مراد_2009
2010-09-06, 12:00
أسباب الوقوع في الابتداع والتحزب
الشيخ محمد الامام
بسم الله الرحمن الرحيم
أسباب الوقوع في الابتداع والتحزب كثيرة وسأذكر بعضا منها:
السبب الأول: الجهل بشرع الله:
وهو عدو رسالات الرسل فلهذا جعل الله الجهال شر الدواب فقال تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} [الأنفال : 22]، وجعلهم سبحانه أضل من الأنعام فقال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } [الفرقان : 44]، فانظر رحمك الله إلى بالغ الذم للجهال من قبل الله فقد جعلهم شر الدواب على اختلاف أصنافها وأنواعها من حمُر وسباع وكلاب وحشرات وضفادع.
وجهل المسلمين بدينهم أعظم سبب لانحرافهم عنه، وهو داء المنحرفين قال ابن عيينة: (الجهل بمنـزلة الكفر، والعلم بمنزلة الإسلام). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب "الإيمان": (إذا تدبرت حجج أهل الباطل رأيتها دعاوى لا يقوم عليها دليل). وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: (أما شجرة الجهل فتثمر كل ثمرة قبيحة من الكفر والفساد والشرك والظلم والبغي والعدوان والجزع والهلع والكنود والعجلة والطيش والحدة والفحش والبذاء والشح والبخل ومن ثمرته الغش للخلق والكبر عليهم والفخر والخيلاء والعجب والرياء والسمعة والنفاق والكذب وإخلاف الوعد والغلظة على الناس والانتقام ومقابلة الحسنة بالسيئة والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وترك القبول من الناصحين وحب غير الله ورجاؤه والتوكل عليه وإيثار رضاه على رضاء الله وتقديم أمره على أمر الله والتماوت عند حق الله والوثوق بما عند حق نفسه والغضب لها والانتصار لها فإذا انتهكت حقوق نفسه لم يقم لغضبه شيء حتى ينتقم بأكثر من حقه وإذا انتهكت محارم الله لم ينبض له عرق غضبا لله فلا قوة في أمره ولا بصيرة في دينه، ومن ثمرتها الدعوة إلى سبيل الشيطان وإلى سلوك طريق الغي واتباع الهوى وإيثار الشهوات على الطاعات وقيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ووأد البنات وعقوق الأمهات وقطيعة الأرحام وإساءات الجوار وركوب مراكب الخزي والعار والشر بمجموعه شوك يجتنى من شجرة الجهل... وكل شر وفساد حصل في العالم ويحصل إلى قيام الساعة وبعدها في القيامة فسببه مخالفة ما جاءت به الرسل في العلم والعمل)
وذهاب الإسلام إنما جاء عن طريق الجهل فهو جسر الشر كله قال محمد بن الفضل: (وذهاب الإسلام على أيدي أربعة أصناف من الناس: صنف لا يعملون بما يعلمون، وصنف يعملون بما لا يعلمون، وصنف لا يعملون ولا يعلمون، وصنف يمنعون الناس من التعلم). فانظر كيف أظهر هذا العالم أن الشر بحذافيره هو بسبب الجهل فكل الأصناف الأربعة مردودة إلى الجهل أعاذنا الله منه، أما الصنف الأول والثاني فقد قال فيهم السلف: (احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل فهما فتنة لكل مفتون)، وأما الصنف الثالث فهم كالأنعام، وأما الصنف الرابع وهم الذين يثبطون الناس عن التفقه في الدين فهم نواب إبليس في الأرض وهم أضر على الناس من شياطين الجن.
وجهل أهل البدع نجملها في الآتي:
1- الجهل بمنهج الأنبياء وما أنزل الله إليهم من الهدى والنبوة.
2- الجهل بنصوص الشرع.
3- الجهل بآثار السلف وعقيدتهم ومنهجهم ومنزلتهم.
4- الجهل بقواعد الشرع ومقاصده.
5- الجهل بمنهج الاستدلال والتلقي فهم مبتلون بهذه الأنواع وإن كانوا متفاوتين في ذلك.
