تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الإوزة زيزي ...قصة وعبرة


ينابيع الصفاء
2009-08-22, 08:19
http://smilles.5d5l.com/smile_albums/forum/5dw5l-com_05.gif

الإوزة زيزي


هبطت عشرُ إوزات بيضاء في بحيرة ماء صغيرة صافية تقع في قلب غابة جميلة من أشجار الأرْز

والصنوبر والبلّوط، فقررن البقاء حتى نهاية الصيف

فالمكان جميل وهادئ والطعام متوفر في مياه البحيرة وعلى شواطئها وبين الأشجار، لكنّ الإوزة

(زيزي) كانت كثيرة الشكوى والتبرُّم فهي تؤكد أنها لم تشبع يوماً واحداً مع أنها كانت كما تزعم قد

بحثت عن الطعام بجدّ في كل مكان لكنها في الحقيقة كانت تمضي معظم ساعات النهار نائمة قربَ

الشاطئ، وقد أخفت رجلها اليسرى في ريش بطنها، حالمةً بوجبة من القواقع والديدان والضفادع

الصغيرة. في صباح أحد الأيام استيقظت الإوزّات مذعوراتٍ على هدير حافلة تخترق الغابة، وتتقدم نحو

البحيرة متمايلةً على الطريق الترابي وقد أطلّت من النوافذ وجوهٌ صغيرة باسمة، أسرعت الإوزات

بالهرب

والاختباء واضطرت إحداهن للعودة بسرعة وجرّ زيزي الكسولة نحو أشجار الغابة، توقّفت الحافلة قرب

الشاطئ ونزل منها بسرعة ثلاثون طفلاً انتشروا هنا وهناك يركضون ويصرخون ويقفزون، ثمّ صمتوا

حين نزل المعلّم المشرف وأمرهم بالهدوء والاصطفاف أمامه، راح يوزّع عليهم مهام إقامة المعسكر

الصغير،

وسرعان ما ارتفعت الأعمدة وانتصبت الخيام ودُقّتْ الأوتادُ وشُدّت الحبال ثم رفرفتْ الأعلام.

وبعد استراحة قصيرة عقد الأطفال حلقات الغناء والرقص ثم تناولوا طعامهم واستراحوا في الخيام وبين

ظلال الأشجار، تسلّلت زيزي مستطلعة وكم كانت فرحتها كبيرة حين لمحت بقايا تفاحة، فانقضّت عليها

وابتلعتها دُفعة واحدة وأتبعتها بقطعة خبز وحين انتصف النهار كان بطن زيزي قد امتلأ تماماً.

في اليوم التالي قررت الإوزات مغادرة المكان والبحث عن مكان أكثر هدوءاً وأماناً لكنّ زيزي رفضت

الفكرة فهي تريد البقاء بعد أن ملّت من الطيران والبحث بمشقة عن الطعام ورفضت بعناد كلّ النصائح

التي قدّمتها صديقاتها وبعد أن يئسن من إقناعها اندفعن إلى الفضاء بأجنحتهن التي لمعت كالأشرعة

الصغيرة في أشعة الشمس وطُفن دورة كاملة حول البحيرة، ثم اندفعن يمخُرْن الفضاء الواسع نحو

الجنوب..

بقيت زيزي وحيدةً، شعرت بالحزن قليلاً وسُرعان ما نسيت وراحت تبحث عن بقايا الطعام حول الخيام

وتجرأت مرّة ودخلتْ خيمة مليئة بالخبز والخضار والفواكه فأخذت تنقر من هذا الطعام وذاك بنهم

وسرعة، ولم تتوقف إلاّ حين سمعت صُراخ الأطفال وقد أحاطوا بها من كل جانب وهم يصرخون بفرح

إوزّة.. إوزّة... حاولت الهرب وزعقت وفتحت منقارها ورفرفت بأجنحتها، لكنها وجدت نفسها أخيراً قد

رُبطت بمَرَسة إلى جذع شجرة وهدأ ضجيجها تماماً حين انهال عليها الطعام اللذيذ من أيدي الأطفال كما

قدموا إليها صحناً مليئاً بالماء العذب فكادت ترقص من الفرح واكتشفت زيزي أنّ الطعام يزداد كلّما

قفزت

وصفقت بجناحيها ورقصت فيضحكُ الأطفال ويزداد سخاؤهم... قالت زيزي في نفسها: (هذه هي الحياة

حقاً.. نومٌ وراحةٌ وطعام لذيذ دون جهد أو تعب... اللعنةُ على الضفادع والديدان والقواقع وطعمها

الكريه).
تتالت الأيام سهلةً سعيدةً على زيزي وقد امتلأت لحماً وشحماً... ولكنْ في عصر أحد الأيام لمحَتْ زيزي

الأطفالَ وهم يحزمون أمتعتهم ويقوّضون خيامَهم ثم اقترب منها طفل وأطلق سراحها... لم تفهم زيزي

ما

يجري ولكن حين أنشد الأطفال أغنية الوداع وركبوا الحافلة ثم لوّحوا لها بأيديهم أدركتْ أنهم راحلون..

تحرّكتْ الحافلةُ وزيزي مذهولةٌ لا تصدّق ما يجري فركضَتْ خلفَ الحافلة وهي تصرخ كواك... كواك...

كواك... ولكنّ الحافلة واصلت سيرها حتى الطريق المعبّد ثم اختفت في منعطف جبلي بعيد... وقفت

زيزي تنتظر ساعاتٍ حتى خيم الظلام... وكانت تقول لنفسها.. سيعودون... سيعودون حتماً... إنهم

أصدقائي لن يتركوني هكذا بلا طعام...

