شجون القلم
2010-08-15, 23:52
إذا رأيت سجينا" نائما" فلا توقظه ، سمعت هذه الجملة من أحد العابرين ، كنت أحس دون أن أعي أن الروح تخلع الجسد حين يذهب المرء الى النوم ، وحدها تلك الليالي المظلمة العواقر تدرك كم كنت أطارد النوم في صحراء ذلك الزمن القاحل ، كانت هناك حرب ضروس بين روحي المهاجرة وجسدي المقيم الحزين .
قلت : هل أصبح جسدي غير صالح لإقامة روحي فيه ؟!! وهل المقيم في الجحيم ينفعه وجود الأصدقاء إلى جانبه ؟!! وهل قوة الحياة الداخلية تجعل المرء مسيطرا" باستمرار ؟! وهل البدن ظالم لأنه سجين النفس ، كما يرى أفلاطون ؟ إذا كان كل هذا صحيحا" فلماذا الحرص على الحياة ؟ ولماذا نخاف الموت ؟ وما الغاية من الحياة ؟ وهل الحب كهرباء تلك الظلمة القاتمة من الوجود ؟ وهل الإبداع يضمن الخلود ، ويميت الموت ؟ وهل هناك غاية لهذه الحياة الممتدة بين المشيمة والكفن ؟ لماذا يصر الإنسان على الولادة ، وهو يدري أنه يلد للموت؟ في رأي أن الإنسان يضمر حب الموت كما يعلن حب الحياة . لولا الموت غدت الحياة بلا معنى .
الحبيبة بلا موت لا تبقى حبيبة ( وعشاق الحياة فقط مستعدون للموت دوما" ) كما يقول ( غريغوري كورسو ) إذا كانت الحياة في أحشائها تضمر الموت فلم نخاف الموت ؟ ولم نحزن ؟ الحياة تظلمنا ونحزن لفراقها . إنها غير عادلة فهل يستمر ظلمها بعد الموت ؟ إننا نبصر الموت دون عيون ، ونمشي إليه دون أقدام ، ونتمنى لو أن لنا جرأة الرياح لنصل إليه . الريح أثناء سفرها تكتشف ، تغامر ، ترى ، تنام حيث يدركها النعاس . رائعة أنت أيتها الريح ، إني أحسدك !! أن تموت وأنت تخترق : يعني أن الموت إحدى حلقات الكينونة . أنت تفرح لأنك تدرك أن الفرح ومضة ، ثم يتلاشى ، فالفرح المستمر ليس فرحا" ، والنعيم الدائم ليس نعيما" . إن أكثر الناس شعورا" بالفرح هم البؤساء ، لأنهم لا يرون الفرح إلا نادرا" . إن الحزن هو مقدمة الفرح الحقيقي !!
هل آن ( لسيزيف ) أن يأخذ إجازة ؟!! لقد تعبت من محاولة اللحاق بالمستحيل . مع ذلك فأنا ألاحقه بقوة خفية لأن الأقدام التي تسير فوق الشوك يصبح الشوك أحذية لها مع الأيام . رغم الإقامة في الليل فقد كنت ألاحق الشمس من ( دماوند ) إلى ( حرمون ) . هل يبزغ ذلك اليوم الذي نقيم فيه الشمس ؟
كانت الأسطورة تغريني . كنت أتصور أن الروح لا تشبع إلا هناك ، كان الحرمان يغري بالأسطورة . كنت أتصور أن الأسطورة ممكنة الوقوع ، وهذا ما جعلني متطرفا" في انتمائي للحرف والكلمة . كنت في لا وعيي أريد تحقيق الأسطورة . كانت نفسي ميدانا" لتلك الخيول التي تصهل باستمرار . ( أوليس ) غاب عن ( إيثاكا ) عشرين عاما" وعاد ليجد ( بينلوبي ) وصديقه وكلبه الوفي ، كانت رحلته غريبة . لكن رحلتي مع الحياة والكتابة أسطورة من لحم ودم . عدت الى الواقع وأسطورتي ظلت موجودة .