السبب الثاني: البغي والظلم:
إن من موجب الاختلاف بين المسلمين البغي وهو الذي وقع فيه أهل الكتاب قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ} [آل عمران : 19]، وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [البقرة : 213]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والبغي إما تضييع للحق وإما تعد للحد، فهو إما ترك واجب وإما فعل محرم، فعلم أن موجب التفرق هو ذلك)
وقال وهو يتحدث عن الاختلاف الناجم عن البغي: (وهذا حال أهل الاختلاف المذموم من أهل الأهواء كلهم لا يختلفون إلا من بعد أن يظهر لهم الحق ويجيئهم العلم فيبغي بعضهم على بعض ثم المختلفون المذمومون كل منهم يبغي على الآخر فيكذب بما معه من الحق مع علمه أنه حق، ويصدق بما مع نفسه من الباطل مع العلم أنه باطل، وهؤلاء كلهم مذمومون، ولهذا كان أهل الاختلاف المطلق كلهم مذمومين في الكتاب والسنة، فإنه ما منهم إلا من خالف حقا واتبع باطلا)
وقال أيضا في "مجموع الفتاوى" 1/14-15: (وهذا كما قال تعالى عن أهل الكتاب {وَمِنْ الَّذِينَ قالوا إنا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة : 14] فأخبر أن نسيانهم حظا مما ذكروا به – وهو ترك العمل ببعض ما أمروا به – كان سببا لإغراء العداوة والبغضاء بينهم، وهكذا هو الواقع في أهل ملتنا مثلما نجده بين الطوائف المتنازعة في أصول دينها وكثير من فروعه من أهل الأصول والفروع). وقال: (وقد ظهر بذلك أن المفترقين المختلفين من الأمة إنما ذلك بتركهم بعض الحق الذي بعث الله به نبيه، وأخذهم باطلا يخالفه واشتراكهم في باطل يخالف ما جاء به الرسول وهو من جنس مخالفة الكفار للمؤمنين... فإذا اشتركوا في باطل خالفوا به المؤمنين المتبعين للرسل نسوا حظا مما ذكروا به فألقى بينهم العداوة والبغضاء واختلفوا فيما بينهم في حق آخر جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فآمن هؤلاء ببعضه وكفروا ببعضه والآخرون يؤمنون بما كفر به هؤلاء ويكفرون بما يؤمن به هؤلاء وهنا كلا الطائفتين المختلفتين المتفرقتين مذمومة وهذا شأن عامة الافتراق والاختلاف في هذه الأمة وغيرها)
وقال أيضا: (وكذلك جعل الله مصدره أي : الاختلاف البغي... لأن البغي مجاوزة الحد وذكر هذا في غير موضع من القرآن ليكون عبرة لهذه الأمة ...)
وقال أيضا: (وجماع الشر الجهل والظلم قال تعالى:{و َحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب : 72])
يتبع انشاء الله
الشيخ محمد الامام
بسم الله الرحمن الرحيم
أسباب الوقوع في الابتداع والتحزب كثيرة وسأذكر بعضا منها:
السبب الأول: الجهل بشرع الله:
وهو عدو رسالات الرسل فلهذا جعل الله الجهال شر الدواب فقال تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} [الأنفال : 22]، وجعلهم سبحانه أضل من الأنعام فقال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } [الفرقان : 44]، فانظر رحمك الله إلى بالغ الذم للجهال من قبل الله فقد جعلهم شر الدواب على اختلاف أصنافها وأنواعها من حمُر وسباع وكلاب وحشرات وضفادع.
وجهل المسلمين بدينهم أعظم سبب لانحرافهم عنه، وهو داء المنحرفين قال ابن عيينة: (الجهل بمنـزلة الكفر، والعلم بمنزلة الإسلام). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب "الإيمان": (إذا تدبرت حجج أهل الباطل رأيتها دعاوى لا يقوم عليها دليل). وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: (أما شجرة الجهل فتثمر كل ثمرة قبيحة من الكفر والفساد والشرك والظلم والبغي والعدوان والجزع والهلع والكنود والعجلة والطيش والحدة والفحش والبذاء والشح والبخل ومن ثمرته الغش للخلق والكبر عليهم والفخر والخيلاء والعجب والرياء والسمعة والنفاق والكذب وإخلاف الوعد والغلظة على الناس والانتقام ومقابلة الحسنة بالسيئة والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وترك القبول من الناصحين وحب غير الله ورجاؤه والتوكل عليه وإيثار رضاه على رضاء الله وتقديم أمره على أمر الله والتماوت عند حق الله والوثوق بما عند حق نفسه والغضب لها والانتصار لها فإذا انتهكت حقوق نفسه لم يقم لغضبه شيء حتى ينتقم بأكثر من حقه وإذا انتهكت محارم الله لم ينبض له عرق غضبا لله فلا قوة في أمره ولا بصيرة في دينه، ومن ثمرتها الدعوة إلى سبيل الشيطان وإلى سلوك طريق الغي واتباع الهوى وإيثار الشهوات على الطاعات وقيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ووأد البنات وعقوق الأمهات وقطيعة الأرحام وإساءات الجوار وركوب مراكب الخزي والعار والشر بمجموعه شوك يجتنى من شجرة الجهل... وكل شر وفساد حصل في العالم ويحصل إلى قيام الساعة وبعدها في القيامة فسببه مخالفة ما جاءت به الرسل في العلم والعمل)
وذهاب الإسلام إنما جاء عن طريق الجهل فهو جسر الشر كله قال محمد بن الفضل: (وذهاب الإسلام على أيدي أربعة أصناف من الناس: صنف لا يعملون بما يعلمون، وصنف يعملون بما لا يعلمون، وصنف لا يعملون ولا يعلمون، وصنف يمنعون الناس من التعلم). فانظر كيف أظهر هذا العالم أن الشر بحذافيره هو بسبب الجهل فكل الأصناف الأربعة مردودة إلى الجهل أعاذنا الله منه، أما الصنف الأول والثاني فقد قال فيهم السلف: (احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل فهما فتنة لكل مفتون)، وأما الصنف الثالث فهم كالأنعام، وأما الصنف الرابع وهم الذين يثبطون الناس عن التفقه في الدين فهم نواب إبليس في الأرض وهم أضر على الناس من شياطين الجن.
وجهل أهل البدع نجملها في الآتي:
1- الجهل بمنهج الأنبياء وما أنزل الله إليهم من الهدى والنبوة.
2- الجهل بنصوص الشرع.
3- الجهل بآثار السلف وعقيدتهم ومنهجهم ومنزلتهم.
4- الجهل بقواعد الشرع ومقاصده.
5- الجهل بمنهج الاستدلال والتلقي فهم مبتلون بهذه الأنواع وإن كانوا متفاوتين في ذلك.
السبب الثاني: البغي والظلم:
إن من موجب الاختلاف بين المسلمين البغي وهو الذي وقع فيه أهل الكتاب قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ} [آل عمران : 19]، وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [البقرة : 213]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والبغي إما تضييع للحق وإما تعد للحد، فهو إما ترك واجب وإما فعل محرم، فعلم أن موجب التفرق هو ذلك)
وقال وهو يتحدث عن الاختلاف الناجم عن البغي: (وهذا حال أهل الاختلاف المذموم من أهل الأهواء كلهم لا يختلفون إلا من بعد أن يظهر لهم الحق ويجيئهم العلم فيبغي بعضهم على بعض ثم المختلفون المذمومون كل منهم يبغي على الآخر فيكذب بما معه من الحق مع علمه أنه حق، ويصدق بما مع نفسه من الباطل مع العلم أنه باطل، وهؤلاء كلهم مذمومون، ولهذا كان أهل الاختلاف المطلق كلهم مذمومين في الكتاب والسنة، فإنه ما منهم إلا من خالف حقا واتبع باطلا)
وقال أيضا في "مجموع الفتاوى" 1/14-15: (وهذا كما قال تعالى عن أهل الكتاب {وَمِنْ الَّذِينَ قالوا إنا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة : 14] فأخبر أن نسيانهم حظا مما ذكروا به – وهو ترك العمل ببعض ما أمروا به – كان سببا لإغراء العداوة والبغضاء بينهم، وهكذا هو الواقع في أهل ملتنا مثلما نجده بين الطوائف المتنازعة في أصول دينها وكثير من فروعه من أهل الأصول والفروع). وقال: (وقد ظهر بذلك أن المفترقين المختلفين من الأمة إنما ذلك بتركهم بعض الحق الذي بعث الله به نبيه، وأخذهم باطلا يخالفه واشتراكهم في باطل يخالف ما جاء به الرسول وهو من جنس مخالفة الكفار للمؤمنين... فإذا اشتركوا في باطل خالفوا به المؤمنين المتبعين للرسل نسوا حظا مما ذكروا به فألقى بينهم العداوة والبغضاء واختلفوا فيما بينهم في حق آخر جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فآمن هؤلاء ببعضه وكفروا ببعضه والآخرون يؤمنون بما كفر به هؤلاء ويكفرون بما يؤمن به هؤلاء وهنا كلا الطائفتين المختلفتين المتفرقتين مذمومة وهذا شأن عامة الافتراق والاختلاف في هذه الأمة وغيرها)
وقال أيضا: (وكذلك جعل الله مصدره أي : الاختلاف البغي... لأن البغي مجاوزة الحد وذكر هذا في غير موضع من القرآن ليكون عبرة لهذه الأمة ...)
وقال أيضا: (وجماع الشر الجهل والظلم قال تعالى:{و َحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب : 72])
يتبع انشاء الله