ونامت تلك الليلةَ قربَ الطريق تحلم بعودة الأطفال حاملين إليها صحوناً مليئة بالبسكويت والفستق

والشوكولا... لكنها استيقظتْ عند الفجر على نسمات باردة أرعشت قلبها فجرّت جسدها السمينَ نحو

البحيرة، بدا لها المكان موحشاً وعند الظهيرة قرص الجوع بطنها فأخذت تبحث عما خلّفه الأطفال فلم

تعثر على شيء لأن العصافير والنملات النشيطات قد نظَّفت المكان تماماً، فدفعها الجوع أخيراً لمطاردة

الضفادع والبحث عن الديدان والقواقع وبعد جهد كبير عثرت على قوقعة اختبأ فيها حلزون مسكين

فابتلعتها بصعوبة وقرف وشعرت كأنّ حجراً كبيراً يرقدُ في بطنها، وهكذا نامت زيزي تلك الليلة وحيدة

جائعة، وأيقظَها فجأةً في الصباحِ هديرُ محرك سيارة قادمة من بعيد، فركضت زيزي فرحةً نحو الطريق

وهي تصرخ كواك... كواك... ولكنها تجمّدتْ فجأة حينَ لمحتْ سيّارة صغيرة قادمة نحوها... توقفت

السيارةُ وامتدتْ من نافذتها فُوّهة بندقية ثم أومض برقٌ وأعقبه دويٌّ مفزع، انخلعَ قلب زيزي من

الرعب حين رأت ريشات تتطاير من جناحها الأيسر وأحسّت بسائل ساخن يقطر منه فاندفعت تقفزة بكل

قوتِها نحو الغابة وهي تصرخ مذعورة... زيزي تركض ورصاص الصيادين يلاحقها... حاولَتْ الطيرانَ

لكنّ جناحها المحطّم فَقَدَ القدرة على الحركة، وأخيراً توقفت يائسة لاهثة خلف إحدى الأشجار والرصاصُ

يحاصرها... نظرت بلهفة إلى السماء فشاهدت سرباً من الإوز يعبرُ الفضاء بحريّة وشموخ فتمنّتْ زيزي

من أعماقها أن تكون طائرة معه تعانق بجناحيها أجنحة الرياح.

نور الدين الهاشمي،أزهار الصداقة قصص للأطفال،منشورات اتحاد الكتاب العرب،دمشق 2003.
http://www.brg8.org/upfiles/HGv58126.gif
http://www.yesmeenah.com/smiles/smiles/49/dd.gif

علي النموشي
2009-08-23, 15:27
زيزي هذه محظوظة هههههههههههههههههههه
شكرا اخي على القصة

ينابيع الصفاء
2009-08-24, 15:26
زيزي هذه محظوظة هههههههههههههههههههه
شكرا اخي على القصة
أكتب...
أكتب دون توقف....أكتب بكل تأسف
عن الظلم والتعسف....عن الفقر والتخلف
أكتب دون تردد....عن الظلم والتوعد
عن الطاعة والتمرد....عن الإتحاد والتبدد
أكتب بكل ألم....عن الأخلاق والقيم
عن القصور والخيم....عن الوجود والعدم
أكتب عن الحب والهوى....عمن ظهر ثم اختفى
عن الكلام وجفى....عن حبيب وكفى
أكتب عن الحب....و ما حس به القلب
أكتب عن أم و أب....و أهل و نسب
أكتب عن غريب....ترك الأهل و الحبيب
عن محرض وطيب....و عن قدر و نصيب.

ينابيع الصفاء
2009-09-29, 20:21
لا تكونوا كالإوزة زيزي.

هبة الله الرحمن
2009-09-30, 15:47
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رائع ما نقلته اليوم...الفضول والطمع يوصل الى ما وصلت اليه زيزى

تحياتى تقبل مرورى واحترامى

ينابيع الصفاء
2009-10-01, 19:13
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رائع ما نقلته اليوم...الفضول والطمع يوصل الى ما وصلت اليه زيزى

تحياتى تقبل مرورى واحترامى


دام نبض حرفك
شكرا على تواصلك
بارك الله فيك وسدد خطاك.
و كما قيل من لم تشابهه الأحياء في شيم أمسى تشابهه الأموات في الرمم

ينابيع الصفاء
2010-07-20, 15:29
الإوزة زيزي....للعبرة

*الراجي عفو الله*
2010-07-23, 12:01
http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSS-9cWVIhYnFa0d6opbP-tf2mtuABjE8cOls9vyoyM-1b3uS4&t=1&usg=__U3-fIWW8gZ83DPLKWlbbvQtTDRw=


http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQLWcqoCpL8SO169n4wvCzvXs6wLDgct XUPF6npb7u1ZtObppQ&t=1&usg=__HY1NAFxB05jAVDWByPnwchV7ftE=

ابن العروب
2010-07-23, 13:05
أخي ينابيع الصفاء جزاك الله كل خير على هذه القصة والعبرة
قصة للكبار قبل الصغار
ومثل ما كانت تقول ستي الختياره الموت مع الجماعه رحمة ، ولا تتكبر عن أصحابك الكل بيهابك
واللي مش كارو يا ناروا

دمت بخير ولا حرمنا جديدك

ينابيع الصفاء
2010-09-12, 23:50
شكرا لكم على المرور

نزار علي
2010-09-13, 13:02
سلام الله عليكم
على بساطة الشخوص كان المغزى قويا
أجدت في نقل المعنى كما أحسنت في نسج المبنى
كان السرد والوصف رائعين
سلام

مسقم الطيب
2010-09-13, 16:18
شكرا أرجو لك كل التوفيق
بارك الله فيك