المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عدو المرأة وصديقها


الصديق الذهبي
2010-08-28, 22:10
يتحدث بعض الكاتبين اليوم عما يسمونه حقوق المرأة , ذاهبين في إلقاء حبلها على غاربها مذهباً لايقف عند أي حد , فتطلق العامة عليهم لقب : نصير المرأة

ويتحدث آخرون فيفصلون في الأمر لايبيحون لها كل شيء ولايمنعونها من كل شيء , سائرين في بحثهم على هدي الدين والعقل والفضيلة فتطلق العامة على هؤلاء لقب : عدو المرأة !!

والحقيقة إن كلا اللقبين غير صحيح , فلا الباحث الأول صديق مخلص للمرأة كما قد تتوهم هي , ولاالثاني عدو لها كما قد تحسب وتظن .

وإنما الذي يملك أن يعرفنا بكل من نصير المرأة وعدوها عن صدق هو المجتمع وحده ..المجتمع بدلائله التاريخية وبكل مايتجلى فيه من تجارب ونتائج .

وسأتحدث الآن في أهم جانب من جوانب (حقوق المرأة ) وهو : عملها العما في المجتمع , سائراً في ذلك وراء ماخلفه المجتمع من نتائج وتجارب , جامعاً من مجموع تلك النتائج سطورا تعبر عن قرار المجتمع وحكمه على هذا الأمر تاركا للقراء قراءة تلك السطور وسماع صوت المجتمع من خلالها .

: وللمرأة حينما تندفع إلى العمل خارج بيتها ثلاثة ظروف
1- أن يقودها إلى ذلك نحس الدهر وسوء طالعه , كأن لاتجد من حولها المسؤول الذي يتولى الإنفاق عليها أو تجده ولكنه يحتاج هو الآخر إلى من ينفق عليه , فما من ريب أن المرأة لها في هذه الحال أن تبحث عن العمل الشريف أياً كان مادامت تتقنه وتقدر على القيام به دون ارتكاب لمحرم , ومامن ريب أن مثل هذا الظرف ليس مجال بحث أو خلاف .
2- أن يضطر المجتمع نفسه لعمل المرأة , بسبب أن هنالك مرافق لاتشغلها إلا المرأة ولايصلح لها إلا هي , كمهمة التمريض في المشافي , ووظيفة التعليم للفتيات ومهنة الخياطة وبعض الأعمال اليدوية التي قلما يتقنها إلا النساء فما من ريب أن مثل هذا أيضاً ليس مجال بحث أو خلاف , ومامن شك في أن المرأة إذ تملأ فراغ هذه المرافق تقوم مشكورة بوظيفة اجتماعية ذات أهمية لاتنكر .
3- أن يشعر البعض - أو الكل – بالرغبة في توظيف المرأة في دوائر الموظفين , وأبهاء البنوك والشركات والوزارات ... أو أن تشتهي المرأة نفسها جمع قدر من المال أكثر , وإن كان لها الزوج الغني , أو الولي الثري أو لمال الكثير – فهذا مايدور حوله بحث الباحثين , وهو البحث الذي خيل للمرأة أن بعض الرجال أعداء لها , على حين أن بعضهم الآخر نصراء وأصدقاء , ولاريب أنه خيال غريب لايوجد مايسوغه مادام أن نظام مجتمعنا وانسجامه هو الصديق الأول للجميع ومادام من المفروض أن يكون الرجال منا والنساء في خدمة ذلك النظام وانسجامه .

إن حكاية عمل المرأة خارج بيتها – في الصورة الثالثة التي هي وحدها مجال البحث – تشكل جزءاً كبيرا من مشكلاتنا الاجتماعية والحضارية سواء أحكمنا عليه بالإيجاب أو السلب . ولاريب أن أول شرط بدهي لصلاح الحضارة هو توفر عنصر الانسجام بين أجزائها ونظمها . فتعالوا نبحث : هل يوجد انسجام بين عمل المرأة في المجتمع – على هذه الصورة – وبين بقية أجزاء حضارتنا ونظام مجتمعنا ؟

إن من نظم مجتمعنا التي لاخلاف فيها , القواعد التالية :
1- الرجل هو الذي ينفق على زوجته وبيته وأولاده
2- الرجل هو المكلف بدفع المهر لزوجته
3- الأم هي المسؤولة الأولى عن تربية أولادها ورعايتهم .
وإن من نتائج توظيف المرأة في الوضع الثالث الذي ذكرناه ظهور الحالات التالية :
1- أن تضيق سبل العمل والوظائف أمام الرجال .
2- أن يستوي كل من الرجل والمرأة في نتيجة الاكتساب
3- أن لايبقى أي مسوغ لتكليف الرجل بالنفقة على أسرته ولاتقديم المهر لزوجته
4- أن تصبح المسؤولة الأولى عن تربية الأطفال , الصانعات والخادمات .

