محمد بن العربي
2010-08-09, 11:52
نصيحة للاخوة الصادقين الطالبين للحق هذا موضوع كنت قد كتبته من زمن وارى مناسبة نشره الان
لما فيه من النصيحة لي ولاخواني في الله
دعوكم من كثرة الردود على بعض السفهاء لانه ليس مطلبهم الحق
ولا غرضهم الدليل وانما هو الهوى والتعصب الذميم
و احذر اخي من دخول المهاترات مع اهل الجهل والهوى
بين وجهة نظرك وبين الحق ومن لايستجيب ما لك عليه
من سبيل
انك لا تهدي من احببت
وهناك بعض الناس قلوبهم مريضة ونفوسهم سقيمة
وافهامهم معكوسة وفطرهم منكوسة
والله وبالله وتالله لن تفيد معهم الادلة شيئا
لانهم على قاعدة اعتقد ثم استدل
ولانهم لا يقدرون نصوص الكتاب والسنة حق قدرها
ولا يعظمون شعائر الله
المؤمن الصادق تكفيه اية او حديث او قول احد الصحابة
واما صاحب الهوى فلا يكفيه شيئ
ولكن النار تكفيه والعياذ بالله
وقد حذر العلماء قديما من مجادلة الجهال ومناقشة اهل الهوى
فمن لا يفرق بين الجرح والتعديل وبين الغيبة والنميمة
ومن يخوض في اعراض الصالحين ويكذب على المؤمنين ليس طالب حق وقد رايناهم ييكذبون على العلماء
ويفترون عليهم فمثلا قام احدهم منذ ايام بالكذب على الشيخ ربيع وبتر من كلامه وقال عليه ما لم
ولكن الله لهم بالمرصاد ففضحه الله وجاء من الاخوة الصادقين من بين كذبه فانقلب الكاذب على عقبيه
مذموما مدحورا
ان المرء محاسب على كل حرف يكتبه وكل كلمة يتلفلظ بها
وكثرة الكلام وكثرة الردود في غير محلها ولغير اهلها تجلب الزلل
فانصح نفسي اولا وانصح اخواني ثانيا بعدم مجادلة من يرد النصوص
ومن يتبع هواه والحذر الحذر من لحوم العلماء الصادقين
والحذر من صنيع بعض الجهلة ممن نصب نفسه يرد على العلماء
امثال الالباني وابن باز والعثيمين
والشيخ ربيع وصالح السحيمي واللحيدان والشيخ مقبل وغيرهم من اهل العلم والفضل
من هو حتى يرد عليهم ؟؟
اتانا من الاعراب قوم تفقهوا وليس لهم في الفقه قبل ولا بعد
يقولون هذا عندنا غير جائز ومن انتم حتى يكون لكم عند
نفوس من العلم مفلسة وعقول من قلة الفهم كادسة
وقلوب خالية من الفقه واجسام بغال وعقول عصافير
لا يعرفون ويجهلون انهم لا يعرفون
لا يفقهون وعن جهلهم لا يرعوون
من راي ان نضع ما يكتبون او الصواب ان اقول ما يخلطون
او ما يتمهبلون به في قمامة الافكار وزبالة الاذهان
جاهل ما عليه في جهله من مزيد
زعموا العلم والادب وهم من خواء
وزعمو الفهم ولا فهم
ما اكثر ما يكتبون وما اقل ما يفهمون
نفوس عشش فيها الجهل وبيض وفرخ
لم يعرفو من العلم الا رسمه ومن الادب الا اسمه
انتكست عندهم الفطر
وانقلبت عندهم الموازين
فلا ادري باي عقل يفكرون وباي ميزان يزنون
وباي شرع يحكمون
ولكن هذه هي سنة الحياة
فواعجباً! كم يدعي الفضل ناقص ....ووا أسفا! كم يظهر النقص فاضلُ
يليق ببهم ان يقال لهم
لقيط في الكتابة يدعيها كدعوى الجعل في بغض السماد
دع عنك الكتابة لست منها ولو لطخت وجهك بالمداد
تنصحهم فلا يرعوون وترشدهم فلا يفهمون
ومن البلية نصح من لا يرعوي عن غيه وخطاب من لا يفهم
يريدون ان يتسلقو على مناكب الفضلاء
فيلمزون ويهمزون ويعيبون اهل المروءة والدين
ليظهرو انفسهم المريضة الصغيرة
وما عبر الإنسان عن فضل نفسه بمثل اعتقاد الفضل في كل فاضل
وليس من الإنصاف أن يدفع الفتى يد النقص عنه بانتقاص الأفاضل
لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها؛
فإنهم يفسدون من حيث يظنون أنهم يصلحون.
ما يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه
أنصاف متعلمين صاروا متعالمين
قال حـمار الحكيم تـوما لو أنصف الدهر كنت أركب
لأنني جــاهـل بسيـط وصـاحبي جـاهل مـركب
قال الذهبي رحمه الله :
" الجاهل لا يعرف رتبة نفسه فكيف يعرف رتبة غيره ".
قال الأعمش:إنما يهلك الناس رجلان: نصف عالم ونصف طبيب
وجدير إذا الليوث تولت أن تلي ساحها جموع الثعالب
حري بهم ان يسترو عنا جهلهم بالصمت والسكات
لايرفع السقف ما لم يبن حامله ولا بناء لمن لم يرس ما حملا
فما تنفع الخيل الكرام ولا القنا إذا لم يكن فوق الكرام كرام
وفي الصمت ستر للغيّ وإنما صحيفة لب المرء أن يتكلما
وقد قيل :" كن بالجهل مستترا
استر العِيَّ ما استطعت بصمت إن في الصمت راحة للصَّمُوتِ واجعل الصمت إن عييت جوابا رُبّ قول جوابه في السكوت
وما احق ان يقال فيهم ولهم
فكُفََ عنا جشاءك
وزن الـكلام إذا نـطقت فإنما يبدي العقولَ أو العيوبَ المنطقُ
وما أبصرت عيناي أجمل من فتى يخاف مقام الله في الخلوات
فليتهم يسكتون يستريحون ويريحون
وليتهم يصمتون وليتهم يتعلمون
مالهم لا يفهمون
تصدرو للكتابة وليسو لها باهل وليست منهم بذات رحم
تصدر للتدريس كل مهوس بليد تسمى بالفقيه المدرس
فحق لأهل العلم أن يتمثلوا بقول قديم شاع في كل مجلس
لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها وحتى سامها كل مفلس
يرمون غيرهم بالعضائم كذبا وزورا
وعيوبهم قد ملات الافاق عيوبهم قد سدت الافق
ولكن لسنا ممكن يتصيد الزلات ويتتبع العثرات
لسنا مثل الذباب لا يقع الى على الجرح
ولهم نقول
يا أيها الرَّجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ هَلاَّ لِنَفسِكَ كان ذَا التَّعلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى كَيمَا يَصِحّ بِهِ وَأَنتَ سَقِيمُ
اِبدَأْ بِنَفسِكَ فَانْهَهَا عَن غَيِّهَا فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقتَدَى بِالقَوْلِ مِنْكَ ويُقْبَلُ التَّعلِيمُ
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتيَ مِثلَهُ عَارٌ عَلَيكَ إِذَا فَعَلتَ عَظِيمُ
تكلمو فيما لايحسنون وخاضوا البحر وهم لقوانين السباحة جاهلون
من تكلم فيما لا يُحسن أتى بالعجائب
ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه
لماذا نتجشم قضايا لا نحسن الكلام فيها ؟
ولو سكت كل جاهل لما كان هناك خلاف
والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبى زور
كالهر يحكى انتفاخا صولة الأسد
إن المطايا وإن كثرت معالفها لن تسبق الخيل في جر الميادينٍ
لما أخذ دود القز ينسج الحرير أقبلت العنكبوت تتشبه وتنسج، ثم نسجت
وقالت: يا دودة القزة !! لي نسج وتلك نسج ولا فرق بين النسيجين، قالت دودة القزة:
نسجي أردية الملوك، ونسجك شبكة الذباب، وعند مس النسيجين يتبين الفرق
سوف ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار
فلنعط القوس باريها !!
إن السلاح جميع الناس تحمله وليس كل ذوات المخلب السبع
ام اهم مثل اصحاب الحداثة ياتون بكل غثاثة
يريدون منا ان نلغي احكاك العلم وادابه وقوانينه ونواميسه
ليسنى لهم الجهل مثل ما يحبون
ليس لهم علاج الا الكي .......
لا ارى للموعضة فيهم مكانا فقد جربتها زمانا فما اجدت نفعا
اللهم انا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم
إذا وصف الطائي بالبخل مادر ...وعير قُساً بالفهاهة باقلُ
وقال السهى للشمس: أنت خفية ....وقال الدجى: يا صبح لونك حائلُ
وطاولت الأرض السماء سفاهة ...وفاخرت الشهب الحصى والجنادلُ
فيا موت زر! إن الحياة ذميمة... ويا نفس جدي! إن دهرك هازلُ
وحسبنا الله ونعم الوكيل
ان السبيل الحق هو الانكِفافُ عن مُتابعةِ الرد على أكثر المُخالِفينَ فيما يَهْرِفُونَ! وعن تتبُّعِهم في أكثر ما به يتسافَهُونَ!!
فاكثرهم سفهاء .. وعيال لا يفقهون ولا يفهمون ...
وقد ظَهَرَ الحقُّ، وانْكَشَفَ الخَلَلُ، وتميَّزَت الصُّفوفُ -وإنْ لمْ يعترِفْ بذلك أقوامٌ!-؛ فقد أدَّينا الذي علينا -بحَمدِ ربِّنا العظيم الجبّار-؛ فلا نريدُ التكرار ، أو أن ننجرّ للاجترار!!!
وما أجملَ ما قالَهُ فضيلةُ الشيخِ ربيع بنِ هادِي -حفظهُ اللهُ- فيما يُشبِهُ ما نحنُ فيه-: (مُجاراة السُّفهاء غير لائقة بالعقلاء)؛ إذْ إنَّ تلكَ الفئةَ المُشاغِبَةَ المُتهجِّمَةَ المُتَجَهِّمَةَ -لُغةً!- قد انكشَفَت؛ حتّى صارَتْ -فوا أَسَفاهُ- أدنَى مِن أنْ تُعطَى أكثرَ مِن حقِّها في الرُّدودِ والاهتمام -ولو بأقلِّ الكلام-!
فالتَّقاوُلُ معهُم هِذْيانٌ لا يَليقُ بالعُقلاءِ! مع حِرصِهِم على استمرارِ (!) التَّخاوُضِ والتَّفاوُضِ معهُم في عَيِّهِم وغَيِّهِم؛ لأنَّهُ لا حياةَ لهم (!) في غيرِ ذلك!! فلو قُطِعَ عنهُمُ الرَّدُّ وأُهْمِلُوا: جَفُّوا كما تَجِفُّ المُستنقَعاتُ! وذَبَلُوا كما تذبُلُ الأحراشُ!
وقال شيخَ الإسلامِ ابنِ تيميَّةَ (ص245): (هذا وأنا في سَعَةِ صَدْرٍ لِمَنْ يُخالِفُنِي؛ فإنَّهُ وإنْ تعدَّى حُدودَ الله في تكفيرٍ، أو تفسيقٍ، أو افتراءٍ، أو عصبيَّةٍ، أو جاهليَّةٍ: فأنا لا أتعدَّى حُدودَ اللهِ فيه، بل أضبطُ ما أقولُهُ وأفعلُهُ وأزِنُهُ بمِيزانِ العدلِ...).
«مجموع الفتاوَى» (الجزء3
وقال (ص249): (ومأمورٌ -أيضاً- مع ذلك أنْ أقولَ -أو أقومَ-: بالحقِّ حيثُ ما كُنتُ؛ لا أخافُ في اللهِ لومةَ لائمٍ؛ كما أخرَجَا في «الصحيحَيْنِ» عن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ، قال: (بايَعْنَا رسولَ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- على السَّمْعِ والطاعةِ في يُسْرِنا وعُسْرِنا، ومَنشطِنا ومَكرهِنا، وأثَرَةٍ علينا، وأنْ لا نُنازِعَ الحقَّ أهلَهُ، وأنْ نَقولَ بالحقِّ حيثُما كُنّا لا نَخافُ في الله لومَةَ لائمٍ)، فبايَعَهُم على هذه الأُصولِ الثَّلاثةِ الجامعَةِ، وهي: الطاعةُ في طاعةِ الله؛ وإنْ كان الآمِرُ ظالِماً، وتَرْكُ مُنازَعَةِ الأمرِ أهلَهُ، والقيامُ بالحقِّ بِلا مَخافةٍ مِن الخَلْقِ»...
وكان قد قال -قبلَ ذلك-: (ومما يجبُ أنْ يُعْلَمَ أنَّ الذي يُريدُ أنْ يُنْكِرَ على الناسِ ليس له أنْ يُنكِرَ إلاّ بحُجَّةٍ وبيانٍ...) إلى آخرِهِ -في كلامٍ جميلٍ دقيقٍ-.
وأختُمُ هذا المقالَ بما قالَهُ الإمامُ ابنُ القيِّمِ -رحِمَهُ اللهُ- في «مَدارِجِ السَّالِكِينَ» (1/21):
«ولمَّا كان طالِبُ الصِّراطِ المُستقيمِ طالِبَ أمْرٍ أكثرُ الناسِ ناكِبُونَ عنهُ، مُريداً لسُلوكِ طريقٍ مُرافِقُهُ فيها في غايةِ القِلَّةِ والعِزَّةِ، والنُّفوسُ مَجبولةٌ على وَحشةِ التفرُّدِ، وعلى الأُنسِ بالرَّفِيقِ: نَبَّهَ اللهُ -سُبحانَهُ- على الرَّفِيقِ في هذه الطَّرِيقِ، وأنَّهُم هُمُ {الذين أنْعَمَ اللهُ عليهِم مِن النبيِّينَ والصدِّيقينَ والشُّهداءِ والصَّالحِِينَ وحَسُنَ أولئكَ رَفيقاً}، فأضافَ الصِّراطَ إلى الرَّفِيقِ السَّالِكينَ له، وهُم الذين أنْعَمَ اللهُ عليهِم؛ ليزولَ عن الطالبِ للهدايةِ، وسُلوكِ الصِّراطِ وَحْشَةُ تفرُّدِهِ عن أهلِ زَمانِهِ وبَنِي جِنسِهِ، ولِيَعْلَمَ أنَّ رفيقَهُ في هذا الصِّراطِ هُم الذين أنْعَمَ اللهُ عليهِم، فلا يَكترِثُ بمُخالفةِ النَّاكِبِينَ عنهُ له؛ فإنَّهُم هُم الأقلُّونَ قَدْراً وإنْ كانُوا الأكثَرِينَ عدداً! كما قال بعضُ السَّلَفِ: عليكَ بطريقِ الحقِّ، ولا تستوحِشْ لِقلَّةِ السَّالِكِينَ، وإيّاك وطريقَ الباطلِ، ولا تَغْتَرَّ بكَثْرَةِ الهالكِينَ.
وكُلَّما استوحَشْتَ في تفَرُّدِكَ فانظُر إلى الرَّفِيقِ السَّابِقِ، واحرِص على اللَّحاقِ بهِم، وغُضَّ الطَّرْفَ عمَّن سِواهُم، فإنَّهُم لنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِن الله شيئاً، وإذا صاحُوا بِكَ في طريقِ سَيْرِكَ فلا تَلْتَفِتْ إليهِم، فإنَّكَ مَتَى الْتَفَتَّ إليهِم أخذُوكَ وأعاقُوكَ.
وقد ضَرَبْتُ لذلك مَثَلَيْنِ؛ فلْيَكُونا مِنكَ على بالٍ:
* المَثَل الأوَّل: رجُلٌ خَرَجَ مِن بيتِهِ إلى الصَّلاةِ -لا يُريدُ غيرَها-، فعرَضَ له في طريقِهِ شيطانٌ مِن شياطِينِ الإنسِ، فألقَى عليه كَلاماً يُؤذِيهِ، فوَقَفَ وردَّ عليه، وتماسَكَا، فرُبَّما كانَ شيطانُ الإنسِ أقوَى منهُ؛ فقَهَرَهُ، ومَنَعَهُ عن الوُصولِ إلى المسجدِ، حتّى فاتَتْهُ الصَّلاةُ!
ورُبَّما كان الرَّجُلُ أقوَى مِن شيطانِ الإنسِ، ولكن اشتغلَ بمُهاوشَتِهِ عن الصَّفِّ الأوَّلِ، وكمالِ إدراكِ الجماعةِ، فإنِ الْتَفَتَ إليه أطْمَعَهُ في نفسِهِ، ورُبَّما فَتَرَتْ عزيمتُهُ!
فإنْ كان له معرفةٌ وعلمٌ زاد في السَّعْيِ والجَمْزِ بقدر التفاتِهِ أو أكثرَ!
فإنْ أعرضَ عنه واشتغلَ بما هُو بصدَدِهِ، وخافَ فَوْتَ الصَّلاةِ أو الوقتِ لمْ يَبْلُغْ عَدُوُّهُ منهُ ما شاءَ.
* المَثَل الثَّانِي: الظَّبْيُ أشدُّ سَعْياً مِن الكَلْبِ، ولكنَّهُ إذا أحسَّ به الْتَفَتَ إليه، فيضعُفُ سَعْيُهُ، فيُدْرِكُهُ الكَلْبُ فيأخُذَهُ!
والقصدُ: أنَّ في ذِكْرِ هذا الرَّفِيقِ ما يُزيلُ وَحشةَ التفرُّدِ، ويَحُثُّ على السيرِ والتشميرِ للَّحاقِ بهِم».
واللهُ المُستعانُ، وعليه التُّكلان...
ولا حول ولاقوة الا بالله
محمد بن العربي التلمساني
لما فيه من النصيحة لي ولاخواني في الله
دعوكم من كثرة الردود على بعض السفهاء لانه ليس مطلبهم الحق
ولا غرضهم الدليل وانما هو الهوى والتعصب الذميم
و احذر اخي من دخول المهاترات مع اهل الجهل والهوى
بين وجهة نظرك وبين الحق ومن لايستجيب ما لك عليه
من سبيل
انك لا تهدي من احببت
وهناك بعض الناس قلوبهم مريضة ونفوسهم سقيمة
وافهامهم معكوسة وفطرهم منكوسة
والله وبالله وتالله لن تفيد معهم الادلة شيئا
لانهم على قاعدة اعتقد ثم استدل
ولانهم لا يقدرون نصوص الكتاب والسنة حق قدرها
ولا يعظمون شعائر الله
المؤمن الصادق تكفيه اية او حديث او قول احد الصحابة
واما صاحب الهوى فلا يكفيه شيئ
ولكن النار تكفيه والعياذ بالله
وقد حذر العلماء قديما من مجادلة الجهال ومناقشة اهل الهوى
فمن لا يفرق بين الجرح والتعديل وبين الغيبة والنميمة
ومن يخوض في اعراض الصالحين ويكذب على المؤمنين ليس طالب حق وقد رايناهم ييكذبون على العلماء
ويفترون عليهم فمثلا قام احدهم منذ ايام بالكذب على الشيخ ربيع وبتر من كلامه وقال عليه ما لم
ولكن الله لهم بالمرصاد ففضحه الله وجاء من الاخوة الصادقين من بين كذبه فانقلب الكاذب على عقبيه
مذموما مدحورا
ان المرء محاسب على كل حرف يكتبه وكل كلمة يتلفلظ بها
وكثرة الكلام وكثرة الردود في غير محلها ولغير اهلها تجلب الزلل
فانصح نفسي اولا وانصح اخواني ثانيا بعدم مجادلة من يرد النصوص
ومن يتبع هواه والحذر الحذر من لحوم العلماء الصادقين
والحذر من صنيع بعض الجهلة ممن نصب نفسه يرد على العلماء
امثال الالباني وابن باز والعثيمين
والشيخ ربيع وصالح السحيمي واللحيدان والشيخ مقبل وغيرهم من اهل العلم والفضل
من هو حتى يرد عليهم ؟؟
اتانا من الاعراب قوم تفقهوا وليس لهم في الفقه قبل ولا بعد
يقولون هذا عندنا غير جائز ومن انتم حتى يكون لكم عند
نفوس من العلم مفلسة وعقول من قلة الفهم كادسة
وقلوب خالية من الفقه واجسام بغال وعقول عصافير
لا يعرفون ويجهلون انهم لا يعرفون
لا يفقهون وعن جهلهم لا يرعوون
من راي ان نضع ما يكتبون او الصواب ان اقول ما يخلطون
او ما يتمهبلون به في قمامة الافكار وزبالة الاذهان
جاهل ما عليه في جهله من مزيد
زعموا العلم والادب وهم من خواء
وزعمو الفهم ولا فهم
ما اكثر ما يكتبون وما اقل ما يفهمون
نفوس عشش فيها الجهل وبيض وفرخ
لم يعرفو من العلم الا رسمه ومن الادب الا اسمه
انتكست عندهم الفطر
وانقلبت عندهم الموازين
فلا ادري باي عقل يفكرون وباي ميزان يزنون
وباي شرع يحكمون
ولكن هذه هي سنة الحياة
فواعجباً! كم يدعي الفضل ناقص ....ووا أسفا! كم يظهر النقص فاضلُ
يليق ببهم ان يقال لهم
لقيط في الكتابة يدعيها كدعوى الجعل في بغض السماد
دع عنك الكتابة لست منها ولو لطخت وجهك بالمداد
تنصحهم فلا يرعوون وترشدهم فلا يفهمون
ومن البلية نصح من لا يرعوي عن غيه وخطاب من لا يفهم
يريدون ان يتسلقو على مناكب الفضلاء
فيلمزون ويهمزون ويعيبون اهل المروءة والدين
ليظهرو انفسهم المريضة الصغيرة
وما عبر الإنسان عن فضل نفسه بمثل اعتقاد الفضل في كل فاضل
وليس من الإنصاف أن يدفع الفتى يد النقص عنه بانتقاص الأفاضل
لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها؛
فإنهم يفسدون من حيث يظنون أنهم يصلحون.
ما يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه
أنصاف متعلمين صاروا متعالمين
قال حـمار الحكيم تـوما لو أنصف الدهر كنت أركب
لأنني جــاهـل بسيـط وصـاحبي جـاهل مـركب
قال الذهبي رحمه الله :
" الجاهل لا يعرف رتبة نفسه فكيف يعرف رتبة غيره ".
قال الأعمش:إنما يهلك الناس رجلان: نصف عالم ونصف طبيب
وجدير إذا الليوث تولت أن تلي ساحها جموع الثعالب
حري بهم ان يسترو عنا جهلهم بالصمت والسكات
لايرفع السقف ما لم يبن حامله ولا بناء لمن لم يرس ما حملا
فما تنفع الخيل الكرام ولا القنا إذا لم يكن فوق الكرام كرام
وفي الصمت ستر للغيّ وإنما صحيفة لب المرء أن يتكلما
وقد قيل :" كن بالجهل مستترا
استر العِيَّ ما استطعت بصمت إن في الصمت راحة للصَّمُوتِ واجعل الصمت إن عييت جوابا رُبّ قول جوابه في السكوت
وما احق ان يقال فيهم ولهم
فكُفََ عنا جشاءك
وزن الـكلام إذا نـطقت فإنما يبدي العقولَ أو العيوبَ المنطقُ
وما أبصرت عيناي أجمل من فتى يخاف مقام الله في الخلوات
فليتهم يسكتون يستريحون ويريحون
وليتهم يصمتون وليتهم يتعلمون
مالهم لا يفهمون
تصدرو للكتابة وليسو لها باهل وليست منهم بذات رحم
تصدر للتدريس كل مهوس بليد تسمى بالفقيه المدرس
فحق لأهل العلم أن يتمثلوا بقول قديم شاع في كل مجلس
لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها وحتى سامها كل مفلس
يرمون غيرهم بالعضائم كذبا وزورا
وعيوبهم قد ملات الافاق عيوبهم قد سدت الافق
ولكن لسنا ممكن يتصيد الزلات ويتتبع العثرات
لسنا مثل الذباب لا يقع الى على الجرح
ولهم نقول
يا أيها الرَّجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ هَلاَّ لِنَفسِكَ كان ذَا التَّعلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى كَيمَا يَصِحّ بِهِ وَأَنتَ سَقِيمُ
اِبدَأْ بِنَفسِكَ فَانْهَهَا عَن غَيِّهَا فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقتَدَى بِالقَوْلِ مِنْكَ ويُقْبَلُ التَّعلِيمُ
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتيَ مِثلَهُ عَارٌ عَلَيكَ إِذَا فَعَلتَ عَظِيمُ
تكلمو فيما لايحسنون وخاضوا البحر وهم لقوانين السباحة جاهلون
من تكلم فيما لا يُحسن أتى بالعجائب
ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه
لماذا نتجشم قضايا لا نحسن الكلام فيها ؟
ولو سكت كل جاهل لما كان هناك خلاف
والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبى زور
كالهر يحكى انتفاخا صولة الأسد
إن المطايا وإن كثرت معالفها لن تسبق الخيل في جر الميادينٍ
لما أخذ دود القز ينسج الحرير أقبلت العنكبوت تتشبه وتنسج، ثم نسجت
وقالت: يا دودة القزة !! لي نسج وتلك نسج ولا فرق بين النسيجين، قالت دودة القزة:
نسجي أردية الملوك، ونسجك شبكة الذباب، وعند مس النسيجين يتبين الفرق
سوف ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار
فلنعط القوس باريها !!
إن السلاح جميع الناس تحمله وليس كل ذوات المخلب السبع
ام اهم مثل اصحاب الحداثة ياتون بكل غثاثة
يريدون منا ان نلغي احكاك العلم وادابه وقوانينه ونواميسه
ليسنى لهم الجهل مثل ما يحبون
ليس لهم علاج الا الكي .......
لا ارى للموعضة فيهم مكانا فقد جربتها زمانا فما اجدت نفعا
اللهم انا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم
إذا وصف الطائي بالبخل مادر ...وعير قُساً بالفهاهة باقلُ
وقال السهى للشمس: أنت خفية ....وقال الدجى: يا صبح لونك حائلُ
وطاولت الأرض السماء سفاهة ...وفاخرت الشهب الحصى والجنادلُ
فيا موت زر! إن الحياة ذميمة... ويا نفس جدي! إن دهرك هازلُ
وحسبنا الله ونعم الوكيل
ان السبيل الحق هو الانكِفافُ عن مُتابعةِ الرد على أكثر المُخالِفينَ فيما يَهْرِفُونَ! وعن تتبُّعِهم في أكثر ما به يتسافَهُونَ!!
فاكثرهم سفهاء .. وعيال لا يفقهون ولا يفهمون ...
وقد ظَهَرَ الحقُّ، وانْكَشَفَ الخَلَلُ، وتميَّزَت الصُّفوفُ -وإنْ لمْ يعترِفْ بذلك أقوامٌ!-؛ فقد أدَّينا الذي علينا -بحَمدِ ربِّنا العظيم الجبّار-؛ فلا نريدُ التكرار ، أو أن ننجرّ للاجترار!!!
وما أجملَ ما قالَهُ فضيلةُ الشيخِ ربيع بنِ هادِي -حفظهُ اللهُ- فيما يُشبِهُ ما نحنُ فيه-: (مُجاراة السُّفهاء غير لائقة بالعقلاء)؛ إذْ إنَّ تلكَ الفئةَ المُشاغِبَةَ المُتهجِّمَةَ المُتَجَهِّمَةَ -لُغةً!- قد انكشَفَت؛ حتّى صارَتْ -فوا أَسَفاهُ- أدنَى مِن أنْ تُعطَى أكثرَ مِن حقِّها في الرُّدودِ والاهتمام -ولو بأقلِّ الكلام-!
فالتَّقاوُلُ معهُم هِذْيانٌ لا يَليقُ بالعُقلاءِ! مع حِرصِهِم على استمرارِ (!) التَّخاوُضِ والتَّفاوُضِ معهُم في عَيِّهِم وغَيِّهِم؛ لأنَّهُ لا حياةَ لهم (!) في غيرِ ذلك!! فلو قُطِعَ عنهُمُ الرَّدُّ وأُهْمِلُوا: جَفُّوا كما تَجِفُّ المُستنقَعاتُ! وذَبَلُوا كما تذبُلُ الأحراشُ!
وقال شيخَ الإسلامِ ابنِ تيميَّةَ (ص245): (هذا وأنا في سَعَةِ صَدْرٍ لِمَنْ يُخالِفُنِي؛ فإنَّهُ وإنْ تعدَّى حُدودَ الله في تكفيرٍ، أو تفسيقٍ، أو افتراءٍ، أو عصبيَّةٍ، أو جاهليَّةٍ: فأنا لا أتعدَّى حُدودَ اللهِ فيه، بل أضبطُ ما أقولُهُ وأفعلُهُ وأزِنُهُ بمِيزانِ العدلِ...).
«مجموع الفتاوَى» (الجزء3
وقال (ص249): (ومأمورٌ -أيضاً- مع ذلك أنْ أقولَ -أو أقومَ-: بالحقِّ حيثُ ما كُنتُ؛ لا أخافُ في اللهِ لومةَ لائمٍ؛ كما أخرَجَا في «الصحيحَيْنِ» عن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ، قال: (بايَعْنَا رسولَ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- على السَّمْعِ والطاعةِ في يُسْرِنا وعُسْرِنا، ومَنشطِنا ومَكرهِنا، وأثَرَةٍ علينا، وأنْ لا نُنازِعَ الحقَّ أهلَهُ، وأنْ نَقولَ بالحقِّ حيثُما كُنّا لا نَخافُ في الله لومَةَ لائمٍ)، فبايَعَهُم على هذه الأُصولِ الثَّلاثةِ الجامعَةِ، وهي: الطاعةُ في طاعةِ الله؛ وإنْ كان الآمِرُ ظالِماً، وتَرْكُ مُنازَعَةِ الأمرِ أهلَهُ، والقيامُ بالحقِّ بِلا مَخافةٍ مِن الخَلْقِ»...
وكان قد قال -قبلَ ذلك-: (ومما يجبُ أنْ يُعْلَمَ أنَّ الذي يُريدُ أنْ يُنْكِرَ على الناسِ ليس له أنْ يُنكِرَ إلاّ بحُجَّةٍ وبيانٍ...) إلى آخرِهِ -في كلامٍ جميلٍ دقيقٍ-.
وأختُمُ هذا المقالَ بما قالَهُ الإمامُ ابنُ القيِّمِ -رحِمَهُ اللهُ- في «مَدارِجِ السَّالِكِينَ» (1/21):
«ولمَّا كان طالِبُ الصِّراطِ المُستقيمِ طالِبَ أمْرٍ أكثرُ الناسِ ناكِبُونَ عنهُ، مُريداً لسُلوكِ طريقٍ مُرافِقُهُ فيها في غايةِ القِلَّةِ والعِزَّةِ، والنُّفوسُ مَجبولةٌ على وَحشةِ التفرُّدِ، وعلى الأُنسِ بالرَّفِيقِ: نَبَّهَ اللهُ -سُبحانَهُ- على الرَّفِيقِ في هذه الطَّرِيقِ، وأنَّهُم هُمُ {الذين أنْعَمَ اللهُ عليهِم مِن النبيِّينَ والصدِّيقينَ والشُّهداءِ والصَّالحِِينَ وحَسُنَ أولئكَ رَفيقاً}، فأضافَ الصِّراطَ إلى الرَّفِيقِ السَّالِكينَ له، وهُم الذين أنْعَمَ اللهُ عليهِم؛ ليزولَ عن الطالبِ للهدايةِ، وسُلوكِ الصِّراطِ وَحْشَةُ تفرُّدِهِ عن أهلِ زَمانِهِ وبَنِي جِنسِهِ، ولِيَعْلَمَ أنَّ رفيقَهُ في هذا الصِّراطِ هُم الذين أنْعَمَ اللهُ عليهِم، فلا يَكترِثُ بمُخالفةِ النَّاكِبِينَ عنهُ له؛ فإنَّهُم هُم الأقلُّونَ قَدْراً وإنْ كانُوا الأكثَرِينَ عدداً! كما قال بعضُ السَّلَفِ: عليكَ بطريقِ الحقِّ، ولا تستوحِشْ لِقلَّةِ السَّالِكِينَ، وإيّاك وطريقَ الباطلِ، ولا تَغْتَرَّ بكَثْرَةِ الهالكِينَ.
وكُلَّما استوحَشْتَ في تفَرُّدِكَ فانظُر إلى الرَّفِيقِ السَّابِقِ، واحرِص على اللَّحاقِ بهِم، وغُضَّ الطَّرْفَ عمَّن سِواهُم، فإنَّهُم لنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِن الله شيئاً، وإذا صاحُوا بِكَ في طريقِ سَيْرِكَ فلا تَلْتَفِتْ إليهِم، فإنَّكَ مَتَى الْتَفَتَّ إليهِم أخذُوكَ وأعاقُوكَ.
وقد ضَرَبْتُ لذلك مَثَلَيْنِ؛ فلْيَكُونا مِنكَ على بالٍ:
* المَثَل الأوَّل: رجُلٌ خَرَجَ مِن بيتِهِ إلى الصَّلاةِ -لا يُريدُ غيرَها-، فعرَضَ له في طريقِهِ شيطانٌ مِن شياطِينِ الإنسِ، فألقَى عليه كَلاماً يُؤذِيهِ، فوَقَفَ وردَّ عليه، وتماسَكَا، فرُبَّما كانَ شيطانُ الإنسِ أقوَى منهُ؛ فقَهَرَهُ، ومَنَعَهُ عن الوُصولِ إلى المسجدِ، حتّى فاتَتْهُ الصَّلاةُ!
ورُبَّما كان الرَّجُلُ أقوَى مِن شيطانِ الإنسِ، ولكن اشتغلَ بمُهاوشَتِهِ عن الصَّفِّ الأوَّلِ، وكمالِ إدراكِ الجماعةِ، فإنِ الْتَفَتَ إليه أطْمَعَهُ في نفسِهِ، ورُبَّما فَتَرَتْ عزيمتُهُ!
فإنْ كان له معرفةٌ وعلمٌ زاد في السَّعْيِ والجَمْزِ بقدر التفاتِهِ أو أكثرَ!
فإنْ أعرضَ عنه واشتغلَ بما هُو بصدَدِهِ، وخافَ فَوْتَ الصَّلاةِ أو الوقتِ لمْ يَبْلُغْ عَدُوُّهُ منهُ ما شاءَ.
* المَثَل الثَّانِي: الظَّبْيُ أشدُّ سَعْياً مِن الكَلْبِ، ولكنَّهُ إذا أحسَّ به الْتَفَتَ إليه، فيضعُفُ سَعْيُهُ، فيُدْرِكُهُ الكَلْبُ فيأخُذَهُ!
والقصدُ: أنَّ في ذِكْرِ هذا الرَّفِيقِ ما يُزيلُ وَحشةَ التفرُّدِ، ويَحُثُّ على السيرِ والتشميرِ للَّحاقِ بهِم».
واللهُ المُستعانُ، وعليه التُّكلان...
ولا حول ولاقوة الا بالله
محمد بن العربي التلمساني