أم عبد المصوّر
2010-07-24, 13:41
قال البشير الإبراهيمي :
هل لمن أضاع فلسطين عيد؟
قلت :
وهل لمن أضاع فلسطين احتفال بانتصارات الكرة وحمل الشعارات هناك ؟
قال البشير الإبراهيمي :
النفوس حزينة، واليوم يوم الزينة، فما نصنع؟
إخواننا مشرّدون، فهل نحن من الرحمة والعطف مجرّدون؟
تتقاضانا العادة أن نفرح في العيد ونبتهج، وأن نتبادل التهاني، وأن نطرح الهموم، وأن نتهادى البشائر.
وتتقاضانا فلسطين أن نحزن لمحنتها ونغتمّ، ونُعنى بقضيتها ونهتمّ.
ويتقاضانا إخواننا المشردون في الفيافي، أبدانهم للسوافي، وأشلاؤهم للعوافي، ألا ننعم حتى ينعموا، وألا نطعم حتى يطعموا
ليت شعري!.. هل أتى عبّاد الفلس والطين، ما حلَّ ببني أبيهم في فلسطين؟
قلت :
أيها البشير ....
نفوس الفلسطينين حزينة
فنحن من رحمتنا بهم وعطفنا عليهم
لعبنا الكرة وحملنا شعارات التمجيد لهم
وجعلنا من لاعبينا أبطالا وأحرارا
وعلقنا صورهم ....
يتقاضنا حالهم الذي ذكرته أن نحتفل
عند تسديد الأهداف
والنصر على شقيقتها وجارتها
يتقاضنا أن نزغرد وأن تخرج النساء إلى شوارع
يتقاضنا أن نلبس مثل لباس أعدائهم
وأن نتكلم بلسان جلادهم
وأن نبيع لغتهم حتى في الشعارات
ليت شعري ... لقد أتى مشجعي الكرة كل ما حل بفلسطين
لكنهم بهم لا يشعرون ويقولون أنهم لغير الهتاف والتصفيق لا يملكون
فأخبرنا ماذا نفعل
حتى يفهموا بأن عليهم لطعم الفرحة لا يذوقون
قال البشير الإبراهيمي :أيها العرب: لا عيد، حتى تنفذوا في صهيون الوعيد، وتُنجزوا لفلسطين المواعيد، ولانحر، حتى تقذفوا بصهيون في البحر، ولا أضحى، حتى يظمأ صهيون في أرض فلسطين ويضحى.
قلت :
أيها البشير
الشعوب العربية ليس لها عيدين فقط بل لها أعياد جديدة تفرح بها
عيد الكرة واللاعبين والتسديدة
قال البشير الإبراهيمي :
أيها العرب: حرام أن تنعموا وإخوانكم بؤساء، وحرام أن تطعموا وإخوانكم جياع، وحرام أن تطمئن بكم المضاجع وإخوانكم يفترشون الغبراء.
أيها البشير :
حلال أن ينعموا ويفرحوا ويطعموا بل ويرقصو ويغنوا وإخواننهم جياع خائفون مروعون
وحرام أن نقول لهم لا تفعلوا هذا لأنهم لا يستطيعون
فنحن نكلفهم فوق ما يطيقون
أنت سجّان لهم في يوم العيد
وأنا سجّانة في عصرنا الجديد
قال البشير الإبراهيمي :أيها المسلمون: افهموا ما في هذا العيد من رموز الفداء، والتضحية والمعاناة، لما فيه من معاني الزينة والدعة والمطاعم، ذاك حق الله على الروح، وهذا حق الجسد عليكم.
قلت :
أيها البشير
لا... هم يفهمون أنك سجان لما يريدون ، أذهب أنت وافعل ما تريد وليفعلوا هم ما يريدون
وليعبروا عن حبهم ونصرهم كما يشاؤون
قال البشير الإبراهيمي :
إن بين جنبيّ ألماً يتنزّى، وإن في جوانحي ناراً تتلظّى، وإن بين أناملي قلما سُمته أن يجري فجمح، وأن يسمح فما سمح، وإن في ذهني معاني أنحى عليها الهم فتهافتت، وإن على لساني كلمات حبسها الغم فتخافتت.
