجه مسلم مقطعا من حديث الاوزاعي وحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير دون قصة الجارية ؟ وأظنه إنما تركها من الحديث لاختلاف الرواة في لفظه ، وقد ذكرت في كتاب الظهار من السنن مخالفة من خالف معاوية بن الحكم في لفظ الحديث " (انظر السنن الكبرى 7 / 388) .
- الحافظ البزار قال بعد أن روى الحديث من طريق من طرقه (كما في كشف الاستار 1 / 14) :
" وهذا قد روي نحوه بألفاظ مختلفة " .
-قال الإمام محمد بن أحمد السرخسي الحنفي المتوفى سنة 483 هـ في كتابه المبسوط، المجلد الرابع (الجزء 7) >> [تابع كتاب الطلاق] >> باب العتق في الظهار :
فأما الحديث فقد ذكر في بعض الروايات: أن الرجل قال عليّ عتق رقبة مؤمنة، أو عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي أن عليه رقبة مؤمنة، فلهذا امتحنها بالإيمان، مع أن في صحة ذلك الحديث كلامًا" اهـ
- قال الامام الحافظ تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى في كتابه " السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل " ص (94) :
" أقول : أما القول : فقوله للجارية " أين الله ؟ قالت : في السماء " وقد تكلم الناس عليه قديما وحديثا والكلام عليه معروف ولا يقبله ذهن هذا الرجل "اهـ
-الحافظ ابن حجر العسقلاني قال في " التلخيص الحبير " (3 / 223) ما نصه :
" وفي اللفظ مخالفة كثيرة " اه .
قال الحافظ في " فتح الباري " (1 / 221) :
" فإن إدراك العقول لاسرار الربوبية قاصر فلا يتوجه على حكمه لم ولا كيف ؟ كما لا يتوجه عليه في وجوده أين وحيث . . " اه .
- المحدث الكوثري حكم بالاضطراب في تعليقه على " الأسماء والصفات " ص (422) فقال :
" وقصة الجارية مذكورة فيما بأيدينا من نسخ مسلم لعلها زيدت فيما بعد إتماما للحديث ، أو كانت نسخة المصنف ناقصة ؟ وقد أشار المصنف - أي البيهقي - إلى اضطراب الحديث بقوله (وقد ذكرت في كتاب الظهار - من السنن - مخالفة من خالف معاوية بن الحكم في لفظ الحديث) . . . " اه
وفي تعليقه رحمه الله تعالى على كتاب الحافظ السبكي " السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل " ص (94) توسع في مبحث اضطرابه .
- المحدث عبد الله ابن الصديق ذكر في تعليقه على كتاب " التمهيد " (7 / 135) للحافظ ابن عبد البر عن لفظ " أين الله " ما نصه :
" رواه مسلم وأبو داود والنسائي . وقد تصرف الرواة في ألفاظه ، فروي بهذا اللفظ كما هنا وبلفظ " من ربك ؟ " قالت : الله ربي . وبلفظ " أتشهدين أن لا إله إلا الله ؟ " قالت : نعم . وقد أستوعب تلك الألفاظ بأسانيدها الحافظ البيهقي في السنن الكبرى بحيث يجزم الواقف عليها أن اللفظ المذكور هنا مروي بالمعنى حسب فهم الراوي . . . "
و حديث الجارية ليس معناه أن الله ساكن السماء كما توهم بعض الجهلة بل لكان معناه أن الله عالي القدر جدا ، وعلى هذا المعنى أقر بعضهم صحة رواية مسلم هذه.
ونقول للمشبهة : لو كان الأمر كما تدعون من حمل ءاية (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طـه:5) ) على ظاهرها وحمل حديث الجارية على ظاهره لتناقض القرءان بعضه مع بعض والحديث بعضه مع بعض ، فما تقولون في قوله تعالى ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)(البقرة: من الآية115)) فإمّا أن تجعلوا القرءان مناقضا بعضه لبعض والحديث مناقضا بعضه لبعض فهذا اعتراف بكفركم لأن القرءان ينـزه عن المناقضة وحديث الرسول كذلك ، وإن أولتم ءاية ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)(البقرة: من الآية115) ولم تأولوا ءاية الاستواء فهذا تحكّم أي قول بلا دليل .
وقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان أحدكم في صلاته فإنه يناجي ربه فلا يبصقن في قبلته ولا عن يمينه فإن ربه بينه وبين قبلته " ، وهذا الحديث أقوى إسنادا من حديث الجارية .
وأخرج البخاري أيضا عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ": (يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنه معكم إنه سميع قريب، تبارك اسمه وتعالى جده). " .
وفي مسند الامام أحمد :" أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم ما تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا بصيرا ان الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته". اهـ
فيقال للمعترض : إذا أخذت حديث الجارية على ظاهره وهذين الحديثين على ظاهرهما لَبَطَلَ زعمك أن الله في السماء وإن أَوَّلْت هذين الحديثين ولم تؤوِّل حديث الجارية فهذا تحكم ـ أي قول بلا دليل ـ ويصدق عليك قول الله في اليهود ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ )(البقرة: من الآية85) وكذلك ماذا تقول في قوله تعالى : ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)(البقرة: من الآية115) فإن أوَّلته فلِمَ لا تؤول حديث الجارية . وقد جاء في تفسير هذه الآية عن مجاهد تلميذ ابن عباس : " قِبلَةُ الله " ، ففسر الوجه بالقبلة ، أي لصلاة النفل في السفر على الراحلة .
وفي صحيح مسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. فأكثروا الدعاء " . اهـ
ونختم هذا الجواب بما في كتاب رد المحتار على الدر المختار > كتاب الصلاة > باب شروط الصلاة
استقبال القبلة ) حقيقة أو حكما كعاجز ، والشرط حصوله لا طلبه، وهو شرط زائد للابتلاء قوله (للابتلاء ) علة لمحذوف أي شرطه الله تعالى لاختبار المكلفين لأن فطرة المكلف المعتقد استحالة الجهة عليه تعالى تقتضي عدم التوجه في الصلاة إلى جهة مخصوصة فأمرهم على خلاف ما تقتضيه فطرتهم اختبارا لهم هل يطيعون أو لا كما في البحر ح . قلت : وهذا كما ابتلى الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم حيث جعله قبلة لسجودهم. اهـ
قذائف الحق
2011-06-20, 20:36
بيان من تأول الاستواء بالقهر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بيان من تأول الاستواء بالقهر
من تأول من علماء أهل السنة
اولاً:
بيان معنى استولى في لغة العرب
تأتي استولى في اللغة بمعنى :
1- بلوغ الغاية :
قال ابن منظور في (( لسان العرب )) (ج15/413) : (( استولى على الأمَد أي بلغ الغاية، ويقال استبق الفارسان على فرسيهما إلى غاية تسابقا إليها فاستولى أحدهما على الغاية إذا سبق الآخر، ومنه قول الذبياني: سَبْق الجوادِ إذا استولى على الأمد. واستيلاؤه على الأمد أن يغلب عليه بسبقه إليه، ومن هذا يقال : استولى فلان على مالي أي غلبني عليه )) ا هـ.
2- القهر :
قال الفيومي في (( المصباح المنير )) (ص258) : (( واستولى عليه : غلب عليه وتمكن منه )) ا هـ، أي قهره وصار تحت تصرفه .
3- التملك :
قال الحافظ اللغوي محمد مرتضى الزبيدي في (( تاج العروس )) (ج10 /401) : (( واستولى على الشئ إذا صار في يده )) اهـ وهذا فيه أيضا معنى القهر .
ثانياً
بيان معنى استوى في لغة العرب
الاستواء في كلام العرب منصرف على وجوه ، فيأتي بمعنى :
1- التمكن والاستقرار :
ومنه قوله تعالى : { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ } [ سورة هود ] أي أن سفينة نوح عليه السلام استقرت على جبل الجودي.
ويقال : استوى الرجل على ظهر دابته أي استقر عليها ، قاله اللغويون وغيرهم .
2- الاستقامة والاعتدال :
ومنه قوله تعالى : { فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ } [سورة الفتح ] أي الزرع ، والمراد بالاستواء في هذه الآية الاستقامة التي هي ضد الاعوجاج.
قال المفسر أبو حيان في تفسيره (البحر المحيط ج8 / 103) ما نصه: (( فاستوى أي تم نباته على سوقه جمع ساق كناية عن أصوله )) ا هـ
وقال البيضاوي في تفسيره ما نصه (أنوار التنـزيل م2/ج5/ص 86) : (( فاستقام على قصبه جمع ساق)) ا هـ
ومثله قال النسفي في تفسيره (ج4/164) ، وقال القرطبي في تفسيره (ج16/295) :
(( فاستوى على سوقه : على عوده الذي يقوم عليه فيكون ساقا له )) ا هـ.
وقال الحافظ اللغوي محمد مرتضى الزبيدي في شرح القاموس (ج10/188) ممزوجا بالمتن : (( (واستوى : اعتدل ) في ذاته، ومنه قوله تعالى : {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ }[سورة الفتح ] )) ا هـ، ويقال : استوى الشئ اعتدل (لسان العرب ج14/414) .
3- التمام :
ومنه قوله تعالى : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى } [ سورة القصص ] )) أي تمت قوته الجسدية .
ففي (( القاموس )) (ص1673) : (( واستوى الرجل : بلغ أشده )) ا هـ ، قال الحافظ محمد مرتضى الزبيدي شارح القاموس (ج10/189): (( فعلى هذا قوله تعالى : {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى } [سورة القصص ] )) ا هـ، وفي (( مختار الصحاح )) ما نصه (ص136) : (( واستوى الرجل : انتهى شبابه )) ا هـ ، وكذا في (( لسان العرب )) (ج14/414) وفيه أيضا ما نصه (ج14/414) : (( قال الفراء : الاستواء في كلام العرب على وجهين : أحدهما أن يستوى الرجل وينتهي شبابه وقوته ...)) ا هـ.
وقال اللغوي الفيروزابادي ما نصه (بصائر ذوي التمييز ج2/106) : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى } [ سورة القصص ] ، قوي واشتد)) ا هـ.
4- الاستيلاء أي القهر:
يقال استوى فلان على بلدة كذا إذا احتوى على مقاليد الملك واستولى عليها وحازها .
وقال اللغوي الفيومي في (( المصباح المنير ص 113)) ما نصه : (( واستوى على سرير الملك كناية عن التملك وإن لم يجلس عليه )) اهـ 5- النضج :
وقال اللغوي الفيومي في (( المصباح المنير )) ما نصه (ص 113) : ( استوى الطعام أي نضج )اهـ
6- القصد أو الإقبال :
قال اللغوي الفيومي في (( المصباح المنير)) ما نصه (ص 113) : ( واستوى إلى العراق : قصد)اهـ وقال ابن منظور في (( لسان العرب )) (ج14/414) : (( تقول : قد بلغ الأمير من بلد كذا وكذا ثم استوى إلى بلد كذا معناه قصد بالاستواء إليه )) اهـ، ثم قال : (( قال الفراء : تقول كان فلان مقبلا على فلان ثم استوى عليّ وإليَّ يشاتمني على معنى أقبل إليَّ وعليَّ )) ا هـ.
7- التماثل والتساوي :
وفي (( المصباح المنير )) ما نصه (ص 113) : (( استوى القوم في المال إذا لم يفضل منهم أحد على غيره وتساووا فيه وهم فيه سواء )) ا هـ.
وفي (( لسان العرب )) ما نصه (ج14/410) : (( استوى الشيئان وتساويا : تماثلا )) ا هـ.
8- الجلوس :
يقال: استوى على السرير إذا جلس عليه .
9- العلو :
قال ابن منظور في (( لسان العرب )) ما نصه (ج14/410) : (( قال الأخفش : استوى أي علا، تقول : استويت فوق الدابة وعلى ظهر البيت أي علوته )) اهـ .
والاستواء بمعنى العلو قد يكون بالرتبة وقد يكون بالمكان وهذا مستحيل على الله .
وقال اللغوي الفيروزابادي عند تعداد معنى الاستواء ما نصه (بصائر ذوي التمييز ج2/106) : (( بمعنى الركوب والاستعلاء : {ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ } [سورة الزخرف] أي ركبتم واستعليتم )) ا هـ.
وللاستواء غير ذلك من المعاني
ثالثاً
بيان من تأول الاستواء الاستواء على العرش بالاستيلاء والقهر
1- اللغوي السلفي الأديب أبو عبد الرحمن عبد الله بن يحيى بن المبارك (ت237هـ) ، كان عارفا باللغة والنحو ، قال في كتابه (( غريب القرءان وتفسيره )) ما نصه : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [سورة طه ] : استوى : استولى )) اهـ .
2- الإمام اللغوي أبو إسحاق إبراهيم بن السَّرِي الزجاج (ت311هـ ) قال فيه الذهبي (السير ج14/360): (( نحوي زمانه)) اهـ، قال في كتابه ((معاني القرءان )) ما نصه : ((وقالوا : معنى استوى :استولى )) اهـ .
3- الإمام أبو منصور محمد بن محمد الماتريدي الحنفي (ت333هـ) إمام أهل السنة والجماعة ، قال في كتابه المسمى (( تأويلات أهل السنة )) في تفسير قوله تعالى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [سورة طه] ما نصه (4) : (( أو الاستيلاء [عليه ] وأن لا سلطان لغيره ولا تدبير لأحد فيه )) اهـ.
4- اللغوي أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت340هـ) قال فيه الذهبي (السير ج 15/475)ما نصه : ((شيخ العربية وتلميذ العلامة أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج ، وهو منسوب إليه )) اهـ، قال في كتابه (( اشتقاق أسماء الله )) ما نصه: (( والعلي والعالي أيضا : القاهر الغالب للأشياء، فقول العرب : علا فلان فلانا أي غلبه وقهره كما قال الشاعر :
فلما علونا واستوينا عليهم تركناهم صرعى لنسر وكاسر
يعني غلبناهم وقهرناهم واستولينا عليهم )) اهـ.
5- الشيخ أبو بكر أحمد الرازي الجصاص الحنفي (ت370هـ) في كتابه (( أحكام القرءان )).
6- المفسر أبو الحسن علي بن محمد الماوردي (ت 450 هـ ) قال في تفسيره (( النكت والعيون )) ما نصه : {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } [ سورة الأعراف ] : فيه قولان : ...والثاني : استولى على العرش كما قال الشاعر :
قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق )) اهـ
7- قال الحافظ البيهقي ( ت 458هـ ) في كتابه (( الأسماء والصفات )) ما نصه : (( وفيما كتب إلي الأستاذ أبو منصور بن أبي أيوب أن كثيرا من متأخري أصحابنا ذهبوا إلى أن الاستواء هو القهر والغلبة )) اهـ.
8- أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي (ت478 هـ) في تفسيره (( الوجيز )).
9- الشيخ الحسين بن محمد الدامغاني الحنفي (ت478 هـ ) في كتابه (( إصلاح الوجوه )).
10- إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني الشافعي (ت 578هـ ) قال في كتابه (( الإرشاد )) ما نصه :
(( الاستواء القهر والغلبة، وذلك شائع في اللغة إذ تقول : استوى فلان على المملك إذا احتوى على مقاليد الملك واستعلى على الرقاب )) اهـ.
11- الإمام عبد الرحمن بن محمد الشافعي المعروف بالمتولي (ت478 هـ ) قال في كتابه (( الغنية )) في دفع شبهة من منع تفسير الاستواء بالقهر ما نصه : فإن قيل الاستواء إذا كان بمعنى القهر والغلبة فيقضي منازعة سابقة وذلك محال في وصفه . وقلنا : والاستواء بمعنى الاستقرار يقتضي سبق الاضطراب والاعوجاج ، وذلك محال في وصفه )) اهـ.
12- اللغوي أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصبهاني (ت502 هـ ) قال في كتابه (( المفردات )) ما نصه : (( ومتى عُدِّي- أي الاستواء – بـ (( على )) اقتضى معنى الاستيلاء كقوله : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [سورة طه ] )) اهـ.
13- الشيخ الفقيه أبو حامد الغزالي الشافعي (ت505هـ ) قال في كتابه (( إحياء علوم الدين )) عندما تكلم عن الاستواء ما نصه : (( وليس ذلك إلا بطريق القهر والاستيلاء )) اهـ .
14- المتكلم أبو المعين ميمون بن محمد النسفي الحنفي ( ت508هـ ) قال في كتابه (( تبصرة الأدلة )) بعد أن ذكر معاني الاستواء وأن منها الاستيلاء ما نصه : (( فعلى هذا يحتمل أن يكون المراد منه : استولى على العرش الذي هو أعظم المخلوقات )) اهـ.
15- الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري ( ت514 هـ ) الذي وصفه الحافظ عبد الرزاق الطبسي بإمام الأئمة، قال في كتابه (( التذكرة الشرقية )) ما نصه : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }[سورة طه ]: قهر وحفظ وأبقى )) اهـ .
16- القاضي الشيخ أبو الوليد محمد بن أحمد المالكي قاضي الجماعة بقرطبة المعروف بابن رشد الجد (ت520هـ ): قال ما نصه : (( والاستواء في قوله تعالى : {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } [ سورة الأعراف] معناه استولى )) اهـ، ذكره ابن الحاج المالكي في كتابه (( المدخل )) موافقا له ومقرا لكلامه .
17- العلامة الفقيه الأصولي أبو الثناء محمود بن زيد اللامشي الحنفي الماتريدي ( توفي في أوائل القرن السادس الهجري ) قال ما نصه: ((ووجه ذلك أن الاستواء قد يذكر ويراد به الاستقرار، وقد يذكر ويراد به الاستيلاء فيحمل على الاستيلاء دفعا للتناقض، وإنما خص العرش بالذكر تعظيما له كما خصه بالذكر في قوله تعالى : {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } [سورة التوبة ] وإن كان هو رب كل شئ)) اهـ.
18- الحافظ الكبير محدث الشام المؤرخ أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله ( ت571هـ) : قال ما نصه :
خلق السماء كما يشا ء بلا دعائم مستقلة
لا للتحيز كي تكو ن لذاته جهة مقلة
رب على العرش استوى قهرا وينـزل لا بنقلة
19- الإمام الحافظ المفسر عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي ت 597 هـ في كتابه دفع شبه التشبيه.
20- المفسر فخر الدين الرازي الشافعي (ت606هـ) : قال في تفسيره ما نصه : (( فثبت أن المراد استواؤه على عالم الأجسام بالقهر والقدرة والتدبير والحفظ )) اهـ، وقال في موضع ءاخر ما نصه : (( قال بعض العلماء : المراد من الاستواء الاستيلاء )) اهـ ، وقال في كتابه (( أساس التقديس : (( وإذا ثبت هذا ظهر أنه ليس المراد من الاستواء الاستقرار ، فوجب أن يكون المراد هو الاستيلاء والقهر وهذا مستقيم على قانون اللغة، قال الشاعر : قد استوى بشر على العراق )) ا هـ.
21- الشيخ المتكلم سيف الدين الآمدي الحنبلي ثم الشافعي (ت631هـ) ذكر في كتابه (( أبكار الأفكار )) أن تفسير الاستواء بالاستيلاء والقهر هو من أحسن التأويلات وأقربها .
22- الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام الشافعي (ت660هـ ) في كتابه
(( الإشارة إلى الإيجاز )).
23- الشيخ الفقيه القرافي المالكي (ت684هـ ) .
24- المفسر القاضي أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد البيضاوي الشافعي (ت685 هـ وقيل 691هـ ) قال في تفسيره (( أنوار التنـزيل )) ما نصه: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } [سورة الأعراف ] : استوى أمره أو استولى )) اهـ.
25- المفسر أبو البركات عبد الله بن أحمد النسفي (ت 710هـ وقيل 701هـ ) قال في تفسيره(( مدارك التنـزيل )) ما نصه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [سورة طه ] : استولى، عن الزجاج )) اهـ .
26- اللغوي محمد بن مكرم الإفريقي المصري المعروف بابن منظور (ت711هـ) قال في كتابه (( لسان العرب )) من غير أن يتعرض لتفسير ءاية الاستواء ما نصه : (( استوى: استولى، وظهر )) اهـ
27- المحدث الفقيه ابن المعلم القرشي (ت725 هـ) : ذكر في كتابه (( نجم المهتدي )) معاني الاستواء وأن منها الاستيلاء المجرد عن معنى المغالبة ، ولم يعترض على هذا التفسير ، نقله الكوثري في تعليقه على (( الأسماء والصفات )).
28- الشيخ أحمد بن يحيى بن إسماعيل بن جهبل الحلبي الشافعي (ت733هـ ) قال في رسالته التي ألفها في نفي الجهة عن الله ردا على ابن تيمية ما نصه : ((والاستواء بمعنى الاستيلاء )) اهـ ، نقله التاج السبكي في ((طبقاته )) .
29- القاضي محمد بن إبراهيم الشافعي الشهير ببدر الدين بن جماعة ( ت 733 هـ ) قال في كتابه (( إيضاح الدليل )) ما نصه: (( فقوله تعالى : { اسْتَوَى } يتعين فيه معنى الاستيلاء والقهر لا القعود والاستقرار )) اهـ .
30- الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد العبدري المغربي المالكي المعروف بابن الحاج ( ت 737 هـ ) كان من أصحاب العلامة الولي العارف بالله الزاهد المقرئ ابن أبي جمرة رحمه الله تعالى ونفعنا به ، ذكر في كتابه (( المدخل )) كلام ابن رشد الجد الذي ذكرناه ءانفا مؤيدا وموافقا له 31- الفقيه شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد المؤمن الشافعي المعروف بابن اللبان (ت749هـ ) في كتابه (( إزالة الشبهات )).
31- القاضي عبد الرحمن بن أحمد الإيجي (ت756 هـ ) في كتابه (( المواقف )) .
33- الإمام الفقيه تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي ( ت756هـ ) قال في كتابه (( السيف الصقيل )) ما نصه :
((فالمقدم على هذا التأويل – أي تأويل الاستواء بالاستيلاء – لم يرتكب محذورا ولا وصف الله تعالى بما لا يجوز عليه )) اهـ .
34- اللغوي المفسر أحمد بن يوسف الشافعي المعروف بالسمين الحلبي (ت756هـ ) قال في كتابه (( عمدة الحفاظ )) ما نصه : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [سورة طه] : أي استولى )) اهـ.
35- القاضي محمود بن أحمد القونوي الحنفي المعروف بابن السراج (ت770هـ ويقال 771هـ ) كما في كتابه (( القلائد )) .
36-اللغوي مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي ( ت817هـ ) قال في كتابه ((بصائر ذوي التمييز )) عند ذكر معاني الاستواء ما نصه : (( بمعنى القهر والقدر: { اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ }[سورة الأعراف ] { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }[سورة طه ] )) اهـ .
37- الشيخ الفقيه تقي الدين الحصني الشافعي (ت829هـ ) قال في كتابه (( دفع شبه من شبه وتمرد )) في معرض بيان معنى الاستواء في اللغة ما نصه: (( ومنها الاستيلاء على الشئ )) اهـ .
38- الفقيه الأصولي كمال الدين محمد بن عبد الواحد الحنفي المعروف بابن الهمام (ت861هـ )قال في كتابه ((المسايرة )) ما نصه : (( أما كون المراد أنه – أي الاستواء – استيلاؤه على العرش فأمر جائز الإرادة )) اهـ .
39-الشيخ محمد بن سليمان الكافيجي (ت879هـ ) أحد مشايخ السيوطي قال في كتابه (( التيسير )) ما نصه : (( أما التأويل في العرف فهو صرف اللفظ إلى بعض الوجوه ليكون ذلك موافقا للأصول كما إذا قال القائل : الظاهر أن المراد من الاستواء في قوله تعالى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[سورة طه ] هو الاستيلاء بما لاح لي من الدليل فذلك تأويل برأي الشرع )) اهـ.
40- المحدث الشيخ قاسم بن قطلوبغا الحنفي (ت879هـ ) قال في حاشيته على (( المسايرة )) ما نصه : ((قال أهل الحق بأن الاستواء مشترك بين معان ، والمعنى الأليق الاستيلاء )) اهـ .
41- الشيخ كمال الدين محمد بن محمد الشافعي المعروف بابن أبي شريف (ت906هـ ) شارح كتاب (( المسايرة)) لابن الهمام الذي مر ذكره ووافقه على التأويل باستولى .
42- قال الحافظ السيوطي الشافعي (ت 911هـ ) في كتابه (( الكنـز المدفون )) ما نصه : (( خص – أي الله – الاستواء عليه – أي العرش – وهو استواء استيلاء ، فمن استولى على أعظم المخلوقات استولى على ما دونه )) اهـ
43- الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني الشافعي (ت923هـ ) كما في شرحه على البخاري .
44- القاضي الشيخ زكريا بن محمد الأنصاري المصري الشافعي ( ت926 هـ ) كما في كتابه (( غاية الوصول شرح لب الأصول )) .
45- الشيخ أبو الحسن علي بن محمد المنوفي المالكي المصري ( ت939 هـ ) قال في كتابه (( كفاية الطالب )) ما نصه : (( معنى استوائه على عرشه أن الله تعالى استولى عليه استيلاء ملك قادر قاهر، ومن استولى على أعظم الأشياء كان ما دونه منطويا تحته، وقيل الاستواء بمعنى العلو أي علو مرتبه ومكانة لا علو المكان )) اهـ.
46- المفسر محمد بن مصطفى الحنفي المعروف بشيخ زاده (ت951هـ) كما في حاشيته على تفسير البيضاوي فقد قال : (( ولا يتوهم من استوائه على العرش كونه معتمدا عليه مستقرا فوقه بحيث لولا العرش لسقط ونزل لأن ذلك مستحيل في حقه تعالى لاتفاق المسلمين على أنه تعالى هو الممسك للعرش والحافظ [ له ] وأنه لا يحتاج إلى شئ مما سواه بل المراد من الاستواء على العرش والله أعلم الاستيلاء عليه ونفاذ التصرف ، وخص العرش بالاستيلاء عليه لأنه أعظم المخلوقات ، قال الشاعر :
قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق )) اهـ
47- الشيخ يوسف بن عبد الله الأرميوني الشافعي (ت958 هـ ) في كتابه (( القول المعتمد )).
48- المفسر القاضي أبو السعود محمد بن محمد العمادي الحنفي ( ت982 هـ ) في تفسيره (( إرشاد العقل السليم )).
49- الشيخ أحمد بن غنيم النفراوي المالكي الأزهري (ت 1126 هـ ) في كتابه (( الفواكه الدواني ))، قال ما نصه :
(( استوى أي استولى بالقهر والغلة استيلاء ملك قاهر وإله قادر، ويلزم من استيلائه تعالى على أعظم الأشياء وأعلاها استيلاؤه على ما دونه )) اهـ .
50- الشيخ المفسر سليمان بن عمر الشهير بالجمل الشافعي (ت1204 هـ ) نقل في حاشيته على تفسير الجلالين عن شيخه ما نصه : (( طريقة الخلف التأويل بتعيين محمل اللفظ فيؤولون الاستواء بالاستيلاء )) اهـ .
51- الحافظ اللغوي الفقيه محمد مرتضى الزبيدي الحنفي (ت1205هـ) قال في شرح الإحياء ما نصه : ((وإذا خيف على العامة لقصور فهمهم عدم فهم الاستواء إذا لم يكن بمعنى الاستيلاء إلا الاتصال ونحوه من لوازم الجسمية فلا بأس بصرف فهمهم إلى الاستيلاء صيانة لهم من المحذور، فإنه قد ثبت إطلاقه وإرادته لغة )) اهـ.
52- الشيخ محمد الطيب بن عبد المجيد المدعو ابن كيران المالكي (ت1227هـ ) في شرحه على ((المرشد المعين على الضروري من علم الدين (1/448) مفسرا الاستواء على العرش بالقهر والغلبة لقوله:
فلما علونا واستوينا عليهم جعلناهم مرعى لنسر وطائر
وقوله :
قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق ))
وخص العرش لأنه أعظم المخلوقات ، ومن استولى على أعظمها كان استيلاؤه على غيره أحرى )) اهـ .
53- الشيخ أحمد بن محمد المالكي الصاوي ( ت1241هـ ) كما في شرحه على جوهرة التوحيد )) اهـ .
54- الشيخ إدريس بن أحمد الوزاني الفاسي المولود سنة 1275هـ في (( نشر الطيب )) قال : (( الاستواء يطلق لغة على الاستقرار على الشئ ولكن لا يحمل على ظاهره كما تقول المشبهة بل المراد لازمه الذي هو الاستيلاء بالقهر والغلبة )) اهـ.
55- المحدث أبو عبد الله محمد بن درويش الحوت البيروتي الشافعي (ت1276هـ ) قال في رسالته (( الدرة البهية في توحيد رب البرية ))ما نصه : (( وقد أول الخلف الاستواء بالقهر والاستيلاء على العرش )) اهـ .
56- الشيخ إبراهيم محمد البيجوري الشافعي ( ت1277هـ ) كما في شرح (( جوهرة التوحيد))
57- الشيخ محمد علاء الدين بن محمد أمين عابدين الدمشقي الحنفي (ت1306هـ) في كتابه (( الهدية العلائية )) قال ما نصه : (( وقالوا : (( استوى )) بمعنى استولى )) اهـ.
58- الشيخ محمد بن محفوظ الترمسي الأندنوسي ( كان حيا سنة 1329 هـ ) قال في تفسير قوله تعالى :{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } : (( فالظاهر من ذلك ليس مرادا اتفاقا، ثم السلف يفوضون علم حقيقته على التفصيل إلى الله ، والخلف يؤولونه إلى أن المراد من الاستواء الاستيلاء والملك على حد قول الشاعر : قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق )) اهـ.
59- الشيخ الفقيه المفسر المتكلم محمد نووي الشافعي الجاوي (ت1316هـ ) في تفسيره .
60- شيخ الأزهر في مصر الأستاذ سليم البشري (ت 1335هـ ) : قال في فتوى له نقلها الشيخ سلامة العزامي ( ت1376هـ ) في رسالته (( فرقان القرءان )) : (( إن الاستواء بمعنى الاستيلاء كما هو رأي الخلف )) اهـ.
61- الشيخ طاهر بن محمد الجزائري الدمشقي (ت 1338هـ ) كما في كتابه (( الجواهر الكلامية )) .
62- الشيخ عبد المجيد الشرنوبي المصري الأزهري المالكي ( ت 1348هـ ) كما في شرحه على (( تائية السلوك )) وفي (( تقريب المعاني )) .
63- الشيخ محمد بن محمد الخطاب السبكي الأزهري ( ت1352 هـ ) كما في كتابه (( إتحاف الكائنات )) .
64- الشيخ عثمان بن حسنين بري الجعلي المالكي ( انتهى المؤلف من شرحه سنة 1364هـ) قال في كتابه (( سراج الملوك شرح أسهل المسالك )) ما نصه : (( وتؤول الاستواء على العرش بالقهر والغلبة بمعنى أن الله تعالى مالك للعرش وما حواه )) اهـ.
65- الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني ( ت 1367 هـ ) هو مدرس علوم القرءان والحديث في كلية أصول الدين في جامعة الأزهر بمصر ، قال في كتابه (( مناهل العرفان )) طبق ما قرره مجلس الأزهر الأعلى في دراسة تخصص الكليات الأزهرية ما نصه : (( وطائفة المتأخرين يعينون فيقولون : إن المراد بالاستواء هنا هو الاستيلاء والقهر من غير معاناة ولا تكلف لأن اللغة تتسع لهذا المعنى )) اهـ
66- الشيخ محمد زاهد الكوثري ( ت 1371هـ ) كان وكيل مشيخة الإسلام بالاستانة، ووافق في (( تكملة الرد على نونية ابن القيم )) الحافظ الفقيه السبكي على تأويل الاستواء بالاستيلاء .
67- الشيخ سلامة القضاعي العزامي ( ت1367 هـ ) كما في كتابه (( البراهين الساطعة ))، ورسالته (( فرقان القرءان )).
68- كتاب العقيدة الإسلامية : التوحيد من الكتاب والسنة .
69- الشيخ إبراهيم الدسوقي وزير الأوقاف سابقا ( مصر ) .
70- الشيخ حسين بن عبد الرحيم مكي في كتابه (( مذكرات التوحيد )).
71- وكذا في كتاب (( مشروع زايد لتحفيظ القرءان الكريم )) بدولة الإمارات العربية المتحدة .
72- قال الشيخ محمد حامد ( مدرس وخطيب جامع السلطان بحماه ) في كتابه (( ردود على أباطيل )): (( وإن استواء الله على عرشه يجري فيه مذهبان للسلف والخلف، فالسلف يفوضون معناه إلى الله تعالى مع التنـزيه، والخلف يؤولونه بالاستيلاء على العرش وهو أعظم المكونات، فهو إذن مستول على غيره بالأولى من غير استعصاء سابق لا من العرش ولا من غيره )) اهـ.
73- الشيخ عبد الكريم المدرس ( إمام وخطيب جامع الأحمدي والمدرس في الحضرة الكيلانية ببغداد ) في كتابه (( الوسيلة )) .
قذائف الحق
2011-06-20, 20:39
أين الله ؟ أم لا إله إلا الله ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ولي الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله سيد الخلق أجمعين، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين, وبعد
أين الله ؟ أم لا إله إلا الله ؟
مقال للشيخ فوزي العنجري
اطلعت على حلقتين من مقالة كتبها احدهم عنوانها ( أين الله ؟ الله في السماء) ، صاغها بإسلوب مناظرة تخيلها بين شخصين ، الأول منهما سماه " الشيخ عبد الله:" وجعله ممثلا لفكره ناطقا باسمه ، وأجرى على لسانه ما يريد قوله للقراء ، وأضفى عليه ما استطاع أن يضفيه من علم وحكمة ، وحفظ ، والثاني منهما سماه التائه !! وهو شاب أخرق إمعة لا علم لديه ولا فهم ولا حفظ ، شاب هزيل ركيك ، لم يكن له إلا التلقي من الشيخ عبد الله ، وهز رأسه مؤيدا ومؤمِّنا ومعقبا بعبارات الإعجاب والانبهار ، وجعل هذا الشاب المفلس ممثلا لخصومه الأشاعرة ، وناطقا بأسمائهم ، وهذا ليسهل على الشيخ عبد الله هزيمة قرينه والتفوق عليه .
وموضوع المقالة ظاهر من عنوانها ، أين الله ؟ ، والجواب الله في السماء
وأنا أقرأ المقالة كان يلازمني سؤال ملح، هو:
ما الفائدة من طرح مثل هذه الموضوعات ؟ وما الداعي المقتضى لذلك ؟
هل معرفة أين الله أصل من أصول الدين ؟
وهل الجاهل بـ ( أين الله ) مؤاخذ عند الله تعالى ؟
وإن كان كذلك، لماذا لم يمتحن رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بطرح هذا السؤال عليهم ؟
إن المعلوم من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم انه بعث بلا إله إلا الله محمد رسول الله ، وأُمر بأن يقاتل الناس عليها حتى يقروا بها ، فإذا فعلوا عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحق ، هذا هو الذي بُعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو ثابت في الصحيح ، ولم يؤمر بامتحان الناس
بـ ( أين الله ؟ )
بل لو افترضنا مسلما موحداً مات دون أن يدور في خلده هذا الأمر، ومات موقناً بالله ورسوله وكتابه، كان من الناجين بإذن الله تعالى، لأنه لم يجهل شيئا يتوجب عليه معرفته.
فلماذا تثار مثل هذه الموضوعات ويتكرر طرحها والحديث عنها وكأنها مما لا يعذر المسلم بالجهل به ؟
لماذا ولمصلحة من ؟
ألا يكفى المسلمين ما هم فيه من إحن ومحن وفتن حتى نزيدهم تشرذما وتفرقا ؟
الله تعالى هو العلىُّ رفيع الدرجات ذو العرش ، وهو القاهر فوق عباده المتعالي بمجده وجميل صفاته ، له العلو اللائق بربوبيته وألوهيته ، العلو المنـزَّه عن كل نقص وشائبةِ مشابهةِ الخلق ، هذا ما ينبغي أن يعتقده المسلم بربه تعالى ، وهذا ما نعتقده وندين الله تعالى به .
أما العلو الحسي الذي يشار إليه بالإشارة الحسية، فالله تعالى منـزَّه عنه، فهو من سمات المخلوق الحالِّ بالأمكنة.
وسؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم للجارية الصغيرة ( أين الله ) هو من باب التنـزُّل مراعاة لعقل الجارية ، وليس السؤال على ظاهره ، لأن ( أين ) في حقيقتها يُستفسر بها عن المكان ، والله منـزَّه عن المكان ، فهو خالق المكان .
قال الإمام القرطبي صاحب المُفهِم ( وقوله صلى الله عليه وسلم للجارية ( أين الله ) ، هذا السؤال من النبي صلى الله عليه وسلم تنـزُّلٌ مع الجارية على قدر فهمها ، إذ أراد أن يظهر منها ما يدل على إنها ليست ممن يعبد الأصنام ولا الحجارة التي في الأرض...
إلى أن قال رحمه الله : ثم اعلم انه لا خلاف بين المسلمين قاطبة محدثهم وفقيههم ومتكلمهم ومقلدهم ونظارهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى : " ءأمنتم من في السماء " ليست على ظاهرها وأنها متأولة عند جميعهم ..... وقد حصل من هذا الأمر المحقق ، إن قول الجارية ( في السماء ) ليس على ظاهره باتفاق المسلمين ، فيتعين أن يُعتقد فيه انه مُعَرَّض لتأويا المتأولين ، وأن من حمله على ظاهره فهو ضالٌّ من الضالِّين ) انتهى
وهذا الذي نقلناه عن أبى العباس القرطبي رحمه الله تعالى هو قول الإمام النووي والعز بن عبد السلام والحافظ بن حجر والسيوطي والسخاوى ومن قبلهم البيهقى وابن عساكر وابن الجو زى والغزالي والجوينى والرازي وغيرهم من أئمة الإسلام .
قال الإمام الزجاج المتوفى سنة ( 311 هـ ) في كتابه تفسير أسماء الله الحسنى :
( الظاهر، هو الذي ظهر للعقول بحججه ..... والله تعالى عالٍ على كل شيء ، وليس المراد بالعلو ارتفاع المحل ، لأن الله تعالى يجلُّ عن المحل والمكان ، وإنما العلو علو الشأن وارتفاع السلطان ، ويؤكد الوجه الآخر قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه : " أنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ..." .) انتهى
وقال الإمام ابن عطية: ( وقوله تعالى: ( من في السماء ) جار على عرف تلقى البشر أوامر الله تعالى ونزول القدر بحوادثه ونعمه ونقمه وآياته من تلك الجهة، وعلى ذلك صار رفع الأيدي والوجوه في الدعاء إلى تلك الجهة والناحية ...) انتهى
وقال الإمام أبو عبد الله القرطبي صاحب التفسير بعد أن نقل بعض الوجوه في تفسير قواه تعالى
( ءأمنتم من في السماء ) قال :
وقال المحققون ءأمنتم من في السماء .. أي فوقها لا بالمماسة والتحيز ولكن بالقهر والتدبير ، وقيل معناه ءأمنتم من في السماء ، كقوله (( ولأصلبنَّكم في جذوع النخل )) أي عليها ، ومعناه أنه مدبرها ومالكها .... والأخبار في هذا الباب كثيرة منتشرة ، مشيرة إلى العلو ، لا يدفعها إلا ملحد أو جاهل معاند ، والمراد بها توقيره و تنـزيهه عن السفل والتحت ، ووصفه بالعلو والعظمة لا بالأماكن والجهات والحدود ، ، لأنها صفات الأجسام ، وإنما ترفع الأيدي بالدعاء إلى السماء لأن السماء مهبط الوحي ومنـزل القطر ومحل القدس ومعدن المطهرين من الملائكة ، واليها ترفع أعمال العباد ، وفوقها عرشه وجنته ، كما جعل الله الكعبة قبلة الدعاء والصلاة ، ولأنه خلق الأمكنة وهو غير محتاج إليها ...) انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر: ( لأن وصفه تعالى بالعلو من جهة المعنى، والمستحيل كون ذلك من جهة الحس ... ) انتهى
وقال أيضا : ( ولا يستحيل وصفه بالفوق على المعنى الذي يليق بجلاله لا على المعنى الذي يسبق إلى الوهم من التحديد الذي يفضى إلى التشبيه ...) انتهى
والنصوص عن العلماء كثيرة لا تسعها هذه المقالة، ولعل فيما نقلناه كفاية لمن أنصف.
إن النصوص التي استدل بها الكاتب ، والتي يوهم ظاهرها أن الله في السماء يشار إليه بالإشارة الحسية وغيرها من النصوص التي ظاهرها يوهم ذلك ، تعارضها نصوص يوهم ظاهرها أن الله تعالى مع خلقه بذاته ، مثل قوله تعالى " وهو معكم أينما كنتم " ،
وقوله "إنى ذاهب إلى ربى " ،
وقوله " إنى مهاجر إلى ربى "
وقوله تعالى " أن بورك من في النار ومن حولها "
وقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا كان أحدكم يصلى فلا يبصق قِبَل وجهه، فإن الله قِبَل وجهه إذا صلى "
وفى رواية " ربه بينه وبين قِبلته "
وقوله عليه الصلاة والسلام " الذي تدعونه اقرب إلى أحدكم من راحلة أحدكم "
وقوله عليه الصلاهة والسلام : إن الله عز وجل يقول يوم القيامة :
يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال : يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال :
أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده
يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال : يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين، قال :
أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي
يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين قال:
استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما علمت إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي.
رواه مسلم.
قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث :
قال العلماء، إنما أضاف المرض إليه سبحانه وتعالى، والمراد العبد تشريفاً للعبد وتقريباً له، قالوا، ومعنى وجدتني عنده، أي وجدت ثوابي وكرامتي، ويدل عليه قوله تعالى في تمام الحديث، لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، لو أسقيته لوجدت ذلك عندي أي ثوابه، والله أعلم.
فما الذي جعل اعتقاد ظاهر هذه كفرا واعتقاد ظاهر تلك سنة وهدى ؟ !
وما المسوِّغ الذي سوَّغ تأويل هذه وحملها على معية العلم والإحاطة ، ومنع تأويل نصوص الكون في السماء والإشارة الحسية ونحوها على علو الرتبة والمكانة ؟!
والحق انه كما أن النصوص التي ظاهرها المعية بالذات والحلول مع الخلق مستحيلة الظاهر ، ومصروفة إلى معية العلم والإحاطة والنصرة وغير ذلك من المعاني الموفقة لضوابط التنـزيه ومعايير اللغة ، وهذا باتفاق ، فكذلك الحال مع النصوص التي ظاهرها الظرفية و التحيـز والكون في السماء والإشارة الحسية ، فهي أيضا مستحيلة الظاهر ومصروفة إلى معان لائقة بالله تعالى من علو الرتبة والقدر ، والقهر والسلطان ، وغير ذلك .
