المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خـــواطـــر حـــول الوهـــابــيــة


وحيــــد
2008-03-26, 20:07
بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة و السلام على رسول الله


مقالة الرائعة عن الوهابية و كشف الحقائق أرجوا أن تكون مفيدة


****************

بقلم : د. محمد بن إسماعيل المقدم

الوهابية


لماذا حاول بعضهم تشويه صورتها، وأقرَّ آخرون بصدقيتها؟

مضت سُنَّة الله ـ تعالى ـ التي لا تتبدل أن يعارض أهلُ الباطل أهلَ الحق الداعين إليه، وأن يشنِّعوا عليهم، ويثيروا الشُّبَه والشكوك حولهم ليصدوا عن سبيل الله، ويبغوها عوجًا.

ولأنّ دعوات الإصلاح والتجديد لا ترضى بالحلول الوسط، ولا بأنصاف الحلول، فإنّها تصارع المعتقدات الفاسدة، وتلقى في أول أمرها مقاومة عنيفة كرد فعل دفاعي من خصومها؛ إذ إنّها حين تصطدم بالمألوف "الُمتَكَلِّس" وتحاول تغييره، فإنّها تتحدى أهلَه والمنتفعين به، وتستفزهم مهما كانت فدائية ومنقذة لهم، تلك طبيعة الأشياء، ولذلك جابهت دعوة التجديد التي أنار شعلتهاَ شيخُ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب ـ رحمه الله تعالى ـ حالة عدم الانقياد والتصلب التي أظهرها معارضوه، ولم تقتصر تلك الحالة على شَهْر السلاح في وجه هذه الدعوة وتجييشِ الجيوش، بل انضم إليها أقلام متعصبة حاولت مسخ حقيقتها، وتشويه صورتها بالافتراء والكذب. لقد تسرع الكثيرون في الحكم على الشيخ، ولعل بعضهم لم يقرأ للشيخ أصلًا، وإنّما قرأ عنه من أعدائه؛ ولعبت السياسة دورًا في هذا، ولا سيما السياسة الإنجليزية التي كانت ترصد وتراقب بواعث النهضة في الأمة الإسلامية، وتحاول الإجهاز عليها قبل أن تؤتي ثمارها.

كما أنّ الدولة العثمانية ـ التي انتشرت في ظلها طرق صوفية غالية ـ انطلقت في هجومها على الدعوة السلفية لمخالفتها لها في المنهاج، وفي بعض متعلقات العقيدة كالتوسل، والاستغاثة بالموتى، وسائر البدع والشركيات.

أضف إلى ذلك جماعة الروافض الذين ينالون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم، وبعضًا من أعلام أهل السنة، ويتورطون في شركيات يزعمونها من أصول الدين.

ولا يظن ظان أنّ مناطق الاحتكاك أو مسائل الاختلاف بين الوهابيين وخصومهم تخص الوهابيين وحدهم، بل هي معتقد السلف الصالح والصدر الأول المبني على أدلة الكتاب والسنة، انطلاقًا من "منهاج النبوة" وليس للوهابية سوى فضل إحيائها، وتجديدها، وتذكير المسلمين بها، وتنبيههم إليها، ونفض غبار البدع عنها.

ولست بمستدل على هذه الحقيقة بشهادات المئات من أعلام المسلمين الذين نافحوا عن هذه الدعوة، وأقروا بدورها التجديدي العظيم، ولكنني أعرض شهادات خصوم الإسلام ممّن أنصفوها، من باب:

ومليحةٍ شهدت لها ضَرَّاتُها
والفضل ما شهدت به الأعداءُ

جاء في دائرة المعارف البريطانية: "الحركة الوهابية اسم لحركة التطهير في الإسلام، والوهابيون يتبعون تعاليم الرسول وحده، ويهملون كل ما سواها، وأعداء الوهابية هم أعداء الإسلام الصحيح".

وقال المستشرق الأسباني أرمانو: "إن كل ما أُلصق بالوهابية من سفاسف وأكاذيب لا صحة له على الإطلاق؛ فالوهابيون قوم يريدون الرجوع بالإسلام إلى عصر صحابة محمد صلى الله عليه وسلم".

وقال المستشرق جولدتسيهر في كتابه (العقيدة والشريعة): "إذا أردنا البحث في علاقة الإسلام السني بالحركة الوهابية نجد أنّه مما يسترعي انتباهنا خاصة من وجهة النظر الخاصة بالتاريخ الديني الحقيقة الآتية: يجب على كل من ينصب نفسه للحكم على الحوادث الإسلامية أن يعتبر الوهابيين أنصارًا للديانة الإسلامية على الصورة التي وضعها النبي وأصحابه؛ فغاية الوهابية هي إعادة الإسلام كما كان". أ. هـ.

إنّ حركة التجديد التي قام بها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله تعالى ـ كانت بمثابة زلزال نفسي بَنَّاء بعث الحيوية والحركة والنشاط في الأمة الإسلامية، وأيقظها من سُباتها، وأعاد إليها شبابها ونضارتها.

وممّا يلفت النظر في تلك الحركة التجديدية أنّ ثمارها وبركاتها وآثارها تخطت حدود المكان فملأت آفاق الأرض، وتخطت حدود الزمان فتجاوزت القرن الثاني عشر إلى عصرنا الحاضر.

وعلى كثرة ما أُلِّف في الدفاع عن "الوهابية" وعن إمامها، لا تزال بحاجة إلى من يسبر أغوارها، ويستخرج كنوزها المخبوءة.

إنّ معظم الدراسات حول هذه الحركة التجديدية كانت دراساتٍ وصفيةً، تُعْنى بالسردِ التاريخي للوقائع والأحداث، أو تختص بدفع شبهات الخصوم في القضايا التقليدية التي استهلكت كثيرًا من الطاقات، وأهدرت كثيرًا من أوقات الذين اضطروا للتصدي لها، مع ما فيها من الفوائد العظيمة بالنظر إلى سهام الشبهات التي صوَّبها خصومها لصد النّاس عنها.

ولعله آن الأوان أن تُنتَدَبَ طائفةٌ من المتخصصين المؤهَّلين لكي تخرج لنا دراسة تحليلية عميقة، تسلط الضوء على سر نجاح هذه الدعوة هذا النجاح الفائق، وتُبْحِرُ في أعماق نفسية هذا الرجل "الأمة" وتكشف لنا أغوار تلك الشخصية "الفذة" التي يندر أن يجود التاريخ بمثلها.

ولئن كانت مراتب الشخصيات التاريخية الفذَّة تُحَدَّدُ ضمن ما تحدد بالبصمة التي طبعتها في تاريخ البشرية، وبالآثار التي تركتها في الدنيا؛ فإنّ ابـن عبد الوهاب بهذا المقياس يتقدم على كثيرين ممّن أُعْطُوا هذه المنزلة.

أسباب نجاح هذه الدعوة:

ولعـل مـن أهـم أسـباب نجـاح دعـوة الشـيخ محـمـد بـن عبد الوهاب ـ رحمه الله تعالى ـ بعد توفيق الله عز وجل:

1ـ أنّها انطلقت من التوحيد الذي هو أساس دعوة جميع الأنبياء، ووفَّت العقيدة حقها، ونبذت كل صور الشرك والوثنية.

2ـ أنّها جسَّدت منهجَ أهلِ السنة والجماعة في أجلى صوره، وأنّها سارت على خطى المجددين السابقين وبخاصة شـيخ الإسـلام ابن تيـمية، رحمه الله تعالى. ومعلوم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ربط بين إعادة التمكين للإسلام وبين التزام هذا المنهج في قوله صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ تَكُون خِلافَة عَلَىَ مِنْهَاج النُّبُوَّةِ».

3ـ شخصـية الإمام المجدد ـ رحمه الله تعالى ـ المتميزة؛ ولعل عبقرية هذه الشخصية تكمن في إخلاص صاحبها وتجرده، وصدقه الشديد في دعوته، وغيرته الشديدة على حقائق التوحيد، وصبره على الشدائد، "ونكران الذات" فمع أنـّه الرجـل الأول فـي الدعـوة فـإنّك لا تلمس أثرًا لطغيان الـ "أنا" فكان لا يدعو إلى "نفسه" ولا يسعى لبناء مجد شخصي، وإنّما: {دَعَا إلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِـحًا وَقَالَ إنَّنِي مِنَ الْـمُسْلِمِينَ} [سورة فصلت: من الآية 33].

4 ـ إنّ الذي بقي من شخص الإمام المجدد سطور خطها يَراعُه، وطبعتها المطابع الحديثة، ومع ذلك فأنت تحس "بنَفَسِهِ" حاضرًا في سطوره النابضة بالحيوية، المشرقة بالبساطة والسلاسة، فلا تقعُّر، ولا تكلُّف، ولا تنطُّع، وحين تقرأ كلماتِهِ فإنّك تشعر أنّك لا تتعامل مع حبر وورق، ولكن مع إنسان حي يخاطب روحك، وينفذ تأثير سطوره إلى أعماق وجدانك، وكأنّ كلماته جمرات وقَّادة تنبعث منها الطاقة النورانية والحرارية فتؤزُّك أزًّا إلى التحرك ونبذ السكون، وتعمل في قلبك ما يعمله الوقود في غرفة الاشتعال داخل محرك السيارة.

إنّما التوحيد إيجاب وسلب
فهما في النفس عزم ومضاء
"لا" و "إلا" قــــــــــــوة قاهــــرة
لهما في القلب فعلُ الكهرباء

لقد صنف هذا الرجل مصنفات عظيمة البركة، كثيرة النفع على السَّنَن نفسها الذي سبقه إليه المصنفون، لكن: مَنْ قَدَرَ على أن يؤلِّفَ "أمة" ويصنفَ "رجالًا" كما فعل الرجل "الأمة"؟

5 ـ ومن أقوى أسباب نجاح الدعوة التجديدية تلك اللحظات التاريخية التي شهدت أروع تحوُّل فكري وسياسي واجتماعي في قلب الجزيرة العربية في ذلك العصر، حين التحم "التوحيد" و"الحديد"، والتقى "القرآن" و"السلطان"، واندمجت "قوة العقيدة والملة" في "قوة السلطة والدولة" مُـمَثَّلَتَيْنِ في شَخْصَيِ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود، ووقَّعا الأحرف الأولى بالتزام تأليف السِّفْر الضخم النابض بالحياة والإيمان والتقوى في صورة من أجمل مشاهد أيام الإسلام في العصور المتأخرة.