للناس عيد ولي همّان في العيد
فلا يغرنّك تصويبي وتصعيدي
همّ التي لبثت في القيد راسفة
قرناً وعشرين في عسف وتعبيد
وهمّ أخت لها بالأمس قد فنيت
حُماتها بين تقتيل وتشريد
كان القياض لها في صفقة عقدت
من ساسة الشر تعريباً بتهويد
جرحان ما برحا في القلب جَسُّهما
مود وتركهما لشقوتي مود
ذكرت بيتاً له في المبتدا خبر
في كل حفل من الماضين مشهود
إن دام هذا ولم تحدث له غِيرٌ
لم يبك ميْتٌ ولم يفرح بمولود
قلت
أيها البشير
لك أن تحزن وتتألم ولكن ماذا لو أدركت زماننا
وأدركت كيف الناس تعبر عن ألمها وحزنها
تقول أنها حزينة وغاضبة
ثم تلعب وترقص وتغني
وتقول نحن معكم أيها الشعب المذبوح
قال البشير الإبراهيمي :ويح أحياء القلوب وأيقاظ الإحساس ماذا يتجرّعون من جرع الأسى في هذه الأعياد التي يفرح فيها الخليون ويمرحون؟ أيتكلفون السرور والانبساط قضاء لحق العرف ومجاراة لمن حولهم من أهل وولدان وصحب غافلين وجيران؟ أم يستجيبون لشعورهم وينزلون على حكمه فلا تفترّ لهم شفة عن ثغر ولا تتهلل لهم سريرة ببشر ولا تشرق لهم صفحة بسرور؟
ويح النفوس الحزينة من يوم الزينة، إنه يثير كوامنها ويحرّك سواكنها، فلا ترى في سرور المسرورين إلا مضاعفة لمعاني الحزن فيها، ولا ترى في فرح الفرحين إلا أنه شماتة بها.
قلت :
ويحنا ثم ويحنا ثم ويحنا إن كنت عبت على أهل زمانك الفرح في العيد
ونحن يفرحون في الكرة وفي ملاعب الكرة
ويقولون نحن نحبك يا فلسطين
يخافون حين تقترب كرة الخصم من مرمى لاعبيهم
ويستبشرون حين تدخل كرتهم إلى مرمى خصومهم
ويح فرح النفوس الحزينة بهذه الانجازات العظيمة
هي عندك أيها البشير تعني الشماتة
قال البشير الإبراهيمي :
مرَّت عليَّ وأنا في الجزائر عدة أعياد من السنوات الأخيرة التي صرح الشر فيها للعرب والمسلمين عن محضه فكنت ألقى تلك الأعياد بغير ما يلقاها به الناس، ألقاها بتجهم اضطراري وانقباض نفسي، وكان الرائي يراني وأنا معه وأراه وكأنه ليس معي، فقد كانت تظللني في العيد سحائب من الكآبة لحال قومي العرب وإخواني المسلمين وأنا كثير التفكير فيهم والاهتمام بهم والاغتمام من أجلهم، فأغبطهم تارة لأنهم في راحة مما أنا فيه، وأزدريهم حيناً لأنهم لم يكونوا عوناً لي على ما أنا فيه، وما أشبههم في الحالتين إلا بالغنم تُساق إلى الذبح وهي لاهية تخطف الكلأ من حافتي الطريق لأنها لا تدري ما يُراد بها.
قلت :
رحمك الله أيها البشير تمر علينا الأعياد في الجزائر وفوقها احتفالات الملاعب
والوضع أشد سوء مما كان في وقتك
والناس تلقى العيد بالفرح والسرور وانشراح الصدور وهم في سكرتهم يعمهون
ورمضان على الأبواب والجشع في الأكل والشراب واللباس هو سيد المظاهر
ثم هم يقولون : معك يا فلسطين ظالمة أو مظلومة ...