لا فرق بين هذه النصوص وتلك البتة، ومن فرّق بينها فاعتقد ظاهر هذه ونفى ظاهر تلك فقد فرّق بين المتماثلات، ورجع فعله إلى التحكم والتشهي والهوى، وطولب بالدليل على التفريق.
لقد خاض الكاتب في موضوعات عدة ، كموضوع التفويض ، وحديث الآحاد ، وقد ناقش العلماء هذه الموضوعات وأشبعوها بحثا ، فعلى من أراد الحق فيها أن يرجع إلى كتب الأصول ، أصول الدين والفقه والعقائد والحديث حيث مظانها .
وكنا قد جمعنا ورقات من أقوال العلماء ونشرناها بعنوان ( أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم ) نقلنا فيها طرفا مما أفاض فيه العلماء وأسهبوا فيه من هذه المسائل ، وتوجناه بمجموعة من تقريظات بعض أهل العلم في عالمنا الإسلامي .
إن المقالة لا تتيح المساحة الكافية لمناقشة هذه المسائل ، بشيء من التفصيل ، لهذا سنكتفي بمعالجتها عن بعد دون الدخول بتفاصيلها وما لا يرك كله لا يترك جله .
أما التفويض الذي جعله الكاتب مذهب أهل البدع ويعنى بهم الاشاعرة بالطبع ، فمعناه إرجاع معرفة تلك النصوص إلى قائلها ، فالله تعالى اعلم بمراده ، وهذا المذهب ليس مذهب أهل البدع كما قال الكاتب بل هو مذهب جمهور السلف الصالح وكثير من الخلف .
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ( هذا الحديث من أحاديث الصفات وفيه مذهبان مشهوران للعلماء .... احدهما :
وهو مذهب جمهور السلف وبعض المتكلمين ، انه يُؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى ، وان ظاهرها المراد فى حقنا غير مراد ولا يُتكلم في تأويلها مع اعتقاد تنـزيه الله تعالى عن صفات المخلوق وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق ،
والثاني:
مذهب اكثر المتكلمين وجماعات من السلف وهو محكي عن مالك والاوزاعى أنها تتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها .) انتهى
ونقل عن الإمام احمد بن حنبل رضي الله عنه في أحاديث الصفات : ( نؤمن بها ونصدِّق بها ولا كيف ولا معنى .) انتهى
وهذا صريح في التفويض لا يحتمل تحميله أي معنى آخر
وقال الإمام الترمذي رحمه الله تعالى : ( والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة سفيان الثوري ومالك بن انس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم ، أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا ، تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف ، وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأحاديث كما جاءت ويُؤمن بها ولا تُفَسَّر ولا تُتَوَهَّم ولا يقال كيف ...) انتهى
وقوله : وتفسر ولا تتوهم صريح في أنهم لا يعلمون معاني تلك الألفاظ ، نعم يعلمون المعنى الإجمالى للنص ، ولكن اللفظ المتشابه لا يعلمون المراد منه ويفرون من تفسيره والخوض فيه .
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى : ( فقولنا في ذلك وبابه الإقرار والإمرار وتفويض معناه إلى قائله الصادق المعصوم .) انتهى
ونقل الحافظ بن حجر عن ابن المنيِّر مؤيداً تقسيم المذاهب في المتشابهات إلى ثلاثة مذاهب فقال:
( والثالث إمرارها على ما جاءت مفوضا معناها إلى الله تعالى ...) ثم قال الحافظ : ( قال الطيبى هذا هو المذهب المعتمد وبه يقول السلف الصالح ) انتهى
وذكر الحافظ بن حجر أكثر من موضع في كتابه الفتح أن القول في المتشابهات إما التفويض وإما التأويل.
والنصوص في هذا كثيرة جدا كلها يفند ما قاله الكاتب وزعمه من أن التفويض مذهب أهل البدع.
حديث الآحاد
وهو الحديث الذي لم يبلغ حد التواتر الذي ترويه جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب، فكل خبر لك يكن على هذه الصفة فهو حديث آحاد وقد اختلف العلماء في خبر الآحاد، هل يفيد العلم واليقين والقطع، أم الظن، والذي عليه غالب العلماء وجمهورهم انه لا يفيد العلم واليقين
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى:
( وأما خبر الواحد فهو ما لم يوجد فيه شروط المتواتر ، سواء كان الراوي فيه واحد أو أكثر ، واختلف في حكمه ، فالذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول ، أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها ويفيد الضن ولا يفيد العلم .) انتهى
لهذا السبب لم يأخذ به أهل السنة في أصول العقائد كصفات الله تعالى التي يلزم لثبوتها القطع واليقين
قال الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى : ( خبر الواحد لا يقبل في شيء من أبواب الدين المأخوذ على المكلَّفين العلم بها والقطع عليها ، والعلة في ذلك ، انه إذا لم يعلم أن الخبر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ابعد من العلم بمضمونه ، فأما ما عدا ذلك من الأحكام التي لم يوجب علينا العلم بان النبي صلى الله عليه وسلم قررها واخبر عن الله عز وجل بها فان خبر الواحد فيها مقبول والعمل واجب .) انتهى
وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى في معرض رده على خصمه فى منهاج السنة :
( إن هذا من أخبار الآحاد فكيف يثبت به أصل الدين الذي لا يصح الإيمان إلا به .) انتهى
بهذا وغيره يستبين مسلك أهل السنة في خبر الآحاد ، وان عدم أخذهم به في العقيدة ليس على الإطلاق ، بل هو محصور في الأبواب التي يلزم لثبوتها القطع واليقين الذي لا يتوفر في خبر الآحاد ، زاما ما عدا ذلك من الأبواب كالسمعيات فهم يأخذون به ويثبتون به أحكام العقائد .
وأخيرا أقول
إن من يتصدى للكتابة للناس يقع على عاتقه حمل ثقيل ، لكونه يملك سلاحا فعالا في أذهان الناس ، فعليه أن يتقى الله تعالى ويراعى عقول الناس فلا يلقى لهم ما من شأنه أن يبلبل أفكارهم وعقائدهم لاسيما إذا كان هذا الذي يلقيه مما لا فائدة ولا أهمية لذكره كهذا الموضوع الذي عقد له الكاتب مقالته وبني عليه المناظرة الساذجة .
وبدلا من إثارة هذه الموضوعات كان التركيز على الجوانب الإيمانية والروحية التي تعزز الجانب السلوكي والأخلاقي الذي يعانى منه النشء الإسلامى ، نعم ، التركيز على هذه القضايا أجدى وانفع من إثارة موضوع (أين الله ) و (خلق القرآن ) وغير ذلك من الموضوعات النظرية التي تشوش أذهان الناس وان لم تفعل فلن تفيدهم معرفتها شيئا .
اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا يختلفون ، إهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك انك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم .
هشام البرايجي
2011-06-20, 22:57
يا أخ جمال ها قد جاءك صدى صوتك، لقد نصحك الاخوة بعدم التعنت ولكن اردت غير ذلك، فلا تغتر بتك النقولات التي استدللت بها ونسيت ان تقول للاعضاء بأن هناك راي اخ غير هذا، فهاهو امامك وقد ساعدناك لوجه الله.
لذا نرجوا ان تتوقف عن هذا التشدد الذي قد يضر بك اولا وبمصداقية الفكر الوهابي وبالمنتدى ثانيا وثالثا.
هذا رجاء فقط لا استعطاف،وان اردت المواصلة فنحن لها.
ذلك الموقع الزنديق الذي تنقل منه مقالاتك وتنهل منه علمك وحده دليل كاف شاف لكل اعضاء المنتدى ليعلموا ان الذين يردون على اهل السنة هم في حقيقة الامر ينحدرون من سلالة عبدة القبور والاولياء الصاحين، و كل عضو من اعضاء ذلك المنتدى الذي تنقل منه هدفه في هذا الوجود ان يصبح قبرا او وليا صالحا ليصبح تاجا يعبد، لذلك تجدهم ينشرون عقيدة ان الله في كل مكان بما في ذلك المزابل والقبور وبذلك تبدء عقيدة الحلول فالمشبع بهذه الزندقة يعتبر انه هو الله والله هو كما قال ابن عربي الزنديق والحلاج وغيرهم ممن يريد نشر فكرهم اما اهل السنة فالههم على العرش في السماء وهو العلي الاعلى فوق كل شيء ليس كمثله شيء وهو القائل والسميع والبصير كما جاء في القرآن الكريم ليس كما يدعي الزنديق ان القائل الرحمن على العرش استوى والله في السماء كافر فمن عجائب الامور ان التزندق يجعل الزنديق يرى التسليم بظاهر القران الكريم كفر ..... عجب جدا
samou el fedjm
2011-06-21, 09:32
ذلك الموقع الزنديق الذي تنقل منه مقالاتك وتنهل منه علمك وحده دليل كاف شاف لكل اعضاء المنتدى ليعلموا ان الذين يردون على اهل السنة هم في حقيقة الامر ينحدرون من سلالة عبدة القبور والاولياء الصاحين، و كل عضو من اعضاء ذلك المنتدى الذي تنقل منه هدفه في هذا الوجود ان يصبح قبرا او وليا صالحا ليصبح تاجا يعبد، لذلك تجدهم ينشرون عقيدة ان الله في كل مكان بما في ذلك المزابل والقبور وبذلك تبدء عقيدة الحلول فالمشبع بهذه الزندقة يعتبر انه هو الله والله هو كما قال ابن عربي الزنديق والحلاج وغيرهم ممن يريد نشر فكرهم اما اهل السنة فالههم على العرش في السماء وهو العلي الاعلى فوق كل شيء ليس كمثله شيء وهو القائل والسميع والبصير كما جاء في القرآن الكريم ليس كما يدعي الزنديق ان القائل الرحمن على العرش استوى والله في السماء كافر فمن عجائب الامور ان التزندق يجعل الزنديق يرى التسليم بظاهر القران الكريم كفر ..... عجب جدا
أو كالجفري الذي يقول يستطيع الله ان يخلق ولدا مكن دون أب
ولك ان تفهم ماذا يقصد ؟ لأن الله خلق عيسى ابن مريم من دون أب
samou el fedjm
2011-06-21, 09:36
الآيات الدالة على استواء الله على عرشه فوق سماواته
ذكر الله تبارك وتعالى ذكر استواءه على العرش في سبعة مواضع من القران:
الموضع الأول قوله تعالى في سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}
الموضع الثاني قوله تعالى في سورة يونس: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ}
الموضع الثالث قوله تعالى في سورة الرعد: {اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}
الموضع الرابع قوله تعالى في سورة طه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
الموضع الخامس قوله تعالى في سورة الفرقان: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}
الموضع السادس قوله تعالى في سورة السجدة: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}
الموضع السابع قوله تعالى في سورة الحديد: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
والنص على استواء الرب تبارك وتعالى على العرش، الذي هو فوق جميع المخلوقات، ينافي كونه مع سكان الأرض بذاته، وفي كل من هذه الآيات السبع أبلغ رد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية.
و قول الله تعالى في سورة النحل: {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ} وإذا كان الرب تبارك وتعالى فوق الملائكة الذين هم سكان السموات، ولم يكن معهم بذاته، فكيف يقال: إن معيته لخلقه –أي الذين في الأرض- معية ذاتية هذا قول ظاهر البطلان.
و قول الله تعالى في سورة الأنعام: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}
وقوله تعالى في سورة الأنعام أيضا: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً}
وقوله في سورة الأعلى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}
وقوله تعالى: {وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى}
وقوله تعالى في سورة الرعد: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}
وقوله تعالى في سورة غافر: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ}
وقوله تعالى: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} وقوله تعالى في سورة الشورى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}
وقوله تعالى: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} وقوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} وقوله تعالىفي سورة سبأ: {قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}
وقوله تعالى في سورة غافر: {ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ}
فقد وصف الرب تبارك وتعالى نفسه في هذه الآيات بصفة العلو المطلق، وهو يشمل علو القدر، وعلو القهر، وعلو الذات، ولا يخفى على من له عقل وعلم أن صفة علو الذات تنافي المعية الذاتية للخلق أعظم المنافع.
و قول الله تعالى في سورة الملك: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ () أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ}
قال البيهقي في كتاب " الأسماء والصفات" في الكلام على قوله: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء} أراد من فوق السماء كما قال: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} بمعنى على جذوع النخل. وقال: {فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ}أي على الأرض. وكل ما علا فهو سماء، والعرش أعلى السموات، فمعنى الآية: أأمنتم من على العرش كما صرح به في سائر الآيات.
قال: وفيما كتبنا من الآيات دلالة على إبطال قول من زعم من الجهمية: أن الله بذاته في كل مكان، وقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} (4) سورة الحديد إنما أراد بعلمه. لا بذاته انتهى.
وقال القرطبي في تفسيره في الكلام على قوله تعالى: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء} قال المحققون: أأمنتم من فوق السماء كقوله: {فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ} أي فوقها انتهى.
و قول الله تعالى في سورة فاطر: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}
وقوله تعالى في سورة السجدة: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ}
وقوله تعالى في سورة المعارج: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}
وقوله تعالى في سورة آل عمران: {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}
وقوله تعالى في سورة النساء: {بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ}
وقوله تعالى في سورة النحل: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ}
وقوله تعالى في سورة المائدة: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} وقوله تعالى في سورة الأنعام: {وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ} وقوله تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ () مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ}
وقوله تعالى في سورة غافر{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا} وقوله تعالى {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}وقوله تعالى {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}
وقوله تعالى " وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب * أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا "
وهذا شيء من الآيات الكثيرة الواردة في كتاب الله والتي تدل دلالة صريحة على علو الله فوق سماواته ومباينته لخلقه
samou el fedjm
2011-06-21, 09:52
الأحاديث الدالة على استواء الله على عرشه فوق سماواته وأنه بائن من خلقه
جاء الصَّحِيحَيْن مِنْ حَدِيث أَبِي الزِّنَاد عَنْ الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَمَّا قَضَى اللَّه الْخَلْق كَتَبَ فِي كِتَاب ,فَهُوَ عِنْده فَوْق عَرْشه إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي " . وَفِي لَفْظ الْبُخَارِيّ " هُوَ وَضْع عِنْده عَلَى الْعَرْش " . وَفِي لَفْظ لَهُ أَيْضًا " فَهُوَ مَكْتُوب فَوْق الْعَرْش" .
وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ أَيْضًا مِنْ حَدِيث حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ ثَابِت الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَس قَالَ " كَانَتْ زَيْنَب تَفْخَر عَلَى أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُول زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللَّه مِنْ فَوْق سَبْع سَمَاوَات " . وَفِي لَفْظ لِلْبُخَارِيِّ " كَانَتْ تَقُول أَنْكَحَنِي اللَّه فِي السَّمَاء " .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَة مِنْ كَسْب طَيِّب , وَلَا يَصْعَد إِلَى اللَّه إِلَّا الطَّيِّب, فَإِنَّ اللَّه يَتَقَبَّلهَا بِيَمِينِهِ , ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدكُمْ فَلُوَّهُ , حَتَّى تَكُون مِثْل الْجَبَل " لَفْظ الْبُخَارِيّ .
وَفِي الصَّحِيحَيْن مِنْ حَدِيث مَالِك عَنْ أَبِي الزِّنَاد عَنْ الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَة بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَة بِالنَّهَارِ , وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاة الْعَصْر وَصَلَاة الْفَجْر , ثُمَّ يَعْرُج الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ , فَيَسْأَلهُمْ اللَّه - وَهُوَ أَعْلَم بِهِمْ - كَيْف تَرَكْتُمْ عِبَادِي ؟ فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ , وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ " وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيح وَقَالَ " ثُمَّ يَعْرُج إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ " وَقَالَ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيح .
وَفِي الصَّحِيحَيْن قِصَّة سَعْد بْن مُعَاذ , وَحُكْمه فِي بَنِي قُرَيْظَة , وَقَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَقَدْ حَكَمْت فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِك " وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث سَعْد بْن إِبْرَاهِيم عَنْ عَامِر بْن سَعْد عَنْ أَبِيهِ , وَفِيهِ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَقَدْ حَكَمَ فِيهِمْ الْيَوْم بِحُكْمِ اللَّه الَّذِي حَكَمَ بِهِ مِنْ فَوْق سَبْع سَمَاوَات " . وَقَالَ اِبْن إِسْحَاق فِي حَدِيثه " لَقَدْ حَكَمْت فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّه الَّذِي حَكَمَ بِهِ مِنْ فَوْق سَبْعَة أَرْقِعَة " وَالرَّقِيع مِنْ أَسْمَاء السَّمَاء .
وَرَوَى التِّرْمِذِيّ وَالْإِمَام أَحْمَد مِنْ حَدِيث الْحَسَن عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي " يَا حُصَيْنُ كَمْ تَعْبُد الْيَوْم إِلَهًا , قَالَ أَبِي سَبْعَة , سِتَّة فِي الْأَرْض وَوَاحِدًا فِي السَّمَاء , قَالَ فَأَيّهمْ تَعُدّ لِرَغْبَتِك وَرَهْبَتك ؟ قَالَ : الَّذِي فِي السَّمَاء , قَالَ يَا حُصَيْنُ أَمَا إِنَّك لَوْ أَسْلَمْت عَلَّمْتُك كَلِمَتَيْنِ يَنْفَعَانِك . قَالَ فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ قَالَ يَا رَسُول اللَّه عَلِّمْنِي الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتنِي , قَالَ : قُلْ اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي , وَأَعِذْنِي مِنْ شَرّ نَفْسِي " .
وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيح " أَنَّهُ جَعَلَ يُشِير بِأُصْبُعِهِ إِلَى السَّمَاء - فِي خُطْبَته فِي حَجَّة الْوَدَاع وَيُنَكِّسهَا إِلَى النَّاس وَيَقُول : اللَّهُمَّ اِشْهَدْ " .
قال الإمام ابن القيم : َكَانَ مُسْتَشْهِدًا بِاَللَّهِ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ دَاعِيًا حَتَّى يُقَال : السَّمَاء قِبْلَة الدُّعَاء .
وَفِي الصَّحِيحَيْن مِنْ حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نُعَيْم قَالَ سَمِعْت أَبَا سَعِيد الْخُدْرِيَّ يَقُول " بَعَثَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْيَمَن بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيم مَقْرُوظ لَمْ تُحَصَّل مِنْ تُرَابهَا فَقَسَمَهَا بَيْن أَرْبَعَة نَفَر بَيْن عُيَيْنَةَ بْن بَدْر وَالْأَقْرَع بْن حَابِس , وَزَيْد الْخَيْل , وَالرَّابِع إِمَّا عَلْقَمَة بْن عُلَاثَة وَأَمَّا عَامِر بْن الطُّفَيْل , فَقَالَ رَجُل مِنْ أَصْحَابه : كُنَّا أَحَقّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ , فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ أَلَا تَأْمَنُونِي , وَأَنَا أَمِين مَنْ فِي السَّمَاء , يَأْتِينِي خَبَر السَّمَاء صَبَاحًا وَمَسَاء " .
وعن أَبِي الدَّرْدَاء : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " رَبّنَا اللَّه الَّذِي فِي السَّمَاء , تَقَدَّسَ اِسْمك , أَمْرك فِي السَّمَاء وَالْأَرْض كَمَا رَحْمَتك فِي السَّمَاء - الْحَدِيث " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الطِّبّ وإسناده حسن .
وَرَوَى سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرو بْن دِينَار عَنْ أَبِي قَابُوس - مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرو بْن الْعَاصِ - عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " اِرْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْض يَرْحَمكُمْ مَنْ فِي السَّمَاء " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حَسَن صَحِيح , ورواه أبو داود ، وغيرهما ، وهو الحديث المسلسل بالأولية ، ورواه ابن قدامة في أول كتابه " العلو " مسلسلاً بالأولية ، وبأسانيدي أرويه عن مشايخي مسلسلاً بالأولية .
وَفِي صَحِيح اِبْن حِبَّان عَنْ أَبِي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَنْ سَلْمَان الْفَارِسِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ رَبّكُمْ حَيّ كَرِيم , يَسْتَحْيِ مِنْ عَبْده إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدّهُمَا صِفْرًا " .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَاكِم عَنْ الْأَصَمّ عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الصَّنْعَانِيِّ حَدَّثَنَا يَزِيد بْن هَارُون أَخْبَرَنَا جَرِير بْن حَازِم عَنْ أَبِي يَزِيد الْمَدِينِيّ " أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب مَرَّ فِي نَاس مِنْ أَصْحَابه فَلَقِيَتْهُ عَجُوز وَاسْتَوْقَفَتْهُ فَوَقَفَ عَلَيْهَا فَوَضَعَ يَده عَلَى مَنْكِبَيْهَا حَتَّى قَضَتْ حَاجَتهَا , فَلَمَّا فَرَغَتْ قَالَ لَهُ رَجُل حَبَسْت رِجَالَات قُرَيْش عَلَى هَذِهِ الْعَجُوز . قَالَ وَيْحك , تَدْرِي مَنْ هَذِهِ , هَذِهِ عَجُوز سَمِعَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ شَكْوَاهَا مِنْ فَوْق سَبْع سَمَاوَات , وَاَللَّه لَوْ اِسْتَوْقَفَتْنِي إِلَى اللَّيْل لَوَقَفْت عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ آتِي صَلَاة ثُمَّ أَعُود عَلَيْهَا " إسناده صحيح عدا الانقطاع بين أبي يزيد وعمر بن الخطاب رضي الله عنه .
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الْحَافِظ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَلِيّ الْجَوْهَرِيّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْهَيْثَم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن كَثِير الْمِصِّيصِيّ قَالَ سَمِعْت الْأَوْزَاعِيَّ يَقُول " كُنَّا - وَالتَّابِعُونَ مُتَوَافِرُونَ - نَقُول : إِنَّ اللَّه تَعَالَى فَوْق عَرْشه وَنُؤْمِن بِمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّة مِنْ صِفَاته " .
وَقَالَ الْبُخَارِيّ فِي الصَّحِيح قَالَ أَبُو الْعَالِيَة " اِسْتَوَى إِلَى السَّمَاء اِرْتَفَعَ , فَسَوَّى خَلْقهنَّ " . وَقَالَ مُجَاهِد " اِسْتَوَى عَلَا "
وروى البخاري في كتاب التوحيد في صحيحه حديث أنس رضي الله عنه حديث الإسراء وقال فيه: ثم علا به ( يعني جبرائيل) فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاوز سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إليه فيما أوحى إليه خمسين صلاة، ثم هبط حتى بلغ موسى فاحتبسه وقال يا محمد ماذا عهد إليك ربك؟ قال عهد إليّ خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال إن أمتك لا تستطيع ذلك، فارجع فليخفف عنك ربك وعنهم، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل " كأنه يستشيره في ذلك " فأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت،فعلا به إلى الجبار تبارك وتعالى فقال وهو مكانه يا رب خفف عنا. وذكر الحديث..
وثبت عن عمر بن الخطاب فيما رواه ابن قدامة في " العلو " بإسناد صحيح كالشمس أن عمر بن الخطاب لم قدم إلى الشام استقبله الناس وهو على بعيره ، فقالوا : يا أمير المؤمنين لو ركبت برذوناً تلقاك عظماء الناس و وجوههم ، فقال عمر : ألا أراكم ههنا ، إنما الأمر من ههنا ، وأشار بيده إلى السماء .
قال الذهبي : إسناده كالشمس .
وروى البخاري في " خلق أفعال العباد " عن سعيد بن عامر أنه قال :الجهمية شر قولاً من اليهود والنصارى ، قد اجتمعت اليهود والنصارى وأهل الأديان على أن الله تعالى على العرش ، وقالوا هم : ليس على العرش!! .
وفي صحيح مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال "لطمت جارية لي فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك عليّ فقلت يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال بلى ائتني بها. قال فجئت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها أين الله؟ قالت في السماء، قال فمن أنا؟ قالت أنت رسول الله، قال أعتقها فإنها مؤمنة".
وفي سنن أبي داود من حديث جبير بن مطعم قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله نهكت الأنفس وجاع العيال وهلكت الأموال استسق ربك فإنا نستشفع بالله عليك وبك على الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله سبحان الله فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه فقال: ويحك أتدري ما الله إن شأنه أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع به على أحد من خلقه إنه لفوق سمائه على عرشه، وإنه لهكذا وإنه لينط به أطيط الرحل بالراكب".
وفي جامع الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الراحمون يرحمهم الرحمن. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " قال الترمذي حديث حسن صحيح.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها.
وعن جابر بن سليم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن رجلا ممن كان قبلكم لبس بردين فتبختر فنظر الله إليه من فوق عرشه فمقته فأمر الأرض فأخذته فهو يتجلجل فيها ".
رواه الدارمي عن سهل بن بكار أحد شيوخ البخاري وله شاهد في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقبلوا البشرى يا بني تميم، قالوا بشرتنا فأعطنا قال اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم، قالوا قد بشرتنا فاقض لنا على هذا الأمر كيف كان، فقال كان الله عز وجل على العرش وكان قبل كل شيء وكتب في اللوح المحفوظ كل شيء يكون " حديث صحيح أصله في البخاري.
وقال عثمان بن سعيد الدارمي الإمام الحافظ: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد وهو ابن سلمة حدثنا عطاء بن السائب عن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لما أسري بي مررت برائحة طيبة، فقلت يا جبرائيل ما هذه الرائحة الطيبة؟ قال هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها كانت تمشطها فوقع المشط من يدها فقالت بسم الله تعالى، فقالت ابنته أبي، قالت لا ولكن ربي ورب أبيك الله، فقالت أخبر بذلك أبي، قالت نعم، فأخبرته فدعا بها فقال من ربك، هل لك رب غيري؟ قالت ربي وربك الله الذي في السماء، فأمر بنقرة من نحاس فأحميت ثم دعا بها وبولدها فألقاهما فيها " وساق الحديث بطوله.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما يرفعه، " عجبت من ملكين نزلا يلتمسان عبدا في مصلاه كان يصلي فيه فلم يجداه فعرجا إلى الله فقالا يا ربنا عبدك فلان كنا نكتب له من العمل فوجدناه قد حبسته في حبالك، فقال اكتبوا لعبدي عمله الذي كان يعمل " رواه ابن أبي الدنيا وله شاهد في البخاري،
وروى أبو نعيم من حديث شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن العبد ليشرف على حاجة من حاجات الدنيا فيذكره الله من فوق سبع سموات فيقول: ملائكتي إن عبدي هذا قد أشرف على حاجة من حاجات الدنيا فإن فتحتها له فتحت له بابا من أبواب النار. ولكن أزوها عنه فيصبح العبد عاضا على أنامله فيقول من دهاني، من سبقني، وما هي إلا رحمه رحمه الله بها"،
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال قلت: " يا رسول الله ما أراك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين عز وجل، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم "
وقال شيخ الإسلام أخبرنا علي بن بشر أخبرنا ابن مندة أخبرنا خيثمة بن سليمان حدثنا السري حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي سعيد البقال عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن اليهود أتو النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه عن خلق السماوات والأرض فذكر حديثا طويلا قال ثم ماذا يا محمد قال: "ثم استوى على العرش، قال أصبت يا محمد لو أتممت ثم استراح فغضب غضبا شديدا فأنزل الله { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} ".
وهذا شيء يسير جدا مما ورد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من النصوص التي تثبت علو الله جل وعلى واستواءه على عرشه فوق سماواته.
samou el fedjm
2011-06-21, 10:33
أقوال الأئمة الأربعة في استواء الله على عرشه فوق سماواته
الامام أبو حنيفة:
قال:«من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر, وكذا من قال إنه على العرش ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض» . الفقه الأبسط ص 46، ونقل نحو هذا اللفظ شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/4، وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص139، والذهبي في العلو ص 101 - 102، وابن قدامة في العلو ص116، وابن أبي العز في شرح الطحاوية ص 301.
ولما سئُل عن النزول الإلهي قال:«ينزل بلا كيف». عقيدة السلف أصحاب الحديث ص42، الأسماء والصفات للبيهقي ص456، وسكت عليه الكوثري ,وشرح العقيدة الطحاوية ص245 , وشرح الفقه الأكبر للقاري ص60.
وقال أبو حنيفة:«والله تعالى يدعى من أعلى لا من أسفل لأن الأسفل ليس من وصف الربوبية والألوهية في شيء»6. الفقه الأبسط ص51.
وقال للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده قال:«إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض, فقال له رجل: أرأيت قول الله تعالى: ?وَهُوَ مَعَكُمْ? (الحديد: آية 4)، قال: هو كما تكتب للرجل إني معك وأنت غائب عنه»2. الأسماء والصفات ص 429.
وقال: «لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين, وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف, وهو قول أهل السنة والجماعة وهو يغضب ويرضى ولا يقال: غضبه عقوبته ورضاه ثوابه, ونصفه كما وصف نفسه أُحدٌ صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد, حيٌّ قادر سميع بصير عالم, يد الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلقه ووجهه ليس كوجوه خلقه»3. الفقه الأبسط ص56.
وقال:«لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء بل يصفه بما وصف به نفسه ولا يقول فيه برأيه شيئاً تبارك الله وتعالى رب العالمين»4. شرح العقيدة الطحاوية (2/427) جلاء العينين ص368
وقال:«وهو يغضب ويرضى ولا يقال غضبه عقوبته ورضاه ثوابه»7. الفقه الأبسط ص56 ,
وقال:«وصفاته بخلاف صفات المخلوقين يعلم لا كعلمنا, ويقدر لا كقدرتنا, ويرى لا كرؤيتنا, ويسمع لا كسمعنا, ويتكلم لا ككلامنا»8. الفقه الأكبر ص302
روى البيهقي في كتاب « الأسماء والصفات » بإسناده إلى نعيم ابن حماد قال : سمعت نوح بن أبي مريم أبا عصمة يقول : كنا عند أبي حنيفة أول ما ظهر إذ جاءته امرأة من ترمذ كانت تجالس جهماً فدخلت الكوفة فأظنني أقل ما رأيت عليها عشره آلاف من الناس تدعو إلى رأيها فقيل لها : إن ههنا رجلا قد نظر في المعقول يقال له أبو حنيفة . فأتته فقالت : أنت الذي تعلم الناس المسائل وقد تركت دينك . أين إلهك الذي تعبده ؟ فسكت عنها ثم مكث سبعة أيام لا يجيبها ، ثم خرج إليها وقد وضع كتاباً : الله تبارك و في السماء دوتعالىن الأرض . فقال له رجل : أرأيت قول الله عز وجل : ? وهو معكم ? قال : هو كما تكتب إلى الرجل إني معك وأنت غائب عنه .
قال البيهقي : لقد أصاب أبو حنيفة رضي الله عنه فيما نفى عن الله عز وجل من الكون في الأرض ، وفيما ذكر من تأويل الآية ، وتبع مطلق السمع في قوله : إن الله عز وجل في السماء ، وقد رواه الذهبي في كتاب « العلو » من طريق البيهقي . وقال أبو مطيع البلخي في كتاب « الفقه الأكبر » المشهور ، سألت أبا حنيفة عمن يقول : لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض . قال : قد كفر ، لأن الله عز وجل يقول : استوى ? وعرشه فوق سبع سمواته ،فقلت : إنه يقول : ? على العرش استوى ? ولكن لا يدري العرش في السماء أو ?الرحمن على العرشفي الأرض ، فقال : إذا أنكر أنه في السماء كفر لأنه تعالى في أعلى عليين ، وأنه يدعى من أعلى لا من أسفل . انتهى . وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في « القاعدة المراكشية » والحافظ الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » .
الامام مالك:
أخرج أبو داوود عن عبد الله بن نافع قال:« قال مالك : الله في السماء وعلمه في كل مكان». رواه أبو داوود في مسائل الإمام أحمد ص263 , وأخرجه عبد الله بن أحمد في السنة ص11 الطبعة القديمة , وابن عبد البر في التمهيد (7/13.
وأخرج أبو نعيم عن جعفر بن عبد الله قال:« كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله, الرحمن على العرش استوى، كيف استوى ؟.
فما وجد مالك من شيء ما وجد في مسألته , فنظر إلى الأرض وجعل ينكت في بعود يده حتى علاه الرحضاء – يعني العرق – ثم رأسه ورمى العود وقال:« الكيف منه غير معقول, والاستواء منه غير مجهول , والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج» الحلية (6/325 , 326 )، وأخرجه أيضاً الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث ص17-18 , من طريق جعفر بن عبد الله عن مالك وابن عبد البر في التمهيد (7/151) من طريق عبد الله بن نافع عن مالك والبيهقي في الأسماء والصفات ص408، من طريق عبد الله بن وهب عن مالك، قال الحافظ بن حجر في الفتح (13/406 – 407) إسناده جيد وصححه الذهبي في العلو ص103 .
وأخرج الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال:« سألت مالكاً والثوري والأوزاعي والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات فقالوا أمروها فجاءت» . أخرج هذا الأثر الدارقطني في الصفات ص75 , والآجري في الشريعة ص314، والبيهقي في الاعتقاد ص118 , وابن عبد البر في التمهيد (7/149).
وقال ابن عبد البر ( سئُل مالك أيُرى الله يوم القيامة ؟ فقال : نعم يقول الله عزوجل وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ? (القيامة: آية 22 و23)، وقال لقوم آخرينكَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ? (المطففين: آية 15)»13. الانتفاء ص36.
وأورد القاضي عياض في ترتيب المدارك عن ابن نافع وأشهب قالا : وأحدهم يزيد على الآخر يا أبا عبد الله ?" وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" ? ينظرون إلى الله ؟ قال: نعم بأعينهم هاتين , فقلت له : فإن قوماً يقولون لا ينظر إلى الله , إن ناظرة بمعنى منتظرة إلى الثواب قال : كذبوا بل ينظر إلى الله أما سمعت قول موسى عليه السلام ?رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ? (الأعراف: آية 143)، أفترى موسى سأل ربه محالاً ؟ فقال ? لَنْ تَرَانِي? (الأعراف: آية 143)، أي في الدنيا لأنها دار فناء , ولا ينظر ما يبقى بما يفنى , فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى وقال الله: ?كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ? (المطففين: آية 15)».
وأخرج أبو نعيم عن يحيى بن الربيع قال:« كنت عند مالك بن أنس ودخل عليه رجل فقال يا أبا عبد الله, ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق ؟.
فقال مالك: زنديق فاقتلوه , فقال : يا أبا عبد الله إنما أحكي كلاماً سمعته , فقال : لم أسمعه من أحد إنما سمعته منك , وعظم هذا القول». الحلية (6/325) وأخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/249) , من طريق أبي محمد يحيى بن خلف عن مالك , وأورده القاضي عياض في ترتيب المدارك (2/44).
روى أبو داود في كتاب « المسائل » وأبو بكر الآجري في كتاب « الشريعة » من طريق أبي داود ومن طريق الفضل بن زياد كلاهما عن الإمام أحمد بن حنبل قال : حدثني سريج بن النعمان قال : حدثنا عبد الله بن نافع قال : قال مالك بن أنس : الله عز وجل في السماء ، وعلمه في كل مكان لا يخلو من علمه مكان ، وقد رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب « السنة » عن أبيه ، وزاد بعد قوله وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء ، وتلا هذه الآية : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ? وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في « القاعدة المراكشية » أن المالكية وغير المالكية نقلوا عن مالك أنه قال : الله في السماء ، وعلمه في كل مكان ، حتى ذكر ذلك مكي خطيب قرطبة في « كتاب التفسير » الذي جمعه من كلام مالك ، ونقله أبو عمر الطلمنكي ، وأبو عمر بن عبد البر ، وابن أبي زيد في المختصر , وغير واحد ونقله أيضاً عن مالك غير هؤلاء ممن لا يحصى عددهم مثل أحمد بن حنبل ، وابنه عبد الله والأثرم والخلال والآجري وابن بطة وطوائف غير هؤلاء من المصنفين في السنة - إلى أن قال : وكلام أئمة المالكية وقدمائهم في الإثبات كثير مشهور حتى علماؤهم حكوا إجماع أهل السنة والجماعة على أن الله بذاته فوق عرشه . انتهى .
الامام الشافعي:
قال الشافعي:« القول في السُّنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم وأخذت عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول تالله وأن الله عالى على عرشه في سمائه يَقرُب من خلقه كيف شاء وأن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء». اجتماع الجيوش الإسلامية ص165 , إثبات العلو ص124 , وانظر مجموع الفتاوى (4/181-183) , والعلو للذهبي ص120 , ومختصره للألباني ص176.
و روى بن قدامة في صفة العلو عن الشافعي أنه قال: "خلافة أبي بكر حق قضاها الله في سمائه، وجمع عليها قلوب أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم.
وأورد الذهبي عن المزني قال:« قلت : إن كان أحد يخرج ما في ضميري وما تعلق به خاطري من أمر التوحيد فالشافعي , فصرت إليه وهو في مسجد مصر , فلما جثوتُ بين يديه قلت : هجس في ضميري مسألة في التوحيد فعلمت أن أحداً لا يعلم علمك، فما الذي عندك ؟ فغضب ثم قال : أتدري أين أنت ؟ قلت نعم . قال: هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون, أَبَلغَك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك ؟ قلت: لا قال: هل تكلم فيه الصحابة ؟ قلت: لا, قال: تدري كم نجماً في السماء ؟ قلت: لا, قال: فكوكب منها تعرف جنسه, طلوعه, أفوله, ممَ خُلق ؟ قلت: لا, قال: فشيء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقَه ؟ ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت فيها ففرعها على أربعة أوجه فلم أصب في شيء منه فقال : شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات تدع علمه وتتكلف علم الخالق إذ هجس في ضميرك ذلك فارجع إلى قول الله تعالى: ?وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ? (البقرة: الآيتان 163، 164)، فاستدل بالمخلوق على الخالق ولا تتكلف على ما لم يبلغه عقلك»20. سير أعلام النبلاء (10/31)
أحمد بن حنبل:
أورد ابن أبي يعلى عن أبي بكر المروزي قال:« سألت أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية والإسراء وقصة العرش فصححها وقال: تلقتها الأمة بالقبول وتمرّ الأخبار كما جاءت»21. طبقات الحنابلة (1/56).
قول الإمام أحمد:« نحن نؤمن بأن الله على العرش كيف شاء وكما شاء بلا حدّ ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد , فصفات الله منه وله وهو كما وصف نفسه لا تدركه الأبصار»25. درء تعارض العقل والنقل (2/30).
وأورد ابن الجوزي في المناقب كتاب أحمد بن حنبل لمسدد22 وفيه:« صفوا الله بما وصف به نفسه , وانفوا عن الله ما نفاه عن نفسه ...»23. مناقب الإمام أحمد ص221.
جاء في كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد قوله:« وزعم – جهم بن صفوان – أن من وصف الله بشيء مما وصف به نفسه في كتابه أو حدّث عن رسوله كان كافراً وكان من المشبهة»24. الرد على الجهمية ص104.
جاء في العقيدة التي رواها أبو العباس الإصطخري عن الإمام احمد في إثبات علو الله تعالى على العرش فوق السماء السابعة , وأنه بائن من خلقه , وأنه مع الخلق بعلمه لا يخلو من علمه مكان . فليراجع كلامه فإنه مهم جداً
وعن عبد الله بن المبارك أنه قيل له : بماذا نعرف ربنا ؟ قال : بأنه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه , ولا نقول كما تقول الجهمية إنه ههنا في الأرض . قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية : وهكذا قال الإمام أحمد وغيره ,
وقال الذهبي : قيل هذا لأحمد بن حنبل فقال : هكذا هو عندنا ,
وروى القاضي أبو الحسن في « طبقات الحنابلة » عن يوسف بن موسى القطان قال : قيل لأبي عبد الله : والله تعالى فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه وقدرته وعلمه بكل مكان ؟ قال : نعم على عرشه , ولا يخلو شيء من علمه .
وذكر الذهبي في كتاب « العلو » عن أبي طالب أحمد بن حميد قال : سألت أحمد بن حنبل عن رجل قال : الله معنا وتلا : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? فقال : قد تجهم هذا , يأخذون بآخر الآية ويَدَعون أولها . هلاّ قرأت عليه : ? ألم تر أن الله يعلم ? فعلمه معهم . وقال في سورة ق? : ? ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ? فعلمه معهم .
وقال المروذي : قلت لأبي عبد الله : إن رجلا قال أقول كما قال الله : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? أقول هذا ولا أجاوزه إلى غيره . فقال أبو عبد الله : هذا كلام الجهمية , بل علمه معهم فأول الآية يدل على أنه علمه . رواه ابن بطة في كتاب « الإبانة » عن عمر بن محمد بن رجاء عن محمد بن داود عن المروذي .
وقال الشريف أبو علي محمد بن أحمد بن أبي موسى في عقيدة له ذكرها القاضي أبو الحسين في « طبقات الحنابلة » سئل الإمام أحمد ابن محمد بن حنبل عن قوله عز وجل : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ? فقال علمه .
.
وذكر الإمام أحمد في كتاب « الرد على الجهمية » أنهم قالوا : إن الله تحت الأرض السابعة كما هو على العرش , فهو على العرش , وفي السموات , وفي الأرض , ولا يخلو منه مكان , ولا يكون في مكان دون مكان , وتلوا آية من القرآن : ? وهو الله في السموات وفي الأرض ? فقلنا : قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظمة الرب شيء : أجسامكم وأجوافكم وأجواف الخنازير والوحوش , والأماكن القذرة ليس فيها من عظمة الرب شيء . وقد أخبرنا أنه في السماء – ثم ذكر أحمد الأدلة من القرآن على أن الله تعالى في السماء , وقال بعد ذلك : وإنما معنى قول الله جل ثناؤه : ? وهو الله في السموات وفي الأرض ? يقول : هو إله من في السموات , وإله من في الأرض , وهو على العرش , وقد أحاط علمه بما دون العرش , ولا يخلو من علم الله مكان ولا يكون علم الله في مكان دون مكان , فذلك قوله : ? لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً ? .
وقال الإمام أحمد أيضاً : « بيان ما تأولت الجهمية من قول الله : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ? قالوا : إن الله معنا وفينا . فقلنا : الله جل ثناؤه يقول : ? ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ? ثم قال : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? يعني الله بعلمه ? ولا خمسة إلا هو سادسهم ? يعني الله بعلمه ? ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم ? يعني بعلمه فيهم ? أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ? يفتح الخبر بعلمه ويختم الخبر بعلمه » .