وأنا لاأستخرج هذه النتائج من مجرد الفكر ولاأستثمرها من الوهم والخيال . ولكني أراها ماثلة أمامي في كثير من المجتمعات المحيطة بنا والتي سلكت هذا المسلك من قبلنا . بل أراها في النتائج التي ظهرت في مجتمعنا ذاته , ولعل في مذكرات عشرات الشبان الباحثين عن الأعمال , عشرات الوقائع التي يقذف بها المجتمع , ولعل قراء (الأيام ) يذكرون يوم أن كتب شاب جامعي كلمة فيها يشكو إلى سمع الناس وأبصارهم هذا الأمر ويقول بأنه تقدم إلى شركات وبنوك كثيرة ووظائف مختلفة يعرض خبرته الجيدة باللغات والضرب على الآلات الكاتبة والحاسبة ثم يطلب عملا يقوم به وإذا الجميع يصدون ويعتذرون ...إما لأن آنسة قد سبقته , أو لأنهم يفضلون أن يوظفوا آنسة !!...ثم يتساءل في مرارة : لماذا يلاحقه المجتمع إذا بالنفقة والمهر . مادام أنه يشقى في سبيل أن يقدم للمرأة المهر والمال ثم تأتي المرة نفسها لتغلق عليه الباب ولتستقل هي بالعمل والمال ؟! ..

والكاتب لم يكن شيخا جاء من المسجد ولارجعيا يحارب (التقدميين ) , ولكنه مجرد عضو في هذا المجتمع ذاق مرارة الاضطراب وعدم الانسجام ونتائج هذا الخلط العفوي الأرعن في قضايا السلوك الاجتماعي .
وإن العاقل ليتساءل حقا : ماالمسوغ إذا والحالة هذه لملاحقة المجتمع لمثل هذا الشاب مطالبا إياه وحده بنفقات تأسيس الأسرة والبيت وماإلى ذلك ؟ ولماذا لاتكون المرأة هي المسؤولة عن الإنفاق على نفسها وشؤونها في مثل هذه الحالة ؟..
ولاريب أن الجواب على هذا التساؤل أحد شيئين :

إما أن يكون السكوت والتجاهل كما هو الحال الآن ..وتلك أعظم مشكلة اجتماعية في الدنيا , إذ هي أهم عامل لإثارة الصراع النفسي والقلق الفكري لدى الفرد والمجتمع وهو مايثيره بيننا الاستعمار عن طريق رسله الفكريين بدون أن نشعر .

وإما أن نترك للنساء وظائفهن كما هي ونلتفت إلى بقية نظم مجتمعنا التي استقينا معظمها من تشريع الله وأحكامه فنقلبها ظهرا على عقب لمجرد شيء واحد ألا وهو أن تبقى الأبهاء والدواوين منقوشة بمنظر الجنس اللطيف !!...

ومعنى ذلك أن تلغى مسؤولية المهر والإنفاق على الرجل وتصبح المرأة بالتدرج الطبيعي هي التي تحمل المهر إلى خطيبها , كما هو الحال في وجهات كثيرة من أوربا وحينئذ أيضا تنقلب المرأة شيئاً فشيئاً فتصبح هي الراغبة والطالبة ...بعد أن سمت شريعة الله ففرضت أن تكون هي المطلوبة والمرغوب فيها , وانظر أنت إلى الفرق بين الشريعتين لتفهم مدى إعزاز الله للمرأة , انظر إلى المرأة في فرنسا كم تسقط من سقطة , وكم يلهو بها رجل إلى أن تصل إلى الزواج الذي تبحث عنه !....

ومعنى ذلك أيضا أن نجعل المسؤول الأول عن رعاية الأطفال الخادمات والصانعات وانظر أنت كم في هذا النظام المعاكس للفطرة من خطورة مهددة للأطفال .. وانظر إلى المربي الفرنسي المعروف – جان جاك روسو – كم حذر المرأة الفرنسية التي نسيت أبسط قاعدة من قواعد الفطرة في سبيل أن تنغمس في شهواتها وأنانيتها , وكم أهاب بها أن تعود إلى بيتها فتتولى هي أمر أطفالها . ولكن المرأة الفرنسية استعاضت عن نصيحة " روسو " بأن راحت تحتقر الخادمات وتضربهن أمام أولادها كي لاتتعلق عواطفهم بهن من دونها على ماتزعم ولكنها لم تعلم أنها أضافت بفعلها هذا بلاء ثانيا فغرست بذلك أرذل طباع الحقد والاحتقار وإنكار المعروف في نفوس أطفالها .

أجل ...هكذا سنضطر أن نعمل في سبيل أن تنعم الفتاة بالاً وهي تجلس على كرسي وظيفتها . كما اضطرت المجتمعات المختلفة الأخرى إلى ذلك من أجل هذه الشهوة نفسها .

فهل توافق المرأة المسلمة الشريفة على هذا التبديل والتغيير ؟؟ وهل يرضى من يسمون أنفسهم أنصاراً للمرأة أن نقوض دعائم مجتمعنا التي ورثناها من وحي التعقل والمصالح الإنسانية , ويقين الحكمة الربانية التي شرعه الله لنا وألزمنا به ؟؟

إذا كان ذلك , فإن المشكلة إذا ليست في أن تعمل المراة في المجتمع أو لاتعمل , ولكن المشكلة هي : هل نحن راضون بفطرة الإسلام , ووحي المنطق , وتماسك الأسررة .

ولاريب أن كل عضو صادق غير دخيل في مجتمعنا يفتدي مقومات هذا المجتمع ومبادئه بكل مايملك , أما الذي لايهمه أن يضحي بكل تلك المبادىء والمقومات في سبيل هوى من الأهواء التي ساقها إليه رياح الغرب , فما هو عضواً في مجتمعنا الإسلامي االذي يعتز بتراثه ومثله العليا , حتى يملك أن يرتئي له فضلاً عن أن يحكم عليه

ليلى الجزائرية1
2010-08-29, 01:28
http://www14.0zz0.com/2010/07/23/11/727981023.jpg (http://www.0zz0.com)