الشعر ليس ترفا" ، إنه الوجع الكوني الحاد الذي يعقم الروح ، هو الذي يأمر السياسي أن يصبح كناسا" لهموم الناس ، الشعر يلاحق الرعاة من الجبال الى الجبال ، ويسكن في الأطفال والعشاق ، فلماذا لا يلاحق السياسيين ؟ على السياسي أن يقرأ قصيدة كل يوم . السياسيون الكبار في التاريخ كانوا مفكرين كبارا" ، كانوا أدباء كبارا" . إذا مات الشعر فستنفجر سرة العالم . لماذا يظل السياسيون في بلادنا منهمكون بصناعة التوابيت لأفكارنا وأجسادنا ؟! لماذا نمكنهم من ذلك ونحن نملك حقائق الكون الكبرى ؟
إننا نملك الحلم والرؤيا ونحن الذين نصنع المستقبل ، وفي البدء كانت الكلمة ويجب إزالة الكمائن التي تقام على طريق الفكر . يجب أن يبقى الكاتب ، الأديب ، الشاعر نافرا" ، وغير مدجن ، لا وقت لدينا لخيانة أفكارنا . عندما يصبح ( سيزيف ) أكثر من واحد تصبح النار ملك الفقراء بجدارة ، لهذا تراني منحازا" لسقراط وهو يجرع السم إخلاصا" للكلمة ، أنحاز الى جبران وهو يلبنن العالم ويعولم لبنان ، منحازا" لبودلير وهو يعصر زبدة الخير من ( أزهار الشر ) ، أنحاز لابن الرومي مهزوما" ، ولأبي العلاء ، وهو يقول :
ولو أن النجوم لدي مال أبت كفاي أكثرها انتقادا
أنحاز لديغول وهو يستقيل من السلطة طوعا" . أنحاز لكل أولئك العنيدين أمام القيد والمقصلة ، أنحاز لذلك الذي يحفر اسمه في القيد وهو ممتلئ بالحرية ، أنحاز للشاعر الذي يجعل الجمهور يعانق القصيدة بقلبه لا بكفيه .
الشاعر يبدأ الكون عبر الرؤيا ، وعبر كينونة القصيدة ، وليس هناك شعر نهائي . الشعر هو حالة لانهائية ، يتنامى في جدلية مستمرة هي جدلية الرؤيا والواقع على السواء . فالشاعر مغامر باستمرار ، ومكتشف باستمرار ، وأدغال رحلته الكون بما فيه . الشاعر يظل طوال حياته يحاول كتابة القصيدة الأولى ، ثم يدرك أخيرا" أن الشعر أجمله الذي ما قيل بعد ، ولذلك يستمر سفره في الكلمة والرؤيا حتى ينطفىء التراب . يصر على جعل مخلوقاته أجمل من الواقع ، وإلا فما معنى الشعر؟!
عندما تسطع الكلمة يختفي كل لصوص الأحاسيس والمشاعر ، فإذا رأيتهم ساطعين فترقب أن في الأمر خيانة ( وكم من خيانة لا نزال نعيش فيها ) ، القلوب المتقدة لا تخاف من النار ، إن الخنجر يخجل عندما يغمد فيها ، وقد يصبح طريا" . ثمن الوصول الى الآخر عن طريق الكلمة غال جدا" .
عندما عدت من موتي قررت ألا أخلع ثوبي الذي قتلت فيه ، قررت ألا أخلع حزني لكي لا أصبح تافها" ، سأبقى كالمياه الجارية . سأعود إلى النسوغ لأسهم في صنع شجرة الوفاء لهذه الأرض . سابقى مرتديا" ثوبي القديم القديم .
لقد مات كثيرمن الشعراء مقهورين ، بتروا كما تبتر الأغصان ، ولكن الشجرة لم تيبس ابدا" ، وظلت تفرع أغصانا" جديدة ، أكبر ظلم أن يموت الشاعر مقهورا" .
الشعراء دائما يتجهون إلى الصباح عبر تعب جميل ، أحيانا" يسقطون قبل الوصول إلى الصباح ، هذه مأساة الشعراء في التاريخ يحفرون مصبا" ولا يرون الماء جاريا" فيه ، في الشعراء حرائق داخلية . إنهم منذرون دائما" لجرح يأتي ، وقتل يأتي .
إننا ننحاز إلى الشاعر لأنه يعطينا ما ليس عندنا ، ولأنه محق في حياته وموته ، الشجرة هي صاحبة الأغصان ، ولذلك عندما تنشر بالمناشير تفقد خصائصها ، والطيور تحزن كثيرا" حين ينتف ريشها وتكسر أجنحتها ، والشاعر يموت حين يحجر على حرفه وكلمته ومن هنا كانت كلمتنا هي سلاحنا لنحارب من أجل الحياة .
قال : هل تستطيع تعريف الرماد ؟
قلت : يوما" كان نارا"
عندما تشهر الكلمة من أجل الحق لا يحق لها أن تغمد وإذا أغمدت تدان . كل ما حولنا يثير القرف من هذا الزمن العربي المخجل . زمن الثوار ارهابيون ، زمن الشهداء ارهابيون ، زمن أنا وعدوي على أخي .
إني أحترق في أعماقي مع أن الثلج يجمد مفاصلي ، أحس برغبة عميقة للنوم أريد أن أرتاح قليلا" !! نزلنا من السفينة لم نجد أحدا" ينتظرنا عند الشاطىء . اين أولئك الذين كانت كلماتهم مملوءة بالكرامة وعزة النفس ؟ لقد رأيتهم ولكن لم أرهم أبدا" .
أن تكون غريبا" في بلاد الناس شيء مفهوم ، أما أن تكون غريبا" في وطنك فهذه هي الغربة ، وما أجمل قول البردوني الشاعر اليمني في هذا المجال
يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمن
هل نحن مثل الآخرين لنا وطن ؟؟
فإذن لماذا لا نزال على الطريق ؟؟
ستظل كلماتي عارية" مثل تلك الشعارات التي كانت مكتوبة على الجدران قبل مصرع العاصفة . وكما يتسلل إليك الضوء في عزلتك القاتمة يتسلل إلى صدري وطن جميل يقوم من تحت الأنقاض ويعلن بدء الورد ، وبدء السنابل . فلنجرب زراعة الأشجار ثانية ، لنتعلم كيف نحترم الحرية ، علينا أن نزرع دما" جديدا" في أجسادنا ، علينا أن نعيد صياغة الحرف والكلمة ، لأننا يوم خسرنا دمنا وكلماتنا خسرنا الوطن . وكم من وطن خسرنا من الأندلس الى اليوم !!!
ملاحظة : هذه الكلمات مجرد هذيان وهلوسة ليلية بعد أن جردنا من احلامنا وأوطاننا وعشنا في غربة مستمرة
قلت : هل أصبح جسدي غير صالح لإقامة روحي فيه ؟!! وهل المقيم في الجحيم ينفعه وجود الأصدقاء إلى جانبه ؟!! وهل قوة الحياة الداخلية تجعل المرء مسيطرا" باستمرار ؟! وهل البدن ظالم لأنه سجين النفس ، كما يرى أفلاطون ؟ إذا كان كل هذا صحيحا" فلماذا الحرص على الحياة ؟ ولماذا نخاف الموت ؟ وما الغاية من الحياة ؟ وهل الحب كهرباء تلك الظلمة القاتمة من الوجود ؟ وهل الإبداع يضمن الخلود ، ويميت الموت ؟ وهل هناك غاية لهذه الحياة الممتدة بين المشيمة والكفن ؟ لماذا يصر الإنسان على الولادة ، وهو يدري أنه يلد للموت؟ في رأي أن الإنسان يضمر حب الموت كما يعلن حب الحياة . لولا الموت غدت الحياة بلا معنى .
الحبيبة بلا موت لا تبقى حبيبة ( وعشاق الحياة فقط مستعدون للموت دوما" ) كما يقول ( غريغوري كورسو ) إذا كانت الحياة في أحشائها تضمر الموت فلم نخاف الموت ؟ ولم نحزن ؟ الحياة تظلمنا ونحزن لفراقها . إنها غير عادلة فهل يستمر ظلمها بعد الموت ؟ إننا نبصر الموت دون عيون ، ونمشي إليه دون أقدام ، ونتمنى لو أن لنا جرأة الرياح لنصل إليه . الريح أثناء سفرها تكتشف ، تغامر ، ترى ، تنام حيث يدركها النعاس . رائعة أنت أيتها الريح ، إني أحسدك !! أن تموت وأنت تخترق : يعني أن الموت إحدى حلقات الكينونة . أنت تفرح لأنك تدرك أن الفرح ومضة ، ثم يتلاشى ، فالفرح المستمر ليس فرحا" ، والنعيم الدائم ليس نعيما" . إن أكثر الناس شعورا" بالفرح هم البؤساء ، لأنهم لا يرون الفرح إلا نادرا" . إن الحزن هو مقدمة الفرح الحقيقي !!