لقد كانت مرحلة تحول تاريخي يقول فيه فيليب حِتِّي في كتابه (تاريخ العرب): "إن تاريخ الجزيرة العربية الحديث يبتدئ منذ منتصف القرن الثاني عشر الهجري حين ظهور حركة الموحدين في الجزيرة العربية، وحين شاركت قوة الدين سلطة الحكم". أ.هـ.

خلفيات مصطلح الوهابية:

كان مصطلح "الوهابية" اصطلاحًا سياسيًا مغرضًا يرمي إلى التنفير عن الدعوة وأهلها، وكانوا يريدون بالوهابية أتباع أئمة الدعوة السلفية التي قام بها في نجد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، مع أنّه وأتباعه ليس لهم مذهب خاص، بل هم في العقيدة على معتقد السلف الصالح، والأئمة الأربعة، ومن تبعهم بإحسان، وهم في الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل إمام السنة والحديث، وهم لم يختصوا بشيء يقتضي تسميتهم بالوهابية، ولم يبتدعوا جديدًا، ولأنّ القائم بالدعوة ليس هو عبد الوهاب، وإنّما هو ابنه الشيخ محمد، فهم المحمديون أصلًا وفرعًا، ثم إنّ الوهابية على أية حال هي نسبة إلى الله تعالى الوهَّاب؛ فهو الذي وهبهم الهداية والعلم والعمل.

واقتباسًا من قول الإمام الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ:

إن كان رفْضاً حُبُّ آلِ محمدٍ
فليشهدِ الثقلانِ أني رافضي

أجاب العـلاَّمة الشـيخ مُلاَّ عمران بن رضوان مبينًا أنّه لا مُشَاحَّة في الاصطلاح، وردَّ على من يُعَيِّرون أهلَ التوحيد بوصف "الوهابية" فقال ـ رحمه الله تعالى ـ:

إن كان تابعُ أحمدٍ متوهِّبا
فأنا المُقِرُّ بأنني وهَّابي
أنفي الشريكَ عن الإلهِ فليس لي
ربٌّ سوى المتفردِ الوهَّابِ
لا رقيةٌ تُرجى ولا وثنٌ ولا
قبرٌ له سببٌ من الأسباب
أيضًا ولست مُعَلِّقًا لتَمِيمَة
أو حلقة أو وَدْعَةٍ أو نابِ
لرجاء نفعٍ أو لدفعِ بلية
اللهُ ينفعني وينفع ما بي [1]

وقد عاملهم الله بنقيض ما قصدوا من ذم الوهابية بهذا اللقب، فصار هذا الاسم الآن عَلَمًا على متبعي الكتاب والسنة، والتمسك بالدليل، ومذهب السلف، ومحاربة البدع والخرافات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وفي هذا يقول الشيخ عبد الرحمن سليمان الرويشد: "لم يكن إطلاق كلمة (الوهابية) التي يراد بها التعريف بأصحاب الفكرة السلفية شائع الاستعمال في وسط السلفيين أنفسهم، بل كان أكثرهم يتهيب إطلاقه على الفكرة السلفية.
وقد يتورع الكثيرون من نعت القائمين بها بذلك الوصف، باعتباره وصفًا عدوانيًا كان يُقصد به بلبلة الأفكار والتشويه، وإطلاق المزيد من الضباب لعرقلة مسيرة الدعوة، وحجب الرؤية عن حقائق أهدافها.
وبمرور الزمن، وإصابة محاولات التضليل بالعجز عن أداء دورها الهدام، تحوَّل ذلك اللقب بصورة تدريجية إلى مجرد لقب لا يحمل أيَّ طابَعٍِ للإحساس باستفزاز المشاعر، أو أي معنى من معاني الإساءة، وصار مجرد تعريف مميِّز لأصحاب الفكرة السلفية، وماهية الدعوة التي بشر بها الشيخ الإمام محمد بـن عبد الوهاب، وأصبح هذا اللقب شائعًا ورائجًا بين الكُتَّاب والمؤرخين، الشرقيين والغربيين على حد سواء.
ومـن ثـم فليس هـناك ما يسـوِّغ هجر استعمال تلك الكلمة، كتعريف شائع، أو تعبير يُستخدم في إطاره الصحيح للرمز إلى المضمون الفكري المقصود: وهو التمسك بالكتاب والسنة، ومحاربة مظاهر الشرك والبدع، وما زُجَّ به في العقيدة السلفية، وأُدخِلَ عليها من انحراف، مع ضرورة العيش في ظل قيادة إسلامية عادلة تُحكِّم الشريعة، وتلتزم تطبيق منهجها عملًا، وتحمل الرعية على امتثال ذلك بأسلوبي الترغيب والترهيب". [2] أ.هـ.

لقد واجهت الدعوة التجديدية الوهابية أخطارًا عديدة، ولكن أخطر ما واجهته سلاح الدعاية والإعلام الكاذب، المتمثل في الكتابات والنشرات التي هاجمت الوهابية هجومًا ظالمًا غاشمًا قفزت فيه على كل المعايير الإسلامية والأخلاقية، فضلًا عن الأمانة العلمية.

ومـن سـوء حـظ أعـداء الدعوة السلفية الوهابية أنّ الله ـ سبحانـه وتعالى ـ كما بـارك في علم ودعوة شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ بارك في أبنائه وذريته وتلامذته، فبرز منهم علماء ربانيون أفذاذ استعملهم الله تعالى في الذب عن دعوة التوحيد بكل كفاءة واقتدار جيلًا بعد جيل، فصنفوا الكتب [3] للرد على الدعايات المغرضة بأسلوب علمي رصين يحيلها هباءً منثورًا، وهذه الخاصية العظيمة جعلت المؤرخ التركي "جودت باشا" ـ مع كونه خصمًا من خصوم الدعوة السلفية ـ يقر ويعترف بضعف وضحالة حجة كل من صـنفوا ضد الوهابية مقارنة بكتابات علمائها الراسخين، فقال: "إنّ الرد على الوهابية يستوجب ثقافة واسعة، ومعرفة بأحوال البلاد العربية الدينية والاجتماعية والسياسية، ووقوفًا على علوم الدين، واطلاعًا واسعًا على الحركات الفلسفية، ومقدرة على الجدل والإقناع.. وكل ذلك مفقود عند العلماء الذين ردوا على الوهابية، وكل ردودهم مشحونة بالسخف والهراء.. وإنّهم يقدمون بأيديهم وسيلة للسخرية منهم ومن ردودهم..". [4] أ.هـ.

خطأ تاريخي حول الوهابية يجب تصحيحه:

لقد بلغ التدليس ببعض المشنعين إلى حد أنّهم نسبوا الوهابية إلى دعوة خارجية إباضية في شمال أفريقية دُفن خبرها في سجل التاريخ، وكانت قد نشأت في القرن الثاني الـهجري، وعرفت باسم "الوهابية" نسبة إلى عبـد الوهاب ابـن عبد الرحمن بن رستم الخارجي الإباضي، الذي عطل الشرائع الإسلامية، وألغى الحج، وحصل بينه وبين معارضيه حروب، وقد توفي سنة (190هـ) أو (197هـ) بمدينة تاهرت بالشمال الأفريقي، وكان الونشريسي المتوفى في (914هـ) بفاس بالمغرب قد ذكر في كتابه (المعيار) (11/168) أنّ اللخمي (ت 478هـ) سئل عن أهل بلد بنى عندهم الوهابيون مسجدًا، ما حكم الصلاة فيه؟
فأجاب: "هذه فرقة خارجية ضالة كافرة، قطع الله دابرها من الأرض، يجب هدم المسجد، وإبعادهم عن ديار المسلمين". [5] أ.هـ.

فطـار المدلِّـسون بـهــذا فــرحـًـا، ونــشـروا تـلك الفتوى ونظـائـرهـا، مـع أن بـين وفـاة شـيخ الإسلام محمد بن عـبـد الوهـاب (ت 1206هـ) رحمه الله تعالى، وبين وفاة عبد الوهاب بن رستم أكثر من ألف سنة، وبينه وبين اللخمي (728) سنة، وبينه وبين الونشريسي (292) سنة، ومع ذلك طوعت لهم أنفسهم أن يشنِّعوا على دعوة شيخ الإسلام بهذا الأسلوب الظالم [6].

لقد تركت الحملات الإعلامية المناهضة أثرًا لا يُستهان به في العامة والخاصة، وشكَّلت موقفهم العدائي المتعجل من الشيخ ودعوته، في وقت كان خصومه يملكون الآلة الإعلامية الفعالة، والآلة العسكرية القتَّالة، وكان مجرد التلويح بتهمة "الوهابية" كافيًا في قمع من يُشَم منه رائحة السلفية، لا في البلاد العربية وحدها، بل في سائر أرجاء العالم الإسلامي.

ولْنضرِبْ الهند مثالًا:

فهذا ملك العلماء، وعالم الملوك، العلاَّمة السيد صِدِّيق حسن القنوجي البخاري (ت 1307هـ) بقي في الحكم أربع عشرة سنة ملأها عدلًا ونورًا وعلمًا، ثم عُزل بسب الوشاة والنمامين من أعداء السنة والتوحيد، واتُّهم لدى الحكومة الإنجليزية المستعمِرة بأنّه يحرِّض النّاس على الجهاد، وينشر المذهب الوهابي [7].

وهذا الإمام السيد نذير حسين بن جواد علي بن السيد أحمد شاه الدِّهْلَوي (ت1320هـ 1902م عن مائة سنة) مجدد السنة النبوية في القارة الهندية، والملقب بشيخ الكل، وهو شيخ السهسواني صاحب (صيانة الإنسان) عُذِّب كثيرًا في سبيل نشر التوحيد، والدعوة إلى السنة النبوية، فسُجن في روالبندي سنة 1864م بتهمة الوهابية، وبقي في السجن مدة سنة كاملة، وسافر إلى الحج سنة 1300هـ، فسعى النمامون إلى الباشا في مكة المكرمة، فاتهمه أعداء التوحيد بأنّه وهابي، ومعتزلي، ويبيح شحم الخنزير، ونكاح العمة والخالة، وقدَّموا إليه رسالة باسم: (جامع الشواهد في إخراج الوهابيين من المساجد)، ولكن الباشا لما علم بحقيقة الحال أكرمه أيَّما تكريم، ورجع الأعداء خائبين [8].

وبلغ الاضطهاد والقهر أنّ كل من كان يرفع يديه في الصلاة من الهنود أو جَهَر بآمين يتعرض لأشد أنواع الأذى لأنّه "وهابي" [9].

وإليك هذه القصة العجيبة التي وقعت أيضًا في الهند:

كان أحد العلماء الفضلاء في الهند يستقبل طلابه ويلقي عليهم دروس التفسير والحديث، وكان هذا الشيخ يبدأ درسه بعد الحمد لله والصلاة والتسليم على رسوله بالدعاء على الشيخ محمد بن عبد الوهاب وجماعته، ويسأل الله أن يطهر الأرض من شرورهم وآثامهم.

وكان أحد أبناء نجد تلميذًا لهذا الشيخ، وكان من المستحيل عليه أن يرد الشيخ إلى الصواب، وسط هذه الأجواء من الادعاءات والافتراءات التي يشنها الأعداء، وتحرص دولة كبرى كدولة الخلافة العثمانية، ومِن ورائها الاستعمار وأذنابه، وكل أصحاب المذاهب والنِّحَل الباطلة على النَّيْل من هذه الجماعة وصاحبها.

وذات يوم فكر الطالب في أمرٍ يرد به شيخه إلى جادة الصواب، ويعرِّفه بحقيقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته السلفية؛ فما كان منه إلاّ أن نزع غلاف كتاب (التوحيد) للشيخ، وقدَّمه لأستاذه طالبًا منه قراءته وإبداء حكمه عليه.

واستجاب الأستاذ لطلب تلميذه، وقرأ الكتاب، فأثنى عليه ثناء منقطع النظير، بل أضاف أنّه من أحسن الكتب التي قرأها في هذا الباب، ومن أكثرها فائدة، وهنا كشف الطالب لأستاذه عن مؤلِّفه الذي يتقرب الشيخ إلى ربه بالنيل منه كل صباح.

فاستغفر الشيخ عما بدر منه في حق هذه الجماعة وصاحبها وصار من أكثر المدافعين عنها، الداعين لها [10].

المصريون والوهابيون: [11]

أرسل محمد علي باشا أول بعثة مصرية إلى فرنسا، وكانت تتكون من أربعين شابًا من الأتراك والمصريين، ثم زاد عددهم بعد ذلك، ولما عاد أعضاء البعثة اعتمد عليهم محمد علي باشا، وأحلهم محل الأجانب، ومضى أبناؤه من بعده على ذلك في الاهتمـام بأمر مصر التي أصبحت ملكًا لهم، حتى وصل الأمر إلى حفيده إسماعيل بن إبراهيم الذي كان يقول: "إن بلادي ليست من أفريقيا، بل هي جزء من أوروبا".

ولم يشذ عن هذا الخط من أبناء محمد علي إلا خليفتُهُ وابنُ ابنه الأكبر "طوسون" الذي ولي بعد وفاة إبراهيم باشا: وهو "عباس باشا الأول".

ولقد كان هذا الرجل قد تربى تربية دينية شرقية وعُرف عنه بغضه للفرنساويين، وبلغ به الأمر إلى أن عمل على إيقـاف إيفـاد البعثات إلى فرنسا، واتخذه الأوربيون عمومًا ـ ولا سيما في فرنسا ـ التي كانت تعرف بغضه لها هدفًا لسهامهم.

لذلك يقول عنه بروكلمان: "إنه كان مسلمًا متعصبًا يزدري التربية الأوروبية ازدراءً بعيدًا". ويتهمه بأنّه كان طاغية، والحق أنّه كان متدينًا تقيًا.

يتبع...

وحيــــد
2008-03-26, 21:30
ويدل على ذلك أمران:

أحدهما: قبل ولايته: فقد استطاع "عباس الأول" محافظ مصر آنذاك لجده محمد علي أن يخرج الوهابيين من أبناء ابن سعود والذين سجنهم محمد علي في القلعة بحيلة دبرها، ولم يستطع الجنود أن يخبروا محمد علي إلاّ بعد ثلاثة أيام خوفًا منه، ولكنه على كل حال لم يفعل شيئًا؛ لأنّه كان يثق بعباس، ومنذ ذلك الحين صار عباس صديقًا حميمًا لفيصل بن سعود إلى نهاية حياتهما.

ولا ريب أن انتشار أئمة الدعوة في مصر كان له الفضل الأكبر في سريان حقائق الدعوة هناك، ولا سيما أن هؤلاء "الوهابيين" كانوا طلبة علم، فالتحقوا بالأزهر، ودرسوا فيه، ودرَّسوا.

والأمر الآخر: أن "عباسًا الأول" كان الوحيد من أولاد محمد علي الذي كان يتردد إلى المساجد في شهر رمضان لاستماع الدروس والمواعظ الدينية، وفي أيام "عباس باشا" لم يكن أحد يستطيع أن يسير في الشوارع وقت الصلاة وإلاّ تعرض لسياط "الشاويشية" الأتراك، جنود "عباس"، وفيما عدا "عباساً" كان أبناء محمد علي جميعًا يميلون إلى أبيهم محمد علي الكبير ويتبعون سياسته في الحكم مائلين إلى الغرب.

موقف بعض العلماء الأزهريين:

كان من المقرر أن يصطحب ستة من علماء الأزهر وفقهائه حملة محمد علي الأولى إلى جزيرة العرب تحت قيادة "طوسون باشا"، ولكنهم تخلفوا في الشرقية بأعذار مختلفة، وكلها من التكئات الواهية؛ فهم مطالَبون بمناظرة علماء التوحيد أمام الناس عند الغزو، كنوع من الإعلام يستخدمه الأتراك لإحراج علماء السعودية، وعلماء الأزهر يدركون أن ما يقوله العلماء هناك حق وصدق، وهو لب الدين وجوهره، ويصعب عليهم أن يقولوا ما لا يعتقدون، وإن قالوا؛ فلن يجدوا الأدلة على باطلهم من القرآن والسنة، وسيكون موقفهم مزريًا ومثيرًا للخجل والاحتقار.

ولم يكن منتظرًا منهم أن يذهبوا مع الحملة إلى جزيرة العرب، ثم يعلنوا انضمامهم إلى إخوانهم من العلماء، تاركين أهلهم وأولادهم في مصر تحت رحمة الباشا الطاغية، ثم هم ليسوا من طلاب الشهادة والاستبسال بوجهٍ عام [12].

موقف "الجبرتي" فخر المؤرخين المصريين:

كان "عبد الرحمن الجبرتي" وهو أحد مشاهير علماء الأزهر يطالع، ويدوِّن في حذر ما يأتيه من أخبار الحركة الوهابية.

ولما قرأ الجبرتي بعض المنشورات الوهابية التي أحضرها الحُجَّاج من البلاد الحجازية، أثبت المنشور بطوله في كتابه، وفيه دعوة خالصة إلى التوحيد والسنة، ونبذ الشرك والبدعة مدعمة بأدلة الكتاب والسنة، وعلق الجبرتي ـ رحمه الله تعالى ـ قائلًا:
"أقول: إن كان الحال كذلك، فهذا ما ندين الله به نحن أيضًا، وهو خلاصة لُباب التوحيد، وما علينا من المارقين والمتعصبين، وقد بسط الكلام في ذلك ابن القيم في كتابه (إغاثـة اللهـفان)، والحافـظ المقـريـزي فـي (تجريد التوحيد)، والإمام اليوسي في (شرح الكبرى)، و(شرح الحِكَم) لابن عباد، وكتاب (جمع الفضائل وقمع الرذائل)، وكتاب (مصايد الشيطان)، وغير ذلك" [13] أ.هـ.

لقد صار الجبرتي شديد الإعجاب بالوهابيين، يدافع عنهم في مجالسه، وفي أوراقه التي يكتبها، ولم يخش سلطان محمد علي باشا الذي كان يحكم مصر، برغم أن هؤلاء كانوا في عداد أعدائه.

وظل يُظهر تعاطفه مع الدعوة الوهابية، حتى تَحـوَّل تاريخه إلى دعاية صريحة للوهابيين، وقد كلَّفه هذا الموقف حياة ابنه ثم حياته نفسِه.

يقول الأستاذ محمد جلال كشك: "أستطيع أن أجزم بأن كتابات الجبرتي عن القضية الوهابية هي السبب الأساسي لما نزل به من تنكيل الباشا، إلى حد اغتيال ابنه، وتوقفه عن الكتابة، ثم نهايته الغامضة الظروف" [14].

وقال الزركلي في ترجمة الجبرتي: "وقُتل له ولد، فبكاه كثيرًا حتى ذهب بصره، ولم يَطُلْ عماه، فقد عاجلته وفاته مخنوقًا" [15].

وقال الشيخ أحمد بن عبد العزيز الحصيِّن: "وبلغ حقدهم الدفين على هذه الدعوة المباركة حتى وصل الأمر إلى قتل ابن المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتي وهو ممن يتحمسون لهذه الدعوة، بإيعاز من محمد علي حاكم مصر الذي حارب هو وأبناؤه الدعوة انتقامًا من أبيه لتعاطفه مع الوهابيين" [16].

موقف الشيخ محمد رشيد رضا: [17]

لم يعـرف الشيخ "رشيد" عن دعوة "الشيخ محمد بن عبد الوهـاب" في الشام إلاّ ما يعرفه عامة الناس آنذاك، وما تتناقله الألسن من الكذب والافتراء على دعوة "الشيخ محمد ابن عبد الوهاب"، ولم يعرف الشيخ "رشيد" حقيقة هذه الدعوة إلاّ بعد قدومه مصر، واطلاعِه على تاريخ الـجبرتي، ولقد وصلت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى مصر عن طريق أولاده وأحفاده الذين أتى بهم واليها محمد علي ومعهم عِلمُهم وكتبهم، لقد قدم إلى مصر عدد كبير من أسرة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، ودرس بعضهم في الأزهر، وكانوا طلقاء يمشون بين الناس، ولهذا السبب، ولأنّهم دَرَسوا في الأزهر، ودرَّسوا، وصنفوا، انتشرت هذه الدعوة بمصر، وعُرفت.

لقد بقي "عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب" تلميذ الجبرتي مدة ثماني سنوات في مصر قبـل عـودتـه إلـى وطـنـه فـي ســنـة (1241هـ)، وبقـي ابـنـه "عبد اللطيف" ثلاثين عامًا في الأزهر.

ومن هذا يتضح أنّ دعوة الشيخ محمد وصلت مصرَ مبكرًا، وهناك عرفها الشيخ رشيد رضا على حقيقتها؛ فماذا عرف عنها؟

يقول الشيخ رشيد: "لم يخلُ قرن من القرون التي كثرت فيها البدع من علماء ربانيين يجددون لهذه الأمة أمر دينها، بالدعوة والتعليم وحسن القدوة، وعدول ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين... ولقد كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي من هؤلاء العدول المجددين، قام يدعو إلى تجريد التوحيد، وإخلاص العبادة لله وحده، بما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وترك البدع والمعاصي، وإقامة شرائع الإسلام المتروكة، وتعظيم حرماته المنتهكة المنهوكة...".