وقال الإمام أحمد أيضاً : « بيان ما ذكر الله في القرآن : ? وهو معكم ? وهذا على وجوه : قال الله جل ثناؤه لموسى : ? إنني معكما ? يقول : في الدفع عنكما . وقال : ? ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ قال لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ? يقول : في الدفع عنا . وقال : ? كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ? يقول في النصر لهم على عدوهم . وقال : ? فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ? في النصر لكم على عدوكم . وقال : ? ولا يستخفون من الله وهو معهم ? يقول : بعلمه فيهم . وقال : ? فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون ? قال كلا إن معي ربي سيهدين ? يقول : في العون على فرعون . ثم ذكر الإمام أحمد بعد هذا التفصيل أن الحجة ظهرت على الجهمي بما ادعى على الله أنه مع خلقه » . انتهى .
الله غالب
2011-06-21, 12:33
اشتد عجبي من الاخ جمال وكأنه يستنبط من الكتاب والسنة مباشرة؟ انت كذلك تقتبس من منتديات الوهابية وهل يخفى هذا على احد؟
واذا كان الاقتباس من منتديات الصوفية، اين الاشكال؟ العبرة بالمضمون الذي تهربت منه كعادتك.
اتحداك الان تتبث خلاف ما قلناه لك في تلك الردود الواضحة الجلية وهي والحمد لله معتقد جماهير علماء الامة والسواد الاعظم. واتحداك كذلك ان تزايد على ذلك.
نصيحة لوجه الله اخي جمال: حاول ان تطالع كتب التوحيد الخاصة بالسادة الاشاعرة ـ لا لتأخد بمعتقدهم ـ ولكن لتتعلم طريقة تحقيق الامور، مثل ذكر ان المسالة خلافية مثلا،او ذكر الراي والراي الاخر والرد عليه دون حذف او تحوير او تحريف، تحقيق المسائل بدقةو......... افعل ولن تندم.
جمال البليدي
2011-06-21, 21:29
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبينا المصطفى وبعد:
أخي الفاضل ((قذائف الحق)) المتأمل لكلامك يجد جله -إن لم أقل كله- خارج محل البحث لأن الموضوع يتناول الموقف الحق من((ضفة العلو)) لله تعالى وليس عن مذهب ابن عثيمين أو السحيمي أو التويجري فيى العقيدة فهؤلاء رغم أنهم سلفيين على الحق أفتخر بهم لكن العبرة دائما بدليل فإنني بحمد الله تعالى سلفي-مع تقصير مني- ولست عثيميني ولا بازي ولا سحيمي فالدليل أحب إلينا من هؤلاء بل هؤلاء أنفسهم يدعون إلى الدليل ويحذرون طلابهم من التقليد والتعصب وهذا أمر معروف عند السلفيين بل مشهور عندهم وهو من البديهيات في دينهم فقد اشتهر على لسانهم((إن صح الحديث فهو مذهبي)) وهذا هو الفارق بيني وبينك فأنا أحتج بالدليل وأفرق بين الإحتجاج الذي يكون بالكتاب والسنة وما أجمع عليه الأمة وبين الاستشهاد كإستشهادي بكلام الأئئمة وتحرير مذاهبهم فليس الغرض منه جعل كلامهم معصوما بل للأستشهاد والإعتضاد وبيان إجماعهم الذي هو حجة لا ينبغي ومع هذا كله سأرد على ما اتهمتهم به ,لا لأني أقلدهم بل لأمط انتقادك لهم لم يكن صوابا فالصواب أحب إلي من أي شيء .
والآن نبدأ بما قلته عن العلامة ابن عثيمين:
المنتدى : وثائق التجسيم الوهابي (http://tajalawliaa.org/vb/forumdisplay.php?f=134) http://tajalawliaa.org/vb/images/icons/icon1.gif تفسير إبن عثيمين للاستواء
تفسير إبن عثيمين للاستواء (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=238)
يفسر ابن عثيمين (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=238) معني الاستواء في كتابه العقيدة الواسطية ويقول في الاستواء ما لم يقوله مالك في الخمر
واليكم صفحة مصورة من كتابه العقيدة الواسطية:
http://tajalawliaa.org/vb/images/statusicon/wol_error.gifإضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.http://www10.0zz0.com/2010/11/09/17/777475114.jpg (http://www.0zz0.com/)
عنوانك مخالف لما نقلته عن العثيمين فقولك((التجسيم الوهابي)) فيه خطئين شنيعين :
الخطأ الأول:دعوى وجود فرقة إسمها الوهابية!! وزعمك أن العلامة ابن عثمين ينتسب إليها فهذه دعوى لا دليل فيها وذلك لسببين:
السبب الأول: لا توجد فرقة تسمي نفسها وهابية أصلا بخلاف الأشعرية نسبة للأشعري والجهمية نسبة لجهم ابن صفوان .
السبب الثاني:محمد ابن عبد الوهاب الذي تنسبون له هذه الطائفة المزعومة لم يأتي في دعوته بجديد لا في الفقه ولا في العقيدة
قال الإمام ابن باديس(" قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوة دينية ، فتبعه عليها قوم فلقبوا بـ : " الوهابيين " . لم يدع إلى مذهب مستقل في الفقه ؛ فإن أتباع النجديين كانوا قلبه ولا زالوا إلى الآن بعده حنبليين ؛ يدرسون الفقه في كتب الحنابلة ، ولم يدع إلى مذهب مستقل في العقائد ؛ فإن أتباعه كانوا قبله ولا زالوا إلى الآن سنيين سلفيين ؛ أهل إثبات وتنزيه ، يؤمنون بالقدر ويثبتون الكسب والاختيار ، ويصدقون بالرؤية ، ويثبتون الشفاعة ، ويرضون عن جميع السلف ، ولا يكفرون بالكبيرة ، ويثبتون الكرامة .
وإنما كانت غاية دعوة ابن عبد الوهاب تطهير الدين من كل ما أحدث فيه المحدثون من البدع ، في الأقوال والأعمال والعقائد ، والرجوع بالمسلمين إلى الصراط السوي من دينهم القويم بعد انحرافهم الكثير ، وزيغهم المبين ).
الخطأ الثاني: رميك لابن العثيمين بالتجسيم لأنه فسر الإستواء بالعلو والإستقرار .فهذا يعد منك خطأ فادح واضح للعيان وبيان ذلك من وجهين:
الوجه الأول:أن كلامك هذا يستلزم الطعن في القرآن الكريم فيستلزم بذلك الطعن في ظاهر كلام ربنا عز وجل لأن المعنى الظاهر للإستواء في قوله تعالى (({ثم استوى على العرش} ونعلم أن ثم تفيد الترتيب.
وقال سبحانه وتعالى في وصف كتابه العزير((تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى/الرحمان على العرش استوى)طه(4-5).
وقد فسر الطبري رحمه الله الاستواء : بالعلو و الارتفاع
وقال مجاهد رحمه الله((استوى :علا على العرش)
وقال سفيان الثوري : كنت عند ربيعة بن أبي عبد الرحمن فسأله رجل فقال(الرحمان على العرش استوى)طه5 ,كيف استوى؟قال((الكيف غير معقول ,الاستواء منه غير مجهول , ومن الله الرسالة,وعلى الرسول البلاغ ,وعلينا التصديق).
فأنت يا((قذائف الحق)) قد ادعيت أن ظاهر القرآن,الذي هو حجة الله على عباده ,والذي هو خير الكلام ,وأصدقه,وأحسنه,وأفصحه,وهو الذي هدى الله به عباده,وجعله شفاء لما في الصدور,وهدى ورحمة للمؤمنين,ولم ينزل كتاب من السماء أهدى منه ,ولا أحسن ,ولا أكمل,فانتهكت حرمته ,وادعيت أن ظاهره يستلزم التشبيه والتجسيم .وهذا الإلزام إنما هو لمن جاء بالنصوص الدالة على علو الله على عرشه,وتكلم بها,ودعا الأمة إلى الإيمان بها ومعرفتها,ونهاهم عن تحريفها وتبدليها.
يا قوم والله العظيم أسأتم***بأئئمة الإسلام ظن الشأنِ.
ما ذنبهم ونبيهم قد قال***ما قالوا كذلك منزل الفرقانِ
ما الذنب إلا للنصوص لديكم***إذ جسمت بل شبهت صنفان ِ
ما ذنب من قد قال ما نطقت به***مِنْ غير تحريفٍ ولا عدوانِ
الوجه الثاني: دعواك أن العلو يستلزم التجسيم ! دعوى لا تصح لا عقلا ولا نقلا إلا بالدعاوي الكاذبة.فدعوى هذا اللزوم عين البهت والكذب الصراح,بل العرش خلق من خلقه,ولا يلزم من كونه فوق السموات كلها أن يكون مركبا من جواهر الفردة ولا من المادة والصورة ولا مماثلا لغيره من الأجسام ,وكذلك جبريل مخلوق من مخلوقاته وهو ذو قوة وحياء وسمع وبصر وأجنحة ويصعد وينزل ويرى بالأبصار ,ولا يلزم منه وصفه بذلك أن يكون مركبا من الجواهر الفردة,ولا من المادة والصورة,ولا أن يكون جسمه مماثلا لأجسام الشياطين,فدعونا من هذا الفشر.والهذيان,والدعاوى الكاذبة,والتفاوت الذي بين الله وخلقه أعظم من التفاوت الذي بين جسم العرش وجسم الثرى والهواء والماء,وأعظم من التفاوت الذي بين أجسام الملائكة وأجسام الشياطين,والعاقل إذا أطلق على جسم صفة من صفاته-وعنده من كل وجه موصوف بتلك الصفة-لم يلزم من ذلك تماثلها,فإذا أطلق على الرجيع,الذي بلغ غاية الخبث,أنه جسم قائم بنفسه ذو رائحة ولون,وأطلق ذلك على المسك,لم يقل ذو حس سليم ولا عقل مستقيم,إنهما متماثلان,وأين التفاوت الذي بينهما من التفاوت الذي بين الله وخلقه ,فَكَمْ تُلَبِسُونْ وكم تُدلسونْ وكم تُمَوِّهون؟ !
فكيف يجوز بعد هذا أن يقال : إذا كان الرحمن فوق العرش أن يكون مماثلا لخلقه؟ ! والله تعالى ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله حتَّى لو قُدِّر لزوم ذلك كله لكان التزامه سهل من تعطيل علوه على عرشه,وجعله بمنزلة المعدوم الممتنع,الذي لا هو داخل العالم ولا خارجه..
عطلتم السبع السموات العلى والعرش أخليتم من الرحمن.
الله غالب
2011-06-21, 21:52
يا اخ جمال هذا ليس كلامنا نحن حتى تتشكك فيه، هذا كلام سلف الامة من العلماء، وامامك الهوامش والمصادر فتحقق بنفسك.
لقد كنا متأكدين انك ستلجا الى الهروب والنفاد بالجلد، ثم تحريف اقوالنا واضافة اشياء لم تصدر عنا اطلاقا وامامكم ايها الاخوة وقارنوا بين ما قلنا وبين ما يدعيه الاخ جمال.
والذي اعجبني في الاخ جمال انه دخل في الفلسلفة وعلم الكلام دون ان يشعر ليرد علينا؟؟ وهو لطالما انتقدهما؟؟؟؟؟
اما قضية الوهابية فأترك للاخوة المشاركين الفصل في هذه القضية، فلقد هرمنا من اجل اقناعكم لكن لاجدوى.
جمال البليدي
2011-06-22, 19:41
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم بعد:
إثبات صفة الوجه لله تعالى والرد على من حرف ذلك:
من فساد التجسيم الوهابي (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=428)
هذه بعض اقوال الوهابية في التجسيم (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=428) ونبدا بابن القيم ,وابن عثيمين.
قال ابن القيم في مختصر الصواعق ص 386 , المثال الخامس : وجه الرب جلا جلاله حيث ورد في الكتاب والسنة فليس بمجاز بل على حقيقته , واختلف المعطلون فيجهة التجوز في هذا فقالت طائفة : لفظ الوجه زائدا والتقدير ويبقى ربك .
أقول:
إن الجهمي يزعم ويكذب على الله تعالى ويدعي أن الله ليس له وجه بل يزيد على ذلك ويتهم كلام الله تعالى بالتجسيم بل يذهب إلى أكثر من ذلك ويدعي أن صفات الله ليست على الحقيقة بل على المجاز!!!!.
والجواب عليه بما يلي:
1-أنَّ الأصلَ الحقيقةُ والمجازُ على خلافِ الأصْلِ. والقولُ بالمجازِ في الصِّفاتِ، يفضي بصاحبهِ إلى تكذيبِ النُّصوصِ الصَّريحةِ الصَّحيحةِ المحكمةِ، المفهومةِ اللَّفظِ، المعقولةِ المعنى وذلك أجمع أهل السنة قاطبة على أن صفات الله تعالى حقيقة وليست مجازا
قالَ أبو عمرو الدانيُّ رحمه الله: «كُلُّ ما قالَهُ اللهُ تعالى، فعلى الحقيقةِ، لا على المجازِ، ولا تُحْمَلُ صِفَاتُ اللهِ تعالى على العُقُولِ والمَقَايِيسِ، ولا يُوصَفُ إلَّا بما وَصَفَ به نَفْسَهُ أو وَصَفَهُ به نَبِيُّهُ، أو أَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عليهِ».
وقال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله: «أهلُ السُّنةِ مجمعونَ على الإقرارِ بالصِّفاتِ الواردةِ كلِّها في القرآنِ والسُّنَّةِ والإيمانِ بها وحملهَا على الحقيقةِ لا على المجازِ إلَّا أنَّهم لا يكيِّفونَ شيئًا منْ ذلكَ»
قالَ الذهبيُّ معقبًا: صدقَ والله، فإنَّ منْ تأوَّلَ سائرَ الصفاتِ، وحملَ ما وردَ منها على مجازِ الكلامِ، أدَّاهُ ذلكَ السلبُ إلى تعطيلِ الرَّبِّ، وأنْ يُشابه المعدومَ، كما نُقِلَ عنْ حماد بن زيد أنَّهُ قال: «مثَلُ الجهميَّةِ، كقومٍ قالوا: في دارنا نخلة، قيل: لها سعفٌ؟ قالوا: لا، قيلَ: فلها كَرَبٌ؟ قالوا: لا، قيل: لها رطبٌ وقِنْوٌ؟ قالوا: لا، قيلَ: فلها ساقٌ؟ قالوا: لا، قيل: فما في داركم نخلة»
وقالَ الحافظُ الإمامُ أبو أحمد بن علي بن محمد القصَّاب رحمه الله (400هـ): « كلُّ صِفَةٍ وَصَفَ اللهُ بها نفسَه، أو وَصَفَهُ بها نبيُّه، فهي صفةٌ حقيقيةٌ لا مجازًا»
قال الذهبيُّ رحمه الله معقِّبًا: «نعمْ لوْ كانتْ صفاتُه مجازًا لَتَحَتَّمَ تأويلُهَا ولقيلَ: معنى البصرِ كذا، ومعنى السَّمعِ كذا، ومعنى الحياةِ كذا، ولفُسِّرَت بغيرِ السَّابقِ إلى الأفهامِ، فلمَّا كانَ مذهبُ السَّلفِ إمرارهَا بلا تأويلٍ عُلِمَ أنَّها غيرُ محمولةٍ على المَجَازِ وأنَّها حَقٌّ بَيِّنٌ».
وقال رحمه الله: «إنَّ النُّصوصَ في الصفاتِ واضحةٌ، ولو كانتِ الصفاتُ تُردُّ إلى المجازِ، لبطلَ أنْ تكونَ صفاتٍ لله، وإنَّما الصفةُ تابعةٌ للموصوفِ، فهو موجودٌ حقيقةً لا مجازًا، وصفاتهُ ليستْ مجازًا، فإذا كانَ لا مثلَ لهُ ولا نظيرَ لزمَ أنْ يكونَ لا مِثْلَ لها»
2-وصفة الوجه لا تخرج عما سبق بيانه فهي صفة على الحقيقة كما أثبتها الله تعالى لنفسه:
الأدله على إثبات صفة الوجه لله تعالى من القرآن الكريم
1- قوله تعالى: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ) الرحمن 27
2- قال تعالى فى سورة القصص: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ) القصص 88
3- قوله تعالى فى سورة الروم: ( ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ) 38 الروم
4- وقال تعالى فى سورة الإنسان : ( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ ) الإنسان آية 9
5- وقال تعالى فى سورة الليل : ( إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى )الليل آية 20
الأدلة على إثبات صفة الوجه من السنه المطهرة
1- في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم "و أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ "
الراوي: عمار بن ياسر المحدث: الألباني (http://www.ahl-alsonah.com/mhd/1420)- المصدر: حديث الآحاد (http://www.ahl-alsonah.com/book/6902&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 22خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد
2- وفي الحديث "جنتان من فضة ، آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب ، آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن"
الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: البخاري (http://www.ahl-alsonah.com/mhd/256)- المصدر: صحيح البخاري (http://www.ahl-alsonah.com/book/6216&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 7444
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
3 - قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات . فقال : " إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام . يخفض القسط ويرفعه . يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار . وعمل النهار قبل عمل الليل . حجابه النور . ( وفي رواية أبي بكر : النار ) لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " .
الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: مسلم (http://www.ahl-alsonah.com/mhd/261)- المصدر: صحيح مسلم (http://www.ahl-alsonah.com/book/3088&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 179
خلاصة حكم المحدث: صحيح
بعض أقوال الصحابة رضوان الله عليهم في إثبات الوجه لله تعالى:
1-أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
عن أبي بكر الصديق في قوله تعالى : للذين أحسنوا الحسنى و زيادة قال : النظر إلى وجه الله تعالى و فيه عن ابن مسعود
الراوي: عامر بن سعد المحدث: الألباني (http://www.ahl-alsonah.com/mhd/1420)- المصدر: تخريج كتاب السنة (http://www.ahl-alsonah.com/book/13537&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 473خلاصة حكم المحدث: صحيح موقوف .
2-ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنه:
قال t في قوله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} يونس26: (الزيادة: النظر إلى وجه الله)[ (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)اللالكائي (3/459) والبيهقي في الأسماء والصفات (ص133). (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1).
وقال t في قوله تعالى: {إلى ربها ناظرة} القيامة23: (نظرت إلى خالقها)[ (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2)وروى الآجري في الشريعة (ص270) وعزاه السيوطي في الدر المنثور لابن المنذر. (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2)] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2).
ما نقل عن السلف-الصحابة ومن بعدهم- في إثبات صفة الوجه لله :
قال اللالكائي في شرح أصول أهل السنة (3/454): (سياق ما فسر من الآيات في كتاب الله عزوجل على أن المؤمنين يرون الله عزوجل يوم القيامة بأبصارهم:
قال الله عزوجل للذين أحسنوا الحسنى وزيادة روى عن النبي صلى الله عليه وسلمفيما صح عنه من تفسيره أنه النظر إلى الله عزوجل.
وروى ذلك من الصحابة: عن أبي بكر الصديق وحذيفة بن اليمان وأبي موسى الأشعري وابن مسعود وابن عباس.
ومن التابعين: عبد الرحمن بن أبي ليلى وسعيد بن المسبب والحسن وعكرمة وعامر بن سعد البجلي وأبي اسحاق السبيعي ومجاهد وعبد الرحمن بن سابط وقتادة والضحاك وأبو سنان ... -ثم ساقها بأسانيدها،
ثم أسند عن مجاهد من طريق ابن أبي حاتم أنه قال: ({للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} يونس26، قال: الحسنى: الجنة، والزيادة: النظر إلى الرب) اهـ.
أقوال أئمة السنة في إثبات صفة الوجه مع الرد على من أنكر ذلك:
1-قال عبد الواحد التميمي (ت: 410 هـ) في "معتقد الإمام أحمد" (ص/ 33) : "ومذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه: أن لله عز وجل وجهاً لا كالصور المصورة، والأعيان المخططة، بل وجه وصفة له بقوله "كل شيء هالك إلا وجهه" ومن غير معناه فقد ألحد عنه، وذلك عنده وجه في الحقيقة دون المجاز ، ووجه الله باق لا يبلى، وصفة له لا تفنى. ومن أدعى أن وجهه نفسه فقد ألحد، ومن غير معناه فقد كفر، وليس معنى وجه معنى جسم عنده ولا صورة ولا تخطيط، ومن قال ذلك فقد ابتدع" أ.هـ.
2-قال ابن جرير (ت: 310 هـ) في " التبصير في معالم الدين" (ص 142): وله ]سبحانه[ يدان ويمين وأصابع ، وليست جارحة، ولكن يدان مبسوطتان بالنعم على الخلق، لا مقبوضتان عن الخير. ووجهٌ لا كج وارح الخلق التي من لحم ودم " أ.هـ. المراد
3-قال أبو عثمان إسماعيل الصابوني (ت:449 هـ) في "عقيدة أصحاب الحديث" (ص/ 165) : " وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن ، ووردت به الأخبار الصحاح من : " السمع ، والبصر ، والعين ، والوجه ، والعلم ، والقوة ، والقدرة "
4-قال البغوي (ت:516 هـ) في "شرح السنة " (1/168): "والإصبع المذكورة في الحديث صفة من صفات الله عز وجل وكذلك كل ما جاء به الكتاب أو السنة من هذا القبيل من صفات الله تعالى؛ كالنفس، والوجه، والعين، واليد، والرجل، والإتيان، والمجيء، والنزول إلى السماء الدنيا, والاستواء على العرش، والضحك، والفرح" أ.هـ.
سؤالي للأخ"قذائف الحق""
هل ستتهم ربك ونبيك عليهم الصلاة والسلام بالوهابية والتجسيم؟.
وهل ستتهم الصحابة والسلف جميعا بالوهابية والتجسيم؟.
وهل ستتهم أئمة السنة عبر العصور بالوهابية والتجسيم؟.
أم ستتهم نفسك بالتعطيل والتحريف؟!.
بيان إختلاف أجدادك الأشاعرة في إثبات صفة الوجه وغيرها بين محرف ومعطل ومثبت:
أعترف العز بن عبد السلام بكثرة اختلاف الأشاعرة على ربهم قائلاًً " والعجيب أن الأشعرية أختلفوا في كثير من الصفات كالقدم والبقاء والوجه واليدين والعينين وفي الأحوال وفي تعدد الكلام واتحاده (قواعد الأحكام الكبري 170 .)
الأشاعرة يخالفون شيخهم الأشعري:
قال أبي الحسن الأشعري في فصل(الإختلاف في العين والوجه واليد ونحوها)):""وقال أصحاب الحديث:لسنا نقول في ذلك إلا ماقاله الله عز وجل أو جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ,فنقول:وجه بلا كيف,ويدان وعينان بلا كيف)انتهى .
فهل شيخكم وإماكم الذي تتعصبون له وتقلدونه مجسم ؟
يتبع بالكلام عن الصورة لله تعالى كما أخبرنا نبيه عليه الصلاة والسلام.........
جمال البليدي
2011-06-22, 20:16
الرد على الجهمية الذين أنكروا الصورة الله عز وجل
أهل السنة مشبهة.
ثم ياتي شيخ التجسيم (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=428) ابن عثيمين ويقول عن الوجه :
((ولعلنا بالمناسبة لا ننسى ما مر من قول النبي عليه الصلاة والسلام: "إن الله خلق آدم على صورته ، وذكرنا أن أحد الوجهين الصحيحين في تأويلها أن الله خلق آدم على الصورة التي اختارها واعتنى بها، ولهذا أضافها الله إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم، كإضافة الناقة والبيت إلى الله والمساجد إلى الله. والقول الثاني: أنه على صورته حقيقة ولا يلزم من ذلك التماثل.))
وكما ذكرت ان ابن عثيمين ذكر في العقيدة الواسطية في حديث (خلق ادم علي صورة الرحمن بانها صورة فوتوغرافية لا اختلاف بينها وبين صورة الاصل).
الصورة الفوتوغرافية لمعبود الوهابية (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=145)
ابن عثيمين حبر الوهابية (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=145) يأتي بجريرة لعمري انها من شر ما جاء به فقد اثبت تشابه شبه صورة ادم عليه السلام بصورة الله والعياذ بالله ومن افك هذا الرجل ضرب مثلا بالصورة الفوتوغرافية (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=145) لايجاد الشبه بين الصورتين.
وذكر ذلك في كتابه العقيدة الواسطية صفحة 65 طبعة دار المنار ، ثم يستدل هذا المتناقض ويقول لا يمكن ان يتناقض هذا الحديث مع قوله تعالي (ليس كمثله شيء).
سبحان الله علي عقلية هذا الرجل يقول صورة فوتو غرافية طبق الاصل ثم ياتي ويقول لا تناقض.
http://tajalawliaa.org/vb/images/statusicon/wol_error.gifإضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.http://www.djelfa.info/vb/images/statusicon/wol_error.gifإضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.http://www3.0zz0.com/2010/11/02/18/929105281.jpg (http://www.0zz0.com/)
ويقول في نفس الكتاب صفحة 60 : ( لا يمكن التماثل بين الخالق والمخلوق باي حال من الاحوال). أهـ
فمن نصدق يا ابن عثيمين؟
أقول: ملخص ما نسخه "قذائف الحق" من منتديات الأحابش والصوفية أنه يستنكر على أهل السنة الذين يسميهم بالوهابية والتجسيم-وقد سبق دحض هذه الأسطورة- إثباتهم الصورة لله تعالى دون تمثيل ولا تكييف والجواب عليه بما يلي:
أولا : لقد بينت في المشاركة السابقة إجماع أهل السنة على أن الصفات تحمل على الحقيقة لا المجاز كما بينت فساد القول بالمجاز بالأدلة التي احتد بها الذهبي وغيره-راجع المشاركة السابقة- وعليه فإن الصورة إذا ثبتت في النصوص فلا يسعنا إلا إثباتها تصديقا منا لله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام
ثانيا:أما دعواك في أن الهاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم(((خلق الله آدم على صورته)) ترجع إلى آدم وليس الله تعالى فهذا مردود عليك بالحديث الآخر ((((ماجاء ما جاء في الصحيحين( أن الله عز وجل يأتي المؤمنين يوم القيامة في غير صورته فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مقامنا حتى يأتي ربنا فيأتيهم على صورته التي يعرفونها). فحتى لو سلمنا بدعواك أن الهاء تعود إلى آدم في الحديث الأول فإن لنا أحاديث الآخرى فيها إثبات الصورة لله تعالى كما في الحديث السابق.
ثالثا: أما دعواك التشبيه والتمثيل وقولك((صورة فوتغرافية)) فهذا ناتجك عن تكفيرك المبني على التشبيه فأنت المشبه أولا لأنك ظننت أن ظاهر كلام النبي صلى الله عليه وسلم يفيد التشبيه لهذا هربت من هذا التشبيه الذي صوره الشيطان في عقلك إلى التعطيل والتحريف .
جاء في رسالة إثبات الفوقيةالمنسوبة للجويني: (والذي شرح الله صدري في حالِ هؤلاء الشِّيوخِ الذين أوَّلوا الاستواء بالاستيلاءِ، والنُّزولِ بنُزُولِ الأمر، واليدينِ بالنعمتين والقدرتين هو علمي بأنهم ما فهِموا صِفاتِ الرَّبِ تعالى إلا ما يليقُ بالمخلوقين فما فهِموا عن الله استواءً يليقُ به ولا نُزُولاً يليقُ به، ولا يدَيْنِ تَليقُ بعظمته بلا تكييفٍ ولا تشبيهٍ، فلذلك حرَّفُوا الكَلِمَ عن مَواضِعِهِ وعَطَّلوا ما وصَفَ الله تعالى نفسَهُ به ونذكُر بيانَ ذلك إن شاء الله تعالى.)).
رابعا: التشبيه هي أن تقول صورة كصورة ويد كيد لا أن تقول لله صورة وللمخلوق صورة فهنا التشبيه في الأسماء لا المسميات وإلا فلكل موجودين وإلا ولهم قدر مشترك فالله عزوجل موجود والعبد موجود لكن لا تماثل بينهما.
وإلا فقد وقعتم في تشبيه الخالق بالمعدوم فمن لا صورة له ولا هو داخل العالم ولا خارج ولا فهو معدوم ولو طلبت منك أن تعرفي المعدوم لقلت نفس الكلام الذي تقولونه في الله فتأملي.
والذي لا ينزل ولا يأتي ولا يتكلم فهو جماد ولو سألتك عن تعريف الجماد لكان وصفك له بما وصفتي به ربك فتأملي كذلك.
وفي الأخير:
أقوال أئمة السنة في إثبات الصورة لله تعالى وبيان قول الجهمية في ذلك:
1-قال الإمام الآجري رحمه الله في كتابه "الشريعة" ص"314".
باب: الإيمان بأن الله عز وجل خلق آدم على صورته بلا كيف، ثم ساق رحمه الله الأحاديث في ذلك ثم قال: "هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولا يقال فيها كيف؟ ولم؟ بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر كما قال من تقدّم من أئمة المسلمين".
2- قال الإمام أحمد رحمه الله: "من قال إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه"[1] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1).
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال رجل لأبي: إن فلاناً يقول في حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق آدم على صورته" فقال على صورة الرجل قال أبي: كذب هذا، هذا قول الجهمية أي فائدة في هذا"[2] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2).
رد شبهة التشبيه:
أما دعوى التشبيه و المماثلة فقد ردها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بقوله:
((ولكن ليس في هذا الحديث ما يدل على أن صورة آدم عليه السلام مماثلة لصورة الله تعالى ، بل هذا المعنى باطل قطعاً ، ولم يرده الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن الله تعالى يقول : ( ليس كمثله شيء ) ولا يلزم من تشبيه شيء بشيء أن يون مثله مطابقاً له من كلِّ وجه ، بل تحصل المشابهة بالاشتراك في بعض الصفات ولا يشترط تطابق كل الصفات وتماثلها .
ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ "رواه البخاري (3327) ومسلم (2834)
فليس معنى هذا الحديث أنهم دخلوا الجنة وصورتهم مطابقة لصورة القمر من كلّ وجه ، وإلا لزم من ذلك أنهم دخلوا الجنة وليس لهم أعين ولا أفواه ، وإن شئنا قلنا : دخلوا وهم أحجار !!
وإنما معنى الحديث أنهم على صورة القمر في الحسن والوضاءة والجمال واستنارة الوجه ، وما أشبه ذلك .
فإذا قلت : ما هي الصورة التي تكون لله عز وجل ويكون آدم عليها ؟
قلنا : إن الله عز وجل له وجه وله عين وله يد وله رجل عز وجل ، لكن لا يلزم من أن تكون هذه الأشياء مماثلة للإنسان فهناك شيء من الشبه ، لكن ليس على سبيل المماثلة ، كما أن الزمرة الأولى من أهل الجنة فيها شبه بالقمر ، لكن بدون مماثلة . وبهذا يصدق ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة ، من أن جميع صفات الله سبحانه وتعالى ليست مماثلة لصفات المخلوقين من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل .))شرح العقيدة الواسطية للشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص/107-110.
وردها كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية بحجج قوية فقال((( في منهاج السنة (ج2/111): "ومذهب سلف الأمة وأئمتها أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله، من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل يثبتون لله ما أثبته من الصفات وينفون عنه مماثلة المخلوقات يثبتون له صفات الكمال وينفون عنه ضروب الأمثال، ينزهونه عن النقص والتعطيل وعن التشبيه والتمثيل إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). رد على الممثلة (وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ). رد على المعطلة.
ومن جعل صفات الخالق مثل صفات المخلوق فهو المشبه المبطل المذموم. وإن أراد بالتشبيه أنه لا يثبت لله شيء من الصفات فلا يقال له علم ولا قدرة ولا حياة، لأن العبد موصوف بهذه الصفات فلزمه أن لا يقال له: حي عليم قدير لأن العبد يسمى بهذه الأسماء وكذلك في كلامه وسمعه وبصره ورؤيته وغير ذلك.
وهم يوافقون أهل السنة على أن الله موجود حي عليم قادر والمخلوق يقال له موجود حي عليم قدير ولا يقال هذا تشبيه يجب نفيه. وهذا مما يدل عليه الكتاب والسنة وصريح العقل ولا يمكن أن يخالف فيه عاقل، فإن الله تعالى سمّى نفسه بأسماء وسمّى بعض عباده بأسماء، وكذلك سمى صفاته بأسماء وسمى بعضها صفات خلقه.
وليس المسمى كالمسمي، فسمى نفسه حياً، عليماً، قديراً، رؤوفاً، رحيماً، عزيزاً، حكيماً، سميعاً، بصيراً، ملكاً، مؤمناً، جباراً، متكبراً كقوله: (اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ). [سورة البقرة: 255]. وقوله: (إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ). [سورة الشورى: 50]. وقال: (وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ). [سورة البقرة: 225]. وقال: (وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ). [سورة البقرة: 228، 240]. وقال: (إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ). [سورة الحج: 65]. وقال: (إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً). [سورة النساء: 58]. وقال: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ). [سورة الحشر: 23].
وقد سمى بعض عباده حياً فقال: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ). [سورة الروم: 19]. وبعضهم عليماً بقوله: (وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ). [سورة الذاريات: 28]. وبعضهم حليماً بقوله: (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ). [سورة الصافات: 101]. وبعضهم رؤوفاً رحيماً بقوله: (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ). [سورة التوبة: 128]. وبعضهم سميعاً بصيراً بقوله: (فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً). [سورة الإنسان: 2]. وبعضهم عزيزاً بقوله: (قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ). [سورة يوسف: 51]. وبعضهم ملكاً بقوله: (وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً). [سورة الكهف: 79]. وبعضهم مؤمناً بقوله: (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً). [سورة السجدة: 18]. وبعضهم جباراً متكبراً بقوله: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ). [سورة غافر: 35].
ومعلوم أنه لا يماثل الحيُّ الحيَّ ولا العليمُ العليمَ ولا العزيزُ العزيزَ ولا الرؤوفُ الرؤوفَ ولا الرحيمُ الرحيمَ ولا الملكُ الملكَ ولا الجبارُ الجبارَ ولا المتكبرُ المتكبرَ.
----------------
(1) انظر ابطال التأويلات لأبي يعلى ج1/88
(2)المصدر السابق
جمال البليدي
2011-06-22, 20:18
هل الله في السماء؟ حديث الجارية أين الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حديث الجارية أين الله
ماذا يقول أهل العلم بحديث الجارية الذي فيه لفظ : أين الله ، فقالت الجارية : في السماء ؟
حديث الجارية روي بعدة ألفاظ مختلفة منها ما رواه الإمام ابن حبان في صـحيحـه عن الشريد بن سويد الثقفي قال قلت يا رسول الله إن أمي أوصت أن نعتق عنها رقبة وعندي جارية سوداء قال: ادع بها فجاءت فقال: من ربك؟ قالت: الله، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة.
ورواه أيضا بهذا اللفظ النسائي في الصغرى وفي الكبرى والإمام أحمد في مسنده والطبراني والبيهقي ورواه أيضا بهذا اللفظ ابـن خزيمة في كتابه الذي سماه كتاب التوحيد من طريق زياد بن الربيع عن بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن الشريد.
ومنها ما رواه الإمام مسلم في صحيحه باب تحريم الكلام في الصلاة دون كتاب الإيمان من طريق هلال بن أبي ميمونة عن عطاء ابـن يسار عن معاوية بن الحكم السُّلَمي قال: وكانت لي جارية ترعى غنما لي قِبَلَ أُحد والجوَّانية فاطَّلَعتُ ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بني ءادمَ ءاسفُ كما يأسفون لكني صككتها صكَّةً فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظَّمَ ذلك علي قُلتُ يا رسول الله أفلا أُعتقُها؟ قال: إئتني بها، فأتيته بها، فقال لها: أين الله؟ قالت في السماء، قال: من أنا؟قالت أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنةٌ.
وجاء من وجه ءاخر عند الإمام مالك في الموطأ: باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة بلفظ: أين الله وبلفظ: أتشهدين أن لا إله إلا الله بزيادة: أتوقنين بالبعث بعد الموت دون لفظ: فإنها مؤمنة من طريق ابن شهاب في الثانية.
وفي رواية لابن الجارود بلفظ: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم، قال: أتشهدين أني رسول الله؟ قالت: نعم، قال: اتوقنين بالبعث بعد الموت؟ قالت نعم، قال: اعتقها فإنها مؤمنة.
وهي رواية صحيحة.
وفي رواية لأبى داود في سننه: باب: تشميت العاطس في الصلاة، وباب: في الرقبة المؤمنة ، من طريق يزيد بن هارون قال أخبرني المسعودي عن عون بن عبد الله عن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء فقال: يا رسول الله إن عليَّ رقبة مؤمنة، فقال لها: أين الله؟ فأشارت إلى السماء بإصبعها، فقال لها: من أنا؟ فأشارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى السماء، يعني أنت رسول الله.
وفي لفظ من طريق الحجاج بن الصواف قالت في السماء..
وفي رواية لأحمد أنها أشارت إلى السماء بإصبعها السبابة
وفي رواية لعبد الرزاق في مصنفه باب ما يجوز من الرقاب بلفظ: أين ربك؟ فأشارت إلى السماء. وبلفظ: أتشهدين أن لا إله إلا لله؟ قالت نعم.
كذا روى الدارمي في السنن بلفظ: أتشهدين من حديث الشريد قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إن على أمي رقبة وإن عندي جارية سوداء...الحديث.
وقد جاءت رواية: أيـن الله التي رواها عطاء بن يسار بلفظ ءاخر من طريق سعيد بن زيد عن توبة العنبري عن عطاء بن يسار قال حدثني صاحب الجارية وهي بلفظ: فمد النبي يده إليها مستفهما من في السمـاء؟ قالت الله... الحديث.
أي دون أن يقول لها لفظ أين الله الذي يتشبث به المتعصبون مـن وهابية وغيرهم تبعا لشيخهم ابن تيمية لإثباتهم الحيز والجهة لله.
وأوردها الذهبي في كتاب العلو وذكر سندها المزي في تحفة الأشراف.
قال فيه الإمام النووي في شرح صحيح مسلم الجزء الخامس كتاب المساجد ومواضع الصَّلاة باب تحريم الكلام في الصَّلاة ونسخ ما كان من إباحته :
" هذا الحديث من أحاديث الصّفات، وفيها مذهبان تقدَّم ذكرهما مرَّات في كتاب الإيمان: أحدهما: الإيمان به من غير خوض في معناه، مع اعتقاد أنَّ الله ليس كمثله شىء، وتنـزيهه عن سمات المخلوقات. والثَّاني: تأويله بما يليق به.
فمن قال بهذا قال: كان المراد امتحانها هل هي موحِّدة تقرُّ بأنَّ الخالق المدبِّر الفعَّال هو الله وحده، وهو الَّذي إذا دعاه الدَّاعي استقبل السَّماء، كما إذا صلَّى المصلِّي استقبل الكعبة، وليس ذلك لأنَّه منحصر في السَّماء، كما أنَّه ليس منحصراً في جهة الكعبة، بل ذلك لأنَّ السَّماء قبلة الدَّاعين، كما أنَّ الكعبة قبلة المصلِّين، أو هي من عبدة الأوثان العابدين للأوثان الَّتي بين أيديهم، فلمَّا قالت: في السَّماء علم أنَّها موحِّدة وليست عابدة للأوثان.
قال القاضي عياض: لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدِّثهم ومتكلِّمهم ونظَّارهم ومقلِّدهم أنَّ الظَّواهر الواردة بذكر الله في السَّماء كقوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك: 16] ونحوه ليست على ظاهرها بل متأوّلة عند جميعهم" انتهى.
وقال الحافظ أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي في كتابه المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ما نصه :
" وقيل في تأويل هذا الحديث: إن النبي صلى الله عليه وسلم سألها بأين عن الرتبة المعنوية التي هي راجعة إلى جلاله تعالى وعظمته التي بها باين كلَّ مَن نُسبت إليه الإلهية وهذا كما يقال: أين الثريا من الثرى؟! والبصر من العمى؟! أي بعُدَ ما بينهما واختصت الثريا والبصر بالشرف والرفعة على هذا يكون قولها في السماء أي في غاية العلو والرفعة وهذا كما يقال: فلان في السماء ومناط الثريا" اهـ .
وقال الرازي أيضا في كتابه أساس التقديس:
" إن لفظ أين كما يجعل سؤالا عن المكان فقد يجعل سؤالا عن المنـزلة والدرجة يقال أين فلان من فلان فلعل السؤال كان عن المنـزلة وأشار بها إلى السماء أي هو رفيع القدر جدا " .اهـ
وفي كتاب إكمال المعلم شرح صحيح مسلم للإمام محمد بن خليفة الأبي ما نصه:
وقيل إنما سألها بأين عما تعتقده من عظمة الله تعالى، وإشارتها إلى السماء إخبار عن جلاله في نفسها، فقد قال القاضي عياض لم يختلف المسلمون في تأويل ما يوهم أنه تعالى في السماء كقوله تعالى: {ءأمنتم من في السماء}.اهـ
ومثله في كتاب مكمل إكمال الإكمال شرح صحيح مسلم للإمام محمد السنوسي الحسني.
