naili+farjawi
2010-07-03, 15:58
أهي..أم نحن السكارى؟ !!
(( ككل يوم وكل سنة تمر من حياتنا وحياتهم، تُقتل، أو نَـقتل فينا بعض الرجولة أو الأنوثة والكبرياء وحتى الكرامة، ونحيي كثيرا من الذل والخنوع والخضوع .. نوقظ بداخلنا العبودية والهوان...وكل هذا بالجرم المشهود و التلبس وسبق الإصرار والترصد.. ))
صباح أحد الأيام، ولجت محطة المسافرين لإحدى المدن الكبيرة ، سألت عن مكتب اقتطاع تذكرة النقل ، فدلوني عليه ، وأحضرت لنفسي واحدة ..
بطبعي تعودت وقوفي الخاص في الأماكن الجماعية ، فأنا أحب الملاحظة عن بعد منعزلا عن التجمعات ، قريبا منها قلبا لا قالبا..!
1/ - تراءت لي فتاة في مقتبل العمر ، تبدو لولهة أنها جميلة لأنها محتشمة اللباس ، تقف وقفة امرأة صلبة لا تبالي بمصاعب الحياة ومشاكلها ودروبها الوعرة ، لا تحسب حسابا لنظرات الذئاب المتربصة، تقتل بحيائها ونظرها الموجه –غالبا- نحو الأرض كل الأطماع وتضرب عرض الحائط بكل العروض..
لم أستطع الكذب على نفسي ولا الصبر، فهذا موقف قلّما أراه على كثرة تنقلي ، واستغربت كثيرا كيف بفتاة مثلها لا تزال مؤمنة بالحياء، والكرامة حتى في عدم الاختلاط ..!!
تمكنت بعد تردد وحوار ذاتي ، ومعركة شرسة مع نفسي ، أن أتوجه إليها لأرضي فضولي هذا.. و فعلا تيقنتُ أنك حين تحاول المشي نحو من تفرض على الناس احترامها وهيبتها ، تحس بثقل خطواتك، وتكاد تتحول عشرة أمتار إلى ألف متر ..!!
ابتدأتها بالسلام ، فرقعت نظرها نحوي وردت السلام بأحسن منه..أحسست نفسي متلعثما على غير عادتي ، فعيناها لا تدلان على الرغبة في الكلام أو الوقوف مع أحد غير ذاتها ..
استجمعت قواي وقررت أن أصارحها بسبب التوجه إليها والحديث معها ، وأقسمت أنها مهما تكن النتيجة سوف أفعل ..
- هل يزعجك أن أسألك ؟
أجابتني بثبات وثقة متناهية : تفضل أخي لا مشكل !!
-هل تعيشين حقا معنا ؟ (قصدت في قلبي بين ذئاب ، عفوا سكان الأرض ، وسط هذا المجتمع ..؟ )
بابتسامة متكلفة ، وبهدوء قالت : هل تمزح ؟ طبعا وهل تراني كائنا أتى من المريخ أو ما شابه ؟؟!!!
-أحسست بحرارة تصعد إلى رأسي ، لأن إجابتها مقنعة إلى حد كبير، رغم إحساسي أنها تفهم قصدي، سألتها مجددا موضحا أكثر :
-عفوا، لم أقصد ذلك ، ولكني استغربت حقيقة هذا الموقف الغريب ، غرابة وجودي معك الآن ؟
اعذرني ولكني لم أفهم أين الغرابة في هذا ؟ قالت هي.
- بصراحة هل فعلا يوجد في أيامنا بنات مثلك بهذا الحياء ، وتأبى الاختلاط لهذا الحد، رغم كل شيء ؟
قالت : أخي، رغم أني لا أعرفك، سأبين لك بعضا من وجهة نظري، هكذا تربيت على يد والدي حفظهما الله ، وهكذا أؤمن ..
ثم أترى التي تقف ويد الشاب بجانبها تطوقها كالثعبان؟ والأخرى التي لا يكاد لباسها يسمى لباسا ؟ وتلك التي تقهقه بصوت عال مع مجموعة من الشباب ...؟
-بلى ، وهذا ذاته سبب استغرابي !!
فابتسمت مجيبة : إن الله أعزنا بالإسلام ، وإن لم نشعر بذلك فالهوان والذل مآلنا ، وإني أرى الاستغراب على محياك طبيعيا وعاديا ، لأن الواقع انقلب رأسا على عقب ، وصار الباطل حقا والحق باطلا..
بربك هلا أجبتني بصراحة أخي : لو أردت الزواج فمن ستختار ذات الخلق والدين والحياء ، أم صاحبة القهقهات العالية والروائح الفواحة ، واللباس الفاضح ، والتعري الصارخ ..؟
-صُدمت بسؤالها ، لأنني السائل لا هي ، و رغم هذا الإحراج أجبتها بأن الفرق واضح بين هذه وتلك ، بين من ستصبح شريكة حياتي وشقيقة قلبي ، وبين من أراها دمية بلهاء لا تعي ما تلبس ولا ما تقول، حتى أنني لو أردت أن الجلوس بجانبها في الحافلة مجبرا سأفعل ذلك بكثير من الانزعاج حتما، لأن ذلك بالنسبة لي نوع من قلة الحياء وإهدار لكرامتي الشخصية ، فما بالك بها هي ذاتها ..؟؟ !!
قاطعتني معتزة برأيها، وإعجابها بوجهة نظرها : أرأيت الفرق الشاسع بين من جعلت إسلامها تربية وأصلا ، لا شعارا وادعاءا .. أرأيت نظرتك الشخصية التي تمقت من خلالها كل من تفضح نفسها غباءا ظنا منها تجلب النظر وتتلذذ بذلك وتنسى كل ما ينتظرها اليوم وغدا ؟
ولكن رغم هذا لا تعتقد أنني أفعل كل هذا إرضاءا للعباد ولا طمعا في زوج أفوز به ، ولا حتى أي بشر كان . ولكني أفعل هذا خوفا وطمعا في ربي الذي أعزني بدين الاسلام .
أحس أنني أحيانا أجاهد نفسي وأرفض رغباتها و أمانيها التي تراها الآن في الأخريات ، وهذا يشعرني براحة تامة ، ويقوّي فيّ مبادئي وقناعاتي ، والحمد لله.
-كدت أجلس دهشة ،وغمرني إحساسٌ بثقل شديد في أطرافي لكل ما سمعته ، ولم أستطع الرد ولا التعقيب على ما قالته، ببساطة لأنني عجزت عن قول أنها مثالية أو رائعة أو أي كلمة أخرى ، ليس فقدانا للكلمات أو التعابير، ولكــن خوفا من أن تفهمها على أنها نوع من الإعجاب ، وتقلب الأرض على رأسي ، وتعطيني درسا آخـــــــر...!!
-قالت في حياء : هل الجواب أرضى فضولك أخي ؟
اصطنعت بسمة على شفتي ، وفهمت أنها تريدين أن أتفضل من غير طرد !!
وقلت: بل أكثر من ذلك، أكثر الله من أمثالك أختاه، وفقك الباري لما يرضى ويحب .
وانسحبت في هدوء تام، مودعا إياها بتحية محترمة مختومة بسلام من الله ورحمة.
....يتبـــــع
(( ككل يوم وكل سنة تمر من حياتنا وحياتهم، تُقتل، أو نَـقتل فينا بعض الرجولة أو الأنوثة والكبرياء وحتى الكرامة، ونحيي كثيرا من الذل والخنوع والخضوع .. نوقظ بداخلنا العبودية والهوان...وكل هذا بالجرم المشهود و التلبس وسبق الإصرار والترصد.. ))
صباح أحد الأيام، ولجت محطة المسافرين لإحدى المدن الكبيرة ، سألت عن مكتب اقتطاع تذكرة النقل ، فدلوني عليه ، وأحضرت لنفسي واحدة ..
بطبعي تعودت وقوفي الخاص في الأماكن الجماعية ، فأنا أحب الملاحظة عن بعد منعزلا عن التجمعات ، قريبا منها قلبا لا قالبا..!
1/ - تراءت لي فتاة في مقتبل العمر ، تبدو لولهة أنها جميلة لأنها محتشمة اللباس ، تقف وقفة امرأة صلبة لا تبالي بمصاعب الحياة ومشاكلها ودروبها الوعرة ، لا تحسب حسابا لنظرات الذئاب المتربصة، تقتل بحيائها ونظرها الموجه –غالبا- نحو الأرض كل الأطماع وتضرب عرض الحائط بكل العروض..
لم أستطع الكذب على نفسي ولا الصبر، فهذا موقف قلّما أراه على كثرة تنقلي ، واستغربت كثيرا كيف بفتاة مثلها لا تزال مؤمنة بالحياء، والكرامة حتى في عدم الاختلاط ..!!
تمكنت بعد تردد وحوار ذاتي ، ومعركة شرسة مع نفسي ، أن أتوجه إليها لأرضي فضولي هذا.. و فعلا تيقنتُ أنك حين تحاول المشي نحو من تفرض على الناس احترامها وهيبتها ، تحس بثقل خطواتك، وتكاد تتحول عشرة أمتار إلى ألف متر ..!!
ابتدأتها بالسلام ، فرقعت نظرها نحوي وردت السلام بأحسن منه..أحسست نفسي متلعثما على غير عادتي ، فعيناها لا تدلان على الرغبة في الكلام أو الوقوف مع أحد غير ذاتها ..
استجمعت قواي وقررت أن أصارحها بسبب التوجه إليها والحديث معها ، وأقسمت أنها مهما تكن النتيجة سوف أفعل ..