إنّه لا يسع منصفًا مهما اختلف مع الشيخ رشيد رضا [18] إلاّ أن يقر بأنّه "أبو السلفية" في مصر، وأن له في عنق السلفيين، شاؤوا أم أبوا شكروا له أو جحدوا، مِنَّةً وفضلًا، وآية ذلك دوره الرائد في نشر التراث السلفي، ومنافحته عن عقيدة السلف، ورموزها مـمثلة في شيخـي الإسلام ابن تيمية، ومحمد بن عبد الوهاب، وذلك من خلال مجلته (المنار).

لقد بدأ رشيد رضا الدفاع عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة 1320هـ (1903م)، ففي تلك السنة أقيمت بمصر احتفالات بمناسبة مرور مائة عام على مُلك أسرة "محمد علي" على مصر، وزُيِّنَتَ المساجد والجوامع بالأنوار، فهـاجـم "رشـيد" ذلك العـمل، وقال: "إن المساجد بيوت الله، ولا يصح أن تُزَين للاحتفال بذكرى الملوك والأمراء المستبدين. ثم تطرق إلى مساوئ سياسة محمد علي ومنها قتاله للوهابيين وقضاؤه عليهم، وهم الذين نهضوا بالإصلاح الديني في جزيرة العرب مهدِ الإسلام ومعقله" [19]. أ.هـ.

وقال أيضًا: "هذه نُبذة صحيحة من تاريخ مجدد الإسلام في القرن الثـاني عـشر محمد بن عبد الوهاب، وقد اتفق الواقفون على تأثيـر ذلك الإصـلاح من مؤرخي الشرق والغرب على أنّه يشبه نشأة الإسلام الأولى، وأنّه لولا الموانع التي اعـترضته لجدد للإسلام مجده الديني والدنيوي معاً، وأعظـم تلك الموانع: مقـاومـة الدولة العثـمانية له، ومساعدة محمد علي باشا لها على قتال الوهابيين، وتدمير قوتهم، وكان المحرك الخـفي لهذه المقـاومة دولة الدسـائس الشيطانية ـ يقصد بها بريطانيا ـ وعدوة الشرق ولا سيما الأمة الإسلامية" [20]. أ.هـ.

وقال الأمير شكيب أرسلان: "تصدى رشيد رضا للدعاية المناوئة لعلماء نجد، وعندما انتشرت الأراجيف ضدهم بعد افتتاح الطائف وزع ألوفًا من رسالة (الهدية السنية والتحفة النجدية)، ونشر مقالات في الدفاع عنهم، والرد على خصومهم، وقد قال له شيخ الأزهر أمام ملأ من العلماء: جزاك الله خيرًا بما أزلت عن الناس من الغمة في أمر الوهابية" [21].

وما زال أعداء الدعوة السلفية يروِّجون لهذه الكتب المملوءة بالكذب والتدليس، مما أوحاه الشيطان وزخرفه إبليس، وينفخون في رمادها، ويكررون صدى صوتها، {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [سورة الذاريات: 53]، ولا عجب، فإنّ أعداء الحق في كل عصر على وتيرة واحدة، وقلوبهم متشابهة فيما يرد عليها من الخواطر والوساوس، وتلك سُنَّة ماضية، وكأنما التاريخ يعيد نفسه:

ألا إنما الأيامُ أبناءُ واحدٍ
وهذي الليالي كلُّها أخواتُ
فلا تطلبن من عند يومٍ ولا غدٍ
خلافَ الذي مرت به السنواتُ

ومن سنة الله تعالى أيضًا أنّه يسلط جند الحق على أهل الباطل، فيذبُّون عن شريعته الغراء ما يُكدِّر صَفْوَها، ويُميطون أذى المبتدعين عنها.

من الدين كشف الستر عن كل كاذب
وعن كل بِدْعيٍّ أتى بالعجائبِ
ولولا رجال مؤمنون لهدمت
صوامع دين الله من كل جانبِ

وما أكثر المصنفات النافعة المباركة التي صنفها المئات من علماء أهل السنة ودعاتهم يذبون فيها عن دعوة شيخ الإسلام، ويدحضون شُبَهَ خصومها، ويكشفون حقائقها الناصعة. رحم الله أمواتهم، وبارك في عمر أحيائهم، واستقصاء ذلك له موضع آخر.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


----------------------------------------------------


[1] (الهدية السنية) ص (42).

[2] (الوهابية حركة الفكر والدولة) ص (5، 6).

[3] وقـد رصد الشيخ: مشهور حسن سلمان الكتب التي هاجمت الدعوة الوهابية فبـلـغت عنده اثنـين وسبـعين كتـاباً، ذكـرها في كتابه: (كتب حذر منها العلماء) (1/250 ـ 286).

[4] (الوهابية حركة الفكر والدولة) ص (31، 30).

[5] انظر: (تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية) للدكتور محمد بن سعد الشويعر.

[6] ويشبه هذا ما قاله "زويمر" كبير المنصِّرين: "إن ابن القيم تُشَبَّهُ أفكاره وآراؤه بآراء الوهابيين"، وقال بدون تردد: "إنه وهـابي، ولكنه يسمي نفسه حنبليّاً"، فالمسكين لا يعرف أن اصطلاح الوهابية ما عُرِف إلا بعد ابن القيم بأكثر من أربعة قرون.

[7] (محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه) ص (84).

[8] (المصدر نفسه) ص (82).

[9] (المصدر السابق) ص (211).

[10] (سلفية لا وهابية) ص (388)، وانظر: (حرمة أهل العلم) ص (353).

[11] انظـر: (مـنهـج الشـيخ محـمـد رشـيد رضـا في العقـيدة) لتامر متولي، ص (37 ـ 40).

[12] (الدولة السعودية) تأليف "أحمد رائف" ص (478).

[13] (الوهابية حركة الفكر والدولة) ص (30، 31).

[14] (السعوديون والحل الإسلامي) ص (176).

[15] (الأعلام) ص (3/304).

[16] انظر: (الشبهات التي أثيرت حول دعوة الشيخ محمد بن عبـد الوهاب) ج 2 للدكتور عبد الرحمن عميرة (أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب) ص (6).

[17] انظر: (منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة) ص (192،191).

[18] فإن هناك بلا ريب تحفظًا شديدًا من بعض آراء "رشيد رضا" التي تابع فيها شيخه "محمد عبده"، ومن أفضل من تتبعها بالنقد والتمحيص مع الإنصاف والعدل الأخ: تامر متولي في أطروحته: (منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة)، طبعة دار ماجد عسيري، جُدَّة (1425هـ ـ 2004م).

[19] (تاريخ الأستاذ الإمام) ص (1/583).

[20] (المنار) المجلد (26) ص (205).

[21] انظر: (السيد رشيد رضا)، أو (إخاء أربعين سنة) لشكيب أرسلان، ص (366).

رابط المقالة من الموقع الأصلي

http://www.albayan-magazine.com/bayan-242/bayan-02.htm


منقولة من موقع طريق الإسلام و الذي نقلها عن مجلة البيان

في أمان الله

يوسف زكي
2008-03-26, 22:35
بارك الله فيك أخي الكريم

من سنة الله تعالى أنّه يسلط جند الحق على أهل الباطل، فيذبُّون عن شريعته الغراء ما يُكدِّر صَفْوَها، ويُميطون أذى المبتدعين عنها.

نسأل الله أن تكون منهم

يوسف زكي
2008-03-26, 22:52
بارك الله فيك أخي الكريم

من سنة الله تعالى أنّه يسلط جند الحق على أهل الباطل، فيذبُّون عن شريعته الغراء ما يُكدِّر صَفْوَها، ويُميطون أذى المبتدعين عنها.

نسأل الله أن تكون منهم

عبد الجليل الجلفاوي
2008-03-27, 00:05
السلام عليكم والله اني احبكم في الله وبارك الله فيكم اجمعين والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته

فتحي الجزائري
2008-03-27, 12:48
بارك الله فيك أخي الكريم وحيد وشكر الله حرصكم

نوارة توحيد
2008-06-01, 11:28
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزى الله خيرا كل من دافع عن شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب وبين حقيقته للحاقدين والجاهلين وثبته على التوحيد والسنة آمين

علال بن الشيخ
2008-06-01, 13:47
أخي.. لا انقل لك شهادة الموسوعة البريطانية اليهودية ولا المستشرق اليهودي جولد زيهر الخبيث.. كما فعلتَ انت!! وإنما أنقل لك ما وجدته كلاما لعلم من أعلام المسلمين ومؤلف عظيم انتفع المسلمون بعلمه وتآليفه وهو:

( العلامة محمد بن إسماعيل بن صلاح المعروف بالأمير الصنعاني رحمه الله مؤلف ( سبل السلام ) المتوفى سنة 1182هـ )

لما ظهرت دعوة محمد بن عبد الوهاب كتب الأمير الصنعاني رحمه الله إليه بالقصيدة الشهيرة المسجلة في ديوانه يمدحه بها سنة 1163هـ مطلعها :

سلام على نجد ومن حل في نجد :::::::::::: وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي .

وانتظر الجواب، ولكن الجواب لم يصل، ووصلت وفود نجد وبعض علمائها يخبرون بحقيقة مذهبه، فتراجع الصنعاني عن مدحه، بعد أن طارت القصيدة في كل البلاد، وبعد أن غضب العلماء على الصنعاني وردوا عليه وبينوا له حقيقة مذهب ابن عبد الوهاب، فكتب قصيدة أخرى تراجع فيها عن مدحه الأول ثم شرحها في ( إرشاد ذوي الألباب إلى حقيقة أقوال ابن عبد الوهاب ) أو ( النشر الندي بحقيقة أقوال ابن عبدالوهاب النجدي ) وسميت أيضا بـ( محو الحوبة في شرح أبيات التوبة ) وهي مشهورة عند أهل اليمن يعرفها صغار طلبة العلم، وقد ذكر الشوكاني شيئا منها في الدر النضيد، وهي مسجلة في هجر العلم ومعاقله للقاضي الأكوع، ومسجلة في الوشي المرقوم للقنوجي ومعروفة لا نحتاج إلى الإطالة في ذكرها، قال الصنعاني ما نصه :

(( لما بلغت هذه الأبيات نجدا وصل إلينا بعد أعوام من بلوغها إلى أهل نجد رجل عالم يسمى مربد بن أحمد التميمي ، كان وصوله في شهر صفر سنة 1170هـ ، وأقام لدينا ثمانية أشهر ، وحصل بعض كتب ابن تيمية وابن القيم بخطه ، وفارقنا في عشرين شوال سنة 1170هـ راجعا إلى وطنه عن طريق الحجاز مع الحجاج ، وكان من تلاميذ الشيخ محمد بن عبدالوهاب الذي وجهنا إليه الأبيات فأخبرنا ببلوغها ولم يأت بجواب عنها .

وكان قد تقدمه في الوصول إلينا بعد بلوغها الشيخ الفاضل عبدالرحمن النجدي ، ووصف لنا من حال محمد بن عبدالوهاب أشياء أنكرناها من سفكه للدماء ، ونهبه للأموال ، وتجاريه على قتل النفوس ولو بالاغتيال ، وتكفيره الأمة المحمدية في جميع الأقطار ، فبقينا نتردد في ما نقله الشيخ عبدالرحمن حتى وصل الشيخ مربد ، وله نباهة ، وأوصل بعض رسائل ابن عبدالوهاب التي جمعها في وجه تكفيره أهل الإيمان وقتلهم ونهبهم ، وحقق لنا من أحواله وأقواله وأفعاله ، فرأينا أحواله أحوال رجل عرف من الشريعة شطرا ، ولم يمعن النظر ، ولا قرأ على من يهديه نهج الهداية ، ويدله على العلوم النافعة ، ويفقهه فيها ، بل طالع بعضا من مؤلفات أبي العباس بن تيمية ، ومؤلفات تلميذه ابن قيم الجوزية ، وقلدهما من غير إتقان ، مع أنهما يحرمان التقليد.

ولما حقق لنا أحواله ، ورأينا في الرسائل أقواله ، وذكر لنا أنه عظم شأنه بوصول الأبيات التي وجهناها إليه ، وأنه يتعين علينا نقض ما قدمناه ، وحل ما أبرمناه ، وكانت أبياتنا قد طارت كل مطار ، وبلغت غالب الأقطار ، وأتتنا فيها جوابات من مكة المشرفة ومن البصرة وغيرهما ، إلا أنها جوابات خالية عن الإنصاف ، ولما أخذ علينا الشيخ مربد ذلك تعين علينا الرجوع لئلا نكون سببا في شيء من هذه الأمور التي ارتكبها ابن عبدالوهاب المذكور ، كتبت أبياتا وشرحتها ، وأكثرت من النقل عن ابن القيم وشيخه ابن تيمية لأنهما عمدة الحنابلة ، وهذه نماذج من الأبيات :

رجعت عن القول الذي قلت في النجدي :::::::: فقد صح لي فيه خلاف الذي عندي
ظننت به خيرا وقلت عسى عسى ::::::::: نجد ناصحا يهدي الأنام ويستهدي
فقد خاب فيه الظن لا خاب نصحنا ::::::::: وما كل ظن للحقائق لي مهدي
وقد جاءنا من أرضه الشيخ مربد :::::::::: فحقق من أحواله كل ما يبدي
وقد جاء من تأليفه برسائل :::::::::::::: يكفر أهل الأرض فيها على عمد
ولفق في تكفيرهم كل حجة :::::::::::::: تراها كبيت العنكبوت لمن يهدي
تجارى على إجرا دما كل مسلم ::::::::::::: مصل مزك لا يحول عن العهد
وقد جاءنا عن ربنا في ( براءة ) ::::::::::::: براءتهم عن كل كفر وعن جحد
وإخواننا سماهم الله فاستمع :::::::::::::: لقول الإله الواحد الصمد الفرد
وقد قال خير المرسلين نهيت عن ::::::::::::: فما باله لا ينتهي الرجل النجدي
وقال لهم : لا ما أقاموا الصلاة في ::::::::::::: أناس أتوا كل القبائح عن قصد
أبن لي ، أبن لي لم سفكت دماءهم ؟ ::::::::::::: ولم ذا نهبت المال قصدا على عمد ؟
وقد عصموا هذا وهذا بقول لا :::::::::::::: إله سوى الله المهيمن ذي المجدإلى أن قال :
وهذا لعمري غير ما أنت فيه من :::::::::::::: تجاريك في قتل لمن كان في نجد
فإنهم قد تابعوك على الهدى :::::::::::::::: ولم يجعلوا لله في الدين من ند
وقد هجروا ما كان من بدع ومن :::::::::::::: عبادة من حل المقابر في اللحد
فما لك في سفك الدما قط حجة :::::::::::::: خف الله واحذر ما تسر وما تبدي
وعامل عباد الله باللطف وادعهم :::::::::::::: إلى فعل ما يهدي إلى جنة الخلد
ورد عيهم ما سلبت فإنه :::::::::::::::::: حرام ولا تغتر بالعز والجد
ولا بأناس حسنوا لك ما أتوا :::::::::::::: غما همهم إلا الأثاث من النقد
يريدون نهب المسلمين وأخذ ما ::::::::::::::: بأيديهم من غير خوف ولا حد

إلى أن قال :
وتكفير أهل الأرض لست أقوله ::::::::::::: كما قلته لا عن دليل به تهدي
وها أنا أبرا من فعالك في الورى ::::::::::::: فما أنت في هذا مصيب ولا مهدي
ودونكها مني نصيحة مشفق :::::::::::::: عليك عسى تهدي لهذا وتستهدي
وتغلق أبواب الغلو جميعه :::::::::::::: وتأتي الأمور الصالحات على قصد
وهذا نظامي جاء والله حجة :::::::::::::: عليك فقابل بالقبول الذي أبدي

وهي واضحة كما ترى في شهادته على الحركة الوهابية بما يعرفه عنها الناس من التكفير العام والقتل، والحاصل أن من يستشهد بالقصيدة الأولى التي مدح الصنعاني فيها محمد بن عبدالوهاب وترك الثانية التي فيها الرجوع ، فهو كمن احتج بالمنسوخ وترك الناسخ، ونحن كنا نعرف قصيدة المدح فنكثر من ذكرها ثم عرفنا أن الصنعاني رجع عنها، وبعض الوهابية يشككون فيها وبعضهم يثبتها، والتشكيك فيها لا معنى له فهي ثابتة عنه وقد نقل الشوكاني منها وبين حقيقتها في كتابه (الدر النضيد)، وهي موجودة لها نسخ مخطوطة كثيرة.

تنبيه:
كان كثير من الوهابية يشككون في صحة نسبة القصيدة المرجوع فيها إلى الصنعاني، لكنها ثابتة، وإلى صحتها مال المحققون من الوهابية بعدما طالعوا الأدلة ومنها نقل كبار ثقاة أصحاب الصنعاني لقصيدته هذه وعزوهم إياها إليه، ومنهم الشوكاني ومن سيأتي ذكرهم، وقد قال البسام في كتابه علماء نجد خلال ثمانية قرون ما نصه:
((كثير من أصحاب القلوب السليمة ينفون صحة الرجوع عن الشيخ الصنعاني، وينسبون تزوير الرجوع والقصيدة الناقضة إلى ابنه، ولكنني تحققت من عدد من الثقات، ومنهم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيس القضاء بأن رجوع الأمير الصنعاني حقيقة، وأن القصيدة الناقضة له وليست لابنه ..))اهـ.
ولهذه القصيدة نسخ كثيرة مخطوطة بخطوط مختلفة، وهي مسجلة في ديوان الصنعاني كذلك، حتى وصلت بعض هذه النسخ إلى الهند ووقعت إلى صديق حسن خان وغيره، وهي موجودة الآن في هجر العلم المطبوع للقاضي الأكوع فلتنظر، ومن يجادل في هذا الآن فمن الجهال لا شك في هذا.

وإن شئت نقلتُ لك معجم ما ألف من مؤلفات علماء الاسلام في الرد على الوهابية، حتى تستوفي موضوعك من كل الجوانب
_________________
لا إله إلا الله محمد رسول الله

فتحي الجزائري
2008-06-01, 14:11
وهابية ...سلفية ...سنية ....أهل السنة والجماعة ....لا فرق بينها ....وجوه لعملة واحدة ....فكلها متفقة على العقيدة الصحيحة و المنهج السليم ....

oumyahia
2008-10-27, 11:23
http://upload.aljawarh.net//uploads/images/aljawarh5eb83ae67a.gif

العدواني الجزائري
2008-10-28, 01:37
هو شيخ الاسلام محي السنة والتوحيد عليه رحمة الله

abh3
2008-10-28, 20:55
الاحتجاج بالانجليز على صحةدعوة محمد بن عبد الوهاب امر مضحك فهن كان ينصره غيرهم ...........؟

zakaria el-assimi
2008-10-29, 08:08
السلام عليكم ورحمة الله

جزاك الله خيرا أخي وحيد

nacereddin
2010-04-03, 13:42
رحم الله الشيخ محمد بن عبد الوهاب و كل تابعيه الأحياء منهم و الأموات
و جزا الله كل خير من دافع عنه و ذب عنه سموم الحاقدين
فالشيخ عالم رباني شهد له بذللك العلماء الكبارو لا يطعن فيه إلا جاهل أو مبتدع ضال
فإن كان الأول علمناه وبينا له
و إن كان الثاني فلا يسعنا إلا أن ندعوا الله أن يهديه
اللهـــــم ثبتنا و أمتنا على التوحيد و السنة يارب

الباشـــــــــــق
2010-04-03, 15:02
لماذا يكره "الشيعة " ابن تيمية !
حاولت كثيراً فهم الأسباب الموضوعية التي قد تدفع " سادة " الشيعة لكره ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب رحمهما الله هذا الكره الشديد ! قرأت الكثير من مصنفات ابن تيمية وابن عبدالوهاب ونظرت في تراثيهما العقدي والفقهي وخلصت إلى الآتي :

* الشيخان يشددان - ولهما كل الحق في نظري - على مسائل التوحيد وإخلاص العبادة لله . لهذا فهما يقفان بكل شجاعة وصمود ضد عبادة القبور والأولياء والخرافة والشعوذة والدجل باسم الدين . وهذا حتماً يضايق سدنة المزارات وخُدَّام الأضرحة وآكلي أموال الناس بالباطل كما عند الشيعة والصوفية وغيرهما .

* الشيخان من أهل الحديث , فالمرجع عندهما هو للكتاب والسنة وليس للرأي والإلهام والوجد أو للتلفيق والاختراع والإدعاء دون نص واضح وصريح. من أتى برأي عرضنا رأيه على الكتاب والسنة - وليس على أهوائنا - فإن وافقهما أخذنا به , وإن عارضهما ضربنا به عرض الحائط .

* لكن ابن تيمية علِم أن الكتاب والسنة لن يكونا مدار اتفاق بين السنة والشيعة , فطفق يحاور الشيعة بالـ"عقل" ! وهذا بالذات ما أزعج السادة والأولياء والملالي . ومن يقرأ كتابه " منهاج السنة النبوية " يُدهَش من الرصانة الفكرية , والمنطق القوي السديد في محاججة أصحاب المذهب الشيعي وفق مسلمات العقل السوي ومنطقه . ولهذا كُتبت الكثير من الكتب شرقاً وغرباً عن منطق شيخ الإسلام ابن تيمية ومنهجه الفكري.

* لم يستطع شيعي أو متصوف واحد أن يجد في تراث ابن تيمية أو ابن عبدالوهاب ما يخالف العقيدة الإسلامية . كل ما أزعجهم هو أن شيخ ابن تيمية ومن بعده تلاميذه ومن بعدهم ابن عبدالوهاب لم يحترموا الأضرحة والمزارات التي يطاف بها كما يُطاف على الكعبة !! ولم يحترموا العتبات التي يُتمسح بها كما تمسح كفار قريش بأصنامهم !! ولم يعرفوا للأولياء الذين يخاف منهم كما يُخاف من الله ويستغاث بهم كما يستغاث برب العباد !! هذا كل ما في الأمر ! لكن هل كان مستند ابن تيمية ومن بعده تلاميذه حتى ابن عبدالوهاب , أقول هل كان مستندهم الهوى والرأي أم قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم , هذا ما لا يذكره مخالفوهم أبداً ...ولهذا أنا أسأل كل شيعي أو متصوف هل قرأت كتب ابن تيمية أو ابن القيم أو ابن عبدالوهاب ؟ أم أنك اكتفيت بما يقوله " السيد " والولي والإمام المرشد ؟!

* لم يستطع شيعي أو متصوف واحد أن يثبت أن ابن تيمية أو تلاميذه من بعده حتى ابن عبدالوهاب قد خالفوا القرآن الكريم أو السنة النبوية , بل كانوا امتداداً لأئمة السنة والحديث من السلف الصالح . وكتبهم متوافرة وموجودة يستطيع كل أحد أن يقرأها بإنصاف وتجرد بعيداً عن هيمنة " السادة " و" الأولياء ".

*(بحر ثاااائر)*
2010-04-03, 16:01
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....

dmd39
2010-04-05, 19:56
الشيخ محمد بن عبد الوهاب


عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

بسم الله الرحمن الرحيم

ولادته ، ونشأته ورحلته لطلب العلم :
ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن على بن محمد بن أحمد بن راشد التميمي سنة1115هجرية الموافق سنة1703م في بلدة العيينة،الواقعة شمال الرياض.ونشأ الشيخ في حجر أبيه عبد الوهاب في تلك البلدة في زمن إمارة عبدا لله بن محمد بن حمد بن مُعمَّر
وكان سباقاً في عقله وفي جسمه ، حادّ المزاج ، فقد استظهر القرآن قبل بلوغه العشر ، وبلغ الاحتلام قبل إتمام الإثنتي عشرة سنة .
قال أبوه : رأيته أهلاً للصلاة بالجماعة ، وزوجته في ذاك العام .
طلبه للعلم :
درس على والده الفقه الحنبلي والتفسير والحديث .
وكان في صغره ، مكباً على كتب التفسير والحديث والعقائد .
وكان يعتني بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم رحمهما الله ، ويكثر من مطالعة كتبهما .
رحلاته العلمية :
ثم غادر البلاد قاصداً حج بيت الله الحرام .
وبعد أدائه الفريضة أم المدينة المنورة ، وقصد المسجد النبوي ، وزار إمام المرسلين صلى الله عليه وسلم ، وصحابته الأبرار المخلصين .
شيوخه بالمدينة المنورة :
وكان فيما إذ ذاك من العلماء العاملين ، والشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف من آل سيف النجدي ، كان رأساً في بلد المجمعة .
فأخذ عنه الشيخ محمد بن عبد الوهاب كثيراً من العلم ، وأحبه الشيخ عبد الله ، وكان به حفياً ، وبذل جهداً كبيراً في تثقيفه وتعليمه. وكان من عوامل توثيق الروابط بينهما وتمكين المحبة توافق أفكاره ومبدئه مع تلميذه في عقيدة التوحيد ، والتألم مما عليه أهل نجد وغيرهم من عقائد باطلة ، وأعمال زائفة .
واستفاد الشيخ من مصاحبته فوائد عظيمة،وأجازه الشيخ عبد الله بالحديث المشهور والمسلسل بالأولية((الراحمون يرحمهم الرحمن)) من طريقين :.
أحدهما : من طريق ابن مفلح عن شيخ الإسلام أحمد بن تيمية وينتهي إلى الإمام أحمد .
والثاني : من طريق عبد الرحمن بن رجب عن العلامة ابن القيم عن شيخه شيخ الإسلام ، وينتهي أيضاً إلى الإمام أحمد .
كما أجازه الشيخ بكل ما في ثبت الشيخ عبد الباقي الحنبلي شيخ مشايخ وقته،قراءة وعلماً وتعليماً ،صحيح البخاري بسنده إلى مؤلفه ،وصحيح مسلم وشرح الصحيحين ، وسنن الترمذي والنسائي،وأبي داود،وابن ماجة ومؤلفات الدارمي،وبسنده المتصل إلى المؤلف .
ومسند الإمام الشافعي ، وموطأ الإمام مالك ، ومسند الإمام أحمد ، إلى غير ذلك مما ثبت في ثبت الشيخ عبد الباقي .
ثم وصل الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف حبل الشيخ محمد ، بحبل المحدث الشيخ محمد حياة السندي ، وعرَّفه به وبما هو عليه من عقيدة صافية ، وبما تجيش به نفسه من مقت الأعمال الشائعة في كل مكان من البدع ، والشرك الأكبر والأصغر ، وأنه إنما خرج من نجد للرحلة في طلب العلم ، وسعياً إلى الاستزادة من السلاح الديني القوي ، الذي يعينه على ما هو مصمم عليه من القيام بالدعوة والجهاد في سبيل الله .
وممن أخذ عنهم الشيخ وانتفع بمصاحبته الشيخ على أفندي الداغستاني ، والشيخ إسماعيل العجلوني ، والشيخ عبد اللطيف العفالقي الاحسائي ، الشيخ محمد العفالقي الاحسائي .
وقد أجازه الشيخان الداغستاني والاحسائي بمثل ما أجازه الشيخ عبد الله إبراهيم بما في ثبت أبي المواهب
ثم توجه إلى نجد ، ثم البصرة ، قاصداً الشام ، ليستزيد من العلوم النافعة .
شيوخه بالبصرة :
فأقام مدة بالبصرة ، ودرس العلم فيها على جماعة من العلماء .
فمنهم الشيخ محمد المجموعي ، وقرأ الكثير من النحو اللغة والحديث ، كما كتب كثيراً في تلك الإقامة من المباحث النافعة والكتب القيمة ، ونشر علمه النافع وآراءه القيمة حول موضوع البدع والخرافات ، وإنزال التضرع والحاجات بسكان القبور من عظام نخرة ، وأوصال ممزقة ، وعزز كلامه بالآيات الساطعات ، والبراهين الواضحات .
فقابلوه بالتكذيب والأذى وأخرج من البلاد وقت الهجرة[1] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) وأنزلوا بعض الأذى بشيخه المجموعي .
فقصد الزبير في وقت الصيف وشدة الرمضاء ، وكان ماشياً على رجليه ، وكاد يهلك من شدة الظمإ .
فساق الله إليه رجلاً من بلد الزبير يسمى أبا حميدان ، فرآه من أهل العلم والصلاح ، فحلمه على حماره ، حتى أوصله إلى بلد الزبير .
وتوجه إلى الشام راجلاً لينهل من مناهل العلماء ، ويتغذى من الثقافات الدينية ، مستزيداً .
عودته إلى نجد :
غير أنه قلت نفقته،فقفل راجعاً،فأتى الإحساء ،فنزل بها عند الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف الشافعي ، وقرأ عنده ما شاء الله أن يقرأ .
ثم توجه إلى حريملا ، قرية من نجد ، وذلك لأن والده الشيخ عبد الوهاب قد انتقل إليها .
ولما آب الشيخ من رحلته الطويلة وراء العلم والتحصيل ، لازم أباه ، واشتغل عليه في علم التفسير والحديث وغيرهما .
وعكف على كتب الشيخين : شيخ ابن تيمية ، والعلامة ابن القيم رحمهما الله ، فزادته تلك الكتب القيمة ، علماً ونوراً وبصيرة، ونفخت فيه روح العزيمة .
ورأى الشيخ بثاقب نظره ما نجد وما بالأقطار التي رحل إليها من العقائد الضالة ، والعادات الفاسدة ، فصمم على القيام بالدعوة .
حالة نجد قبل الدعوة من حيث الديانة والسياسة
سبق أن ذكرنا لك أيها القارئ الكريم ، أن الشيخ رحمه الله زار الحجاز والإحساء والبصرة والزبير، وقيل حتى فارس حسبها نقل عن لمع الشهاب ، ليروي ظمأه من مناهل العلوم الدينية ويتفهم أصول الدين وشرائعه القويمة ، ويقف على أحوال أولئك الأقوام وعقائدهم وعلومهم ، بعدما شاهد في نجد – وطنه – ما شاهد من المنكرات الأثيمة والشركيات القبيحة الذميمة القاتلة لمعني الإنسانية .
وكان أيام تحصيله يقرر لسامعيه ومخالطيه ما فهمه من الدين والتوحيد ، ويبين قبائح ما تأتيه العامة وأشباه العامة من أدعياء العلم .
عندما كان في المدينة المنورة يسمع الاستغاثات برسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاءه من دون الله ، فكان مرجل غيظه ينفجر .
فقال للشيخ محمد حياة السندي : ما تقول يا شيخ في هؤلاء ؟
فأجابه على الفور : { إن هؤلاء متبرٌ ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون } .
درس أحوال نجد وأهل البلدان التي زارها ، ورأى ما هم فيه من بُعدٍ عن الدين ، ولاسيما نجد .
ماذا رأى ؟
رأى نجداً كما يحدثنا المؤرخون السالفون لنجد ، كابن بشر ، وابن غنام ، والآلوسي والمعاصرون كـ((حافظ وهبة )) وغيره ، مرتعاً للخرافات والعقائد الفاسدة التي تتنافي مع أصول الدين الصحيحة .
فقد كان فيها كثير من القبور تنسب إلى بعض الصحابة .
يحج الناس إليها ويطلبون منها حاجاتهم ، ويستغيثون بها لدافع كروبهم .
فقد كانوا في الجُبيلة ، يؤمون قبر زيد بن الخطاب ، ويتضرعون لديه ، ويسألونه حاجاتهم .
وكذلك في الدرعية ، كان قبر لبعض الصحابة كما يزعمون .
وأغرب من ذلك ، توسلهم في بلد المنفوحة بفحل النخل ، اعتقادهم أن من تؤمّه من العوانس تتزوج .
فكانت من تقصد تقول: (( يا فحل الفحول ، أُريد زوجاً قبل الحول )). وفي الدرعية ، كان غار يقصدونه ، بزعم أنه كان ملجأً لإحدى بنات الأمير التي فرت هاربة من تعذيب بعض الطغاة .
وفي شعب غبيرا ، قبر ضرار بن الأزور ، كانوا يأتون لديه من الشرك والمنكر ما لعل مثله ، لا يتصور .
ورأى في الحجاز ، من تقديس قبور الصحابة وأهل البيت والرسول صلى الله عليه وسلم ، مالا يسوغ إلا مع رب الأرباب .
كما رأى في البصرة والزبير ، وسمع عن العراق والشام ومصر واليمن من الوثنية الجاهلية ما لا يستسيغه العقل ، ولا يقره الشرع .
كما سمع عن العيدروس في (( عدن )) والزيلعي في اليمن الشيء الكثير .
رأى ما رأى ، وسمع ما سمع ، وتحقق .
ووازن تلك الأفعال المنكرة بميزان الوحيين كتاب الله المبين وسيرة الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم وأصحابه المتقين ، فرآهم في بُعدٍ عن منهج الدين وروحه .
رآهم لم يعرفوا لماذا بعث الله الرسل ؟ ولماذا بعث الله محمداً للناس كافة ؟ ورأى أنهم لم يعرفوا حالة الجاهلية ،وما كان فيها من الوثنية الممقوتة ، رآهم غيروا وبدلوا أصول الدين وفروعه ، إلا القليل .
هذه حالتهم في دينهم وعبادتهم .
حالة نجد السياسية :
أما حالتهم السياسية ، فكلما جاء في كتاب (( جزيرة الرب في القرن العشرين )) . رأى أنه ليس هناك قانون ولا شريعة إلا ما قضت به أهواء الأمراء وعمالهم . وكانت نجد متقسمة إلى ولايات عديدة ، يحكم كل واحدة منها أمير ، لا تربطه وجاره أية رابطة .
ومن أهم هؤلاء الأمراء بنو خالد في الإحساء ، وآل معمر في العيينة ، والأشراف في الحجاز .
وعدا هؤلاء ، أمراء لا يعبأ بذكرهم .
وقد كان أولئك الأقوام في حروب دائمة ، لاسيما مع البادية .
وكان الأمير على قدم الاستعداد ، عندما تسنح الفرص ، ليعتدي على جيرانه إذا بدا من هؤلاء الجيران ضعف أو عدم استعداد. انتهى.
هكذا كانت حالة بلاد العرب عند إياب الشيخ من رحلته العلمية .
بدء نهضة الشيخ في الإصلاح الديني :
وبعد أن ثبت لديه وتحقق حالتهم السيئة في دينهم ودنياهم ورأى إقرار العلماء في الحجاز وفي نجد وسائر الأقطار ، على تلك المنكرات والمبتدعات إلا القليل منهم ممن كان لا يتجاسر أن يبوح بمقت ما فعلوا ،وأيقن أنهم قد أدخلوا في أصول الإسلام العليا ما يأباه القرآن، وما تأباه السنة المحكمة . وكان يقوي عقيدته بخطئهم وركونهم إلى البدع ما يقرؤه من الروايات القائلة بأن المسلمين لابد أن يغيروا ، وأن يسلكوا مسالك الذين من قبلهم كالحديث الصحيح (( لتتبعُن سنن من كان قبلكم )) .
وكحديث (( لا تقوم الساعة حتى يعبد فئام من أمتي الأوثان )) .
وحديث (( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ )) .
حينئذ صمم الشيخ أن يعالن قومه بأنهم قد ضلوا الطريق السويّ ، وزاغوا عن منهج الصواب .
يقول بعض الكاتبين : حقاً إن المواقف دقيق حرج ، يحتاج إلى شجاعة ماضية ، وإلى إيمان لا يبالي بالإذى في سبيل إرضاء الله وإرضاء الحق الذي اقتنع به ، وسبيل إنقاذ البشرية المعذبة ، كما يحتاج إلى عدة كافية من قوة اللسان ، وإصابة البرهان ، ليواجه ما يجابهه من شبهات واعتراضات ، لابد منها ، ثم إلى مؤازر قوي يحمي ظهره ، ويدافع عن دعوته .
دعوته لقومه :
ابتدأ الشيخ رحمه الله ، دعوته لقومه في بلدة ( حريملا ) وبين لهم أن لا يدعى إلا الله ، ولا يذبح ولا ينذر إلا له ، وأن عقيدتهم في تلك القبور والأحجار والأشجار ، من الاستغاثة بها ، وصرف النذور إليها ، واعتقاد النفع والضر منها ، ضلال وزور ، وبأنهم في حالة لا ترضي ، فلابد من نبذ ذلك .
وعزز كلامه بآي من كتاب الله المجيد وأقوال الرسول وأفعاله ، وسيرة أصحابه .
فوقع بينه وبين الناس نزاع وجدال ، حتى مع والده العالم الجليل ، لأنه كان مغتراً بأقاويل المقلدين السالكين تلك الأفعال المنكرة في قوالب حب الصالحين .
فاستمر الشيخ يجاهد بلسانه وقلمه وإرشاده .
وتبعه أُناس من أهل تلك البلدة ، حتى انتقل أبوه عبد الوهاب إلى جوار رب الأرباب سنة 1153هـ .
والظاهر أن والده اقتنع بأقوال ابنه ومبادئه،كما اقتنع أخوه سليمان بعدما وقع بينه وبينه نزاع وردود[2] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2) .
وبعد وفاة والده ، جاهر قومه بالدعوة والإنكار على عقائدهم الضالة . ودعا إلى متابعة الرسول في الأقوال والأفعال .
وكان في تلك البلدة قبيلتان ، وكل يدعي الزعامة ، وليس هناك من يحكم الجميع ، ويأخذ حق الضعيف ، ويردع السفيه .
وكان لإحدى القبيلتين ، عبيد يأتون بكل منكر وفساد ، ولا يحجمون عن التعدِّي على العباد .
فصمم الشيخ على منعهم وردعهم .
ولما أحسَّ أولئك الأرقاء بما صمم عليه الشيخ ،عزموا أن يفتكوا به خفية فتسوروا عليه من وراء الجدار .
فشعر بهم بعض الناس ، فصاحوا بهم وهربوا .
عندها غادر الشيخ (حريملا ) إلى ( العيينة ) مسقط رأسه ، وموطن آبائه ، وحكامها إذ ذاك عثمان بن حمد بن معمر . فتلقاه بكل إجلال وإكرام ، وبين الشيخ له دعوته الإصلاحية المباركة ، القائمة على دعائم الكتاب والسنة المطهرة وشرح له معني التوحيد ، وأن أعمال الناس اليوم وعقائدهم منافية للتوحيد . وتلا عليه الآيات والأحاديث النبوية ، ورجاله من الله – إن قام بنصر [ لا إله إلا الله ] – أن ينصره الله ويعلي كلمته ، وتكون له السيادة والزعامة على نجد وغيرها ، وله السعادة الأبدية إن شاء الله .
فقبل عثمان ، ورجب بما قال الشيخ ، فعالن الشيخ بالدعوة إلى الله ، ولإفراد العبادة لله ، والتمسك بسنة رسول الله ، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ، وقطع الشيخ الأشجار المعظمة هناك ، وهدم قبة زيد بن الخطاب ، بمساعدة عثمان الأمير / وأقام الحد على إمرأة اعترفت بالزنا مراراً ، بعد ما تأكد من صحة عقلها وكمال حواسها .
فاشتهر أمر الشيخ ، وذاع صيته في البلدان .
فبلغ خبره ( سليمان بن محمد بن عريعر ) حاكم الإحساء وبني خالد .
فبعث هذا الجاهل الظالم إلى عثمان بن معمر كتاباً جاء فيه : إن المطوع الذي عندك ، قد فعل ما فعل ، وقال ما قال ، فإذا وصلك كتابي فاقتله ، فإن لم تقتله ، قطعنا خراجك الذي عندنا في ((الإحساء )) .
فعظم على عثمان الأمر ، وكبر عليه مخالفة ابن عريعر ، وغاب عن ذهنه عظمة رب العالمين .
وكانت النتيجة من جراء ذلك الكتاب وضعف إيمان ابن معمر أن أمر بإخراج الشيخ من بلده .
ولم يفد فيه وعظ الشيخ ونصحه ، وأنه لابد للداعي والمصلح من أن يناله الأذى ، ولابد أن تكون العاقبة للمتقين
فخرج الشيخ رحمه الله ،يمشي على رجليه موكلاً به فارس يمشي من خلفه،وليس مع الشيخ إلا المروحة في أشد وقت الحر من الصيف.
فهم الفارس بقتل الشيخ ، وكان بإيعاز من ابن معمر ، فارتعدت يده وكفى الله شره .
وكان الشيخ في مشيه لا يفتر عن ذكر الله ، ويردد قوله تعالى { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
ونزل الشيخ بالدرعية وقت العصر سنة 1158 هـ ضيفاً على عبد الرحمن بن سويلم ، وابن عمه أحمد بن سويلم .
وخاف ابن سويلم على نفسه من الأمير محمد بن سعود ، لأنه كان يعلم حالة الناس ، وأنهم لا يقبلون ما أتى به هذا العالم الجليل ، ويقابلون ذلك بالأذى ، ولاسيما من بيده الأمر .
ولكن الشيخ الممتليء إيماناً وثقة بالله ، سكن جأشه ، وأفرغ عليه من العظات وملأه رجاءاً وعدةً بأنه لابد من أن يفرج الله وينصره نصراً مؤزراً .
فعلم به الخواص من أهل الدرعية ، فزاروه خفية ، فشرح لهم معاني التوحيد وما يدعو إليه .
وكان للأمير أخوان مشاري وثنيان وزوجة كانت لبيبة عاقلة .
فبين الأخوان – بعدما نهلا من مناهل الشيخ – لأخيهما الأمير ، أن الشيخ محمداً نازل ضيفاً على ابن سويلم ، وأن هذا الرجل غنيمة ساقه الله إليك ، فاغتنم ما خصك الله به ، ورغبوه في زيارة الشيخ ، فامتثل وزار الشيخ .
فدعاه الشيخ إلى التوحيد ، وأن التوحيد هو ما بعثت من أجله الرسل ، وتلا عليه آيات من الذكر الحكيم ، فيها البيان ببطلان عبادة غير الله ولفت نظره إلى ما عليه أهل نجد من الشرك والجهل والفرقة ، والاختلاف وسفك الدماء ، ونهب العباد .
وبالجملة بين له ضعف دينهم ودنياهم ، وجهلهم بشرائع الإسلام ، ورجاه أن يكون إماماً يجتمع عليه المسلمون ، ويكون له الملك والسيادة ، ومن بعده في ذريته .
عند ذلك شرح الله صدر محمد بن سعود وأحبه ، واقتنع بما دعاه إليه الشيخ ، وبشر الأمير السيخ بالنصرة وبالوقوف معه على من خالفه .
وشرط الأمير على الشيخ شرطين :
الأول : أن لا يرجع الشيخ عنه إن نصرهم الله ومكنهم .
والثاني : أن لا يمنع الأمير من الخراج الذي ضربه على أهل الدرعية وقت الثمار .
فقال الشيخ: أما الأول : الدم بالدم ، والهدم بالهدم .
وأما الثاني : فلعل الله يفتح عليك الفتوحات ، وتنال من الغنائم ما يغنيك عن الخراج .
فبايع الأمير الشيخ على الدعوة إلى الله ، والجهاد في سبيل الله ، والتمسك بسنة رسول الله ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وإقامة الشعائر الدينية .
وبعد استقراره في الدرعية ، أتى إليه من كان ينتسب إليه ، ومعتنقاً مبادئ دعوته ، من رؤساء المعامرة وغيرهم ، وأخذت الوفود تأتي من كل حدب لما علموا أن الشيخ في دار منعة .
عند ذلك ، سمع عثمان بن معمر الذي أخرج الشيخ من بلده أن محمد بن سعود رحمه الله قد بايع الشيخ ، وأنه ناصره وأهل الدرعية له مؤيدون ، ومعه قائمون ومجاهدون . فندم عثمان على ما سلف منه في حق الشيخ ، فأتي إليه ومعه ثلة من الرجال من رؤساء البلاد وأعيانها ، واعتذر ، وطلب منه الرجوع .
فعلق الشيخ الأمر على رضاء الأمير محمد بن سعود ، فرفض الأمير السماح ورجع عثمان خائباً .
وشدت إلى الشيخ الرحال ، وكثر الوافدون ، ليرتووا من مناهله العذبة الصافية النقية من الخرافات والوثنية .
وكانت الحالة الاقتصادية للأمير والبلاد ، لا تقوي على القيام بمؤن أولئك الوافدين الطالبين .
فكان بعضهم – من شغفه وحبه للعلم – يحترف بالليل بالاجرة ، وفي النهار يحضر الدروس إلى أن وسع الله عليهم وأتي بالفرج واليسر ، بعد الشدة والعسر .
وثابر الشيخ باذلاً جهده ووسعه في إرشاد الناس وتعليمهم ، وبيان معني(لا إله إلا الله)وأنها نفي وإثبات.
فـ(( لا إله )) تنفي جميع المعبودات ، و(( إلا الله )) تثبت العبادة لله . وشرح لهم معني الألوهية بأن الإله : هو الذي تأله القلوب محبة وخوفاً وإجلالاً ورجاءاً .
وعلمهم الأصول الثلاثة .
وبفضل تعاليمه الرشيدة ، تنورت أذهانهم ، وصفت قلوبهم ، وصحت عقائدهم ، وزادت محبة الشيخ في قلوب الوافدين إليه .
ثم أخذ يراسل رؤساء البلدان النجدية وقضاتهم ، ويطلب منهم الطاعة والانقياد ، ونبذ الشرك والعناد .
فمنهم من أطاعه ، ومنهم من عصاه ، واتخذه سخرياً ، واستهزأ به ، ونسبه إلى الجهل وعدم المعرفة .
ومنهم : من نسبه إلى السحر .
ومنهم : من رماه بأمور منكرة ، هو منها بريء ، قاتل الله الجهل والتقليد الأعمى .
ولو كان لأولئك عقل ، لعقلوا أن الجاهل لا يستطيع إقامة الأدلة الصحيحة على مطالبه .
الجاهل لا يستطيع أن يبارز العلماء الأجلاء ببراهين عقلية وحجج سمعية . تقسر السامع على الخضوع .
الساحر لا يأمر بخير ، لا يأمر بمعروف ، ولا ينهي عن منكر .
ولكن لا عجب ، فقد قيل سابقاً للمرسلين ولجميع المصلحين ، مثل هذا الكلام .
واصل الشيخ ليله ونهاره ، في نشر الدعوة والوعظ،وكتابة الرسائل العلمية مكتفياً بهذه الوسيلة السلمية .
والأمير (( محمد بن سعود )) يؤازره حسب مقدرته .
ولكن خصوم الدعوة كانوا يعملون على تأليف القلوب لمحاربة الدعوة بكل الوسائل ، والاعتداء على الداخلين في الدعوة .
فلم ير الشيخ محمد والأمير بداُ من الاستعانة بالسيف بجانب الدعوة الدينية واستمرت الحروب الدينية سنين عديدة .
وكان النصر حليف ابن سعود في أغلب المواقف .
وكانت القرى تسقط واحدة تلو الأخرى بيده .
ودخل البعض في الطاعة بالاختيار والرغبة ، لما عرف حقيقة الأمر .
وإن أردت معرفة عناد القوم وبغيهم وجورهم واعتدائهم ، ونقض بعضهم للعهد مرة بعد مرة ، فاقرأ (( عنوان المجد ))وإن زعماء الدعوة ما كانت خطتهم إلا الدفاع ورفع العقبات عن سبيل الدعوة الخالصة .
وبعد فتح الرياض[3] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn3)واتساع ملكهم وانقياد كل صعب لهم ، فوض الشيخ أموال الناس وأموال الغنائم إلى عبد العزيز بن محمد بن سعود الأمير ، وتفرغ الشيخ للعلم وللعبادة وإلقاء الدروس .
وكان محمد وابنه عبد العزيز لا يتصرفان في شيء إلا بعد أن يعلماه ، ليعلمهما الحكم الشرعي ، ولا ينفذان حكماً إلا عن أمره ورأيه.
وما زال الشيخ على هذه الحالة الحسنة والسيرة الطيبة الطاهرة حتى انتقل إلى جوار ربه في ذي القعدة سنة 1206 رحمه الله وأسكنه فسيح الجنان .
علم الشيخ وصفاته :
كان الشيخ رحمه الله تعالى علماً من الأعلام ، ناصراً للسنة وقامعاً للبدعة ، خبيراً مطلعاً ، إماماً في لتفسير والحديث والفقه وأصوله ، وعلوم الآلة كالنحو والصرف والبيان ، عارفاً بأصول عقائد الإسلام وفروعها ، كشافاً للمشكلات ، حلالاً للمعضلات ، فصيح اللسان ، قوي الحجة ، مقتدراً على إبراز الأدلة وواضح البراهين بأبلغ عبارة وأبينها – تلوح على محياه علامات الصلاح وحسن السير ، وصفاء السريرة ، يحب العباد ويغدق عليهم من كرمه ويصلهم ببره وإحسانه ، ويخلص لله في النصح والإرشاد ، كثير الاشتغال بالذكر والعبادة ، قلما يفتر لسانه من ذكر الله .
وكان يعطي عطاء الواثق بربه ، ويتحمل الدَّين الكثير لضيوفه ومن يسأله . وكان عليه أبهة العظمة ، تنظره الناس بعين الإجلال والتعظيم مع كونه متصفاً بالتواضع واللين ، مع الغني والفقير ، والشريف والوضيع .
وكان يخص طلبة العلم بالمحبة الشديدة ، وينفق عليهم من ماله ، ويرشدهم على حسب استعدادهم .
وكان يجلس كل يوم، عدة مجالس ليلقي دروسه في مختلف العلوم، من توحيد ، وتفسير،وحديث ،وفقه ،وأُصول وسائر العلوم العربية.
وكان عالماً بدقائق التفسير والحديث،وله الخبرة التامة في علله ورجاله، غير ملول ولا كسول من التقرير والتحرير،والتأليف والتدريس.
وكان صبوراً عاقلاً ،حليماً ، لا يستفزه الغضب إلا أن تنتهك حرمة الدين أو تهان شعائر المسلمين ، فحينئذ يناضل بسيفه ولسانه ، معظماً للعلماء ، منوهاً بما لهم من الفضائل ، آمراً بالمعروف ، ناهياً عن المنكر ، غير صبور على البدع ، ينكر على فاعليها بلين ورفق، متجنباً الشدة والغضب والعنف ، إلا أن تدعو إليه الحاجة .
ولا غرو إذا اتصف الشيخ بتلك السجايا الحميدة ، والأخلاق الكريمة ، فقد ورث تلك عن آبائه وأسلافه الأبرار ،لأنهم كانوا معروفين بالعلم والفضل والزهد .
فقد كان جده سليمان بن علي عالم نجد في زمانه له اليد الطولي في كثير من الفنون ، فشدت إليه الرحال من أصقاع نجد لتحصيل العلوم .
قال ابن بشر : صنف مصنفات عديدة ، ودرّس وأفتي وأفاد طلاب العلوم من علمه الواسع .
وأبوه الشيخ عبد الوهاب قد كان عالماً كاملاً ، ورعاً ، وزاهداً ،له معرفة تامة في علوم الشريعة وآلاتها .
تولى القضاء في عدة أماكن من نجد ، منها العيينة ، وحريملا ، وله مؤلفات ورسائل مستحسنة ، فرحم الله الجميع رحمة واسعة .

bazilic
2010-04-05, 23:57
بارك الله فيك على النقل الموفق

وشكرا للأخوة أصحاب الردود التي أثرت الموضوع

أبو معاوية الفهري
2010-04-06, 14:15
جزاك الله خيرا على المقالة الرائعة والمفيدة

وجزى الله أصحاب المداخلاة المفيدة خيرا

أهل السنة والجماعة = أهل الحديث = أهل الاثر = غالب مجتهدي المذاهب الاربعة وغيرها = الدعوة الوهابية كما يقولون = الدعوة البادسية = السلفية = السنية == كلها دعوات للرجوع لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته في باب المعتقد والعبادة والسلوك

و الله هو الموفق