مشاهدة النسخة كاملة : من كنوز السنة ...
بنت الحجاج
2010-07-15, 13:57
بسم الله الرحمن الرحيم
ان الحمد لله نحمده و نستعينه و نستهديه , و نعوذ بالله من شرور انفسنا و سيئات اعمالنا, من يهده الله فلا مضل له , و من يضلل فلن تجد له و ليا مرشدا ..
اما بعد ...
هذه مقتطفات من احاديث سيد المرسلين ... سيد الخلق و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم , انقلها لكم من كتاب " من كنوز السنة " للاستاذ محمد علي الصابوني – استاذ بكلية الشريعة و الدراسات الاسلامية بمكة المكرمة –
هو كتاب يطلعنا على ثلاثين كنزا من كنوز السنة المطهرة , و يرحل بنا من الايمان الى الصبر الى الاجتهاد الى الساعة الى الجنة ..... و يتجول بنا في رحاب الاسلام ليقدم لنا اكلات خفيفة على مائدة السنة في ضيافة الرسول الاكرم صلى الله عليه و سلم , فنتناولها بكل ادب و يسر , و بكل وضوح و دقة , و نقرا شروحها فكأننا نسمعها لاول مرة .............
جاء في هذا الكتاب مجموعة من الدراسات الادبية و اللغوية للاحاديث مبرزا ما فيها من مواضع الجمال و الروعة و الابداع , و ما تضمنت من وجوه البلاغة و اسرار البيان ......
نسال الله ان يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم ... و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه اجمعين
" اللهم ارحم خلفائي , قالوا و من خلفاؤك يا رسول الله ؟ قال الذين ياتون من بعدي , يروون احاديثي و يعلمونها الناس " حديث شريف .
- يتبع -
بنت الحجاج
2010-07-15, 14:11
" الايمان فطرة في الانسان "
الحديث الاول :
عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : كل مولود يولد على الفطرة ، فابواه يهودانه ، او ينصرانه ،او يمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء ؟ ثم يقول ابو هريرة و اقراو ان شئتم :
" فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله, ذلك الدين القيم و لكن اكثر الناس لا يعلمون " رواه البخاري
الابحاث العربية :
كل : لفظ من الفاظ العموم , يفيد الاستغراق و الشمول , مثل قوله تعالى ( كل نفس ذائقة الموت ) و كقول الشاعر: كل الحوادث مبداها من النظر .. و معظم النار من مستصغر الشرر .
مولود : أي مخلوق و هو الجنين الذي خرج من بطن الام سواء ذكر او انثى .
قال الشاعر العربي في التذكير بالمنشا و المصير :
ولدتك امك يا ابن ادم باكيا ... و الناس حولك يضحكون سرورا
اعمل لنفسك ان تكون اذلا بكوا ... في يوم موتك ضاحكا مسرورا
الفطرة : المراد بها الدين الحنيف مستق من الفعل فطر بمعنى خلق و منه قوله تعالى : (و ما لي لا اعبد الذي فطرني و اليه ترجعون ) , و قول النبي صلى الله عليه و سلم للبراء بن عازب بعد ان علمه دعاء النوم :" فان مت مت على الفطرة " أي انك اذا قلت هذا الدعاء ثم مت من ليلتك تموت على الايمان و على الدين الحنيف .
يهوديا :أي يجعلانه يهوديا , و هو مشتق من هاد بمعنى تاب قال تعالى ( و اكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة انا هدنا اليك ..) أي تبنا و رجعنا , و المراد من التعبير " يهوديا " ان البوين يخرجانه من الاسلام الفطري الى اليهودية الضالة .
ينصرانه : أي يجعلانه نصرانيا , و النصارى هم اتباع عيسى عليه السلام و هم يسمون انفسهم مسيحيين و القرآن الكريم سماهم نصارى , و هم اهل الانجيل و قد نسخت شريعتهم كما نسخت شريعة اليهود بعد البعث محمد صلى الله عليه و سلم فاصبح دينهم باطلا غير مقبول عند الله قال تعالى ( و من يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين) .
يمجسانه : أي يجعلانه مجوسيا , و المجوس هم عباد النار او عبدة الشمس و القمر و غيرها من المعبودات الكونية , و المجوس موجودون في زماننا بكثرة و هم يعبدون الكون او يعبدون الشجر و البقر , و هم مشركون ليس لهم كتاب سماوي .
تنتج : مضارع مبني للمجهول بمعنى تولد و تخلق و هو مشتق من الرباعي " انتج " لا من الثلاثي .