- هل يزعجك أن أسألك ؟
أجابتني بثبات وثقة متناهية : تفضل أخي لا مشكل !!
-هل تعيشين حقا معنا ؟ (قصدت في قلبي بين ذئاب ، عفوا سكان الأرض ، وسط هذا المجتمع ..؟ )
بابتسامة متكلفة ، وبهدوء قالت : هل تمزح ؟ طبعا وهل تراني كائنا أتى من المريخ أو ما شابه ؟؟!!!
-أحسست بحرارة تصعد إلى رأسي ، لأن إجابتها مقنعة إلى حد كبير، رغم إحساسي أنها تفهم قصدي، سألتها مجددا موضحا أكثر :
-عفوا، لم أقصد ذلك ، ولكني استغربت حقيقة هذا الموقف الغريب ، غرابة وجودي معك الآن ؟
اعذرني ولكني لم أفهم أين الغرابة في هذا ؟ قالت هي.
- بصراحة هل فعلا يوجد في أيامنا بنات مثلك بهذا الحياء ، وتأبى الاختلاط لهذا الحد، رغم كل شيء ؟
قالت : أخي، رغم أني لا أعرفك، سأبين لك بعضا من وجهة نظري، هكذا تربيت على يد والدي حفظهما الله ، وهكذا أؤمن ..
ثم أترى التي تقف ويد الشاب بجانبها تطوقها كالثعبان؟ والأخرى التي لا يكاد لباسها يسمى لباسا ؟ وتلك التي تقهقه بصوت عال مع مجموعة من الشباب ...؟
-بلى ، وهذا ذاته سبب استغرابي !!
فابتسمت مجيبة : إن الله أعزنا بالإسلام ، وإن لم نشعر بذلك فالهوان والذل مآلنا ، وإني أرى الاستغراب على محياك طبيعيا وعاديا ، لأن الواقع انقلب رأسا على عقب ، وصار الباطل حقا والحق باطلا..
بربك هلا أجبتني بصراحة أخي : لو أردت الزواج فمن ستختار ذات الخلق والدين والحياء ، أم صاحبة القهقهات العالية والروائح الفواحة ، واللباس الفاضح ، والتعري الصارخ ..؟
-صُدمت بسؤالها ، لأنني السائل لا هي ، و رغم هذا الإحراج أجبتها بأن الفرق واضح بين هذه وتلك ، بين من ستصبح شريكة حياتي وشقيقة قلبي ، وبين من أراها دمية بلهاء لا تعي ما تلبس ولا ما تقول، حتى أنني لو أردت أن الجلوس بجانبها في الحافلة مجبرا سأفعل ذلك بكثير من الانزعاج حتما، لأن ذلك بالنسبة لي نوع من قلة الحياء وإهدار لكرامتي الشخصية ، فما بالك بها هي ذاتها ..؟؟ !!
قاطعتني معتزة برأيها، وإعجابها بوجهة نظرها : أرأيت الفرق الشاسع بين من جعلت إسلامها تربية وأصلا ، لا شعارا وادعاءا .. أرأيت نظرتك الشخصية التي تمقت من خلالها كل من تفضح نفسها غباءا ظنا منها تجلب النظر وتتلذذ بذلك وتنسى كل ما ينتظرها اليوم وغدا ؟
ولكن رغم هذا لا تعتقد أنني أفعل كل هذا إرضاءا للعباد ولا طمعا في زوج أفوز به ، ولا حتى أي بشر كان . ولكني أفعل هذا خوفا وطمعا في ربي الذي أعزني بدين الاسلام .
أحس أنني أحيانا أجاهد نفسي وأرفض رغباتها و أمانيها التي تراها الآن في الأخريات ، وهذا يشعرني براحة تامة ، ويقوّي فيّ مبادئي وقناعاتي ، والحمد لله.
-كدت أجلس دهشة ،وغمرني إحساسٌ بثقل شديد في أطرافي لكل ما سمعته ، ولم أستطع الرد ولا التعقيب على ما قالته، ببساطة لأنني عجزت عن قول أنها مثالية أو رائعة أو أي كلمة أخرى ، ليس فقدانا للكلمات أو التعابير، ولكــن خوفا من أن تفهمها على أنها نوع من الإعجاب ، وتقلب الأرض على رأسي ، وتعطيني درسا آخـــــــر...!!
-قالت في حياء : هل الجواب أرضى فضولك أخي ؟
اصطنعت بسمة على شفتي ، وفهمت أنها تريدين أن أتفضل من غير طرد !!
وقلت: بل أكثر من ذلك، أكثر الله من أمثالك أختاه، وفقك الباري لما يرضى ويحب .
وانسحبت في هدوء تام، مودعا إياها بتحية محترمة مختومة بسلام من الله ورحمة.
....يتبـــــع