قال البشير الإبراهيمي :وجاءت نكبة فلسطين فكانت في قلبي جرحاً على جرح وكانت الطامة والصاخة معاً، وكانت مشغلة لفكري بأسبابها ومآسيها وعواقبها القريبة والبعيدة، فلا تصوّر لي الخواطر إلا أشنع ما في تلك العواقب، وكأن أحزان السنة كلها كانت تتجمَّع عليَّ في يوم العيد، وكنت أغطّي باطن أمري بالتجمّل، فإذا عدمت المتنفس من الرجال والأعمال والأحوال رجعتُ إلى العيد الذي هو مثار أشجاني فجرّدت منه شخصاً أخاطبه وأناجيه، وأشكوه وأشكو إليه، وأسأله وأجيبه، وأبثّه الشكاية من قومي غيظاً على القادرين وتأنيباً للغادرين، حتى اجتمعت لي من ذلك صحائف مدوّنة نشرت القليل منها على الناس وطويت الكثير إلى حين. ثم رحلت عن الجزائر في السنة الماضية فكانت بيني وبين الأعياد هدنة عقد أوّلها العراق ومخايل الرجاء فيه، وعقد آخرها مكّة ومخايل الرجاء في الله وهذا العيد الثالث يظلني فبماذا أستقبله؟!
قلت : أيّها البشير ... لقد مرّت نكبة فلسطين وحلت بعدها نكبات جديدة في العراق والصومال والسودان ... ومصر مهددة والخليج العربي في خطر ...
ونحن نسمح لأنفسنا بالفرح في كل شيء حتى في الجلد المنفوخ وليس لنا إلا أن نحمل الشعارات
قال البشير الإبراهيمي :أنا الآن أشد تأثراً بنكبة فلسطين مني في الماضي.
أيها العرب: ها هو ذا العيد قد أقبل وكأني بكم تجرون فيه على عوائدكم وتنفقون المال بلا حساب على الحلل يرتديها أولادكم، وعلى الطعام والشراب توفرون منه حظ بطونكم، وكأني بكم تسيرون فيه على مأثوركم من اللهو واللعب وإرخاء الأعنّة لمطايا الشهوات من جوارحكم، فتركبون منها ما حلّ وما حَرُمَ، كل هذا وأمثاله معه سيقع،
قلت : أيها البشير.... ها هي شوراعنا تشكو الرحيل بعد احتفالات فريق البلد لقد جروا على عوائدهم وأنفقوا بغير حساب على الحلل يرتديها أولادهم ، وعلى الطعام والشراب ويوفرون به حظ بطونهم
وهم يسيرون فيه على مأثورهم من اللهو واللعب وإرخاء الأعنّة لمطايا الشهوات من جوارحهم، فركبوا منها ما حلّ وما حَرُمَ، كل هذا وأمثاله معه سيقع، فماذا أعددوا للأخرى من الواجبات التي هي أدنى لروح العيد؟
قال البشير الإبراهيمي :فماذا أعددتم للأخرى من الواجبات التي هي أدنى لروح العيد؟ وأجلب لسرور الرجال في العيد، وأقرب لرضا الله؟ وهي حقوق فلسطين وأهل فلسطين ومشرّدي فلسطين ويتامى فلسطين وأيامى فلسطين والمسجد الأقصى من فلسطين، أم قست قلوبكم فأنتم لها لا تذكرون؟
قلت :
أيّها البشير ...لقد أعدوا لها شعار
وان تو ثري فيفا غزة
قال البشير الإبراهيمي :أيها العرب: إن الواحد منكم يموت له الطفل الصغير فيلتزم الحداد ويتدثَّر السواد، ويمر عليه العيد فلا تزدهيه ملابسه، ولا تستهويه مجالسه، ولا ينزع لباس الحزن إلى وفاء السنة، يتحدّى بذلك نصوص الدين المنصوصة وأحوال الدنيا المخصوصة، وقد ماتت فلسطين وهي أعزّ شهيد وأحقّه بالحزن عليه، فويحكم أهي أهون مفقود عليكم؟ أم أن نخوتكم ماتت معها؟ إنها والله لأولى بالحزن عليها من كل محزون عليه، وإنها والله لأولى بعدم الصبر ممن قال فيه القائل:
والصبر يحمد في المواطن كلها
إلا عليك فإنه مذموم
وإن مما يذكي نخوتكم ويزيدكم حرارة حزن على القتيل، وخفة طيرة للأخذ بثأره.. خسة القاتل.. فأين أنتم هداكم الله؟
قلت : أيها البشير ...يقولون عنا أنا قاسون وسجانون ليس لي بعد كلامك كلام أو تعقيب
قال البشير الإبراهيمي :
أيها العرب: إن الذنب في نفسه ذنب، وإن عدم الاعتراف به يصيّره ذنبين، ولكن التوبة الصادقة المصحوبة بالعمل تمحوهما معاً، فتعالوا نعترف بما يعلمه الله منّا، فإن فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة.
ألستم أنتم الذين أضعتم فلسطين؟ بجهلكم وتجاهلكم مرة، وخذلكم وتخاذلكم ثانية؟!
وباغتراركم وتغافلكم ثالثة، وبقبولكم للهدنة رابعة، وباختلاف ساستكم وقادتكم خامسة، وبعدم الاستعداد سادسة، وبخيانة بعضكم سابعة، وبما عدوّكم أعلم به منكم ثامنة؟ وفي أثناء ذلك كتب الحفيظان عليكم من الموبقات ما يملأ السجلاَّت.
كانت نتيجة النتائج لذلك كله أن أضعتم فلسطين، وأضعتم معها شرفكم، ودفنتم في أرضها مجد العرب، وعزّ الإسلام، وميراث الإسلام، وضاعفتم البلاء على نصف العرب. في المغرب العربي كانوا ينتظرون انتصارهم في المعترك السياسي على إثر انتصاركم في المعترك الحربي، ولكنهم باؤوا من عاقبة خذلانكم بشد الخناق وشدة الإرهاق. وكان من النتائج المخزية تشريد مليون عربي عن ديارهم، ولو أن عشرهم كان مسلحاً لما ضاع شبر من فلسطين، ولو أن العشر وجد السلاح اليوم لاسترجع فلسطين، وها هم أولاء يتردّدون على حافات فلسطين تتقاذفهم المصائب ويتخطفهم الموت من كل جانب ولكنه موت الجوع والعري والحر والبرد لا موت الذياد والشرف.
وكان من النتائج المحزنة أن وضع صهيون رجله في ماء العقبة، أتدرون موقع الحزن من ذلك؟ إنه قطع لأوداجكم إذ لم يبق لكم بعد العقبة شبر من اليابسة تتواصلون عليه، أو تمدّون فوقه سكّة حديدية تصل أجزاءكم، أو طريقاً للسيارات، أو سلكاً للمخاطبات، وإنه بعد ذلك إيذان بغزوه لمكة والمدينة، وتهديد صارخ لمواني الحجاز، وكان من النتائج الفرعية أن عشرات الآلاف من يتامى المجاهدين دفعهم الجوع إلى التنصر في مدينة القدس تحت سمع وبصر بقية المسلمين الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلاً.
وكانت خاتمة النتائج أننا قرّبنا من صهيون ما كان بعيداً وأدنينا منه أمانيه، فالقدس محطة الإسراء وموطئ أقدام محمد صلى الله عليه وسلم وفتح عمر، أصبح لقمة متردّدة بين لهواته، والمسجد الأقصى كاثرته البيع والكنائس وتعاونت على إخفاء مآذنه وإسكات أذانه.
ويل للعرب من شر قد حلَّ.. ولا أقول قد اقترب.
قلت :
أيّها البشير
ويل للعرب من شر قد حلّ وعمّ وطمّ واستفحل...
رحمك الله يا علم الجزائر وقدوتها ومربيها وعالمها.
تم إرسال الرسالة بتاريخ 13-شعبان-1431
بمنتديات الجلفة الجزائرية
انتهت رسالتي إلى البشير الإبراهيمي
وهو يحرّج على الشعوب الاحتفال بالعيد
فكيف بالاحتفال بانتصارات الكرة وحمل الشعارات الجوفاء فيها
18 نوفمبر 2009
ومونديال 2010
ومونديال 2014
سيبقى شاهدا على خيانة الشعوب وتدليسها وادعائها ما لا تتصف به
ماتت الأبدان في فلسطين
ومات الإحساس عندنا
هل لمن أضاع فلسطين عيد؟
قلت :
وهل لمن أضاع فلسطين احتفال بانتصارات الكرة وحمل الشعارات هناك ؟
قال البشير الإبراهيمي :
النفوس حزينة، واليوم يوم الزينة، فما نصنع؟
إخواننا مشرّدون، فهل نحن من الرحمة والعطف مجرّدون؟
تتقاضانا العادة أن نفرح في العيد ونبتهج، وأن نتبادل التهاني، وأن نطرح الهموم، وأن نتهادى البشائر.
وتتقاضانا فلسطين أن نحزن لمحنتها ونغتمّ، ونُعنى بقضيتها ونهتمّ.
ويتقاضانا إخواننا المشردون في الفيافي، أبدانهم للسوافي، وأشلاؤهم للعوافي، ألا ننعم حتى ينعموا، وألا نطعم حتى يطعموا
ليت شعري!.. هل أتى عبّاد الفلس والطين، ما حلَّ ببني أبيهم في فلسطين؟
قلت :
أيها البشير ....
نفوس الفلسطينين حزينة
فنحن من رحمتنا بهم وعطفنا عليهم
لعبنا الكرة وحملنا شعارات التمجيد لهم
وجعلنا من لاعبينا أبطالا وأحرارا
وعلقنا صورهم ....
يتقاضنا حالهم الذي ذكرته أن نحتفل
عند تسديد الأهداف
والنصر على شقيقتها وجارتها
يتقاضنا أن نزغرد وأن تخرج النساء إلى شوارع
يتقاضنا أن نلبس مثل لباس أعدائهم
وأن نتكلم بلسان جلادهم
وأن نبيع لغتهم حتى في الشعارات
ليت شعري ... لقد أتى مشجعي الكرة كل ما حل بفلسطين
لكنهم بهم لا يشعرون ويقولون أنهم لغير الهتاف والتصفيق لا يملكون
فأخبرنا ماذا نفعل
حتى يفهموا بأن عليهم لطعم الفرحة لا يذوقون
قال البشير الإبراهيمي :أيها العرب: لا عيد، حتى تنفذوا في صهيون الوعيد، وتُنجزوا لفلسطين المواعيد، ولانحر، حتى تقذفوا بصهيون في البحر، ولا أضحى، حتى يظمأ صهيون في أرض فلسطين ويضحى.
قلت :
أيها البشير
الشعوب العربية ليس لها عيدين فقط بل لها أعياد جديدة تفرح بها
عيد الكرة واللاعبين والتسديدة
قال البشير الإبراهيمي :
أيها العرب: حرام أن تنعموا وإخوانكم بؤساء، وحرام أن تطعموا وإخوانكم جياع، وحرام أن تطمئن بكم المضاجع وإخوانكم يفترشون الغبراء.
أيها البشير :
حلال أن ينعموا ويفرحوا ويطعموا بل ويرقصو ويغنوا وإخواننهم جياع خائفون مروعون
وحرام أن نقول لهم لا تفعلوا هذا لأنهم لا يستطيعون
فنحن نكلفهم فوق ما يطيقون
أنت سجّان لهم في يوم العيد
وأنا سجّانة في عصرنا الجديد
قال البشير الإبراهيمي :أيها المسلمون: افهموا ما في هذا العيد من رموز الفداء، والتضحية والمعاناة، لما فيه من معاني الزينة والدعة والمطاعم، ذاك حق الله على الروح، وهذا حق الجسد عليكم.
قلت :
أيها البشير
لا... هم يفهمون أنك سجان لما يريدون ، أذهب أنت وافعل ما تريد وليفعلوا هم ما يريدون
وليعبروا عن حبهم ونصرهم كما يشاؤون
قال البشير الإبراهيمي :
إن بين جنبيّ ألماً يتنزّى، وإن في جوانحي ناراً تتلظّى، وإن بين أناملي قلما سُمته أن يجري فجمح، وأن يسمح فما سمح، وإن في ذهني معاني أنحى عليها الهم فتهافتت، وإن على لساني كلمات حبسها الغم فتخافتت.
للناس عيد ولي همّان في العيد
فلا يغرنّك تصويبي وتصعيدي
همّ التي لبثت في القيد راسفة
قرناً وعشرين في عسف وتعبيد
وهمّ أخت لها بالأمس قد فنيت
حُماتها بين تقتيل وتشريد
كان القياض لها في صفقة عقدت
من ساسة الشر تعريباً بتهويد
جرحان ما برحا في القلب جَسُّهما
مود وتركهما لشقوتي مود
ذكرت بيتاً له في المبتدا خبر
في كل حفل من الماضين مشهود
إن دام هذا ولم تحدث له غِيرٌ
لم يبك ميْتٌ ولم يفرح بمولود
قلت
أيها البشير
لك أن تحزن وتتألم ولكن ماذا لو أدركت زماننا
وأدركت كيف الناس تعبر عن ألمها وحزنها
تقول أنها حزينة وغاضبة
ثم تلعب وترقص وتغني
وتقول نحن معكم أيها الشعب المذبوح
قال البشير الإبراهيمي :ويح أحياء القلوب وأيقاظ الإحساس ماذا يتجرّعون من جرع الأسى في هذه الأعياد التي يفرح فيها الخليون ويمرحون؟ أيتكلفون السرور والانبساط قضاء لحق العرف ومجاراة لمن حولهم من أهل وولدان وصحب غافلين وجيران؟ أم يستجيبون لشعورهم وينزلون على حكمه فلا تفترّ لهم شفة عن ثغر ولا تتهلل لهم سريرة ببشر ولا تشرق لهم صفحة بسرور؟
ويح النفوس الحزينة من يوم الزينة، إنه يثير كوامنها ويحرّك سواكنها، فلا ترى في سرور المسرورين إلا مضاعفة لمعاني الحزن فيها، ولا ترى في فرح الفرحين إلا أنه شماتة بها.
قلت :
ويحنا ثم ويحنا ثم ويحنا إن كنت عبت على أهل زمانك الفرح في العيد
ونحن يفرحون في الكرة وفي ملاعب الكرة
ويقولون نحن نحبك يا فلسطين
يخافون حين تقترب كرة الخصم من مرمى لاعبيهم
ويستبشرون حين تدخل كرتهم إلى مرمى خصومهم
ويح فرح النفوس الحزينة بهذه الانجازات العظيمة
هي عندك أيها البشير تعني الشماتة
قال البشير الإبراهيمي :
مرَّت عليَّ وأنا في الجزائر عدة أعياد من السنوات الأخيرة التي صرح الشر فيها للعرب والمسلمين عن محضه فكنت ألقى تلك الأعياد بغير ما يلقاها به الناس، ألقاها بتجهم اضطراري وانقباض نفسي، وكان الرائي يراني وأنا معه وأراه وكأنه ليس معي، فقد كانت تظللني في العيد سحائب من الكآبة لحال قومي العرب وإخواني المسلمين وأنا كثير التفكير فيهم والاهتمام بهم والاغتمام من أجلهم، فأغبطهم تارة لأنهم في راحة مما أنا فيه، وأزدريهم حيناً لأنهم لم يكونوا عوناً لي على ما أنا فيه، وما أشبههم في الحالتين إلا بالغنم تُساق إلى الذبح وهي لاهية تخطف الكلأ من حافتي الطريق لأنها لا تدري ما يُراد بها.
قلت :
رحمك الله أيها البشير تمر علينا الأعياد في الجزائر وفوقها احتفالات الملاعب
والوضع أشد سوء مما كان في وقتك
والناس تلقى العيد بالفرح والسرور وانشراح الصدور وهم في سكرتهم يعمهون
ورمضان على الأبواب والجشع في الأكل والشراب واللباس هو سيد المظاهر
ثم هم يقولون : معك يا فلسطين ظالمة أو مظلومة ...
قال البشير الإبراهيمي :وجاءت نكبة فلسطين فكانت في قلبي جرحاً على جرح وكانت الطامة والصاخة معاً، وكانت مشغلة لفكري بأسبابها ومآسيها وعواقبها القريبة والبعيدة، فلا تصوّر لي الخواطر إلا أشنع ما في تلك العواقب، وكأن أحزان السنة كلها كانت تتجمَّع عليَّ في يوم العيد، وكنت أغطّي باطن أمري بالتجمّل، فإذا عدمت المتنفس من الرجال والأعمال والأحوال رجعتُ إلى العيد الذي هو مثار أشجاني فجرّدت منه شخصاً أخاطبه وأناجيه، وأشكوه وأشكو إليه، وأسأله وأجيبه، وأبثّه الشكاية من قومي غيظاً على القادرين وتأنيباً للغادرين، حتى اجتمعت لي من ذلك صحائف مدوّنة نشرت القليل منها على الناس وطويت الكثير إلى حين. ثم رحلت عن الجزائر في السنة الماضية فكانت بيني وبين الأعياد هدنة عقد أوّلها العراق ومخايل الرجاء فيه، وعقد آخرها مكّة ومخايل الرجاء في الله وهذا العيد الثالث يظلني فبماذا أستقبله؟!
قلت : أيّها البشير ... لقد مرّت نكبة فلسطين وحلت بعدها نكبات جديدة في العراق والصومال والسودان ... ومصر مهددة والخليج العربي في خطر ...
ونحن نسمح لأنفسنا بالفرح في كل شيء حتى في الجلد المنفوخ وليس لنا إلا أن نحمل الشعارات
قال البشير الإبراهيمي :أنا الآن أشد تأثراً بنكبة فلسطين مني في الماضي.
أيها العرب: ها هو ذا العيد قد أقبل وكأني بكم تجرون فيه على عوائدكم وتنفقون المال بلا حساب على الحلل يرتديها أولادكم، وعلى الطعام والشراب توفرون منه حظ بطونكم، وكأني بكم تسيرون فيه على مأثوركم من اللهو واللعب وإرخاء الأعنّة لمطايا الشهوات من جوارحكم، فتركبون منها ما حلّ وما حَرُمَ، كل هذا وأمثاله معه سيقع،
قلت : أيها البشير.... ها هي شوراعنا تشكو الرحيل بعد احتفالات فريق البلد لقد جروا على عوائدهم وأنفقوا بغير حساب على الحلل يرتديها أولادهم ، وعلى الطعام والشراب ويوفرون به حظ بطونهم
وهم يسيرون فيه على مأثورهم من اللهو واللعب وإرخاء الأعنّة لمطايا الشهوات من جوارحهم، فركبوا منها ما حلّ وما حَرُمَ، كل هذا وأمثاله معه سيقع، فماذا أعددوا للأخرى من الواجبات التي هي أدنى لروح العيد؟
قال البشير الإبراهيمي :فماذا أعددتم للأخرى من الواجبات التي هي أدنى لروح العيد؟ وأجلب لسرور الرجال في العيد، وأقرب لرضا الله؟ وهي حقوق فلسطين وأهل فلسطين ومشرّدي فلسطين ويتامى فلسطين وأيامى فلسطين والمسجد الأقصى من فلسطين، أم قست قلوبكم فأنتم لها لا تذكرون؟
قلت :
أيّها البشير ...لقد أعدوا لها شعار
وان تو ثري فيفا غزة
قال البشير الإبراهيمي :أيها العرب: إن الواحد منكم يموت له الطفل الصغير فيلتزم الحداد ويتدثَّر السواد، ويمر عليه العيد فلا تزدهيه ملابسه، ولا تستهويه مجالسه، ولا ينزع لباس الحزن إلى وفاء السنة، يتحدّى بذلك نصوص الدين المنصوصة وأحوال الدنيا المخصوصة، وقد ماتت فلسطين وهي أعزّ شهيد وأحقّه بالحزن عليه، فويحكم أهي أهون مفقود عليكم؟ أم أن نخوتكم ماتت معها؟ إنها والله لأولى بالحزن عليها من كل محزون عليه، وإنها والله لأولى بعدم الصبر ممن قال فيه القائل:
والصبر يحمد في المواطن كلها
إلا عليك فإنه مذموم
وإن مما يذكي نخوتكم ويزيدكم حرارة حزن على القتيل، وخفة طيرة للأخذ بثأره.. خسة القاتل.. فأين أنتم هداكم الله؟
قلت : أيها البشير ...يقولون عنا أنا قاسون وسجانون ليس لي بعد كلامك كلام أو تعقيب
قال البشير الإبراهيمي :
أيها العرب: إن الذنب في نفسه ذنب، وإن عدم الاعتراف به يصيّره ذنبين، ولكن التوبة الصادقة المصحوبة بالعمل تمحوهما معاً، فتعالوا نعترف بما يعلمه الله منّا، فإن فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة.
ألستم أنتم الذين أضعتم فلسطين؟ بجهلكم وتجاهلكم مرة، وخذلكم وتخاذلكم ثانية؟!
وباغتراركم وتغافلكم ثالثة، وبقبولكم للهدنة رابعة، وباختلاف ساستكم وقادتكم خامسة، وبعدم الاستعداد سادسة، وبخيانة بعضكم سابعة، وبما عدوّكم أعلم به منكم ثامنة؟ وفي أثناء ذلك كتب الحفيظان عليكم من الموبقات ما يملأ السجلاَّت.
كانت نتيجة النتائج لذلك كله أن أضعتم فلسطين، وأضعتم معها شرفكم، ودفنتم في أرضها مجد العرب، وعزّ الإسلام، وميراث الإسلام، وضاعفتم البلاء على نصف العرب. في المغرب العربي كانوا ينتظرون انتصارهم في المعترك السياسي على إثر انتصاركم في المعترك الحربي، ولكنهم باؤوا من عاقبة خذلانكم بشد الخناق وشدة الإرهاق. وكان من النتائج المخزية تشريد مليون عربي عن ديارهم، ولو أن عشرهم كان مسلحاً لما ضاع شبر من فلسطين، ولو أن العشر وجد السلاح اليوم لاسترجع فلسطين، وها هم أولاء يتردّدون على حافات فلسطين تتقاذفهم المصائب ويتخطفهم الموت من كل جانب ولكنه موت الجوع والعري والحر والبرد لا موت الذياد والشرف.
وكان من النتائج المحزنة أن وضع صهيون رجله في ماء العقبة، أتدرون موقع الحزن من ذلك؟ إنه قطع لأوداجكم إذ لم يبق لكم بعد العقبة شبر من اليابسة تتواصلون عليه، أو تمدّون فوقه سكّة حديدية تصل أجزاءكم، أو طريقاً للسيارات، أو سلكاً للمخاطبات، وإنه بعد ذلك إيذان بغزوه لمكة والمدينة، وتهديد صارخ لمواني الحجاز، وكان من النتائج الفرعية أن عشرات الآلاف من يتامى المجاهدين دفعهم الجوع إلى التنصر في مدينة القدس تحت سمع وبصر بقية المسلمين الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلاً.
وكانت خاتمة النتائج أننا قرّبنا من صهيون ما كان بعيداً وأدنينا منه أمانيه، فالقدس محطة الإسراء وموطئ أقدام محمد صلى الله عليه وسلم وفتح عمر، أصبح لقمة متردّدة بين لهواته، والمسجد الأقصى كاثرته البيع والكنائس وتعاونت على إخفاء مآذنه وإسكات أذانه.
ويل للعرب من شر قد حلَّ.. ولا أقول قد اقترب.
قلت :
أيّها البشير
ويل للعرب من شر قد حلّ وعمّ وطمّ واستفحل...
رحمك الله يا علم الجزائر وقدوتها ومربيها وعالمها.
تم إرسال الرسالة بتاريخ 13-شعبان-1431
بمنتديات الجلفة الجزائرية
انتهت رسالتي إلى البشير الإبراهيمي
وهو يحرّج على الشعوب الاحتفال بالعيد
فكيف بالاحتفال بانتصارات الكرة وحمل الشعارات الجوفاء فيها
18 نوفمبر 2009
ومونديال 2010
ومونديال 2014
سيبقى شاهدا على خيانة الشعوب وتدليسها وادعائها ما لا تتصف به
ماتت الأبدان في فلسطين
ومات الإحساس عندنا