وقال الإمام محمد بن أحمد السرخسي الحنفي المتوفى سنة 483 هـ في كتابه المبسوط، المجلد الرابع (الجزء 7) >> [تابع كتاب الطلاق] >> باب العتق في الظهار :
فأما الحديث فقد ذكر في بعض الروايات: أن الرجل قال عليّ عتق رقبة مؤمنة، أو عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي أن عليه رقبة مؤمنة، فلهذا امتحنها بالإيمان، مع أن في صحة ذلك الحديث كلامًا فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أين الله فأشارت إلى السماء) ولا نظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يطلب من أحد أن يثبت لله تعالى جهة ولا مكانًا، ولا حجة لهم في الآية، لأن الكفر خبث من حيث الاعتقاد، والمصروف إلى الكفارة ليس هو الاعتقاد إنما المصروف إلى الكفارة المالية، ومن حيث المالية هو عيب يسير على شرف الزوال"اهـ.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي في شرح سنن الترمذي :
" أين الله؟ والمراد بالسؤال بها عنه تعالى المكانة فإن المكان يستحيل عليه.اهـ
وقال الحافظ ابن الجوزي في دفع شبه التشبيه بعد رواية حديث معاوية بن الحكم : قلت
" قد ثبت عند العلماء أن الله تعالى لا يحويه السماء والأرض ولا تضمه الأقطار وإنما عرف بإشارتها تعظيم الخالق عندها.اهـ
وقال الباجي:
لعلها تريد وصفه بالعلو وبذلك يوصف كل من شأنه العلو فيقال فلان في السماء بمعنى علو حاله ورفعته وشرفه.اهـ
وقال البيضاوي:
لم يرد به السؤال عن مكانه فإنه منـزه عنه والرسول أعلى من أن يسأل ذلك.اهـ
وقال الإمام الحجة تقي الدين السبكي في رده على نونية ابن قيم الجوزية المسمى بالسيف الصقيل:
أما القول فقوله صلى الله عليه وسلم للجارية: أين الله؟ قالت في السماء، وقد تكلم الناس عليه قديما وحديثا والكلام عليه معروف ولا يقبله ذهن هذا الرجل لأنه مشَّاء على بدعة لا يقبل غيرها.اهـ
قال الفخر الرازي:
وأما عدم صحة الاحتجاج بحديث الجارية في إثبات المكان له تعالى فللبراهين القائمة في تنـزه الله سبحانه عن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات، قال الله تعالى: {قل لمن ما في السموات والأرض قل لله} [الأنعام:12] وهذا مشعر بأن المكان وكل ما فيه ملك لله تعالى، وقال تعالى: {وله ما سكن في الليل والنهار} [الأنعام:13] وذلك يدل على أن الزمان وكل ما فيه ملك لله تعالى فهاتان الآيتان تدلان على أن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات كلها ملك لله تعالى وذلك يدل على تنـزيه الله سبحانه عن المكان والزمان.اهـ
وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي المفسر في كتاب التذكار في أفضل الأذكار:
لأن كل من في السموات والأرض وما فيهما خلق الله تعالى وملك له وإذا كان كذلك يستحيل على الله أن يكون في السماء أو في الأرض إذ لو كان في شىء لكان محصورا أو محدودا ولو كان كذلك لكان محدثا وهذا مذهب أهل الحق والتحقيق وعلى هذه القاعدة قوله تعالى: {ءأمنتم من في السماء} وقوله عليه السلام للجارية: أين الله؟ قالت في السماء، ولم يُنكر عليها وما كان مثله ليس على ظاهره بل هو مؤول تأويلات صحيحة قد أبداها كثير من أهل العلم في كتبهم.اهـ
الحافظ أبو سليمان الخطابي
قال الحافظ أبو سليمان الخطابي في شرحه على أبي داود ما نصه: وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: أعتقها فإنها مؤمنة ولم يكن ظهر لـه من إيمانها أكثر من قولـه حين سألها أيـن الله فقالت: في السماء وسألها من أنا فقالت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هذا السؤال عن أمارة الإيمان وسمة أهله وليس بسؤال عن أصل الإيمان وصفة حقيقته ولو أن كافرا يريد الانتقال من الكفر إلى دين الإسلام فوصف من الإيمان هذا القدر الذي تكلمت به الجارية لم يصر به مسلما حتى يشهد أن لا إلـه إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويـتـبرى من دينه الذي كان يعتقده، وإنما هذا كرجل وامرأة يوجدان في بيت فيقال للرجل من هذه منك فيقول زوجتي وتصدقه المرأة فإنا نصدقهما في قولهما ولا نكشف عن أمرهما ولا نطالبهما بشرائط عقد الزوجية حتى إذا جاءانا وهما أجنبيان يريدان ابتداء عقد النكاح بينهما فإنا نطالبهما حينئذ بشرائط عقد الزوجية من إحضار الولي والشهود وتسمية المهر كذلك الكافر إذا عرض عليه الإسلام لم يقتصر منه على أن يقول إني مسلم حتى يصف الإيمان بكماله وشرائطه وإذا جاءنا من نجهل حاله بالكفر والإيمان فقال إني مسلم قبلناه وكذلك إذا رأينا عليه أمارة المسلمين من هيئة وشارة ونحوهما حكمنا بإسلامه إلى أن يظهر لنا منه خلاف ذلك.اهـ.
كلام نفيس للإمام السهيلي
ولأبي القاسم السهيلي على هذا الحديث كلام نفيس ومن كلامه فيما نقله الشيخ محمد الشنقيطي في كتابه استحالة المعية بالذات ما نصه:
السؤال بأين ينقسم إلى ثلاثة أقسام اثنان جائزان وواحد لا يجوز:
الأول: على جهة الاختبار للمسؤول ليعرف مكانه من العلم والإيمان كسؤاله عليه الصلاة والسلام للأمة.
والثاني: السؤال عن مستقر ملكوت الله تعالى وموضع سلطانه كعرشه وكرسيه وملائكته.
والثالث: السؤال بأين عن ذات الرب سبحانه وتعالى وهذا سؤال فاسد لا يجوز ولا يجاب عنه سائله، وإنما سبيل المسؤول عنه أن يبين له فساد سؤاله كما قال سيدنا علي كرم الله تعالى وجهه ورضي عنه حين سئل: أين الله؟ فقال: الذي أين الأين لا يقال فيه أيـن. فبين للسائل فساد سؤاله بأن الأينية مخلوقة والذي خلقها لا محالة قد كان قبل أن يخلقها ولا أينية له وصفات نفسه لا تتغير فهو بعد أن خلق الأينية على ما كان قبل أن يخلقها، وإنما مثل هذا السائل كمن سأل عن لون العلم أو طعم الظن أو الشك فيقال له من عرف حقيقة العلم أو الظن ثم سأل هذا السؤال فهو متناقض لأن اللون والطعم من صفات الأجسام وقد سألت عن غير جسم فسؤالك فاسد محال لتناقضه.اهـ
الإمام البياضي
وفي كتاب إشارات المرام للإمام البياضي ممزوجا بالمتن: ولا يتطرق إليه سمات الـحدوث والفناء كما أشار إليه بقوله فيه [وعليه] أي يُخرّج على أنه يدعى من أعلى ويوصف بنعوت الجلال وصفات الكبرياء [ما روي في الحديث أن رجلا] وهو عمرو بن الشريد كما رواه أبو هريرة وعبد الله بن رواحة كما بيّنه الإمام في مسنده بتخريج الحارثي وطلحة والبلخلي والخوارزمي [أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأمة سوداء فقال: وجب علي عتق رقبة مؤمنة] قال: إن أمي هلكت وأمرت أن أعتق عنها رقبة مؤمنة ولا أملك إلا هذه وهي جارية سوداء أعجمية لا تدري ما الصلاة أفتجزيني هذه؟ عما لزم بالوصية كما في مصنف الحافظ عبد الرزاق وليس في الروايات الصحيحة أنها كانت خرساء كما قيل [فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أمؤمنة أنت؟ قالت نعم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أين الله؟] سائلا عن المنزلة والعلو على العباد علوّ القهر والغلبة، ومشيرا أنه إذا دعاه العباد استقبلوا السماء دون ظاهره من الجهة، لكن لما كان التنـزيه عن الجهة مما يقصر عنه عقول العامة فضلا عن النساء حتى يكاد يجزم بنفي ما ليس في الجهة، كان الأقرب إلى إصلاحهم والأليق بدعوتهم إلى الحق ما يكون ظاهرا في الجهة كما في شرح المقاصد، [فأشارت إلى السماء] إشارة إلى أعلى المنازل كما يقال فلان في السماء أي رفيع القدر جدا كما في التقديس للرازي [فقال: أعتقها فإنها مؤمنة]. ثم قال: [فأشار إلى الجواب بأن السؤال والتقرير لا يدلان على المكان بالجهة لمنع البراهين اليقينية عن حقيقة الأينية]. ثم قال البياضي:
الرابعة: أنه عليه الصلاة والسلام أراد امتحانها هل تُقرُّ بأن الخالق الفعال المتعالي هو الله الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء كما دل السؤال والتقرير كما في شرح مسلم للنووي، وإليه أشار بترتيب التخريج أنه يدعى من أعلى لا من أسفل.
الخامسة: أنها كانت أعجمية لا تقدر أن تفصح عما في ضميرها من اعتقاد التوحيد بالعبارة فتعرف بالإشارة أن معبودها إله السماء فإنهم كانوا يسمون الله إله السماء كما دل السؤال، والاكتفاء بتلك الإشارة كما في الكفاية لنور الدين البخاري.اهـ
الإمام المازري المالكي
وفي كتاب استحالة المعية بالذات وما يضاهيها من متشابه الصفات للشيخ المحدث محمد الشنقيطي ما نصه: وقال المازري: وقيل وقع السؤال لها بأين لأجل أنه صلى الله عليه وسلم أراد السؤال عما تعتقده من جلالة البارئ وعظمته جل وعلا، فأشارت إلى السمـاء إخباراً عن جلالته سبحانه وتعالى في نفسها، لأنها قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين.اهـ
الإمام ابن فورك
وقال الإمام الحجة أبو بكر بن فورك: إن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: أين الله؟ استعلام لمنـزلته وقدره عندها وفي قلبها وأشارت إلى السماء فدلت بإشارتها على أنه في السماء عندها على قول القائل إذا أراد أن يخبر عن رفعة وعلو منـزلة فلان في السماء أي هو رفيع الشأن عظيم القدر كذلك قولها في السماء على طريق الإشارة إليها تنبيها عـن مكانته في قلبها ومعرفتها به وإنما أشارت إلى السماء لأنها كانت خرساء فدلت بإشارتها على مثل دلالة العبارة على نحو هذا المعنى وإذا كان كذلك لم يجز أن يحمل على غيره مما يقتضي الحد والتشبيه والتمكين في المكان والتكييف.اهـ
وقال بعض العلماء إن الرواية الموافقة للأصول هي رواية مالك وفيها أن الرسول قال لها:"أتشهدين أن لا إله إلا الله" قالت: "نعم" قال: "أتشهدين أني رسول الله" قالت: "نعم". أخرجها الإمامان إماما أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل ومالك بن أنس رضي الله عنهما.
أما أحمد فأخرج عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمَةٍ سوداء فقال: "يا رسول الله إن عليَّ رقبه مؤمنة فإن كنت ترى هذه مؤمنة فأعتقها" فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: "أتشهدين أن لا إله الا الله" قالت: "نعم"، قال: "أتشهدين أني رسول الله" قالت: "نعم"، قال: "أتؤمنين بالبعث بعد الموت" قالت: "نعم"، قال: "أعتقها"، ورجاله رجال الصحيح.
وفي رواية لابن الجارود بلفظ: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم، قال: أتشهدين أني رسول الله؟ قالت: نعم، قال: أتوقنين بالبعث بعد الموت؟ قالت نعم، قال: اعتقها فإنها مؤمنة. وهي رواية صحيحة.
ومنها ما رواه الإمام ابن حبان في صـحيحـه عن الشريد بن سويد الثقفي قال قلت: يا رسول الله إن أمي أوصت أن نعتق عنها رقبة وعندي جارية سوداء قال: ادع بها، فجاءت فقال: من ربك؟ قالت: الله، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة. ورواه أيضا بهذا اللفظ النسائي في الصغرى وفي الكـبرى والإمام أحمد في مسنده والطبراني والبيهقي ورواه أيضا بهذا اللفظ ابـن خزيمة في كتابه الذي سماه كتاب التوحيد من طريق زياد بن الربيع عن بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن الشريد.
قال بعض العلماء :
ظاهر هذا الحديث ( الذي فيه حكم على الجارية بالإسلام لأنها قالت : في السماء ) يخالف الحديث المتواتر الذي رواه خمسة عشر صحابيا.
وهذا الحديث المتواتر الذي يعارض حديث الجارية قوله عليه الصلاة والسلام: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله}.
هذا الحديث فيه أنّ الرسول لا يحكم بإسلام الشخص الذي يريد الدخول بالإسلام إلا بالشهادتين.
لأن من أصول الشريعة أن الشخص لا يحكم له بقول " الله في السماء " بالإسلام لأن هذا القول مشترك بين اليهود والنصارى وغيرهم وإنما الأصل المعروف في شريعة الله ما جاء في الحديث: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله "اهـ
ولفظ رواية مالك : أتشهدين ، موافق للأصول .
لذا حكم الحافظ أبو بكر البيهقي وغيره باضطراب حديث الجارية هذا.
- الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى قال في " الأسماء والصفات " : " وهذا صحيح قد أخرجه مسلم مقطعا من حديث الاوزاعي وحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير دون قصة الجارية ؟ وأظنه إنما تركها من الحديث لاختلاف الرواة في لفظه ، وقد ذكرت في كتاب الظهار من السنن مخالفة من خالف معاوية بن الحكم في لفظ الحديث " (انظر السنن الكبرى 7 / 388) .
- الحافظ البزار قال بعد أن روى الحديث من طريق من طرقه (كما في كشف الاستار 1 / 14) :
" وهذا قد روي نحوه بألفاظ مختلفة " .
-قال الإمام محمد بن أحمد السرخسي الحنفي المتوفى سنة 483 هـ في كتابه المبسوط، المجلد الرابع (الجزء 7) >> [تابع كتاب الطلاق] >> باب العتق في الظهار :
فأما الحديث فقد ذكر في بعض الروايات: أن الرجل قال عليّ عتق رقبة مؤمنة، أو عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي أن عليه رقبة مؤمنة، فلهذا امتحنها بالإيمان، مع أن في صحة ذلك الحديث كلامًا" اهـ
- قال الامام الحافظ تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى في كتابه " السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل " ص (94) :
" أقول : أما القول : فقوله للجارية " أين الله ؟ قالت : في السماء " وقد تكلم الناس عليه قديما وحديثا والكلام عليه معروف ولا يقبله ذهن هذا الرجل "اهـ
-الحافظ ابن حجر العسقلاني قال في " التلخيص الحبير " (3 / 223) ما نصه :
" وفي اللفظ مخالفة كثيرة " اه .
قال الحافظ في " فتح الباري " (1 / 221) :
" فإن إدراك العقول لاسرار الربوبية قاصر فلا يتوجه على حكمه لم ولا كيف ؟ كما لا يتوجه عليه في وجوده أين وحيث . . " اه .
- المحدث الكوثري حكم بالاضطراب في تعليقه على " الأسماء والصفات " ص (422) فقال :
" وقصة الجارية مذكورة فيما بأيدينا من نسخ مسلم لعلها زيدت فيما بعد إتماما للحديث ، أو كانت نسخة المصنف ناقصة ؟ وقد أشار المصنف - أي البيهقي - إلى اضطراب الحديث بقوله (وقد ذكرت في كتاب الظهار - من السنن - مخالفة من خالف معاوية بن الحكم في لفظ الحديث) . . . " اه
وفي تعليقه رحمه الله تعالى على كتاب الحافظ السبكي " السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل " ص (94) توسع في مبحث اضطرابه .
- المحدث عبد الله ابن الصديق ذكر في تعليقه على كتاب " التمهيد " (7 / 135) للحافظ ابن عبد البر عن لفظ " أين الله " ما نصه :
" رواه مسلم وأبو داود والنسائي . وقد تصرف الرواة في ألفاظه ، فروي بهذا اللفظ كما هنا وبلفظ " من ربك ؟ " قالت : الله ربي . وبلفظ " أتشهدين أن لا إله إلا الله ؟ " قالت : نعم . وقد أستوعب تلك الألفاظ بأسانيدها الحافظ البيهقي في السنن الكبرى بحيث يجزم الواقف عليها أن اللفظ المذكور هنا مروي بالمعنى حسب فهم الراوي . . . "
و حديث الجارية ليس معناه أن الله ساكن السماء كما توهم بعض الجهلة بل لكان معناه أن الله عالي القدر جدا ، وعلى هذا المعنى أقر بعضهم صحة رواية مسلم هذه.
ونقول للمشبهة : لو كان الأمر كما تدعون من حمل ءاية (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طـه:5) ) على ظاهرها وحمل حديث الجارية على ظاهره لتناقض القرءان بعضه مع بعض والحديث بعضه مع بعض ، فما تقولون في قوله تعالى ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)(البقرة: من الآية115)) فإمّا أن تجعلوا القرءان مناقضا بعضه لبعض والحديث مناقضا بعضه لبعض فهذا اعتراف بكفركم لأن القرءان ينـزه عن المناقضة وحديث الرسول كذلك ، وإن أولتم ءاية ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)(البقرة: من الآية115) ولم تأولوا ءاية الاستواء فهذا تحكّم أي قول بلا دليل .
وقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان أحدكم في صلاته فإنه يناجي ربه فلا يبصقن في قبلته ولا عن يمينه فإن ربه بينه وبين قبلته " ، وهذا الحديث أقوى إسنادا من حديث الجارية .
وأخرج البخاري أيضا عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ": (يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنه معكم إنه سميع قريب، تبارك اسمه وتعالى جده). " .
وفي مسند الامام أحمد :" أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم ما تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا بصيرا ان الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته". اهـ
فيقال للمعترض : إذا أخذت حديث الجارية على ظاهره وهذين الحديثين على ظاهرهما لَبَطَلَ زعمك أن الله في السماء وإن أَوَّلْت هذين الحديثين ولم تؤوِّل حديث الجارية فهذا تحكم ـ أي قول بلا دليل ـ ويصدق عليك قول الله في اليهود ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ )(البقرة: من الآية85) وكذلك ماذا تقول في قوله تعالى : ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)(البقرة: من الآية115) فإن أوَّلته فلِمَ لا تؤول حديث الجارية . وقد جاء في تفسير هذه الآية عن مجاهد تلميذ ابن عباس : " قِبلَةُ الله " ، ففسر الوجه بالقبلة ، أي لصلاة النفل في السفر على الراحلة .
وفي صحيح مسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. فأكثروا الدعاء " . اهـ
ونختم هذا الجواب بما في كتاب رد المحتار على الدر المختار > كتاب الصلاة > باب شروط الصلاة
استقبال القبلة ) حقيقة أو حكما كعاجز ، والشرط حصوله لا طلبه، وهو شرط زائد للابتلاء قوله (للابتلاء ) علة لمحذوف أي شرطه الله تعالى لاختبار المكلفين لأن فطرة المكلف المعتقد استحالة الجهة عليه تعالى تقتضي عدم التوجه في الصلاة إلى جهة مخصوصة فأمرهم على خلاف ما تقتضيه فطرتهم اختبارا لهم هل يطيعون أو لا كما في البحر ح . قلت : وهذا كما ابتلى الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم حيث جعله قبلة لسجودهم. اهـ
'الحمد لله وبعد:
كلام صاحب الموضوع مليئ بالتلبيس والتدليس وحشو الألفاظ المجملة الحادثة التي قد تقبل حق وقد تقبل باطل وبيان ذلك:
أولا:معنى الله في السماء لا يعني أن الله داخل السماء فهذا محال إنما يراد بالسماء العلو .
كما يراد ب(في) (على) وهذا ليس من التأويل في شيء
كما قال ابن الأعرابي : [كل ما علاك فهو سماء ]،
ومما يؤكد أن السماء لفظ اصطلاحي يراد به العلو هو قول النبي صلى الله عليه وسلم ): الخيمة درّة طولها في السماء ستون ميلاً في كل زاوية منها أهل للمؤمن لا يراهم الآخرون » (متفق عليه).
يبين ذلك أيضاً قول الإمام النووي رحمه الله: « قوله (طولها في السماء) أي في العلو » [شرح النووي على مسلم ج 17/176].
يقول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :
وأما قوله تعالى : ( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ ) الملك/16 فمعناه مَن على السماء يعني على العرش ، وقد يكون في بمعنى على ، ألا ترى إلى قوله تعالى : ( فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) التوبة/2 أي : على الأرض . وكذلك قوله : ( وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) طه/71 " انتهى. " التمهيد " (7/130) .
وقال أبي الحسن الأشعري في كتاب الإبانة((ومنها قول الله عز وجل : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) ثم قال : فالسموات فوقها العرش , فلما كان العرش فوق السموات قال : (أأمنتم من في السماء ) لأنه مستو على العرش الذي فوق السموات , وكل ما علا فهو سماء . فالعرش أعلى السموات , وليس إذا قال : ( أأمنتم من في السماء) يعني جميع السموات . وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السموات إلى أن قال : ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء , لأن الله عز وجل مستو على العرش الذي هو فوق السموات , فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش)) . انتهى
ثانيا:لفظ جسم لفظ مجمل لم يرد في الكتاب ولا في السنة فماذا تعنون به؟
أتعنون به أنه ما يتضمن مماثلة الله لشي من المخلوقات في شيء من صفاته,فالله سبحانه منزه عن أن يوصف بشيء من الصفات المختصة بالمخلوقين ,وكل ما اختص بالمخلوق فهو صفة نقص,والله تعالى منزه عن كل نقصو مستحق لغاية الكمال,وليس له مثل في شيء من صفات الكمال فهو منزه عن النقص مطلقا ومنزه في الكمال أن يكون له مثل كما قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} سورة الإخلاص فبين أنه أحد صمد واسمه الأحد يتضمن نفى المثل واسمه الصمد يتضمن جميع صفات الكمال .
وإذا كان الله ليس من جنس الماء والهواء ولا الروح المنفوخة فينا ولا من جنس الملائكة ولا الأفلاك فلأن لا يكون من جنس بدن الإنسان ولحمه وعصبه وعظامه ويده ورجله ووجهه وغير ذلك من أعضائه وأبعاضه أولى وأحرى.
وإذا أردتم بالجسم المركب وهو ما كان مفترقا فركبه غيره, والمركب المعقول هو ما كان مفترقا فركبه غيره كما تركب المصنوعات من الأطعمة والثياب والأبنية ونحو ذلك من أجزائها المفترقة
والله تعالى أجل وأعظم من أن يوصف بذلك بل من مخلوقاته ما لا يوصف بذلك ومن قال ذلك فهو من أكفر الناس وأضلهم وأجهلهم وأشدهم محاربة لله.
وإن أردتم بالجسم ما يوصف بالصفات ,و يُرَى بالأبصار,ويتكلم,و يُكلِمْ,ويسمع,ويبصر,ويرضى ويغضب,فهذه المعاني ثابة للرب تعالى وهو موصوف بها,فلا ننفيها عنه بتسميتكم للموصوف بها جسما,ولا نرد ما أخبر به الصادق عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله لتسمية الأعداء الحديث لنا حشوية,ولا نجحد صفات خالقنا وعلوه على خلقه وإستواءه على عرشه,لتسمية الفرعونية المعطلة لمن أثبت ذلك مجسما مشبها.
فإن كان تجسيما ثبوت استوائه ***على عرشه إني إذا لمجسم
وإن كان تشبيها ثبوت صفاته***فمن ذلك التشبيه لا أتكتم
وإن كان تنزيها جحود استوائه***وأوصافه أو كونه يتكلم
فعن ذلك التنزيه نزهت ربنا***بتوفيقه والله أعلى وأعلم.وإن أردتم بالجسم ما يشار إليه إشارة حسية,فقد أشار إليه أعرف الخلق بأصبعه رافعا لها إلى السماء, يُشْهِدُ الجمع الأعظم مشيرا له.
وإن أردتم بالجسم ما يقال أين هو؟فقد سأل أعلم الخلق به عنه بأين منبها على علوه على عرشه.
وإن أردتم بالجسم ما يلحقه(من) و(إلى) فقد نزل جبريل من عنده ,ونزل كلامه من عنده,وعلاج برسوله صلى الله عليه وسلم إليه,وإليه يصعد الكلم الطيب,وعنده المسيح رفع إليه.
وإن أردتم بالجسم ما يكون فوق غيره ,ومستويا على غيره ,فهو سبحانه فوق عباده مستو على عرشه.
ثالثا:ما نقلته عن بعض الأئمة في نفي الحدود والجهات لا علاقة له ألتبة بنفي العلو فنحن نثبت العلو كما أثبت الله لنفسه ولا نخوض في الكيفية والكلام عن حدود وجهات وقعود وجلوس فكل هذا لم يثبت في الكتاب والسنة ولو ثبت لأثبتناه لأننا مؤمنون موحدون.
شبهة الجهة :
والجواب عنها ما قاله ابن تيمية في ( التدمرية ) ( ص 45 ) : قد يراد ب ( الجهة ) شيء موجود غير الله فيكون مخلوقا كما إذا أريد ب ( الجهة ) نفس العرش أو نفس السماوات وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم . ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه كما فيه إثبات العلو والاستواء والوفوقية والعروج إليه ونحو ذلك وقد علم أن ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق والخالق سبحانه وتعالى مباين للمخلوق ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته فيقال لمن نفى : أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق ؟ فالله ليس داخلا في المخلوقات أم تريد بالجهة ما وراء العالم فلا ريب أن الله فوق العالم . وكذلك يقال لمن قال : الله في جهة . أتريد بذلك أن الله فوق العالم أو تريد به أن الله داخل في شيء من المخلوقات ؟ فإن أردت الأول فهو حق وإن أردت الثاني فهو باطل ).
وقد يقول قائل : ((هل كان الله تعالى في هذا الحال – أي قبل خلق الكون – جهة وغيرها , إن قالوا نعم كفروا وتناقضوا ) شبهة ذكرها سعيد فودة.
والجواب ما جاء في رسالة إثبات الفوقية للجويني :
((، فلما اقتضت الإرادة المقدسة بخلق الأكوان المحدثة المخلوقة المحدودة ذات الجهات اقتضت الإرادة المقدسة على أن يكون الكون له جهات من العلو، والسفل، وهو سبحانه منزه عن صفات الحدث، فكوَّن الأكوان، وجعل لها جهتا العلو والسفل، واقتضت الحكمة الإلهية أن يكون الكون في جملة التحت؛ لكونه مربوباً مخلوقاً، واقتضت العظمة الربانية أن يكون هو فوق الكون باعتبار الكون لا باعتبار فردانيته إذ لا فوق فيها ولا تحت، ولكن الرب سبحانه وتعالى كما كان في قدمه وأزليته، فهو الآن كما كان، لكن لما حدث المربوب المخلوق، والجهات، والحدود ذو الخلا، والملا، وذو الفوقية، والتحتية، كان مقتضى حكم عظمة الربوبية أن يكون فوق ملكه، وأن تكون المملكة تحته باعتبار الحدوث من الكون لا باعتبار القدم من المكون، فإذا أشير إليه يستحيل أن يشار إليه من جهة التحتية، أو من جهة اليمنى، أو من جهة اليسرى، بل لا يليق أن يشار إليه من جهة العلو والفوقية)).
وما قيل في الجهة يقال في المكان والحد وغيرها من الألفاظ المحدثة التي أحدثها أهل الكلام ليحاربوا نصوص الكتاب والسنة.
رابعا:أما عن قولكم(كان الله ولا مكان) فهذا صحيح نحن نقول به ولكن نسألكم:لما خلق الله العالم هل خلقه في نفسه أم خاجا عنها؟!
سادسا:بلا شك أن الله خالق المكان والزمان فهو إذن فوق المكان والزمان على العرش حيث لا مكان ولا زمان .
-إن قلتم ان إثبات العلو تشبيه بالمخلوق فنقول لكم إنكار العلو تشبيه بالعدم فالذي لا داخل ولا خارج يعتبر عدما.
-إستدلالكم بحديث''اللهم أنت الأول فليس قبلك شىء، وأنت الآخر فليس بعدك شىء، وأنت الظاهر فليس فوقك شىء، أنت الباطن فليس دونك شىء" رواه مسلم، خلاصة الدرجة: صحيح .
إستدلال باطل بل هو حجة عليكم يهدم أصولكم من أساسها
لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم((أنت الظاهر فليس فوقك شيء,وأنت الباطن فليس دونك شيء))إثبات صريح لفوقية الله على كل شيء,ونفيها عن كل شيء,فإن الظاهر معناه : هو العالي فوق كل شيء فلا شيء أعلى منه .وهذا غاية الكمال في العلو أن لا يكون فوق العالي شيء موجود ,والله موصوف بذلك.
و النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((وأنت الباطن فليس دونك شيء)) ولم يقل : ((فليس تحتك شيء)).
والمعنى : ليس دون الله شيء,لا أحد يدبر دون الله,لا أحد ينفرد بشيء دون الله,ولا أحد يخفى على الله,كل شيء فالله محيط به,ولهذا قال : (ليس دونك شيء)) يعني : لا يحول دونك شيء ,ولا يمنع دونك شيء,ولا ينفع ذا الجد منك الجد.....وهكذا
قال ابن جرير : (( والباطن )) يقول : وهو الباطن لجميع الأشياء ، فلا شيء أقرب إلى شيء منه ، كما قال : (( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد )) .
وقال الخطابي : (( الباطن )) هو المحتجب عن أبصار الخلق ، وهو الذي لايستولي عليه توهم الكيفية ، وقد يكون معنى الظهور والبطون احتجابه عن أبصار الناظرين ، وتجليه لبصائر المتفكرين ، ويكون معناه : العالم بما ظهر من الأمور ، والمطلع على ما بطن من الغيوب .
قال ابن القيم : وهو تبارك وتعالى كما أنه العالي على خلقه بذاته فليس فوقه شيء ، فهو (الباطن) بذاته فليس دونه شيء ، بل ظهر على كل شيء فكان فوقه ، وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه .... وبطونه سبحانه إحاطته بكل شيء بحيث يكون أقر ب إليه من نفسه .. فما من ظاهر إلا والله فوقه ، وما من باطن إلا والله دونه ... وعلا كل شيء بظهوره ، ودنا من كل شيء ببطونه ، فلا توارى منه سماءٌ سماءً ولا أرضٌ أرضاً ، ولا يحجب عنه ظاهر باطناً ، بل الباطن له ظاهر ، والغيب عنده شهادة ، والبعيد منه قريب والسر عنده علانية .
فهذا الحديث إحدى حجج إثبات العلو لله تعالى .
سابعا:كل ما نقلته من كلام أئمتك الأشاعرة إنما هو الكلام عن حد ومكان وجهة وباقي الألفاظ المحدثة التي لا علاقة لها بالعلو فإن نفي المكانؤ أو نفي الحد لا يلزم منه نفي علو الله على خلقه واستواءه على عرشه في شيء لأن هذه الألفاظ محدثة قد تحتمل حق كما تحتمل باطل .
ولست أدري لما كلما نحدثكم عن العلو تحدثنا عن المكان والجهة والحد والجسم!!!!!.
نحن لا نقول بهذه الألفاظ لأنها لم ترد لا في كتاب ولا في سنة.
ثامنا:أما إستدلالكم بحديث ((إذا قام أحدكم إلى الصلاة ,فإن الله قبل وجهه ,فلا يبصق قبل وجهه)) على نفي العلو.
فهو إستدلال باطل كاسد عاطل إذ لا تعارض بين هذا وبين علو الله تعالى على خلقه .
لهذا قال ابن عبد البر تعليقا على الحديث((وقد نزع بهذا الحديث بعض من ذهب مذهب المعتزلة في أن الله عزوجل في كل مكان ,وليس على العرش,وهذا جدل من قائله))(2).
وقد رد على الشبهة شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (5/101) :
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : ( إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ فَلا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ ) حَقٌّ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَهُوَ قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي ; بَلْ هَذَا الْوَصْفُ يَثْبُتُ لِلْمَخْلُوقَاتِ . فَإِنَّ الإِنْسَانَ لَوْ أَنَّهُ يُنَاجِي السَّمَاءَ أَوْ يُنَاجِي الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَكَانَتْ السَّمَاءُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَوْقَهُ وَكَانَتْ أَيْضًا قِبَلَ وَجْهِهِ اهـ .
وقال أيضاً (5/672) :
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَ إلَى الْقَمَرِ وَخَاطَبَهُ - إذَا قُدِّرَ أَنْ يُخَاطِبَهُ - لا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ إلا بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ ، فَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ لَهُ بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ . . . فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ وَهُوَ فَوْقَهُ ، فَيَدْعُوهُ مِنْ تِلْقَائِهِ لا مِنْ يَمِينِهِ وَلا مِنْ شِمَالِهِ ، وَيَدْعُوهُ مِنْ الْعُلُوِّ لا مِنْ السُّفْلِ اهـ
تاسعا:ذكر الله تعالى قربه من بعض عباده في حالتين اثنتين فقط: الأولى: ذكر في معرض إجابة دعاء من دعاه حيث يقول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} ومعنى القرب هنا واضح، وهو قرب إجابة من دعاه، إذ هو معه، قريب منه، يرى مكانه، ويسمع دعاءه، ويعلم ما يريد العبد أن يقوله قبل أن يقوله لأنه هو الذي وفقه ليدعوه، ثم هو الذي يجيب دعاءه، فهذا قربه من داعيه. يقول بعض أهل العلم: إن الآية المذكورة نزلت جواباً للصحابة رضي الله عنهم حين سألوا رسول الله عليه الصلاة والسلام قائلين: "ربنا قريب فنناجيه أم بعيد فنناديه"؟ فأنزل الله هذه الآية.
الثانية: ذكر القرب في إثابة عابديه، والمتقربين إليه بالأعمال الصالحة، وذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد"، وقال عليه الصلاة والسلام: "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر"423. وورد في صحيح البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "كنا مع النبي عليه الصلاة والسلام في سفر، فارتفعت أصواتنا بالتكبير، فقال: "يا أيها الناس! أربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إن الذي تدعونه سميع قريب، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته". هكذا ينتهي الحديث عن المعية والقرب معاً بهد التوفيق بينهما، وبين علو الله تعالى على خلقه، لنثبت بأنه تعالى مع عباده، وقريب منهم وهو في علوه، والعلو وصف ذاتي له سبحانه، دائماً وأبداً.))
والسلف "أهل السنة والجماعة" يجرون هذه النصوص على ظاهرها وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل من غير تكييف ولا تمثيل. قال شيخ الإسلام ابن تيميه في شرح حديث النزول ص466 جـ5 من مجموع الفتاوى: "وأما دنوه نفسه وتقربه من بعض عباده فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه، ومجيئه يوم القيامة ونزوله واستواءه على العرش، وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الإسلام المشهورين وأهل الحديث، والنقل عنهم بذلك متواتر". أهـ.
فأي مانع يمنع من القول بأنه يقرب من عبده كيف يشاء مع علوه؟
وأي مانع يمنع من إتيانه كيف يشاء بدون تكييف ولا تمثيل؟
وهل هذا إلا من كماله أن يكون فعالاً لما يريد على الوجه الذي يليق به؟
وقال سبحانه وتعالى : ((فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ))]هود61[
وقال عز وجل : ((وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ))]هود90[.
ومعلوم أن قوله: {قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} مقرون بالتوبة والاستغفار، أراد به قريب مجيب لاستغفار المستغفرين التائبين إليه، كما أنه رحيم ودود بهم، وقد قرن القريب بالمجيب، ومعلوم أنه لا يقال: إنه مجيب لكل موجود، وإنما الإجابة لمن سأله ودعاه، فكذلك قربه سبحانه وتعالى.
وقال تعالى : ((إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ))]الأعراف56[
فذكر الخبر وهو ((قريب)) عن لفظ ((الرحمة)) وهي مؤنثة,إيذانا بقربه تعالى من المحسنين,فكأنه قال : إن الله برحمته قريب من المحسنين.
ويوضح ذلك : أن الرحمة لما كانت صفة من صفات الله تعالى,وصفاته قائمة بذاته,فإذا كانت قريبة من المحسنين,فهو قريب سبحانه منهم قطعا.
فالرب تبارك وتعالى قريب من المحسنين، ورحمته قريبة منهم، وقربه يستلزم قرب رحمته. ففي حذف التاء ههنا تنبيه على هذه الفائدة العظيمة الجليلة. إن الله تعالى قريب من المحسنين، وذلك يستلزم القربين: قربه وقرب رحمته؛ ولو قال: إن رحمة الله قريبة من المحسنين،لم يدل على قربه تعالى منهم؛ لأن قربه تعالى أخص من قرب رحمته، والأعم لا يستلزم الأخص، بخلاف قربه، فإنه لما كان أخص استلزم الأعم، وهو قرب رحمته.
فكان في بيان قربه سبحانه من المحسنين، من التحريض على الإحسان، واستدعائه من النفوس، وترغيبها فيه غاية حظ لها، وأشرفه وأجلُّه على الإطلاق، وهو أفضل إعطاء أُعطيه العبد، وهو قربه تبارك وتعالى من عبده، الذي هو غاية الأماني، ونهاية الآمال، وقرة العيون، وحياة القلوب، وسعادة العبد كلها. فكان في العدول عن ( قريبة ) إلى ( قريب ) من استدعاء الإحسان، وترغيب النفوس فيه، ما لا يختلف بعده إلا من غلبت عليه شقاوته، ولا قوة إلا بالله.
فتبين بهذا : أن الله سبحانه وتعالى قريب من المحسنين بذاته ورحمته قربا ليس له نظير وهو مع ذلك فوق سماواته على عرشه فإنّ علوّه سبحانه على سمواته من لوازم ذاته فلا يكون قط إلاّ عاليا ولا يكون فوقه شيء البتة كما قال أعلم الخلق صلى الله عليه وسلم((وأنت الظاهر فليس فوقك شيء).
والحمد لله رب العالمين
جمال البليدي
2011-06-22, 20:57
ابن القيم والدارمي وعقيدة التجسيم (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=930)
الحمد لله الاول الذي ليس قبله شيء والاخر الذي ليس بعده شيء واصلي واسلم علي خير مبعوث لخير امة.
حقيقة لقد ادهش كتاب المتجسم الدارمي (النقض علي بشر) جميع عقيدة أهل التجسيم (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=930) بما فيهم ابن تيمية وابن القيم (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=930) لان هذا الكتاب قد عبر عما في دواخلهم والذي خافوا اخراجه فيكون سببا في هلاكهم .
وهذا ابن تيمية يثني علي كتاب الدارمي وليس حظ ابن القييم في الثناء علي هذا الكتاب باقل مما قاله ابن تيمية فيه.
فقد قال ابن القيم (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=930) في كتابه اجتماع الجيوش الاسلامية طبعة دار الكتاب العربي تحقيق فواز احمد زمرلي صفحة 139 :قال في ثناءه علي الدارمي مستشهدا:
قال فيه ابو الفضل الفرات : ما رايت مثل عثمان سعيد ولا راي عثمان مثل نفسه.
وهذه حقيقة لان ما ذكره الدارمي لم يتجرأ أحد من أهل الاسلام علي ذكره وقد افتى أهل العلم بكفر المجسم لذلك احجم أهل العلم في الخوض في لجة التشبيه.
ثم يقول ابن القيم (http://tajalawliaa.org/vb/showthread.php?t=930) مستشهدا بكلام الدارمي من كتابه السابق ذكره :وقد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالي فوق عرشه فوق سماواته لا ينزل قبل يوم القيامة الي الارض.
ثم يمضي هذا المتجسم المفتري علي الله ويقول وتتشقق السموات يومئذ لنزوله وتنزل الملائكة تنزيلا ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية كما قال الله سبحانه وتعالي ورسوله صلي الله عليه وسلم ، فلم يشك المسلمون ان الله لا ينزل الي الارض قبل يوم لقيامة لشيء من امور الدنيا .
كان عليك أن ترد على كلام الدارمي بالحجة والبرهان لا الخروج عن الموضوع والتهجم على شخص الإمام الدارمي رحمه الله فلسنا هاهنا نتكلم عن عقيدة هذا أو ذاك بل عن الأدلة والنصوص الأثرية فلا تخلط بين الدليل وبين صاحبه !.
لكنك أثبت عجزك وهروبك عن الرد على الإمام الدرامي فلم تجد سبيلا إلا التهجم عليه مع أن كلامه لا يخالف أئمة أهل السنة في شيء
فقد قال الإمام المشهور ابن أبي زمنين رحمه الله(399ه)تعليقا على حديث النزول : هذا الحديث بين أن الله عز وجل على عرشه في السماء دون الأرض,وهو أيضا بين في كتاب الله,وفي غير ما حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .ثم ذكر آيات دالة على علو الله تعالى)).
وقال ابن عبد البر رحمه الله((هذا الحديث ثابت من جهة النقل ,صحيح الإسناد,لا يختلف أهل الحديث في صحته و فيه دليل على أن الله عز و جل في السماء على العرش من فوص سبع سماوات,وعلمه في كل مكان كما قالت الجماعة أهل السنة أهل الفقه والأثر,ثم ذكر الآيات الدالة على علو الله عز وجل(
أما فرية التجسيم والتشبيه فليست بجديدة من أتباع المريسي وجهم بن صفوان فقد تعودنا عليها منهم فكل من آمن بصفات الله عز وجل فهوعندكم تارة مشبه وتارة مجسم أما المكذبون المحرفون والمعطلون فهم عندكم منزهون. وما هم والله إلا جاهلون بعيدون عن نور الكتاب والسنة فهم لا يفهمون من النصوص إلا التشبيه والتجسيم كما بينت آنفا.
إن نفيكم لعلو الله تعالى على العرش أو نزوله إلى السماء الدنيا كل ليلة بدعوى التجسيم خطأ في اللفظ والمعنى ,وجناية على ألفاظ الوحي.
أما اللفظي :فتسميتكم علو الله على العرش أونزوله إلى السماء الدنيا تجسيما وتشبيها وتحيزا.وتواصيكم بهذا المكر الكبار إلى نفي ما دل عليه الوحي,والعقل والفطرة,فكذبتم على القرآن وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اللغة,ووضعتم لصفاته ألفاظا منكم بدأت وإليكم تعود.
وأما خطأكم في المعنى : فنفيكم,وتعطيلكم لعلو الرحمن أو نزوله بواسطة هذه التسميات والألقاب ,فنفيتم المعنى الحق وسميتموه بالاسم المنكر ,وكنتم في ذلك بمنزلة من سمع أن في العسل شفاء ولم يراه,فسأل عنه فقيل له : مائع رقيق أصفر يشبه العذرة تتقيأه الزنابير,ومن لم يعرف العسل ينفر عنه بهذا التعريف ,ومن عرفه وذاقه لم يزده هذا التعريف عنده إلا محبة له,ورغبة فيه,وما أحسن ما قال القائل :
تقول هذا جني النحل تمدحه***وإن تشاء قل ذا قيئ الزنابير
مدحا وذما وما جاوزت وصفهما***والحق قد يعتريه سوء التعبير.
ومن عادة أهل السنة أنهم يستفصلون في مثل هذه الألفاظ التي أحدثتموها فنقول لكم:
وإذا أردتم بالجسم المركب وهو ما كان مفترقا فركبه غيره, والمركب المعقول هو ما كان مفترقا فركبه غيره كما تركب المصنوعات من الأطعمة والثياب والأبنية ونحو ذلك من أجزائها المفترقة
والله تعالى أجل وأعظم من أن يوصف بذلك بل من مخلوقاته ما لا يوصف بذلك ومن قال ذلك فهو من أكفر الناس وأضلهم وأجهلهم وأشدهم محاربة لله.
وإن أردتم بالجسم ما يوصف بالصفات ,و يُرَى بالأبصار,ويتكلم,و يُكلِمْ,ويسمع,ويبصر,ويرضى ويغضب,فهذه المعاني ثابة للرب تعالى وهو موصوف بها,فلا ننفيها عنه بتسميتكم للموصوف بها جسما,ولا نرد ما أخبر به الصادق عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله لتسمية الأعداء الحديث لنا حشوية,ولا نجحد صفات خالقنا وعلوه على خلقه وإستواءه على عرشه,لتسمية الفرعونية المعطلة لمن أثبت ذلك مجسما مشبها.
فإن كان تجسيما ثبوت استوائه ***على عرشه إني إذا لمجسم
وإن كان تشبيها ثبوت صفاته***فمن ذلك التشبيه لا أتكتم
وإن كان تنزيها جحود استوائه***وأوصافه أو كونه يتكلم
فعن ذلك التنزيه نزهت ربنا***بتوفيقه والله أعلى وأعلم.
وإن أردتم بالجسم ما يشار إليه إشارة حسية,فقد أشار إليه أعرف الخلق بأصبعه رافعا لها إلى السماء, يُشْهِدُ الجمع الأعظم مشيرا له.
وإن أردتم بالجسم ما يقال أين هو؟فقد سأل أعلم الخلق به عنه بأين منبها على علوه على عرشه.
وإن أردتم بالجسم ما يلحقه(من) و(إلى) فقد نزل جبريل من عنده ,ونزل كلامه من عنده,وعلاج برسوله صلى الله عليه وسلم إليه,وإليه يصعد الكلم الطيب,وعنده المسيح رفع إليه.
وإن أردتم بالجسم ما يكون فوق غيره ,ومستويا على غيره ,فهو سبحانه فوق عباده مستو على عرشه.
أما قولك((فانظروا إلى من يأخذون بأقوالهم .. فله كتاب تشمئزُّ منه نفوس))فهذا جهل كبير منك لأن كتاب الدارمي قد أثنى عليه الأئمة الكبار بل ونقلوا منه لكونه ثقة من إمام ثقة
فلو كان الأمر على طريقتك أيها الجهمي لما اعتمده الحافظ ابن حجر قط ولا الحافظ الذهبي ولاابن كثير وغيرهم من الحفاظ الجبال الذين اعتمدوه في عزو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
و نحن نذكر صورا من إعتمادهم على هذا الكتاب في العزو :
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره ( الاية 11 من سورة الواقعة ) :
وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه: "الرد على الجهمية"، ولفظه: فقال الله عز وجل: "لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي، كمن قلت له: كن فكان" ) اهـ ج7 ص517
و قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ج 18 ص 215 :
وَقَدْ اخْتُلِفَ فِي سَنَدِهِ عَلَى الْوَلِيد فَأَخْرَجَهُ عُثْمَان الدَّارِمِيّ فِي " النَّقْض عَلَى الْمَرِيسِيّ " عَنْ هِشَام بْن عَمَّار عَنْ الْوَلِيد فَقَالَ : عَنْ خُلَيْد بْن دَعْلَج عَنْ قَتَادَة عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِين عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فَذَكَرَهُ بِدُونِ التَّعْيِين ، قَالَ الْوَلِيد وَحَدَّثَنَا سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز مِثْل ذَلِكَ وَقَالَ : كُلّهَا فِي الْقُرْآن ( هُوَ اللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم ) وَسَرْد الْأَسْمَاء .. ) اهـ
و قال في الفتح ج 20 ص 484 :
وَقَدْ أَخْرَجَهُ عُثْمَان الدَّارِمِيُّ فِي كِتَاب الرَّدّ عَلَى بِشْر الْمَرِيسِيّ عَنْ مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل مِثْله ) اهـ
و قال السيوطي في الدر المنثور ( تفسير الاية 29 من سورة البقرة ):
(وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه واللالكائي والبيهقي عن ابن مسعود قال : بين السماء والأرض خمسمائة عام ، وما بين كل سماءين خمسمائة عام ، ومصير كل سماء يعني غلظ ذلك مسيرة خمسمائة عام ، وما بين السماء إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام ، وما بين ذلك الكرسي والماء مسيرة خمسمائة عام . والعرش على الماء ، والله فوق العرش ، وهو يعلم ما أنتم عليه . ) اهـ
و قال في موضع آخر ( تفسير الاية 8 من سورة التغابن) :
(وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهميه عن ابن عباس قال : سيد السموات السماء التي فيها العرش ، وسيد الأرضين التي نحن عليها ) اهـ
و قال المتقي الهندي – ت 975 هـ - في كنز العمال :
(1545 - عن عمر قال قلت يا رسول الله أرايت ما نعمل فيه امر مبتدع أو مبتدا أو ما قد فرغ منه قال فيما قد فرغ منه قلنا أفلانتكل قال فاعمل يا ابن الخطاب فكل ميسر لما خلق له ومنكان من أهل السعادة فانه يعمل بالسعادة أو للسعادة واما من كان من اهل الشقاوة فانه يعمل بالشقاء أو للشقاوة { ط حم ورواه مسدد إلى قوله وقد فرغ منه وزاد قلت ففيم العمل قال لا ينال إلا بالعمل قلت إذا نجتهد والشاشى قط في الافراد وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد
على الجهمية ص خ في خلق افعال العباد ابن جرير وحسين في الاستقامة } ) اهـ ج1 / 338-339
و قال أيضا في موضع آخر من الكتاب :
4158 - عن عمر قال : ان هذا القرآن كلام الله ، فلا أعرفنكم ما عطفتموه على أهوائكم.
(الدارمي عثمان بن سعيد في الرد على الجهمية ق في الاسماء والصفات).) اهـ ج2 /329
و ذكره في كتابه هذا في أكثر من موضع
و جاء في فتاوى الرملي للعلامة شهاب الدين أحمد الرملي الشافعي – ت - :
( سُئِلَ ) أَيُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِينَ أَفْضَلُ ؟ ( فَأَجَابَ ) أَخْرَجَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ سَيِّدُ السَّمَوَاتِ السَّمَاءُ الَّتِي فِيهَا الْعَرْشُ وَسَيِّدُ الْأَرْضِينَ الَّتِي نَحْنُ عَلَيْهَا .
ا هـ .
و بعد هذا : أفيليق بابن كثير و ابن حجر و السيوطي و المتقي الهندي و غيرهم كثير : ان يعتمدوا في تخريج أحاديث النبي الأمين عليه الصلاة و السلام على كتاب طافح بالتجسيم كما ذكرت وتوهمت!.
و نحن نذكر صورا من إعتمادهم على هذا الكتاب في العزو :
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره ( الاية 11 من سورة الواقعة ) :
وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه: "الرد على الجهمية"، ولفظه: فقال الله عز وجل: "لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي، كمن قلت له: كن فكان" ) اهـ ج7 ص517
و قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ج 18 ص 215 :
وَقَدْ اخْتُلِفَ فِي سَنَدِهِ عَلَى الْوَلِيد فَأَخْرَجَهُ عُثْمَان الدَّارِمِيّ فِي " النَّقْض عَلَى الْمَرِيسِيّ " عَنْ هِشَام بْن عَمَّار عَنْ الْوَلِيد فَقَالَ : عَنْ خُلَيْد بْن دَعْلَج عَنْ قَتَادَة عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِين عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فَذَكَرَهُ بِدُونِ التَّعْيِين ، قَالَ الْوَلِيد وَحَدَّثَنَا سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز مِثْل ذَلِكَ وَقَالَ : كُلّهَا فِي الْقُرْآن ( هُوَ اللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم ) وَسَرْد الْأَسْمَاء .. ) اهـ
و قال في الفتح ج 20 ص 484 :
وَقَدْ أَخْرَجَهُ عُثْمَان الدَّارِمِيُّ فِي كِتَاب الرَّدّ عَلَى بِشْر الْمَرِيسِيّ عَنْ مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل مِثْله ) اهـ
و قال السيوطي في الدر المنثور ( تفسير الاية 29 من سورة البقرة ):
(وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه واللالكائي والبيهقي عن ابن مسعود قال : بين السماء والأرض خمسمائة عام ، وما بين كل سماءين خمسمائة عام ، ومصير كل سماء يعني غلظ ذلك مسيرة خمسمائة عام ، وما بين السماء إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام ، وما بين ذلك الكرسي والماء مسيرة خمسمائة عام . والعرش على الماء ، والله فوق العرش ، وهو يعلم ما أنتم عليه . ) اهـ
و قال في موضع آخر ( تفسير الاية 8 من سورة التغابن) :
(وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهميه عن ابن عباس قال : سيد السموات السماء التي فيها العرش ، وسيد الأرضين التي نحن عليها ) اهـ
و قال المتقي الهندي – ت 975 هـ - في كنز العمال :
(1545 - عن عمر قال قلت يا رسول الله أرايت ما نعمل فيه امر مبتدع أو مبتدا أو ما قد فرغ منه قال فيما قد فرغ منه قلنا أفلانتكل قال فاعمل يا ابن الخطاب فكل ميسر لما خلق له ومنكان من أهل السعادة فانه يعمل بالسعادة أو للسعادة واما من كان من اهل الشقاوة فانه يعمل بالشقاء أو للشقاوة { ط حم ورواه مسدد إلى قوله وقد فرغ منه وزاد قلت ففيم العمل قال لا ينال إلا بالعمل قلت إذا نجتهد والشاشى قط في الافراد وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد
على الجهمية ص خ في خلق افعال العباد ابن جرير وحسين في الاستقامة } ) اهـ ج1 / 338-339
و قال أيضا في موضع آخر من الكتاب :
4158 - عن عمر قال : ان هذا القرآن كلام الله ، فلا أعرفنكم ما عطفتموه على أهوائكم.
(الدارمي عثمان بن سعيد في الرد على الجهمية ق في الاسماء والصفات).) اهـ ج2 /329
و ذكره في كتابه هذا في أكثر من موضع
و جاء في فتاوى الرملي للعلامة شهاب الدين أحمد الرملي الشافعي – ت - :
( سُئِلَ ) أَيُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِينَ أَفْضَلُ ؟ ( فَأَجَابَ ) أَخْرَجَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ سَيِّدُ السَّمَوَاتِ السَّمَاءُ الَّتِي فِيهَا الْعَرْشُ وَسَيِّدُ الْأَرْضِينَ الَّتِي نَحْنُ عَلَيْهَا .
ا هـ .
و بعد هذا : أفيليق بابن كثير و ابن حجر و السيوطي و المتقي الهندي و غيرهم كثير : ان يعتمدوا في تخريج أحاديث النبي الأمين عليه الصلاة و السلام على كتاب طافح بالتجسيم كما ذكرت وتوهمت!.
جمال البليدي
2011-06-22, 21:31
كشف تدليس الوهابية في مقولة قَالَ مالك بن أنس: إن الله فَوْقَ السماء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كشف تدليس الوهابية في مقولة قَالَ مالك بن أنس: إن الله فَوْقَ السماء
بيان أن ما تنسبه المشبهة للإمام مالك تقوٌّلٌ عليه بما لم يقُل .
قالت الوهابية
قَالَ مالك بن أنس: إن الله فَوْقَ السماء، وعلمه فِي كلّ مكان
فمن اعتقد أنّ الله فِي جوف السّمَاء محصور محاط به، وأنّه مفتقر إِلَى العرش، أَوْ غير العرش – من المخلوقات- أَوْ أَنْ استواءه عَلَى عرشه كاستواء المخلوق عَلَى كرسيّه: فَهُوَ ضال مبتدع جاهل، ومن اعتقد أنّه لَيْسَ فَوْقَ السَّمَاوَات إله يعبد، وَلاَ عَلَى العرش ربّ يصلّى لَهُ ويسجد، وأنّ محمداً لَمْ يعرج بِهِ إِلَى ربّه؛ وَلاَ نزل القرآن من عنده: فَهُوَ معطّل فرعوني، ضال مبتدع –وقال- بَعْدَ كلام طويل- والقائل الَّذِي قَالَ: من لَمْ يعتقد أَنّ الله فِي السّمَاء فَهُوَ ضال: إن أراد بذلك من لاَ يعتقد أنّ الله فِي جوف السّمَاء، بحيث تحصره وتحيط بِهِ: فَقَدْ أخطأ.
نقول:
قال الشيخ محمد اليافعي
إن هذا الآثر المنسوب عن الأمام مالك لا يصح انفرد بذكره عبد الله بن نافع عن الإمام مالك دوناً عن غيره ! ولم يتابع عليه ..
وعبد الله بن نافع هذا متكلم في حفظه كما ذكر كبار العلماء ..
وأما هذا الأثر فهو مخرّج في كتب العلماء من طريق عبد الله بن نافع ..
فقد أخرجه أبو داود في مسائل الإمام أحمد ( ص263 ) عن عبد الله بن نافع قال : ( قال مالك : الله في السماء وعلمه في كل مكان )
وقال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء ( 8 / 101 ) : ( وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب : " الرد على الجهمية " ( 1 ) له ، قال: حدثني أبي ، حدثنا سريج بن النعمان ، عن عبد الله بن نافع ، قال : قال مالك : الله في السماء ، وعلمه في كل مكان لا يخلو من شئ)
وأخرجه الإمام عبد الله بن حنبل في كتاب السنة المنسوب اليه ( 1 / 106 - 107 طبعة دار ابن القيم - الدمام الطبعة الأولى ، 1406 ، بتحقيق الدكتور محمد سعيد سالم القحطاني ) : ( حدثني أبي رحمه الله قال حدثنا سريج بن النعمان اخبرني عبد الله بن نافع قال : وقال مالك رحمه الله الله عز و جل في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء وتلا هذه الآية " ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم " ، وعظم عليه الكلام في هذا واستشنعه )
ثم اورده في مكان آخر بعد صفحات ( 1 / 174 طبعة دار ابن القيم - الدمام الطبعة الأولى ، 1406 ، بتحقيق الدكتور محمد سعيد سالم القحطاني ) ، : ( حدثني أبو الحسن العطار قال سمعت سريج بن النعمان يقول سألت عبد الله بن نافع .... فذكره )
قال المحقق القحطاني : ( رجاله ثقات ) !
قلت : هكذا قال تقليداً للالباني ! من دون تمحيص !!
ولو كان تحرى الحق لما جازف بهذه العبارة ! ، ولكن هذا جزاء من يأخذ العلم عن غير أهله !
كما أخرجه اللالكائي في اعتقاد أهل السنة والجماعة ( 3 / 401 برقم 673 طبعة دار طيبة - الرياض ، 1402 تحقيق الدكتور أحمد سعد حمدان ) من طريق الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب السنة ، فقال : ( أخبرنا محمد بن عبد الله بن الحجاج قال أخبرنا أحمد بن الحسين قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا أبي قال ثنا سريج بن النعمان قال حدثني عبد الله بن نافع قال ملك الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء )
ورواه أبو بكر النجاد في الرد على من يقول القرآن مخلوق برقم 2 طبعة مكتبة الصحابة الإسلامية - الكويت ، 1400 ، بتحقيق رضا الله محمد إدريس ) ، قال : ( ثنا احمد ثنا عبد الله بن احمد بن حنبل قال حدثني ابي رحمه الله قال ثنا سريج بن النعمان قال حدثني عبد الله بن نافع قال كان مالك بن انس يقول الايمان قول وعمل ويقول وكلم الله عز وجل موسى وقال مالك الله في السماء وعلمه في كل مكان لايخلو منه شيء )
وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة الإمام مالك رحمه الله ( 1 / 209 ) من رواية عبد الله بن حنبل في كتاب السنة المنسوب إليه ، عن ابيه به .
ومن هذه الطريق ؛ ذكره في تاريخ الإسلام ، فقال : ( وقال عبد الله بن نافع : قال مالك : الله في السماء وعلمه في كل مكان رواه أحمد بن حنبل ، عن سريج بن النعمان ، عن ابن نافع )
وذكره الإمام أحمد في العلل ( 1 / 530 برقم 1248طبعة المكتب الإسلامي , دار الخاني - بيروت ، الرياض الطبعة الأولى ، 1408 - 1988 ، بتحقيق وصي الله بن محمد عباس ) ، و ( 3 / 180 برقم 4783 طبعة المكتب الإسلامي , دار الخاني - بيروت ، الرياض الطبعة الأولى ، 1408 - 1988 ، بتحقيق وصي الله بن محمد عباس ) بنفس اسناد كتاب السنة المنسوب إلى ابنه عبد الله عن عبد الله بن نافع .
وأخرجه ابن قدامة في إثبات صفة العلو ( ص 115 طبعة الدار السلفية - الكويت الطبعة الأولى ، 1406 ، بتحقيق بدر عبد الله البدر ) ، فقال : ( اخبرنا ابو بكر عبد الله بن محمد قال أنبأنا ابو بكر احمد بن علي أنبأ هبة الله بن الحسن أنبأ محمد بن عبيد الله بن الحجاج أنبأ احمد بن الحسن ثنا عبد الله ابن احمد أنبأ ابي ثنا سريج بن النعمان قال حدثني عبد الله بن نافع قال قال مالك الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء )
وقد ذكره الذهبي في العلو ( ص 228 طبعة مكتبة أضواء السلف - الرياض الطبعة الأولى ، 1995 ، بتحقيق أبو محمد أشرف بن عبد المقصود ) من طريق الآجري ، فقال : ( قال ( يعني الآجري ) حدثنا ابن مخلد حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا سريج بن النعمان حدثنا عبد الله بن نافع قال قال مالك الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو من علمه مكان )
وصححه الألباني في مختصر العلو ( ص 75 طبعة المكتب الإسلامي - بيروت الطبعة الثانية - 1412 ، باختصاره وتحقيق وتعليق وتخريج الألباني ) !! ..
قلت : وهذا تقصير من الألباني وعدم فهم لكلام العلماء ! ، أو انه بسبب اتباع الهوى !!؟؟
وقال العلامة وهبي سليمان غاوجي الألباني في شرحه لكتاب إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل لبدر الدين بن جماعة ( ص 82 طبعة دار السلام الطبعة الأولى ، 1990 ، بتحقيق وهبي سليمان غاوجي الألباني ) في فصل تحت عنوان " دعاوى خطيرة ليس لها دليل شرعي" ، ما نصه :
( وما يرويه سريج بن النعمان عن عبد الله بن نافع عن مالك أنه كان يقول : " الله في السماء وعلمه في كل مكان " .
لا يثبت .
قال الإمام أحمد : عبد الله بن نافع الصايغ لم يكن صاحب حديث وكان ضعيفا فيه .
قال ابن عدي : يروي غرائب عن مالك .
وقال ابن فرحون : كان أصم أميا لايكتب .
وبمثل هذا السند لا ينسب إلى مثل مالك مثل هذا وقد تواتر عنه عدم الخوض في الصفات وفيما ليس تحته عمل كما كان عليه أهل المدينة على ما في شرح السنة للألكائي وغيره )
قلت : لا فض فوك فهذا هو الكلام الصحيح ، فرحم الله امرء عرف قدر نفسه ..
فـ " عبد الله بن نافع " لم يرتضي العلماء حفظه ، فهو لم يكن بالحافظ عندهم ..
قال أبو أحمد الحاكم : ليس بالحافظ عندهم
وقال أبو طالب عن أحمد : لم يكن صاحب حديث كان ضعيفا فيه
وانما صححوا كتابه ، ولينوه في حفظه ..
وقال أبو حاتم : ليس بالحافظ هو لين في حفظه ، وكتابه أصح
وقال البخاري : في حفظه شيء ، وقال أيضا : يعرف حفظه وينكروا ، كتابه أصح
وذكره بن حبان في الثقات وقال : كان صحيح الكتاب وإذا حدث من حفظه ربما أخطأ
وقال الحافظ في التهذيب : ( والصائغ قال البخاري : في حفظه شيء وأما الموطأ فأرجو )
قلت : لانه يروي الموطأ من كتاب وليس من حفظه ..
وقال عنه الحافظ في التقريب : ( ثقة صحيح الكتاب ، في حفظه لين ) اهـ ..
وأما سبب تركهم لحفظه هو لانه في آخر عمره دخله شك في حديث مالك ..
قال الآجري عن أبي داود :
( سمعت أحمد يقول : كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه ، كان يحفظ حديث مالك كله ثم دخله بآخره شك ) .
قلت : وهذه علة تقدح في حفظه ، ولهذا فقد ضعفوه من قِبَلِ حفظه ولم يصححوا حديثه اذا حدث من غير كتاب ..
بانه اتهم بروايته غرائب عن الإمام مالك ؟؟
قال ابن عدي : يروي غرائب عن مالك .
فلا يصح تفرد الضعيف بالرواية ..
قال أبو طالب عن أحمد : لم يكن صاحب حديث كان ضعيفا فيه
وبالجملة فالرجل ضعيف صاحب يتفرد بغرائب عن مالك ! ..
وهذا ملخص قولهم في حفظه ، فكيف بعد هذا يصححون تفرده ؟؟
ثم كيف ينفرد عن الإمام مالك بهذه المقولة دوناً عن اصحابه !
مع شهرة الإمام مالك ؟؟
وهذا ما يزيدنا شكاً في نسبة هذه العبارة للإمام مالك رحمه الله ..
قلت :وهذه هي الكتب التي ذكرت هذا الاثر مسنداً فيما أعلم ..
اما بقية الكتب فنقلته نقلاً من دون اسناد ، ولا نحتاج الى الاشادة بها لعدم الحاجة ..
فالعبرة بالإسناد ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ..
أنتهي كلام الشيخ محمد اليافعي.
الرد على شبهات القوم مع ان جميع الشبهات تم الرد عليه ولا مانع من تكرارها بصيغة شبهات وردود ليتعلم الوهابية
1- قولهم ان الإمام احمد احتج بالاثر في كتاب الشريعة للاجري.
الرد
قال الآجري عن أبي داود : ( سمعت أحمد يقول : كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه ، كان يحفظ حديث مالك كله ثم دخله بآخره شك ) .
وهذه عبارة الامام أحمد من دون بتر ..
اذاً فالرجل قد دخله شك في آخره ، ولو كانت هذه العلة الوحيدة فيه ؛ لكانت كافية لاسقاط تفرداته ! ، ولكنه ايضاً ضعيفاً عند العلماء ..
ومثله لا يُقبل تفرده ..
وحدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلى قال : حدثنا الفضل بن زياد قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول : قال مالك بن أنس : الله عز وجل في السماء وعلمه في كل مكان ، لا يخلو منه مكان ، فقلت : من أخبرك عن مالك بهذا ؟ قال : سمعته من شريح بن النعمان ، عن عبد الله بن نافع
فهذا النقل ليس من باب الاحتجاج ..
اولاً:-فهنا الإمام أحمد قد أخلى عهدته من هذا الاثر حيث قال في نهايته
فقلت : من أخبرك عن مالك بهذا ؟ قال : سمعته من شريح بن النعمان ، عن عبد الله بن نافع
فقوله بانه سمعه من شريح بن النعمان عن عبد الله بن نافع ؛ هو من باب اخلاء العهدة ثانياً : ان الامام أحمد قد بيّن حال عبد الله بن نافع حيث قال : عبد الله بن نافع الصايغ لم يكن صاحب حديث وكان ضعيفا فيه .
وقال الآجري عن أبي داود : ( سمعت أحمد يقول : كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه ، كان يحفظ حديث مالك كله ثم دخله بآخره شك ) .
2- قولهم ان أن عبدالله بن نافع الصائغ أعلم الناس برأي مالك وحديثه
فقد عده ابن معين من الأثبات في مالك
وقال عنه ابن سعد (( لزم مالك لزوما شديدا ))
وقال أحمد (( كان أعلم الناس برأي مالك وحديثه ))
وقال أبوداود (( كان عبدالله عالما بمالك ))
نقول
اولاً عبارة الإمام احمد بن حنبل كاملة هي هكذا
كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه ، كان يحفظ حديث مالك كله ثم دخله بآخره شك .
وهذه عبارة الامام أحمد من دون بتر ..
اذاً فالرجل قد دخله شك في آخره ، ولو كانت هذه العلة الوحيدة فيه ؛ لكانت كافية لاسقاط تفرداته ! ، ولكنه ايضاً ضعيفاً عند العلماء ..
ومثله لا يُقبل تفرده ..
ثانثاً:- قرر العلماء انه لم يكن صاحب حديث وقد لينه العلماء في حفظة وكتابه اصح.
وهذا لانه دحلة شك وحفظة لين فهو قد روي الموطأ من كتاب وليس من حفظه وما وصل من حفظه وتفرد به فهو مردود
قال أبو أحمد الحاكم : ليس بالحافظ عندهم
وقال أبو طالب عن أحمد : لم يكن صاحب حديث كان ضعيفا فيه
قلت : وانما صححوا كتابه ، ولينوه في حفظه ..
وقال أبو حاتم : ليس بالحافظ هو لين في حفظه ، وكتابه أصح
وقال البخاري : في حفظه شيء ، وقال أيضا : يعرف حفظه وينكروا ، كتابه أصح
وذكره بن حبان في الثقات وقال : كان صحيح الكتاب وإذا حدث من حفظه ربما أخطأ
وقال الحافظ في التهذيب : ( والصائغ قال البخاري : في حفظه شيء وأما الموطأ فأرجو )
قلت : لانه يروي الموطأ من كتاب وليس من حفظه ..
وقال عنه الحافظ في التقريب : ( ثقة صحيح الكتاب ، في حفظه لين ) اهـ ..
وأما سبب تركهم لحفظه هو لانه في آخر عمره دخله شك في حديث مالك ..
قال الآجري عن أبي داود : ( سمعت أحمد يقول : كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه ، كان يحفظ حديث مالك كله ثم دخله بآخره شك ) .
ونقول ثبت وتوتر عن الإمام مالك عدم الخوض في الصفات وفيما ليس تحته عمل
وبمثل السند السابق لا ينسب إلى مثل مالك مثل هذا ابداً.
* ثبت عن الإمام مالك رضي الله عنه ما رواه الحافظ البيهقي في كتابه (( الأسماء والصفات ))(ص 408 ) ، بإسناد جيد كما قال الحافظ في (( الفتح )) (ج13/406-407) من طريق عبد الله بن وهب قال :
كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل فقال : يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى كيف استواؤه؟ قال: فأطرق مالك وأخذته الرحضاء ثم رفع رأسه فقال : الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه ، قال : فأخرج الرجل "اهـ
فقول الإمام مالك : (( وكيف عنه مرفوع )) أي ليس استواؤه على العرش كيفًا أي هيئة كاستواء المخلوقين من جلوس ونحوه . وقوله :" أنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه"، وذلك لأن الرجل سأله بقوله كيف استواؤه ، ولو كان الذي حصل مجرد سؤال عن معنى هذه الآية مع اعتقاد أنها لا تؤخذ على ظاهرها ما كان اعترض عليه .
وروى الحافظ البيهقي في الأسماء والصفات (ص 408) من طريق يحيى بن يحيى قال :
((" كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال : يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى فكيف استوى ؟ قال : فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرحضاء ثم قال :الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا مبتدعا فأمر به أن يخرج" ، قال البيهقي : وروي في ذلك أيضا عن ربيعة بن عبد الرحمن أستاذ مالك بن أنس رضي الله عنهما )) ا هـ .
قال المحدث الشيخ سلامة العزامي– من علماء الأزهر - (فرقان القرءان بين صفات الخالق وصفات الأكوان ص 22):
" قول مالك عن هذا الرجل (( صاحب بدعة )) لأن سؤاله عن كيفية الاستواء يدل على أنه فهم الاستواء على معناه الظاهر الحسي الذي هو من قبيل تمكن جسم على جسم واستقراره عليه وإنما شك في كيفية هذا الاستقرار. فسأل عنها وهذا هو التشبيه بعينه الذي أشار إليه الإمام بالبدعة " ا هـ.
قلنا : وهذا فيمن سأل كيف استوى فما بالكم بالذي فسره بالجلوس والقعود والاستقرار؟
ثم إن الإمام مالكا عالم المدينة وإمام دار الهجرة نجم العلماء أمير المؤمنين في الحديث رضي الله عنه ينفي عن الله الجهة كسائر أئمة الهدى
فقد ذكر الإمام العلامة قاضي قضاة الإسكندرية ناصر الدين بن المنير المالكي من أهل القرن السابع الفقيه المفسر النحوي الأصولي الخطيب الأديب البارع في علوم كثيرة في كتابه (( المقتفى في شرف المصطفى)) لما تكلم عن الجهة وقرر نفيها ، قال :
ولهذا المعنى أشار مالك رحمه الله في قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تفضلوني على يونس بن متى" ( رواه البخاري)، فقال مالك: إنما خص يونس للتنبيه على التنـزيه لأنه صلى الله عليه وسلم رُفع إلى العرش ويونس عليه السلام هُبط على قابوس البحر ونسبتهما مع ذلك من حيث الجهة إلى الحق جل جلاله نسبة واحدة ، ولو كان الفضل بالمكان لكان عليه الصلاة والسلام أقرب من يونس بن متى وأفضل مكانا ولما نهى عن ذلك"اهـ ، ثم أخذ الفقيه ناصر الدين يبين أن الفضل بالمكانة لا بالمكان )) ا هـ.
ونقل ذلك عنه أيضا الإمام الحافظ تقي الدين السبكي الشافعي في كتابه (( السيف الصقيل )) (ص 137)
والإمام الحافظ محمد مرتضى الزبيدي الحنفي في (( إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين )) (ج2/105) وغيرهما .
أتهزأ بي؟
نعم"عبد الله بن صايغ" لم يكن صاحب حديث وهل نحن نتكلم عن الحديث أم عن كلام الإمام مالك؟!!!
قال الإمام أحمد: لم يكن صاحب حديث ، كان ضيقا فيه ، و كان
صاحب رأى مالك ، و كان يفتى أهل المدينة برأى مالك ، و لم يكن فى الحديث بذاك .
و قال محمد بن سعد : كان قد لزم مالك بن أنس لزوما شديدا لا يقدم عليه أحد.
و قال الآجرى ، عن أبى داود : سمعت أحمد يقول : كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأى مالك و حديثه ، .))
قال الفقير إلى ربه:
إذن الأثر من أصح الأثار عن الإمام مالك رحمه الله فالذي يهمنا هو نقله عن الإمام مالك وليس نقله للأحاديث.
أما ما نقلته أنت عن حفظه فلا أخالفك فيه لكن ما نقله عن مالك ليس فقها بل عقيدة والعقيدة لا تحفظ فحسب بل تعقد بالقلب وتترسخ فيه .
وهب أن الأثر ضعيف كما تزعم ! فإن لنا طرق أخرى مروية عن الإمام مالك تقوي أثر عبد الله بن صايغ وقد ذكرتها في بحثي لكنك لم ترفع بها رأسا
جمال البليدي
2011-06-22, 21:50
قبْحًا قبحا لمنْ نبَذَ القرآنَ وراءهُ فإذا استدلَّ يقولُ قال الأخطل النصراني.
بيان من تأول الاستواء بالقهر
من تأول من علماء أهل السنةالأصح أن تقول((علماء الأشاعرة والجهمية)) فإنك لم تأتي في مقالك المنسوخ بكلام أي صحابي جليل ولا تابعي نبيل بل أقوال أجدادك الأشاعرة والجهمية في تحريفهم للإستواء بالإستيلاء والرد عليهم من أوجه:
أولا:إنَّ الاستواءَ فِي اللُّغةِ يُستعملُ على وجوهٍ:
الأولُ: أنْ يكونَ مطلقًا غيرَ مقيَّدٍ فيكونُ معناهُ الكمالُ كقولهِ عزَّ وجلَّ: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} [القصص: 14]، وهذا معناهُ: كملَ وتمَّ. يقالُ: استوى النباتُ واستوى الطَّعامُ.
الثاني: أنْ يكونَ مقرونًا بـ(الواو) فيكونُ بمعنى التساوي كقولهم: استوى الماءُ والخشبةُ. واستوى الليلُ والنَّهارُ.
الثالثُ: أنْ يكونَ مقرونًا بـ(إلى) فيكون المعنى قصدَ إليهِ علوًّا وارتفاعًا كقولهِ سبحانه وتعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29].
الرابعُ: أنْ يكونَ مقرونًا بـ(على) فيكونُ بمعنى العلوِّ والارتفاعِ كقولهِ سبحانه وتعالى: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف: 13]، وقولهِ: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: 44] وقولهِ: {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [الفتح: 29].
هذه معاني الاستواءِ المعقولةِ فِي كلامهم، ليسَ فيهَا معنى (استولى) البتةَ، وَلاَ نقلهُ أحدٌ منْ أئمَّةِ اللُّغةِ الذينَ يُعْتَمَدُ قولهم، وإنَّما قالهُ متأخرو النُّفاةِ ممَّنْ سلكَ طريقَ المعتزلةِ والجهميَّةِ.
الثاني:
أنَّ الذينَ قالوا ذلكَ-من الذين نقل المدعوا بقذائف الحق- استدلوا بقولِ الشَّاعرِ:
قد استوى بشْرٌ عَلَى العراقِ من غير سيْفٍ أو دمٍ مُهْـراق
قالَ ابنُ كثيرٍ رحمه الله: وهذاَ البيتُ تستدلُّ بهِ الجهميَّةُ على أنَّ الاستواءَ على العرشِ بمعنى الاستيلاءِ، وهذا منْ تحريفِ الكلمِ عنْ مواضعهِ، وليستْ في بيتِ هذا النصرانيِّ حجةٌ ولا دليلٌ على ذلكَ، ولا أرادَ الله عزَّ وجلَّ باستوائهِ على عرشهِ استيلاَءهُ عليه - تعالى الله عنْ قولِ الجهميَّةِ علوًّا كبيرًا - فإنَّهُ إنَّما يقالُ: استولى على الشيءِ إذا كانَ ذلكَ الشيءُ عاصيًا عليهِ قبلَ استيلائهِ عليهِ، كاستيلاءِ بشرٍ على العراقِ، واستيلاءِ عبدِ الملكِ على المدينةِ بعدَ عصيانها عليهِ، وعرشُ الرَّبِّ لمْ يكنْ ممتنعًا عليهِ نفسًا واحدًا، حتَّى يقالَ استولى عليهِ، أو معنى الاستواءِ الاستيلاءِ، ولا تجدُ أضعفَ منْ حججِ الجهميَّةِ، حتَّى أدَّاهمُ الافلاسُ مِنَ الحججِ إلى بيتِ هذا النَّصرانيِّ المقبوحِ وليسَ فيه حجةٌ واللهُ أعلمُ[5].
وقدْ أنْشَدَ فيهمُ المنْشِدُ:
قبْحًا لمنْ نبَذَ القرآنَ وراءهُ فإذا استدلَّ يقولُ قال الأخطل[6]
الثالثُ:
أنَّ أهلَ اللُّغةَ لمَّا سمعوا ذلكَ، أنكروهُ غايةَ الإنكارِ، ولمْ يجعلوه منْ لغةِ العربِ.
قَالَ ابنُ الأعرابيِّ - وقد سئلَ: هل يصحُّ أنْ يكونَ (استوى) بمعنى استولى؟ - فقالَ: لا تعرفُ العربُ ذلكَ. وهوَ منْ أكابرِ أئمَّةِ اللُّغةِ.
الرابعُ:
أنَّ هذا تفسيرٌ لكلامِ الله بالرأيِ المجرَّدِ الَّذي لم يذهبْ إليهِ صاحبٌ وَلاَ تابعٌ، وَلاَ قالهُ إمامٌ منْ أئمَّةِ المسلمينَ، وَلاَ أحدٌ منْ أهلِ التفسيرِ الذينَ يحكونَ أقوالَ السَّلفِ.
الخامسُ:
أنَّ إحداثَ القولِ فِي تفسيرِ كتابِ الله الَّذي كانَ السَّلفُ والأئمَّةُ عَلَى خلافهِ يستلزمُ أحدَ أمرينِ: إمَّا أنْ يكونَ خطأً فِي نفسهِ، أو تكونَ أقوالُ السَّلفِ المخالفةِ لهُ خطأً، وَلاَ يشكُّ عاقلٌ أنَّهُ أولى بالغلطِ والخطأ منْ قولِ السَّلفِ.
السادسُ:
أنَّه أتى بلفظةِ (ثمَّ) التي حقيقتها الترتيبُ والمهلةُ، ولوْ كانَ معناهُ القدرةَ عَلَى العرشِ والاستيلاءَ عَلَيهِ؛ لمْ يتأخَّر ذلكَ إلى مَا بعد خلقِ السَّماواتِ والأرضِ، فإنَّ العرشَ كانَ موجودًا قبلَ خلقِ السَّماواتِ والأرضِ بخمسينَ ألفِ عام كَمَا ثبتَ عنهُ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلاَئِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»[7]. وقالَ سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7] فكيفَ يجوزُ أنْ يكونَ غيرَ قادرٍ وَلاَ مستولٍ عَلَى العرشِ إلى أنْ خلقَ السَّماواتِ والأرضَ؟!.
السابعُ:
أنَّ القائلَ بأنَّ معنى (استوى) بمعنى (استولى) شاهدٌ عَلَى الله أنَّه أرادَ بكلامهِ هذا المعنى، وهذهِ شهادةٌ لا علمَ لقائلهَا بمضمونها، بلْ هيَ قولٌ عَلَى الله بلا علمٍ، وقدْ حرَّم الله تعالى الكلامَ بلا علمٍ مطلقًا، وخصَّ القولَ عليهِ بلا علمٍ بالنَّهيِ، وأخبرَ أنَّ الذي يأمرُ بالقولِ بغيرِ علمٍ هو الشيطانُ فقالَ سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وقالَ سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ *} [البقرة: 169] وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ *} [الأعراف: 33]. فلوْ كانَ اللَّفظُ محتمِلًا لها فِي اللُّغةِ وهيهات!! لَمْ يجز أَنْ يشهدَ عَلَى الله أنَّهُ أرادَ هذا المعنى، بخلافِ منْ أخبرَ عَنِ الله تعالى أنَّهُ أرادَ الحقيقةَ والظاهرَ، فإنَّهُ شاهدٌ بما أجرى الله سبحانه عادتَهُ مِنَ خطابِ خلقهِ بحقائقِ لغتهم وظواهرها؛ كَمَا قَالَ سبحانه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4].
فإذا كان الاستواءُ فِي لغةِ العرب معلومًا؛ كانَ هو المرادُ؛ لكونِ الخطابِ بلسانهم، وهو المقتضي لقيامِ الحجَّةِ عليهم فإذا خاطبهم بغيرِ مَا يعرفونَهُ كانَ بمنزلةِ خطابِ العربيِّ بالعجمية.
قالَ ابنُ قدامة رحمه الله: إنَّ المتأوِّلَ يجمعَ بينَ وصفِ الله تعالى بصفةٍ ما وصفَ بها نفسَهُ ولا أضافها إليهِ، وبين نفيِ صفةٍ أضافها الله تعالى إليهِ.
فإذا قالَ: معنى استوى «استولى» فقدْ وصفَ الله تعالى بالاستيلاءِ واللهُ تعالى لم يصفْ بذلكَ نفسَهُ، ونفى صفةَ الاستواءِ مع ذكرِ الله تبارك وتعالى لهَا في القرآنِ في سبعةِ مواضعَ. أفمَا كانَ اللهُ سبحانه وتعالى قادرًا على أنْ يقولَ: «استولى» حتَّى جاءَ المتكلِّفُ المتأوِّلُ فتطرَّف وتحكَّمَ على الله سبحانهُ وعلى رسولهِ؟ تعالى الله عمَّا يقولُ الظَّالمونَ علوًّا كبيرًا![8].
الثامنُ:
أنَّهُ لا يقالُ لمنِ استولى عَلَى بلدةٍ ولم يدخلْهَا ولمْ يستقرَّ فيها بلْ بينهُ وبينها بعدٌ كثيرٌ: أنَّهُ قَدِ استوى عليها، فلا يقالُ استوى أبو بكرٍ عَلَى الشامِ، وَلاَ استوى عمرُ عَلَى مصرَ والعراقِ، ولا قَالَ أحدٌ قطٌّ استوى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى اليمنِ، مع أنَّهُ استولى خلفاؤهُ عَلَى هذهِ البلادِ، ولم يزلْ الشعراءُ يمدحونَ الملوكَ والخلفاءَ بالفتوحاتِ، فلمْ يسمَعْ عنْ قديمٍ منهم جاهليٍّ وَلاَ إسلاميٍّ وَلاَ محدثٍ أنَّهُ مدحَ أحدًا قطُّ أنَّهُ استوى عَلَى البلدِ الفُلانيِّ الّذي فتحهُ واستولى عَلَيهِ، فهذهِ دواوينهم وأشعارهم موجودةٌ.
التاسعُ:
أنَّهُ لَوْ كانَ الاستواءُ بمعنى الملكِ والقهرِ؛ لجازَ أنْ يقالَ: استوى عَلَى ابنِ آدمَ وعلى الجبلِ وعلى الشَّمسِ والقمرِ وعلى البحرِ والشجرِ والدَّوابِ، وهذا لا يطلقهُ مسلمٌ. «ولا استعملَ ذلكَ أحدٌ مِنَ المسلِمينَ في كلِّ شيءٍ، ولا يوجدُ في كتابٍ ولا سنةٍ، كما استعملَ لفظُ الربوبيةِ في العرشِ خاصَّةً {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129] وفي كلِّ شيءٍ عامَّةً {رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 164] وكذلكَ لفظُ الخلقِ ونحوه مِنَ الألفاظِ التي تخصُّ، وتعمُّ. كقولهِ سبحانه وتعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ *} [العلق: 1 - 2] فالاستواءُ مِنَ الألفاظِ المختصَّةِ بالعرشِ، لا تضافُ إلى غيرهِ لا خصوصًا ولا عمومًا»[9].
العاشرُ:
أنَّهُ إِذَا فسِّرَ الاسْتِوَاءُ بالغلبةِ والقهرِ؛ عادَ معنى هذه الآياتِ كلِّها إلى أنَّ الله تعالى أعلمَ عبادهُ بأنَّهُ خلقَ السَّماواتِ والأرضَ ثمَّ غلبَ العرشَ بعدَ ذلكَ وقهرهُ وحكمَ عَلَيهِ، أفلا يستحي مِنَ الله مَنْ فِي قلبهِ أدنى وقارٍ لله ولكلامهِ أنْ ينسبَ ذلكَ إليهِ، وأنَّهُ أرادهُ بقوله: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5]؛ أي: اعلموا يا عبادي أنِّي بعدَ فراغي منْ خلقِ السَّماواتِ والأرضِ غلبتُ عرشي وقهرتهُ واستوليتُ عَلَيهِ؟!.
الحادي عَشَرَ:
أنَّ أئمَّةَ السنَّةِ متَّفقونَ عَلَى أنَّ تفسيرَ الاسْتِوَاءِ بالاستيلاءِ إنَّما هو متلقًّى عَنِ الجهميَّةِ والمعتزلةِ والخوارجِ..فلا يجوزُ العدولُ عنْ تفسيرِ الصَّحابةِ والتَّابعينَ إلى تفسيرهمْ.
الثاني عَشَرَ:
أنَّ الاستيلاءَ يكونُ مَعَ مزايلةِ المستولي للمستولى عَلَيهِ ومفارقتهِ؛ كَمَا يقالُ: استولى عثمانُ بنُ عفَّانَ عَلَى خراسانَ، واستولى عبدُ الملكِ بنُ مروانَ عَلَى بلادِ المغربِ، واستولى الجوادُ عَلَى الأمدِ، قَالَ الشاعرُ:
ألا لمثلكَ أوْ مَنْ أنتَ سـابقُهُ سَبْقَ الجَوادِ إذا استولى عَلَى الأمَدِ
فجعلهُ مستوليًا عَلَيهِ بعدَ مفارقتهِ لهُ وقطعِ مسافتهِ، والاستواءُ لا يكونُ إلَّا مَعَ مجاورةِ الشَّيءِ الَّذي يستوى عَلَيهِ؛ كَمَا في قولهِ تعالى: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: 44] {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف: 13]، وقولهِ: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون: 28]، وهكذا فِي جميعِ مواردهِ فِي اللُّغةِ التي خوطبنا بها، وَلاَ يصحُّ أنْ يقالَ: استوى عَلَى الدَّابة والسطحِ إِذَا نزل عنها وفارقها؛ كَمَا يقالُ: استولى عليها، هَذَا عكسُ اللُّغةِ وقلبُ الحقائقِ، وهذا قطعيٌّ بحمدِ الله.
الثالثُ عَشَرَ:
أنَّ نقلَ معنى الاسْتِوَاءِ وحقيقتهِ كنقلِ لفظهِ، بل أبلغُ فإنَّ الأمَّةَ كلَّها تعلمُ بالضَّرورةِ أنَّ الرسولَ أخبرَ عنْ ربِّهِ بأنَّهُ استوى عَلَى عرشِهِ، منْ يحفظُ القرآنَ منهم ومنْ لا يحفظهُ، وهذا المعنى عندهم كَمَا قَالَ مالكٌ وأئمَّةُ السنَّةِ: الاسْتِوَاءُ غيرُ مجهولٍ، كَمَا أنَّ معنى السَّمعِ والبصرِ والقدرةِ والحياةِ والإرادةِ وسائرِ مَا أخبرَ بهِ عنْ نفسهِ معلومٌ، وإنْ كانتْ كيفيَّتهُ غيرَ معلومةٍ للبشرِ؛ فإنَّهم لم يُخَاطَبُوا بالكيفيَّةِ، ولم يردْ منهم العلمُ بها، فإخراجُ الاسْتِوَاءِ عنْ حقيقتهِ المعلومةِ؛ كإنكارِ ورودِ لفظهِ؛ بل أبلغُ، وهذا ممَّا يعلمُ أنَّهُ مناقضٌ لما أخبرَ الله بهِ ورسولُهُ.
الرابعُ عَشَرَ:
أنَّ الله سبحانه وتعالى وصفَ نفسَهُ بأنَّهُ بيَّنَ لعبادهِ غايةَ البيانِ - وبيانُ الرَّبِّ تعالى فوقَ كلِّ بيانٍ ـ، وأمرَ رسولَهُ بالبيانِ، وأخْبرَ أنَّهُ أنْزلَ عليهِ كتابهُ ليبيِّنَ للنَّاسِ، وقدْ فعلَ سبحانهُ مَا عليهِ، وفعلَ رسولُهُ ما عليهِ، فماذا نشأَ بعدَ ذلكَ إلَّا أنْ نأتيَ بمَا علينا، كما قال الزهْريُّ: «مِنَ الله الرسالة، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاغُ، وعَلَيْنَا التَّسْليمُ»[10] فهذا البيانُ الذي تَكَفَّلَ بهِ سبحانهُ، وأمرَ بهِ رسولهُ، إمَّا أنْ يكونَ المرادُ بهِ بيانَ اللَّفظِ وحدهُ، أو المعْنى وحدهُ، أو اللَّفظِ والمعْنى جميعًا، ولا يجوزُ أنْ يكونَ المرادُ بهِ بيانَ اللَّفظِ دونَ المعْنى، فإنَّ هذا لا فائدةَ فيهِ، ولا يحْصلُ به مقْصودُ الرسالةِ[11]، بل كانَ ترْكهُ أنْفعَ مِنَ الاتيانِ بهِ؛ فإنَّ الاتيانَ بهِ إنَّما حصلَ منهُ إيهامُ المحالِ والتَّشْبيهِ، وأوْقعَ الأمَّةَ في اعْتقادِ الباطلِ. ولا ريبَ أنَّ هذا إذا نسبَ إلى آحادِ النَّاسِ كانَ ذمُّهُ أقْربَ مِنْ مدْحهِ؛ فكيفَ يليقُ نسبتهُ إلى مَنْ كلامهُ هدًى وشفاءٌ، وبيانٌ ورحمةٌ؟ هذا منْ أمْحلِ المحالِ[12]؛ بلْ كانتْ عنايتهُ ببيانِ المعْنى أشدَّ منْ عنايتهِ ببيانِ اللَّفظِ، وهذا هوَ الذي ينْبغي، فإنَّ المعْنى هو المقْصودُ، وأمَّا اللَّفظُ فوسيلةٌ إليهِ ودليلٌ عليهِ، فكيفَ تكونُ عنايتهُ بالوسيلةِ أهمَّ منْ عنايتهِ بالمقْصودِ؟ وكيفَ نتيقنُ بيانَهُ للوسيلةِ، ولا نتيقنُ بيانهُ للمقْصودِ؟ وهلْ هذا إلَّا منْ أبينِ المحال؟!
الخامسُ عَشَرَ:
أنَّ الله سبحانه وتعالى ذمَّ المحرِّفينَ للكلمِ، والتَّحريفُ نوعان: تحريفُ اللَّفظِ، وتحريفُ المعنى.
أمَّا في اللَّفظِ، فمثالهُ نصبُ اسمِ الجلالةِ بدلَ رفعهِ في قولهِ تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] ليكونَ التكليمُ منْ موسى عليه السلام.
وأمَّا في المعنى؛ كتحريفِ معنى الاستواءِ إلى الاستيلاءِ.
ولو تدبَّرَ المشتغلونَ بعلمِ الكلامِ كتابَ الله، لمنعهم ذلكَ منْ تبديلِ الاستواءِ بالاستيلاءِ، لأنَّ الله جلَّ وعلا يقولُ في محكمِ كتابهِ: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ *} [البقرة: 59]. ويقولُ: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ *} [الأعراف: 162]، فالقولُ الذي قالهُ الله لهم، هوَ قولهُ حطةٌ، فقالوا حنطةٌ وهي القمحُ. «فَلَقُوا من البلاء ما لَقُوا - وإنَّما زادوا حَرْفًا في الكلمة ـ؛ يُعَرِّفُهُمْ أنَّ الزيادةَ في الدِّين والابتداعَ في الشَّرعِ عظيمُ الخَطَرِ.
وإذا كانَ تغييرُ كلمةٍ في بابِ التوبةِ - وذلكَ أمرٌ يرجعُ إلى المخلوقِ - يوجبُ كلَّ ذلكَ العذابِ؛ فما ظنُّكَ بتغييرِ ما هوُ خبرٌ عنْ صفاتِ المعبودِ؟!»[13].
وأهلُ التَّأويلِ قيلَ لهم: على العرشِ استوى. فزادوا لامًا فقالوا: استولى. وهذهِ اللامُ التي زادوها أشبهُ شيءٍ بالنُّونِ التي زادهَا اليهودُ في قولهِ تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58].
قال ابن القيِّمِ رحمه الله:
أُمِـرَ اليهودُ أن يقولوا حِطَّةٌ فَأَبَوْا وقالوا حِنْطَةٌ لِهَوَانِ
وكذلكَ الجهميُّ قيل له استوى فأَبَى وزادَ الحَرْفَ للنُّقْصَانِ
قَالَ اسْتَوَى اسْتَوْلَى وذَا مِنْ جَهْلِهِ لغةً وعقلًا مَا هما سيَّانِ
نُون اليهودِ ولامُ جَهْمِيٍّ هما فِي وَحْيِ رَبِّ العرشِ زَائِدَتَانِ
وكذلكَ الجَهْميُّ عَطَّـلَ وَصْفَهُ وَيَهُودُ قَدْ وَصَفُوهُ بالنُّقْصَانِ
فَهُـمَا إِذًا فِي نَفْيِهِمْ لِصفَاتِهِ الـ عُلْيَا كَمَا بَيَّنْتُهُ أَخـَـوَانِ[14]
ولا شكَّ أنَّ منْ بدَّل استوى بـ(استولى) لم يتَّبعْ ما أوحيَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. فعليهِ أنْ يجتنبَ التبديلَ ويخافَ العذابَ العظيمَ، الذي خافهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لو عصا الله فبدَّلَ قرآنًا بغيرهِ المذكورُ في قولهِ تبارك وتعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [يونس: 15].
وأهلُ [التَّحريفِ] لم ينكروا أنَّ كلمةَ القرآنِ هي استوى، ولكنْ حرَّفوها وقالوا في معناها استولى وإنَّما أبدلوها بها، لأنَّها أصلحُ في زعمهمْ منْ لفظِ كلمةِ القرآنِ، لأنَّ كلمةَ القرآنِ توهمُ غيرَ اللائقِ، وكلمَةُ استولى في زعمهم هي المنـزِّهةُ اللائقةُ بالله مَعَ أنَّهُ لا يعقلُ تشبيهٌ أشنعُ منْ تشبيهِ استيلاءِ اللهِ على عرشهِ المزعومِ، باستيلاءِ بشرٍ على العراقِ.
وليسَ بلائقٍ قطعًا، إلَّا أنَّهُ يقولُ: إنَّ الاستيلاءَ المزعومَ منـزَّهٌ، عنْ مشابهةِ استيلاءِ الخلقِ، معْ أنَّهُ ضربَ لهُ المثلَ باستيلاءِ بشرٍ على العراقِ واللهُ يقولُ: {فَلاَ تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ *} [النحل: 74][15].
ونحنُ نقولُ: أيُّها المؤوِّلُ هذا التَّأويل، نحنُ نسألكَ إذا علمتَ أنَّهُ لا بدَّ منْ تنـزيهِ أحدِ اللَّفظينِ أعنىَ لفظَ (استوى) الذي أنزلَ الله بهِ الملَكَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم قرآنًا يتلى، كلُّ حرفٍ منهُ عشرُ حسناتٍ ومنْ أنكرَ أنَّهُ منْ كتابِ الله كفرَ. ولفظة استولى التي جاءَ بها قومٌ منْ تلقاءِ أنفسهم منْ غيرِ استنادٍ إلى نصٍّ منْ كتابِ الله ولا سنَّةِ رسولهِ ولا قولِ أحدٍ مِنَ السَّلفِ. فأيُّ الكلمتينِ أحقُّ بالتنـزيهِ في رأيِكَ؟![16].
والظَّاهر أنَّك ستضطرُ إلى أنْ تقولَ: إنَّ كلامَ ربِّ العالمينَ أحقُّ بالتنزيهِ منْ كلامٍ جاءَ بهِ ناسٌ منْ تلقاءِ أنفسهم منْ غيرِ استنادٍ إلى دليلٍ منْ نقلٍ ولا عقلٍ إلَّا إذا كنت مُكَابِرًا، والمُكَابِرُ لا داعي للكلامِ معهُ {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ *} [الأنعام: 104][17].
وهذه الوجوهُ كافيةٌ شافيةٌ نافعةٌ لمنْ أرادَ الهدايةَ.
ونختمُ هذا الفصلَ بنقطتينِ:
إحداهُما: أنَّهُ ينبغي للمُؤَوِّلِينَ أنْ يتأمَّلُوا آيةً منْ «سورةِ الفرقان» وهيَ قولهُ تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَانُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59] ويتأمَّلوا معها قولَهُ تعالى في سورةِ فاطر: {وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: 14].
فإنَّ قولَهُ في الفرقانِ: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59] بعدَ قولهِ: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الفرقان: 59] يدلُّ دلالةً واضحةً: أنَّ الله الذي وصفَ نفسهُ بـ «الاستواءِ» خبيرٌ بما يصفُ بهِ نفسهُ لا تخفى عليهِ الصِّفةَ اللائقةَ منْ غيرهَا.
ويفهمُ منهُ: أنَّ الذي ينفي عنهُ «صِفَةَ الاسْتِوَاءِ» ليسَ بخبيرٍ، نعمْ هُو واللهِ ليسَ بخبيرٍ[18].
الثانيةُ: إنَّ السَّلَفِيِّينَ إذا قيلَ لهم: ما الدليلُ على أنَّ اللهَ تعالى فَوْقَ العَرْشِ؟ قالوا: قالَ اللهُ سبحانه وتعالى كذا، وقالَ رسولُهُ صلى الله عليه وسلم كذا. وأنتم إذا قيلَ لكم: ما الدليلُ على تفسيرِ الاستواءِ بالاستيلاءِ؟ قلتم: قالَ الأخْطلُ:
استوى بشرٌ على العراقِ...
بَنَيْتُمْ مذْهبَكُم على بيتِ شعرٍ منْ قولهِ، وتركْتُمْ الكتابَ والسُّنَّةَ؟!
وهذا قطرةٌ منْ بحرٍ نبَّهنا بهِ تنْبيهًا يعلمُ بهِ اللَّبيبُ ما وراءهُ. وإلَّا لو أعْطينا هذا الموضعَ حقَّهُ - وهيهاتَ أنْ يصلَ إلى ذلكَ علْمنا، أوْ قدرتنا - لكتبنا فيهِ عدَّةَ أسْفارٍ، وكذا كلُّ وجهٍ منْ هذهِ الوجوهِ، فإنَّهُ لو بسطَ، وفصِّلَ لاحْتملَ سفرًا أو أكْثرَ[19].
فعلى المتأوِّل أنْ يجيبَ عنْ ذلكَ كلِّه! وهيهاتَ لهُ بجوابٍ صحيحٍ عنْ بعضِ ذلكَ!
--------------------------------------------------------------------------------
[1] درء تعارض العقل والنقل (7/123).
[2] انظر: شرح العقيدة الواسطية (ص107 - 108)، للعلامة: ابن عثيمين رحمه الله.
[3] شرح العقيدة الواسطية (ص75)، للعلامة: محمد خليل هراس رحمه الله.
[4] درء تعارض العقل والنقل (5/382).
[5] البداية والنهاية (9/8 و273).
[6] مجموع الفتاوى (6/297).
[7] رواه مسلم (2653).
[8] تحريمُ النظر في كتب الكلام (ص53)، للإمام: موفّق الدين ابن قدامة المقدسي رحمه الله.
[9] انظر: مجموع الفتاوى (17/376).
[10] أخرجه البخاري (6/2738) تعليقًا [طبعة دار ابن كثير، الطبعة الثالثة].
[11] الصواعق (ص737).
[12] مختصر الصواعق (2/145).
[13] الحوادث والبدع (ص27 - 28).
[14] الكافية الشافية (ص157).
[15] قال أبو هريرة رضي الله عنه لرجل: «يا ابنَ أخي! إذا حدَّثْتُكَ عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حديثًا فلا تَضْرِبْ له الأمثالَ» أخرجه ابن ماجه في المقدمة، باب: تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ على منْ عارضه (22)، وحسنه العلامة الألباني رحمه الله في «صحيح سنن ابن ماجه» (20).
[16] أضواء البيان (7/452 - 453).
[17] آداب البحث والمناظرة (2/161).
[18] منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات (ص88)، للعلامة الشنقيطي رحمه الله.
[19] الصواعق (ص917).
[/size]
الله غالب
2011-06-24, 10:47
اولا الى الاخ samou تفضل الرد على تهجمك على شيخك الجفري:
الأخطاء العقدية ....أطعني أجعلك تقول للشيء كن فيكون
يقول موقع المجهر
(يصرح داعية التصوف "علي الجفري" بأن هناك عباداً يقولون للشيء كن فيكون.
أولاً: في أيّ الكتب السماوية يقرأ الجفري ؟ ليته يُبيّن لنا كي يساعدنا في البحث عن الكلام العجيب الذي يأتينا به ! ولكي نعرف هل هو من الكتب المحرّفة أم لا !!
وقد جاء في كتاب "الإعلام بقواطع الإسلام" للهيتمي ـ وهو صوفي أشعري ـ والكتاب مطبوع مع كتاب الزواجر صفحة:(390): "ومما يكون من الدعاء كفراً أيضاً أن يطلب الداعي ثبوت ما دلّ القاطع العقلي على نفيه مما يُخلّ بجلال الربوبية كأن يَعظُمَ شوق الداعي إلى ربه فسأله أن يحلّ في شيءٍ من مخلوقاته حتى يجتمع به أو أن يجعل التصرف في العالم بما أراده".)
الرد
اولاً
نقول:- امرك عجيب يا المجهري فهل قال سيدي الحبيب علي الجفري أن هذا يعني انك تقوم لتقول للشئ كن فيكون فسيكون بدون إرادة الله تعالي؟
ولماذا تبتر الصوت وباقي الحلقة؟
ما هذا الهراء أيها المجهري فالفاعل فهو الله والمتصرف هو الله والآمر هو الله والمحرك لكل ساكن هو الله وحده.
وهذه عقيدة الحبيب علي الجفري فلا تدلس على القارئ
فليضع المجهري الشيخ ابن تيمية في مجموعة الأخطاء العقائدية وليحذر منه بكل قوته كما فعل مع الحبيب علي الجفري.
قال الشيخ ابن تيمية الحراني رحمه الله .
في مجموع الفتاوى ( 4 / 376 - 377 ) مانصه :
( وجاء تفسير ذلك فى آثار أن من عباد الله يقول : من لو اقسم على الله أن يزيل جبلا أو الجبال عن أماكنها لأزالها وان لا يقيم القيامة لما اقامها .
وهذا مبالغة ، ولا يقال إن ذلك بفضل بقوة خلقت فيه وهذا بدعوة يدعوها لأنهما فى الحقيقة يؤولان الى واحد هو مقصود القدرة ومطلوب القوة وما من أجله يفضل القوى على الضعيف .
ثم هب ان هذا فى الدنيا فكيف تصنعون فى الآخرة وقد جاء فى الاثر ( ياعبدى أنا أقول للشىء كن فيكون أطعنى أجعلك تقول للشىء كن فيكون يا عبدى انا الحى الذى لايموت أطعنى أجعلك حيا لا تموت) وفى أثر ( أن المؤمن تأتيه التحف من الله من الحى الذى لا يموت الى الحى الذى لا يموت ) فهذه غاية ليس وراءها مرمى كيف لا وهو بالله يسمع وبه يبصر وبه يبطش وبه يمشى فلا يقوم لقوته قوة ) أهـ !!!!!!!!...
فمن أين اتى ابن تيمية بهذه الآثار ؟؟؟!!!
وهو من الحفاظ كما تقولون ؟
وهو الفقيه الأصولي المفسر فمن أين أتي بهذا الآثر فلتسألوا الشيخ ابن تيمية قبل الحبيب علي الجفري
إذا كان عملكم هذا من أجل الله ورسوله!!
وليس سببه أحقاد
ولا اعتقد فانتم دائما أهل طعن في الائمة والعلماء فمن طبع الاجزاء والكتب التي تطعن في الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان والإمام جعفر الصادق!!!
وظيفتكم الطعن في الائمة والعلماء هذا عملكم وهذا ديدنكم لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم؟
فهل سيكون الشيخ ابن تيمية رحمه الله بذلك كفر وخرج عن الملة وعارض نص القرآن الكريم ؟؟
أفتونا مأجورين جزيتم خيرا .
ــــــــ
وإليكم نصا آخر أيضا من كلام ابن تيمية في بيان المعنى السابق ، فيقول رحمه الله
في المجلد العاشر من فتاواه ( 10 / 549 ) :
[ حدثني أبي عن محيي الدين بن النحاس ، وأظني سمعتها منه : أنه رأى الشيخ عبد القادر في منامه وهو يقول إخبارا عن الحق تعالى : ( من جاءنا تلقيناه من البعيد ، ومن تصرف بحولنا ألنا له الحديد ، ومن اتبع مرادنا أردنا ما يريد ، ومن ترك من أجلنا أعطيناه فوق المزيد ) .
قلت : هذا من جهة الرب تبارك وتعالى .
فالأولتان العبادة والاستعانة ، والآخرتان الطاعة والمعصية .
فالذهاب إلى الله هي عبادته وحده ، كما قال تعالى : (( من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة )) .
والتقرب بحوله هو الاستعانة والتوكل عليه ، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله .
وفي الأثر (( من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله )) .
وعن سعيد بن جبير : (( التوكل جماع الإيمان )) ، وقال تعالى : (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) ، وقال : (( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم )) .
وهذا على أصح القولين أيضا سبب لجلب المنافع ودفع المضار ، فإنه يفيد قوة العبد وتصريف الكون ، ولهذا هو الغالب على ذوي الأحوال متشرعهم وغير متشرعهم ، وبه يتصرفون ويؤثرون ، تارة بما يوافق الأمر ، وتارة بما يخالفه.
وقوله ( من اتبع مرادنا ) يعني المراد الشرعي ، كقوله : (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) ،
وقوله : (( يريد الله أن يخفف عنكم )) ،
وقوله : (( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم )) ، هذا هو طاعة أمره .
وقد جاء في الحديث : (( وأنت يا عمر لو أطعت الله لأطاعك ))، و
في الحديث الصحيح : (( ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه )) .. ]
http://www.almijhar.org/images/kon.jpg
ثانياً:-
ما ورد في الآثر بوجه عام لا يخالف الشرع ولا الدين والحبيب علي الجفري حفظه الله قال بالحرف وقد جاء في بعض الكتب السماوية فاي تصريح تريد منه أكثر من ذلك!!
فهو يرويها على وجه الحكاية لانها غير مخالفة لشرعنا .
وإذا كانت من الأسرائيليات فجائز روايتها كما صرح العلماء وموضوع الاسرائيليات من المختلف فيه.
عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم"
أخرجه البخاري في التوحيد، باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها: 13 / 516، والمصنف في شرح السنة: 1 / 268. وانظر: الدر المنثور: 6 / 469.
وعن ابن ابي نملة أن أباه أبا نملة الأنصاري أخبره: أنه بينما هو جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل من اليهود ومرّ بجنازة، فقال: يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله أعلم"، فقال اليهودي: إنها تتكلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله، فإن كان باطلا لم تصدقوه وإن كان حقًا لم تكذبوه"
أخرجه عبد الرزاق في المصنف: 11 / 110، وأبو داود في العلم، باب رواية حديث أهل الكتاب: 5 / 245، وصححه ابن حبان ص (58) من موارد الظمآن، وأخرجه الطبراني في الكبير: 22 / 349-351، والبيهقي في السنن: 2 / 10، والإمام أحمد في المسند: 4 / 136، وأخرجه ابن سعد، وابن أبي شيبة، وإسحاق.
وأصله في البخاري مختصرا من حديث أبي هريرة
ـــــــــــ
والحبيب علي الجفري لم يذكرها استدلالاً واحتجاجاً وإنما استأنس بها ليقرب بها الأمور للأفهام.
وكما قلنا فهي لا تتعارض مع أصول العقيدة ويوجد في صريح كتاب الله وصحيح سنة نبيه وأثار الصحابة والائمة والعلماء ما يؤيد معناه كما سنوضح.
فإننا نعتقد أن التدبير والتأثير الحقيقي لله وحده ، ولا يستطيع أي مخلوق لا ملك ولا نبي ولا ولي ولا غيرهم التأثير والتدبير من غير إذن الله سبحانه وتعالى
ولا نعلم كيف ينكر إخواننا قدرة الله في أن يهب الله لمن يشاء ما يشاء ولا معقب لحكمه ولا راد لقضاءه ونسبة الفعل للعبد نسبة مجاز أما الفاعل فهو الله والمتصرف هو الله والآمر هو الله والمحرك لكل ساكن هو الله وحده
ما هو معلوم أخي المسلم أنه ليس لأحد قدرة أو قوة يجلب بها مصلحة لنفسه أو يدفع بها مصيبة عنه , وليس لاحد منا قيومية على نفسه , فإن الله هو الحي القيوم , ولايقسو عليه شيئ في الارض ولافي السماء وهو على كل شيئ قدير , ومن ادعى ان له قدرة ذاتية على أي فعل من الافعال دق أو جل أو ادعى اي تصرف له في هذه الحياة ولو رفع قشة من الارض كفر عند الجميع .
قال الله تعالى " من عادى لي ولياً فقد آذنته بحرب مني، وما تقرب لي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها وقدمه التي يمشي بها وإذا سألني لأعطينه وإذا استغفرني لأغفرن له وإذا استعاذني أعذته.
روى الحديث الإمام البخاري وأحمد بن حنبل والبيهقي .
بأذن الله يعطي ما يشاء لمن يشاء وقتما يشاء ولا معقب لحكمة
فإذا اعطي الله لعبده قدرة ما فلا معقب علي رب العالين وهو من من قال وإذا سالني لأعطينه أم انك ستعقب يا المجهري!!!!!!
ولتعلم أن كل الذي يقال هو من باب المجاز فقط وإنما الفاعل في الحقيقة هو الله .
وقال به الملائكة (قال إنما انا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا)
فهل سيدنا جبريل هو الذي يهب الغلمان؟؟؟
ام الله سبحانه وتعالى؟؟؟
والصواب أن الفاعل حقيقة هو الله تعالى وإنما نسبة الفعل إلي الملك من باب المجاز فقط
قد روى الامام الترمذي من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( :كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبرّه ، منهم البراء بن مالك)
وفي الصحيحين أن الرُّبَيِّع كَسَرَتْ ثنية امرأة ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص ، فقال أنس بن النّضر : يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا تُكسَر ثنيتها، فرضوا بالأرش وتركوا القصاص ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرّه .
وقال الامام النووي في قوله صلى الله عليه وسلم : " لو أقسم على الله لأبرّه "
((أي لو حَلَفَ على وقوع شيء أوقعه الله إكراما له ، بإجابة سؤاله ، وصيانته من الحنث في يمينه ،وهذا لِعِظَم مَنْزِلته عند الله تعالى ، وإن كان حقيرا عند الناس . وقيل : معنى القسم هنا : الدعاء ، وإبراره إجابته))
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
ووجه تعجبه [ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ] أن أنس بن النضر أقسم على نفي فعل غيره مع إصرار ذلك الغير على إيقاع ذلك الفعل ، فكان قضية ذلك في العادة أن يحنث في يمينه ، فَأَلْهَمَ الله الغير العفو ، فَبَرّ قسم أنس . وأشار بقوله : " إن من عباد الله " إلى أن هذا الاتفاق إنما وقع إكراماً من الله لأنس لِيَبرّ يمينه ، وأنه من جملة عباد الله الذين يجيب دعاءهم ويعطيهم أربهم . اهـ
فانظر حباك الله الي هذا الصحابي كيف قسم على الله ال اتكسر ثنية الربيع وأبرّ الله قسمه
وفي قصة سيدنا سليمان عليه السلام فكان متصرفاً في الكون بأذن الله تعالي
فكانت الريح تجري بامره غدوا وعشيا , ويأمرها فتمتثل له أمره , وسُخر له الجن يفعلون له ما يشاء , وكان عليه السلام يكلم الطير والنمل والدواب واوتي ملك عظيماً وكان يأمر الطيور بما شاء وتستجيب إلي أمره , ويعذب من يشاء اذا لم يطع اوامره .
اليس هذا تصريف في الكون؟؟؟
نعم قد صرفه الله في الكون باذنه ..
فقد استجاب الله تعالى لدعوة سيدنا سليمان عليه السلام (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي)
قال تعالي (فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1573&idto=1573&bk_no=51&ID=1594#docu) ( 36 ) والشياطين كل بناء وغواص (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1573&idto=1573&bk_no=51&ID=1594#docu) ( 37 ) وآخرين مقرنين في الأصفاد (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1573&idto=1573&bk_no=51&ID=1594#docu) ( 38 ) هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1573&idto=1573&bk_no=51&ID=1594#docu) ( 39 ) ))
سورة ص
من الكتاب الحكيم
(اعلم أخي المسلم أن ظهور كرامات الأولياء يكاد يلحق بظهور معجزات الأنبياء وهذا ما نص عليه أهل السنة والجماعة كما سنري في كلام الائمة )
1- قال تعالى {قال يأيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك } سورة النمل 14
أخبرنا القرأن عن قصة الذي عنده علم من الكتاب وهو آصف بن برخيا وهو ليس بنبي كما ورد
فهو كاتب سيدنا سليمان عليه السلام
وأنه اتى بعرش بلقيس من اليمن الي الشام قبل ارتداد الطرف أي في ثواني معدودة , وانظر الي قول اصف
(أنا آتيك به )
فقد اوجد سيدنا آصف العرش !
واعدمه من محله دون أن يتحرك!!
ومع أن الايجاد و الاعدام من صفات الله فقط ؟!
ولكن يأذن الله لمن يشاء ويحكم بما يريد , فهل أشرك سيدنا اصف بالله ونسب الإتيان بعرش بلقيس لنفسه ؟؟
( حاشا وكلا)
وفي الآية تصريف واضح لآصف وضوح الشمس في كبد السماء - فقد صرفه الله في كونه و اعطاه إسمه الاعظم
الذي اذا دعي به أجاب واذا سأل به اعطى
ثانثاً:- من السنة النبوية الشريفة
1- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اتقوا فراسة المؤمن ؛ فإنه ينظر بنور الله" ثم قرأ النبي صلى الله عليه و سلم : " إن في ذلك لآيات للمتوسمين" [الحجر 75] . رواه الترمذي.
2- قال الله تعالى في الحديث القدسي
" من عادى لي ولياً فقد آذنته بحرب مني، وما تقرب لي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها وقدمه التي يمشي بها وإذا سألني لأعطينه وإذا استغفرني لأغفرن له وإذا استعاذني أعذته.
روى الحديث الإمام البخاري وأحمد بن حنبل والبيهقي .
3- قصة العابد جريج
في الحديث الذي رواه البخاري و مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال :
( لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ، عيسى ابن مريم ، وصاحب جريج ، وكان جريج رجلا عابدا ، فاتخذ صومعة فكان فيها، فأتته أمُّه وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : أي رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فقالت : اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات ، فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته ، وكانت امرأة بغي يُتَمثَّلُ بحسنها ، فقالت : إن شئتم لأفْتِنَنَّه لكم ، قال : فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته ، فأمكنته من نفسها ، فوقع عليها ، فحملت ، فلما ولدت قالت : هو من جريج ، فأتوه فاستنزلوه ، وهدموا صومعته ، وجعلوا يضربونه ، فقال : ما شأنكم ، قالوا : زنيت بهذه البغي فولدت منك ، فقال : أين الصبي ، فجاءوا به ، فقال : دعوني حتى أصلي ، فصلى ، فلما انصرف أتى الصبي فطَعَنَ في بطنه ، وقال : يا غلام ، من أبوك ؟ قال : فلان الراعي ، قال : فأقبلوا على جريج يقَبِّلونه ويتمسحون به، وقالوا : نبني لك صومعتك من ذهب ، قال : لا ، أعيدوها من طين كما كانت ، ففعلوا ) .
أكرمه الله بأن أنطق له غلاما في المهد وهو من ساله فانطقه الله باذنه
4- حديث البخاري ومسلم إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرّه
جاء في صحيحين أن الرُّبَيِّع كَسَرَتْ ثنية امرأة ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص
فقال أنس بن النّضر : يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا تُكسَر ثنيتها، فرضوا بالأرش وتركوا القصاص ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرّه .
وفي روايه
: "ربّ أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره"
رواه مسلم في كتاب البر والصلة، باب فضل الضعفاء والخاملين رقم (2622) 4/2024.
وقال الإمام النووي في قوله صلى الله عليه وسلم : " لو أقسم على الله لأبرّه "
أي لو حَلَفَ على وقوع شيء أوقعه الله إكراما له ، بإجابة سؤاله ، وصيانته من الحنث في يمينه ،وهذا لِعِظَم مَنْزِلته عند الله تعالى ، وإن كان حقيرا عند الناس . وقيل : معنى القسم هنا : الدعاء ، وإبراره : إجابته
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
ووجه تعجبه [ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ] أن أنس بن النضر أقسم على نفي فعل غيره مع إصرار ذلك الغير على إيقاع ذلك الفعل ، فكان قضية ذلك في العادة أن يحنث في يمينه ، فَأَلْهَمَ الله الغير العفو ، فَبَرّ قسم أنس . وأشار بقوله : " إن من عباد الله " إلى أن هذا الاتفاق إنما وقع إكراماً من الله لأنس لِيَبرّ يمينه ، وأنه من جملة عباد الله الذين يجيب دعاءهم ويعطيهم أربهم . اهـ
ثالثاً:- من الآثار عن الصحابة والمخضرمين
1- قصة أبي بكر رضي الله عنه مع أضيافه في تكثير الطعام، حتى صار بعد الأكل أكثرَ مما كان.
أخرج البخاري: ﴿ أن أبا بكر كان عنده أضياف فقدم لهم الطعام ، فكلما أكلوا منه ربا ـ أي يزاد ـ من أسفله حتى إذا شبعوا ، قال لامرأته يا أخت بني فراس ، ما هذا قالت وقرة عيني لهي ـ تعني القصعة ـ أكثر منها قبل أن يأكلوا ﴾ إلى آخر القصة
2- كرامة عمر رضي الله عنه :
فيما رواه أبو نعيم وغيره بإسناد حسن أن عمر رضي الله عنه
أرسل جيشاً إلى نهاوند، وبينما هو يخطب في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، حصلت عليهم هزيمة من العدو، فصار ينادي أميرهم واسمه سارية : يا سارية الجبل! يا سارية الجبل! فسمعوا صوته في ذلك المكان البعيد، فانحازوا إلى الجبل، فنصرهم الله جل وعلا على العدو.
وفي هذا الحديث الصحيح كرامتان :
الكشف عن حالة الجيش وحال العدو ، ووصول صوته من المدينة إلى نهاوند وفي هذا تصرف واضح .
وما جاء في سيدنا عمر ابن الخطاب ايضاً في صحيح البخاري
فرار الشيطان من عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا رآه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري
: إيهٍ يابـن الخطاب ، والـذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجّا إلا سلك فجا غير فجك )
صحيح البخاري بشرح الحافظ ابن حجر العسقلاني
فتح الباري ج10 ص616 ح6085
ومما جاء في الاثار سيدنا عمر ابن الخطاب : -
وفي التفسير الكبير 21 : 88 : (( وقعت الزلزلة بالمدينة فضرب عمر الدرة على الأرض وقال : اسكتي بأذن الله فسكتت وما حدثت الزلزلة بالمدينة بعد ذلك )) .
كذلك ذكرها إمام الحرمين رحمه الله في كتابه ( الشامل )
كما ذكر في طبقات الشافعية الكبرى ج2 ص 324 ، 325
جريان نهر النيل بأمر من سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
جاء في كرامات الأولياء
أنا محمد بن أبي بكر قال ثنا محمد بن مخلد قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عبد الله بن صالح حدثني ابن لهيعة عن قيس بن حجاج عمن حدثه قال لما حسنة مصر أتى أهلها إلى عمرو بن العاص حين دخل بؤونة من أشهر العجم فقالوا أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها فقال وما ذاك قالوا إذا كان ثنتا عشرة ليلة خلون من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر من أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل فقال له عمرو إن هذا مما لا يكون في الإسلام إن الإسلام يهدم ما قبله قال فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا حتى هموا بالجلاء فلما رأى ذلك عمرو كتب بذلك إلى عمر بن الخطاب فكتب إنك قد أصبت بالذي فعلت وإن الإسلام يهدم ما قبله وإني قد بعثت إليك ببطاقة داخل كتابي هذا فألقها في النيل فلما قدم كتاب عمر إلى عمرو أخذ البطاقة ففتحها فإذا فيها من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد فإن كنت إنما تجري من قبلك فلا تجر وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك قال فألقى البطاقة في النيل فلما ألقى البطاقة أصبحوا يوم السبت وقد أجراه الله تعالى ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة وقطع الله تعالى تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم .
(كرامات الأولياء ج: 1 ص: 119) لهبة الله بن الحسن الطبري اللالكائي المتوفى سنة 418هـ ومثله في البداية والنهاية لإبن كثير ( 1 : 28 ) وتفسيره ج 3 ص 472
ومثله عند القرطبي القرطبي - تفسير القرطبي ج13 ص 103
وكذلك في العظمة وفي تاريخ مدينة دمشق وكنز العمال وغيرها
4- كرامات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال ابن حجر الهيتمي: ومن كراماته أيضاً : أنه حدث بحديث فكذبه رجل ، فقال له : أدعو عليـك إن كنت كاذباً . قال : ادع فدعا عليه ، فلم يبرح حتى ذهـب بصره .
الصواعق المحرقة ج2 ص 377
5- قصة خالد بن الوليد رضي الله عنه في شربه السم
. أخرجه البيهقي وأبو نعيم والطبراني وابن سعد بإِسناد صحيح [أخرج البيهقي وأبو نعيم عن أبي السفر قال: نزل خالد بن الوليد الحيرة، فقالوا له: احذر السم لا تسقيكه الأعاجم فقال: ائتوني به، فأخذه بيده وقال: بسم الله وشربه، فلم يضره شيئاً.
انظر تهذيب التهذيب لابن حجر ج3. ص125].
6- طاعة الأسد لابن عمر رضي الله عنهما
قال الامام السبكي أثناء ذكره لكرامات الأولياء : ومنها على يد ابن عمر رضى الله عنهما ، حيث قال للأسد الذي منع الناس الطريق : تنح ، فبصبص بذنبه وذهب .
طبقات الشافعية الكبرى ج2 ص 332
ومثله بلفظ اخر الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام للقرطبي ص 383
7- سيطرة بعض الصحابة على النار
قال الإمام السبكي :
ومنها قصة النار الخارجة من الجبل كانت تخرج من كهف فى جبل فتحرق ما أصابت ، فخرجت فى زمن عمر فأمر أبا موسى الأشعري أو تميماً الداري أنْ يدخلها الكهف فجعل يحبسها بردائه حتى أدخلها الكهف فلم تخرج بعد .
قال الإمام السبكي : قلت : ولعله قصد بذلك منع أذاها
طبقات الشافعية الكبرى ج2 ص 326
8- قصة عبور العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه البحر على فرسه ونبع الماء بدعائه.
أخرجه ابن سعد في الطبقات [كان أبو هريرة يقول: (رأيتُ من العلاء بن الحضرمي ثلاثةَ أشياء لا أزال أحبه أبداً، رأيته قطع البحر على فرسه يوم دارينَ. وقدم من المدينة يريد البحرين، فلما كانوا بالدهناء نفد ماؤهم، فدعا الله فنبع لهم من تحت رملة، فارتووا وارتحلوا، وأنسي رجل منهم بعض متاعه، فرجع فأخذه ولم يجد الماء. وخرجتُ معه من البحرين إِلى صف البصرة فلما كنا بلِياسٍ مات ونحن على غير ماء، فأبدى الله لنا سحابة فمُطرنا فغسلناه وحفرنا له بسيوفنا ولم نُلْحِدْ له، فرجعنا لنُلْحِدَ له فلم نجد موضع قبره).
الطبقات الكبرى لابن سعد. ج4. ص363].
طبقات الشافعية الكبرى ج2 ص 333 .
الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام للقرطبي ص 383
9- مشي سيدنا أبا مسلم الخولاني علي الماء
قال أحمد بن حنبل في كتاب الزهد : حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا سليمان ، عن حميد بن هلال أو غيره : أنّ أبا مسلم الخولاني مر بدجلة وهي ترمي بالخشب من مدها فمشى على الماء ثم التفت إلى أصحابه فقال : هل تفقدون من متاعكم شيئا فتدعوا الله عز وجل
كتاب الزهد لأحمد بن حنبل ص 383
كرامات الأولياء للالكائي الطبري ص 185 رقم 142
قال ابن تيمية :
وكان العنسي قد استولى على أرض اليمن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثم قتله الله على أيدي عباده المؤمنين ، وكان قد طلب من أبي مسلم الخولاني أنْ يتابعه فامتنع ، فألقاه في النار فجعلها الله عليه برداً وسلاماً كما جرى لإبراهيم الخليل صلوات الله عليه ، وذلك مع صلاته وذكره ودعائه لله مع سكينة ووقار . مجموع فتاوى ابن تيمية ج11 ص 666 ، 667
وقال ابن تيمية أيضا في كتاب النبوات
: فأنّ أبا مسلم الخولاني وغيره صارت النـار عليهم بـردا وسلاما .كتاب النبوات ص 296
وقد ذكر القصة مطولة مسنده ابن كثيره وغيره
البداية والنهاية ج6 ص 267 ، وراجع أيضاً : تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج27 ص 200 ، 201 ط. دار الفكر / دمشق ، الاستيعاب في معرفة الأصحاب ج1 ص 556 صفة الصفوة لابن الجوزي ج4 ص 208 ط. دار المعرفة / بيروت سنة 1399هـ - 1979م.
رابعاً:- من آثار التابعين والصالحين وأقوال علماء الأمة الإسلامية
أولاً أقوال العلماء
1- قال الإمام القرطبي أثناء حديثه عن كرامات الأولياء :
وأما التابعون فقد ظهرت لهم من الكرامات والخيرات ما لا يمكن استيفاء ذكره في هذا الكتاب ، فقد كان كثير منهم يمشي على الماء ، ويطير في الهواء ، وينظر إلى الحصى فيصير جواهر ، وينظر الآخر إلى الأرض بين يديه فيصير ذهبا وتطوى له الأرض ، ويتوضأ فيسيل الماء من بين يديه قضبان ذهب ، ويدعو الله تعالى فيبرئ المرضى والمجانين والزمناء إلى ما لا يحصى كثرة ،وقد دون من هذا كثير يقضى منه العجب في كتب كرامات الأولياء ولو لم يكن من هذا إلا قبر معروف الكرخي الكائن ببغداد لكان فيه كفاية ، وأعظم آية وذلك أن قبره يستشفى به ويدعى الله عنده فيشفى المريض وتقضى الحاجة ، حتى أن أهل بغداد يقولون : قبر معروف الكرخي ترياق مجرب .
إعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 384
2- قال الإمام التفتازاني
(وبالجملة وظهور كرامات الأولياء يكاد يلحق بظهور معجزات الأنبياء ،وإنكارها ليس بعجيب من أهل البدع والأهواء، إذْ لم يشاهدوا ذلك من أنفسهم قط ، ولم يسمعوا من رؤسائهم الذين يزعمون أنهم على شيء من اجتهادهم في أمور العبادات، واجتناب السيئات ، فوقعوا في أولياء الله تعالى أصحابالكرامات يمزقون أديمهم ، ويمضغون لحومهم، لا يسمونهم إلا باسم الجهل المتصوفة ولا يعدونهم إلا في عداد آحاد المبتدعة.. )شرح المقاصد ج5 ص 75
3- قال الإمام عبد القاهر البغدادي
قال في كتابه أصول الدين: أنكرت القدرية كرامات الأولياء على وجه ينقض العادة ، وأثبتها الموحدون لاستفاضة الخبر عن صاحب سليمان في إتيانه بعرش بلقيس قبل ارتداد الطرف إليه، ومنها رؤية عمر رضي الله عنه على منبره بالمدينة جيشه بنهاوند، حتى قال يا سارية الجبل وسمع سارية ذلك الصوت على مسافة زهاء خمسماية فرسخ حتى صعد الجبل وفتح منه الكمين للعدو، وكان ذلك سبب الفتح، ومنها قصة سفينة مولى سول الله صلى الله عليه وسلم مع الأسد، وقصة عمير الطائي مع الذيب حتى قيل له كليم الذيب، وقصة أهبان بن صيفي وأبي ذر الغفاري مع الوحش وما أشبه ذلك كثير مما حُرمه أهل القدر بشؤم بدعتهم.
أصول الدين ص 184 ، 185 ط.دار الكتب العلمية / بيروت الطبعة الثالثة سنة 1401هـ - 1981م .
4- الإمام الفخر الرازي
يقول في كتاب الأربعين في مقام إثبات كرامات الأولياء: إنّ حدوث الحبل لمريم من غير الذكر من خوارق العادات ، وحضور الرزق عندها من غير سبب ظاهر من خوارق العادات ، وأنها ما كانت من الأنبياء فوجب أن يقال: أن تكون هذه الوقائع من كرامات الأولياء.
ثم قال:
فإنْ قيل: لم لا يجوز أنْ يقال: إنّ تلك الخوارق كانت معجزات لنبي ذلك وهو زكريا عليه السلام؟ قلنا: هذا باطل لوجوه:
الأول: أنّ المعجزة لابد أنْ تكون أمراً ظاهراً للمنكرين حتى يمكن الإستدلال بها المنكر، وظهور جبريل عليه السلام لمريم وحبلها من غير ذكر ما كان يطلع عليه أحد إلا مريم، فكيف يمكن جعل هذه الأشياء معجزة لزكريا عليه السلام.
ثانيها: أنّ عند ظهور المعجز لبعض الأنبياء لا بد أنْ يكون الرسول حاضراً ولا بد أنْ يكون القوم حاضرين حتى يتمكن ذلك الرسول من الإستدلال بالمعجز ، وفي الوقت الذي كان يقول جبريل عليه السلام لمريم : ) وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً ( (مريم : 25 ) ما كان زكريا حاضراً هناك حتى يُستدل بظهور هذه الخوارق على نبوة نفسه ، بل ما كان أحد من البشر هناك حاضراً بدليل قوله تعالى : ) فإما ترين من البشر فقولي إني نذرت للرحمن صوماً) سورة مريم: 26 فبطل القول بأنّ هذه الأشياء معجزة لزكريا عليه السلام .
ثالثها: إنّ حصول المعجزة لابد أنْ يكون بالتماس الرسول ، وكان النبي زكريا عليه السلام غافلاً عن كيفية حدوث هذه الأشياء بدليل قوله تعالى: (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله) فدل هذا على أنّ ذلك ما كان معجزة لزكريا عليه السلام .
ورابعها: أنه تعالى ذكر هذه الخوارق في معرض تعظيم حال مريم، ولم يذكر معها ما شعر بجعلها معجزة لأحد من الأنبياء، ولو كان المقصود منها إظهار تصديق زكريا لا إظهار كرامة لمريم لكان ذكر زكريا عند ذكر هذه الخوارق أولى من ذكر مريم، ولما لم يكن الأمر كذلك علمنا أنّ المقصود منها إكرام مريم لا تصديق زكريا.
الحجة الثانية : أنّ الله تعالى أبقى أصحاب الكهف ثلاث مائة سنة وأزيد في النوم، أحياء من غير آفة، وهم ما كانوا من الأنبياء، فوجب أنْ يكون هذا من باب الكرامات.
كتاب الأربعين في أصول الدين ج2 ص 202 ، 203 ط. مكتبة الكليات الأزهرية / القاهرة سنة 1406 هـ - 1986م .
5- الإمام السفاريني الحنبلي
يقول محمد السفاريني الحنبلي في لوامع الأنوار البهية
ويقول أيضاً: والحاصل أنّ الكرامة لا بد أنْ تكون أمراً خارقاً للعادة أتى ذلك الخارق عن إمرئ صالح ، وهو الولي العارف بالله وصفاته حسب ما يمكن ، المواضب على الطاعات المجتنب عن المعاصي المعرض عن الإنهماك في الملذات والشهوات من ذكر وأنثى ، ولا بد أنْ يكون هذا الخارق في زماننا وبعده وقبله منذ بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من إنسان تابع لشرعنا معشر المسلمين ... الخ .
لوامع الأنوار البهية ج2 ص 392 .
وقال أيضاً:
ومن أي أي إنسان كائنا من كان نفاها (كرامات ألأولياء) فلم يقل بجوازها فضلاً عن وقوعها من ذوي أي أصحاب الضلال والزيغ عن نهج أهل السنة والاعتزال وكذا من نحا نحوهم من أهل السنة كالأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني وأبي عبد الله الحليمي من الأشاعرة فقد أتى في ذاك النفي وعدم التجويز لها بالمحال المنابذ للبرهان والعيان وثبوتها في السنن المتواترة ومحكم القرآن ، فمع هذه الأدلة المتواترة والوقائع المتكاثرة فالإنكار لها مكابرة غير منظور إليه ولا معول عليه.
لوامع الأنوار البهية ج2 ص 394 .
6- الغزنوي الحنفي
يقول جمال الدين أحمد بن محمد الغزنوي الحنفي في أصول الدين:
ظهور كرامات الأولياء على طريق نقض العادة وخرقها جائز ، لأنه في قدرة الله تعالى ممكن ، وليس فيه وجه من وجوه الاستحالة ، ويجوز أنْ الله تعالى أكرم ولياً بكل آية يخصه ، بذلك ثبت بالكتاب والسنة.
كتاب أصول الدين ص 162 ، 163 ط. دار البشائر الإسلامية / بيروت سنة 1419 هـ- 1998م.
7- ابن خلدون
يقول ابن خلدون أثناء كلامه عن المتصوفة:
وأما الكلام في كرامات القوم وإخبارهم بالمغيبات وتصرفهم في الكائنات فأمر صحيح غير منكر.
إلى أنْ قال:
مع أنّ الوجود شاهد بوقوع الكثير من هذه الكرامات، وإنكارها نوع مكابرة وقد وقع للصحابة وأكابر السلف كثير من ذلك، وهو معلوم مشهور.
مقدمة ابن خلدون، ص 471، ط .دار الفكر، بيروت، سنة 1419 هـ - 1998م .
8- محمد بن سلوم
يقول في مختصر لوامع الأنوار البهية:
في ذكر كرامات الأولياء وإثباتها وهذا من العقائد السلفية التي يجب اعتقادها .
مختصر لوامع الأنوار البهية ص 534 ط. دار الكتب العلمية / بيروت سنة 1403هـ - 1983م .
وقال أيضاً:
ومن أي أي إنسان كان نفاها أي كرامات الأولياء من ذوي أي أصحاب الضلال والزيغ، فقد أتى ذاك النفي وعدم التجويز لها بالمحال المنابذ للبرهان والعيان، وثبوتها في السنن المتواترة ومحكم القرآن، ولهذا قال معللاً لما ارتكبوا في نفيها من المحال: لأنها أي كرامات الأولياء كثيرة شهيرة، ولم تزل تظهر في كل عصر من العصور الماضية وإلى الآن من المشيء على الماء كما نقل عن كثير من الأولياء من الصحابة وغيرهم ...الخ .
مختصر لوامع ألأنوار البهية، ص 537 .
9- الإمام ابن عابدين الحنفي
يقول:
ذكروا في كتب العقائد أنّ من جملة كرامات الأولياء الإطلاع على بعض المغيبات ... الخ .
حاشية ابن عابدين، ج3، ص 20، ط.دار الفكر، بيروت .
10- الإمام أبو إسحاق الشاطبي الغرناطي:
قال في الموافقات:
إنّ جميع ما أعطيته هذه الأمة من المزايا والكرامات والمكاشفات والتأييدات وغيرها من الفضائل، إنما هي مقتبسة من مشكاة نبينا، لكن على مقدار الإتباع، فلا يظن ظان أنه حصل على خير بدون وساطة نبوية، كيف وهو السراج المنير الذي يستضيء به الجميع، والعلم الأعلى الذي يهتدى به في سلوك الطريق.
ولعل قائلاً يقول: قد ظهرت على أيدي الأمة أمور لم تظهر على يد النبي ولا سيما الخواص التي اختص بها بعضهم، كفرار الشيطان من ظل عمر رضي الله عنه، وقد نازع النبي عليه الصلاة والسلام في صلاته الشيطان، وقال لعمر: ما سلكت فجاً إلا سلك الشيطان فجاً غير فجك، وجاء في عثمان بن عفان رضي الله عنه أنّ ملائكة السماء تستحي منه، ولم يرد مثل هذا بالنسبة إلى النبي، وجاء في أسيد بن حضير وعباد بن بشر أنهما خرجا من عند رسول الله في ليلة مظلمة، فإذا نور بين أيديهما، حتى تفرقا، فافترق النور معهما، ولم يؤثر مثل ذلك عنه عليه الصلاة والسلام إلى غير ذلك من المنقولات عن الصحابة ومن بعدهم، مما لم ينقل أنه ظهر مثله على يد النبي.
فيقال: كل ما ينقل عن الأولياء أو العلماء إلى يوم القيامة من الأحوال والخوراق والفهوم وغيرها ، فهي أفراد وجزئيات داخلة تحت كليات ما نقل عن النبي ، غير أنّ أفراد الجنس وجزئيات الكلي قد تختص بأوصاف تليق بالجزئي من حيث هو جزئي ، وإنْ لم يتصف بها الكلي من جهة ما هو كلي ، ولا يدل ذلك على أنّ للجزئي مزية على الكلي ... الخ.
الموافقات في أصول الشريعة للشاطبي، ج2، ص 197 ، 198، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، سنة 1411هـ- 1991م .
ويقول أيضاً:
عمل الصحابة رضي الله عنهم بمثل ذلك من الفراسة والكشف والإلهام والوحي النومي كقول أبي بكر : إنما هو أخواك وأختاك ، وقول عمر : يا سارية الجبل ، فأعمل النصيحة التي أنبأ عنها الكشف ، ونهيه لمن أراد أنْ يقص على الناس وقال : أخاف أنْ تنتفخ حتى تبلغ الثريا ، وقوله لمن قص عليه رؤياه أنّ الشمس والقمر رآهما يقتتلان فقال : مع أيهما كنت ؟ قال : مع القمر . قال : كنت مع الاية الممحوة لا تلي عملاً أبداً ، ويكثر نقل مثل هذا عن السلف الصالح ومن بعدهم من العلماء والأولياء نفع الله بهم.
الموافقات في أصول الشريعة، ج2، ص 202 .
11- الحافظ ابن كثير وكرامات الأولياء معجزات الأنبياء
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"ذكر غير واحد من العلماء أنّ كرامات الأولياء معجزات للأنبياء؛ لأنّ الوليّ إنّما نال ذلك ببركة متابعته لنبيّه وثواب إيمانه". البداية والنهاية 6163
12- الإمام الصاوي والنفراوي
قال الصاوي : قال في حاشية المجموع : ورأيت بخط النفراوي شارح الرسالة : لو أحي ميت كرامة لولي ، ثم مات وجب له غسل وتجهيز .
حاشية الصاوي على الشرح الصغير ص 564
13- ما ذكره ابن حجر الهيتمي
يقول الإمام ابن حجر الهيتمي أثناء كلامه عن الأولياء وكراماتهم : ثم الصحيح أنهم ينتهون إلى إحياء الموتى خلافاً لأبي القاسم القشيري ، ومن ثم قال الزركشي : ما قاله ضعيف ، والجمهور على خلافه ، وقد أنكر عليه حتى ولده أبو نصر في كتابه المرشد ، فقال عقب تلك المقالة : والصحيح تجويز جملة خوارق العادات كرامة للأولياء ، وكذا في إرشاد إمام الحرمين ، وفي شرح مسلم للنووي تجوز الكرامات بخوارق العادات على اختلاف أنواعها ، وخصها بعضهم بإجابة دعوة ونحوها ، وهذا غلط من قائله وإنكار للحس ، بل الصواب جريانها بانقلاب الأعيان ونحوه.
الفتاوى الحديثية ص 108
14- ابن تيمية وآيات الأولياء من جملة آيات الأنبياء
(والقول الثاني وهو القول الصحيح أن آيات الأولياء هي من جملة آيات الانبياء فإنها مستلزمة لنبوتهم ولصدق الخبر بنبوتهم فإنه لولا ذلك لما كان هؤلاء أولياء ولم تكن لهم كرامات)
مجموع الفتاوي ج1 ص 218
ويقول ابن تيمية رحمه الله
في المجلد العاشر من فتاواه ( 10 / 549 ) :
[ حدثني أبي عن محيي الدين بن النحاس ، وأظني سمعتها منه : أنه رأى الشيخ عبد القادر في منامه وهو يقول إخبارا عن الحق تعالى : ( من جاءنا تلقيناه من البعيد ، ومن تصرف بحولنا ألنا له الحديد ، ومن اتبع مرادنا أردنا ما يريد ، ومن ترك من أجلنا أعطيناه فوق المزيد ) .
قلت : هذا من جهة الرب تبارك وتعالى .
فالأولتان العبادة والاستعانة ، والآخرتان الطاعة والمعصية .
فالذهاب إلى الله هي عبادته وحده ، كما قال تعالى : (( من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة )) .
والتقرب بحوله هو الاستعانة والتوكل عليه ، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله .
وفي الأثر (( من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله )) .
وعن سعيد بن جبير : (( التوكل جماع الإيمان )) ، وقال تعالى : (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) ، وقال : (( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم )) .
وهذا على أصح القولين أيضا سبب لجلب المنافع ودفع المضار ، فإنه يفيد قوة العبد وتصريف الكون ، ولهذا هو الغالب على ذوي الأحوال متشرعهم وغير متشرعهم ، وبه يتصرفون ويؤثرون ، تارة بما يوافق الأمر ، وتارة بما يخالفه.
وقوله ( من اتبع مرادنا ) يعني المراد الشرعي ، كقوله : (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) ،
وقوله : (( يريد الله أن يخفف عنكم )) ،
وقوله : (( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم )) ، هذا هو طاعة أمره .
وقد جاء في الحديث : (( وأنت يا عمر لو أطعت الله لأطاعك ))(1)، و
في الحديث الصحيح : (( ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه )) .. ]
15- قال الشيخ ابن تيمية الحراني.
في مجموع الفتاوى ( 4 / 376 - 377 ) مانصه :
( وجاء تفسير ذلك فى آثار أن من عباد الله يقول :
من لو اقسم على الله أن يزيل جبلا أو الجبال عن أماكنها لأزالها وان لا يقيم القيامة لما اقامها .
وهذا مبالغة ، ولا يقال إن ذلك بفضل بقوة خلقت فيه وهذا بدعوة يدعوها لأنهما فى الحقيقة يؤولان الى واحد هو مقصود القدرة ومطلوب القوة وما من أجله يفضل القوى على الضعيف .
ثم هب ان هذا فى الدنيا فكيف تصنعون فى الآخرة وقد جاء فى الاثر ( ياعبدى أنا أقول للشىء كن فيكون أطعنى أجعلك تقول للشىء كن فيكون يا عبدى انا الحى الذى لايموت أطعنى أجعلك حيا لا تموت) وفى أثر ( أن المؤمن تأتيه التحف من الله من الحى الذى لا يموت الى الحى الذى لا يموت ) فهذه غاية ليس وراءها مرمى كيف لا وهو بالله يسمع وبه يبصر وبه يبطش وبه يمشى فلا يقوم لقوته قوة ) أهـ !!!!!!!!..
16- يقول ابن تيمية في كتاب النبوات :
وقد يكون إحياء الموتى على يد أتباع الأنبياء كما وقع لطائفة من هذه الأمة .
كتاب النبوات ص 298
يقول أثناء مناقشته للنصارى : فيزعمون أنّ الحواريين أو هؤلاء جرت علي أيديهم خوارق ، وقد يذكرون أن منهم من جرى إحياء الموتى على يديه ، وهذا إذا كان صحيحا مع أن صاحبه لم يذكر أنه نبي لا يدل على عصمته ، فإن أولياء الله من الصحابة والتابعين بعدهم بإحسان وسائر أولياء الله من هذه الأمة وغيرها لهم من خوارق العادات ما يطول وصفه وليس فيهم معصوم يجب قبول كل ما يقول بل يجوز الغلط على كل واحد منهم وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا الأنبياء عليهم السلام .
الجواب الصحيح ج2 ص 400
ثانثاً:- بعض ما ذكره الائمة عن أخبار الصالحين
1- ولادة امرأة حبلي منذ اربع سنوات بدعاء مالك بن دينار
قال الـدارقطني في سننه : حـدثنا محمـد بن مخلّـد ، حـدثنا أبو شعيب صالح بن عمران الدعّاء ، حدثني أحمد بن غسان ، حدثنا هاشم بن يحيى الفراء المجاشعي قال : بينما مالك بن دينار يوماً جالساً إذ جاءه رجل فقال : يا أبا يحيى ادع لامرأة حبلى منذ أربع سنين قد أصبحت في كرب شديد ، فغضب مالك وأطبق المصحف فقال : ما يرى القوم إلا أنا أنبياء ، ثم قرأ ثم دعا ، ثم قال : اللهم هذه المرأة إن كان في بطنها ريح فأخرجه عنها الساعة ، وإن كان في بطنها جارية فأبدلها بها غلاماً ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب ، ثم رفع مالك يده ورفع الناس أيديهم وجاء الرسول إلى الرجل فقال : أدرك امرأتك ، فذهب الرجل فما حط مالك يده حتى طلع الرجل من باب المسجد على رقبته غلام جعد قطط بن أربع سنين قد أستوت أسنانه ما قطعت سراره .
سنن الدارقطني ج3 ص 322
وانظر ايضاً السنن الكبرى للبيهقي ج7 ص و تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج56 ص 429 ، كرامات الأولياء للالكائي الطبري ص 216 رقم 184 .
2- تسخير الحيوانات
جاء في (المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد ج: 2 ص: 391) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح المتوفى سنة 884هـ : 919 محمد بن الحسن بن جعفر الراذاني المقرىء الفقيه لصاحب صحب القاضي أبا يعلى وكان زاهدا ورعا عالما بالقراءات وغيرها وممن تفقه عليه قال ابن السمعاني كان فقيها مقرئا من الزهاد المنقطعين والعباد الورعين مجاب الدعوة صاحب كرامات وأراد مرة أن يخرج إلى الصلاة فجاء ابنه وهو صغير فقال يا ابي أريد غزالا ألع به فسكت الشيخ وقال غدا يجيئك غزال فلما كان الغد جاء غزال ووقف على باب الشيخ وجعل يضرب بقرنه الباب إلى أن فتحوا له ودخل فقال الشيخ لابنه يا بني جاءك الغزال ورئي بعرفة في سنة لم يحج فيها ولم يخرج من بلده وصله إنسان بالطلاق أنه رآه فيها فأخبر الشيخ بذلك فقال أجمعت الأمة قاطبة على أن إبليس عدو الله يسير من المشرق إلى المغرب في افتتان مسلم أو مسلة في لحظة واحدة فلا ينكر العبد من عباد الله أن يمضي في طاعة الله بإذن الله في ليلة إلى مكة ويعود ثم التفت إلى الحالف وقال طب نفسا فإن زوجتك معك حلال توفي يوم الأحد رابع عشر جمادى الأولى سنة أربع وتسعين وأربعمائة .
3- تسخير الغمام بالدعوة المستجابة
وأيضأً في (تهذيب التهذيب ج: 5 ص: 223) لأحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي (773-852هـ) : 444 ع ص الستة والنسائي في خصائص علي عبد الله بن شريك العامري الكوفي: قال بن أبي حاتم عن أبي زرعة ثقة وقال العجلي ثقة وكان يحمل على علي وقال الجريري كان عبد الله بن شقيق مجاب الدعوة كانت تمر به السحابة فيقول اللهم لا تجوز كذا وكذا حتى تمطر فلا تجوز ذلك الموضع حتى تمطر حكاه بن أبي خيثمة في تاريخه.
4- دعا بتأخير أجله فاستجاب الله له:
جاء في (كرامات الأولياء ج: 1 ص: 129) لهبة الله بن الحسن الطبري اللالكائي المتوفى سنة 418هـ: 79 أخبرنا علي بن محمد بن عيسى قال أنا علي بن محمد الواعظ قال ثنا يوسف يعني ابن يزيد قال ثنا أسد قال ثنا حاتم بن إسماعيل قال ثنا يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن جده قال دعا سعد فقال يا رب إن لي بنين صغارا فأخر عني الموت حتى يبلغوا فأخر عنه الموت عشرين سنة..!!
وأيضاً في (صفوة الصفوة ج: 1 ص: 360) لعبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج (510-597هـ) : وعن يحيى بن عبد الرحمن بن لبيبة عن جده قال دعا سعد فقال يا رب إن لي بنين صغارا فأخر عني الموت حتى يبلغوا فأخر عنه الموت عشرين سنة. وكذالك رواه في (كرامات الأولياء ج: 1 ص: 129) لهبة الله بن الحسن الطبري اللالكائي، وفي (سير أعلام النبلاء ج: 1 ص: 117) للذهبي.
5- إخماد النار بيد تميم الداري برواية اللالكائي وغيره:
جاء في (كرامات الأولياء ج: 1 ص: 157) لهبة الله بن الحسن الطبري اللالكائي المتوفى سنة 418هـ : في سياق حديثه عن كرامات تميم الداري رحمة الله عليه 113 أخبرنا علي بن محمد بن علي بن يعقوب قال ثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن مالك قال ثنا الفضل بن حباب الجمحي قال ثنا محمد بن عنبسة الخزاعي قال ثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي العلاء أن معاوية بن حرمل ختن مسيلمة الكذاب قال قدمت المدينة فبقيت ثلاثة أيام لا أطعم شيئا فأتيت عمر بن الخطاب فقال اذهب فانزل على خير أهل المدينة فدخلت المسجد فإذا فيه رجل لما صلى العصر ضرب بيده إلى من عن يمينه وشماله فذهب بهما إلى منزله فإذا هو تميم الداري فصليت إلى جنبه فضرب بيده إلي وإلى أخي فذهب بنا إلى منزله ووضعت المائدة وجيء بالطعام فأكلنا أكلا شديدا فلبثنا أياما فخرجت نار من غار في الحرة فجاء عمر بن الخطاب فقال يا تميم أنت لها فقال يا أمير المؤمنين أنا وما عسى أن أكون أنا قال أقسمت عليك لما قمت فقام فاتبعته فجعل يحوشها حتى أدخلها الغار الذي خرجت منه فقال عمر رضي الله عنه ما من شهد كمن لم يشهد وما من رأى كمن لم ير..وأخرجه أبو نعيم في (الدلائل ص212) عن معاوية بن حرمل، وأخرجه البيهقي عنه، قال : خرجت نار بالحرة، وذكر نحوه كما في (البداية ج6 ص153)، وأخرجه البغوي عنه، قال: قدمت على عمر فقلت: يا (كذا)، تائب من قبل أن يقدر عليَّ، فقال: من أنت؟ فقلت: معاوية بن حرمل خَتَن مسيلة (أي زوج ابنته)، قال: إذهب فانزل على خير أهل المدينة، قال: على تميم الداري، فبينا نحن نتحدث؛ إذ خرجت نار بالحرة، فجاء عمر إلى تميم، فقال: يا تميم، اخرج: فقال: وما أنا؟ وما تخشى أن يبلغ من أمري؟ فصغر نفسه، ثم قام فحاشها حتى أدخلها الباب الذي خرجت منه، ثم اقتحم في أثرها، ثم خرج فلم تضره.. كذا في (الإصابة ج3 ص 497)، وأخرجه أبو نعيم في (الدلائل ص 212) عن ضمرة عن مرزوق مختصراً، وفي روايته: فقال عمر: لمثل هذا نحبك با أبا رقية.
6- تحويل الأرض إلى ذهب
جاء في (الروض الفائق ص 126) :
عن الحسن البصري رحمة الله عليه قال : كان بعبادان رجل فقير أسود يأوي إلى الخرابات فحصل معي شيء فطلبته فلما وقعت عينه علي تبسم وأشار بيده إلى الأرض فصارت الأرض كلها ذهبا تلمع ثم قال : هات ما معك. فناولته وهالني أمره فهربت.
7-- تحويل الحصى تبر
جاء في (تذكرة الحفاظ ج: 1 ص: 185) لمحمد بن طاهر بن القيسراني (448-507هـ) : ع حيوة بن شريح الامام القدوة أبو زرعة التجيبي المصري شيخ الديار المصرية، وروى احمد بن سهل الأردني عن خالد بن الفزر قال كان حيوة بن شريح من البكائين وكان ضيق الحال جدا فجلست وهو متخل يدعو فقلت لو دعوت أن يوسع عليك فالتفت يمينا وشمالا فلم ير أحدا فأخذ حصاة فرمى الي بها فإذا هي والله تبرة ما رأيت أحسن منها وقال ما خير في الدنيا الا الآخرة ثم قال هو اعلم بما يصلح عباده فقلت وما اصنع بهذه قال استنفقها فهبته والله ان أرد.
8- الأم التي أحيت ولدها
أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت بسنده عن أنس بن مالك : عدت شاباً من الأنصار ، فما كان بأسرع أنْ مات ، فأغمضناه ، ومددنا عليه الثوب ، فقال بعضنا لأمه : احتسبيه .
قالت : وقد مات ؟!
قلنا : نعم . قالت : أحق ما تقولون ؟! قلنا : نعم .
فمدت يدها نحو السماء وقالت : اللهم إني آمنت بك ، وهاجرت إلى رسولك ، فإذا أنزلت بي شدة شديدة ففرجتها ، فأسألك اللهم أنْ لا تحمل عليّ هذه المصيبة اليوم .
قال : فانكشف الثوب عن وجهه ، فما برحنا حتى أكلنا وأكل معنا
من عاش بعد الموت لابن أبي الدنيا ص 28 ،
9- قال الحافظ جلال الدين السيوطي : وأخرج ابن الجوزي في كتاب عيون الحكايات :
بسنده عن أبي علي الضرير ، وهو أول من سكن طرسوس حين بناها أبو مسلم ، قال : إنّ ثلاثة إخوة من الشام كانوا يغزون ، وكانوا فرساناً شجعاناً ، فأسرهم الروم مرة ، فقال لهم الملك : إني أجعل فيكم الملك ، وأزوجكم بناتي ، وتدخلون في النصرانية ، فأبوا ، وقالوا : يا محمداه ، فأمر الملك بثلاثة قدور ، فصب فيها الزيت ، ثم أوقد تحتها ثلاثة أيام ، يُعرضون في كل يوم على تلك القدور ، ويدعون إلى دين النصرانية فيأبون ، فألقي الأكبر في القدر ، ثم الثاني ، ثم أدني الأصغر ، فجعل يفتنه عن دينه بكل أمر ، فقام إليه علج فقال : أيها الملك ، أنا أفتنه عن دينه . قال : بماذا ؟ قال : قد علمت أنّ العرب أسـرع شيء إلى النساء ، وليس في الروم أجمل من ابنتي ، فادفعه إليّ حتى أخليه معها ، فإنها ستفتنه ، فضرب له أجلاً أربعين يوماً ، ودفعته إليه ، فجاء به فأدخله مع ابنته ، وأخبرها بالأمر ، فقالت : دعه فقد كفيتك أمره ، فأقام معها ، نهاره صائم ، وليله قائم حتى مرّ أكثر الأجل ، فقال العلج لابنته : ما صنعت ؟ قالت : هذا رجل فقد أخويه في هذه البلدة ، فأخاف أنْ يكون امتناعه من أجلهما كلما رأى آثارهما ، ولكن استزد الملك في الأجل ، وانقلني وإياه إلى بلد غير هذا ، فزاده أياماً ، فأخرجهما إلى قرية أخرى ، فمكث على ذلك أياماً ، صائم النهار ، قائم الليل ، حتى إذا بقي من الأجل أيام ، قالت له الجارية : يا هذا ، إني أراك تقدس رباً عظيماً ، إني قد دخلت معك في دينك ، وتركت دين آبائي ، قال لها : فكيف الحيلة في الهرب ؟ قالت : أنا أحتال لك ، وجاءته بدابة فركبها ، فكانا يسيران بالليل ، ويكمنان بالنهار ، فبينما هما يسيران ليلة إذْ سمعا وقع خيل ، فإذا هو بأخويه ومعهما ملائكة رسل إليه ، فسلم عليهما وسألهما عن حالهما ، فقالا : ما كانت إلا الغطسة التي رأيت حتى خرجنا في الفردوس ، وإنّ الله أرسلنا إليك لنشهد تزويجك بهذه الفتاة ، فزوّجوه ورجعوا ، وخرج إلى بلاد الشام ، فأقام معها ، وكانا مشهورين بذلك ، معروفين بالشام في الزمن الأول
شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور للسيوطي ص 212 ، 213
10- ذكر ابن الجوزي في مناقب أحمد بن حنبل بالإسناد عن أبي حفص القاضي ، قال :
قدم على أبي عبد الله أحمد بن حنبل رجلٌ من بحر الهند فقال : إني رجلٌ من بحر الهند خرجت أريد الصين ، فأصيب مركبنا ، فأتاني راكبان على موجة من أمواج البحر ، فقال لي أحدهما : أتحب أنْ يخلصك الله على أنْ تقرئ أحمد بن حنبل منا السلام ؟ قلت : ومن أحمد ؟ ومن أنتما يرحمكما الله ؟ قال : أنا إلياس ، وهذا الملك الموكل بجزائر البحر ، وأحمد بن حنبل بالعراق ، قلت : نعم ، فنفضني البحر نفضة فإذا أنا بساحل الأبلة ، فقد جئتك أبلغك السلام .
مناقب أحمد بن حنبل لابن الجوزي ص 190
11- قال ابن عساكر :
أخبرني أبو المظفر الصوفي ، أنبأنا أبو بكر الحافظ ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة ، حدثني أبو محمد المقرئ البغدادي ، حدثنا جعفر بن محمد صاحب بشر قال : اعتل بشر بن الحارث فعادته آمنة الرملية من الرملة فإنها لعنده ، إذ دخل أحمد بن حنبل يعوده فقال : مـن هذه ؟ فقال : هذه آمنة الرملية بلغتها علتي فجاءتني من الرملة تعودني قال فسلها تدعو لنا قالت : اللهم إن بشر بن الحارث وأحمد بن حنبل يستجيرانك من النار فأجرهما ، فقال أحمد : فانصرفت ، فلما كان من الليل طرحت إلي رقعة فيها مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم قد فعلنا ولدينا مزيد
تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج5 ص 340
12- وقال السبكي في ترجمة أبي بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي :
وقد ألف في مناقبه حفيده الشيخ أبو عبد الله محمد بن الشيخ عمر بن الشيخ أبي بكر مصنفا حسنا وأنا أذكر بعض ما فيه :
إلى أنْ قال نقلاً عن حفيده : سمعته يوما وقد دخل إلى البيت وهو يقول لزوجته : ولدك قد أخذه قطاع الطريق في هذه الساعة ، وهم يريدون قتله وقتل رفاقه فراعها قول الشيخ رضي الله عنه فسمعته يقول لها : لا بأس عليك ، وإني قد حجبتهم عن أذاه وأذى رفاقه ، غير أن مالهم يذهب وغدا إن شاء الله يصل هو ورفاقه، فلما كان من الغد وصلوا كما ذكر الشيخ وكنت فيمن تلقاهم وأنا يومئذ ابن ست سنين وذلك سنة ست وخمسين وستمائة .
طبقات الشافعية الكبرى ج8 ص 403
13- قال اللالكائي الطبري في كرامات الأولياء :
أخبرنا عبيد الله بن محمد بن أحمد ، أنبانا جعفر بن محمد بن نصير ، حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق ، قال حدثنا محمد بن الحسين البرجلاني ، قال حدثنا محمد بن عبيد ، قال حدثنا حيان ، عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : كنت في زرع لي إذ أقبلت سحابة تزهي . قال فسمعت فيها صوتا : أمطري زرع فلان ! قال : فأتيت الرجل ، قال : فسألته ما تصنع بزرعك ؟ قال أبذر ثلاثة وآكل ثلاثة وأتصدق بثلاثة .
كرامات الأولياء ص 195 رقم 156
14- قال الإمام السبكي أثناء بيانه لما يعتقد به من كرامات الأولياء الثامن طاعة الحيوانات لهم كما في حكاية الأسد مع أبى سعيد بن أبى الخير الميهنى وقبله إبراهيم الخواص ، بل وطاعة الجمادات ، كما في حكاية سلطان العلماء شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام ، وقوله في واقعة الفرنج : يا ريح خذيهم فأخذتهم .
طبقات الشافعية الكبرى ج2 ص 340
15-قال ابن العماد الحنبلي أثناء كلامه عن محمد السروي المشهور بابن أبي الحمايل نقلاً عن المناوي :
ومن كراماته أنه شكا له أهل بلد كبير الفأر في مقات البطيخ ، فقال لرجل : ناد في الغيط رسم لكم محمد بن أبي الحمائل أن ترحلوا فلم يبق فيها فأر
شذرات الذهب ج8 ص 187 حوادث سنة ( 932هـ )
16- قال ابن قيّم الجوزية في إغاثة اللهفان :
وذكر عن مسلم بن سعيد الواسطي قال : أخبرني حماد بن جعفر بن زيد : أن أباه أخبره قال : خرجنا في غزاة إلى كابل وفي الجيش صلة بن أشيم ، فنزل الناس عند العتمة فصلوا ثم اضطجع فقلت : لأرمقن عمله فالتمس غفلة الناس حتى إذا قلت : هدأت العيون وثب فدخل غيضة قريباً منا ، فدخلت على أثره فتوضأ ثم قام يصلي ، وجاء أسد حتى دنا منه فصعدت في شجرة فتراه التفت أوعده جروا ، فلما سجد قلت : الآن يفترسه فجلس ، ثم سلم ثم قال : أيها السبع طلب الرزق من مكان آخر فولى ، وإن له لزئيرا أقول : تصدع الجبال منه قال : فما زال كذلك يصلي حتى كان عند الصبح جلس فحمد الله تعالى بمحامد لم أسمع بمثلها ثم قال : اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار ومثلي يصغر أن يجترىء أن يسألك الجنة قال : ثم رجع وأصبح كأنه بات على الحشايا وأصبحت وبي من الفترة شيء الله به عالم .
إغاثة اللهفان ج1 ص 85 ط.
176- قال اللالكائي الطبري في كرامات الأولياء :
أنبأنا علي ، أنبأنا الحسين ، حدثنا عبد الله ، حدثني محمد بن الحسين ، قال حدثنا موسى بن عيسى العابد وغيره ، قالوا ثنا ضمرة بن ربيعة ، عن فروة الأعمى مولى سعد بن أبي أمية المقرئ قال : ركب أبو ريحانة البحر وكان يخيط فيه بإبرة معه فسقطت إبرته في البحر فقال : عزمت عليك يا رب إلا رددت علي إبرتي فظهرت حتى أخذها ، قال : واشتد عليهم البحر ذات يوم فقال : اسكن أيها البحر فإنما أنت عبد حبشي. قال فسكن حتى صار كالزيت.
كرامات الأولياء ص 228 رقم 204
18- قال ابن الجوزي في صفة الصفوة في ترجمة جابر الرحبي :
أبو جعفر الخصاف قال : حدثني جابر الرحبي قال : أكثر علي أهل الرحبة ينكرون علي ما يعطي الله عز وجل أولياءه ، فخرجت إلى خارج ، فركبت السبع و دخلت إلى الرحبة و أنا أقول أين الذين يكذبون أولياء الله عز وجل ، فكفوا عني بعد ذلك ، و قال أبو جعفر الخصاف : قال لي جابر يوماً وأنا أماشيه : مر بنا نتسابق مر أنت هكذا حتى أمر أنا هكذا ، قال : فمررت أنا على الجسر فلما حصلت على الجسر التفت فإذا هو يمشي على الماء فلما التقينا قلت : من لا يحسن مثل هذا أمشي أنا على الجسر و تمشي أنت على الماء
قال : و قد رأيتني . قلت : نعم . قال : أنت رجل صالح .
صفة الصفوة ج4 ص 241 رقم 769
19- قال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب :
وذكر خادم الشيخ السيوطي محمد بن علي الحباك : أن الشيخ قال له يوما وقت القيلولة وهو عند زاوية الشيخ عبد الله الجيوشي بمصر بالقرافة : أتريد أن تصلي العصر بمكة بشرط أن تكتم ذلك على حتى أموت ، قال فقلت : نعم . قال : فأخذ بيدي وقال غمض عينيك ، فغمضتهما فرحل بي نحو سبع وعشرين خطوة ، ثم قال لي : افتح عينيك فإذا نحن بباب المعلاة فزرنا أمنا خديجة والفضيل بن عياض وسفيان بن عيينة وغيرهم ، ودخلت الحرم فطفنا وشربنا من ماء زمزم وجلسنا خلف المقام حتى صلينا العصر وطفنا وشربنا من زمزم . ثم قال لي : يا فلان ليس العجب من طي الأرض لنا ، وإنما العجب من كون أحد من أهل مصر المجاورين لم يعرفنا . ثم قال لي : إن شئت تمضي معي ، وإن شئت تقيم حتى يأتي الحاج . قال فقلت : اذهب مع سيدي فمشينا إلى باب المعلاة وقال لي غمض عينيك فغمضتهما فهرول بي سبع خطوات ثم قال لي افتح عينيك فإذا نحن بالقرب من الجيوشي فنزلنا إلى سيدي عمر بن الفارض
شذرات الذهب ج8 ص 54 حوادث سنة (911هـ)
20- قال اللالكائي الطبري في كرامات الأولياء :
أخبرنا أحمد بن عبيد ، قال أنبأنا محمد بن الحسين ، قال أنبأنا أحمد بن زهير ، قال حدثنا هارون بن معروف ، قال ثنا ضمرة ، عن السري بن يحيى قال : كان حبيب أبو محمد يرى بالبصرة يوم التروية ويرى بعرفة عشية عرفة .
كرامات الأولياء ص 221 رقم 193
21- قال ابن كثير في البداية والنهاية :
وروى ابن عساكر أنه كان قد عاهد أبا سليمان الدارني ألا يغضبه ولا يخالفه ، فجاءه يوما وهو يحدث الناس فقال : يا سيدي ، هذا قد سجروا التنور ، فماذا تأمر فلم يرد عليه أبو سليمان لشغله بالناس ، ثم أعادها أحمد ثانية ، وقال له في الثالثة : اذهب فاقعد فيه ثم اشتغل أبو سليمان في حديث الناس ثم استفاق ، فقال لمن حضره : إني قلت لأحمد : اذهب فاقعد في التنور وإني أحسب أن يكون قد فعل ذلك ، فقوموا بنا إليه فذهبوا ، فوجدوه جالساً في التنور ، ولم يحترق منه شيء ولا شعرة واحدة .
البداية والنهاية ج10 ص 363 حوادث سنة (246هـ)
22- قال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة في ترجمة أبي بكر أحمد بن علي العلثي :
أخبرني من أثق به من أصحابي : أنه كان لبعض أهله صبي صغير وأنه ظهر به وجع في حلقه ورقبته وخافوا على الصبي منه وأنه أخذه وحمله إلى هذا الشيخ الصالح أحمد رحمه الله فقرأ شيئا عليه من القرآن ونفث عليه من ريقه فزال ما كان بالصبي بإذن الله تعالى بعد يوم أو يومين ولم يحتج إلى علاج بعد هذا
طبقات الحنابلة ج2 ص 256 رقم 597
23- يقول أبو العباس الزبيدي في ترجمة إسماعيل بن محمد الحضرمي :
ومن ذلك ما يحكى عنه أنه قصد مدينة زبيد في بعض الأيام، فقاربت الشمس الغروب وهو بعيد عن المدينة ، فخشي أنْ تغلق الأبواب دونه ، فأشار إلى الشمس أنْ تقف حتى بلغ مقصده ، وهذه الكرامة مشهورة بين الناس مستفيضة ، حتى أني رأيت بخط بعض ذريته يكتب فلان بن فلان بن فلان موقف الشمس ، وإلى ذلك أشار الإمام اليافعي في مدحه بقوله :
هو الحضرمي نجل الولي محمد إمام الهدى نجل الإمام الممجد ومن جاهه أومئ إلى الشمس أنْ قفي فلم تمش حتى أنزلوه بمقعد
طبقات الخواص للزبيدي ص 97 ، 98
24- قال الحافظ ابن حبان في الثقات :
كرز بن وبرة الحارثي العابد من أهل الكوفة ، سكن جرجان يروي عن الثوري ، وكان ابن شبرمة كثير المدح له ، قدم مكة فاتعب العباد بها ، وكانت سحابة تظله وإذا دعا أجيب ، روى عنه بن شبرمة والفضل بن غزوان
كتاب الثقات ج9 ص 27 رقم 15000
25- قال أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء :
حدثنا عبدالله بن محمد ، حدثنا احمد بن نصر ، حدثنا احمد بن كثير ، حدثني جرير بن زياد بن وبرة الحارثي ، عن شجاع بن صبيح مولى كرز بن وبرة ، قال أخبرني أبو سليمان المكتب ، قال : صحبت كرزا إلى مكة ، فكان إذا نزل أخرج ثيابه فألقاها في الرحل م تنحى للصلاة فإذا سمع رغاء الإبل أقبل فاحتبس يوماً عن الوقت فانبث أصحابه في طلبه ، فكنت فيمن طلبه قال: فأصبته في وهدة يصلي في ساعة حارة ، وإذا سحابة تظله ، فلما رآني أقبل نحوي ، فقال : يا أبا سليمان لي إليك حاجة ، قال : قلت : وما حاجتك يا أبا عبدالله . قال : أحب أن تكتم ما رأيت . قال : قلت : ذلك لك يا أبا عبدالله ، فقال : أوثـق لي فحلـفت ألا أخبر به أحداً حتى يموت
حلية الأولياء ج5 ص 80 ، 81 ، سير أعلام النبلاء ج6 ص 85
صفة الصفوة ج3 ص 121
26-جاء في سير اعلام النبلاء وحلية الاولياء وغيره
حدثنا أبو عمرو عثمان بن محمد العثماني ، قال حدثنا خالد بن النضر القرشي ، قال حدثنا محمد بن موسى الحرشي ، قال ثنا النضر بن كثير السعدي ، قال حدثنا عبد الواحد بن زيد قال : كنت مع أيوب السختياني على حراء ، فعطشت عطشا شديداً ، حتى رأى ذلك في وجهي ، فقال : ما الذي أرى بك ؟ قلت : العطش ، وقد خفت على نفسي . قال : تستر علي ؟! قلت : نعم قال : فاستحلفني ، فحلفت له أن لا أخبر عنه ما دام حياً ، قال : فغمز برجله على حراء فنبع الماء فشربت حتى رويت وحملت معي من الماء قال : فما حدثت به أحداً حتى مات . قال : عبدالواحد فأتيت موسى الأسواري فذكرت له ذلك فقال : ما بهذه البلدة أفضـل من الحسن وأيوب .
حلية الأولياء ج3 ص 5 ط. دار الكتاب العربي / بيروت سنة 1405هـ ، وراجع أيضاً : تذكرة الحفاظ ج1 ص 132 ط. دار الصيمعي / الرياض سنة 1415هـ ، سير أعلام النبلاء ج6 ص 23 ط. مؤسسة الرسالة / بيروت سنة 1413هـ ، صفة الصفوة لابن الجوزي ج3 ص 294 ط. دار المعرفة / بيروت سنة 1399هـ - 1979م .
27- كرامة الشيخ عبد الله اليونيني
قال ابن كثير في تاريخه في ترجمة الشيخ عبد الله اليونيني : وله أحوال وكرامات كثيرة جداً ، وكان لا يقوم لأحد دخل عليه ، ويقول : إنما يقوم الناس لرب العالمين ، وكان الأمجد إذا دخل عليه جلس بين يديه فيقول له : يا أمجد ، فعلت كذا وكذا ، ويأمره بما يأمره وينهاه عما ينهاه عنه ، وهو يمتثل جميع ما يقوله له ، وما ذاك إلا لصدقه في زهده وورعه وطريقه ، وكان يقبل الفتوح وكان لا يدخر منه شيئا لغد ، وإذا اشتد جوعه أخذ من ورق اللوز ففركه واستفه ويشرب فوقه الماء البارد رحمه الله تعالى وأكرم مثواه ، وذكروا أنه كان يحج في بعض السنين في الهواء ، وقد وقع هذا لطائفة كبيرة من الزهاد وصالحي العباد ، ولم يبلغنا هذا عن أحد من أكابر العلماء ، وأول من يذكر عنه هذا حبيب العجمي وكان من أصحاب الحسن البصري ثم من بعده من الصالحين رحمهم الله أجمعين ، فلما كان يوم جمعة من عشر ذي الحجة من هذه السنة صلى الصبح عبدالله اليونيني ، وصلاة الجمعة بجامع بعلبك ، وكان قد دخل الحمام يومئذ قبل الصلاة وهو صحيح ، فلما انصرف من الصلاة قال للشيخ داود المؤذن : وكان يغسل الموتى انظر كيف تكون غدا ثم صعد الشيخ إلى زاويته ، فبات يذكر الله تعالى تلك الليلة
ويتذكر أصحابه ومن أحسن إليه ولو بأدنى شيء ويدعو لهم فلما دخل وقت الصبح صلى بأصحابه ثم استند يذكر الله وفي يده سبحة فمات وهو كذلك جالس لم يسقط ولم تسقط السبحة من يده ، فلما انتهى الخبر إلى الملك الأمجد صاحب بعلبك فجاء إليه فعاينه كذلك فقال : لو بنينا عليه بنيانا هكذا يشاهد الناس منه آية فقيل له : ليس هذا من السنة ، فنحى وكفن وصلى عليه ودفن تحت اللوزة التي كان يجلس تحتها يذكر الله تعالى رحمه الله ونور ضريحه ، وكانت وفاته يوم السبت وقد جاوز ثمانين عاما أكرمه الله تعالى ، وكان الشيخ محمد الفقيه اليونيني من جملة تلاميذه ، وممن يلوذ به وهو جد هؤلاء المشايخ بمدينة بعلبك .
البداية والنهاية ج13 ص 94.
28- كرامة الشيخ ابن أبي الحمايل
قال ابن العمـاد الحنبلي في ترجمـة ابن أبي الحمـايل : العـارف الكـبير الكامل الغيث الهامع الشامل ، زاهد قطف كروم الكرامات ، وعارف وصل إلى أعلى المقامات ، كان طوداً عظيماً في الولاية ، وملجأ لطالب الهداية ، أخذ عنه خلق كالثناوي والحديدي والعدل وأضرابهم ، وكان عالي الهمة ، كثير الطيران من بلد لآخر ، فكان يغلب عليه الحال ليلاً ، فيتكلم بألسنة غير عربية من عجم وهند ونوبة وغيرها ، وربما قال قاق قاق طول الليل ، ويزعق ويخاطب قوماً لا يرون ، وإذا قال شيئاً في غلبة الحال نفذ ، وكان مبتلى بالأذى مع زوجته .
شذرات الذهب ج8 ص 187 وفيات سنة (932هـ)
29- كرامة القطب أبي مدين
ذكر ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة عن جعفر الأدفوي عن قاضي القضاة الشيخ بدر الدين ابن جماعة ، قال جعفر الأدفوي : حتى قلت له يوما : يا سيدي فما تقول في الشيخ أبي مدين ؟ قال : رجل مسلم ديّن ، وإلا ما كان يطير في الهواء .
الدرر الكامنة ج6 ص 64 .
30- قال الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا :
حدثني أبو جعفر أحمد بن وليد ، قال حدثني أحمد بن أبي داود بطرسوس ، قال حدثنا أبو يعقوب الحنيني ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : كان فيما مضى فتية يخرجون إلى أرض الروم ويصيبون منهم فقضي عليهم الأسر فأخذوا جميعاً فأتى بهم ملكهم فعرض عليهم دينه أن يدخلوا فيه ، فقالوا : لا ما كنا نفعل ذلك ونحن لا نشرك بالله شيئاً ، فقال لأصحابه : شأنكم بهم وقد ملكهم علي تل إلى جانب نهر ، فدعاهم فضرب عنق رجل منهم فوقع في النهر فإذا رأسه قد قام بحيالهم واستقبلهم بوجهه وهو يقول : ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ - ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً - فَادْخُلِي فِي عِبَادِي- وَادْخُلِي جَنَّتِي ) ففزعوا وقاموا .
من عاش بعد الموت لابن أبي الدنيا ص 39 رقم 39
31- قال ابن الجوزي في صفة الصفوة :
نبهان بن المغلس قال أخبرني حذيفة بن قتادة المرعشي ، قال : كنت في المركب ، فكسر بنا ، فوقعت أنا وامرأة على لوح من ألواح المركب ، فمكثنا سبعة أيام . فقالت المرأة أنا عطشى ، فسألت الله تعالى أن يسقينا ، فنزلت علينا من السماء سلسلة فيها كوز معلق فيه ماء فشربت فرفعت رأسي إلى السلسلة ، فرأيت رجلاً جالسا في الهواء متربعا . فقلت : من أنت ؟ قال : من الإنس . قلت : فما الذي بلغك هذه المنزلة ؟ قال : آثرت مراد الله عز وجل على هواي فأجلسني كما تراني .
صفة الصفوة ج4 ص 270
32- قال ابن حجر العسقلاني في ترجمة إبراهيم بن أبي بكر البرلسي السنجاري :
وتؤثر عن إبراهيم كرامات وخوارق ، ويقال : إنّ بعض مقطعي سنجار ضمن السمك فأساء الأدب على الشيخ ، فقال له الشيخ : لا تظلم تنكس في معاملتك . فقال : عندي من السمك ما يوقى عنه ، والبحيرة ملء سمكاً ، فأصبح ليصطاد فلم يجد في البركة شيئاً فخضع للشيخ وذل فعاد السمك .
الدرر الكامنة لابن حجر ج1 ص 20 ، 21 رقم 42
33- قال ابن حجر العسقلاني في ترجمة حسن بن مسلم المسلمي المصري :
وكانت له كرامات منها أنه ربى أسداً إلى أن تأنس بالناس فكان يكون بين الفقراء بغير سلسلة ولا يؤذي أحدا من الناس
الدرر الكامنة لابن حجر ج2 ص 156 رقم 1570 .
وهذا غيض من فيض، وقليل من كثير مما ورد عن كرامات صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم توالى ورود الكرامات الكثيرة على يد الأولياء في عهد التابعين وتابعي التابعين إِلى يومنا هذا، مما يصعب عده، ويضيق حصره
[قال العلامة التاج السبكي في الطبقات الكبرى: للكرامة أنواع:
النوع الأول إِحياء الموتى.
2ـ كلام الموتى.
3ـ المشي على الماء.
4ـ انقلاب الأعيان.
5ـ إِنزواء الأرض.
6ـ كلام الحيوانات والجمادات.
7ـ إِبراء العلل.
8ـ طاعة الحيوان.
9ـ طي الزمان.
10ـ نشر الزمان.
11ـ إِمساك اللسان عن الكلام وانطلاقه..
إِلى أن عد خمسة وعشرين نوعاً. وذكر لكل نوع مثالاً وحكاية جرت للعلماء ومشايخ الصوفية فراجعه هناك تجده مفصلاً]
وقد ألف العلماء في ذلك مجلدات كثيرة، وصنف أكابر الأئمة منهم مصنفات في إِثبات الكرامة للأولياء، منهم: فخر الدين الرازي وأبو بكر الباقلاني، وإِمام الحرمين، وأبو بكر بن فورك، وحجة الإِسلام الغزالي، وناصر الدين البيضاوي، وحافظ الدين النسفي، وتاج الدين السبكي، وأبو بكر الأشعري، وأبو القاسم القشيري، والنووي، وعبد الله اليافعي، ويوسف النبهاني، وغيرهم من العلماء المحققين الذين لا يحصى عددهم، وصار ذلك علماً قوياً يقينياً ثابتاً، لا تتطرق إِليه الشكوك أو الشبهات.
(http://www.almijhar.org/index.html)
الله غالب
2011-06-24, 10:54
الصواعق القرطبية في كشف أضاليل الوهابية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ولي الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله سيد الخلق أجمعين، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين, وبعد
الصواعق القرطبية في كشف أضاليل الوهابية
يستشهد الوهابية بين الحين و الحين بنصوص لأهل السنة تارة محرفين كلام الأئمة و أخرى حاذفين لنصوص لا تؤيدهم و ثالثة ملبسين على العوام بما فهموه من كلام الأئمة فيقلبون العالم النحريري الأشعري كالقرطبي مثلا الى مشبه مثلهم حتى و لو كان كل تفسيره تأويلا و مشربه اشعريا يشرق قبل كل فجر الا لمن طبع الله على قلبه بختم التشبيه فلا يبصر الا الأجسام و لا يعقل الا على الأوهام .
أحببت أن انقل ما كنت قد كتبته في النيلين منذ زمن قبل أن يحذف
و قسمت المقالة إلى اقسام ثلاثة
القسم الأول بيان تلاعب الوهابية بكتاب القرطبي الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى و حذفهم ما يروق لهم مع حشو الكتاب بعقائدهم الحشوية القسم الثاني بينت فيه جهلهم بمصطلحات الرجل و عدم فهمهم لمدلولاته اللغوية فحكموا عليه تسرعا بأنه منهم و هو يصف السلف حسبهم بما يروق لهم.
القسم الثالث بينت فيه أن القرطبي أشعري يضلل المشبهة المجسمة و أبنائهم الوهابية و حاشاه أن ينسب ذلك للسلف فبان أن فهمنا لكلام الرجل كان هو الأصوب و هو ينقل الإجماع على حمل النصوص على غير ظاهرها بل الواجب تأويلها.
القسم الأول : تلاعب الوهابية بكتاب القرطبي الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى
هذا القسم نقلته من تعليقات احد الأحباب جزاه الله خيرا مع تصرف .
الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للإمام أبي عبد الله القرطبي .
المجلد الثاني من منشورات دار الصحابة للتراث بطنطا وقد قام كل من ا.د محمد حسن جبل بضبط النص وشرح مادته اللغوية و طارق أحمد محمد قام بتخريج أحاديثه وعلق عليه و مجدي فتحي السيد أشرف عليه وقدم له .
ولكن عندما تنظر إلى الفهارس والموضوعات يختلط عليك الأمر فلا تدري هل أنت أمام كتاب الأسنى للقرطبي أم أمام كتاب لأبن تيمة وأبن القيم وأمثلهم وعلى سبيل المثال تجد في الفهارس .
كلام شيخ الإسلام ابن تيمية " صفات الرب واجبة " ص 6
عقيدة سلف الأمة هي إثبات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تأويل ولا تمثيل ولا تشبيه ص 41
ابن قيم الجوزية وحسم قضية التأويل ص 63
كلام الحافظ الآجري في صفة خلق آدم عليه السلام ص97
هذه أمثلة قليلة جدا وما أكثر اعتراضاتهم على الإمام القرطبي فكلما يذكر قولا يخالفهم يبادر بالتعليق إما من عنده وإما ناقلا أقوال ابن تيمية ومن سار على طريقهم وإليكم مثال على ذلك ففي صفحة 81 من المجلد الثاني معترضا على القرطبي فقال (104) قلت: وكل هذا من التأويل فأما مذهب السلف فإثبات أن لله عينين بلا كيف.
وهل اكتفى بذلك وسكت بالتأكيد لا ولكنه أردف بقول شيخه ابن القيم فقال: قال ابن قيم الجوزية رحمه الله في الصواعق المرسلة (1/255) فذكر العين المفردة مضافة إلى الضمير المفرد والأعين مجموعة مضافة إلى ضمير الجمع وذكر العين مفردة لا يدل على أنها عين واحدة ليس إلا كما يقول القائل أفعل هذا على عيني وأجيئك على عيني وأحمله على عيني و لا يريد به أن له عينا واحدة فلو فهم أحد هذا من ظاهر كلام المخلوق لعد أخرق وأما إذا أضيف العين إلى اسم الجمع ظاهرا أو مضمر فالأحسن جمعها مشاكلة للفظ كقوله ( تجري بأعيننا )وقال أيضا (1/259) وقوله صلى الله عليه وسلم ( إن ربكم ليس بأعور ) صريح في أنه ليس المراد إثبات عين واحدة ليس إلا فإن ذلك عور ظاهر تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وهل يفهم من قول الدعي (( اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام ) أنها عين واحدة ليس إلا ذهن أقلف وقلب أغلف أ . هـ هذا مثال والقائمة تطول
مع العلم بأن هذا الكتاب ناقص ويوجد كتاب أخر بتحقيق الدكتور صالح عطية الحطماني من منشورات جمعية الدعوة الإسلامية العالمية وهذه الكتاب قد يكون تكملة لكتاب الأسنى فما يوجد هنا لا يوجد هناك إلا جزء بسيط جدا عند الكلام على الرحمن الرحيم . ))]
القسم الثاني : ترشيد العقلاء الى أشعرية القرطبي بجلاء
قال القرطبي في النص الكامل الذي تبتره الوهابية دائما :
قوله تعالى: "ثم استوى على العرش" هذه مسألة الاستواء؛ وللعلماء فيها كلام وإجراء. وقد بينا أقوال العلماء فيها في الكتاب(الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى) وذكرنا فيه هناك أربعة عشر قولا. والأكثر من المتقدمين والمتأخرين أنه إذا وجب تنزيه الباري سبحانه عن الجهة والتحيز فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم من المتأخرين تنزيهه تبارك وتعالى عن الجهة، فليس بجهة فوق عندهم؛ لأنه يلزم من ذلك عندهم متى اختص بجهة أن يكون في مكان أو حيز، ويلزم على المكان والحيز الحركة والسكون للمتحيز، والتغير والحدوث. هذا قول المتكلمين. وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله. ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة. وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته. قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم - يعني في اللغة - والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها. وهذا القدر كاف، ومن أراد زيادة عليه فليقف عليه في موضعه من كتب العلماء. والاستواء في كلام العرب هو العلو والاستقرار. قال الجوهري: واستوى من اعوجاج، واستوى على ظهر دابته؛ أي استقر. واستوى إلى السماء أي قصد. واستوى أي استولى وظهر. قال:
قد استوى بِشر على العراق من غير سيف ودم مهراق
واستوى الرجل أي انتهى شبابه. واستوى الشيء إذا اعتدل. وحكى أبو عمر بن عبدالبر عن أبي عبيدة في قوله تعالى: "الرحمن على العرش استوى" [طه: 5] قال: علا. وقال الشاعر:
فأوردتهم ماء بفيفاء قفرة وقد حلق النجم اليماني فاستوى
أي علا وارتفع.
قلت " أي القرطبي " : فعلو الله تعالى وارتفاعه عبارة عن علو مجده وصفاته وملكوته. أي ليس فوقه فيما يجب له من معاني الجلال أحد، ولا معه من يكون العلو مشتركا بينه وبينه؛ لكنه العلي بالإطلاق سبحانه.
قال الفقير يظهر من نص الإمام القرطبي ما يلي
1- قوله تعالى: "ثم استوى على العرش" هذه مسألة الاستواء؛ وللعلماء فيها كلام وإجراء. وقد بينا أقوال العلماء فيها في الكتاب(الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى) وذكرنا فيه هناك أربعة عشر قولا.
2- والأكثر من المتقدمين والمتأخرين أنه إذا وجب تنزيه الباري سبحانه عن الجهة والتحيز فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم من المتأخرين تنزيهه تبارك وتعالى عن الجهة، فليس بجهة فوق عندهم؛ لأنه يلزم من ذلك عندهم متى اختص بجهة أن يكون في مكان أو حيز، ويلزم على المكان والحيز الحركة والسكون للمتحيز، والتغير والحدوث. هذا قول المتكلمين.
3 ]. وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله.
هنا إنتبه أخي الكريم لأمرين :
- لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك.
- بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله.
إنه جلي أخي الكريم عند الجمع للجملتين أن السلف نطقوا بما قال به النص القرآني .
أي ذكر للنص من غير أي زيادة و هذا قوله :لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك .
أي عدم إثبات أو نفي بل ذكر للنص فقط . و هذا هو محض التفويض . إنتبه أخي الكريم لكلمة كما نطق كتابه وأخبرت رسله .
و هل في كلام الله أو الرسل زيادة عن النص . أي التوقف عند النص فقط . أسند البيهقي بسند صحيح عن أحمد بن أبي الحواري عن سفيان بن عيينة قال " كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عنه "
4 (ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة. )
إن فهم الوهابية لكلام القرطبي هنا خطأ . فقوله هنا حقيقة لا يقصد به أبدا المعنى الظاهر و للعلم تراجع في التذكرة عن استعمال هذه الكلمة لما تحمله من إلتبا س لفهم كلامه بدليل أنه وجد أناس لم يفهموا كلامه كحال الوهابية اليوم فالوهابية فهمت عكس ما أراده القرطبي.
قد يقولون ما دليلك أن القرطبي قصد فهمك و ليس فهمنا
نقول . الدليل من نص القرطبي نفسه حيث قال في النص الذي بترته الوهابية و تقطعه دائما
قال القرطبي : قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم , يعني في اللغة , والكيف مجهول،
أنظر إلى قوله يعني في اللغة .
يشرح لنا قول مالك الإستواء معلوم أي في لغة العرب أما في فهما للنص فأمر آخر يدق عن الأفهام . لذلك أردفه بقوله و الكيف مجهول.
ثم فلننظر ما قصده مالك في قوله " الاستواء معلوم " لغة على فهم القرطبي .
قال القرطبي في بقية النص الذي بترته الوهابية
" والاستواء في كلام العرب هو العلو والاستقرار. قال الجوهري: واستوى من اعوجاج، واستوى على ظهر دابته؛ أي استقر. واستوى إلى السماء أي قصد. واستوى أي استولى وظهر. قال:
قد استوى بِشر على العراق من غير سيف ودم مهراق
واستوى الرجل أي انتهى شبابه. واستوى الشيء إذا اعتدل. وحكى أبو عمر بن عبدالبر عن أبي عبيدة في قوله تعالى: "الرحمن على العرش استوى" [طه: 5] قال: علا. وقال الشاعر:
فأوردتهم ماء بفيفاء قفرة وقد حلق النجم اليماني فاستوى
أي علا وارتفع."
هذه هي المعاني اللغوية لكلمة إستوى عند القرطبي.
وهنا نطرح سؤالا : ما قصده مالك حسبكم من المعاني لفهم النص .
هل هو :
- العلو والاستقرار.
-واستوى من اعوجاج،
-واستوى على ظهر دابته؛ أي استقر.
- واستوى إلى السماء أي قصد.
-واستوى أي استولى وظهر.
-واستوى أي انتهى شبابه.
-واستوى الشيء إذا اعتدل.
- استوى" [طه: 5] قال: علا. وقال الشاعر:
- استوى أي علا وارتفع.
ولننظر الآن لفهم القرطبي و للمعنى الذي اختاره من المعاني السابقة
قال القرطبي
"قلت: فعلو الله تعالى وارتفاعه عبارة عن علو مجده وصفاته وملكوته. أي ليس فوقه فيما يجب له من معاني الجلال أحد، ولا معه من يكون العلو مشتركا بينه وبينه؛ لكنه العلي بالإطلاق سبحانه "
جلي مما سبق أن القرطبي ينفي أن يكون معنى العلو هو المكان بل و يثبت المكانة و علو مجده .
استشهاد القرطبي بكلام مالك لم يكن إلا للشاهد أي ليقوي ما يقوله بنص إمامه الذي لم يخالفه في فروع الوضوء و ازالة النجاسة فكيف يخالفه في أصول العقائد .
القسم الثالث : القرطبي أشعري يضلل المشبهة المجسمة و من سار حذوهم مثل الوهابية
قال القرطبي الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى :
قال شيخنا الإمام أحمد أبو العباس بن عمر الأنصاري : لا خلاف بين المسلمين قاطبة محدثهم وفقيههم ومتكلمهم ومقلدهم ونظارهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله : ( أأمنتم من في السماء ) ليست على ظواهرها وأنها متأولة عند جمعيهم . أما من قال منهم بالجهة فتلك الجهة عنده هي جهة الفوق التي عبر عنها بالعرش وهي فوق السماوات كما جاء في الأحاديث فلابد أن يتأول كونه في السماء وقد تأولوه تأويلات . وأشبه ما فيه أن (( في )) بمعنى (( على )) كما قال : ( لأصلبنكم في جذوع النخل ) أي على [جذوع النخل ] ويكون العلو بمعنى الغلبة. قلت " أي القرطبي ": ويكون على هذا التأويل قول زينب من فوق سبع سموات أي من فوق عرش سبع سموات حذف المضاف والله أعلم.
وقال القرطبي وفي نفس الباب
قال شيخنا : وأما من يعتقد نفي الحجة (( هكذا في الكتاب ولعلها الجهة )) في حق الله تعالى فهو أحق بإزالة ذلك الظاهر وإجلاله الله تعالى عنه. وأولى الفرق بالـتأويل وقد حصل من هذا الأصل المحقق أن قول الجارية في السماء ليس على ظاهره باتفاق المسلمين فيتعين أن يعتقد فيه أنه معرض لتأويل المتأولين وان من حمله على ظاهره فهو ضال من الضالين .
انتهى
من مواضيع سيدي ميثاق في منتدى روض الرياحين
ــــــــــــــ
هذه بعض المقتطفات من تفسير الامام القرطبي :
"وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ"..
و " الْعَلِيّ " يُرَاد بِهِ عُلُوّ الْقَدْر وَالْمَنْزِلَة لَا عُلُوّ الْمَكَان ; لِأَنَّ اللَّه مُنَزَّه عَنْ التَّحَيُّز . و َحَكَى الطَّبَرِيّ عَنْ قَوْم أَنَّهُمْ قَالُوا : هُوَ الْعَلِيّ عَنْ خَلْقه بِارْتِفَاعِ مَكَانه عَنْ أَمَاكِن خَلْقه . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَ هَذَا قَوْل جَهَلَةٍ مُجَسِّمِين َ , و َكَانَ الْوَجْه أَلَّا يُحْكَى .
وَعَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن قُرْط أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَة أُسْرِيَ بِهِ سَمِعَ تَسْبِيحًا فِي السَّمَاوَات الْعُلَى : سُبْحَان اللَّه الْعَلِيّ الْأَعْلَى سُبْحَانه وَتَعَالَى . وَالْعَلِيّ وَالْعَالِي : الْقَاهِر الْغَالِب لِلْأَشْيَاءِ , تَقُول الْعَرَب : عَلَا فُلَان فُلَانًا أَيْ غَلَبَهُ وَقَهَرَهُ , قَالَ الشَّاعِر : فَلَمَّا عَلَوْنَا وَاسْتَوَيْنَا عَلَيْهِمْ تَرَكْنَاهُمْ صَرْعَى لِنَسْرٍ وَكَاسِر وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : " إِنَّ فِرْعَوْن عَلَا فِي الْأَرْض " [ الْقَصَص : 4 ] .انتهى
"أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ"
وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ : أَمِنْتُمْ مَنْ فَوْق السَّمَاء ; كَقَوْلِهِ : " فَسِيحُوا فِي الْأَرْض " [ التَّوْبَة : 2 ] أَيْ فَوْقهَا لَا بِالْمُمَاسَّةِ وَالتَّحَيُّز لَكِنْ بِالْقَهْرِ وَالتَّدْبِير . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ أَمِنْتُمْ مَنْ عَلَى السَّمَاء ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوع النَّخْل " [ طَه : 71 ] أَيْ عَلَيْهَا . وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مُدِيرهَا وَمَالِكهَا ; كَمَا يُقَال : فُلَان عَلَى الْعِرَاق وَالْحِجَاز ; أَيْ وَالِيهَا وَأَمِيرهَا . وَالْأَخْبَار فِي هَذَا الْبَاب كَثِيرَة صَحِيحَة مُنْتَشِرَة , مُشِيرَة إِلَى الْعُلُوّ ; لَا يَدْفَعهَا إِلَّا مُلْحِد أَوْ جَاهِل مُعَانِد . وَالْمُرَاد بِهَا تَوْقِيره وَتَنْزِيهه عَنْ السُّفْل وَالتَّحْت . وَوَصْفه بِالْعُلُوِّ وَالْعَظَمَة لَا بِالْأَمَاكِنِ وَالْجِهَات وَالْحُدُود لِأَنَّهَا صِفَات الْأَجْسَام . وَإِنَّمَا تُرْفَع الْأَيْدِي بِالدُّعَاءِ إِلَى السَّمَاء لِأَنَّ السَّمَاء مَهْبِط الْوَحْي , وَمَنْزِل الْقَطْر , وَمَحَلّ الْقُدْس , وَمَعْدِن الْمُطَهَّرِينَ مِنْ الْمَلَائِكَة , وَإِلَيْهَا تُرْفَع أَعْمَال الْعِبَاد , وَفَوْقهَا عَرْشه وَجَنَّته ; كَمَا جَعَلَ اللَّه الْكَعْبَة قِبْلَة لِلدُّعَاءِ وَالصَّلَاة , وَلِأَنَّهُ خَلَقَ الْأَمْكِنَة وَهُوَ غَيْر مُحْتَاج إِلَيْهَا , وَكَانَ فِي أَزَلِهِ قَبْل خَلْق الْمَكَان وَالزَّمَان . وَلَا مَكَان لَهُ وَلَا زَمَان . وَهُوَ الْآن عَلَى مَا عَلَيْهِ كَان. َ .انتهى
"وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ"
الْقَهْر الْغَلَبَة , وَالْقَاهِر الْغَالِب , وَأُقْهِرَ الرَّجُل إِذَا صُيِّرَ بِحَالِ الْمَقْهُور الذَّلِيل ; قَالَ الشَّاعِر : تَمَنَّى حُصَيْن أَنْ يَسُود جِذَاعه فَأَمْسَى حُصَيْن قَدْ أَذَلَّ وَأَقْهَرَا وَقُهِرَ غُلِبَ . و َمَعْنَى ( فَوْق عِبَاده ) فَوْقِيَّة الِاسْتِعْلَاء بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَة عَلَيْهِم ْ ; أَيْ هُمْ تَحْت تَسْخِيره لَا فَوْقِيَّة مَكَان ; كَمَا تَقُول : السُّلْطَان فَوْق رَعِيَّته أَيْ بِالْمَنْزِلَةِ وَالرِّفْعَة . وَفِي الْقَهْر مَعْنَى زَائِد لَيْسَ فِي الْقُدْرَة , وَهُوَ مَنْع غَيْره عَنْ بُلُوغ الْمُرَاد .انتهى
"يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ"
أَيْ عِقَاب رَبّهمْ وَعَذَابه , لِأَنَّ الْعَذَاب الْمُهْلِك إِنَّمَا يَنْزِل مِنْ السَّمَاء . وَقِيلَ : الْمَعْنَى يَخَافُونَ قُدْرَة رَبّهمْ الَّتِي هِيَ فَوْق قُدْرَتهمْ ; فَفِي الْكَلَام حَذْف . وَقِيلَ : مَعْنَى " يَخَافُونَ رَبّهمْ مِنْ فَوْقهمْ " يَعْنِي الْمَلَائِكَة , يَخَافُونَ رَبّهمْ وَهِيَ مِنْ فَوْق مَا فِي الْأَرْض مِنْ دَابَّة وَمَعَ ذَلِكَ يَخَافُونَ ; فَلِأَنْ يَخَاف مَنْ دُونهمْ أَوْلَى ; دَلِيل هَذَا الْقَوْل قَوْله تَعَالَى : " وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ".انتهى
قال القرطبي رحمه الله في تفسير الآية :{فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَـهِ مُوسَى}
"وقال أبو صالح: أسباب السموات طرقها. وقيل: الأمور التي تستمسك بها السموات. وكرر أسباب تفخيماً؛ لأن الشيء إذا أبهم ثم أوضح كان تفخيماً لشأنه. والله أعلم.
{فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَـهِ مُوسَى} فانظر إليه نظر مشرِفٍ عليه. توهَّم أنه جسمٌ تحويه الأماكن. وكان فرعون يدعي الألوهية ويرى تحقيقها بالجلوس في مكان مشرف." .
القرطبي "التذكار في أفضل الأذكار" :
" يستحيل على الله أن يكون في السماء أو في الأرض، إذ لو كان في شيء لكان محصورا أو محدودا ، ولو كان ذلك لكان محدثا ، وهذا مذهب أهل الحق والتحقيق ، وعلى هذه القاعدة قوله تعالى : ' أأمنتم من في السماء ' وقوله عليه السلام للجارية : ' أين الله ؟ ' قالت : في السماء فلم ينكر عليها ، و ما كان مثله ليس على ظاهره بل مؤول تأويلات صحيحة قد أبداها كثير من أهل العلم في كتبهم ، وقد بسطنا القول في هذا بكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى عند قوله تعالى : 'الرحمن على العرش استوى ' ".انتهى
وفي موضع آخر :
" ثم متبعوا المتشابه لا يخلو أن يتبعوه ويجمعوه طلبا للتشكيك في القرآن وإضلال العوام كما فعلته الزنادقة والقرامطة والطاعنون في القرآن ، أو طلبا لاعتقاد ظواهر المتشابه كما فعلته المجسمة الذين جمعوا ما في الكتاب والسنة مما يوهم ظاهره الجسمية حتى اعتقدوا أن الباري تعالى جسم مجسم وصورة مصورة وذات وجه وغير ذلك من يد وعين وجنب وإصبع تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، أو تتبعوه على جهة إبداء تأويلها أو إيضاح معانيها.انتهى
ة
الله غالب
2011-06-24, 10:58
الإمام ابن العربي المالكي وكلامه في المجمسة الحشوية (أمثال الوهابية اليوم)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإمام ابن العربي المالكي وكلامه في المجمسة الحشوية
(أمثال الوهابية اليوم)
هذا كلام الإمام ابن العربي المالكي رحمه الله في مجسمة ومشبهة وحشوية عصره
قال الإمام المجتهد المحقق ابن العربي المالكي رحمه الله في كتابه[العواصم من القواصم ( ط دار التراث صـ 208-213)
• قاصمة :
وقد بينّا في غير موضع أنّ الكائدين للإسلام كثير ، والمقصرون فيه كثير ، وأولياؤه المشتغلون به قليل ، فممن كاده :
الباطنية ، وقد بينّا جملة أحوالهم .
وممن كاده : الظاهرية ، وهم طائفتان :
إحداهما : المتبعون للظاهر في العقائد والأصول .
الثانية : المتبعون للظاهر في الأصول .
وكلا الطائفتين في الأصل خبيثة ، وما تفرع عنهما خبيث مثلهما ، فالولد من غير نكاح لغية ، والحية لا تلد إلا حية .
وهذه الطائفة الآخذة بالظاهر في العقائد هي في طرف التشبيه ، كالأولى في التعطيل ، وقد بُليتُ بهم في رحلتي وتعرّضوا لي كثيراً دون بُغيتي ، وأكثر ما شاهدتهم بمصرَ والشام وبغداد .
يقولون : إن الله تعالى أعلم بنفسه وصفاته ومخلوقاته منّا ، وهو معلمنا ، فإذا أخبرنا بأمره آمنّا به كما أخبر واعتقدناه كما أمر .
وقالوا حين سمعوا { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة } و { وجاء ربك والملك صفّاً صفاً } و { فأتى الله بنيانهم من القواعد } و ( ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا) أنّهُ يتحرك وينتقل ويجيء ويذهب من موضع إلى موضع.
ولما سمعوا قوله : { الرحمن على العرش استوى } قالوا : إنه جالسٌ عليه ، متصل به ، وأنه أكبر بأربع أصابع ، إذ لا يصح أن يكون أصغر منه لأنه العظيم ولا يكون مثله لأنه { ليس كمثله شيء} ، فهو أكبر ن العرش بأربع أصابع .
ولقد أخبرني جماعة من أهل السنة بمدينة السلام أنه ورد بها الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري الصوفي من نيسابور ، فعقد مجلساً للذكر ، وحضر فيه كافة الخلق ، وقرأ القارئ { الرحمن على العرش استوى } ، قال لي أخصهم : فرأيت – يعني الحنابلة – يقومون في أثناء المجلس ويقولون : قاعدٌ قاعدٌ بأرفع صوتٍ وأبعده مدى ، وثار إليهم أهل السنة من أصحاب القشيري ومن أهل الحضرة ، وتثاور الفئتان ، وغلبت العامة فأجحروهم المدرسة النظامية وحصروهم فيها ، فرموهم بالنشاب ، فمات منهم قوم ، وركب زعيم الكفاة وبعض الدارية فسكنوا ثورتهم وأطفوا نورتهم .
وقالوا : إنه يتكلم بحرف وصوت ، وعزوه إلى أحمد بن حنبل ، وتعدى بهم الباطل إلى أن يقولوا : إن الحروف قديمة !!
وقالوا : إنه ذو يد وأصابع وساعد وذراع وخاصرة وساق ورجل يطأ بها حيث شاء ، وأنه يضحك ويمشي ويهرول .
وأخبرني من أثق به من مشيختي أن أبا يعلى محمد بن الحسين الفراء - رئيس الحنابلة ببغداد – كان يقول إذا ذكر الله تعالى وما ورد من هذه الظواهر في صفاته ، يقول : ألزموني ما شئتم فإني ألتزمه إلا اللحية والعورة !!
وانتهى بهم القول إلى أن يقولوا : إن أراد أحد أن يعلم الله فلينظر إلى نفسه فإنه الله بعينه ، إلا أن الله منزه عن الآفات قديم لا أول له دائم لا يفنى ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله خلق آدم على صورته) وفي رواية : (على صورة الرحمن) وهي صحيحة . فلله الوجه بعينه لا ننفيه ولا نتأوله ، إلى محالات لا يرضى بها ذو نهى.
وكان رأس هذه الطائفة بالشام أبو الفرج الحنبلي بدمشق ، وابن الرميلي المحدث ببيت المقدس ، والقطرواني بنواحي نابلس ، والفاخوري بديار مصر ، ولحقت منهم ببغداد أبا الحسين بن أبي يعلى الفراء ، وكل منهم ذو أتباع من العوام ، جمعاً غفيراً وعصبة عصية عن الحق وعصبية على الخلق .
ولو كانت لهم أفهام ورزقوا معرفة بدين الإسلام لكان لهم من أنفسهم وازع ، لظهور التهافت على مقالاتهم ، وعموم البطلان لكلماتهم . ولكن الفدامة استولت عليهم ، فليس لهم قلوب يعقلون بها ، ولا أعين يبصرون بها ، ولا آذان يسمعون بها ، أؤلئك كالأنعام بل هم أضل . ولقد أخبرني غير واحد عن أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الاسفراييني أنه خرج يوما على أصحابه مسروراً فسألوه ، فقال : ناظرت اليوم عاميا فظهرت عليه . فقيل له : وأنت تظهر على الأيمة ، فكيف تفرح بالظهور على العوام ؟ فقال : العالم يرده علمه وعقله ودينه ، والعامي لا يرده فهمٌ ولا يردعه دين ، فغلبته نهزة ونادرة .
قال القاضي أبو بكر رضي الله عنه : وأنبئكم بغريبة ، أني ما لقيت طائفة إلا وكانت لي معهم وقفة في مقالاتهم - عصمني الله بالنظر بتوفيقه منها – إلا الباطنية والمشبهة ، فإنها زعنفة تحققت أنه ليس وراءها معرفة . فقذفتْ نفسي كلامها من أول مرة ، وسائر الطوائف لا بد أن يقف الفكر عقلا وشرعا من أي وجه طلبت الدليل حتى يرشده العقل والشرع إلى مأخذ النجاة .
. ] انتهى
ثم أنشأ الإمام بعدها في العاصمة من هذه القاصمة وفيها نقض كلام المبتدعة الحشوية وهدم تجسيمهم ، فليطالع للفائدة .
والله من وراء القصد .
ــــــــــــ
قال الإمام الحجة ابن العربي في العارضة (2/234-235):
" قد تعدى إليه ـ أي حديث النزول ـ قوم ليسوا من أهل العلم بالتفسير، فتعدوا عليه بالقول بالنكير، وقالوا: في هذا الحديث دليل على أن الله في السماء على العرش من فوق سبع سموات ?
قلنا: هذا جهل عظيم، وإنما قال ينزل إلى السماء ولم يقل في هذا الحديث من أين ينزل ولا كيف ينزل. قالوا: وحجتهم ظاهر قول الله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} .
قلنا: وما العرش في العربية؟ وما الاستواء؟
قالوا: كما قال الله تعالى: {لتستووا على ظهوره} .
قلنا: إن الله تعالى تنزه أن يمثل استواءه على عرشه باستوائنا على ظهور الركائب.
قالوا: كما قال الله تعالى: {واستوت على الجودي}.
قلنا: تعالى الله أن يكون كالسفينة جرت حتى لمست فوقفت.
قالوا: وكما قال {فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك}.
قلنا: معاذ الله أن يكون استواؤه كاستواء نوح وقومه، لأن هذا كله استواء مخلوق بارتفاع وتمكن في مكان واتصال ملامسة، وقد اتفقت الأمة من قبل سماع الحديث ومن بعده على أنه ليس استواؤه على شيء من ذلك، فلا يضرب له المثل بشيء من خلقه.
قالوا: قال الله عز وجل ثم استوى إلى السماء
قلنا: تناقضت، تارة تقول إنه على العرش فوق السماء، ثم تقول انه في السماء، لقوله تعالى {أأمنتم من في السماء} ، وقلت إن معناه على السماء.
قالوا: اجتمع الموحدون على أن يرفعوا أيديهم في الدعاء إلى السماء، ولو لا ما قال موسى إلهي في السماء لفرعون ما قال: يا هامان ابن لي صرحاً.
قلنا: كذبتم على موسى، ما قالها قط، ومن يوصلكم إليه، إنما أنتم أتباع فرعون الذي اعتقد أن الباري في جهة فأراد أن يرقى إليه بسلم، فهنيئاً لكم أنكم من أتباع فرعون، وأنه إمامكم.
واحتجوا بقول أمية بن أبي الصلت حيث قال:
فسبحان من لا يقدر الخلق قـــدره = ومن هو فوق العرش فرد موحــد
مليك على عرش الســماء مهيمن = لعزته تعنو الوجوه وتســــجد
قالوا: وهو قد قرأ التوراة والإنجيل والزبور.
قلنا: هذا الذي يليق بجهلكم أن تحتجوا بقول فرعون، ثم تثنوا بقول ملحد جاهل، وتحيلون به على التوراة والإنجيل المبدلة المحرفة، وأنتم تعلمون أن اليهود أعرق خلق الله كفراً وتشبيهاً له بخلقه.
والذي يجب أن يعتقد في ذلك أن الله كان ولا شيء معه، ثم خلق المخلوقات من العرش إلى الفرش، فلم يتعين بها، ولا حدث له جهة منها، ولا كان له مكان فيها، فإنه لا يحول ولا يزول، قدوس لا يتغير ولا يستحيل.
وللاستواء في كلام العرب خمسة عشر معنى ما بين حقيقة ومجاز، منها ما يجوز على الله فيكون معنىً للآية، ومنها ما لا يجوز على الله بحال، وهو إذا كان الاستواء بمعنى التمكن أو الاستقرار أو الاتصال أو المحاذاة، فإن شيئاً من ذلك لا يجوز على الباري تبارك وتعالى ولا تضرب له الأمثال في المخلوقات، وإما أن لا يفسر كما قال مالك وغيره، إن الاستواء معلوم ـ يعني مورده في اللغة ـ والكيف غير معقول ـ أي يستحيل في حق الله سبحانه وتعالى ـ والسؤال عنه بدعة، لأن الاشتغال به قد يثير طلب المتشابه ابتغاء الفتنة، فتحصل لك من كلام إمام المسلمين مالك أن الاستواء معلوم وأن ما يجوز على الله غير متعين وما يستحيل عليه هو منزه عنه.. وقد حصل لك التوحيد والإيمان بنفي التشبيه، والمحال على الله سبحانه وتعالى .." اهـ
ــــــــــــ
قال الإمام أبو بكر بن العربي المالكي في شرحه على الترمذي
عارضة الأحوذي بشرح سنن الترمذي، ابن العربي – دار الفكر، بيروت – المجلد الثاني، ص ٢٣٥
قال ما نصه: "ثم إن الذي يتشبث بظاهر ما جاء في حديث النزول في الرواية المشهورة أن الله ينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من داع فأستجيب له من الثلث الأخير إلى الفجر، هو جاهل بأساليب اللغة العربية، وليس له مهرب من المحال الشنيع كما نص عليه الخطابي، ويلزم على ما ذهب إليه من التشبث بالظاهر أن يكون معنى قوله تعالى:
{وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة} أن ءادم وحواء التي لم تكن نبية قط سمعا كلام الله الذاتي الذي ليس بحرف ولا صوت مساويين لموسى على زعم المشبهة المتمسكين بالظواهر، فلو كان الأمر كذلك لم يبق لنبي الله موسى مزية، وذلك أن الله عزَّ وجلَّ قال: {وكلم الله موسى تكليما} فخص موسى بوصف كليم الله"انتهي
ــــــــ
ولذلك ينصح القاضي ابن العربي المالكي رحمه الله
بكتب السادة الأشاعرة فيقول
قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي [ عمّار طالبي : آراء أبي بكر بن العربي الكلامية و نقده للفلسفة اليونانية ، الجزء الثاني : العواصم من القواصم صفحة 108 ] :
على كل حال فالذي أراه لكم على الإطلاق ، أن تقتصروا على كتب علمائنا الأشعرية ، و على العبارات الإسلامية ، و الأدلة القرآنية.اهــــ
ــــــــــ
فهل يستمع حشوية اليوم للإمام ابن العربي المالكي رحمه الله
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir