المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإحسان.. حتى لا نخسر رمضان


joulia88
2010-09-03, 15:12
من المثير للتعجب والدهشة ما نراه في مساجدنا في الأيام الأخيرة من رمضان، إنه يذكرني بتلك القصة المؤثرة، والتي تحكي أن عاملاً ماهرًا كان يعمل بمصنع للأثاث في بلد أوروبي، وبعد عشرين عامًا من تفانيه في العمل والإخلاص والإتقان، الذي يشهد له به الجميع، أحس أن هذه الشركة لا تُقدّره، فهو يتلقى الزيادات السنوية كأي عامل لا يتقن إتقانه، فندم على جهده وسنوات عمره التي قضاها بالشركة في الاجتهاد والتجويد والإتقان، وكفَر بكل المُثُل والقِيمِ النبيلة التي كان يفخر بها.. ذهب إلى صاحب الشركة وأخبره بأنه قرر ترك العمل في نهاية الشهر؛ فصحته لم تعد تحتمل المزيد من التعب والمشقة، فوافق صاحب العمل على الفور مع ابتسامة طيبة (مما أثار غضب العامل أكثر)، ولكنه طلب من هذا العامل أن يُنجز له مهمة واحدة قبل أن يترك العمل ويغادر المصنع، (أحس العامل بضيق أكبر من ذي قبل). وافق العامل وفي نيته أن يؤدي العمل على أي شكل كان، وقال في نفسه: كم اجتهدت ولم يقدِّرني، لن أتقن له عملاً بعد الآن! قال صاحب المصنع: أريدك أن تُشرف لي على بناء منزل جميل رائع، تختار أنت مكانه وعُمّاله وأثاثَه، وستكون خزانة الشركة تحت أمرك خلال هذه الفترة. في نهاية الشهر، دخل العامل على صاحب المصنع ومعه مفاتيح المنزل المطلوب وقال: قد أنهيت مهمتي، وهاكَ المفاتيح.. وقبل أن يكمل العامل كلامه قال صاحب المصنع له: هذه المفاتيح لك، فقد كنت تبني منزلك الذي أُهديه إليك جزاء إتقانك وإخلاصك ونزاهتك طوال عملك معنا بهذا المصنع!! وهنا سُقط في يد العامل وندم؛ لكنه لم يستطع أن يخبر صاحب الشركة بأن هذا البيت الأخير هو أسوأ عمل أنجزه طوال حياته. وهذا ما يحدث في مساجدنا الآن، لقد قلَّتْ صفوف المصلين بشكل واضح، وانفضّ كثير من المصلين عن مساجدهم،
فما ظن هؤلاء الهاجرين للمساجد برب العالمين؟ أيعقل أنهم يظنون به ظن العامل بصاحب المصنع؟
سبحان الله، هذا الرجل كان يتفاني في عمله طلبًا للأجر والمكانة عند البشر، واستمر عشرين عامًا لا ييئس من الحصول عليهما، فكيف بك أيها الصائم والصائمة وأنتما تنتظران الثواب من الله الذي قال عن نفسه سبحانه وتعالى: ((إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً))[الكهف:30]؟
أنحن- المسلمين- الذين ننتظر الفضل والأجر وليلة القدر وجنة عرضها السماوات والأرض لا نريد أن نجتهد ونحسن؟ أبعد عشرين يومًا نترك المساجد مستكثرين ساعة أو ساعتين من القيام بين يدي الله ما تبقى من رمضان، ونحن موعودون من الله بيوم الجائزة، وجنة الخلد، والنعيم الأبدي؟
أليست هذه الأيام أحق بالجد والاجتهاد أكثر مما سبق، كما كان قدوتنا صلى الله عليه وسلم يفعل، تقول عائشة رضي الله عنها: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ"[رواه البخاري].
وعنها أيضًا أنه كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا[رواه الترمذي وصححه الألباني].
وكيف لا وهو قدوتنا الذي علّمنا وأمرنا أن نتحرى فيها ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر من العبادة الخالصة ومن الجهاد في سبيل الله، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ"[متفق عليه]، وفي رواية: "تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ"[رواه مسلم].
