المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسباب التوفيق


abou_youcef
2008-04-17, 09:34
الـتـقـوى



التـقـوى وأنها البـداية الصحيحـة في الطلـب


أولاً : التـقـوى وأنها البـداية الصحيحـة في الطلـب : لقوله تعالى : {. . . وَََاتَّقُواْ اللَّهَ ويُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(1) .

فقد اشتملت الآية على أمر ووعد ؛ أمر بالتقوى ، ووعد بالعلم الذي هو معقد كل عز ، ومجمع كل فضيلة.

ويعلمكم اللَّه : أي : كل خير يحبه ، ويرضاه.
فلكي تبدأ البداية الصحيحة ، ويقال لك فـي الملإ الأعلى : يا باغي الخير أقبل(!) وتضع لك الملائكة أجنحتها ، رضاً بما تصنع ، ويستقيم لك الطريق ؛ فلا ترى فيه عوجاً ، ولا أمتاً ، وتُكفى العثار وتكفى أن ترهق صعوداً ؛ فلا عقبات ، ولا عثرات ؛ عليك أن تلبس نعال التقوى ؛ فهي على صعاب الطريق أقوى(!) ومادتها اجتناب المحارم(!) وإياك ونعال المعاصي . . فلا يقال لك : اخلع نعليك(!) أو ارجع على عقبيك(!) أو ليس هذا بعشك فادرجي . . (!) فليس في هذا الطريق مع غياب التقوى ، ووجود المعاصي محاباة ، فانظر نعليك ، قبل أن تُرَدَّ على عقبيك ، وتُذَادَ عن حياض العلم ذوداً كغرائب الإبل.

فلن يستقيم لك السير في طريق العلم كما تريد ما لم تستقم على مراد الله ، فلا للذنوب والمعاصي والآثام ؛ فإذا زلت بك القدم ، وألممت بذنب ؛ فقم واستغفر ؛ وإياك أن تقيم عليه صريعاً ، ولا تجعلها الزلة التي تودي بك .


* التقوى تحفظ القلوب من مفسداتها :

والتقوى حافظة للقلوب من مفسداتها ، ومما يكدر صفوها ، ويذهب طراوتها ، وكفى بها أنها تعصم صاحبها الذنوب ؛ فإن الذنوب تميت القلوب ، وحياة القلوب ترك الذنوب ؛ كما قال ابن المبارك عليه رحمة اللَّه :


رأيت الـذنوب ؛ تميت القلـوب
وقـد يورث الـذل إدمانها

وترك الـذنوب ؛ حياة القلـوب
وخـير لنفسـك ؛ عصيانها



فقلب رانت عليه الذنوب بما كسب صاحبه ، وأحاطته الشهوات ، وجاءه موجها من كل مكان ؛ فغمرته ، وعن ربه حجبته ؛ أنى له العلم(؟!).

* إشارة لطيفة لأبي حامد الغزالي لمن أراد المعرفة من كتابه : (( الإحياء )) :


قال أبو حامد رحمه اللَّه تعالى : (( أنوار العلوم لم تحجب من القلوب لبخل ، ومنع من جهة المنعم تعالى عن ذلك ، بل لخبث وكدورة ، وشغل من جهة القلوب ؛ فإنها كالأواني مادامت مملؤة بالماء لا يدخلها الهواء ، والقلب المشغول بغير اللَّه لا تدخله المعرفة بجلاله )).

قلت ( أبو عبيد العمروني) : وهذا كلام نفيس ينبغي لطالب العلم أن يهتم له ؛ فإنه يربو على الغاية في الإرشاد والتذكير ، لمن أراد مواصلة المسير.


* إشارة لطيفة لابن القيم لمن أراد صفاء قلبه من كتابه : (( الفوائد )) :

قال الإمام الرِّبِّيُّ ابن قيّم الجوزية قدس اللَّه روحه : (( فمن أراد صفاء قلبه فليؤثر اللَّه على شهوته ، فإن القلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عن اللَّه بقدر تعلقها بتلك الشهوات )).


* إشارة أخرى للمؤلف فـي أن العمى عمى البصيرة :

قلت ( أبو عبيد العمروني) : فالعلم لشرفه ، ورفعته لا يدخل إلا القلوب الصافية الرقيقة ، فاحرص على صفاء قلبك ورقته ؛ يمتلىء بالحكمة والفقه فـي الدين إن كنت فـي ذلك من الراغبين.

وليكن لك قلب تعقل به ، وأذن تسمع بها ، ولا عليك إن لم يكن لك عين تبصر بها ؛ { . . . فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }(2).

قال تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}(3).

فأين العين ههنا(؟) لا محل لـها(!) إذاً اقطع علائق قلبك بالشهوات يبصر ، ويرى.

وقد أحسن القائل :


القلـب يدرك مـا لا عـين تدركـه
والحـسن ما استحسنته النفـس لا البصـر

ومـا العـين التي تعمـى إذا نظـرت
بل القلـوب الـتي يعمـى بها البصـر



* من آثار المعاصي حرمان العلم :

قال ابن قيم الجوزية رحمه اللَّه تعالى : (( وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب ، والبدن فـي الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا اللَّه.

فمنها : حرمان العلم فإن العلم نور يقذفه اللَّه في القلب ، والمعصية تطفىء ذلك النور.

ولما جلس الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته ، وتوقد ذكائه ، وكمال فهمه ، فقال : إني أرى اللَّه قد ألقى على قلبك نوراً ؛ فلا تطفئه بظلمة المعصية )) (4).

وقال أبو عبداللَّه محمد بن إدريس قدس اللَّه روحه :

شكـوت إلى وكيع سوء حفظي
فأرشـدني إلى ترك المعاصـي

وأخـبرني بأن العلـم نـور
ونور اللَّـه لا يهـدى لعاصـي



* نور اللَّه والمعصية لا يجتمعان فـي قلب واحد :
إذاً نور اللَّه ، والمعصية لا يجتمعان في قلب امرئ أبداً ، فحيث كان في القلب أحدهما فلا مكان للآخر.

فإذا شكوت سوء حفظ ، أو عدم فهم ؛ فلعمر إلـهك إنها الذنوب ، فكم قطعت بطالب علم ، وأثقلته وأقعدته(؟!) وكم أوقرت من أذن ، وجعلت على بصر غشاوة(؟).

فالزم حماك اللَّه حمى التقوى ؛ تكن فـي طلب العلم أقوى.

(( سئل أبو هريرة رضي الله عنه عن التقوى ، فقال : هل أخذت طريقاً ذا شوك(؟) قال : نعم ، قال :كيف صنعت(؟) قال : إذا رأيت الشوك عدلت عنه ، أو جاوزته ، أو قصرت عنه ، قال : ذاك التقوى.

وأخذ هذا المعنى ابن المعتز فقال :


خـل الـذنوب صغـيرها
وكـبيرها فهـو التقـى

واصـنع كمـاش فـوق أر
ض الشـوك يحـذر مـا يرى

لا تحقـرن صغـيرة
إن الجـبال مـن الحصـى



قال ابن رجب رحمه اللَّه : وأصل التقوى : أن يعلم العبد ما يتقي ثم يتقي ، قال عون ابن عبد اللَّه : تمام التقوى أن تبتغي علم ما لم يعلم منها إلى ما علم منها )) (5).

قال الشاعر :


وبالتقـى تغـنم الإصـلاح في عمـل
وتستفـيد بـه علـماً بلا سهـر

ونفـع ذلك لا يحصـى لـه عـدد
ونص ذلك فـي آي الكـتاب قُـري

oumyahia
2008-10-26, 15:10
السلام عليكم

بارك الله فيك

zembla
2008-10-26, 15:50
شكرا لك و جزاك الله خيرا

إِذَا الِإيمَانُ ضَاعَ فَلَا أَمَانٌ | ₪ | وَلَا دُنْيَا لِمَنْ لَمْ يُحْي دِينَا
وَمَنْ رَضِي الْحَيَاةَ بِغَيْرِ دِينٍ | ₪ | فَقَدْ جَعَلَ الْفَنَاءَ لَهَا قَرِينَا