هل آن ( لسيزيف ) أن يأخذ إجازة ؟!! لقد تعبت من محاولة اللحاق بالمستحيل . مع ذلك فأنا ألاحقه بقوة خفية لأن الأقدام التي تسير فوق الشوك يصبح الشوك أحذية لها مع الأيام . رغم الإقامة في الليل فقد كنت ألاحق الشمس من ( دماوند ) إلى ( حرمون ) . هل يبزغ ذلك اليوم الذي نقيم فيه الشمس ؟
كانت الأسطورة تغريني . كنت أتصور أن الروح لا تشبع إلا هناك ، كان الحرمان يغري بالأسطورة . كنت أتصور أن الأسطورة ممكنة الوقوع ، وهذا ما جعلني متطرفا" في انتمائي للحرف والكلمة . كنت في لا وعيي أريد تحقيق الأسطورة . كانت نفسي ميدانا" لتلك الخيول التي تصهل باستمرار . ( أوليس ) غاب عن ( إيثاكا ) عشرين عاما" وعاد ليجد ( بينلوبي ) وصديقه وكلبه الوفي ، كانت رحلته غريبة . لكن رحلتي مع الحياة والكتابة أسطورة من لحم ودم . عدت الى الواقع وأسطورتي ظلت موجودة .
الشعر ليس ترفا" ، إنه الوجع الكوني الحاد الذي يعقم الروح ، هو الذي يأمر السياسي أن يصبح كناسا" لهموم الناس ، الشعر يلاحق الرعاة من الجبال الى الجبال ، ويسكن في الأطفال والعشاق ، فلماذا لا يلاحق السياسيين ؟ على السياسي أن يقرأ قصيدة كل يوم . السياسيون الكبار في التاريخ كانوا مفكرين كبارا" ، كانوا أدباء كبارا" . إذا مات الشعر فستنفجر سرة العالم . لماذا يظل السياسيون في بلادنا منهمكون بصناعة التوابيت لأفكارنا وأجسادنا ؟! لماذا نمكنهم من ذلك ونحن نملك حقائق الكون الكبرى ؟
إننا نملك الحلم والرؤيا ونحن الذين نصنع المستقبل ، وفي البدء كانت الكلمة ويجب إزالة الكمائن التي تقام على طريق الفكر . يجب أن يبقى الكاتب ، الأديب ، الشاعر نافرا" ، وغير مدجن ، لا وقت لدينا لخيانة أفكارنا . عندما يصبح ( سيزيف ) أكثر من واحد تصبح النار ملك الفقراء بجدارة ، لهذا تراني منحازا" لسقراط وهو يجرع السم إخلاصا" للكلمة ، أنحاز الى جبران وهو يلبنن العالم ويعولم لبنان ، منحازا" لبودلير وهو يعصر زبدة الخير من ( أزهار الشر ) ، أنحاز لابن الرومي مهزوما" ، ولأبي العلاء ، وهو يقول :
ولو أن النجوم لدي مال أبت كفاي أكثرها انتقادا
أنحاز لديغول وهو يستقيل من السلطة طوعا" . أنحاز لكل أولئك العنيدين أمام القيد والمقصلة ، أنحاز لذلك الذي يحفر اسمه في القيد وهو ممتلئ بالحرية ، أنحاز للشاعر الذي يجعل الجمهور يعانق القصيدة بقلبه لا بكفيه .
الشاعر يبدأ الكون عبر الرؤيا ، وعبر كينونة القصيدة ، وليس هناك شعر نهائي . الشعر هو حالة لانهائية ، يتنامى في جدلية مستمرة هي جدلية الرؤيا والواقع على السواء . فالشاعر مغامر باستمرار ، ومكتشف باستمرار ، وأدغال رحلته الكون بما فيه . الشاعر يظل طوال حياته يحاول كتابة القصيدة الأولى ، ثم يدرك أخيرا" أن الشعر أجمله الذي ما قيل بعد ، ولذلك يستمر سفره في الكلمة والرؤيا حتى ينطفىء التراب . يصر على جعل مخلوقاته أجمل من الواقع ، وإلا فما معنى الشعر؟!
عندما تسطع الكلمة يختفي كل لصوص الأحاسيس والمشاعر ، فإذا رأيتهم ساطعين فترقب أن في الأمر خيانة ( وكم من خيانة لا نزال نعيش فيها ) ، القلوب المتقدة لا تخاف من النار ، إن الخنجر يخجل عندما يغمد فيها ، وقد يصبح طريا" . ثمن الوصول الى الآخر عن طريق الكلمة غال جدا" .
عندما عدت من موتي قررت ألا أخلع ثوبي الذي قتلت فيه ، قررت ألا أخلع حزني لكي لا أصبح تافها" ، سأبقى كالمياه الجارية . سأعود إلى النسوغ لأسهم في صنع شجرة الوفاء لهذه الأرض . سابقى مرتديا" ثوبي القديم القديم .
لقد مات كثيرمن الشعراء مقهورين ، بتروا كما تبتر الأغصان ، ولكن الشجرة لم تيبس ابدا" ، وظلت تفرع أغصانا" جديدة ، أكبر ظلم أن يموت الشاعر مقهورا" .
الشعراء دائما يتجهون إلى الصباح عبر تعب جميل ، أحيانا" يسقطون قبل الوصول إلى الصباح ، هذه مأساة الشعراء في التاريخ يحفرون مصبا" ولا يرون الماء جاريا" فيه ، في الشعراء حرائق داخلية . إنهم منذرون دائما" لجرح يأتي ، وقتل يأتي .
إننا ننحاز إلى الشاعر لأنه يعطينا ما ليس عندنا ، ولأنه محق في حياته وموته ، الشجرة هي صاحبة الأغصان ، ولذلك عندما تنشر بالمناشير تفقد خصائصها ، والطيور تحزن كثيرا" حين ينتف ريشها وتكسر أجنحتها ، والشاعر يموت حين يحجر على حرفه وكلمته ومن هنا كانت كلمتنا هي سلاحنا لنحارب من أجل الحياة .
قال : هل تستطيع تعريف الرماد ؟
قلت : يوما" كان نارا"
عندما تشهر الكلمة من أجل الحق لا يحق لها أن تغمد وإذا أغمدت تدان . كل ما حولنا يثير القرف من هذا الزمن العربي المخجل . زمن الثوار ارهابيون ، زمن الشهداء ارهابيون ، زمن أنا وعدوي على أخي .
إني أحترق في أعماقي مع أن الثلج يجمد مفاصلي ، أحس برغبة عميقة للنوم أريد أن أرتاح قليلا" !! نزلنا من السفينة لم نجد أحدا" ينتظرنا عند الشاطىء . اين أولئك الذين كانت كلماتهم مملوءة بالكرامة وعزة النفس ؟ لقد رأيتهم ولكن لم أرهم أبدا" .
أن تكون غريبا" في بلاد الناس شيء مفهوم ، أما أن تكون غريبا" في وطنك فهذه هي الغربة ، وما أجمل قول البردوني الشاعر اليمني في هذا المجال
يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمن
هل نحن مثل الآخرين لنا وطن ؟؟
فإذن لماذا لا نزال على الطريق ؟؟
ستظل كلماتي عارية" مثل تلك الشعارات التي كانت مكتوبة على الجدران قبل مصرع العاصفة . وكما يتسلل إليك الضوء في عزلتك القاتمة يتسلل إلى صدري وطن جميل يقوم من تحت الأنقاض ويعلن بدء الورد ، وبدء السنابل . فلنجرب زراعة الأشجار ثانية ، لنتعلم كيف نحترم الحرية ، علينا أن نزرع دما" جديدا" في أجسادنا ، علينا أن نعيد صياغة الحرف والكلمة ، لأننا يوم خسرنا دمنا وكلماتنا خسرنا الوطن . وكم من وطن خسرنا من الأندلس الى اليوم !!!
ملاحظة : هذه الكلمات مجرد هذيان وهلوسة ليلية بعد أن جردنا من احلامنا وأوطاننا وعشنا في غربة مستمرة