وما ذاك الأمر منه r بتحري ليلة القدر إلا حرصًا على دلالة أمته إلى مواسم الخيرات، وأيام البركات والنفحات التي لا تُعوض، فاغتنموها وأعينوا أنفسكم بكثرة السجود والقيام في هذه الأيام القلائل المتبقية من شهر الإحسان، قال تعالى: ((هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)) [الرحمن:60]، وقال أيضًا: ) وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ( [البقرة: 195]. ويقول الشاعر: لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعروفِ أَصغَرَهُ *** أَحسِن فَعاقِبَةُ الإِحسانِ حُسناهُ والإحسان كما عرّفه النبي r في الحديث: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"[متفق عليه].
فكل شخص فعل معروفًا، أو أدَّى طاعة أو عملاً طيبًا صالحًا على أحسن وجه، وأفضل طريقة، أو ابتعد عن معصية أو شر؛ لأنه يشعر أن الله يراه، فهو من المحسنين، قال تعالى: )..الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً..([الملك:2] قال المفسرون: يعني ليختبركم أيكم له أطوع، وإلى رضاه أسرع.
إذن فليس المقصود هو كثرة العمل أو كبره، وإنما المهم أن نكون محسنين فيه، فإننا إن تدبرنا ونظرنا في القرآن الكريم لوجدنا دعوة واسعة ونصوصًا كثيرة في العديد من سوره إلى الإحسان بكل أشكاله وألوانه، ومنها:
1- إحسان الدين قوله تعالى: ((وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ..))[النساء: 125].
2- إحسان العمل قوله تعالى: ((...لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا))[هود: 7].
3- إحسان القول قوله تعالى: ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..))[النحل:125]. وقوله تعالى: ((وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ))[الإسراء:53]، ومنه أيضًا إحسان التحية: ((وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا..))[النساء:86].
4- وفي الإحسان إلى الوالدين كثرت النصوص القرآنية، ونختار منها قوله تعالى: )وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا( [الأحقاف:15].
5- وفي كونه تعالى اختار الإحسان في حسابه وجزائه لعباده المؤمنين، وأوجب على نفسه مجازاتهم على أفضل أعمالهم؛ ليكون الثواب أعظم وأفضل، قال تعالى: ((لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ))[التوبة: 121]، وقوله تعالى: ((لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ))[النور:38].
6- وفي كونه لا يضيع أجر من أحسن، مهما كان إحسانه قليلاً أو عظيمًا، قال تعالى: (( إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً))[الكهف:30].
والنبي r يجمع ذلك كله في عبارة سهلة الفهم، واضحة المعنى، فيقول: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ"[رواه مسلم].
وبهذا يتبين لنا أن المسلم في كل وقت ومكان مدعوٌّ إلى الإحسان، فما بالكم في شهر الإحسان والعفو والغفران؟ وأن الإحسان مطلوب في كل شيء على قدر طاقتنا ووسعنا؛ لنظفر بجزيل الأجر، ووافر العطاء من أكرم الأكرمين، وكيف لا والقرآن بين أيدينا يهتف بنا (( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ))[يونس:26]؟!
فلا تقولنَّ أبدًا: كم أحسنتُ ولم يُقدِّرني أحد؛ فالله مطلع يراك، وهو من يخاطبك بقوله: )وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ([يوسف:90].
وما أحسن قول الشاعر:
أحْسِنْ الظنَّ بالعليِّ الكبير فهو ربُّ الإحْسانِ والتدبير

fatimazahra2011
2010-09-03, 15:16
http://m002.maktoob.com/alfrasha/ups/u/25467/30212/381518.gif

joulia88
2010-09-03, 15:19
شكرااااااااااااا أ ختي فاطمة

ikram95
2010-09-03, 15:42
شكرا لك و باركط الله فيك و جزاك الجنة .

joulia88
2010-09-04, 13:42
شكرا لك و باركط الله فيك و جزاك الجنة .

شكرااااااااااااااااااااا