البهيمة : اسم للدابة التي لا تعقل , و قد يشبه بها الرجل الاحمق ناقص العقل و التفكير , كما قال الشاعر العربي :
ابني ان من الرجال بهيمة .. في صورة الرجل السميع المبصر
فطن بكل مصيبة في ماله .. فاذا اصيب بدينه لم يشعر
الجمعاء: أي كاملة الخلقة ، ليس فيها نقص او تشويه .
هل تحسون : أي هل تشعرون بنقص فيها او هل ترون و تجدون فيها نقصا ، و هو مشتق من "احس " الرباعي قال تعلى ( فلما أحسوا بأسنا اذا هم منها يركضون ) .
جدعاء : أي مقطوعة الانف او الاذن مشتقة من جدع بمعنى قطع و منه قوله تعالى
( من قتل عبده قتلناه ، و من جدع عبده جدعناه ) و في الامثال " لامر ما جدع قصير انفه "
الابحاث البلاغية :
1- قوله ( يولد على الفطرة ) كناية عن النشاة الطيبة ، و العقيدة السليمة ، التي هي عقيدة التوحيد الخلص .
2-قوله ( فابواه ) المراد به الاب و الام ، فهو من باب ( التغليب ) مثل ( العمرين ) أي ابي بكر و عمر ، و ( القمرين ) أي القمر و الشمس و (الاسودين ) الالتمر و الماء
3-قوله ( كما تنتج البهيمة ) فيه تشبيه لطيف بديع يسمى ( التشبيه المثالي ) . فقد مثل صلى الله عليه و سلم المولود الذي يولد على الايمان ،ّ بالشاة التي تولد كاملة الاعضاء و الخلقة ، ثم يعتريها النقص من البشر انفسهم ، فيقطعون اذنها و انفها و يشوهونها ، كذلك الطفل يولد موحدا مؤمنا ، ثم تفسد عقيدته و تتلوث بالتربية السيئة و البيئة الفاسدة .
4-قوله ( جمعاء و جدعاء ) بينهما جناس لطيف ، و هو من المحسنات البديعية ، و هو جناس ناقص لتغير بعض الحروف بين الكلمتين مثل ( الخيل و الخير ) في قوله صلى الله عليه و سلم " الخيل معقود في نواصيها الخير الى يوم القيامة " . و لا يخفى ما للجناس من وقع في الحس ، و تاثير في النفس .
الابحاث النحوية :
كل : مبتدا و الخبر جملة ( يولد على الفطرة ) و التقدير كل انسان مولود على الفطرة .
على الفطرة : الجار و المجرور متعلق ب ( يولد ) .
بهيمة : حال منصوب بالفتحة الظاهرة .
جمعاء : صفة البهيمة و صفة المنصوب منصوبة .
من جدعاء : من حرف زائد ، و جدعاء مفعول به لتحسون . و تزاد من في بعض المواطن :
بعد النفي مثل ( ما جاء من بشير ) ، بعد الاستفهام مثل ( هل من خالق غير الله يرزقكم و يشترط ام تاتي بعدها نكرة .
ان شئتم : جملة اعتراضية ، و جملة ( فطرة الله ) في محل نصب مفعول به ل ( اقرؤوا ) .
- يتبع -
http://imagecache.te3p.com/imgcache/41ce40bab210ce321a356739f4e9621e.gif
بنت الحجاج
2010-07-15, 17:33
التعريف براوي الحديث :
راوي هذا الحديث هوالصحابي الجليل ( ابو هريرة ) رضي الله عنه ، و هذه كنيته كناه بها الرسول صلى الله عليه و سلم و اسمه الحقيقي ( عبد الرحمن بن صخر الدوسي ) و هو من كبار الصحابة الذين حفظوا للامة الاسلامية هذا الركن العظيم من الشريعة المطهرة الا و هي ( السنة النبوية ) التي نقلها الينا امثال هؤلاء الحفاظ الثقات من صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم و من جاء بعدهم من المحدثين الاخيار ، و لقد كان ابو هريرة من اكثر الصحابة رواية عن رسول الله صلى الله عليه و سلم لانه كان يلازمه ملازمة تامة حتى شهد له الرسول الكريم بالحرص على الحديث ، و دعا له بثبات الحفظ فلم يسمع شيئا من الرسول صلى الله عليه و سلم الا حفظه ببركة دعائه صلوات الله عليه ، اسلم في السنة السابعة من الهجرة عام خيبر و توفي بالمدينة المنورة سنة 57 هجرية و دفن بالبقيع و قبره معروف حتى الآن رضي الله عنه و ارضاه .
