klimer
2008-04-22, 14:16
حيل بينهم وبين ما يشتهون
أيها الأخ الحبيب :
أصحاب القبور مرتهنون بأعمالهم مجزيون بأفعالهم , قد أفضوا إلى ما قدموا , أمنية
أحدهم أن يعود إلى الدنيا ليفسح له في الأجل فيستأنف العمل , فيملأ كل لحظة بطاعة وكل ساعة بقربة وكل دقيقة بزلفى , تقربه من الله وترفع قدره عند خالقه ومولاه , وتبيض وجهه يوم لقاء الله , يوم تيبض وجوه المؤمنين بطاعة الله وتسود وجوه المجرمين بمعصية الله , ولكن { حيل بينهم وبين ما يشتهون } [1] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn1)
ضاعت الأيام في جمع الحطام , وجاء الموت ليخترم العمر ويلقي الدنيا بما فيها وعليها
خلف الظهر,
كمثل نملة صغيرة تجمع الحب في الصيف لتأكله في زمن الشتاء عندما يشتد البرد ويفتقد الغذاء , وفي يوم من الأيام أخذت النملة حبة في فمها لتكنزها في مخدعها , فجاء عصفور من السماء فأخذها والحبة معها , فلا ما جمعت أكلت ولا بكنزها تمتعت .
فما دمت ـــ أيها الحبيب ـــ في زمن العمل فدع التواني والكسل . وما زلت في إمكان البذر , فتنبه من هذا الرقاد فقد حصحص زمن الحصاد .
وما برحت الفرصة أمامك وميدان السباق بين يديك , ومضمار التنافس تحت قدميك ..
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " ارتحلت الدنيا مدبرة , وارتحلت الآخرة مقبلة , ولمل واحد منهما بنون , فكونوا ما أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا , فإن
اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل " . [2] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn2)
فالبدار ... البدار ...
والمسارعة ... المسارعة ...
قبل أن ينتهي زمن المهله ويحين وقت النقلة , فتنقل من القصور إلى القبور, ومن الدنيا الى الآخرة.. ومن فوق الأرض إلى تحتها .. ومن المشي عليها والسعي فيها إلى الحشر بين أطباقها . فأي عيش يطيب .. وليس للموت طبيب ؟!
وأي حياة ترجى .. وليس دون ارحيل منجى ؟!
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : اضطجع النبي صلى الله عليه وسلم على
الحصير , فأثر في جلده فقلت : بأبي وأمي يارسول الله ! لو كنت آذنتنا ففرشنا لك عليه شيئا يقيك منه ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما أنا والدنيا ! إنما أنا والدنيا
كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها ".[3] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn3)
فاهتبل فرص العمل قبل أن يحيق بك التلف فتطوى الصحف وتعاين غطاءك الذي انكشف , فترجوا الرجوع ولا رجوع !!
{ حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها
كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } . [4] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn4)
لمثل هذا فأعدوا
أيها الأخ الحبيب :
كان بعض السلف الصالح قد حفر لنفسه قبرا , فإذا فتر عن العمل نزل في قبره , فتمدد في لحده , ثم قال لنفسه : يا نفس قدري أني قد مت وصرت في لحدي : أي شيء كنت تتمنين ؟
قالت : أرد إلى الدنيا , فأعمل فيها صالحا .
فيقول لنفسه : قد بلغت أمنيتك , فقومي فاعملي صالحا . فيعود وقد زاد إيمانه فباشر قلبه وجنانه فانقاد للعمل جسمه وأركانه .
وإنما هي لحظة محاسبة للنفس ومعاتبة للحس فأخذ للعظة والدرس !!
والنفس كالطفل إن تهمله شب على
حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم [5] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn5)
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال :" بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصر بجماعة فقال : علام اجتمع عليه هؤلاء ؟ قيل : على قبر يحفرنونه , قال : ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فبدر بين يدي أصحابه مسرعا حتى انتهى إللا القبر فجثا عليه , قال : فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع , فبكى حتى بل الثرى من دموعه , ثم أقبل علينا , قال : أي إخواني ! لمثل اليوم فاعدوا ".[6] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn6)
يقول المرء فائدتي ومالي
وتقوى الله أفضل ما استفادا
فلا تك ياابن آدم في غرور
فقد قام المنادي صاح نادى
بأن الموت طالبكم فهبوا
لهذا الموت راحلة وزادا [7] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn7)
فماذا أعدت ـــ أيها الحبيب ـــ لذلك اليوم العصيب ؟ّ!
يوم تغمض عينك عن الدنيا لتفتحها بين يدي منكر ونكير ..؟!
يوم يتخلى عنك أقرب الناس منك , فيدبر عن قبرك الأهل والأصحاب , وتوضع لوحدك بين الجنادل والتراب ؟!
قال صلى الله عليه وسلم :" يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد , يتبعه أهله وماله وعمله , فيرجع أهله وماله , ويبقى عمله ". [8] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn8)
يقولون لا تبعد وهم يدفنونني
وأين مكان البعد إلا مكانيا
غداة غدا يالهف نفسي على غد
إذا أدلجوا عني وأصبحت ثاويا [9] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn9)
فما دام أن العمل الصالح هو الرفيق الذي لا يخون فاكتنز منه واستكثر قبل نزول الموت وانقطاع الصوت , وفوت الفوت { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون }[10] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn10)
ولمثل تلك اللحظات المهلكات { فليعمل العاملون } [11] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn11)
عن ابن عمر رضي الله عنهما :" كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل من الأنصار , فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : يارسول الله ! أي المؤمنين
أفضل ؟ قال : " أحسنهم خلقا . قال : فأي المؤمنين أكيس [12] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn12) ؟ قال : أكثرهم للموت ذكرا , وأحسنهم لما بعده استعدادا . أولئك الأكياس ".[13] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn13)
قال إبراهيم التيمي رحمه الله تعالى : مثلت نفسي في الجنة مع حورها , وألبس من سندسها وإستبرقها وآكل من ثمارها , وأعانق أبكارها , وأتمتع بنعيمها , فقلت لنفسي : يا نفس أي شيء تتمنين ؟ فقالت : أرد إلى الدنيا , فأزداد من العمل الذي نلت به هذا .
ثم مثلت نفسي في النار أعالج أغلالها وسعيرها , وأحرق بجحيمها , وأجرع من حميمها , وأطعم من زقومها , فقلت لنفسي : أي شيء تتمنين ؟ فقالت : أرد إلى الدنيا
فأعمل عملا اتخلص به من هذا العذاب . فقلت لها : يا نفس فأنت في المنية فاعملي .
ونحن ما زلنا في المنية , فهل من يقظة واعتبار ؟
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى
ولا قيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله
وانك لم ترصد لما كان أرصدا [14] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn14)
أيها الأخ الحبيب :
أصحاب القبور مرتهنون بأعمالهم مجزيون بأفعالهم , قد أفضوا إلى ما قدموا , أمنية
أحدهم أن يعود إلى الدنيا ليفسح له في الأجل فيستأنف العمل , فيملأ كل لحظة بطاعة وكل ساعة بقربة وكل دقيقة بزلفى , تقربه من الله وترفع قدره عند خالقه ومولاه , وتبيض وجهه يوم لقاء الله , يوم تيبض وجوه المؤمنين بطاعة الله وتسود وجوه المجرمين بمعصية الله , ولكن { حيل بينهم وبين ما يشتهون } [1] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn1)
ضاعت الأيام في جمع الحطام , وجاء الموت ليخترم العمر ويلقي الدنيا بما فيها وعليها
خلف الظهر,
كمثل نملة صغيرة تجمع الحب في الصيف لتأكله في زمن الشتاء عندما يشتد البرد ويفتقد الغذاء , وفي يوم من الأيام أخذت النملة حبة في فمها لتكنزها في مخدعها , فجاء عصفور من السماء فأخذها والحبة معها , فلا ما جمعت أكلت ولا بكنزها تمتعت .
فما دمت ـــ أيها الحبيب ـــ في زمن العمل فدع التواني والكسل . وما زلت في إمكان البذر , فتنبه من هذا الرقاد فقد حصحص زمن الحصاد .
وما برحت الفرصة أمامك وميدان السباق بين يديك , ومضمار التنافس تحت قدميك ..
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " ارتحلت الدنيا مدبرة , وارتحلت الآخرة مقبلة , ولمل واحد منهما بنون , فكونوا ما أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا , فإن
اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل " . [2] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn2)
فالبدار ... البدار ...
والمسارعة ... المسارعة ...
قبل أن ينتهي زمن المهله ويحين وقت النقلة , فتنقل من القصور إلى القبور, ومن الدنيا الى الآخرة.. ومن فوق الأرض إلى تحتها .. ومن المشي عليها والسعي فيها إلى الحشر بين أطباقها . فأي عيش يطيب .. وليس للموت طبيب ؟!
وأي حياة ترجى .. وليس دون ارحيل منجى ؟!
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : اضطجع النبي صلى الله عليه وسلم على
الحصير , فأثر في جلده فقلت : بأبي وأمي يارسول الله ! لو كنت آذنتنا ففرشنا لك عليه شيئا يقيك منه ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما أنا والدنيا ! إنما أنا والدنيا
كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها ".[3] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn3)
فاهتبل فرص العمل قبل أن يحيق بك التلف فتطوى الصحف وتعاين غطاءك الذي انكشف , فترجوا الرجوع ولا رجوع !!
{ حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها
كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } . [4] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn4)
لمثل هذا فأعدوا
أيها الأخ الحبيب :
كان بعض السلف الصالح قد حفر لنفسه قبرا , فإذا فتر عن العمل نزل في قبره , فتمدد في لحده , ثم قال لنفسه : يا نفس قدري أني قد مت وصرت في لحدي : أي شيء كنت تتمنين ؟
قالت : أرد إلى الدنيا , فأعمل فيها صالحا .
فيقول لنفسه : قد بلغت أمنيتك , فقومي فاعملي صالحا . فيعود وقد زاد إيمانه فباشر قلبه وجنانه فانقاد للعمل جسمه وأركانه .
وإنما هي لحظة محاسبة للنفس ومعاتبة للحس فأخذ للعظة والدرس !!
والنفس كالطفل إن تهمله شب على
حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم [5] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn5)
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال :" بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصر بجماعة فقال : علام اجتمع عليه هؤلاء ؟ قيل : على قبر يحفرنونه , قال : ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فبدر بين يدي أصحابه مسرعا حتى انتهى إللا القبر فجثا عليه , قال : فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع , فبكى حتى بل الثرى من دموعه , ثم أقبل علينا , قال : أي إخواني ! لمثل اليوم فاعدوا ".[6] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn6)
يقول المرء فائدتي ومالي
وتقوى الله أفضل ما استفادا
فلا تك ياابن آدم في غرور
فقد قام المنادي صاح نادى
بأن الموت طالبكم فهبوا
لهذا الموت راحلة وزادا [7] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn7)
فماذا أعدت ـــ أيها الحبيب ـــ لذلك اليوم العصيب ؟ّ!
يوم تغمض عينك عن الدنيا لتفتحها بين يدي منكر ونكير ..؟!
يوم يتخلى عنك أقرب الناس منك , فيدبر عن قبرك الأهل والأصحاب , وتوضع لوحدك بين الجنادل والتراب ؟!
قال صلى الله عليه وسلم :" يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد , يتبعه أهله وماله وعمله , فيرجع أهله وماله , ويبقى عمله ". [8] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn8)
يقولون لا تبعد وهم يدفنونني
وأين مكان البعد إلا مكانيا
غداة غدا يالهف نفسي على غد
إذا أدلجوا عني وأصبحت ثاويا [9] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn9)
فما دام أن العمل الصالح هو الرفيق الذي لا يخون فاكتنز منه واستكثر قبل نزول الموت وانقطاع الصوت , وفوت الفوت { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون }[10] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn10)
ولمثل تلك اللحظات المهلكات { فليعمل العاملون } [11] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn11)
عن ابن عمر رضي الله عنهما :" كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل من الأنصار , فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : يارسول الله ! أي المؤمنين
أفضل ؟ قال : " أحسنهم خلقا . قال : فأي المؤمنين أكيس [12] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn12) ؟ قال : أكثرهم للموت ذكرا , وأحسنهم لما بعده استعدادا . أولئك الأكياس ".[13] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn13)
قال إبراهيم التيمي رحمه الله تعالى : مثلت نفسي في الجنة مع حورها , وألبس من سندسها وإستبرقها وآكل من ثمارها , وأعانق أبكارها , وأتمتع بنعيمها , فقلت لنفسي : يا نفس أي شيء تتمنين ؟ فقالت : أرد إلى الدنيا , فأزداد من العمل الذي نلت به هذا .
ثم مثلت نفسي في النار أعالج أغلالها وسعيرها , وأحرق بجحيمها , وأجرع من حميمها , وأطعم من زقومها , فقلت لنفسي : أي شيء تتمنين ؟ فقالت : أرد إلى الدنيا
فأعمل عملا اتخلص به من هذا العذاب . فقلت لها : يا نفس فأنت في المنية فاعملي .
ونحن ما زلنا في المنية , فهل من يقظة واعتبار ؟
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى
ولا قيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله
وانك لم ترصد لما كان أرصدا [14] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn14)