الشرح الادبي :
في هذا الحديث الشريف نفحة من نفحات الجمال ، و اشراقة من اشراقات النبوة ، فقد وضح عليه الصلاة و السلام ببيانه العذب ، و اسلوبه اللطيف الرصين ، ناحية علمية هامة ، يعني بها علماء الاجتماع ، و يهتم بها الفلاسفة و المفكرين و هي : هل الدين فطرة في الانسان ؟ و هل الخير اصل في ام البشر ؟ و هل يكون الطفل عند ولادته مزودا بطاقة روحية تلهمه السداد و الرشاد ؟؟ فالنبي الكريم – صلوات الله عليه – وضع اصلا من اصول التربية الخلقية الكريمة ، يعتبر نبراسا مضيئا لكل مرب ينشد السعادة ، لكل باحث و مفكر يطلب المعرفة و الحقيقة .. و هكذا الاصل الذي ارشد اليه الرسول الكريم هو : ان الخير في الانسان اصيل ، و ان الشر فيه عارض ، و انه يخلق على الفطرة السليمة ، و الصفاء و النقاء ، و ان استعداده للخير كامل ، و لكن المجتمع هو الذي يفسده ، و البيئة التي يعيش فيها هي التي تلوث فطرته ، و تفسد خلقه و دينه ، و لا سيما ابواه فهما سبب هلاكه و دماره ، و سبب فساده او صلاحه ، و سبب استقامته او اعوجاجه . فالطفل حين يولد يكون عضوا صالحا في المجتمع ، و لو خلي بين هذا الطفل و فطرته ، لنشا على الايمان ، و عاش على الخير و الصلاح ،و لكن المجتمع الفاسد ، و البيئة المنحرفة –و اقرب الناس فيها الابوان – هي التي تفسد نفسية الطفل ، و تخرب عقليته و فطرته ، فتقلبه من الهدى الى الضلال ، و من السعادة الى الشقاوة ، و من الايمان الى الكفر ، و لولا الاسرة الفاسدة ، و لولا المجتمع المنحرف ، و لولا الابوان الضالان ، لبقي الانسان على فطرته ، طيب النفس ، سليم العقيدة ، مندفعا نحو حياة الفضيلة و الكمال !.
فانظر - هداك الله - الى التمثيل الرائع الذي مثله عليه الصلاة و السلام حيث صور الطفل ب ( الشاة ) التي يخلقها الله تعالى كاملة الخلق ، جميلة الشكل و الصورة ، و لكن الناس هم الذين يشوهون جمالها ، فيقطعون انفها اواذنها ، و يبعثون بها حتى تصبح ناقصة الخلق مشوهة التصوير ؟!
افليست هذه حقيقة يدركها كل شخص ، و هي ان الخلق الكامل هو خلق الله ، و ان النقص انما ياتي من فعل الانسان ؟!
فهذا الحديث الشريف ماهو الا تصوير دقيق لحقيقة الانسان و سمو به وارتفاع ، من حضيض الشر القاتم ، الى افق المعرفة المشرق ، و ضياء الحق المنير ، فالناس في جميع العصور و الدهور ، يولدون على الفطرة ، و على الاستعداد التام الكامل للخير و الصلاح ، و صدق الله : (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) . و في الحديث الشريف رد صريح واضح ، على اولئك الذين ينكرون الفطرة ، كما هي الفكرة الشيوعية الخبيثة التي تقول : ان الانسان يخلق خاليا من كل شيء يسمى بالدوافع ، و اننا نستطيع ان نصنعه كما نشاء .. فهم يعتبرونه كالآلة الصماء ، او كالدابة العجماء ، و لا عجب في ان ينكروا الدين و الفطرة ، فقد انكروا من قبل وجود الله ، و صدق الله حيث قال : ( اولئك كالانعام بل هم اضل ، اولئك هم الغافلون ) .
الباشـــــــــــق
2010-07-15, 19:19
http://m7ml.com/uploads6/9f08f4fcdb.gif (http://m7ml.com/)
fatimazahra2011
2010-07-18, 18:47
http://vb.arabseyes.com/imgcache/28475.imgcache
http://m002.maktoob.com/alfrasha/ups/u/25467/30212/381490.gif
بنت الحجاج
2010-08-15, 11:10
اخي الغنام ، اختي فطيمة ... بارك الله فيكما .....
elbarmoh
2010-08-15, 11:33
السلام عليكم
بارك الله فيكم
فيصل العرب
2010-11-18, 16:45
بارك الله فيك والبسك ثوب التقوى
اللهم اغفرلها ولنا معها انك غفور رحيم
شكرا
فريدرامي
2010-11-23, 12:37
جزاك الله خيرا
bachirislam
2010-11-27, 20:04
اخي الغنام ، اختي فطيمة ... بارك الله فيكما .....
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir