المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مالية دولية


لبيب 45
2010-06-22, 14:13
موضوع من الانترنت
الفصل الأول

محتويات المقياس:
مقدمة حول النظام النقدي والمالي والتجارة الدولية
الفصل الأول : ميزان المدفوعات
1- 1 : تعريف ميزات المدفوعات
1- 2 : عناصر ميزان المدفوعات
1- 3 : أقسام ميزان المدفوعات
1- 4 : ميزان العمليات التجارية :
أ- الميزان التجاري
ب- ميزان الخدمات

الفصل الثاني: سوق الصرف الأجنبي ( بورصة العملات الأجنبية )
2- 1 : تعريف سوق الصرف الأجنبي
2- 2 : وظائف سوق الصرف الأجنبي
2- 3 : توازن سوق الصرف الأجنبي
2- 4 : عمليات سوق الصرف الأجنبي
2- 5 : تحديد سعر العملة في سوق الصرف الأجنبي
2- 6 : التغطية
2- 7 : التحكيم
2- 8 : المضاربة


الفصل الثالث : سوق الأوراق المالية ( بورصة الأوراق المالية
3- 1 : تعريف سوق الأوراق المالية
3- 2 : وظائف سوق الأوراق المالية
3- 3 : تسعيرة الأوراق المالية :
أ- الأوامر وطرق التسعيرة
3- 4 : عمليات بورصة الأوراق المالية :
أ- العمليات العاجلة
ب- العمليات الآجلة
3- 5 : العلاقات البورصية الدولية
3- 6 : بورصات شمال أمريكا
3- 7 : البورصات الأسيوية
3- 8 : البورصات الأوربية

الفصل الرابع : تمويل العمليات الدولية
4- 1 : تمويل التجارة الدولية
4- 2 : تمويل الاستثمارات الدولية
4- 3 : الأسواق المالية الدولية

الفصل الخامس : الخطر المالي الدولي
5- 1 : تكوين المديونية العالمية
5- 2 : أسباب المديونية العالمية
5- 3 : مكونات المديونية العالمية
5- 4 : تطور نظام المديونية العالمية
5- 5 : الأزمة المالية الدولية








مـقـدمــة

أ- نظام النقد الدولي
يتألف نظام النقد الدولي من مجموعة متشعبة من الأجهزة المصرفية، والسلطات النقدية في مختلف الدول ، ومن المؤسسات الدولية في مجالات النقد والصرف والائتمان . وهي المؤسسات التي تنظم مجتمعة وسائل الدفع والائتمان في ضوء الاتفاقيات الحكومية والخاصة التي تحكم العلاقات المالية الدولية.. ويتأثر نظام النقد الدولي بالعلاقات الاقتصادية والسياسية التي تربط بين الدول المشتركة فيه . وينعكس تضارب المصالح الوطنية حتما على ذلك النظام . ولكن هذا التضارب يجد حلولا في النهاية ، لأن المحافظة على نظام نقدي دولي يفترض ضوابط مشتركة على تصرفات الدول وسياستها بقصد تأمين حسن سير الاقتصاد الدولي .
والحكومات هي التي تحدد الإطار التنظيمي لنظام النقد الدولي ، كما تحدد النظم النقدية الداخلية الخاصة بها ، وعندما كانت الدول تسير على نظام معدني ، كان الذهب أو الفضة في الواقع " عملة مشتركة " ، وكان النظام الدولي متناهيا في البساطة ، ولكنه مع تطور النقود الورقية والائتمان المصرفي ، وهي خاضعة لسيادة الدولة ودورها في فرض السياسات الاقتصادية المستقلة ، أصبح من الصعوبة بمكان التوفيق بين مختلف المصالح الوطنية . ولذلك تعرض نظام النقد الدولي خلال السنوات الأخيرة لاضطرابات متتالية كانت رد فعل للأزمات التي انتابت النظام السياسي الدولي .
وبعد الحرب العالمية الثانية ، أمكن السير قدما في إرساء دعائم نظام نقد دولي يقوم على الرشادة وضوابط مشتركة على تصرفات الدول . وكان الهدف النهائي إيجاد عملة دولية . ولا يزال هذا الهدف بعيد المنال ، إلا أنه يراودنا الأمل في أن يسير التطور مستقبلا في هذا الاتجاه.


- السمات الرئيسية لنظام النقد الدولي

إن استخدام النقود ، سواء على المستوى الوطني أو الدولي ، ليس هدفا في ذاته.. فالنقود ما هي إلا وسيلة لتسهيل تبادل السلع والخدمات والأصول المالية ، وتتميز بأنها ذات تأثير قوي في المتغيرات الاقتصادية الرئيسية ، وبخاصة في الطلب والادخار والاستثمار .
والدور الرئيسي لنظام النقد الدولي هو إتاحة التوزيع الأمثل للموارد بين الدول عن طريق التجارة الدولية والاستثمار العالمي . وبالرغم من أن هذا النظام ليس المحرك الأول لهذه التدفقات ، وليس العامل الوحيد في تحديد حجمها أو اتجاهها ، فإنه يترتب على اختلاله من آن لآخر آثار خطيرة .
ويفترض حسن أداء أي نظام للنقد الدولي أن تقبل الدول الأعضاء حدا أدنى من المبادئ المشتركة ، ويعمل هذا النظام في ظل اقتصاديات السوق التي تعطي وزنا كبيرا لدور الأسعار في توزيع الثروة وإنتاجها ، وفي الدول التي تمارس النظام الشمولي وحيث الأسعار تحكمية إلى حد كبير ، يقتصر دور نظام النقد الدولي على تسوية المدفوعات الرسمية عن طريق حسابات المقاصة ، دون أن يكون له دور مستقل في تحقيق التوازن الدولي أو الداخلي .

أولا : الأهداف طويلة الأجل
تقاس كفاءة نظام النقد الدولي في الأجل الطويل بالمعايير التالية :
(أ) – مدى نجاحه في تنمية التبادل الدولي في السلع والخدمات ورؤوس الأموال ، وفي رفع إنتاجية عوامل الإنتاج إلى أقصى حد مستطاع على المحيط الدولي .
(ب)- مدى نجاحه في تحقيق استقرار الأسعار الدولية ، أي اجتناب حدوث التضخم أو الانكماش لفترات طويلة في الدول الكبيرة .
(ج)- مدى نجاحه في التنسيق بين الضغوط الداخلية والضغوط الخارجية وفي قصر تبديد موارد الانتاج المترتبة على عملية التنسيق في أضيق الحدود ، والعمل على أن يكون التفاوت في توزيع تلك الموارد في نطاق ضيق .
ومن المسلم به أن النكسات المالية العامة في هذه المجالات ترجع إلى عامل مشترك ، ألا وهو الاضطرابات النقدية . ولكن هذا القول إلا افتراضا ، إذ تكون هناك أسباب أخرى ، ومن العسير على أية حال تحديد المسئولية عن الإخفاق أو النجاح ، وهل هي راجعة إلى نظام النقد أو إلى السياسات الوطنية في الدول المختلفة ؟ . ومن ثم فإن الصفة الرئيسية لنظام نقد دولي ناجح هي قيامه بتوجيه السياسات الوطنية وجهة من شأنها تحقيق المصلحة للدول في نفس الوقت وبطريقة تلقائية


ثانيا : الأهداف المتوسطة الأجل
ومن الناحية الفنية يشترط أي نظام للنقد الدولي أداء عدد من الخدمات وتحقيق عدد من الأهداف.
1- قابلية تحويل العملات بعضها إلى بعض : من المعلوم أن حرية المعاملات الجارية والمدفوعات المتعلقة بها شرط لازم لقيام الاقتصاد الدولي الذي يضم دول الاقتصاد الحر . كما أن هناك عدة مزايا يحققها نظام الدفع متعدد الأطراف وهو بذلك مفضل على النظم التي تقوم على أساس التسويات الثنائية.
وقابلية تحويل العملات بعضها إلى بعض هي الأداة الفنية التي تسمح بتحقيق هذين الشرطين في آن واحد . ومن الوجهة العلمية ، يفترض هذا النظام ، على أقل تقدير، أن تمتنع الدول المشتركة في نظام النقد الدولي عن فرض قيود على المدفوعات الجارية ، ويعني أيضا أن تقوم هذه الدول بتحديد أسعار صرف العملات الأجنبية في مستوى يسمح باستقرار أسعار الصرف المشتقة ، سواء عن طريق المراجحة في أسواق الصرف ، أو عن طريق تدخل السلطات الرسمية.

2- استقرار أسعار الصرف : إن هذا الاستقرار لا يعني بأية حال الثبات المطلق أو الدائم لأسعار تعادل العملات المختلفة ، أو لأسعار الصرف في جميع الأسواق .غير أنه يكون في بعض الظروف تعديل سعر صرف عملة ما أفضل وسيلة لإعادة توازن ميزان المدفوعات .غير أن الإسراف في تعديل أسعار الصرف قد تنجر عنه مخاطر للاقتصاد العالمي . ومن ثم يجب أن يزود نظام النقد الدولي بضمانات لمنع مثل هذا التلاعب ، مع السماح بقدر كاف من المرونة حتى تتكيف أسعار الصرف مع ظروف التوازن الداخلية والخارجية .

3- توفير العملات الدولية : والسمة الرئيسية الثالثة لنظام نقد دولي قوي هي احتفاظ الدولة بعملــة ( أو أكثر) تقبلها الدول الأخرى المشتركة عن طيب خاطر ، ولا تثور حول مستقبلها الشكوك. أي عملة دولية تلقى قبولا عاما .

ب- التجارة الدولية

تحتل التجارة الدولية مكانة عظيمة الأهمية في الحياة الاقتصادية بمختلف الشعوب ، ولا أدل على ذلك من قيامها بين الشعوب المختلفة ، منذ أقدم العصور . حيث كان تبادل السلع والأحجار الكريمة والعقاقير والأسلحة معروفا فيما بينها.
وتطورت المبادلات الخارجية خلال القرون التالية ، بصورة ولسعة وسريعة . فلم تعد المبادلات تقتصر على السلع البدائية ، بل تجاوزتها إلى سلع مهمة ، كالأنسجة والأدوات والمواد الغدائية ، والمعادن وغيرها من السلع الضرورية ,
وقد تميزت بداية القرون الوسطى بركود خيم على العلاقات الاقتصادية الدولية ، فشمل المبادلات التجارية . إذ زالت آثار الصناعة ، وتحولت المدن الصناعية إلى قرى زراعية ، وتقلص الإنتاج الداخلي بشكل ملحوظ . إلا أن انهيار النظام الإقطاعي ، وظهور فكرة الدولة – كوحدة مستقلة - ، واستخدام النقود كواسطة للمبادلات التجارية ، وظهور نظام الطوائف المهنية ، وزيادة النشاط الاقتصادي في المدن ،قد ساعد على زيادة المبادلات ، واتساع نطاق التجارة الداخلية والخارجية .
وفي العصور الحديثة يلاحظ أن التجارة الدولية ، قد تأثرت بعدة بأمور وهي :
1- اكتشاف العالم الجديد بموارده الطبيعية الضخمة .
2- اكتشاف البخار واختراع الأدوات الآلية واستخدامها في الإنتاج .
3- قيام الثورة الصناعية في آخر القرن الثامن عشر .
4- ظهور مؤسسات الائتمان والصيرفة ، وانتشارها في المراكز والمدن ، مما كان له أكبر الأثر في تسهيل حركات السلع والأموال والعمال .
5- ظهور الأسواق وانتشارها واتساعها وتركزها ، ولاسيما الأسواق التجارية ثم الأسواق المالية .
وكان من نتائج هذه الأمور ، أن اتسع نطاق التجارة الدولية ، لا من حيث البلاد المشتركة فقط ، بل أيضا من حيث السلع التي تتناولها .
والواقع أن أية دولة لا تستطيع مهما كانت تميل إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي ، وإن كانت غنية بمواردها الطبيعية ، أن تعيش في عزلة عن سائر الدول الأخرى . فهي لا تستطيع أن تستغني عنهـا ، لتصريف فائض إنتاجها والانتفاع بمزايا تخصصها إلى أقصى حد ، كما أنها تحتاج إلى غيرها للحصول على السلع والخدمات ، التي لا تستطيع انتاجها أو تنتجها بتكاليف مرتفعة نسبيا. فالواقع أن مبدأ تقسيم العمل والتخصص يطبق على المستوى الدولي ، كما يطبق داخل الدولة أو داخل المصنع .
ولم يكن للعالم من تشابك في المصالح ، مثلما كان فيه اليوم من تشابك وتعقيد تبرز أهميته يوما بعد يوم .


الفصل الأول: ميزان المدفوعات
كانت طبيعة المبادلات الدولية واضحة تماما، في العصور القديمة عندما كانت المعاملات التجارية تتكون على الغالب من تصدير واستيراد السلع المادية. كما كانت عمليات المقايضة شائعة نوعا ما. وفي الوقت الحاضر اتجهت الطبيعة التبادلية لأية دولة من الدول، نحو تبادل السلع المادية والخدمات والاستثمارات الخارجية.
أ- تعريف ميزان المدفوعات:
يقصد بميزان المدفوعات لدولة ما، ذلك البيان المنظم الذي يسجل جميع المعاملات الاقتصادية الخارجية، التي تتم في فترة معينة من الزمن، اتفق على تحديدها بسنة بين المقيمين في تلك الدولة، والعالم الخارجي، أي غير المقيمين، حيث ينشأ عنها حقوق لتلك الدولة على العالم الخارجي، أو ديون، أو التزامات عليها قبل العالم الخارجي. ولبيان ما يجري قيده في ميزان المدفوعات، يجب معرفة أنواع المعاملات الاقتصادية الدولية، التي تنشئ حقوقا وديونا دولية، وهذه المعاملات هي:
- تصدير واستيراد السلع المادية:
يشمل هذا البند الصادرات "فوب" تحت الجانب الدائن، والواردات "سيف" تحت الجانب المدين. ويعتبر هذا البند من أهم البنود في ميزان المدفوعات، ويسجل عادة إحصائيات الجمارك. وهو ما يطلق عليه الصادرات والواردات المنظورة، ويتألف منها الميزان التجاري، لأنه بمثابة بيان للحقوق، والدين الناجمة عن السلع المنظورة.
- تصدير واستيراد الخدمات الاقتصادية:
مثال دلك خدمات نقل الركاب وشحن السلع، التي تقدمها سفن بلد ما إلى بلد آخر، وخدمات المؤسسات المصرفية والمالية، كإصدار القروض وعمليات الخصم، التي تستلزم دفع العمولة، وخدمات التأمين وعمليات التوكيل والدلالة والعمولة، وغير ذلك من الخدمات.
ـ مصروفات السفر أو السياحة :
يمثل هذا جميع المدفوعات، والمتحصلات من السلع والخدمات، التي تقدمها دولة ما إلى الأجانب، أثناء إقامتهم بها أو العكس. فإذا زار البلد "س" سائحون أجانب، فإن البلد "س" يقدم لهم بضائع وخدمات. وتسجل المصروفات التي ينفقها الأجانب في الدولة أثناء إقامتهم بها سواء أكانت هذه الإقامة بغرض السياحة أم العمل أو الدراسة أو العلاج في الجانب الدائن "المقبوضات" من ميزان المدفوعات، كما يسجل في الجانب المدين " المدفوعات" المصروفات التي ينفقها مواطنو البلد "س" خارج الدولة، والتي تشمل نفقات سفرهم وإقامتهم في الخارج.
- إيرادات الاستثمار:
يمثل هذا البند إيرادات استثمارات الدولة في الخارج، وإيرادات استثمارات الأجانب في الدولة، كإيرادات الأوراق المالية الأجنبية، والودائع بالبنوك الأجنبية، وفوائد القروض الخارجية والعقارات وأرباح فروع الشركات في الخارج، وأرباح الاستثمارات المباشرة، وهي المشروعات التي يسيطر المستثمرون الأجانب على نشاطها وسياستها.
- الذهب غير النقدي:
يخصص هذا البند لتسجيل صادرات وواردات الذهب غير النقدي، فضلا عن المعاملات المتعلقة بالذهب بين المقيمين والسلطة النقدية في دولة ما، ذلك أن الاحتياطات الرسمية من الذهب والعملات الأجنبية، تزداد تبعا لشراء السلطات النقدية الذهب من القطاع الخاص، وتقل تلك الاحتياطات في حالة شراء القطاع الخاص للذهب من السلطات النقدية. والمقصود بالذهب غير النقدي، هو الذهب الذي يتم التعامل عليه كأية سلعة أخرى، بعيدا عن السلطات النقدية. ويسجل في الجانب الدائن من هذا البند – قيمة مشتريات السلطات النقدية من الذهب غير النقدي سواء أكان من الخارج أم من القطاع الخاص في الداخل. ومن الطبيعي أن تحويل الذهب غير النقدي، إلى ذهب نقدي مملوك للسلطات النقدية، أو تحويل الذهب النقدي المملوك للسلطات النقدية، إلى ذهب غير نقدي، يجب أن يظهر في ميزان المدفوعات على أساس أنه يؤثر على الأصول الاحتياطية للدولة في حساب رأس المال – بالزيادة أو النقص – حسب الحالة لأن الذهب غير النقدي لا يظهر كاحتياطي نقدي للدولة، بينما يظهر الذهب النقدي لذلك
ـ النفقات الحكومية:
ويشمل هذا البند النفقات الحكومية، التي تنفقها حكومة الدولة في الخارج، أو التي تنفقها حكومات الدول الأخرى في الدولة، وذلك بالنسبة للسلع والخدمات، كمصروفات السلك الدبلوماسي.
- الخدمات الأخرى:
تظهر تحت هذا البند الإيرادات والمدفوعات الأخرى، التي تمثل التأمين على غير الصادرات والواردات والعمولات المختلفة، ونفقات الإعلان والأفلام وغير ذلك من الأغراض.
- التعويضات والهدايا والمساعدات المالية:
ويطلق على هذه التعويضات والهدايا والمساعدات والهبات اسم ( مدفوعات من جانب واحد )، لأنها تستدعي انتقال رأس المال من جهة واحدة، هي جهة البلد الذي يرسله دون أن يقوم أي التزام على عاتق البلد المرسل إليه برده في المستقبل أو بدفع فوائد وأرباح عنه.
- حركات رؤوس الأموال:
يعتبر انتقال رؤوس الأموال وسيلة لخلق حقوق وديون بين طرفي الالتزام، أي بين الدولة التي صدرت رؤوس الأموال، والدولة التي استوردتها. إذ تترتب ديون لمصلحة الدولة، صاحبة الأموال المستثمرة، وتترتب ديون بذمة الدولة التي توظف فيها هذه الأموال أو القروض. ويدرج تحت هذا البند القروض والالتزامات، وتحويل قيمة الأوراق المالية ورأس المال الوارد والمصدر لغرض الاستثمار.
- حركات الذهب النقدي:
يسجل تحت هذا البند حركات الذهب النقدي، والأرصدة الثنائية المتعلقة باتفاقات الدفع وتسديد الحصص في صندوق النقد الدولي سواء أكان في ذلك الجزء المسدد بالذهب أم الجزء المسدد بالعملة المحلية للدولة، والالتزامات قبل الصندوق، كما أنه قد يرسل من بلد لآخر، لتسديد عجز في ميزان المدفوعات. وفي هذه الحالة يكون انتقال الذهب حركة موازنة مثل حركات رؤوس الأموال (قصيرة الأجل).


ب- أقسام ميزان المدفوعات :
ينقسم ميزان المدفوعات إلى قسمين هما قسم المقبوضات أو الدائن من جهة والمدفوعات أو المدين من جهة أخرى. فالمقبوضات تعادل دوما المدفوعات. أي أن ميزان المدفوعات، يجب دائما أن يكون متوازنا من الناحية الحسابية. فالعمليات التي تدرج في ميزان المدفوعات، تتفق مع ما يعرف في النظام المحاسبي بنظرية القيد المزدوج، حيث أن كل عملية تتضمن جانبين: جانب مدين وجانب دائن. فالصادرات – على سبيل المثال – تدرج في الجانب الدائن، والجانب المدين لها هو الزيادة في الاحتياطي النقدي للدولة، بما يعادل قيمة هذه الصادرات، أو زيادة التزامات المستوردين الأجانب في حالة عدم سداد قيمة هذه الصادرات نقدا. أما الواردات فتدرج في الجانب المدين، والجانب الدائن لها هو نقص في الاحتياطيات النقدية في حالة دفع القيمة نقدا، أو زيادة المديونية من قبل المصدرين الأجانب في حالة سداد القيمة بالائتمان. والقيود في ميزان المدفوعات لاتدرج كالقيود المحاسبية، وإنما تدرج بشكل آخر، حيث يوجد جانبان: جانب المقبوضات ويدرج به البنود المختلفة للمقبوضات، سواء أتم التحصيل نقدا أم عن طريق تخفيض الالتزامات، أو عن طريق حقوق للدولة المصدرة الخ... وجانب المدفوعات سواء أتم الدفع نقدا أم عن طريق زيادة الالتزامات، أم عن طريق الدولة الخ...
نفرض أن مؤسسة جزائرية، صدرت بضاعة إلى عميل لها في تونس، بقيمة مليون د.ج ، فهذه الصفقة تستدعي تسجيل عمليتين في حساب ميزان المدفوعات، لكل من الدولتين. فتسجيل الجزائر يسجل في الطرف الدائن، وفي تونس تسجل صفقة الاستيراد في طرف المدفوعات.. إلا أننا قلنا بأن للصفقة جانبان في كل بلد. فتسجيل القيد الثاني في الجزائر في جهة المدفوعات، يتوقف على كيفية تمويل صفقة التصدير. فإذا دفع المستورد التونسي قيمة البضاعة مما يملكه من الدينارات الجزائرية، فتكون مادة المدفوعات بالنسبة للجزائر، هي عبارة عن خروج رأس مال بما يعادل هذه القيمة. وإذا اشترى العميل التونسي البضاعة بعملة تونسية، كان قد دفعها في بنك تونسي لمصلحة المصدر الجزائري، فهذه العملية أيضا تتضمن خروج رأس مال أو صفقة (مدفوعات) تقبل وتساوي صفقة الأصول. وإذا كان المصدر الجزائري قد منح القيمة إلى عميله التونسي، فمادة المدفوعات في هذه الحالة هــي "منحة" وهكذا...


ذكرنا بأن ميزان المدفوعات ينقسم إلى قسمين، وهما قسم المقبوضات من جهة، والمدفوعات من جهة أخرى. وفيما يلي تقسيم أساسي لميزان المدفوعات يسهل كثيرا في الدراسة النظرية أو العملية المتعلقة به. وهذا التقسيم يتكون من ثلاث زمر رئيسية هي: ميزان العمليات الجارية، وميزان العمليات الرأسمالية، وميزان التسويات الرسمية.
يشمل ميزان العمليات الجارية على جميع الصفقات، التي تنشأ عنها إضافة إلى الدخل الوطني، إذا كانت في طرف المقبوضات أو استهلاك (نقص) في الدخل الوطني، إذا كانت في طرف المدفوعات. ومن المعلوم أن الإنتاج (أو الدخل) الوطني يساوي ما يلي:
1- نفقات الاستهلاك الخاصة، ونفقات استهلاك الحكومة، مضافا إليها:
2- نفقات الاستثمار الثابتة، مضافا إليها:
3- الزيادة في المخزون، مضافا إليها:
4- قيمة الصادرات من البضائع والخدمات، مطروحا منها قيمة المستوردات من البضائع والخدمات. وتمثل الفقرة الأخيرة من حساب الدخل الوطني الحساب الجاري في ميزان المدفوعات.
ويتضمن حساب ميزان العمليات الرأسمالية، جميع التغيرات في الالتزامات المالية للدولة موضوع البحث أمام الدول الأخرى.
ويفصل عادة حساب الذهب عن حساب البضائع المستوردة والمصدرة، لما له من وظيفة نقدية في النظام المصرفي، وفي ميزان المدفوعات.
أما حساب الأخطاء والإغفالات، فما هو إلا مادة لتأمين التوازن الحسابي عمليا في ميزان المدفوعات.
1-ميزان الحسابات الجارية
يشتمل هذا الحساب، كما سبقت الإشارة إليه، على الصفقات الدولية التي تؤدي إلى زيادة أو نقصان في الدخل الوطني، خلال فترة السنة الجارية، ويشمل هذا الميزان:
أ- الميزان التجاري: ويسجل الحقوق والديون، المتعلقة بتصدير واستيراد السلع، ويسمى أحيانا بميزان التجارة المنظورة، لأنه يشير إلى حركات السلع المادية التي تعبر الحدود. ويعتبر الميزان التجاري رابحا ( موافقا ) عندما تزيد قيمة الصادرات على قيمة الواردات، ويعتبر خاسرا ( غير موافق ) عندما يحصل العكس. على أنه مما تجب الإشارة إليه أن التفرقة بين الميزان التجاري الموافق، والميزان التجاري غير الموافق، هي فكرة اقتصادية قديمة يرجع أصلها إلى سياسة التجاريين، الذين كان من مبادئهم الأساسية أن تحصل الدولة على فائض من معاملاتها التجارية على شكل معادن نفيسة، وذلك بتصدير أكبر ما يمكن، واستيراد أقل ما يمكن من السلع. والواقع أن تصدير السلع إلى الخارج، ما هو إلا مجرد وسيلة للحصول على المنتجات الأجنبية، كما أن جمع المعادن النفيسة لغرض اكتنازها في الدولة، لا يمكن أن يكون في حد ذاته ذا فائدة كبيرة، بالنسبة للدولة. فإذا صرفنا النظر عن الفائدة المحدودة لهذه المعادن في الصناعة، فإن فائدتها تكاد تكون قاصرة على تمكين الدولة من استيراد ما تحتاج إليه من الخارج.
وبالإضافة إلى ما تقدم، فإن الصادرات والواردات المنظورة التي يشملها الميزان التجاري لا تمثل –رغم أهميتها- سوى عنصر واحد فقط من معاملات الدولة مع العالم الخارجي. وقد يكون الميزان التجاري لدولة ما " غير موافق " ومع ذلك تعوض مديونيتها في حركة التجارة الظاهرة عن طريق دائنيتها في المعاملات المستترة ( أو غير المنظورة). وبناء على ذلك، فإن مجرد كون الميزان التجاري "غير موافق" لا يصح أن يؤخذ دليلا على الحالة الاقتصادية في البلاد.بل الواقع أن الميزان التجاري " غير الموافق " قد يكون في بعض الظروف في مصلحة الدولة، إذا كان لها رؤوس أموال كثيرة مستثمرة في الخارج وتدر عليها فوائد سنوية كبيرة، كما أنه يكون في ظروف أخرى أمرا لا بد منه لتحقيق التقدم الاقتصادي في الدول النامية، التي تنفد برامج استثمارية واسعة النطاق للتنمية الاقتصادية.
ب- ميزان الخدمات: ويسجل الحقوق والديون الناشئة عن تبادل الخدمات بأنواعها المختلفة، ( خدمات البنوك، ورسوم الموانئ، وشركات الطيران وشركات الملاحة البحرية، والممرات الدولية وخدمات النقل، والعمولات التجارية، والأرباح والعوائد، المتعلقة بمرور وإقامة السواح الأجانب أو الطلبة الغرباء الذين يتلقون العلم في البلاد ن وينفقون فيها أموالا ترد إليهم من بلادهم الأصلية )، بالإضافة إلى ريع الاستثمارات في الخارج ( فوائد رؤوس الأموال المستثمرة في الخارج، كفوائد الأسهم والسندات التي يمتلكها المواطنون )، والأجور المحصلة من غير المقيمين، والهبات الممنوحة من الأجانب ( غير المقيمين ) ورواتب الممثلين الدبلوماسيين، وكذلك إرساليات أو حوالات المهاجرين لأقاربهم في الدولة، ويطلق على هذا الميزان ميزان التجارة غير المنظورة.
2- ميزان العمليات الرأسمالية:
وهو يسجل الحقوق والديون الناشئة عن انتقال الأنواع المختلفة لرؤوس الموال بصفة عامة، مع التمييز بيمن المعاملات الرأسمالية طويلة الأجل، وبين المعاملات الرأسمالية قصيرة الأجل.
وتتمثل المعاملات الرأسمالية طويلة الأجل في شراء الأسهم والسندات الأجنبية، أو القيام بالاستثمارات المباشرة في الخارج, وتقيد القروض الأجنبية وأقساط سداد القروض الرأسمالية الوطنية بالخارج وكذلك الاستثمارات التي يأتي الأجانب لإقامتها برؤوس أموالهم ومباشرة أعمالهم، في الجانب الدائن في حساب رأس المال لأنها تمثل أرصدة من العملات الأجنبية، تتدفق إلى داخل البلد والعكس بالنسبة للقروض الرأسمالية الوطنية إلى الأجانب وأقساط سداد القروض الرأسمالية الأجنبية من جانب المواطنين أو الحكومة، وكذلك الاستثمارات المباشرة التي يقوم بها المواطنون من الأفراد أو الشركات في دول أجنبية. فجميع هذه التدفقات الرأسمالية إلى خارج البلد، تقيد في الجانب المدين في حساب رأس المال.
والقسم الثاني من حساب العمليات الرأسمالية يخص حركات رؤوس الأموال قصيرة الأجل، التي تتم بصفة تلقائية. فتحركات رؤوس الأموال قصيرة الأجل، إلى البلد تقيد في الجانب الدائن. أما تلك التي تأخذ طريقها إلى خارج البلد فتقيد في الجانب المدين. إن تنقلات رؤوس الأموال قصيرة الأجل تنشط إذا كانت إجراءات الرقابة على النقد الأجنبي، لا تحظر هذا النوع من العمليات لتحقيق أغراض عدة منها:
- إذا كان سعر الخصم مرتفعا في دولة أجنبية، إذ يكثر حينئذ تحويل الأموال الوطنية إلى أموال بعملة هذه الدولة، لشراء الأوراق التجارية الواجبة الدفع بها، والانتفاع بالسعر العالي للفائدة.
- لغرض المراقبة ويحدث عند توقيع الأفراد تخفيض قيمة عملتهم الوطنية، إذ يكثر طلب تحويل العملة الوطنية إلى أموال تودع في البلاد الأجنبية.
ويراد برؤوس الأموال قصيرة الأجل، أدوات الائتمان المستحقة الدفع لدى الطلب، أو التي لا يتجاوز أجل استحقاقها سنة واحدة. ومثال النوع الأول الودائع الجارية، ومثال النوع الثاني الودائع لأجل، واذونات الخزانة والأوراق التجارية وغيرها من أدوات الائتمان.
3 - ميزان التسويات الرسمية :
يقيس ميزان التسويات الرسمية التغير في الإلتزامات السائلة واللاسائلة للحائزين الرسميين الأجانب، والتغير في الأصول الاحتياطية الرسمية للقطر خلال السنة. وتشير الأصول الاحتياطية الرسمية للقطر إلى ما في حوزته من ذهب وعملات قابلة للتحويل وحقوق سحب خاصة ، ومركز الذهب الخاص بها في صندوق النقد الدولي (fmi)، وزيادة التزامات القطر نحو الحائزين الرسميين الأجانب ، والنقص في الأصول الاحتياطية الرسمية للقطر، هما عنصران دائنان (+)، بينما النقص في التزامات القطر نحو الحائزين الرسميين الأجانب ، والزيادة في أصوله الاحتياطية الرسمية هما عنصران مدينان (-) .
ج- العجز والفائض في ميزان المدفوعات :
كثيرا ما نتحدث أو نقرأ عن توازن ميزان المدفوعات ، أو اختلال ميزان المدفوعات ، دون أن نتبين بوضوح معنى هذا اللفظ أو ذاك . والواقع أن ميزان المدفوعات قد يبدو في مظهره متوازنا ، وهو يخفي في طياته اختلالا جوهريا ليس بالضرورة في الميزان ذاته ، بل في الهيكل الإقتصادي للدولة ، الذي يعكسه الميزان في معاملات هذه الدولة مع العالم الخارجي . وقد يبدو من نظرة سطحية أن ميزان المدفوعات مختل ، وهو في حقيقة الأمر أبعد ما يكون عن ذلك . فما هو المقصود فعلا بالتوازن أو الاختلال في ميزان المدفوعات .
للرد على ذلك يمكننا أن نفرق بين التوازن الحسابي لميزان المدفوعات ، والتوازن الاقتصادي بكل ما في هذه الكلمة من معنى .
فحينما يقال بأن هناك عجزا أوفائضا في ميزان المدفوعات ، فلإن الاقتصاديين يقصدون على وجه التحديد النتيجة النهائية ، أو الرصيد الصافي للمعاملات الجارية والرأسمالية معا. وبعد إجراء التسوية الحسابية للعجز أو الفائض بواسطة التحركات في الذهب النقدي ، ورصيد العملات الأجنبية والودائع الجارية ، والأصول الأجنبية (قصيرة الأجل) وموارد صندوق النقد الدولي ، وغير ذلك من عناصر الاحتياطات الدولية ، يصبح ميزان المدفوعات متوازنا من الناحية الحسابية – أي يحدث تعادل أو تكافؤ حسابي ، بين مجموع العناصر الدائنة والعناصر المدينة في ميزان المدفوعات – ومثل هذا التوازن الحسابي يجب أن يفرق تماما عن التوازن بالمفهوم الاقتصادي ، الذي يمكن أن يتحقق لو تساوى مجموع الجانب المدين في ميزاني المعاملات الجارية والرأسمالية مع مجموع الجانب الدائن فيها . فالتوازن الحسابي هو "توازن حتمي" لا بد أن يتم . أما التوازن بالمفهوم الاقتصادي فله ظروف خاصة، يتحقق فيها ، فإن لم تتوفر هذه الظروف فلن يتحقق .
أسباب الاختلال من الناحية الاقتصادية :
يكون ميزان المدفوعات متوازنا ، من الناحية الاقتصادية ، إذا لم يتمخض الرصيد الاجمالي للعمليات الجارية والعمليات الرأسمالية (طويلة الأجل) عن فائض أوعجز ، وتطلب بالتالي تمويلا وتعويضا عن طريق السلطات النقدية . والواقع أن الفائض أوالعجز في ميزان المدفوعات ، قد ينشأ بسبب عدم توان العمليات الجارية المنظورة وغير المنظورة ، أو عدم توازن التحويلات الرأسمالية التلقائية أو طويلة الأجل . وقد يخفف رصيد أحد الجانبين من حدة اختلال الجانب الآخر ، كأن يقلل الرصيد الإجمالي للعمليات الرأسمالية ، مثلا من حدة العجز في رصيد العمليات الجارية وهكذا.
ولهذا يندر أن يتساوى طرفا ميزان المدفوعات ، فقد يكون هناك عجز أي أن المدفوعات تفوق الإيرادات . ويترتب على هذه النتيجة وجود عجز في العملات الأجنبية لدى الدولة ، وقد يكون هذا العجز مؤقتا أو دائما .
يعود السبب الرئيسي في العجز المؤقت إلى عدة عوامل منها:
- الإضرابات العمالية في البلدان المتقدمة صناعيا.
- اختلال الأحوال الجوية ، أو بسبب الفيضانات أو الأوبئة التي تصيب البلدان الزراعية .
- العوامل السياسية والعسكرية ، التي تؤدي إلى تدهور معدلات الصادرات .
ويعود السبب في العجز الدائم إلى ما يلي :
- ميل معدل التبادل الدولي ، لغير صالح البلدان النامية، بسبب بطء نمو الصادات من السلع الأولية ، وإحلال المنتجات الاصطناعية محل المواد الأولية .
- الأزمات الاقتصادية المتكررة في البلدان الرأسمالية المتقدمة وانعكاساتها على اقتصاديات البلدان النامية .
نموذج لميزان المدفوعات
مدين ( مدفوعات أو واردات )
ــــــــــــــــــــ
1- ميزان المعاملات التجارية:
أ‌- الميزان التجاري (السلع
المنظورة):
* الواردات من السلع
ب-ميزان الخدمات (السلع
غير المنظورة)
* نفقات السفر إلى الدول الأجنبية
* نفقات النقل على وسائل أجنبية
* فوائد وأنصبة موزعة للأجانب
*خدمات مصرفية وتأمين لدى هيئات
أجنبية
*نفقات الحكومة في الخارج

2- ميزان معاملات رأس المال :

أ: معاملات طويلة الأجل:
• شراء أوراق مالية من الخارج
ب: معاملات قصيرة الأجل:
*زيادة في الفوائد والعمولات
بالخارج
*خفض في أرصدة البنوك
والهيئات الأجنبية بالوطن

3-ميزان التحويلات من جانب واحد

• تحويلات إلى مقيمين بالخارج
• هبات ومنح وتعويضات لدول أخرى
4-ميزان حركات الذهب

• الواردات من الذهب وزيادة
أرصدته بالخارج
دائن (مقبوضات أو صادرات)
ـــــــــــــــــــــــ


*الصادرات من السلع


*نفقات سفر الأجانب في الوطن
*نفقات النقل على وسائل وطنية
• فوائد وأنصبة مستلمة من الخارج
• خدمات مصرفية وتأمين تم تأديتها للأجانب
• نفقات حكومات الخارج في الوطن





*بيع أوراق مالية في الخارج

*زيادة في أرصدة البنوك والهيئات
الأجنبية بالوطن
*خفض في أرصدة البنوك والعمولات
بالخارج



• تحويلات من مقيمين في الخارج
• هبات ومنح وتعويضات من دولة أخرى


• الصادرات من الذهب وزيادة أرصدته
بالداخل

لبيب 45
2010-06-22, 14:16
الفصل الثاني : سوق الصرف الأجنبي
تمهيد :
في الدول ، أو المناطق النقدية التي تتعامل بعملة قانونية واحدة ، تجري المدفوعات من المدين إلى الدائن ، إما بنقود معدنية ، وإما بأوراق النقد " البنكنوت " التي تضفي عليها الدولة قوة إبراء غير محدودة . كما يتم سداد الالتزامات بتحويل الودائع المصرفية ، أو ودائع صندوق توفير البريد ، عن طريق الشيكات أو الحوالات ، أو بسحب كمبيالات أو أوراق تجارية مقومة بالعملة الوطنية .
وعند التعامل بين دول ذات عملات مختلفة لابد من جهاز يقوم بتحويل العملات بعضها إلى بعض .. فالدائن الفرنسي الذي يحصل على ماركات ألمانية لا يمكنه بداهة استعمالها لسداد مصروفاته والتزاماته في فرنسا . ويتعين عليه البحث عن شخص ( أو منشأة ) فرنسية يحتاج إلى الماركات الألمانية ويكون مستعدا للحصول عليها مقابل التنازل عما يعادلها من الفرنكات الفرنسية .
ولا يمكن التغلب على هذه الصعوبة إلا بإيجاد عملة دولية تكون لها قوة الإبراء في عدد كبير من الدول . وقد قامت المسكوكات الذهبية والفضية لفترة طويلة بهذا الدور . وكانت تقبل كأداة للدفع على أساس قيمة توازي وزنها من المعدن النفيس في المعاملات بين دول تتخذ نفس المعدن كقاعدة نقدية . وليس هذا هو الشأن في وقتنا هذا ، فبعد انهيار قاعدة الذهب ، لم تعد هناك عملة دولية بالمعنى الصحيح يمكن استعمالها للمدفوعات الخاصة .
وهناك وسيلتان لتحويل العملات الوطنية بعضها إلى بعض ، الأولى هي سوق الصرف ، والثانية هي المقاصة المركزية . وقد قامت سوق الصرف منذ أمد بعيد في الدول التي يقوم اقتصادها على أساس التبادل بقصد تفادي كلفة نقل المسكوكات أو السبائك المعدنية لمسافات بعيدة ، ومخاطر ذلك النقل . وقد مارستها المجتمعات الإنسانية في العصور القديمة بطريقة بدائية ، وباكتمالها وتحسنها في بداية الأزمنة الحديثة ، أصبحت في القرن التاسع عشر نظاما غاية في التعقيد .
ولقد لجأ أغلب الدول الأوروبية إلى اتفاقيات المقاصة في أثناء الحرب العالمية وفي أعقابها حتى حوالي عام 1950 .
1- تعريف سوق الصرف الأجنبي :
سوق الصرف الأجنبية هي الإطار التنظيمي الذي يقوم فيه الأفراد والشركات والبنوك بشراء وبيع العملات الأجنبية أو الصرف الأجنبي ، وتتكون سوق الصرف الأجنبية من كل المواقع أو المدن التي تتبادل فيها العملة مقابل العملات الأخرى . وترتبط هذه المراكز المختلفة بشبكة متطورة من وسائل الإتصال . والأفراد والمنشآت يشترون العملات الأجنبية ويبيعونها من البنوك والسماسرة ، والذين يتعاملون عندئذ مع البنوك والسماسرة الآخرين في هذه المراكز النقدية .
أ‌- سوق الصرف العاجل :
وهو السوق التي يتم فيها الشراء والبيع مقابل التسليم في الحال ، وسعر الصرف الذي تحدث عنده هذه الصفقة يسمر السعر العاجل (الحاضر). وتتميز الأسعار العاجلة بكثرة التغيرات والتقلبات مما يعرض المتعاملين فيها لمخاطر عديدة .
ب- سوق الصرف الآجل :
سوق الصرف الآجل هي السوق التي يتم فيها بيع عملات معينة ، على أن يتم التسليم والسداد في استحقاقات محددة : (البيع الآجل ) ، أو شراء تلك العملات مع التعهد بتسلمها وسداد قيمتها في استحقاقات محددة (الشراء الآجل ) .واستحقاق العقود يكون عادة لفترات نمطية :ثلاثة أشهر، أو ستة أشهر ، أو سنة على أكثر تقدير . ويتم تنفيد العقد الآجل بتسليم العملات وتسلمها مقابل الدفع نقدا عند الاستحقاق .
وهدف السوق الآجل هو تجنيب المتعاملين تقلبات أسعار الصرف الحاضر، أو بمعنى أصح احتمال مثل هذه التقلبات في المستقبل ولو بنسب ضئيلة لا تتعدى 1% أو 2% مثلا ،وكل فرنسي حائز لشيك بالدولار يستطيع بيعه اليوم في سوق الصرف بالسعر الحاضر . أما إذا كانت لديه كمبيالة تستحق الدفع بعد 90 يوما فإنه لا يعرف على وجه التحديد المبلغ الذي سيحصل عليه مقابلها بالفرنكات بعد انقضاء ثلاثة أشهر ، نظرا لاحتمال تغير السعر الحاضر في خلال هذه الفترة بالزيادة أو بالنقصان عن السعر الحالي .ومدى هذه التغيرات المحتملة هو مقياس مخاطر الصرف التي يتعرض لها الدائن أو المدين بالعملات الأجنبية .وواضح أنه لو ارتفع سعر العملة الأجنبية فإن الدائن هو الرابح والمدين هو الخاسر .ومن ثم تتيح العمليات الآجلة للمتعاملين التغطية ضد تقلبات الأسعار الحاضرة . أو تحقيق ربح منها عن طريق المضاربة على الصعود أو الهبوط .

2-وظائف سوق الصرف الأجنبي :
يقوم سوق الصرف الأجنبي بوظائف نقدية دولية على جانب كبير من الأهمية يمكن تلخيصها فيما يلي :
أولا- نقل القوة الشرائية من دولة إلى أخرى :
تتم عملية تحويل القوة الشرائية من بلد إلى آخر، بعدد من الوسائل ، أهمها سند السحب ( الكمبيالة ) . ويمكن أن يكون هذا السند على أشكال مختلفة . فقد يكون سندا للاطلاع أو لأجل . وقد يرغب المصدر التأكد من دعم المصرف للمستورد الذي يجهل ملاءته، وفي هذه الحالة يطلب المصدر من المستورد كتاب اعتماد معتمدا من قبل أحد المصارف يدعم فيه المستورد . وهناك أيضا الحوالة البرقية أو الأمر البرقي .
فالسوق يقوم بأداء المدفوعات الدولية ، التي تعني نقل القوة الشرائية الدولية عن طريق المقاصة بين الديون . فقد يقوم المصدر الجزائري بسحب سند على المستورد الإيطالي ، وبيعه لأحد المستوردين الجزائريين الراغبين في الاستيراد من إيطاليا . وبهذا يكون مشتري السنــد
( المستورد الجزائري ) ، هو الذي يدفع بالفعل السعر للمصدر الجزائري في الجزائر . وفي إيطاليا فإن المصدر للبضاعة الذي يتلقى السند بالنهاية ، يحصل قيمته من المستورد الإيطالي . وعلى هذا تتم تصفية ديون الدول التجارية مع بعضها بواسطة التقاص .
ثانيا: وظيفة الوقاية
الغاية من هذه العملية هي حماية المتعاملين في النقود الأجنبية ، من خطر تقلبات أسعار الصرف، وخاصة في ظل نظام العملات الورقية المستقلة . وتتميز بأنها لا تتضمن تسليم صرف أجنبي ، ولا بدفع ثمنه بالعملة الوطنية في الحال ، بل هي مجرد اتفاق على بيع أو شراء يسلم في المستقبل ، استنادا إلى سعر يتفق عليه في الحال . فمثلا إذا توقع أحد المستوردين الإنجليز الملتزم بمدفوعات للخارج في المستقبل ، بارتفاع سعر الدولار الأمريكي في المستقبل ، فإنه يعقد اتفاقا مع أحد البنوك في بلاده ، على أن يحصل منه في ظرف مدة محددة على مبلغ معين من العملة الأجنبية ، بسعر يتفق معه في الحال . وهذا السعر يتوقف على مقدار الفائدة التي تحصل عليها البنوك من جراء إيداع الصرف الأجنبي في البنوك الأجنبية .
ثالثا: عمليات الموازنة والتحكيم في الأوراق الأجنبية
إن الهدف الرئيسي من عمليات الموازنة ، هو التخفيف من حدة التقلبات بين أسعار الصرف بالنسبة للعملة الوطنية . كما أنها تستهدف توحيد أسواق الصرف ، بفضل حرية انتقال العملات بين الدول المختلفة . وقد يتجلى وصف الموازنة واضحا ، حين تتوسط المصارف في شراء الأوراق الأجنبية من بلد قد انخفضت فيه أسعارها لغرض بيعها إلى التجار والمستوردين وغيرهم من المواطنين ، الذين ترتبت بذمتهم ديون للخارج .
كما لو كان سعر (الين) الياباني في السعودية منخفضا ، وفي تونس مرتفعا وذلك نتيجة ظروف مختلفة . فالانخفاض الحاصل يغري المصارف التونسية ، في حالة وجود حقوق للتجار اليابانيين بذمة التجار التونسيين ، على شراء العملة اليابانية من السعودية ، وبيعها إلى المدينين التونسيين ، للوفاء بديونهم . وزيادة في الإيضاح نفترض أن كل (25) دولارا أمريكيا تســاوي (100) دينار تونسي ، وتساوي (100) فرنكا فرنسيا في سوق الصرف في تونس ، في هذه الحالة تكون العلاقة بين عملات البلدان الثلاثة على الشكل التالي :
100 دينار تونسي = 25 دولار أمريكي
100دينار تونسي = 100 فرنك فرنسي
25 دولار أمريكي = 100 فرنك فرنسي
فلو كانت العلاقة بين الفرنكات الفرنسية والدولارات الأمريكية في سوق الصرف الأمريكي ، هي: 100 فرنك فرنسي = 35 دولار أمريكيا، عند ئد سيجد المضاربون أن من مصلحتهم شراء دولارات أمريكية من السوق الأمريكية ، فيحصلون مقابل كل (100) فرنك فرنسي علــــى
(35 ) دولارا أمريكيا ، ويبيعون هذه الدولارات في تونس مقابل (140) دينا تونسي ، ثم يبادلونها بالعملة الفرنسية ، حيث يحصلون على (140) فرنكا فرنسيا . إلا أنه يلاحظ أن اندفاع المضاربين في عرض الفرنكات الفرنسية في سوق الصرف الأمريكية ، يؤدي إلى انخفاض قيمتها بالنسبة للدولارات الأمريكية ، حتى يصبح (100) فرنك فرنسي يساوي (25) دولارا أمريكيا . وبذلك يعود التوازن بين أسعار الصرف بالنسبة لهذه العملات .
3-سعر الصرف الأجنبي :
سعر الصرف الأجنبي هو سعر وحدة العملة الأجنبية بدلالة العملة المحلية. وسعر الصرف هذا يبقى ثابتا في كل أجزاء السوق باتفاق تحكمي . ويشير تحكيم الصرف الأجنبي إلى عملية شراء عملة أجنبية حيث يكون سعرها منخفضا وبيعها حيث يكون سعرها مرتفعا .وعندما يرتفع سعر الصرف الأجنبي ، فإن العملة المحلية تنخفض أو تهبط قيمتها بالنسبة للعملة الأجنبية . وعندما ينخفض سعر الصرف فإن العملة المحلية ترتفع أو تزيد من حيث القيمة .

أ-كيف يتحدد سعر الصرف ؟
يمكننا النظر إلى الصرف الأجنبي كسلعة . ومن المعروف أن سعر السلعة يتحدد بعاملين هما الطلب والعرض . ويتحدد سعر السلعة كما هو معروف من النظرية العامة للأسعار عند نقطة تقاطع منحنى العرض مع منحنى الطلب حيث تتساوى الكمية المعروضة مع الكمية المطلوبة عند هذا السعر والذي يطلق عليه سعر التوازن .
كذلك الحال بالنسبة لسعر الصرف حيث نستطيع أن نقول أن سعر الصرف يتوقف على الطلب والعرض . والطلب على الصرف الأجنبي يأتي أساسا من المستوردين الذين يحتاجون إلى العملات الأجنبية لاستيراد السلع من الدول الأخرى . والعرض يأتي أساسا من المصدرين الذين يحصلون على العملة الأجنبية نظير تصدير سلعهم إلى الدول الأخرى . ولكن ينبغي الإشارة إلى أن العرض والطلب على الصرف الأجنبي لا يأتي فقط من جانب المستوردين والمصدرين بل الحقيقة أنه توجد مصادر أخرى إلى جانبهم ومنها البنوك والسلطات النقدية التي تتدخل لشراء أو بيع العملات الأجنبية بقصد تحقيق موازنة أسعار الصرف أو غير ذلك من الأهداف . وكذلك المضاربون الذين يدخلون لشراء وبيع العملات الأجنبية بقصد الإفادة من فروق الأسعار للمضاربة على الأسعار المستقبلة
ويمكن أن نبين العلاقة بين الطلب على الصرف وبين السعر بنفس منحنيات الطلب المعروفة في نظرية الأسعار ونفس الشيء مع العرض .
وكما هو معروف فإن العلاقة بين السعر والطلب علاقة عكسية بمعنى أن منحنى الطلب ينحدر من أعلى إلى أسفل وإلى اليمين دليلا على زيادة الكمية المطلوبة كلما انفض السعر والعكس صحيح .
كما يتضح من الجدول والشكل البياني التاليين :
جدول الطلب

السعر الكمية المطلوبة
10
8
5
3
0
0 1
3
6
10
0
0





أما العلاقة بين السعر والعرض فهي علاقة طردية .بحيث أن منحنى العرض يكون صاعدا من أسفل إلى أعلى وإلى اليمين دليلا على زيادة الكمية المعروضة كلما ارتفع السعر ويتضح ذلك من الجدول والشكل البياني التالي :
جدول العرض

السعر(سعر الصرف) الكمية المعروضة
1
3
6
9
0
0 3
5
10
15
0
0


فإذا جمعنا منحنى العرض مع منحنى الطلب في شكل بياني واحد نجد أنهما يتقاطعان في نقطة .عند نقطة تقاطع منحنى الطلب
مع منحنى العرض .

فإذا افترضنا أن الشكل البياني السابق ينطبق على العلاقة بين الجزائر وأمريكا ، في هذه الحالة يمكننا القول أن سعر الصرف – كما سبق الإشارة إليه – هو عدد الوحدات من العملة الوطنية أي عدد الدينارات التي تدفع في سبيل الحصول على وحدة من العملة الأجنبية أي دولار. وطالما أننا ننظر إلى العملة الأجنبية ، أي الدولار في هذه الحالة ، كسلعة فإنه عند نقطة تقاطع منحنى الطلب على الدولار مع منحنى عرضه يتحدد سعر الدولار بالمقدار أب من الدينارات .
وهذه المنحنيات تعبر عن العلاقة بين الصرف وبين الطلب أو العرض من الصرف الأجنبي تحت ظروف معينة أي مع بقاء الأشياء الأخرى على حالتها .
أما إذا تغيرت ظروف العرض أو ظروف الطلب فإن ذلك يؤدي إلى التأثير على السعر . فإذا تغيرت ظروف الطلب ، مع بقاء الأشياء الأخرى على حالها ، فإن ذلك يؤدي إلى انتقال منحنى الطلب بأكمله إلى اليمين أو انتقاله إلى اليسار . ويرتفع سعر الصرف في حالة انتقال منحنى الطلب إلى اليمين ، بينما ينخفض السعر في حالة انتقاله إلى اليسار كما يتضح من الشكل البياني التالي :





يتضح من الشكل البياني أن سعر الصرف( سعر الدولارات ) ارتفع من أب إلى
أب1 نتجتة تغير ظروف الطلب بالزيادة من ط إلى ط 1 بينما انخفض السعر من أب إلى أب 2 نتيجة تغير ظروف الطلب بالنقصان من ط إلى ط 2 بينما تزداد الكمية إلى أجـ1 نتيجة ارتفاع السعر وتنخفض إلى أجـ2 نتيجة انخفاض السعر .
أما إذا تغيرت ظروف العرض فإنه يؤدي أيضا إلى تغير سعر الصرف فإذا تغيرت ظروف العرض بالزيادة فإن ذلك يؤدي إلى انتقال منحنى العرض بأكمله إلى اليمين ويؤدي ذلك إلى انخفاض سعر الصرف ، أما إذا تغيرت ظروف العرض بالنقصان فإن ذلك يؤدي إلى انتقال منحنى العرض بأكمله إلى اليسار ويرتفع سعر الصرف.
ويتضح ذلك من الشكل البياني التالي :

ويتضح من الشكل البياني أن تغير ظروف العرض بالزيادة يؤدي إلى انتقال منحنى العرض بأكمله من ع إلى ع1 . ويؤدي ذلك إلى انخفاض سعر الصرف للدولار من أب إلى أب2 . بينما يؤدي تغير ظروف العرض بالنقصان إلى انتقال منحنى العرض بأكمله من ع إلى ع2 . ويؤدي ذلك إلى ارتفاع سعر الصرف من أب إلى أب1 . وتزداد الكمية إلى أجـ2 في الحالة الأولى بينما تنخفض إلى أجـ1 في الحالة الثانية .
ويؤدي حدوث التغير في ظروف الطلب والعرض معا إلى حدوث تغير في سعر الصرف سواء بالزيادة أو النقصان حيث يتوقف ذلك على درجة التغير واتجاهه سواء بالنسبة لمنحنى العرض أو منحنى الطلب .

ويتضح ذلك من الشكل السابق ارتفاع سعر الصرف نتيجة تغير ظروف الطلب بالزيادة والعرض بالنقصان من أب إلى أب1 وصاحب ذلك زيادة كمية الصرف الأجنبي من أجـ إلى أجـ1 .
ويفترض التحليل السابق أن الطلب الأجنبي على صادرات الدولة ( منحنى عرض النقد الأجنبي) أكبر من الوحدة بمعنى أن حدوث أي تغير في سعر الصرف ارتفاعا أو انخفاضا يؤدي إلى حدوث تغير بنسبة أكبر في الطلب الأجنبي على صادرات الدولة ارتفاعا أو انخفاضا على الترتيب أي يتمدد منحنى العرض في حالة ارتفاع سعر الصرف وينكمش في حالة انخفاض سعر الصرف ، وهذا ما يتضح لنا في حالة العلاقة بين الجزائر وأمريكا على سبيل المثال ما يلي :
تخفيض قيمة العملة الوطنية ارتفاع سعر الصرف انخفاض أسعار السلع
( الدينار الجزائري ) للعملة الأجنبية في الجزائرية
الجزائر(الدولار الأمريكي)

في السوق الخارجي زيادة الطلب الأجنبي (الأمريكي) زيادة الكمية المعروضة
(السوق الأمريكي) على المنتجات الجزائرية من النقد في الجزائر
(الدولارات)

وتتوقف هذه الزيادة في الكمية المعروضة من الدولارات في الجزائر على حالة مرونة الطلب الأجنبي على المنتجات الجزائرية . ويمكن التفرقة بين ثلاثة أحوال :
- الطلب الأجنبي غير المرن على الصادرات الجزائرية (أي أقل من الوحدة) وفي هذه الحالة يؤدي تخفيض قيمة العملة الوطنية ( ارتفاع سعر الصرف للعملة الأجنبية )بنسبة معينة وليكـن 5% على سبيل المثال إلى زيادة الطلب الأجنبي على الصادرات ولكن بنسبة أقل ولتكن 3% ويعني ذلك أن قيمة الصادرات مقدرة بوحدات من النقد الأجنبي (الدولارات) تأخذ في النقصان أي ينخفض عرض النقد الأجنبي بالرغم من هذا التخفيض لقيمة العملة الوطنية.
- الطلب الأجنبي متكافىء المرونة على الصادرات وفي هذه الحالة يزداد الطلب الأجنبي بنفس نسبة الانخفاض في قيمة العملة الوطنية ( الدينار) ويعني ذلك ثبات قيمة الصادرات وبالتالي يظل عرض النقد الأجنبي ثابتا دون تغيير .
- حالة الطلب الأجنبي المرن على الصادرات الجزائرية وفي هذه الحالة تكون المرونة أكبر من الواحد الصحيح . ويؤدي تخفيض قيمة العملة الوطنية إلى زيادة الطلب الأجنبي على الصادرات بنسبة أكبر مما يؤدي ازدياد قيمة الصادرات أي زيادة عرض النقد الأجنبي .
وفي كل الأحوال السابقة والمختلفة للمرونة لا يغير منحنى عرض النقد الأجنبي وضعه ولكنه يتمدد وينكمش وهو ثابت في مكانه . ولكن حدوث التغير في ظروف عرض النقد الأجنبي وانتقال منحنى العرض بأكمله إلى أعلى (زيادة) أو إلى أسفل (نقصان) – كما يتضح من الأشكال البيانية السابقة – يرجع إلى عوامل أخرى مثل تغير الأسعار الداخلية للسلع في الدولة أو تغير دخول أو أذواق الأجانب تجاه السلع الجزائرية .. الخ حيث يؤدي انخفاض أسعار السلع الجزائرية ( بالدينار) في السوق الداخلي إلى زيادة الطلب الأجنبي على هذه السلع أي زيادة الصادرات وانتقال منحنى النقد الأجنبي بأكمله إلى أعلى بافتراض أن مرونة الطلب الأجنبي على الصادرات الجزائرية أكبر من الواحد الصحيح .
هذا ولا يقتصر أثر تخفيض قيمة العملة الوطنية (الدينار الجزائري) أي ارتفاع سعر الصرف للعملة الأجنبية (الدولار) على جانب الصادرات أي عرض العملة الأجنبية بل يشمل هذا الأثر أيضا جانب الواردات أي الطلب الجزائري على العملة الأجنبية (الدولار الأمريكي) .
تخفيض قيمة العملة الوطنية(الدينار) ارتفاع سعر العملة الأجنبية (الدولار)
ارتفاع أسعار السلع الأجنبية الأمريكية في السوق الجزائرية انخفاض الطلب الوطني على المنتجات الأجنبية( المنتجات الأمريكية ) نقص الكمية المطلوبة في الجزائر من النقد الأجنبي (الدولار).
ولا تتحقق هذه النتيجة الأخيرة إلا إذا كانت مرونة الطلب الجزائري على المنتجات الأجنبية أكبر من الصفر أما إذا كانت هذه المرونة تساوي الصفر أي إذا ما كان الطلب الجزائري على المنتجات الأجنبية عديم المرونة فإن الكمية التي تستوردها الجزائر من الخارج لن تتأثر وتظل ثابتة الكمية مهما كانت نسبة التخفيض في قيمة العملة الوطنية وما تؤدي إليه من ارتفاع في سعر الصرف للنقد الأجنبي (الدولار) .
وإذا جمعنا الأثرين مع بعضهما أي أثر تخفيض قيمة العملة الوطنية على عرض النقد الأجنبي مضافا إليه أثر هذا التخفيض على طلب النقد الأجنبي ، فإن سياسة التخفيض هذه لا تنجح ولا تمارس أثرها الفعال على علاج عجز ميزان المدفوعات إلا إذا كان مجموع المرونتين ( مرونة الطلب الأجنبي على الصادرات + مرونة الطلب الوطني على الواردات) أكبر من الواحد الصحيح .
ويمكن الإشارة إلى أن منحنى الطلب على النقد الأجنبي لا يأخذ شكله العادي كما هو موضح في الأشكال البيانية السابقة أي لا ينحدر من أعلى إلى أسفل وجهة اليمين إلا إذا كانت مرونة الطلب الوطني على السلع الأجنبية أكبر من الصفر في هذه الحالة يؤدي تخفيض قيمة العملة الوطنية إلى رفع سعر الصرف للنقد الأجنبي ويؤدي ذلك إلى انخفاض الكمية المطلوبة من هذا النقد الأجنبي حيث أن مرونة الطلب الوطني على السلع الأجنبية أكبر م الصفر وتزداد نسبة انخفاض الطلب على النقد الأجنبي كلما ازدادت مرونة الطلب الوطني على السلع المستوردة ، وذلك نتيجة تخفيض قيمة العملة الوطنية . ونفترض في كل هذا أن منحنى طلب النقد الأجنبي لا يغير وضعه أي يظل في مكانه ولكن كل الذي يحدث هو تمدد وانكماش هذا المنحنى وهو في مكانه حيث ينكمش في حالة تخفيض قيمة العملة الوطنية (بافتراض توافر شرط المرونة سالف الذكر ) ويتمدد في حالة ارتفاع قيمة العملة الوطنية أي ارتفاع سعر الصرف.
أما العوامل المؤثرة في ظروف الطلب فإنها عديدة حيث يمكن أن ينتقل منحنى الطلب على النقد الأجنبي بأكمله إلى أعلى أو إلى أسفل إذا تغيرت أسعار السلع الأجنبية في الأسواق الخارجية أو تغيرت دخول أو أذواق الوطنيين في السوق الجزائرية ..الخ ، حيث يؤدي تغير أسعار السلع الأجنبية بالانخفاض أو تغير دخول الجزائريين بالزيادة أو تغير أذواقهم في صالح السلع الأجنبية إلى انتقال منحنى الطلب الوطني على العملة الأجنبية (الدينار) بأكمله إلى أعلى ، ويؤدي هذا - مع بقاء العوامل الأخرى على حالها – إلى ارتفاع قيمة الدولار أي انخفاض قيمة الدينار الجزائري كما سبق وأن أشرنا .
ويمكننا أن نتوصل إلى نتائج عكسية في حالة حدوث انخفاض في سعر صرف العملة الأجنبية ولتكن الدولار وذلك في علاقتها بالدينار الجزائري ، وذلك نتيجة حدوث ارتفاع في قيمة العملة الوطنية ( الدينار الجزائري) ، ويمكن إبراز هذه الآثار المختلفة على النحو التالي :
ارتفاع قيمة العملة الوطنية انخفاض سعر الصرف للعملة الأجنبية في الجزائر
ارتفاع أسعار السلع الجزائرية في السوق الخارجي انخفاض الطلب الأجنبي على الصادرات الجزائرية انخفاض الكمية المعروضة من النقد الأجنبي في الجزائر .
وتوضح هذه الحالة تأثير ارتفاع قيمة العملة الوطنية على جانب عرض النقد الأجنبي ، وكما سبق وذكرنا لا يؤدي هذا الارتفاع إلى انخفاض العرض إلا إذا كانت مرونة الطلب الأجنبي على الصادرات أكبر من الوحدة .
كذلك يمارس قيمة الارتفاع في قيمة العملة الوطنية أثره أيضا على جانب الطلب على النقد الأجنبي ، على النحو التالي :
ارتفاع قيمة الدينار الجزائري بالدولار انخفاض سعر الدولار بالدينار
انخفاض أسعار السلع الأجنبية (الأمريكية) زيادة الكمية من النقد الأجنبي (الدولار).
ولا يؤدي هذا لارتفاع قيمة الدينار إلى النتيجة الأخيرة وهي زيادة الطلب على النقد الأجنبي إلا إذا كانت مرونة الطلب الوطني على السلع الأجنبية أكبر من الصفر، أي كلما ازدادت درجة المرونة كلما ازدادت نسبة الزيادة في الكمية المطلوبة من النقد الأجنبي والعكس بالعكس .
4- عمليات سوق الصرف الأجنبي:

أ-التغطية :
تشير التغطية إلى عملية تجنب ، أو تغطية مخاطر صرف أجنبي ، وتنشأ الحاجة للتغطية لأن أسعار الصرف (الحاضرة ) تتذبذب باستمرار على مدار الزمن ، ونتيجة لذلك ، يواجه الذين يتوقعون أن يقوموا بمدفوعات ، أو يتسلموا مدفوعات بدلالة عملة أجنبية في تاريخ لاحق مخاطرة أن عليهم أن يدفعوا أكثر، أو يتسلموا أقل بدلالة العملة المحلية مما كانوا يتوقعون . وفيما عدا المضاربين في الصرف الأجنبي الذين يبحثون فعلا عن مخاطر الصرف الأجنبي فإن كل شخص آخر يكون بصدد مدفوعات ، أو متحصلات صرف أجنبي في تاريخ لاحق ينبغي ( وعادة يفعل) أن يغطي هذه المخاطر التي ينطوي عليها الصرف الأجنبي .
إن التغطية يمكن أن تحدث في السوق الحاضرة . فمثلا: المستورد الأمريكي الذي يتوقع أن يقوم بدفع لاحق بالجنيهات ، والذي يقلقه أن السعر الحاضر للجنيه سوف يرتفع في المستقبل (بحيث أنه سوف يحتاج إلى دولارات أكثر من الحاضر لشراء الجنيهات التي يحتاجها ) يستطيع شراء الجنيهات التي يحتاجها في السوق الحاضر اليوم بالسعر الحاضر ويتركها كوديعة ( ويكسب فائدة ) في بنك بلندن إلى أن يحتاجها لإجراء مدفوعات ، وبالمثل المصدر الأمريكي الذي يتوقع تسلم مدفوع لاحق بالجنيهات يستطيع اقتراض جنيهات في لندن اليوم ، ومبادلتها مقابل دولارات عند السعر الحاضر اليوم ، ثم يعيد دفع القرض عندما يتلقى حصيلة صادراته (بالجنيهات) .
إن التغطية عادة ما تحدث في سوق الصرف الآجلة لأنها أبسط ، وفي نفس الوقت لا تقيد رأس المال ، أو أرصدة الفرد ، أو المشروع ، فمثلا المستورد الأمريكي أعلاه ،بشرائه الجنيهات اليوم والاحتفاظ بها حتى يستحق الدفع يقوم في الواقع بدفع وارداته نقدا ( فالفائدة التي يتسلمها على ودائعه بالجنيه يمكن أن يكسبها في شكل خصم سعري من المصدر بأن يدفع نقدا) .
ب-التحكيم المغطى بفائدة أو المراجحة في الفوائد :
عندما تختلف أسعار الفائدة بين الأسواق المالية التي تتصل بعضها ببعض اتصالا وثيقا،
تحدث تدفقات من رؤوس الأموال قصيرة الأجل للاستفادة من تلك الفروق . ومثال ذلك
توظيف البنوك لجزء من أموالها في أسواق أجنبية حيث العائد أعلى منه في
السوق المحلية ، أو تحويل بعض أرصدتها السائلة في الخارج من الأسواق التي تكون فيها
أسعارالفائدة منخفضة إلى تلك التي تكون فيها أسعار الفائدة أعلى . وهي أحيانا تقترض من
السوق الأولى لتقرض في السوق الثانية . وتتم هذه التحويلات في سوق
الصرف الحاضر بشراء عملات الدولة التي يكون سعر الفائدة فيها أعلى ،ولو اقتصرت
العملية على ذلك تكون البنوك المعنية قد حصلت في الحال على مركز صرف "كبائعة" لعملات الدولة التي يكون سعر فائدتها مرتفعا . وليس في صالح البنوك أن تتصرف على هذا النحو ، لأنها قد تتعرض لخطر تبدد الربح الضئيل الذي تحققه نتيجة لفرق أسعار الفائدة ، أو تتكبد خسارة نتيجة تغير أسعار الصرف الحاضرة ، والبنوك التي تقوم بعملية المراجحة في
الفوائد لا تخاطر أبدا ، بل تبادر عادة إلى التغطية بإجراء العمليات الآجلة.
ج- المضاربة :
إن المضاربة في الصرف الأجنبي هي قبول مخاطرة صرف أجنبي أو وضع غير مغطى بأمل تحقيق ربح . وهي عكس التغطية .
إن المضارب في الصرف الأجنبي الذي يتوقع أن يرتفع السعر الحاضر للعملة في ثلاثة أشهر يمكن أن يشتري العملة في السوق الحاضرة اليوم عند السعر الحاضر ويحتفظ بها لثلاثة شهور ، ثم يعيد بيعها في السوق الحاضرة بعد ثلاثة شهور . فإذا كان توقعه صحيحا ، فإنه سوف يحقق ربحا وإلا سوف يتعرض للخسارة . ومن جهة أخرى إذا توقع المضارب أن السعر الحاضر سوف يكون أقل في الثلاثة شهور ، فإنه يستطيع اقتراض العملة الأجنبية ومبادلتها بالعملة الوطنية عند السعر الحاضر اليوم . وبعد ثلاثة شهور إذا كان السعر الحاضر على العملة الأجنبية أقل بدرجة كافية ، فإنه يستطيع أن يحقق ربحا بقدرته على إعادة شراء العملة الأجنبية ( لإعادة دفع قرضه بالعملة الأجنبية ) عند السعر الحاضر الأقل. (لتحقيق ربح ) يجب أن يكون السعر الحاضر الجديد أقل بدرجة كافية للتغلب على زيادة الفائدة التي تدفع عن العملة الأجنبية المقترضة لثلاثة شهور على الفائدة المتسلمة عن كمية مساوية من العملة المحلية مودعة في بنك لثلاثة شهور ) .









الفصل الثالث: سوق الأوراق المالية

يعتبر سوق المال المحور الرئيسي في عملية تنشيط الاستثمار، والتي تعتبر جزءا هاما من عملية الإصلاح الاقتصادي لأن سوق رأس المال النشط هو الذي يوفر ما تحتاج إليه المشروعات من تمويل باعتباره الوعاء الذي تصب فيه المدخرات والتي يتم توجيهها بعد دلك لمجالات الاستثمار التي تؤدي إلى خلق طاقات إنتاجية جديدة. ويتكون سوق رأس المال من السوق الأولي والسوق الثانوي حيث يختص السوق الأولي بإصدار الأوراق المالية، أما السوق الثانوي الذي فيه يتم تداول الأوراق المالية بعد إصدارها.
والسوق المالي هو السوق الذي يتم فيه تداول الأوراق المالية طويلة الأجل كالأسهم والسندات.

* تنظيم وإدارة أسواق رأس المال:

1- السوق الأولي أو سوق الإصدار:

يقصد بالسوق الأولي أو سوق الإصدار، السوق الذي تخلقه مؤسسة متخصصة تعرض فيه للجمهور أوراقا مالية قامت بإصدارها لأول مرة، لحساب مؤسسة أعمال أو جهة حكومية وعادة ما يطلق على هذه المؤسسة بنك الاستثمار والذي عادة ما يكون مؤسسة مالية متخصصة مثل بوسطن الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي الدول التي تتسم سوق أوراقها المالية بالصغر قد تتولى بعض البنوك التجارية العاملة فيها مهمة الإصدار.
ولا يخرج بنك الاستثمار عن كونه وسيط بين الجمهور المستثمرين المحتملين لورقة مالية معينة، والجهة التي قررت إصدارها. فهو يقدم المساعدة للجهة المعنية لكي يتم إصدار الورقة، كما قد يقوم بتمويل شراء الإصدار بغية إعادة بيعه للجمهور. وكما يبدو فإن بنك الاستثمار لا يمارس نشاطا مصرفيا بالمعنى المعروف، كما أن تمويله لشراء الإصدار – على النحو المشار إليه – لا يمثل استثمارا دائما، بل هو استثمار مؤقت ينقضي بمجرد نجاحه في التخلص من الإصدار بالبيع.
ولا يعد الاستثمار السبيل الوحيد لإصدار وتصريف الأوراق المالية فهناك طريقين آخرين هما: الأسلوب المباشر، والمزاد.
ويقصد بالأسلوب المباشر قيام الجهة المصدرة للورقة المالية بالاتصال بعدد من كبار المستثمرين مثل المؤسسات المالية الضخمة، لكي تبيع لهم الأسهم أو السندات التي أصدرتها. أما المزاد فهو أسلوب تتبعه وزارة الخزانة الأمريكية لتصريف ما تصدره من أوراق. وبمقتضاه تتم دعوة المستثمرين المحتملين لتقديم عطاءات تتضمن الكميات المراد شراؤها وسعر الشراء، ويتم قبول العطاءات ذات السعر الأعلى ثم العطاءات ذات السعر الأقل فالأقل، إلى أن يتم التصريف الكامل للإصدار.

- المهام الرئيسية لبنك الاستثمار:

حتى يقوم بنك الاستثمار بوظيفته على الوجه الأكمل عليه أن يضطلع بأربع مهام رئيسية:
1- توجيه النصح والمشورة بشأن حجم الإصدار، ومدى ملاءمة توقيته، وما إذا كان هناك وسائل تمويل بديلة أكثر ملاءمة. وهو ما يعني في الواقع احتمال إعادة النظر في القرارات المبدئية التي سبق أن اتخذتها المؤسسة في هذا الشأن.
2- القيام بكافة الإجراءات التنفيذية للإصدار الفعلي للورقة، وما قد يتطلبه ذلك من اتصالات بجهات أخرى مثل إدارة السوق، ولجنة الأوراق المالية والبورصة.

3- التعهد بتصريف كل أو الحد الأدنى من الكمية المقرر إصدارها، بل وقد يدفع البنك مقدما للجهة صاحبة الإصدار قيمة الكمية الني تعهد بتصريفها. وفي بعض الحالات قد يقتصر تعهد البنك على بذل أقصى جهد لتصريف الإصدار دون أن يلتزم بتصريف قدر محدد منه، وذلك في مقابل عمولة، وإذا تبقى جزء لم يتم تصريفه يرد إلى الجهة صاحبة الإصدار.

4- التوزيع الفعلي للإصدار وذلك ببيعه للجمهور، أو لعملاء البنك الذين درجوا على التعامل معه من خلال نشاط السمسرة الذي يمارسه.
وتعتبر المهمة الرابعة المحور الأساسي لعملية الإصدار، إذ يبدأ التمهيد لها منذ التفكير في إصدار الورقة، ففي البداية يتم التفاوض. بين المؤسسة والبنك على حجم الإصدار ونوعه أي ما إذا كان أسهم أو سندات، ثم يبرم اتفاق يتضمن كافة الشروط عدا السعر الذي ستباع به الورقة، وكلها أنشطة تلعب دورا أساسيا في التأثير على مهمة التوزيع.

2-السوق الثانوي أو سوق التداول:

تعريف:

يقصد بالسوق الثانوي أو سوق التداول، السوق الذي تتداول فيها الأوراق المالية بعد إصدارها، أي بعد توزيعها بواسطة بنوك الاستثمار. ويمكن التمييز بين الأسواق المنظمة والأسواق غير المنظمة، فالسوق المنظم على غير السوق غير المنظم، يتميز بأن له مكان محدد يلتقي فيه المتعاملون في الأوراق المالية المقيدة به، فضلا عن أنه يدار بواسطة مجلس منتخب من أعضاء السوق حيث تراقب الصفقات التي تبرم بدقة وحزم، وفي ظل تطور سبل الاتصال أصبح اشتراط المكان المحدد غير ذي موضوع، فها هي الصفقات تبرم في سوق لندن من خلال التجار المنتشرين في المملكة المتحدة بطولها وعرضها، ويكتفي بأن تعرض المعلومات عن تلك الصفقات من خلال الحاسب الآلي في البورصة لمراقبتها.

أقسامه:

* الأسواق المنظمة:

يمكن تقسيم أسواق الأوراق المالية المنظمة (البورصات ) إلى أسواق مركزية وأسواق المناطق أو الأسواق المحلية.
ويقصد بالسوق المركزي ذلك السوق الذي يتعامل في الأوراق المالية المسجلة لدى لجنة الأوراق المالية والبورصة بصرف النظر عن الموقع الجغرافي للجهة المصدرة لتلك الورقة. ومن الأمثلة على تلك الأسواق بورصة لندن وبورصة طوكيو وبورصة نيويورك للأسهم، وتعتبر بورصة نيويورك أكبر سوق للأوراق المالية في العالم، وتتعامل في حوالي 80% من الأوراق المالية المسجلة لدى لجنة الأوراق المالية والبورصة بالولايات المتحدة.
ومن الأمثلة الأخرى على تلك الأسواق البورصة الأمريكية للأسهم the American Stock Exchange(AMSE) التي تقع أيضا في مدينة نيويورك وتتعامل في حوالي 10% من الأوراق المالية المسجلة، وكان يطلق عليها من قبل بورصة الرصيف على أساس أن التعامل كان يتم في خارجها أي على رصيف الشارع الذي تقع فيه البورصة. وتتميز البورصة الأمريكية عن بورصة نيويورك، في أنها تتعامل أساسا لأسهم الشركات الصغيرة والأكثر حداثة في مجال الأعمال.
أما بورصات المناطق أو البورصات المحلية Régional Exchange في الولايات المتحدة، فتتعامل فيما تبقى من الأوراق المالية المسجلة أي العشرة في المائة الباقية, وهي أوراق مالية لمنشآت صغيرة تهم جمهور المستثمرين في النطاق الجغرافي للسوق أو المناطق القريبة منه. هذا ولا يوجد ما يمنع من أن تتعامل تلك البورصات في الأوراق المالية المعروفة والمتداولة في البورصات المركزية.
ولكل بورصة مجلس إدارة. فمثلا بورصة نيويورك للأسهم تدار بواسطة مجلس محافظين ينتخبه أعضاء البورصة. ويتكون المجلس من ممثلين عن الشركات المقيدة أسهمها في السوق، وبيوت السمسرة، وممثلين عن الحكومة. ومن بين مهام المجلس البحث في طلبات العضوية، والبت في الموازنة المقترحة للبورصة، وتخصيص المنصات التي تتعامل في ورقة مالية معينة. هذا إلى جانب التأكد من التزام الأعضاء بالقواعد المعمول بها وتوقيع العقوبات المناسبة على المخالفين.

3- عضوية البورصة:

يشار إلى البورصة بالمقاعد المخصصة. والعضوية غير مجانية، إذ ينبغي دفع مبلغ كبير للحصول عليها. وفي بورصة نيويورك ظل عدد الأعضاء ثابتا مند عام 1953 حيث بلغ 1366 عضوا، ووصلت قيمة المبلغ المطلوب للحصول على العضوية إلى ما يزيد عن نصف دولار. وللعضو الحق في التصويت لانتخاب مجلس المحافظين، كما أن له أن يتنازل عن عضويته لشخص آخر تتوافر فيه الاشتراطات المطلوبة. وفي هذا الصدد يوجد خمسة أنواع من الأعضاء هم: السماسرة الوكلاء، وسماسرة الصالة، وتجار الصالة، والمتخصصون، وتجار الطلبات الصغيرة.

أ-السماسرة الوكلاء:

السمسار الوكيل هو شخص يحمل عضوية البورصة، ويعمل ****ل لأحد بيوت السمسرة، كما قد يعمل تاجرا لحسابه الخاص. ولبيوت السمسرة الكبيرة مصدرين للسيطرة على هؤلاء الأعضاء: فهناك السيطرة المباشرة والتي تنشأ من جراء قيام بيت السمسرة بإقراض السمسار رسم العضوية، ويظل القرض قائما دون الحاجة إلى سداد قيمته طالما ظل السمسار في خدمة بيت السمسرة. وفي غياب السيطرة المباشرة مازال هناك مصدر آخر للسيطرة هو السيطرة غير المباشرة، التي تتمتع بها بيوت السمسرة الكبيرة بسبب ضخامة حجم معاملاتها بشكل يجعل خدماتها موضعا للمنافسة بين هؤلاء الأعضاء، خاصة وهم يعلمون أنه بإمكان بيت السمسرة الالتجاء إلى سماسرة الصالة لتنفيذ معاملاته.

ب-سماسرة الصالة:

يطلق على سمسار الصالة أحيانا سمسار السماسرة وهو لا يعمل لحساب بيت سمسرة بعينه بل يقدم الخدمة لمن يطلبها، ومن ثم فإن عليه أن يدفع رسم العضوية من أمواله الخاصة. وفي فترات دورية النشاط يقدم هؤلاء السماسرة خدماتهم للسماسرة الآخرين داخل السوق، حيث يجرون المعاملات نيابة عنهم، في مقابل الحصول على جزء من العمولة. وهكذا فإن وجود سماسرة الصالة يسهم في الحد من إمكانية حدوث اختناق في المعاملات، كما يتيح لبيوت السمسرة ممارسة نشاطها بعدد قليل من السماسرة الوكلاء، وذلك طالما يمكنها الاعتماد على سماسرة الصالة لإتمام معاملاتها.

ج- تجار الصالة:

يطلق على تجار الصالة بالمضاربين، كما قد يطلق عليهم التجار المسجلون. وهم يشبهون سماسرة الصالة في أنهم يدفعون رسوم العضوية من أموالهم الخاصة، غير أنهم يختلفون عنهم في أنهم يعملون لحسابهم فقط. بمعنى أنهم لا ينفذون عمليات لحساب الجمهور أو لحساب سماسرة. بل ينتهزون فرص سانحة للبيع أو الشراء داخل صالة السوق على أمل تحقيق الربح.

د- المتخصصون:

ويقصد بالمتخصصين أعضاء السوق الذي يتخصص كل منهم في التعامل في أهم مجموعة محددة من المنشآت. بمعنى أنه لا يمكن أن يتعامل في ورقة مع أكثر من متخصص واحد. وهو الذي يطلع وحده على دفتر الأوامر المحددة للأسهم التي يتعامل فيها، وهو ما يعد بالطبع نوع من الاحتكار. ويدفع المتخصص رسم العضوية من أمواله الخاصة، ويحدد مجلس المحافظين المكان المخصص الذي سيعمل فيه كل متخصص. ويجمع نشاط المتخصص بين السمسرة والاتجار، فهو يشبه السمسار من حيث أنه ينفذ معاملات لسماسرة آخرين مقابل عمولة، ويشبه التاجر بأنه يشتري ويبيع بهدف تحقيق الربح. ويعمل المتخصص بطريقة تحقق الأداء المنتظم والمستمر في السوق، ففي حالة زيادة المعروض عن المطلوب فإنه يقوم المتخصص بشراء الفائض ليضيفه إلى ما لديه من المخزون كما يعمد كذلك إلى تخفيض هامش الربح المتمثل في الفرق بين السعر الذي يشتري به والسعر الذي يبيع به بهدف زيادة الطلب على الورقة المالية وذلك في محاولة منه لتحقيق التوازن والعكس صحيح في حالة زيادة المطلوب عن المعروض لورقة مالية.

ه- تجار الطلبات الصغيرة:


يقصد بتجار الطلبات الصغيرة أو لائك التجار الدين يقومون بشراء الأوراق المالية في طلبات (أوامر) صحيحة أو غير كسرية (100 سهم أو مضاعفاتها) ثم البيع لمن يريد الشراء بكميات كسرية (أقل من 100 سهم) ويحقق هؤلاء التجار الربح من الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء الذي عليه بالهامش، والذي عادة ما يكون أكبر نسبيا بالقياس بغيرهم من التجار الذين يبيعون بكميات أكبر في الطلبية الواحدة. غير أن دخول بيوت السمسرة والمتخصصين في سوق الطلبات الصغيرة، قد أدى إلى إجبار هؤلاء التجار على تخفيض الهامش الذي يحصلون عليه.


* الأسواق غير المنظمة:

يطلق اصطلاح الأسواق غير المنظمة على المعاملات التي تجري خارج البورصات، والتي يطلق عليها السوق الموازي التي تتولاها بيوت السمسرة المنتشرة في جميع أنحاء الدولة، حيث تتم من خلال شبكة كبيرة من الاتصالات القوية التي تتمثل في خطوط تلفونية أو أطراف للحاسب الآلي وغيرها من وسائل الاتصال السريعة التي تربط بين السماسرة والتجار والمستثمرين.
ومن خلال هذه الشبكة يمكن للمستثمر أن يختار من يقدم له أفضل الأسعار. والجدير بالذكر أن تحديد سعر الورقة المالية يتم بالتفاوض، وعادة ما يسبق عملية التفاوض هذه قيام المستثمر بالتعرف على الأسعار المختلفة التي تعرض عليه بواسطة السماسرة أو التجار وعادة ما توجد- خاصة في الدول المتقدمة- شبكة قوية من أطراف الحاسب الآلي توفر لحظة بلحظة الأسعار لكل ورقة متعامل فيها.




*- السوق الثالث:

وهو قطاع من السوق غير المنظم، بمعنى أن صفقات بيع وشراء الأوراق المالية تتم خارج البورصة(أي السوق المنظمة) ويتم التعامل من خلال أعضاء من بيوت السمسرة خارج أعضاء السوق المنظم. وهذه الأسواق على استعداد لشراء أو بيع الأوراق المالية بأي كمية. وكذلك نجد أنه من حق أعضاء بيوت السمسرة هذه التعامل في الأوراق المالية المسجلة في السوق المنظم، بينما أعضاء السوق المنظمة ليس لهم حق تنفيذ أو عقد صفقات خارج السوق على هذه الأوراق المالية المسجلة فيها.
إن بيوت السمسرة هذه قد تشكل عنصرا منافسا لأعضاء داخل السوق المنظم خاصة وأن العملاء في السوق غير المنظم هم مؤسسات الاستثمار الكبيرة. ومن أهم أسباب وجود هذه السوق اعتقاد العملاء – أي المؤسسات الاستثمارية – بأن تنفيذ العمليات يتم بسرعة كبيرة أيضا إمكانية التفاوض في مقدار العمولة التي يحصل عليها أعضاء بيوت السمسرة من خارج البورصة إلى حد الحصول على تخفيضات مغرية، خاصة أن سماسرة هذه السوق غير ملزمين بحد أدنى للعمولة، هذا من جانب، ومن جانب آخر نجد أن تعاملهم مع كبار المستثمرين ذوي الخبرة العالية لا تتطلب منهم تقديم أي خدمات خاصة أو إضافية من مشورة وغيرها إلا في حدود ضيقة جدا.

* السوق الرابع:

وهو يشبه السوق الثالث في أن الصفقات تتم خارج السوق المنظمة غير أن التعامل يتم عن طريق الاتصال المباشر بين المؤسسات الاستثمارية الكبيرة أو الأفراد الأغنياء دون حاجة لأعضاء بيوت السمسرة. ومما يسهل هذا الاتصال وجود شبكة قوية من الاتصالات سواء عن طريق الهاتف أو الحاسب الآلي. وبالتالي يمكن القول أن أهم أسباب وجود هذه السوق هو الحد من العمولات التي تدفع للسماسرة.
والجدير بالذكر أنه قد يتم الاستعانة بوسيط لإتمام الصفقة والمعروف أن أعباء الوسيط تكون أقل بكثير من تكلفة وعمولة السماسرة.
وفي هذا السوق يتم التعامل على كافة الأوراق المالية المتداولة سواء كانت داخل السوق المنظم وخارجه.

*- أسواق أخرى:

إلى جانب الأسواق الثلاث، هناك أسواق أخرى يخلقها بطريق مباشر أو غير مباشر السماسرة والتجار الذين يتنافسون فيما بينهم من خلال تقديم خصم في العمولة التي يتقاضونها ويمارس النشاط في هذه الأسواق سماسرة الخصم، وتجار الطلبات الكبيرة.

*- كفاءة سوق رأس المال:

في السوق الكفء يعكس سعر السهم الذي تصدره منشأة ما، كافة المعلومات المتاحة عنها سواء الماضية أو المتوقعة... ومعنى هذا أنه في ظل السوق الكفء فإن القيمة السوقية للسهم هي قيمة عادية تعكس تماما قيمته الحقيقية.
وفي ظل السوق الكفء يصعب على أي مستثمر أن يحقق أرباحا غير عادية على حساب الآخرين نظرا لتوافر المعلومات وانتشارها بينهم، وهذا يعني عدم وجود فاصل زمني بين تحليل المعلومات الواردة إلى السوق وبين التوصل إلى نتائج محددة بشأن سعر السهم، بحيث يحدث تغيير فوري في السعر.

4- الوظائف الأساسية للبورصة:

تشكل البورصة آلية هامة من آليات تجميع الموارد المالية وتوظيفها في المشروعات الاستثمارية من خلال اقتناء الأفراد والشركات لما يتداول في هذه الأسواق من أسهم وسندات وأدوات مالية أخرى، وتؤدي البورصة عددا من الوظائف الرئيسية منها:

- التعامل بالأوراق المالية:

يتم في البورصة بيع وشراء الأوراق المالية لمختلف الشركات ويحدد السعر الحقيقي لهذه الأوراق طبقا لما يكفل السوق من ضمانات تمنع من احتكار البائعين لصنف معين لدفع ثمنه. كما أن هذه الأوراق تبرز ويتم تسجيلها في مكان ظاهر ورسمي وتنشر في النشرة اليومية بعد مراجعاتها من طرف اللجنة المختصة من أجل سلامة العمليات التي تعقد في سوق البورصة.

- تعبئة المدخرات:

مع توفير درجة من السيولة لكل من المدخرين والمستثمرين فعملية شراء وبيع الأوراق المالية في سوق التداول ليست استثمارا ماليا فقط حيث يتم في البورصة تشجيع الادخار وتوفير الأموال اللازمة لتمويل المشاريع، كما يترتب على عملية التداول تسييل الأوراق المالية وتحويلها إلى أموال قابلة للاستثمار في مجالات مختلفة داخل الاقتصاد. وهذا يسمح لجمهور المدخرين بالحصول على أصول مالية بعد ما فآتتهم فرصة شرائها عند الإصدار الأولي، ولذلك يجب أن تكون البورصة مزودة بشبكة اتصالات متطورة تربط بينها وبين المؤسسات المتعاملة فيها. إضافة إلى ذلك ينبغي توفير البيانات والمعلومات لجمهور المستثمرين وذلـلإعطائهم صورة واضحة عن نشاطات الشركات وتوقعات نموها وأرباحها.

- استثمار رؤوس الأموال:

حيث أن الاستثمار في الأوراق المالية يتميز بمرونة التعامل في السوق وسهولة الشراء والبيع، كما يمكن لأي مستثمر صغير أو كبير أن يدخل السوق، حتى إن لم تكن لديه خبرة ولذلك نجد هناك أسهما في شركات مختلفة صناعية وتجارية...الخ

- ضمان سيولة أموال المستثمرين:

الأشخاص الذين يملكون مجموعة من الأوراق المالية إحدى الشركات وكانوا في حاجة سيولة لسب أو لآخر، كرغبتهم في إعادة استثمار أموالهم في مشروع آخر ولا يمكنهم أن يطلبوا من هذه الشركة رد نقودهم لأنها تحولت إلى موجودات ثابتة ممثلة في أراضي وآلات ومواد أولية وغيرها، فالبورصة وحدها هي التي تيسر لهم التخلص من هذه الأوراق المالية من خلال بيعها والحصول على سيولة لاستعمالها في مشروع آخر.


- إيجاد أسواق دائمة مستمرة ومفتوحة للتعامل:

بمعنى تنفيذ الصفقة بسعر مقارب لأسعار الصفقات السابقة واللاحقة لنفس الورقة المالية، ويتحقق ذلك من خلال قوى السوق وقانون العرض والطلب، حيث تكون الأسواق حرة ومفتوحة لجميع المستثمرين دون النظر إلى مراكزهم المالية ومنع السيطرة على السوق من جانب قلة من المضاربين.

- توجيه الاستثمار وتشجيع قيام الاستثمارات الكبيرة:

وذلك من خلال تغيرات أسعار الفائدة في البنوك، حيث أنه بانخفاضها تنتقل رؤوس الأموال إلى الأسواق المالية إذا كانت الفوائد والأرباح فيها أعلى. كما أن وجود الصناعات الاستخراجية الثقيلة التي تعتمد على أي أساليب تكنولوجية عالية عادة ما تتطلب أحجام ضخمة من الأموال التي لا يمكن توفرها إلا من خلال تضامن كل أفراد المجتمع .

- التغطية ضد المخاطر:

لا يمكن للبورصة أن تجعل من المخاطر منعدمة بل تخفض منها فقط وذلك من خلال ما يلي
1- مرونة السوق في امتصاص الهزات والتقلبات.
2- إتاحة الفرصة للقيام باستثمارات متفاوتة في درجة الخطورة.
3- تجنيب المستثمرين من مخاطر الاستثمارات الخارجية وذلك بتوفير الاستثمارات المحلية.
4- بما أن البورصة هي جهاز رقابة على الشركات المساهمة وإدارتها فهي تكفل حماية للمساهمين من أي تلاعب أو انتكاس ناتج عن سوء الإدارة أو الإهمال.
5- يتم تحديد سعر التوازن للأوراق المالية من خلال التفاعل بين البائعين والمستثمرين في السوق، وحسب آلية العمل بسوق المنافسة التامة فتتحرك الأموال السائلة بالاتجاه الذي يحقق العائد المرغوب فيه من قبل المدخرين.




- خلق رؤوس أموال جديدة:

عندما يوضع المساهم أوراقه لدى أحد البنوك يمكنه الحصول على قرض بضمانها مبلغا لشراء أوراق جديدة وذلك نظير فائدة معينة تقل غالبا عن الفائدة التي تغلها تلك الأوراق، هذا بالإضافة إلى أنه عندما يشتري المستثمر أوراقا وارتفعت أسعارها زاد رأس ماله الحقيقي بمقدار الزيادة في القيمة السوقية للأوراق. كما تقوم الشركات الناجحة باستقطاع جزء من الأرباح السنوية للاحتياجات المختلفة وعندما تحتاج إلى هذه المبالغ لاستثمارها في أعمال الشركة يرتفع رأس مالها بتوزيع أسهم مجانية على مساهميها مقابل هذه الاحتياجات أو بقيمة تقل كثيرا عن القيمة السوقية للسهم وبذلك يزيد رأس مال المساهم.





5- تسعيرة البورصة و أوامرها:

سعر البورصة هي القيمة التي يبلغها سند ما أثناء إحدى الجلسات في البورصة، والذي يسجل بعد إنتاهائها فيلوح التسعيرة، ويعكس هذا السعر القيم المختلفة التي تلاقت عندها طلبات البيع والشراء لورقة مالية معينة، يجب أن يؤمن عقد الصفقات لأكبر كمية ممكنة من عروض البيع وطلبات الشراء. يمكن اللجوء إلى ثلاث وسائل مختلف لتحديد سعر البورصة:
1- طريقة المناداة: تتم التسعيرة عن طريق المناداة وبذلك يجتمع ممثلو جميع العروض والطلبات في المقصورة وينادون بأعلى أصواتهم عن ماهية العروض والطلبات التي بحوزتهم حتى يتم التوازن. نظرا للضجيج المحدث بهذه الطريقة فإن المتفاوضين يلجون إلى الإشارات.
2- طريقة المعارضة: وفيها يدون في سجل خاص لكل ورقة مالية مختلف عروض البيع وطلبات الشراء، وتؤدي مجموع هذه التسجيلات إلى معرفة مقدار ما يطلب بيعه وشراؤه من السندات والأسهم وحدود الأسعار المعروضة وبذلك تتحدد تسعيرة التوازن.
3- طريقة الصندوق: يلجأ إلى هذه الطريقة عندما تكون عروض البيع وطلبات الشراء في سوق البورصة كثيرة ومتعددة، فيعمد الوسطاء إلى وضع عروضهم وطلباتهم في صندوق خاص كصندوق البريد، وتعمد لجنة البورصة إلى حساب العروض والطلبات ثم تحدد أسعار البورصة ما يتضمنه الصندوق من عروض وطلبات.
* التسعيرة الرسمية:
يمكن تعريف التسعيرة الرسمية بأنها الوثيقة الأصلية التي تنشرها لجان التسعيرة في البورصة في كل جلسة وغايتها إعلان السعر الذي يتم بموجبه التداول الفعلي للأوراق المالية المقيدة بالتسعيرة.
إن هذه التسعيرة تحتوي على المعلومات التالية:
* عدد السندات وقيمة القرض المقبول في التسعيرة. * عدد السندات وقيمة القرض الموضوع في التداول . * اسم الورقة المالية. * بالنسبة للأوراق المالية ذات الدخل الثابت يذكر أيضا الفائدة ومقدار الضريبة وموعد استحقاق الفوائد. * موعد السحب في حال وجوده. * أسعار الأوراق المالية في جلسة اليوم.* أسهم الشركات الوطنية.
* قيد الأوراق المالية في جدول التسعيرة وشطبها:
تتضمن بورصة الأوراق المالية شروطا خاصة لقبول الأوراق المالية في جدول التسعيرة وذلك محافظة على مستوى الأوراق المالية في التداول وضمان المتعاملين فيها، كما تشطب الأوراق المالية من جدول الأسعار بناء على قرار لجنة البورصة وبأغلبية الثلثين من الأصوات، وذلك إذا لم تعد تستوفي الشروط المقررة لقبولها، وكذلك إذا أشهر إفلاس الشركة ذات الشأن.



- أوامر البورصة:

يقصد بأمر البورصة التوكيل الذي يعطيه عميل ما إلى أحد السماسرة أو الوسطاء لكي يبيع أو يشتري له في البورصة بعض الأوراق المالية التي يعينها له، وفي جميع الحالات، يجب تنفيذ الأمر وإجراء العملية وفقا للقواعد المقررة في البورصة.
يجب تحديد أمر البورصة بكل وضوح دفعا لكل التباس في المستقبل، ومنها: بيان نوع الأوراق المالية موضوع الصفقة، وكمية السندات المطلوبة، والسعر الذي يريده صاحب الأمر لكي تجري بموجبه الصفقة، كما يجب تسمية الورقة المالية حسب ورودها في التسعيرة، وبيان نوعها فيما إذا كانت أسهما أو سندات وكذلك تحديد نوع الأسهم إذا كانت أسهم عادية أو ممتازة، أما فيما يخص السندات فيجب ذكر الفائدة وسنة الإصدار وحقوق التمتع المنبثقة عن الصك.
ويستطيع صاحب الأمر تحديد السعر الذي يرغب أن تتم به الصفقة بطرق مختلفة.
1- الأمر بالسعر الحسن:
وفيه لا يعين صاحب الأمر السعر الذي يجب أن تتم بموجبه الصفقة بل تقدير السعر الملائم إلى السمسار الذي يقوم بانتهاز الفرصة لاختيار أحسن سعر إلا أن السمسار يفضل عادة تنفيذ العملية في البورصة حال استلام الأمر.
2- الأمر بالسعر المحدد:
وفيه يحدد العميل للوسيط السعر الذي يجب أن يشتري أو يبيع به، وهو يتضمن الحد الأقصى فيما إذا كان سعر لشراء أو الحد الأدنى إذا كان سعر بيع، إن الأمر لا ينفد في حالة الشراء إلا إذا كان السعر معادلا أو أقل من السعر المحدد، وفي حالة البيع معادلا أو أكثر من السعر المحدد.
3- شروط الأوامر المرتبطة:
وفيه يطلب العميل من السمسار أن يشتري له سندات من نوع معين إذا استطاع أن يبيع له سندات أخرى يكلفه بيعها أو العكس. حتى هذه الطريقة يجب أن تتم الأوامر المرتبطة في جلسة البورصة.



4- شروط تعيين المبلغ:
وفيها يعين العميل مبلغا من المال لشراء أوراق مالية دون تحديد الكمية، وعلى السمسار شراء عدد معين من الأوراق على ألا يتجاوز الصفقة المحددة بقيمة المبلغ المعين مسبقا من قبل العميل.
لما كان تنفيذ أوامر البورصة يتطلب من صاحبه التزامات مختلفة، أضحى من الضروري أن يصدر عن شخص يتمتع بكامل الأهلية وأن يكون رضاه سليما غير مشوب بعيب، ولما كان السمسار مسئولا عن تنفيذ الأوامر، فله أن يطلب من عميله تقديم ضمانات مالية لتغطية الأوامر الصادرة عنه، وفي حالة البيع تكون الضمانات هي عبارة عن الأوراق المالية ذاتها موضوع الصفقة، وفي حالة الشراء فهي عبارة عن مبلغ من المال يقدمه العميل إلى السمسار. تعين أكثر الأنظمة في البورصة الحد الأدنى لعدد الإسناد الواجب توفرها لإمكان عقد الصفقة في البورصة، ليس هناك شكل معين لأمر البورصة، فقد يكون كتابيا أو شفويا، وعلى العميل أن يوقع في أمر البورصة، وجرت العادة أن يكتفي السمسار من العميل بالكلام أو الهاتف.





6-أنواع الأسواق:
هناك نوعان من الأسواق من حيث طريقة الدفع.فهناك السوق الفورية والسوق الآجلة.وهذا يعني أنه لدخول السوق الفورية يتعين على المشتري أن يدفع ثمن ما اشتراه بعد الشراء مباشرة.وهذا يعني بدوره أن المشتري يتملك ما اشتراه فورا.
في الولايات المتحدة لا يوجد إلا سوقا واحدة يكون فيها الدفع فوريا حيث يتم التسليم والاستلام(دفع المال وأخذ السند) خمسة أيام بعد عملية البيع. وإذا كان المشتري لا يتوفر على المبلغ اللازم لتسديد ثمن السند الذي اشتراه، يمكنه الاقتراض من سمساره المبلغ اللازم لذلك ضمن شروط محددة.
أما السوق الآجلة فيكون فيها الدفع مؤجلا، وهذا يعني أيضا أن التسليم يكون مؤجلا إلى آخر الشهر عند حلول تاريخ التصفية. فالمشتري الذي لا يتوفر على أموال كافية يمكنه الشراء دون أن يدفع في إطار قواعد محددة. بهذه الطريقة يمكن شراء سند بدون دفع أي مبلغ وبيعه بعد عدة أيام والحصول على أرباح في حال ارتفاع سعر السند. وفي حال هبوط سعره مع حلول أجل التصفية يمكن التأجيل ثانية مقابل دفع مبلغ بسيط كحق للتأجيل هذه المرة.هذا النظام الآجل معمول به بشكل خاص في فرنسا.لنا.لطريقة صالحة للأفراد الذين لا يملكون الأموال الكافية للاستثمار في البورصة.لنا.


7-المؤشرات:
يقيس مؤشر السوق مستوى الأسعار السائدة فيه . وإذا ما كان نشاط المنشآت التي تتداول أوراقها المالية في سوق رأس المال يمثل الجانب الأكبر والرئيسي من النشاط الاقتصادي في الدولة ، فإنه إذا ما اتسمت السوق بقدر من الكفاءة ، فإن المؤشر المصمم بعناية لقياس حالة السوق ككل يمكن أن يكون مرآة للحالة الاقتصادية العامة للدولة .
من أهم المؤشرات على المستوى العالمي مؤشر داو جونز DOW JONES، وهو مؤشر بورصة أنشئ عام 1897 من قبل إحدى الجرائد المشهورة في عالم المال والأعمال وهي جريدة وول سترييت جور نل Wall Street Journal. يحسب هذا المؤشر يوميا من قبل شركة داو جونز وشركائه، ويمثل هذا المؤشر معدل أسعار ثلاثين قيمة(شركة) صناعية منتقاة بشكل يسمح بعكس الاتجاه العام للأسعار ببورصة نبو يورك.ولا نغادر نبو يورك دون الإشارة إلى مؤشر ناسداك Nasdaq الذي تغلب عليه القيم التكنولوجية.
ويقابل مؤشر داو جونز مؤشر فوتسي Footsieفي لندن، ونيكاي Nikkei في طوكيو، وداكس Dax في فرنكفورت، وكاك40 CACفي باريس







8-التحليل الأساسي والتحليل الفني لأسعار الأسهم
يبذل المستثمرون في بورصات الأسهم في العالم قصارى جهودهم للتعرف بشكل مسبق علي اتجاه تحركات الأسهم صعوداً أو هبوطاً بغية تحقيق أكبر عائد ممكن. فما هي الوسائل المتاحة التي يمكن عن طريقها التنبؤ بشكل صحيح بقمة السوق أو قعره، أو الكشف بشكل مبكر وصحيح عن قمة سعر سهم شركة معينة أو قعره؟

هناك في الحقيقة عدد كبير من الوسائل يستخدمها المحللون الاقتصاديون ومديرو صناديق الاستثمار المشتركة Mutual Funds وصناديق التقاعد ومؤسسات الأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان وبقية دول العالم. تقسم هذه الوسائل إلي فئتين هما فئة التحليل الأساسي Fundamental Analysis وفئة التحليل الفني Technical Analysis

أولاً: التحليل الأساسي:

يرتكز التحليل الأساسي علي ثلاث وسائل هي تحليل الاقتصاد وتحليل الصناعات وتحليل الشركات.
(1) تحليل الاقتصاد
\ يشتمل تحليل الاقتصاد لأي بلد بالدرجة الأولي علي ما يلي:
- تحديد النمو المتوقع.
- التعرف علي عوامل اقتصادية مهمة مثل مستوي البطالة، مستوي التضخم والذي يؤثر بشكل مباشر علي مستوي الفوائد، ومستوي دخل الفرد والذي يؤثر علي قوته الاستهلاكية.
- الوفر أو العجز بميزانية الحكومة.
- الوفر أو العجز بميزان المدفوعات والتجارة الخارجية، الأمر الذي يؤثر علي سعر صرف العملة.
ويحاول المحللون الأساسيون، عن طريق دراسة تلك العوامل الاقتصادية المهمة في أي بلد، التنبؤ باتجاه سوق البورصة فيه. فمن المعروف أن البورصات تتجه بشكل عام للصعود في فترات الازدهار الاقتصادي والهبوط في فترات الركود والانكماش الاقتصادي، فنتائج التحليل الاقتصادي تساعد المستثمر علي اختيار الوقت المناسب لدخول سوق الأسهم أو الخروج منها.

(2) تحليل الصناعات \ أما تحليل الصناعات فيهدف للتعرف علي مستقبلها في ظل التطورات الاقتصادية في البلد المعنى، فمن المعروف أن هذه الصناعات لا تستفيد بدرجة متساوية من أي ازدهار اقتصادي، ولا تتأثر بنفس القوة بأي ركود يصيب الاقتصاد.
ففي الثمانينات مثلاً أدي الإنفاق العسكري الهائل، بسبب الحرب الباردة وسباق التسلح، إلي نمو قوى في قطاع الصناعات الحربية، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، مما أدي إلي تفوق أسهم أغلب شركات هذا القطاع علي أسهم الكثير من الشركات في قطاعات صناعية أخري. فالمستثمر الذي قام بتحليل هذا القطاع بشكل مبكر، وتمكن من الكشف عن إمكانيات نموه وتوسعه وربحيته، ووظف أموالاً في أسهم شركاته، حقق آنذاك عائداً استثمارياً ممتازاً.
أما في التسعينات وبعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي وجدار برلين، فقد بدأت أغلب الدول الصناعية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية في تقليص ميزانيات الدفاع للتخلص من العجز في ميزانياتها ولتخفيض الديون التي تراكمت عليها بسبب برامج التسلح الباهظة التي نفذتها أثناء فترة سباق التسلح. ففي ظل الانكماش في الإنفاق العسكري انقلبت الأحوال بالنسبة لهذا القطاع، وبدأ التقلص مما أدي إلي تراجع قوى في ربحية غالبية الشركات المنتمية إليه وبالتالي إلي انخفاض أسعار أسهمها. فالمستثمر الذي تمكن عن طريق تحليل أوضاع هذا القطاع الصناعي التنبؤ بشكل مبكر بهذه التطورات السلبية والانسحاب في الوقت المناسب من هذا القطاع، وبيع استثماراته فيه أنقذ نفسه من خسائر كبيرة ومؤكدة. والآن وفى مطلع القرن الحادي والعشرين وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001م في نيويورك وواشنطن بدأ قطاع الصناعات الحربية الأمريكية بالانتعاش بسبب ارتفاع الإنفاق العسكري مما سيؤدى إلي تحسن مبيعات شركات هذا القطاع وبالتالي ارتفاع ربحيتها وأسعار أسهمها.
إن التحليل الأساسي للقطاعات الصناعية المختلفة يمكِّن المستثمر من اختيار القطاعات التي يتوقع لها الازدهار والنمو والربحية في ظل التطورات الاقتصادية المنتظرة. بعد ذلك يستطيع المستثمر الانتقال إلي المرحلة التالية والتي تهدف إلي تحليل شركات هذه القطاعات المختارة للتعرف علي الشركات الرائدة فيها.

(3) تحليل الشركات \ يهدف تحليل الشركات بالدرجة الأولي لتحديد ربحيتها ومدي نموها وقوتها المالية وقدرتها علي منافسة غيرها من الشركات المنتجة في القطاع عينه لاختيار الشركة الأولي في كل قطاع والتي من المتوقع أن تتفوق من حيث نموها وربحيتها علي قريناتها في هذا القطاع.
إن دراسة أوضاع الشركات ومتابعة أحوالها باستمرار تمكِّن المستثمرين من التعرف وبشكل مبكر علي أية متغيرات إيجابية أو سلبية قد تطرأ علي أوضاع هذه الشركات فتؤثر علي أسعار أسهمها.

ثانياً: التحليل الفني تحاول وسائل التحليل الفني، والتي يزيد عددها علي الأربعين والمطبقة علي أسواق الأسهم ككل أو علي أسعار الأسهم الإفرازية، التنبؤ بالتغيرات التي ستطرأ علي مؤشرات الأسهم في الأسواق أو علي أسعار الأسهم الإفرازية في المستقبل، عن طريق دراسة سلوك هذه المؤشرات والأسعار في الماضي ومتابعة ظروف العرض والطلب علي الأسهم في هذه الأسواق ومعدلات التعاملات فيها. ويستخدم المحللون الفنيين بيانات وإحصائيات عن قيم مؤشرات الأسهم في الماضي في الأسواق التي يتتبعونها للاستدلال منها علي اتجاه تحرك هذه الأسواق في المستقبل صعوداً أو هبوطاً واستنتاج أي انحراف عن هذا الاتجاه. أما بالنسبة للأسهم الإفرادية فهم يجمعون أيضاً إحصائيات عن أسعار هذه الأسهم وأحجام التعامل بها في الماضي لاستخدامها للتنبؤ باتجاه تحرك هذه الأسعار في المستقبل. فالمحللون الفنيين يعتقدون بأن أسعار الغد تتأثر إلي حدٍ كبير بأسعار اليوم والأمس. يمكن تصنيف وسائل التحليل الفني إلي مجموعتين رئيسيتين هما:
أ- تهدف المجموعة الأولي إلي تنبؤ اتجاه السوق ككل عن طريق دراسة ما يمكن تسميته أدلة السوق Market Indicators، فبواسطة هذه الأدلة يحاول المحللون الفنيين التعرف علي قعر السوق Market Bottom وبالتالي علي بداية السوق الصاعدة Bull Market. وبالوسائل ذاتها يحاول هؤلاء المحللون الكشف عن نهاية السوق الصاعدة، أي قمة السوق Market Top. ومن أهم هذه الوسائل من المجموعة الأولي:
- نظرية داو Dow Theory.
- مؤشر مجلة برونز للثقة Barronصs Confidence Index.
- نسبة مشتريات صغار المستثمرين من الأسهم ومبيعاتهم.
ب- المجموعة الثانية من وسائل التحليل الفني يمكن تطبيقها علي السوق ككل وعلي سهم شركة معينة للتعرف علي تغير سعره واتجاه هذا التغير مستقبلاً من أهم وسائل المجموعة الثانية:
- الرسوم البيانية المسماة Charts.
- المعدلات المتحركة Moving Averages.
- أحجام التعامل Volume of Trading.
أخيراً قد يتساءل الطالب علي أي من الطريقتين (التحليل الأساسي أو التحليل الفني) يمكن الاعتماد بشكل موثوق به لاستطلاع المستقبل والتعرف علي حركة الأسواق أو أسعار الأسهم الإفرادية المحتملة؟

الاختيار:

لقد دلت التجربة العملية علي أن التحليل الأساسي يمثل الطريقة الأكثر صحة للتنبؤ بمستقبل السوق. أما طريقة التحليل الفني فكثيراً ما تخطئ في التنبؤ. فقد تعطى هذه الطريقة إشارة بيع Sell Signal أي أنها تتوقع انخفاض السوق ثم يحدث العكس فترتفع السوق.
بناء علي نقطة الضعف هذه تقوم بعض شركات الأبحاث بتطبيق الطريقتين جنباً إلي جنب لتؤكد أحداهما صحة نتائج الأخرى.
ثم إن طريقة التحليل الأساسي قابلة للتطبيق في سوق أي بلد من الأسواق في. أما طريقة التحليل الفني فقد طورت بالاعتماد علي السوق الأمريكية. وللتمكن من تطبيقها علي سوق الأسهم في مكان آخر، لابد من إدخال تعديلات علي العديد من وسائلها.

9-الأوراق المالية:

يمكن تعريف الأوراق المالية بأنها قيم منقولة، أو حصص قابلة للتداول، تصدرها شخصيات عامة ( مثل حكومات أو هيئات حكومية ) أو شخصيات خاصة ( مثل شركات الأموال ) في صورة صكوك، تثبت أن صاحبها يمتلك نصيبا في رأس مال شركة (سهم ) أو حصة في قرض، لشخص معنوي، عام أو خاص (سند ).
ويمكن تقسيم الأوراق المالية، من حيث تاريخ استحقاقها إلى أوراق مالية متوسطة الأجل، وأراق مالية طويلة الأجل. ويمكن تقسيمها من حيث ماهيتها إلى أوراق مالية، تمثل ملكية، وهي الأسهم، وأوراق مالية تمثل مديونية وهي السندات.

أولا: الأسهم actions


السهم صك، يثبت لصاحبه الحق في حصة شائعة، في لأسهم، في أصول شركة مساهمة، أو توصية بالأسهم، ويعطيه الحق في الحصول على حصة من الأرباح، التي تحققها الشركة.وتكون مسؤولية المساهم محدودة بقدر ما يملكه من أسهم، وبقدر قيمة هذه الأسهم. ويتميز السهم عن باقي الأوراق المالية، في أنه يمنح صاحبه عائدا متغيرا، يلائم ما يملكه من أسهم، وما حققته الشركة من أرباح.
إضافة إلى ذلك فإن السهم يختلف عن باقي أنواع الأوراق المالية، في أنه عادة يعطي لصاحبه الحق في التصويت.
والسهم هو شهادة تتضمن بيانات أساسية، تتمثل في اسم الشركة التي أصدرته، وعنوان مركزها الرئيسي, وغرضها باختصار، ومدتها، وتاريخ قيدها في السجل التجاري ورقمه ومحله، وقيمة رأس المال بنوعيه ( المرخص به والمصدر )، وعدد الأسهم المصدرة وأنواعها، وخصائص كل نوع، وقيمة السهم الاسمية، وما دفع منها، واسم مالكه.

*-خصائص الأسهم والقيمة التي تصدر بها.

أولا: خصائص الأسهم:
تتمتع الأسهم بالعديد من الخصائص، أهمها تساوي قيمة الأسهم، وعدم قابليتها للتجزئة، وتداوله بالطرق التجارية.
1- تساوي قيمة الأسهم:
يقسم رأس مال الشركة المساهمة، إلى أسهم متساوية القيمة، وتحدد القوانين التجارية للدول، الحد الأدنى، والحد الأقصى. لقيمة كل سهم.
ويترتب على مبدأ تساوي قيمة الأسهم، المساواة في الحقوق التي يمنحها السهم، وهي الحق في الأرباح والتصويت، وكذلك المساواة في الالتزامات، التي يرتبها السهم. إلا أن هذه المساواة، ليست من النظام العام، وذلك لجواز نص نظام الشركة على امتداد أسهم ممتازة، تخول أصحابها أولوية في الأرباح أو في موجودات الشركة، أو في منح أصحابها عددا أكبر من الأصوات.
وعلى الرغم من أن هذا النوع من الأسهم يعطي بعض الميزات لأصحابها، إلا أنه يجب أن تتحقق المساواة بين الأسهم المتشابهة، التي تنتمي إلى فئة واحدة، ما يعني وجوب تساوي قيمة الأسهم الممتازة التي تصدرها الشركة نفسها، في القمة والحقوق والالتزامات.
2- عدم قابلة السهم للتجزئة:

عدم قابلية السهم للتجزئة، تعني عدم تجاوز تعدد مالك السهم، أمام الشركة. وبناء على ذلك، فإن اشتراك شخصين أو أكثر في ملكية سهم واحد، نتيجة لإرث أو هبة أو وصية، لا يسري في مواجهة الشركة، على الرغم من صحته. 3- تداولزم أصحاب السهم باختيار شخص فيما بينهم، يتولى الحقوق المتصلة بالسهم تجاه الشركة، ويعد هذا الشخص أمام الشركة، الحائز الوحيد فلا يكون لكل من مالكي السهم الحق في الحصول على ما يمثله نصيبه في السهم من أرباح كما لا يكون لكل منهم صوت في الجمعية العامة.
تداول الأسهم:

من أهم خصائص السهم قابليته للتداول، على خلاف الحصة في شركات الأشخاص، التي لا يجوز في الأصل، التنازل عنها لأجنبي من الشركاء، إذ تكون المرتبة الأولى للاعتبار الشخصي. وقابلية السهم للتداول، تجيز حرية التنازل عنها لأجنبي من الشركاء.
وقابلية السهم للتنازل، تجيز حرية التنازل عنه لغيره. ثانيا:الحاجة إلى الحصول على قبول الشركة للتنازل، ويرجع ذلك إلى أن شركات الأموال تأخذ بالاعتبار المالي دون الاعتبار الشخصي.

ثانيا: قيمة السهم
للسهم عدة أنواع من القيم، فله قيمة اسمية وقيمة حقيقية وقيمة سوقية وقيمة إصدار.
1- القيمة الاسمية:
القيمة الاسمية للسهم، هي القيمة التي تكتب على الصك نفسه والتي تحدد عند إنشاء
الشركة المصدرة. ويقدر رأس مال الشركة على أساس القيمة الاسمية لمجموع الأسهم
والقاعدة أنه لا يجوز لشركة الأموال إصدار السهم بأقل أو أكثر من قيمته الاسمية.
2- القيمة السوقية:
القيمة السوقية، أو القيمة التجارية للسهم، هي قيمته في سوق الأوراق المالية، فهي تمثل القيمة البيعية للسهم. وترتبط القيمة السوقية للسهم، بمدى نجاح الشركة أو فشلها، في نشاطها التجاري، وتحقيق أرباح من عدمه، ومدى الزيادة في قيمة مجوداتها، فإذا نجحت الشركة في تحقيق ذلك، ازدادت القيمة السوقية للسهم، نتيجة ارتفاع الإقبال على أسهمها في بورصة الأوراق المالية.
3- القيمة الحقيقية:
تعكس القيمة الحقيقية للسهم نصيبه من موجودات ( أموال ) الشركة " أي صافي موجودات الشركة أو صافي أصولها يمثل إجمالي موجودات الشركة مطروحا منها خصومها (التزاماتها) "
بعد إعادة تقديرها، وفقا للأسعار الجارية. وتمثل هذه القيمة مؤشرا حقيقيا إلى مدى قوة المركز المالي للشركة.
4- قيمة الإصدار:
قد يحدث أن تصدر الأسهم بقيمة إصدار أكبر من القيمة الاسمية للسهم.

والفرق يمثل مصاريف الإصدار وعلاوته، التي تحصل لمواجهة النفقات الإدارية والدعائية، اللازمة لإصدار الأسهم، والهدف من علاوة الإصدار إبقاء القيمة الاسمية لرأس مال الشركة صافية.

أنواع الأسهم

تتعدد أنواع الأسهم وفقا لاعتبارات مختلفة وأبرزها:
أولا: من حيث طبيعة الحصة
ينقسم السهم من حيث طبيعة المساهم إلى سهم نقدي وسهم عيني.
1- السهم النقدي هو السهم الذي يدفع المكتتب فيه قيمته نقدا.
2- السهم العيني: هو ذلك السهم الذي يدفع قيمته المكتتب بتقديم حق عيني ( عقار مثلا )، إلى الشركة المصدرة للسهم، في مقابل الحصول عليه ( حصة عينية ).
ويختلف السهم النقدي عن السهم العيني في أنه كاملة، ينص المشرع على وجوب تقدير قيمة الحصة العينية للتحقق من حصة هذا التقدير حتى يحصل المساهم مقابل حصته العينية على أسهم تلائم قيمتها الاسمية القيمة الحقيقية لهذه الحصة.كما يوجب المشرع الوفاء بقيمة الحصة العينية كاملة، في حين يجيز الوفاء بقيمة السهم النقدي على أقساط.

ثانيا: من حيث طريقة التداول
تختلف طريقة تداول السهم حسب الشكل الذي يتخذه، سهم اسمي، أو سهم لحامله أو سهم إذني.
1- السهم الاسمي، هو ذلك السهم الذي يحصل اسم صاحبه ويمكن التخلي عنه، بإرادة المتعاقدين ولا يعد التصرف ساريا في حق الشركة، إلا إذا دوّن في سجل خاص معد لذلك، يتعين على الشركة إمساكه ويسجل البيع ( أو الهبة ) في سجل الشركة في مجلس يحضره المتعاقدان ومندوب الشركة.
2- السهم لحامله: هو ذلك السهم الذي لا يذكر فيه اسم المساهم وهو يتداول من طريق التسليم المادي ( من يد إلى يد ) من المتنازل إلى المتنازل له.
3- السهم ألإذني، هو ذلك السهم الذي يكون لأمر أو لإذن صاحبه وترد عبارة الأمر أو الإذن مقرونة باسم صاحب السهم. ويكون تداوله بالتظهير أي بالكتابة على ظهره بما يفيد التخلي عنه. وهذا النوع من الأسهم نادر بوجه عام .





ثالثا: من حيث الاستهلاك
تنقسم الأسهم من حيث الاستهلاك إلى أسهم رأس مال وأسهم تمتع.
1- أسهم رأس المال
هي تلك الأسهم التي لا يجوز رد قيمتها للمساهم، إلا عند انقضاء الشركة، وبعد الوفاء بديونها، وبذلك، يظل المساهم شريكا في الشركة، ما دامت قائمة الأسهم في الأصل أسهم رأس مال وتمثل أسهم التمتع استثناء من القاعدة.
2- أسهم تمتع:
هي تلك الأسهم التي يحصل صاحبها على قيمتها الاسمية أثناء حياة الشركة، من دون الانتظار إلى موعد انقضاء الشركة، وهو ما يسمى باستهلاك السهم.
وتضطر الشركة إلى إصدار مثل هذه الأنواع من الأسهم في حالة خشيتها من هلاك مجوداتها عن انقضائها، كما هو الوضع في حالات أنشطة المناجم والمحاجر التي تنتهي بعد مدة معينة، أو كالشركة التي تحصل على امتياز حكومي تؤول بانتهاء مدته جميع مجوداتها إلى الحكومة مثل شركات الكهرباء والمياه والنقل. وتوجد طريقتان لاستهلاك السهم.

الطريقة الأولى:
يستهلك فيها السهم من طريق القرعة. وترد فيها القيمة الاسمية للأسهم إلى المساهمين الذين تعين أسهمهم من طريق القرعة.
الطريقة الثانية:
تستهلك فيها القيمة الاسمية لكافة الأسهم على المدى الزمني، الذي يحدده نظام الشركة، من طريق رد جزء من القيمة الاسمية لكافة الأسهم كل عام لتستهلك كلها في نهاية المدة.
ويشترط لاستهلاك الأسهم، أن ترد القيمة الاسمية للأسهم المستهلكة، من فائض الأرباح، التي حققتها الشركة، إذ لا يجوز الاستهلاك من رأس المال، وذلك تطبيقا لمبدأ ثبات رأس المال, الذي يمثل ضمانا لحقوق دائني الشركة.

رابعا: من حيث حقوق الملكية.
تنقسم الأسهم من حيث الحقوق التي يكتسبها المساهمون، إلى أسهم عادية وأسهم ممتازة.

1- الأسهم العادية:
الأصل في الأسهم أنها تصدر عادية، أي تمنح حامليها حقوقا متساوية والتزامات واحدة، ويتمتع حملة الأسهم العادية بالعديد من الحقوق التي تتضمن عليها قوانين الدولة، وتتمثل أهم هذه الحقوق في:
- الحق في الاشتراك في الأرباح عند توزيعها.
- الحق في الاشتراك في الإدارة.الحق الإدارة.ت والإدارة.رة.جلس الإدارة.
- الحق في حضور الجمعيات العمومية.
- الحق في نقل ملكية الأسهم، من دون إذن مسبق من الشركة.
- حق الاشتراك في موجودات الشركة عند تصفيتها.

2- الأسهم الممتازة:
إن إصدار هذه الأسهم، يسفر عن منح حقوق وامتيازات لبعض المساهمين، ولا يعد ذلك إخلالا بمبدأ المساواة بين المساهمين، لأن هذه المساواة قاصرة على المساهمين من فئة واحدة ممن اشتركوا في وقت واحد. فغالبا ما تلجأ الشركات إلى عدم تقرير هذه الامتيازات إلا في حالات معينة، غالبا ما تكون عند زيادة رأس المال لإغراء الجمهور بالاكتتاب في الأسهم الجديدة. إضافة إلى ذلك فقد تعجز الشركات عن الوفاء بحقوق حملة السندات، فتعرض تحويل تلك السندات إلى أسهم ممتازة، فتتخلص بذلك من دينها تجاههم، فيتحول الدائنون إلى مساهمين.
- الميزات التي تتقرر للأسهم الممتازة:
تأخذ الامتيازات التي تمنح بعض الأٍهم عدة صور:
* قد تمنح الأسهم أصحابها عدة أصوات إضافية في اجتماعات الجمعية العامة.
ويعرف السهم في هذه الحالة بالسهم متعدد الأحداث. ويلجأ مؤسسو الشركة إلى هذه الأسهم حتى يتمكنوا من معارضة رغبات المساهمين في تغيير أعضاء مجلس الإدارة.
* قد تتمثل هذه الميزة في صورة أولوية، تمنح حاملي هذه الأسهم الحق في الحصول على أرباح فيحصل أصحاب الأسهم الممتازة على نسبة من الربح توزع عليهم قبل توزيع الربح على باقي الأسهم.
وقد تكون ميزة السهم الممتاز في أولوية اقتسام موجودات الشركة عند التصفية.
* وقد يتقرر امتياز للمساهمين القدامى في الاكتتاب في أسهم الشركة المطروحة بغرض زيادة رأس المال. ويجوز أن يتمتع المساهمون بميزة أو أكثر من الميزات السابقة.




السندات bonds obligations
ترغب الشركات في توسيع نشاطها، مما يستتبع احتياجها إلى مصادر جديدة من الأموال، علاوة على رأس مالها، وما يتححق لها من احتياجات نقدية.
وفي مثل هده الحالات تستطيع الشركة أن تحصل على هذا التمويل إما بزيادة رأس مالها، بأن تصدر أسهما جديدة، وإما بالاقتراض من الغير.
وقد تلجأ الشركة في حالة رغبتها في الاقتراض إلى المصارف إدا كانت المبالغ المطلوبة في قدرة هده المصارف. وفي هده الحالة تكون هده المبالغ صغيرة نسبيا. وتكون محدود
ة بالمركز المالي للشركة وموقفها وسمعتها في السوق. وتستطيع الشركات كذلك أن تلجأ إلى الاقتراض من الجمهور في شكل قرض جماعي من طريق الاكتتاب العام. وقد تفضل الشركات الاقتراض من طريق السندات على زيادة رأس المال من خلال إصدار أسهم جديدة. إلا أن هده الزيادة ستؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة عدد المساهمين الجدد الدين يزاحمون المساهمين القدامى على أرباح الشركة واتخاذ قراراتها.
وفي هده الحالة تعمد الشركة المقترضة إلى تقسيم مبلغ القرض إلى أجزاء متساوية، ويسمى كل منها سندا ويحصل صاحب السند على عائد ثابت يتمثل في فائدة ينص عليها في السند، سواء حققت الشركة ربحا أم خسارة، وتستوفى في آجال محددة. كما يكون لصاحب السند استرداد قيمته في الموعد المتفق عليه والمحدد في السند نفسه، والسند يمثل صكا قابلا للتداول بالطرق التجارية وفقا للشكل الذي يصدر به.
وتقترض الشركة من جمهور المكتتبين في مقابل إصدار سندات ذات قيمة واحدة، تعطيهم إياها ويتحقق الاقتراض من خلال توجيه دعوة للجمهور للاكتتاب في السندات.

مفهوم السندات
يعرف السند بأنه صك قابل للتداول، يثبت دينا طويل الأجل على الشركة ويعطي لصاحبه الحق في الحصول على الفائدة المتفق عليها، إضافة إلى قيمته الاسمية عند انتهاء مدة القرض.

* الفرق بين السند والسهم
يتفق السند مع السهم، في أن كليهما صك قابل للتداول في الوسائل التجارية، وأن له قيمة اسمية متساوية مع مثيلاتها، وأنه غير قابل للتجزئة، بالإضافة إلى أنهما يمثلان مصدرا تمويليا للشركة، ومع دلك فإنها يختلفان في العديد من النقاط الجوهرية. وأبرزها:
1- العلاقة بين حامل الصك والشركة
إن العلاقة التي تربط حامل السند بالشركة، تمثل علاقة دائنة ومديونية، فإصدار الشركة للسندات هو في جوهره عقد قرض بين الشركة والمكتتبين، مع المراعاة أن هدا الإصدار يمثل دينا واحدا للشركة، وليس عدة ديون لعدة مقترضين، والسند يمثل جزء من هدا القرض.
أما السهم فهو شريك في رأس مال الشركة، بمقدار ما له من أسهم.
2- عائد حامل الصك
يمثل العائد الذي يحصل عليه صاحب السند، في صورة فوائد، عائدا ثابتا، لا يتأثر بالنتائج التي تحققها الشركة من ربح أو خسارة، إضافة إلى حقه في استرداد قيمة السند كاملة، في التاريخ المحدد لدلك في السند، أما المساهم فيحصل على عائد متغير للسهم. يتمثل في حصة من أرباح الشركة المحققة والمعلنة.

3- الحق في الإدارة
يكون للمساهم الحق في إدارة الشركة، فهو شريك فيها ويمارس هدا الحق من خلال الجمعية العامة للمساهمين، أما صاحب السند فلا يتمتع بمثل دلك الحق.

4- الأولوية في موجودات الشركة
يتميز صاحب السند عن المساهم، بالأولوية في الحصول على مستحقاته، في حالة إفلاس الشركة وتقسيم موجداتها، فيتقدم على المساهمين الذين لا يقتسمون الموجودات إلا بعد دفع ديون الشركة، ومن بينها ديون أصحاب السندات.
أنواع السندات
تطورت أنواع السندات تطورا سريعا مند بداية السبعينات، حتى يومنا هدا. مما أغنى سوق السندات بأنواع متعددة منها تلبي أغلبية رغبات المساهمين وأهدافهم، سواء كانت متحفضة، أو تتميز بالجرأة والمغامرة. ولا تزال البيئة التجارية تبتكر أنواعا جديدة يوما بعد يوم.
أولا: السندات ذات الاستحقاق الثابت أو المتغير
السندات العامة، هي تلك السندات التي تصدر بقيمة اسمية محددة، يتعين على المكتتب دفع قيمتها كاملة، ويحصل خلال مدة القرض على فائدة ثابتة، لدلك، سميت بالسندات ذات الاستحقاق الثابت، فضلا عن دلك، فإن المكتتب يسترد قيمة السند عند نهاية مدة القرض، ويختلف هدا النوع من السندات عن السندات ذات العائد المتغير. فها النوع يعطي صاحبه فوائد تتغير بتغير معامل محدد في عقد القرض، فقد يرتبط بسعر فائدة آخر في سوق السندات، ينشر بصفة دورية وبصورة رسمية، مثال دلك، أن يرتبط سعر الفائدة على السند بمتوسط أسعار الفائدة السنوية على القروض الحكومية طويلة الأجل، أو أن يرتبط بسعر الفائدة على أدون الخزانة، أو أن ترتبط أسعار الفائدة على السند، بمتوسط أسعار الفائدة المعروضة بين المصارف في لندن.
ثانيا: سندات تصدر بعلاوة أو خصم إصدار
السندات التي تصدر بخصم إصدار هي تلك السندات التي يدفع المكتتب فيها قيمة أقل من قيمتها الاسمية، للحصول عليها وقت إصدارها، أي أنها تصدر بأقل من قيمتها الاسمية للحصول عليها. ويحصل المكتتب في هده السندات في المقابل على سعر فائدة أقل من سعر الفائدة على السندات العادية، ولكنه عند استرداد قيمة السند، فإنه يسترد كامل القيمة الاسمية للسند.
مثال دلك: أن تكون القيمة الاسمية للسند 1000 دولار أمريكي، فيدفع المكتتب 900 دولار أمريكي فقط، ويحصل على فائدة 6% ( في مقابل فائدة على السندات العادية 8% )، وفي نهاية عقد القرض يسترد ألف دولار أمريكي، التي تمثل كامل القيمة الاسمية للسند.
والسندات التي تصدر بعلاوة إصدار، تمثل عكس مفهوم السندات بخصم إصدار، ففي السندات ذات علاوة الإصدار، تصدر السندات بقيمة اسمية أقل من القيمة الحقيقية التي يدفعها المكتتب. وفي مقابل دلك يحصل المكتتب على سعر فائدة أعلى من سعر الفائـدة على السندات العادية.
ومثل دلك: أن تكون القيمة الاسمية للسند 1000 دولار أمريكي فيدفع المكتتب 1100 دولار أمريكي، ويحصل على فائدة سنوية قدرها 10% ( في مقابل سعر فائدة على السندان العادية 8.5% )، وفي نهاية القرض يسترد الألف دولار التي تمثل القيمة الاسمية للسند.
ثالثا: السندات ذات النصيب
تشابه عدة السندات العادية، فهي تصدر بقيمة اسمية تساوي القيمة التي دفعها المكتتب للحصول عليها. وفي الوقت نفسه يمنح المكتتب سعر فائدة، ثابتا، في الآجال المستحقة والمحددة في عقد القرض. وإضافة لدلك تجري الشركة المصدرة للسندات ذات النصيب سحبا كل فترة معينة لتوزيع جوائز ومكافآت مالية كبيرة على الفائزين من حملة السندات.
رابعا: السندات ذات الضمان الشخصي أو العيني
هذا النوع لا يخلف عن السندات العادية، فإضافة إلى العائد الثابت الذي يحصل عليه المكتتب فإن هده السندات تمنح صاحبها سندات مضمونة بضمان شخصي (الحكومة، أحد المصارف...) . فإذا كانت السندات مضمونة من جهات خارجية، مثل الحكومة فإنها تسمى سندات مضمونة، أما إدا كانت هده السندات مضمونة برهن بعض أموال الشركة فإنها تسمى سندات الرهن.
خامسا: سندات قابلة للتحويل
السندات القابلة للتحويل
Convertible bondes- obligation convertible en action
هي تلك السندات التي يمكن تحويلها إلى أسهم عادية من أسهم الشركة المصدرة للسند، بتاريخ وبسعر محددين مسبقا.
ويكون لصاحب السند حرية الاختيار في ممارسة حقه، في تحويل السند إلى سهم، أو استرداد قيمة السند الاسمية في تاريخ الاستحقاق.
سادسا: السندات التي لا تحمل معدلا للكوبون
يوجد نوع واحد من السندات، لا يستوجب دفع فائدة في آجال محددة في عقد القرض، هو السندات ذات الكوبون الصفري ( أو التي لا تحمل معدلا للكوبون ) واستحدثت الولايات المتحدة الأمريكية هدا النوع من السندات عام 1962.
ويباع هده السندات بخصم إصدار، على أن يسترد المكتتب القيمة الاسمية، في تاريخ الاستحقاق المحدد. ويمثل الفرق بين القيمة الاسمية وما دفعه المكتتب مقابل الفائدة التي كان يمكن أن يحصل عليها المستثمر، لو كان استثمر المبلغ نفسه المدفوع، في مقابل الحصول على سندات ( صفرية الكوبون ) في سندات عادية.
سابعا: السندات القابلة للاستدعاء
السندات القابلة للاستدعاء هي تلك السندات التي يكون من حق الشركة المصدرة، دفع قيمتها قبل ميعاد استحقاقها، ويحق للشركة في هدا النوع من السندات أن تدفع جزء مكن سنداتها المصدرة، أو كلها، قبل حلول ميعاد الاستحقاق المحدد، إدا كانت ترغب في دلك وكان لديها فائض يمكنها من الدفع.
ثامنا: السندات غير المضمونة
السندات غير المضمونة بأي أصل مرهونة، ولا بأي ضمانات أخرى. تستخدم بواسطة شركات ذات مركز مالي قوي وسمعة كبيرة، يعملان على جدب المستثمرين لشراء هده السندات.
وهناك أنواع أخرى من السندات، منها السندات ذات الفائدة المتدرجة التي تعطي حاملها الحق في الحصول على فائدة متدرجة، وفقا لجدول محدد مسبقا، وسندات الدخل، التي لا تعطي صاحبها الحق في الحصول على فائدة، في حالة تحقيق الشركة المصدرة للسند لخسائر، وسندات المشاركة، وهي تعطي صاحبها الحق في الحصول على نسبة من الأرباح، إضافة إلى حقه في الحصول
على فائدة دورية.


الأوراق المالية الأخرى
بعد تناول الأوراق التي يمكن أن تصدرها شركات الأموال (المساهمة، التوصية بالأسهم )، لا بد من التركيز في أهم الأوراق المالية، التي تصدرها الحكومات، وفي وثائق الاستثمار التي تصدرها صناديق الاستثمار.
وثائق الاستثمار
وثائق الاستثمار هي صكوك تصدرها صناديق الاستثمار. ولا تكتمل دراسة هده الوثائق إلا بدراسة تلك الوثائق.

أولا: صناديق الاستثمار
عرفت صناديق الاستثمار للمرة الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية في مدينة بوسطن عام 1924. ومع حلول عام 1940، كان قد أسس 68 صندوق استثمار بلغت أصولها 448 مليون دولار أمريكي، وقارب عدد حاملي وثائقها 300 ألف شخص خلال العام نفسه.
وازدهرت صناديق الاستثمار في الولايات المتحدة الأمريكية عقب الحرب العالمية الثانية، إذ بلغ عددها في يونيو 1947، 352 صندوقا وبلغ صافي أصولها أربعة مليارات دولار أمريكي.
والآن، تحتل الولايات المتحدة الأمريكية، 55% من سوق وثائق الاستثمار.
وتحتل فرنسا المركز الثاني بنصيب 10% ويتجاوز صافي أصول وثائق الاستثمار في العالم 4 تريليونا دولار أمريكي ( عام 1988 )
وتعرف صناديق الاستثمار، بأنها سلة تحتوي على مجموعة مختلفة من الأوراق المالية، عملاؤها جماعة من المستثمرين ومديروها جماعة من المتخصصين بإدارة محافظ الاستثمار وتنظيمها. ويتخذ صندوق الاستثمار شكل شركة مساهمة، دون أي شكل من الأشكال الأخرى. ويكون رأس مال هده الشركة ممثلا في أسهم نقدية (وليست عينية) وتكون أغلبية أعضاء مجلس إدارة الشركة من غير المساهمين فيه، ولا المتعاملين معه، ولا ممن تربطهم به علاقة أو مصلحة.
وقد استهدف المشرع من دلك، تجنب المجاملة أو التواطؤ بين إدارة الصندوق والمساهمين، خشية الإضرار بمصالح أصحاب الأموال، الراغبين في الاستثمار من طريق الصناديق.
وتهدف صناديق الاستثمار إلى تحويل جانب كبير من المدخرين، خاصة الصغار منهم، ممن لا تتأتى لهم القدرات على إدارة محفظة أوراق مالية، ولا الاستثمار مباشرة في البورصة. فتعمد تلك الصناديق إلى تجميع أموال هؤلاء المدخرين، واستثمارها في أوراق مالية مختارة بدقة، بما يلائم الأهداف المعلنة للصندوق.
وتلتزم صناديق الاستثمار بإصدار وثائق الاستثمار، لأصحاب المدخرات في مقابل ما تتسلمه من مبالغ نقدية. وتختلف صناديق الاستثمار باختلاف محفظة الأوراق المالية التي تكونها، فثمة صندوق الأسهم العادية، والصناديق المتوازنة، التي تسعى إلى الاستثمار في الأسهم والسندات، بسياسة متزنة، وصناديق سوق النقد، التي تتكون محفظتها من أوراق مالية قصيرة الأجل، مثل أدون الخزانة. وتنقسم صناديق الاستثمار بصفة عامة إلى صناديق استثمار مفتوحة، وصناديق استثمار مغلقة.
وصناديق الاستثمار المفتوحة هي تلك الصناديق التي يكبر حجم محفظتها، ببيع المزيد من وثائق الاستثمار، ويقل عند طلب المستثمرين استرداد كل وثائقهم، أو جزء منها. وهدا النوع من وثائق الاستثمار لا يتداول في البورصة، ولكنه يباع أو يسترد من الصندوق ووكلائه، بموجب الإعلان الدوري بقيمة الوثيقة ( مرتين أسبوعيا، مثلا).
وصناديق الاستثمار المغلقة، هي صناديق محدد قيمة صافي أصولها مسبقا، وتطرح وثائق الاستثمار للبيع، من طريق وكلائها وهي قابلة للتداول في بورصة الأوراق المالية، إذ لا يقبل الصندوق استردادها ولا يطرح وثائق جديدة.
ثانيا: مفهوم وثائق الاستثمار
وثائق الاستثمار هي أراق مالية يصدرها صندوق الاستثمار من خلال الاكتتاب العام مقابل المبالغ النقدية التي يتلقاها من المستثمرين. وتخول هده الوثائق حامليها حقوقا متساوية أمام الصندوق. كما يحق لهم الاشتراك في الأرباح والخسائر الناتجة من استثماراته. وتصدر هده الوثائق بموجب نشرة اكتتاب تمثل النظام الأساسي للصندوق، وتحتوي على شروط العقد الذي يربط حامل الوثيقة بالصندوق الذي يستثمر فيه أمواله وتنظم العلاقة بينهما.
وتتضمن نشرة الاكتتاب بيانات أساسية مثل: اسم الصندوق، وشكله القانوني (مفتوح أو مغلق) واسم مدير الاستثمار، الذي يدير محفظة الأوراق المالية ( ) وسياسات الصندوق الاستثمارية وطرق توزيع الأرباح السنوية.
ولا يجوز إصدار وثائق الاستثمار، إلا بعد الوفاء بقيمتها كاملة، نقدا، ووفقا لسعر الإصدار. وأهم ما يميز وثائق الاستثمار التي تصدرها صناديق الاستثمار المغلقة، هو قابليتها للتداول في بورصة الأوراق المالية.
أما وثائق الاستثمار، التي تصدرها الصناديق المفتوحة فلا تتداول في البورصة، بل تكون قابلة للاسترداد من جانب الصندوق وفقا لأسعار محددة.

الأوراق المالية التي تصدرها الحكومات

تصدر حكومات الدول أوراقا مالية، تمثل صكوكا مديونية. والهدف من إصدارها الحصول على موارد مالية إضافية، بغرض تغطية العجز في موازين مدفوعاتها، أو بهدف مواجهة التضخم. وتكون هده الصكوك في شكل سندات، أو ما يماثلها.
وتعد الولايات المتحدة الأمريكية أكثر الدول في العالم استخداما للقروض، إذ استخدمت العديد من وسائل الإقراض، من طريق الأوراق المالية، لجدب أموال المستثمرين إليها. واتبعت حكومات العالم الوسائل نفسها.
أولا: أدون الخزانة:

تمثل أدون الخزانة أوراق مالية قصيرة الأجل لا تزيد عن عام. فغالبا ما تصدر في الولايات المتحدة تواريخ استحقاق ثلاثة أشهر، وقد تصدر بتواريخ استحقاق ستة، أو اثني عشرة شهرا. ويصدرها مصرف الاحتياطي الفيدرالي. BANK OF NEW YORK FEDERAL RESERVE
أما في اليابان فيصدرها مصرف اليابان " THE BANK OF JAPAN" بآجال شهرين من تاريخ الإصدار. وفي بريطانيا يصدر مصرف إنجلترا " THE BANK OF ENGLAND" أدون خزانة، بتواريخ استحقاق ثلاثة أشهر.
ويلاحظ أن المصارف المركزية للدول تصدر أدون الخزانة، باسم الحكومات ووزارات الخزانة. والهدف من إصدار هده الأوراق هو تزويد الحكومات بمصادر تمويل قصيرة الأجل، لسد احتياجاتها المؤقتة. ولضمان استمرارية تلك الأذون في السوق تحرص الحكومات على إصدارها دوريا ( غالبا ما تكون بمعدل مرة كل أسبوع أو أسبوعين )
واللدن عادة ما يصدر بخصم إصدار، أي أنه يباع بأقل من قيمته الاسمية. وفي تاريخ الاستحقاق، تلتزم الحكومة بدفع القيمة الاسمية للإذن كاملة، والفرق بين القيمة الاسمية والمبلغ المدفوع في الإذن – مقدار العائد، الذي يجنيه المستثمر.

ثانيا: سندات الخزانة:

سندات الخزانة، تمثل استثمارات طويلة الأجل، تراوح تواريخ استحقاقها بين عشرة أعوام وثلاثين عاما. وهده السندات عادة ما تكون قابلة للاستدعاء، من قبل حكومات الدول، وقابليتها للاستدعاء تعني إبداء الحكومة رغبتها في استرداد السندات. وتعويض أصحابها، بما يلائم القيمة السوقية للسند، والتواريخ التي تستطيع الحكومة فيها استدعاء السندات، تكون محددة مسبقا، في نشرة إصدار هده السندات.
ومن الملاحظ أنه عادة ما تطلب الحكومة استدعاء سندات الخزانة، عندما تتجاوز القيمة السوقية للسند قيمته الاسمية، ما يفيد تجاوز أسعار الفوائد، الني تمنحها الحكومة على سندات الخزانة، التي سبق لها أن أصدرتها – أسعار الفائدة السائدة في السوق، ما يؤدي إلى ارتفاع الطلب عليها.

ثالثا: شهادات الخزانة:

وشهادات الخزانة، هي أوراق مالية متوسطة الأجل، تحمل تواريخ استحقاق، تراوح بين سنة وسبع سنوات. وشهادة، مثلها مثل سندات الخزانة، يحصل المستثمر فيها على فوائد نصف سنوية.



10- البورصات الدولية:


إن مصطلح البورصات الدولية يطلق عادة على بورصات الدول الصناعية المتقدمة، وبورصات الدول المتقدمة الجديدة Emerging Mark Ets ، ويمكن تقسيم هذه الدول طبقا للمعيار الجغرافي إلى ثلاثة وهم : - أسواق الأوراق المالية الدولية ( أو البورصات الدولية )

* البورصات الأمريكية.
* البورصات الأوروبية.
* البورصات الآسيوية.

- تحتل الولايات المتحدة المركز الأول م ناحية التقدم في أسواق المال وحيث يوجد أكبر عدد من الشركات المسجلة في قوائم الأسعار بالبورصة . ويشهد على ذلك ما هو موجود في وول ستريت
American Stock Exchange ومجلس شيكا جو للتجارة Chicago Bord of Tarde. وتتميز أسواق المال الأمريكية بالأهمية البالغة للأسواق الآجلة حيث يتم التعامل في عقود المستقبليات والخيارات الذين خرجوا إلى النور في بداية السبعينات.
في نيويورك نشهد كذلك أهمية كبيرة للأسواق المعروفة بخارج المقصورة Over – The Conter . والتي تشتهر بدور بارز في تطوير رأس مال المخاطرة Venture Capital وهي شركات مالية مكونة من أفراد تخاطر برؤوس أموالها في تمويل مشروعات صغيرة تقدم أفكارا جريئة. وقد كان دورها مشهودا خاصة في مجال تأسيس شركات الكمبيوتر وقد كان أبرزها على سبيل المثال شركة Appel.

البورصات الآسيوية:
في آسيا تحتل كلا من بورصتي طوكيو وهونج كونج المكان الأول بين البورصات الآسيوية. أما بورصة طوكيو التي تسمى " كابوتو شو " فتتجاوز قيمة رسملة تعاملاتها حجم البورصات الأوروبية مجتمعة. وقد شهدت بورصة طوكيو انتفاعا مستمرا وسريعا منذ بداية السبعينات، وهو ما صاحب الأداء المرتفع للشركات اليابانية ومن ثم ضعف التضخم ووجود فائض في الميزان التجاري، ترتب على ذلك مغالاة في الأسعار بالبورصة مما أدى إلى ( ميني كراش ) في أفريل 1990 (-53%)، تبعه انهيار آخر مع حرب الخليج (-43%).
أما بورصة هونج كونج، فإن مستقبلها مرتبط في الواقع بالعلاقة الصينية البريطانية فيما يتعلق بالشكل القانوني لهونج جونج وبصفة عامة فإن بورصتي طوكيو وهونج كونج تعدان من البورصات الديناميكية.
بجانب تلك البورصتين في آسيا، يشهد العالم ظهور بورصات جديدة لا تقل ديناميكية عنهما، خاصة في ماليزيا، الصين، الهند، الفلبين، كوريا، باكستان، وتركيا.

-البورصات الأوروبية:
* لندن
تحتل لندن السوق الأولى من ناحية عدد الخطوط المقيدة بالبورصة، قيمة من حيث رسملة التعامل. وتعود أهمية لندن إلى تاريخ اقتصادي حافل، هو تاريخ انجلترا التي كانت القوة التجارية والصناعية العظمى حتى نهاية القرن التاسع عشر، تاريخ تبعه سوق مالي كان قادرا على مواجهة متطلبات مشروعات تلك القوة العظمى.
ويمكن القول أن التاريخ الحديث لبورصة لندن قد بدأ عام 1986، مما أطلق عليه ثورة خلق العالم Big Bang ، فمنذ هذا التاريخ ، وفي مواجهة منافسة شرسة من وول ستريت وطوكيو ، أخذت لندن ف تحرير سوق المال ، خاصة في مجال التشريعات والقيود المفروضة على الممارسين ، وتتميز بنظام تكنولوجي متقدم للتسعير في البورصة .
وفي بورصة لندن، يجب الإشارة إلى سوق هام يعرف باسم United Securities Market (USM) حيث يتم في هذا السوق تمويل الشركات المتوسطة الحجم، ويعد بمثابة السوق الثانوي. أضف إلى ذلك أن لندن تمثل أكبر سوق أوربي للعقود الآجلة والمعروفة باسم Liffe أو London International Future Financial Exchange.

* البورصات الفرنسية
تتم العمليات على الأوراق المالية في بورصة باريس عن طريق الشركات أعضاء البورصة الذين يطلق عليهم اسم Societes De Bourse . وفي السوق الفرنسي يمكن نشر الأوراق المالية في بورصة واحدة فقط من ضمن سبع بورصات تنشر في المدن الرئيسية لفرنسا ( باريس، بوردو، ليل، ليون، مرسيليا، نانسي ونتانت ). هذه البورصات السبع تمثل معا نظاما متكاملا يخضع لنفس السلطات ولنفس قواعد النشر Listing ، ويتم المتاجرة فيها تحت نظام الكتروني مركزي يعرف باسم CAC يمكن كل أعضاء شركات البورصة من المتاجرة في كل الأوراق المالية في فرنسا .
وابتداء من 1988 حدث تطور جوهري في هيكل الوسطاء والهيئات المالية قام على أساسه أربعة تنظيمات تمثل الإطار العام للسوق:
- شركات البورصات ( السماسرة والمتعاملين)
- مجلس بورصات الأوراق المالية ( ويمثل السلطة المشرفة على السوق )
- شركة البورصات الفرنسية ( وتقوم بتنفيذ قرارات مجلس البورصات، عمليات المقاصة بين أعضاء البورصة....)
- هيئة عمليات البورصة ومهمتها الرقابة على المعلومات المنشورة، حماية المستثمرين ومراقبة صحة المعلومات.

* البورصات الألمانية
تتميز أسواق المال الألمانية بصغر حجمها مقارنة باقتصاديات ألمانيا الضخمة وباحتياجات مشروعاتها. كما أن تلك الأسواق تكاد تكون محتكرة على المصارف . غير أن احتمال اختيار " فرانكفورت " لإنشاء أول مصرف مركزي أوروبي ( طبقا لمعاهدة ماستريخت ) – وهو احتمال قوي – قد يجعل منها رائدا أوروبيا في مجال أسواق المال.

* أمستردام
في أمستردام، ظهر أول سوق أوروبي لعقود الخيارات European Option Exchange وقد شهدت بورصة أمستردام تطورات عديدة جعلها سوق مرغوبة للمستثمرين الأجانب.
* البورصات الأوروبية الأخرى
وهذه البورصات صغيرة وتوجد في ستوكهولم. أوسلو، هلسنكي، ويتركز حجم أعمالها حول عدد محدود من الشركات الكبرى، وتتأثر كثيرا بالأحداث السياسية والاقتصادية.
بالإضافة إلى تلك البورصات الصغيرة هناك بورصات ديناميكية توجد في سويسرا ( زيوريخ وجنيف) وفي إيطاليا( ميلانو) حيث تتميز بورصاتها بالتقلبات الشديدة.
أخيرا فإن بورصة مدريد تعد من البورصات النامية في أوروبا وقد تطورت كثيرا مع دخول أسبانيا السوق الأوروبية المشتركة.

لبيب 45
2010-06-22, 14:23
الفصل الرابع: تمويل العمليات الدولية
أولا: تمويل التجارة الدولية

تمهيد
إن اختلاف ظروف الإنتاج من بلد إلى آخر يؤدي إلى انتشار ظاهرة التخصص الدولي وقيام التجارة الدولية. وغني عن البيان أن من ِشأن انسياب السلع من بلد إلى آخر قيام مجموع ضخم من علاقات المديونية التي تتطلب تسويتها إجراء مدفوعات دولية بين مختلف البلدان. ويمكن الإلمام بفكرة عامة عن هذا المجموع الضخم من المدفوعات الدولية إذا تصورنا الآلاف المؤلفة من السلع التي تدخل في التجارة الدولية ـ سواء تمثلت هذه السلع في منتجات غذائية، أو من مواد أولية زراعية، أو خامات معدنية، أو مواد الوقود، أو سلع نصف مصنعة، أو سلع تامة الصنع، أو غير دلك.
لا عجب إذا كانت التجارة الخارجية أهم مصادر المديونية الدولية( )ومع ذلك فليس التبادل الدولي للسلع المصدر الوحيد للمديونية الدولية( ). إذ تنشأ هذه المديونية، ويقتضي الأمر إجراء مدفوعات دولية، بمناسبة القيام بغير دلك من وجوه النشاط الخارجي. فقد يقدم الأفراد المقيمون بالدولة أو مشروعاتها خدمات إلى أفراد أو مشروعات غيرها من الدول ( ). كما قد يتلقى الأفراد المقيمون بالدولة أو مشروعاتها خدمات من أشخاص غير مقيمين فيها – بما يترتب على ذلك من إجراء مدفوعات لصالحها أو قيامها بإجراء مدفوعات لصالح غيرها. مثال ذلك المدفوعات التي تنشأ عن خدمات الملاحة ( كأجور الشحن البحري )، والمدفوعات التي تنشأ عن السياحة، والمدفوعات التي تنشأ عن خدمات التأمين وغيرها من الخدمات المالية والمصرفية، والمدفوعات التي تنشأ عن إيجار الأفلام السينمائية، والمدفوعات الحكومية التي تنشأ بمناسبة النشاط السياسي أو الدبلوماسي أو القنصلي للدولة في الدول الأخرى. ومدفوعات الفوائد والأرباح التي قد تتحصل للدولة عن خدمات رؤوس أموالها المستثمرة في الخارج أو التي تدفعها لغيرها عن خدمات رؤوس الأموال المستثمرة فيها.

أ: مشكلة تسوية الديون الدولية :

تستخدم النقود في المعاملات الاقتصادية الدولية لنفس الاعتبار الذي تستعمل من أجله في المعاملات الداخلية – أي يقصد التخلص من عيوب المقايضة. وتتحصل مشكلة تسوية الدين الدولية من أمرين:
الأول- عدم وجود وحدة نقدية مشتركة يتخذها المتعاملون أساسا للحساب.
والُثاني- عدم وجود عملة مشتركة تتمتع بقوة إبراء قانونية في الوفاء بالالتزامات، وبعبارة أخرى، ينحصر الفارق الجوهري بين المعاملات الداخلية والمعاملات الخارجية في أنه على حين يستعمل الناس عملة واحدة مشتركة في المعاملات الداخلية، يستخدم العالم عددا كبيرا من العملات التي لا تتمتع الواحدة منها –كقاعة عامة – بقبول عام في الوفاء بالالتزامات خارج حدود دولتها كالدينار الجزائري.... ومن هنا تنشأ مشكلة تحويل هذه العملات لبعضها، ويقتضي الأمر تحليل الجهاز الذي تتم بواسطته إجراء المدفوعات الدولية تحت مختلف الظروف، وتعرف القوى التي تتداخل في تحديد نسب مبادلة عملات الدول المختلفة ببعضها.


1- لا يستخدم الذهب بصفة أساسية في تسوية الديون الدولية:

ولا اعتراض على هذا بأن في الامكان استعمال الذهب في تسوية الديون الدولية بما له من قبول عالمي كأداة للوفاء. فمن المعلوم أن معظم ذهب العالم النقدي في حيازة البنوك المركزية أو الحكومات التي فضلا عن عدم التزامها ببيعه للأفراد ( لفرض السعر الإلزامي للعملة، ) تحظر تصديره للخارج بلا ترخيص إداري في معظم الحالات.
حقيقة أن بيع الذهب وتصديره كان مباحا للأفراد في الماضي، ومع هذا فلم يستخدم الذهب حتى في ذلك الوقت كأداة للوفاء بالمدفوعات الخارجية إلا عندما كان اللجوء إلى ذلك من وسائل تسوية المدفوعات الخارجية أمرا متعذرا أو باهظ التكاليف. ذلك أنه لو تطلب الأمر استعمال الذهب في تسوية كافة المدفوعات الخارجية لأقتضى الأمر انتقال المقدار المخصص منه لهذا الغرض بسرعة بالغة من بلد إلى آخر، حيث لا تتجاوز القيمة الكلية لأرصدة العالم من الذهب نسبة محدودة من جملة المدفوعات التي تنساب سنويا بين مختلف بلدان العالم. أضف إلى هذا أن توزيع الذهب بين بلاد العالم المختلفة قد لا يهئ لهذه الدولة أو تلك أن تحوز رصيدا ذهبيا يتلاءم مع مقدار مدفوعاتها الخارجية.
وأخيرا فإن نقل الذهب وسيلة بطيئة لتسوية المدفوعات، غالية التكاليف، محفوفة بالمخاطر. فما يتعرض الذهب لفقدان جزء من وزنه بكثرة تداوله فحسب، ولكن يتعرض للضياع كلية في غمار عملية النقل أيضا.
2- تسوى الديون الدولية أساسا عن طريق المقاصة
لا عجب والحالة هذه، إن كان المبدأ الأساسي في إجراء المدفوعات الخارجية هو تسوية الشطر الأعظم منها عن طريق استعمال حقوق الدولة قبل الخارج في تسوية ديونها قبل للخارج – أو بعبارة أخرى، عن طريق المقاصة أو تهاتر الحقوق والديون، دون ما حاجة لنقل الذهب إلا لتسوية الفرق بين جملة الحقوق والديون ويتم ذلك في العمل عن طريق استعمال الكمبيالات ، والاعتمادات والحوالات المصرفية أو بعبارة أخرى – عن طريق استعمال الصرف الأجنبي ، حيث ينصرف المراد باصطلاح الصرف الأجنبي إلى كافة الحقوق القابلة للتحويل والمعبر عنها بعملة اجنبية .
ولإيضاح الفكرة، نفترض أن أحمد من الناس بالجزائر أراد أن يفي لدائنه بتونس بألف دولار، وأن علي بالجزائر يداين عميلا له بتونس بنفس المبلغ. عندئذ يمكن تسوية الدينين بأن يسحب علي كميالة على عميله التونسي ويبيعها إلى أحمد ليبعث بها إلى دائنة المقيم بتونس الذي يستوفي حقه باقتضاء قيمة الكمبيالة من العميل التونسي.
وهكذا ينقضي الدينان الخارجيان عن طريق استعمال ورقة تجارية واحدة، وعملية وفاء واحدة في كل من البلدين. على أنه لما كان من المستبعد أن يعثر أحمد فورا على شخص بالجزائر يداين شخصا بتونس بالمبلغ المطلوب بالضبط، فقد قامت أسواق في مختلف بلدان العالم لتسهيل مبادلة مختلف أنواع النقد ببعضها. وتعرف هذه الأسواق بأسواق الصرف، وتتألف بصفة أساسية من البنوك التجارية.
ومن، فإن الجاري عملا في مثل الفرض المتقدم هو أن بيع التاجر الجزائري الكمبيالة التي يسحبها على عميله التونسي إلى أحد البنوك المحلية فيرسله البنك إلى فرعه أو مراسله ( أي وكيله ) بتونس ليتولى تحصيلها من المدين وقيد قيمتها بحسابه لديه. كما أن الجاري عملا هو أن يتجه أحمد إلى قسم الكمبيو ( أي الصرف الأجنبي ) بأحد البنوك المحلية ليشتري منه " حوالة مصرفية " على فرعه أو مراسله في تونس. وليست هذه الحوالة في واقع الأمر سوى شيك يسحبه البنك الجزائري على حسابه الجاري لدى فرعه أو مراسله في تونس. ويتقاضى البنك في كلتا الحالتين عمولة على خدماته.



3- سعر الصرف:
وأخيرا فإن من الواضح أن مبادلة عملة بأخرى يقتضي وجود نسبة لمبادلة هذه العملة بتلك، أو ثمن لهذه العملة مقومة بتلك، ويسمى هذا الثمن سعر الصرف. فسعر الصرف بين عملة وأخرى عبارة عن نسبة مبادلة العملة الأولى بالعملة الأخرى.وقد سبة أن تطرقنا إليه.

ب- أدوات تسوية المدفوعات الدولية:

رأينا حالا كيف يسوى الشطر الأعظم من المدفوعات الخارجية عن طريق استعمال الصرف الأجنبي. كما رأينا كيف تقوم الحوالات المصرفية والكمبيالات والاعتمادات التجارية بدورها الأساسي كوسيط عالمي للمبادلة أو كأداة للوفاء بالمدفوعات الدولية. ولما كانت هذه الحوالات والكمبيالات إنما تسحب في المعتاد على البنوك التجارية، كما أن تلط والاعتمادات إنما تفتح لدى تلك البنوك، فسيتضح لنا من ثنايا هذا الفصل ماهية الدور الأساسي الذي تلعبه الأرصدة الخارجية للبنوك في تسوية الديون الدولية، وبصفة خاصة في تمويل وتسوية المدفوعات الناشئة عن التجارة الدولية.

1- الحوالات المصرفية:
ترتبط البنوك التجارية في مختلف أنحاء العالم بعلاقات مالية متبادلة مع المؤسسات المماثلة في الخارج. فما يتوفر للبنوك المحلية الهامة مراسلون ( أي وكلاء ) في معظم البلاد الأجنبية فحسب، ولكن قد تنشئ البنوك فروعا لها في بعض البلدان الأجنبية أيضا. وتحتفظ البنوك لدى مراسليها بحسابات جارية تتجمع أرصدتها من حصيلة ما تشتريه من عملائها من حقوق أجنبية يتولى المراسلون تحصيل قيمتها وإضافة مبالغها إلى الحساب الدائن. وتستعمل البنوك هذه الأرصدة الدائنة الموزعة بحساباتها بمختلف أنحاء العالم في سد حاجات عملائها إلى الصرف الأجنبي: وذلك عن طريق بيع الحوالات المصرفية للطالبين.
2- الكمبيالات التجارية:
أشرنا فيما تقدم إلى أن التجارة الدولية أهم مصدر من مصادر المديونية الدولية وقد توافرت للتجارة الدولية عدة طرق خاصة لتمويل حركات السلع بين مختلف البلدان، وتسوية الديون المترتبة عليها. صحيح أن في الامكان استعمال الحوالات المصرفية على اختلاف أنواعها في هذا المجال. بل إنها تستعمل بالفعل على نطاق ملحوظ في تسوية المدفوعات الناشئة عن التصدير أو الاستيراد. ولكن تبقى للتجارة الدولية وسائلها الخاصة التي يرجع استنباطها إلى رغبة المصدر في عدم التخلي عن ملكيته للبضاعة حتى يستوثق من مقدرة المستورد على الوفاء بقيمتها. وتقوم البنوك هنا أيضا بالدور الأساسي في تسوية المدفوعات.
ولا شك أن الكمبيالات التجارية ( أي الكمبيالات التي يكون المسحوب عليه فيها شخصا طبيعيا أو معنويا خلاف البنوك ) وهي أقدم وسائل تميل حركات السلع بين مختلف البلدان. والكمبيالة بكل بساطة عبارة عن أمر يصدره شخص معين يعرف بالساحب إلى شخص آخر يعرف بالمسحوب عليه يأمره بدفع مبلغ معين لإذن شخص ثالث اسمه المستفيد أو لحامله.وأبسط صورة للتعامل بالكمبيالات في التجارة الخارجية هو أن يسحب البائع الجزائري مثلا كمبيالة على المشتري التونسي لصالح البنك الذي يتعامل معه أو لحامله بقيمة البضاعة التي صدرها إليه، ثم يسلم الكمبيالة بعد ذلك إلى البنك ليتولى تحصيلها بواسطة مراسله لحسابه أو بيعها إلى البنك الذي يشتريها منه بعد خصم عمولته ومبلغ الفائدة التي يتقاضاها على قيمة الكمبيالة ما لم تكن مستحقة الدفع لدى الإطلاع.



ومع ذلك فقد لا يطمئن البائع الجزائري إلى يسار العميل التونسي أو حسن استعداده للوفاء. وعندئذ فقد يتعلق تسليم الفاتورة وسندات الشحن البحري والتأمين وغير ذلك من السندات اللازمة لاستلام المشتري للبضاعة من الجمارك على قبول ذلك المشتري للكمبيالة إذ يتحقق بذلك القبول صيرورة المشتري طرفا مسئولا عن الوفاء للحامل بقيمة الكميالة بعد أن كان غريبا عنها. ويطلق على هذا الشرط اصطلاح "المستندات رهن القبول". بل قد يعلق البائع استلام المشتري للمستندات على وفائه بقيمة البضاعة. وعندئذ يتوقف حصول المشتري على البضاعة على الوفاء بالثمن. ويطلق على هذا الشرط اصطلاح " المستندات رهن الدفع ". وتسمى الكمبيالة في كلتا الحالتين " كمبيالة مستندية "، نظرا لتعليق الساحب حصول المسحوب عليه على المستندات اللازمة لاستلام البضاعة على قبوله الكمبيالة أو الوفاء بقيمتها على حسب الأحوال.
3- والاعتمادات المستندية:
ومع ذلك، فلم يعد اليوم للكمبيالات التجارية على اختلاف أنواعها ما كان لها من الأهمية في تمويل التجارة الخارجية قبل الحرب العالمية الأولى. إذ أصبح يتم ذلك التمويل اليوم عن طريق فتح المستوردين للإعتمادات لصالح المصدرين لدى البنوك التجارية أو المؤسسات المتخصصة في هذه العمليات. ويرجع ذلك إلى ما يصطدم به المتعاملون بالكمبيالات التجارية من صعوبات. فقد يجد البائع صعوبة في بيع الكمبيالة مقابل عمولة مناسبة. لا سيما إذا كانت مسحوبة على عميل غير معروف. كما قد لا يتفق اشتراط الدفع قبل تسلم السندات مع ظروف المشتري، وخاصة إذا كان يعتمد على تسويق البضاعة أو الاقتراض عليها في الوفاء بثمنها. وهكذا يجد المشتري أن من مصلحته اللجوء إلى البنك الذي يتعامل معه طالبا منه فتح اعتماد لحسابه بالمبلغ المطلوب، مقابل تقديم ضمانات كافية ودفع العمولة المتفق عليها.ويتعهد البنك في هذه الحالة بقبول الكمبيالة التي يسحبها المصدر عليه بعد إخطاره بخطاب فتح الاعتماد، فضلا عن الالتزام بدفع الكمبيالة في موعدها. ويتعهد المستورد في المعتاد بوضع المبالغ اللازمة للوفاء بقيمة الكمبيالة تحت تصرف البنك عند حلول أجلها.
ولا شك أن هذا الوضع مرضي للجميع: إذ يستطيع المصدر أن يطمئن إلى حصوله على حقه أو سهولة بيعه للكمبيالة، نظرا لسحبها على بنك يعتمد على حسن استعداده للوفاء. كما يستطيع المستورد أن يجد من بيعه البضاعة بالنسيئة( أي بالأجل دون أن يقتضي الأمر سبق الدخول في معاملات تجارية معه. وتستفيد البنوك ماديا من وراء إحلال ائتمانها محل ائتمان العميل بما تتقاضاه من عمولة مقابل تعهدها بالقبول، دون أن تخرج للعميل في واقع الأمر شيئا من أموالها.
4- وسائل أخرى:
ومع ذلك فليست الكمبيالة التجارية والاعتمادات والحوالات المصرفية هي كل ما يستطاع استخدامه في الوفاء بالمدفوعات الخارجية من أدوات الدفع. ذلك أن في الامكان الوفاء بشيك يسحبه المستورد على حساب جار يحتفظ به لدى مصرف محلي في بلد المصدر، أو بشيك على حسابه المصرفي في بلده هو، فيكلف المصدر مصرفه أو وكيله بتحصيله لحسابه، أو بكمبيالة مسحوبة على تاجر مقيم ببلد المصدر.
وفي جميع الحالات المتقدمة يبدو دور البنوك التجارية في تسوية المدفوعات الخارجية واضح وبين. فالبنوك التجارية هي التي تبيع الحوالات للمستوردين أو تفتح لهم والاعتمادات وتتعهد بقبول الكمبيالات المسحوبة عليها والوفاء بقيمها في الميعاد، وهي التي تشتري من المصدرين الكمبيالات أو تحصل قيمها لصالحهم فتتوسط بهذا كله بين الطلب على الصرف وعرضه في البلاد، وتقوم بتسهيل تسوية المدفوعات الخارجية عن طريق المقاصة أو تهاتر الحقوق والديون.


ثانيا- تمويل الاستثمارات الدولية:
غالبا ما تعالج مشاكل الاقتصاد الدولي من منظور كلي، أي من خلال العلاقات بين الدول أو الاقتصاديات الوطنية، وانعكاسات ذلك على ميزان المدفوعات أو التمويل والسياسات التجارية. وقل أن تعالج هذه القضايا من منظور جزئي، أي من خلال علاقات الأعمال والمشروعات أو الأفراد عبر الحدود الوطنية. والواقع أنه لا يوجد في العالم المعاصر، دولة ما يمكنها أن تفصل بين الحياة الداخلية أو السوق المحلية وبين القوى الخارجية والسوق الدولية. فنحن الآن في مرحلة التحول تجاه تكامل الاقتصاديات وسيادة آليات السوق وظواهر الخوصصة، بما يتضمنه ذلك من حرية دخول وخروج البضائع والخدمات ورؤوس الأموال عبر الحدود المختلفة، دون عوائق أو قيود أو إجراءات تنظيمية، مع محاولة تطبيق الأسعار الطبيعية ( دون دعم أو إعانات مستترة ) طبقا لقواعد العرض والطلب. وفي مجال تسوية المدفوعات، هناك اتجاه نحو عالمية قواعد الصرف العائمة، وتوحيد الأسعار الدولية. كما أن غالبية النشاط التجاري الدولي من صادرات أو واردات يقوم بها الآن الأفراد والمشروعات المتخصصة. وتقوم البنوك التجارية الخاصة بعملية التقييم وتقديم التسهيلات الائتمانية. حتى عمليات الإقراض والاقتراض والمديونية العامة ( أي القروض التي تعقدها الحكومات والدول )
أصبحت الآن مجرد علاقات بين دولة ما ومشروع خاص ( البنك التجاري). ويقتصر التدخل الحكومي في الدول الدائنة أو المقرضة على تقديم الضمانات لوحداتها المقرضة. وتحكم هذه العلاقات في الكثير من الأحيان قواعد القانون الدولي الخاص والتحكيم التجاري وقوانين التجارة الدولية الخاصة، متجاوزة في ذلك مبادئ سيادة الدولة.
فالنشاط الاقتصادي الخاص يزدهر على حساب النشاط الاقتصادي العام حتى في النطاق الدولي. وعندما تكتمل عناصر حرية التجارة وقواعد السوق، ويقتصر دور الدولة على التنظيم والتوجيه والرقابة، ويترك النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص، وتصبح الأسواق الوطنية المختلفة سوقا دولية للتجارة والمال، أطرافها المتعاملة هي المشروعات، وموضوعها يتناول السلع والخدمات، وتتميز بالتخصص والمهارات التكنولوجية المختلفة، فإن نشاط العلاقات الاقتصادية الدولية الرئيسي يصبح هو النشاط الدولي للأعمال.
ولعل من أبرز صور النشاط الدولي للأعمال الآن، أو الخصوصية في العلاقات الاقتصادية الدولية، هو ما يتعلق بحركات رؤوس الأموال، أو ما يسمى بالاستثمار الدولي. وهنا أيضا نلاحظ ذات الاتجاهات، أي زيادة رؤوس الأموال المستثمرة من قبل القطاع الخاص في الدول الأجنبية الأخرى بالمقارنة بالقطاع العام أو الدولة. وحتى حينما تقوم دولة ما باستثمار أموالها في الخارج، فإنها تتبع في ذلك آليات السوق، فيما يتعلق بفرص الاستثمار والعائد ومواجهة المخاطر وغيرها. ولقد اقتصر دور الدولة الآن على تقديم القروض والإعانات ( دولة إلى دولة ) أو ضمان الاستثمار الخاص. أما الاستثمار الدولي الحقيقي، والذي يتعلق بالتوظيف والإنتاج فهو من نصيب القطاع الخاص من الأفراد والمشروعات والمؤسسات التمويلية وشركات التوظيف وشركات الإنتاج والتسويق وغيرها.
إن توظيف الاستثمار الدولي يتم من خلال قناتين: الأولى ويطلق عليها الاستثمار من خلال حيازة "محفظة دولية للأوراق المالية، والثانية من خلال الاستثمار المباشر " والفرق، يتعلق بمدى السيطرة على السلطة الاقتصادية والإدارة في المشروع من جهة، وطريقة ونوعية تخصيص الأموال من جهة أخرى.
فالاستثمار من خلال محفظة الأوراق المالية الدولية، أو بمعنى آخر الاستثمار غير المباشر، ليس سوى مجرد توظيف للأموال أو الادخارات في اقتصاد ما، ومن قبل الأشخاص والمشروعات التي تنتمي لهذا الاقتصاد، في شراء الأوراق المالية الأجنبية، سواء كانت أسهما أو سندات أو أوراق تجارية ( خصم ـ استبدال ديون ). والهدف من هذا التوظيف هو أساسا الحصول على عائد مالي في شكل أنصبة أو فائدة أو مكاسب رأسمالية ( في حالة المضاربة على قيمة الأصل ذاته ). ولا يحاول المستثمر من خلال هذا التوظيف التأثير في السياسة الاقتصادية في المشروع، أو التحكم في الإدارة أو التدخل في عمليات الإنتاج والأسعار والمبيعات. فالأمر هنا يقتصر على تولد حقوق مالية قبل أصول المشروع. وغالبا ما يلجأ المستثمر الوطني إلى ذلك التوظيف الأجنبي، عندما لا تتوافر لديه فرص التوظيف الاستثماري، أو إمكانية تعرض التوظيف الداخلي للمخاطر دون توافر الضمانات، أو أن العائد المقارن يكون في صالح التوظيف الأجنبي وعلى حساب التوظيف الداخلي. ومما يشجع الأفراد على مثل هذا الاستثمار الخارجي، هو توافر الأسواق المالية والبورصات الخارجية، وسهولة التعامل فيها، وإمكانية تسييل الأصول والأوراق المالية، وتوافر الحوافز الضريبية، وحرية التحويل. ولهذا فإننا نجد الكثير من المدخرين الأمريكيين يوظفون أموالهم في شراء الأسهم والسندات الخاصة بالشركات اليابانية المنتجة للأجهزة والآلات الكهربائي والالكترونية، نظرا لتقدم هذه الشركات فنيا، وسيطرتها على الأسواق، وارتفاع معدلات المبيعات والأرباح. وبالمثل فإن الكثير من الأوروبيين يفضلون توظيف أموالهم في الشركات الأمريكية الضخمة مثل I.B.M و Xerox وغيرها ، نظرا لتفوقها الاحتكاري في مجالات إنتاجها وقدرتها على الاختراع والابتكار.
وهكذا نجد الكثير من المدخرين أو الشركات والمؤسسات المالية يوظفون جزءا لا بأس به من مواردهم السائلة والفائضة في تكوين مثل هذه المحافظ المالية المتنوعة المصادر والأشكال، لمشروعات وشركات تعمل في بلدان عديدة. وهم يتعاملون من أجل ذلك مع العديد من البورصات في لندن ونيويورك وباريس وطوكيو وغيرها. وبصفة عامة فإن حجم هذا الاستثمار ونموه يتوقف على معدلات العائد والأرباح المتوقعة، ونجاح سياسات الشركات المصدرة للأوراق والسندات في الإنتاج والتسويق والتقدم التكنولوجي، وعل مدى صدق الميزانيات المعلنة والظروف السياسية والاستقرار والأنظمة القانونية في البلدان الأجنبية. وعلى أية حال فهذه النوعية من الاستثمار هي في حقيقتها استثمار قصير أو متوسط الأجل. وربما تستمر أي عملية لمدة يوم أو شهر أو حتى سنوات. حيث تباع وتشترى هذه الأوراق في الأسواق المالية والبورصات كردود فعل لتوقعات المستثمرين ورغبتهم في المضاربة على قيمة الأصول أو تفضيل الحصول على الأرباح والدخول.

أما النوعية الثانية من التوظيف والخاصة بالاستثمار المباشر، فإنها تسمح للأفراد والمشروعات والشركات الوطنية بالحصول على تسهيلات ومميزات مباشرة في الاقتصاديات الأجنبية تمكنها من السيطرة الاقتصادية على مشروعات اقتصادية إنتاجية أو خدمية، وعلى أصول هذه المشروعات المادية من المخازن والمصانع والمكاتب والبنوك وحقوق الملكية المعنوية وغيرها. وهذه الأصول المادية تمثل أدوات المشروع الإنتاجية والتسويقية والتمويلية. فالمستثمر هنا يحوز ويشتري بعض الأصول المادية والمعنوية ( التي تتواجد في الاقتصاديات الأجنبية ) والتي لها القدرة على إنتاج السلع والخدمات خارج نطاق حدود جنسيته. وهو يتمكن بذلك من إدارة هذه الأموال بطريقة مباشرة. وهذه النوعية من الاستثمار هي غالبا استثمار طويل الأجل. لأنه يتضمن الحيازة والملكية والإدارة الشاملة لأصول أجنبية، ويحتاج تسييل هذه الأصول أو تطويرها مدة طويلة من زمنيا. والإدارة الشاملة تحقق للمستثمر السلطة الاقتصادية داخل المشروع. ويتمكن بذلك من وضع وتوجيه السياسة الاقتصادية له من حيث الإنتاج والتوزيع والمبيعات والأسعار والاختيار التكنولوجي وسياسة التوظيف وغيرها، بما يحقق أهدافه الخاصة. وسواء تعلقت تلك الأهداف بتحقيق الحد الأقصى من الأرباح، أو سرعة الانتشار، أو السيطرة على التكنولوجيان أو السيطرة الاحتكارية وغيرها من الأهداف. ولذلك فإن الاستثمار المباشر أخطر بكثير في نتائجه من الاستثمار غير المباشر.

*الدوافع الإستراتجية للاستثمار الأجنبي المباشر:
إن الدوافع الرئيسية للشركات المتعددة الجنسية في القيام بالاستثمار الأجنبي المباشر تستند على أربعة أنواع من الاعتبارات الإستراتجية وهي:
أ: إن هذه الشركات تطلب وتفتش عن الأسواق الجديدة.
ب: أو أنها ترغب في الحصول على المواد الخام.
ج: وكذلك تهدف إلى طلب الكفاية في الإنتاج من خلال استخدام عوامله بكل كفاءة.
د: إنها تتحرى عن المعلومات بما في ذلك كامل الاستخبار الاقتصادي وما يرتبط به كحلقة متكاملة.
فهي إذن، بالنسبة للنوع (أ) تنتج في أسواق أجنبية إما لمواجهة الطلب المحلي أو للتصدير إلى أسواق غير السوق المحلية كما في صناعة السيارات الأمريكية مثلا فهي تنتج في أوروبا للاستهلاك المحلي كباعث لها في طلب التفتيش عن السوق الخارجية.
وبالنسبة للنوع (ب) فهي تستخرج المواد الأولية أينما وجدتها إما لغرض التصدير أو للقيام بعمليات أخرى عليها وبيعها في البلد أو الدولة المضيفة للاستثمار الأجنبي. وهذا ينطبق على مؤسسات الشركات الكبيرة في ميدان إنتاج النفط بكل عملياته من الاستخراج والتكرير، والتسويق، والتعدين أو المزارع ومنتجات الغابات التي تستخدم كل هذه الأنواع من المنتجات في صناعات تقع ضمن نطاق استخدامات المواد الأولية و المنتجات الأولية.
وبالنسبة للنوع (ج) طالبي الكفاية في الإنتاج حيث ينتجون في دول تتوفر فيها واحدا أو أكثر من عوامل الإنتاج بأسعار رخيصة قياسا للإنتاجية، كإنتاج يستخدم العمل الكثيف في مجال المعدات الالكترونية، في تايوان والمكسيك كأمثلة تحصل فيها تلك الظروف أمام الاستثمار الأجنبي المباشر.
وأخيرا بالنسبة للنوع (د) لطالبي المعلومات والخبرة والمعرفة حيث يستهدف الاستثمار المباشر في الدول الأجنبية للحصول على فرص التقنية أو الخبرة الإدارية مثال الشركات الألمانية والهولندية التي اشتهرت ببعض إنتاج الأجهزة الدقيقة لأغراض تطوير تقنيتها.
ثالثا- الأسواق المالية الدولية : ( )
تعرف هذه الأسواق بأنها أسواق الديون المقومة بالعملات المختلفة وإن كان الدولار أهمها، والصادرة عن الحكومات والمؤسسات الخاصة من مختلف الجنسيات والتي لا تخضع لرقابة السلطات النقدية والمالية لأي من الدول. وعرفت انطلاقا مكن دورها حيث أن دور أسواق رؤوس الأموال الدولية هو تمويل العمليات الدولية، كالصادرات من سلع وخدمات والعمليات الداخلية كقروض الشركات الوطنية.
وعليه فإن أسواق المال الدولية هي مصدر من مصادر التمويل بالنسبة للمؤسسات العمومية والخاصة وكذا الحكومات لتمويل العجز أو المشاريع المختلفة. هذه المصادر قد تكون قصيرة، متوسطة أو طويلة الأجل، ويتم جمعها من الجمهور والمؤسسات المالية المختصة من طرف البنوك والمؤسسات المالية الأوروبية المرخصة والتي تقوم هي الأخرى بإعادة استثمارها أو إقراضها للمؤسسات والحكومات الطالبة لمصادر التمويل.
- أقسام أسواق رأس المال الدولية:
إن أسواق المال الدولية تنقسم إلى عدة أنواع أو فروع أهمها:
سوق النقد الدولية:
تشبه هذه السوق بالخزان الذي يحتوي على رؤوس الأموال السائلة قصيرة الأجل من العملات الصعبة. ويرجع السبب في تطور سوق النقد الدولية إلى أن المدخرين استطاعوا تحقيق عائد أكبر مما لو ادخروا في السوق الوطنية، كما أن المستثمرين والمقترضين من هذه السوق تمكنوا من الحصول على رؤوس أموال بسعر فائدة أقل مما لو كانت قروضهم من السوق الوطنية. لهذه الأسباب توسعت هذه السوق من سنة إلى أخرى، خاصة منذ منتصف الستينات من القرن الماضي.
لقد عرفت أيضا بأنها مجموعة الصفقات التجارية والمالية التي تتم بواسطة العملات الصعبة خارج بلدانها، أي خارج بلدان إصدارها كأن نتكلم عن الدولارات الأوروبية الموجودة خارج الولايات المتحدة. لهذا يمكن القول أن السوق النقدية الدولية هي ذلك النظام الذي يمكن المؤسسات والحكومات من التزود برؤوس الأموال قصيرة الأجل.
لقد تطورت السوق النقدية الدولية تطورا كبيرا بتطور المنتجات المالية المتداولة فيها. ففي أول الأمر كانت هذه السوق تقوم أساسا على الودائع الآجلة التي تتراوح مدد استحقاقها من عدة أيام إلى 5 سنوات. كما أن معظم هذه المدد تقل عن 6 أشهر. أما سعر الفائدة وتاريخ الاستحقاق فهما محل تفاوض بين المودع والبنك، وعادة ما يحدد المبلغ الأدنى الذي يمكن قبوله كوديعة في السوق النقدية الدولية، وهو 25000 دولار.
الوسيلة الثانية لتغذية السوق النقدية الدولية برؤوس الأموال هي: شهادات الإيداع التي تتراوح مدد استحقاقها من شهر إلى سنة. لقد تداولت هذه الشهادات لأول مرة سنة 1966 حيث أصدرت من قبـل ( First National City Bank ) في لندن.
من إيجابيات هذه الشهادات أنه يمكن تداولها كأية ورقة مالية في السوق الثانوية. كما أنها تساعد على استقرار السوق النقدية الدولية لأن المبالغ الموظفة تبقى ثابتة في البنوك نسبيا وذلك لتبادل الشهادات المقابلة لتلك المبالغ بين المستثمرين ( بالبيع و الشراء ).

سوق رأس المال الدولية:

لقد عرفت بأنها تلك السوق التي يقوم فيها المقرضون والمستثمرون بعرض فروض مالية متوسطة وطويلة الأجل مقابل الحصول على أصول مالية يعرضها المقترضون أو حاملوها الأصليين. إن هذه السوق شبيهة إلى حد ما بالسوق المالية الوطنية، غير أن المتعاملين فيها من مقرضين ومقترضين هم بنوك ومؤسسات مالية دولية وشركات متعددة الجنسيات وغيرها من الشركات العالمية. إذ تقوم هذه الأخيرة بإصدارات مختلفة للأوراق المالية وبيعها في أسواق المال الدولية والحصول على مصادر التمويل من النوعين المتوسط والطويل الأجل.
لقد نشطت هذه السوق مع بداية الستينات من هذا القرن وتطورت كثيرا منذ ذلك الوقت. لق
تجلى هذا التطور في انقسامها إلى عدة فروع وفقا لنوع الأوراق والمنتجات المالية من جهة،
ولإجراءات الإصدار من جهة أخرى. وهذه أهم تلك الفروع:
أ- سوق الإقراض المصرفي بالعملات الأجنبية ( Euro-crédits) :
لقد عرفت تلك القروض بأنها " القروض الممنوحة من طرف البنوك باستعمال عملة أجنبية، أي خارج الدولة التي أصدرتها ". وبذلك فإن سوق الإقراض المصرفي بالعملات الأجنبية هي سوق منح القروض متوسطة وطويلة الأجل على المستوى العالمي، والتي عادة ما تكون بمبالغ معتبرة. بالإضافة إلى ذلك فإن البنوك العالمية المتخصصة في منح مثل هذه القروض لا تخضع في معظم الأحيان لتشريعات وحماية دولة معينة وأن الخطر الذي يميز تلك القروض عادة ما يكون عاليا نسبيا. وعليه فإن القروض الدولية تغطى من طرف مجموعات من المصارف لتقسيم وتخفيض المخاطر من جهة، ولتغطية القروض التي يعجز بنك واحد عن تغطيتها من جهة أخرى. لهذه الأسباب وغيرها تجمعت البنوك والمؤسسات المالية العالمية في شكل تكتلات بنكية ( consortiums ) تمنح قروضا متوسطة وطويلة الأجل بكثير من العملات الأجنبية، خاصة بالدولار الأمريكي.
ب- سوق السندات الدولية ( Euro-obligations ) :
السندات الدولية هي أوراق مالية تمثل دينا على المصدر لها وتصدر بالعملة غير عملة أو عملات الدول التي تتداول فيها. من الأمثلة على ذلك السندات المصدرة باستعمال الدولار الأمريكي والمباعة في الأسواق الأوروبية. تنشأ هيأة دولية لإصدار وتسويق تلك السندات عبر أقطار العالم، تـعرف ب( Syndicat )، كما تقوم بشراء الأوراق المالية ( السندات ) التي لم تبع في السوق حتى توفر السيولة لها. من ناحية أخرى فإن السندات الدولية هي وسيلة من وسائل جلب رؤوس الأموال من دول أخرى بغرض تمويل المشروعات، إذ تتراوح مدد استحقاقها من 10 إلى 15 سنة، وعليه فهي وسيلة تمويل طويلة الأجل.
ومن خصائص السندات الدولية أن الفوائد عليها ثابتة على مدى الفترة الخاصة بالإصدار وهذا شيء إيجابي بالنسبة للمقترضين. إذ يمكنهم الحصول على مصادر التمويل بسعر فائدة ثابت، مما يجنبهم مخاطر ارتفاع هذا الأخير في الأسواق المالية ويمكنهم من تحديد سياساتهم الطويلة الأجل على هذا الأساس.
ج – سوق الأسهم الدولية (international equities market ) :
على العكس من المتوج المالي السابق أي السندات الدولية، فإن الأسهم الدولية تمثل ملكية المستثمر أو المشتري لتلك الأسهم لجزء من الشركة المصدرة. يتم الإصدار من قبل شركة معينة في بلدان غير البلد الأصلي لها. أما التوزيع فتقوم به هيئة دولية مكونة من بنوك ومؤسسات مالية متخصصة.
يمكن للمؤسسات المالية المختصة والبنوك أن تشتري هذه الأسهم كما يمكن للأفراد أن يوظفوا أموالهم فيها وذلك بقصد تحقيق أرباح أكبر في الأمد القصير أو بغرض تنويع حوافظهم المالية والتقليل من المخاطر في مدة أطول.وعليه فإن سوق الأسهم الدولية هي وسيلة أخرى من وسائل التمويل التي تستطيع الشركات ( خاصة ذات المركز المالي الجيد ) بواسطتها الحصول على الأموال الضرورية لإنشائها وتوسعها من بلدان أجنبية، مع إتاحة فرصة التملك لتلك الأطراف الأجنبية التي وظفت أموالها في شراء أسهمها الدولية. بذلك تساعد هذه الإصدارات على لقاء المحتاجين لرؤوس الأموال، لا سيما الذين يريدون تدعيم بند الأموال الخاصة، مع أصحاب الفوائض المالية وتوزيعها على مستوى عالمي بصورة فعالة.
د- السوق الدولية للقسيمات وسندات الخزينة ( Le marché des Euro-notes et des Euro-billets de trésorerie ):
هذه الأدوات متشابهة إلى حد ما، إذ تمثل دينا على المؤسسة المصدرة لها وبذلك تضمن وسيلة من وسائل التمويل قصير الأجل. كما أنه يمكن تداولها في السوق النقدية. فالقسيمات الدولية هي عبارة عن أوراق مالية تقوم المؤسسات بإصدارها بالاستعانة بمجموعة من البنوك والمؤسسات المالية المختصة وبذلك تضمن تلك المؤسسات مصدرا من مصادر التمويل قصير الأجل من السوق النقدية.
أما سندات الخزينة الدولية فهي أيضا وسيلة تسمح للمؤسسات بالدخول إلى السوق النقدية للتزود بما تحتاجه من مصادر التمويل قصير الأجل على فترات شبه منتظمة خلال السنة حسب الحاجة. لعل الجديد في هذا كله هو أن سندات الخزينة تسمح بالتمويل قصير الأجل فيما بين المؤسسات نفسها دون المرور بالنظام النقدي والمالي. أي تسمح بإقراض الشركات التي تمتاز بفائض في السيولة لإلى تلك المحتاجة إلى تمويل قصير الأجل، أو التي تسجل عجزا في الخزينة.
الفصل الخامس: الخطر المالي الدولي.
أزمة المديونية الدولية:
لا تعتبر المديونية الخارجية للدول النامية بمثابة قضية جديدة إذ هي محل بحث ودراسة من قبل. غير أن مشكلة خدمة الديون واللجوء إلى الجدولة كانت الاستثناء لا القاعدة، وكانت فضلا عن ذلك تتعلق بديون صغيرة القيمة نسبيا، مستحق غالبيتها لدائنين رسميين. أما بالنسبة لأزمة الديون المعاصرة فهي تؤثر في عدد كبير من الدول، وتتعلق بمبالغ ضخمة مستحق جزء كبير منها للبنوك التجارية. كما اقترن تغير حجم أزمة المديونية بتغير بعدها النوعي. فهي الآن لا تمس دول مدينة معينة، ودائنيها فحسب، بل أصبحت تؤثر بشكل خطير، على عملية التنمية بأسرها، وعلى نظام التجارة والمدفوعات. فمع النمو الشديد الذي حدث في هذه الديون، وما جره ذلك من نمو متعاظم في أعبائها، وجد عدد كبير من الدول المدينة نفسه أمام اختيار مرير بين النمو والتنمية من ناحية وخدمة الديون الخارجية من ناحية أخرى. بيد أن مشكلة المديونية تتجاوز البلاد المدينة إلى البلاد الدائنة، نظرا لما تنطوي عليه من مخاطر على البنوك التجارية الدائنة وخصوصا البنوك العملاقة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان. كذلك فن مشكلة الديون ترتبط أوثق ارتباط بالنظام المالي والائتماني العالمي، حيث أن النجاح أو الفشل في نجاحها يؤثر تأثيرا عميقا على مستقبل حركة رؤوس الأموال الدولية وعلى التعاون الدولي ولا سيما منظمات بريتون وودز.
ورغم تعدد الأسباب التي أدت إلى تطور الديون الخارجية المستحقة على مجموعة الدول النامية إلى وضعها المتأزم في الوقت الحالي فإن الصورة العامة لأزمة الديون الخارجية للدول النامية يمكن النظر إليها من زاويتين: الأولى هي عدم استقرار وتدهور موارد النقد الأجنبي لهذه الدول، بسبب تقلب وركود صادراتها من المواد الأولية، وخصوصا مع احتدام أزمة الكساد التضخمي بالدول الرأسمالية المتقدمة، مع ما جرته هذه الأزمة من ركود في التجارة العالمية في المواد الأولية، ومن انهيار في نظام النقد الدولي، ومن تزايد الضغوط الحمائية والتمييزية في مختلف دول العالم. أما الثانية، فتتمثل في زيادة مبلغ النقد الأجنبي اللازم لخدمة أعباء هذه الديون، نتيجة لتعقد وارتفاع كلفة الاقتراض الخارجي وخصوصا مع ارتفاع أسعار الفائدة وجنوحها نحو التزايد بشكل مستمر، وانخفاض حجم ونسبة القروض المقدمة بشروط ميسرة، وتزايد صافي التدفقات الرأسمالية من الدول النامية إلى الدول المتقدمة ( وفيما يلي نتناول بعض جوانب هذه المشكلة.
1- التمويل الخارجي وطاقة الدولة على خدمة ديونها الخارجية:

تنشأ الحاجة للتمويل الخارجي نتيجة لوجود فجوة في الموارد المحلية، أي بسبب زيادة معدل الاستثمار عن معدل الادخار المحلي. وينقسم التمويل الخارجي إلى نوعين رئيسين: الأول هو التمويل عن طريق القروض الخارجية، أي طريق الاستدانة من مصادرها المتعددة ( )، والثاني هو التمويل عن طريق استقدام رؤوس الأموال الأجنبية الخاصة للاستثمار المباشر داخل الاقتصاد الوطني. وتختلف الأعباء التي تتحملها الدولة باختلاف نوعية التمويل الخارجي. فبينما يتمخض الحصول على القروض الخارجية عن دفع أعباء منتظمة في شكل أقساط وفوائد ( ) ، وبغض النظر عن طبيعة استخدام القرض ، فإن الاستثمارات الأجنبية يتمخض عنها تحويلات مالية للخارج تتمثل في الأرباح المحولة للخارج، والفائدة على رأس المال المستثمر ، وتحويل جانب من أجور العاملين والخبراء الأجانب ، ومدفوعات خدمة نقل التكنولوجيا والمتمثلة في رسوم براءات الاختراع والعلامات التجارية والتراخيص وتكاليف الإدارة والخبرة الفنية . ومع التسليم بضرورة التمويل الخارجي، أي المزج بين مصادر التمويل المحلي ومصادر التمويل الخارجي، فإن المشكلة الرئيسية التي تواجهها الدول النامية تتمثل في نسب هذا المزج، وتأثير ذلك على اتجاهات ومستقبل التنمية.
وعموما فإن تمكن الدولة من الوفاء بالتزاماتها الخارجية الناتجة عن الاستثمارات الأجنبية الخاصة المباشرة أو الناشئة عن القروض الخارجية يتطلب وجود فائض في الميزات التـــجاري للــدولة
المدينة( ) . وإذا ما عجزت الدولة عن تحقيق هذا الفائض، فإنها سوف تواجه صعوبات شديدة في ميزان المدفوعات. إذ تواجه، والحال هذه، حرجا في المواءمة بين دفع خدمات الموارد الأجنبية وتمويل الواردات اللازمة للاقتصاد اوارداتها.ا.ر إلى الاستدانة من جديد للحصول على نقد أجنبي كي تستمر في الوفاء بخدمة التزاماتها الخارجية وتمووارداتها.ا . وجدير بالذكر أن ظهور هذا الفائض يتوقف، إلى حد كبير، على الكيفية التي يتم بمقتضاها استخدام هذه الموارد.
ويقصد بطاقة الدولة على خدمة ديونها والتزاماتها الخارجية مدى مقدرة الاقتصاد الوطني على تدبير الموارد اللازمة لمواجهة التزامات الدفع الخارجي المختلفة التي نشأت عن اعتماده على التمويل الخارجي ومدى تأثير ذلك على الأوضاع الاقتصادية بالداخل. وفي هذا المجال ينبغي التفرقة بين الأجل القصير – أو المتوسط – وبين الأجل الطويل، حيث أن الأبعاد التي تحكم هذه الطاقة تختلف باختلاف المدى الزمني الذي نتحدث فيه عن حجم هذه الطاقة.
ففي الأجل القصير ترتبط مشكلة خدمة أعباء الديون الخارجية ارتباطا وثيقا بمشكلة السيولة ( ) . وهي لهذا ترتبط بالحالة التي يكون عليها ميزان المدفوعات للدولة. والمشكلة الرئيسية التي تواجهها الدول النامية عند تدبير أمر خدمة ديونها الخارجية في الأجل القصير تتمثل فبي أنه على حين أن مبالغ خدمة الديون الخارجية الواجبة السداد إنما هي مبالغ ثابتة ومحددة سلفا، طبقا لشروط عقد هذه القروض، إلا أن الجزء الأكبر من مصادر الدول النامية من العملات الأجنبية هي مصادر ذات طبيعة متقلبة، أي لا تتسم بالثبات والاستقرار. وبصفة عامة تتعدد وتتنوع مصادر العملات الأجنبية المتاحة للدول النامية، وتتفاوت فيما بينها من حيث ثقل الأهمية النسبية لكل مصدر بالقياس إلى المصادر الأخرى. وتتمثل هذه المصادر أولا في حصيلة النقد الأجنبي المتأتي من صادرات السلع والخدمات. والأمر هنا يتعلق بالمتغيرات الهيكلية التي يتعين على الاقتصاد الوطني أن يحققها في غمار عملية التنمية. وثانيا في رؤوس الأموال الأجنبية الوافدة من الخارج على اختلاف أنواعها. وثالثا في إمكانية السحب من صندوق النقد الدولي.
أما في الأجل الطويل فإن طاقة الدولة على خدمة ديونها ترتبط ارتباطا وثيقا بمرحلة النمو الاقتصادي التي تصل إليها الدولة وبطبيعة وسرعة مسار عملية التنمية الاقتصادية. ومن ثم فهي تتوقف على الشروط والأوضاع والسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر في مدى نجاح، أو تعثر، عملية التنمية التي يعتمد تمويلها، في جزء منها، على وسائل التمويل الخارجي ( ) . وهكذا ترتبط مشكلة الديون الخارجية في الأجل الطويل بمشكلة التنمية الاقتصادية، حيث أن العوامل والمتغيرات التي تحدد حجم طاقة الاقتصاد الوطني لخدمة أعباء التمويل الخارجي تتوقف أولا و أخيرا، على مقارنة مدى النفع، المباشر أو غير المباشر، الذي يعود على الاقتصاد الوطني نتيجة اعتماده على التمويل الخارجي بمدى التكلفة التي يتحملها من جراء ذلك.
2- مصادر التمويل الخارجي:
ينصرف النظام المالي الدولي إلى المصادر المختلفة للتمويل الخارجي التي تلجأ إليها البلاد النامية لتمويل عملية التنمية أو لتغطية العجز في ميزان المدفوعات. ويمكن أن نميز في هذا الصدد بين خمسة مصادر للتمويل الخارجي ( ) :
أ- المصادر السمية الجماعية: وعلى رأسها مجموعة البنك الدولي ( البنك الدولي للإنشاء والتعمير وهيئة التنمية الدولية وهيئة التمويل الدولي ) وصندوق النقد الدولي. ويدخل فغيها كذلك البنوك الإقليمية للتنمية مثل بنك التنمية الإفريقي وبنك التنمية الآسيوي. ويضاف إليها مؤسسات التنمية الإقليمية الأخرى مثل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وكذلك صندوق النقد العربي. ويعتبر هذا المصدر من أهم مصادر التمويل بشروط ميسرة.
ب- المصادر الرسمية الثنائية: وهي تشمل المساعدات الإنمائية بين حكومتين أو بين هيئات حكومية. وفضلا عن أن هذا المصدر يشتمل على نسبة عالية من التمويل بشروط ميسرة فإنه يشتمل كذلك على تمويل بشروط تجارية أو شبه تجارية. ومثال ذلك الفروض التي تعطيها بنوك التصدير والاستيراد الحكومية أو الهيئات الحكومية للتأمين على الصادرات.
ج –البنوك التجارية في البلاد الصناعية:ولم يكن هذا المصدر ذا أهمية في تمويل البلاد النامية إلى عهد قريب. غير أن أهميته بدأت في التزايد بعد ثورة البترول خلال عقد السبعينات وأصبح من أهم مصادر التمويل بالنسبة لعدد كبير من الدول النامية خصوصا في أمريكا اللاتينية.
د- الاستثمار المباشر:
وكان هذا المصدر يمثل أهم مصادر التمويل الخارجي للدول النامية قبل الحرب العالمية الثانية. غير أن أهميته تراجعت بصورة ملحوظة خلال الفترة الأخيرة وأصبح لا يمثل أكثر من 10% من مجموع التدفقات المالية للدول النامية.
هـ الاقتراض بإصدار سندات من الأسواق المالية: وكان هذا المصدر من أهم صور الاقتراض الخارجي خلال القرن التاسع عشر. ولكنه أصبح الآن مقصورا على عدد محدود جدا من الدول النامية مثل المكسيك والبرازيل وكوريا الجنوبية.

3- تطور حجم وهيكل ديون الدول النامية:

تطورت صورة الديون الدولية بشكل يثير الانتباه ويدعو للقلق ابتداء من النصف الثاني من عقد السبعينات وحتى الآن. فمذ ذلك الوقت ثمة نمو متزايد قد حدث في أحجام هذه الديون، وفي شروط انسيابها إلى البلاد المدينة. وفي الأعباء الحقيقية التي نجمت عنها. وقد انطوى هذا التطور المتزايد على تغيير محسوس في هيكل هذه الديون، وذلك بارتفاع النصيب النسبي للديون المستحقة لمصادر خاصة ( البنوك التجارة، تسهيلات الموردين، والاقتراض من أسواق السندات الدولية). على أن المتتبع لتطور هذه الصورة، سوف يلحظ أن عام 1982 يشكل، في الحقيقة، نقطة تحول رئيسية لهذا التطور. ففي هذا العام أعلنت ثلاثة من أكبر الدول المدينة ( وهي المكسيك والأرجنتين والبرازيل ) عدم قدرتها على دفع أعباء ديونها الخارجية. ثم توالت بعد ذلك حالات واحتمالات التوقف عن الدفع. وهو الأمر الذي خلق ذعرا شديدا في سوق لاقتراض الدولي، وبالذات بين البنوك التجارية، التي بدأت تدرك م}خرا مدى الكارثة التي تهددها نتيجة تورطها في إعطاء كثير من القروض بأسعار فائدة باهضة، لدول ذات قدرة ضئيلة على دفع وتسوية هذه الديون.
ويرجع هذا التحول الذي حدث فيمسا قضي المديونية العالمة إلى تأثير تعميق أحوال الكساد التي حدث بشكل خاص في الدول الرأسمالية الصناعية خلال الفترة ما بين 80-1982، وانعكاس ذلك على أحوال الدول المدينة بشكل سيء من ناحية، وإلى بدء الانحسار على نحو واضح في موجة التضخم العالمي من ناحية أخرى. ذلك أن تردي معدلات النمو الاقتصادي في غالبية الدول الرأسمالية الصناعية خلال هذه الفترة قد جر معه ركودا شديدا في صادرات الدول المدينة، ومن ثم تدهورا في حصيلتها من النقد الأجنبي، الذي يشكل أساس قدرتها على دفع أعباء ديونها الخارجية.وبعد عام 1982 بدأ الاقتصاد العالمي، تحت تأثير السياسات الانكماشية التي طبقت منذ بداية عقد الثمانينات، يتجه نحو انخفاض معدلات التضخم ( مع تزايد معدلات البطالة ). وقد كان لانخفاض معدلات التضخم أثرا هاما على قضية المديونية، فخلال الفترة الممتدة ما بين منتصف السبعينات وحتى عام 1982، كانت الأموال التي اقترضت للبلاد المدينة تتم بأسعار فائدة حقيقية منخفضة ( نسبيا ) بسبب موجة التضخم العالمي التي سادت في هذه الفترة ( رغم ارتفاع هذه الأسعار من الناحية الاسمية ). وابتداء من عام 1982، ومع انحسار موجة التضخم، أصبحت هذه الفوائد باهضة من الناحية الحقيقية. صحيح أن أسعار الفائدة قد مالت أيضا إلى الانخفاض، لكنها في سرعة انخفاضها، كانت أقل بكثير من سرعة انخفاض التضخم.
وهكذا نجد أن التحول النوعي الذي حدث في العبء الحقيقي لأسعار الفائدة، مع استمرار موجة الكساد العالمي، قد أثر بشكل واضح على قدرة الدول المدينة على الدفع، هذا في الوقت الذي استمرت فيه هذه الدول في حالة عوز دائم لمزيد من الاستدانة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن من أهم التحولات التي شهدها عقد لسبعينات وحتى أوائل الثمانينات هو ذلك التحول المتعلق بقيام المصادر الخاصة وبصفة أخص المصارف التجارية الدولية بالدور المحوري والرئيسي كمصدر للتمويل ومنح الائتمان تجاه الدول النامية ولتحل محل المصادر الرسمية في هذا الخصوص. وفيما يلي أهم التطورات التي لحقت بقضية المديونية خلال عقي السبعينات والثمانينات:
- شهدت ديون الدول النامية تزايدا مستمرا وتضخما شديدا في حجمها منذ أواخر الخمسينات وحتى الآن. ففي عام 1960 كانت تلك الديون تقدر بحوالي 18 مليار دولار، ثم أصبحت 74 مليار دولار في عام 1970، وصارت 160 مليار دولار في عام 1980، وبلغت حوالي 1000 مليار دولار في عام 1987. ولقد قفزت إلى 1229 مليار دولار في عام 1988. وكانت خدمة الديون لا تزيد على 2, 6 مليار دولار في عام 1960 فأصبحت تستوعب 1305 مليار دولار في عام 1986. وقد كانت المديونية تنمو حتى نهاية الستينات بمعدل سنوي لا يتجاوز 15% في المتوسط، فارتفع هذا المعدل المتوسط في النصف الأول من السبعينات إلى 20%، ثم ارتفع إلى 25% ابتداء من النصف الثاني من السبعينات، وعاد في الثمانينات فهبط إلى حوالي 10%. أما نسبة هذه الديون للناتج الوطني الإجمـالي ( ) للدول المدينة فقد تجاوزت 40% عام 1986 في كثير من الأحوال بينما لم تتجاوز هذه النسبة 12% عام 1974 . أما إجمالي الديون كنسبة من قيمة الصادرات من السلع والخدمات الخاصة بالدول النامية فقد كانت حوالي 91% عام 1979، ارتفعت إلى حوالي 120% عام 1982، وواصلت الارتفاع بعد ذلك بشكل كبير حيث بلغت 147, 8% عام 1985، وفي عام 1987 كانت هذه النسبة 1986, 6% ( ) .
- ميل ديون العالم الثالث إلى التركز ف بعض المناطق الجغرافية من العالم أكثر من غيرها، فالجانب الأكبر من هذه الديون تخص عددا محدودا من الدول النامية تعرف بكبار الدول المقترضة ويقدر عددها ب15 دولة. وقد بلغ نصيب كبار الدول المدينة من إجمالي القروض 473, 9 مليار دولار عام 1988، وهو ما يعادل حوالي 39% من إجمالي ديون البلدان النامية في نفس العام. وتأتي على قائمة الدول المدينة دول أمريكا اللاتينية وخاصة البرازيل والمكسيك والأرجنتين وفنزويلا، تليها الدول الإفريقية، فالدول الأوروبية النامية، ودول الشرق الأوسط النامية من غير الدول النامية البترولية، وأخيرا الدول الآسيوية.
- حدث تحول رئيسي في السبعينات من التدفق الرسمي إلى التدفق الخاص للقروض، وتميزت معظم الديون التي عقدتها الدول النامية بنمو الاقتراض من المصادر الخاصة أكثر من الاقتراض من المصادر الرسمية. وكان لهذا التغير في هيكل الديون أثر كبير في تفاقم مشكلة المديونية الخارجية. إذ أن القروض من المصادر الرسمية بصفة عامة تمثل قروضا أسهل من حيث الشروط والتكلفة إذا قورنت بالقروض المعقودة مع المؤسسات الخاصة. ومن بين المصادر الخاصة فإن الاقتراض من البنوك التجارية لعب دورا هاما في تفاقم الأزمة. ويرجع هذا لنمو في أعمال البنوك التجارية إلى الإفراط الشديد الذي حدث في حجم السيولة الدولية من جراء تراكم الفوائض البترولية وإعادة تدويرها من ناحية، بالإضافة إلى ما تراكم عن الشركات والبنوك الدولية النشاط من حجم هائل لرؤوس الأموال الساخنة لأسواق الدولار الأوروبي، من ناحية، إذ يقدر أن احتياطي البنوك الدولية قد تضاعف إحدى عشرة مرة خلال عقد السبعينات وحده. وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من الديون شديد الوطأة وغلي التكلفة، إذ يرتفع فيه سعر الفائدة ارتفاعا ملحوظا ويتسم بقصر مده الزمنية، وبعدم وجود فترة سماح فه فضلا عن استحقاقه بالعملات الصعبة. وضاعف من حرج الموقف اتجاه البنوك والهيئات الدولية إلى تعويم سعر الفائدة وربطه بسعر السوق والذي يحدد على أساس أسعار الفائدة بين البنوك في لندن والمعروفة اختصارا باسم " ليبور" ( ). وقد أخذت أسعار الفائدة المتغيرة في الارتفاع بصورة مضطردة في أواخر السبعينات حتى وصلت إلى ما يقرب من 20% عام1981. وقد ازداد نصيب الديون ذات الفوائد المتغيرة لإجمالي ديون الدول النامية من 7% عام 1972 إلى 22, 8 عام 1976 ثم 33% عام 1980 وإلى 43, 2% عام 1982. وفي ظل سعر الفائدة المرتفع فإن عبء خدمة الدين أصبح كبيرا ومرهقا بالنسبة للبلدان النامية ( )


- زيادة حجم القروض قصيرة الأجل سواء بصورة مطلق أو بصورة نسبية بالنسبة لغيرها من الديون، ولا شك أن ذلك يلقي عبئا ثقيلا على البلدان المدينة إذ يفرض عليها ضرورة تدبير الموارد لسداد هذا النوع من الديون، الذي لا تستطيع استخدامه استخداما منتجا في أي مجال وإنما يتجه أساسا لأغراض استهلاكية، فضلا عن أن الجز الأكبر من تلك القروض تتجه لسداد التزامات ديون سابقة. وبالنسبة للديون القصيرة الأجل فقد زادت من 107, 2 مليار دولار عام 1979 إلى 187, 2 مليار دولار. أما من ناحية أهميتها النسبية في إجمالي الديون فبعد أن كانت تمثل 7, 3% خلال عامي 73-1974 وصلت إلى 20, 1% عام 1979، ثم ارتفعت قليلا إلى 20, 8% عام 1983، ثم عادت وانخفضت في الأهمية إلى 17, 5% عام 1985، ثم إلى 15, 3% عام 1988. وجدير بالذكر أن القروض القصيرة الأجل تزداد بصفة بالنسبة للدول التي تعتمد أساسا على المصادر الخاصة للحصول على قروضها، كما أن هذا النوع من الديون ازداد بمعدل كبير خلال السنوات الأخيرة من السبعينات مع ظهور المصادر الخاصة والبنوك التجارية في ميدان الإقراض الدولي. ولاشك أن من شأن انخفاض هذا النوع من القروض – كما هو واضح- أن يساعد في تخفيف حدة المديونية الواقعة على البـلدان النامية ( ) .
- ترتبط قضية ازدياد عبء الديون وعبء خدماتها بمسألة الشروط المصاحبة لها. وتشير التقارير الدولية أن الاتجاه العام للشروط – وسوء تعلق الأمر بمتوسط مدة القروض أو متوسط فترة السماح أو متوسط نسبة عنصر المنحة –التي تصاحب القروض يكون عادة في غير صلح البلدان النامية المقترضة. إذ أنه في الوقت الذي تزداد فيه أسعار الفائدة الحقيقة منذ بداية السبعينات تقريبا نجد أن بقية مكونات الشروط تميل إلى الانخفاض سواء أكان ذلك بالنسبة لفترة الاستحقاق أو فترة السماح أو عنصر المنحة.

4- أهم العوامل التي ساعدت على تضخم أزمة المديونية:

بداءة ظهرت أزمة الديون في صورة أزمة مدفوعات خارجية وكأنها ظاهرة مالية صرفة غبر أنه سرعان ما اتسع نطاقها. فبد أن كانت أزمة المديونية تشكل جانبا منفردا ومستقلا من جوانب التنمية تحولت فأصبحت عاملا مهيمنا يؤثر على النظام الملي والنقدي الدولي. وعلى النظام التجاري المتعدد الأطراف، وأصبح لها دور مؤثر وخطير في إمكانية تحقيق النمو والتنمية في الاقتصاد العالمي. وربما يمكن تشبيه أساسيات أزمة الديون الخارجية للدول النامية بحركة حدي المقص: تصاعد أسار الفائدة، وانخفاض أسعار السلع الأساسية، وتصاعد مدفوعات خدمة الديون، وانخفاض تدفقات رؤوس الأموال، وتصاعد العجز في موازين التجارة في الدول النامية، وانخفاض الاستثمارات..الخ وعلى ذلك فقد أدى تشابك العوامل الدولية والعوامل المحلية إلى ظهور مخاطر أزمة المديونية على النظام الاقتصادي الدولي عامة وعلى الدول المدينة بصفة خاصة.
4-1 العوامل الخارجية:
ومن أهم العوامل ذات البعد الدولي، الكساد الاقتصادي الدولي، وارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية فضلا عن الارتفاع الكبير في سعر الدولار الأمريكي، والتغيرات في الأسعار العالمية للبترول، وتدهور شروط التبادل الدولي لبلاد المدينة، وزيادة الاعتماد على القروض التجارية، وانخفاض معونات البلدان الصناعية.
لقد قامت البلدان النامية خلال ركود السبعينات في البلدان الصناعية بالاقتراض المضاعف منها، ومن ثم أدت إلى تماسك الطلب في الاقتصاد الرأسمالي العالمي. وهكذا استطاعت المصارف الدولية الخاصة التي كانت تحتفظ بسيولة هائلة لا تستطيع السوق الرأسمالية استيعابها، إعادة تدويرها من البلدان النفطية إلى البلدان النامية طالبة القروض. وشهد العالم في الفتلارة بين عامي 72-82 تصعيد التدفقات المالية الدولية من المصارف التجارية الكبرى إلى العالم النامي. غير أن انتشار الركود الاقتصادي في الدول الصناعية خلال الفترة 80-82 أثر سلبا على اقتصاديات البلدان النامية مما زاد من حدة مشكلة المديونية في هذه الدول. إذ أدى الركود الاقتصادي في الدول الصناعية المتقدمة إلى انخفاض معدلات الطلب مكنها على الخدمات والسلع المختلفة، الأمر الذي أدى إلى لجوئها لفرض الحواجز الجمركية المرتفعة لمواجهة نمو الاستيراد من الدول النامية وحماية منتجاتها وتسويقها محليا، الأمر الذي ترتب عليه تناقص واضح في الحصة النسبية لصادرات الدول النامية من إجمالي الصادرات العالمية وزيادة عجزها عن دفع الديون المستحقة عليها. فمع تدهور حجم وقيمة صادرات الدول النامية إلى الدول الرأسمالية الصناعية انخفض حجم العملات الأجنبية فيها، وانخفض أيضا انسياب رؤوس الأموال الأجنبية الميسرة لها، هذا في الوقت الذي تزايدت فيه مدفوعات خدمة الديون وتزايدت صعوبات الاقتراض الخارجي وبخاصة بعد انفجار أزمة الديون المصرفية في عام 1982 ولجوء غالبية البنوك الأجنبية إلى تطبيق معايير قاسية في الاحتراس للائتماني وحساب الجدارة الائتمانية للمدينين.

وكان لارتفاع الذي طرأ على أسعار الفائدة التي اقترضت بها مجموعة الدول المدينة دورا حاسما في تفاقم مشكلة الديون العالمية. حيث أدى هذا الارتفاع إلى زيادة المبالغ المخصصة لدفع أعباء الديون، في الوقت الذي تعرضت فيه موارد النقد الأجنبي لتلك الدول للتدهور والتقلب، ولقد زاد الأمر سوءا اتجاه كثير من مؤسسات الإقراض الدولي – وبخاصة البنوك التجارية – إلى تعويم سعر الفائدة الذي تقرض به مجموعة البلاد النامية، وبالذات خلال الفترة 1979-1984. كذلك فقد ساهم الارتفاع الشديد في سعر الدولار في الفترة بين 1981-1984 في زيادة العبء الملقى على عاتق الدول المدينة ولاسيما أن حوالي 80% من القروض الخاصة بالدول النامية تم التعاقد عليها بالدولار الأمريكي. وتشير بعض التقارير أن حوالي 40% من الارتفاع في معدل الديون في الفترة 1979-1983 يرجع إلى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي. من هنا فإن ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وارتفاع أسعار الدولار وإعادة جدولة الديون بأسعار فائدة أعلى قد عمل كله على زيادة حجم الديون فنمت نموا خياليا. وظهر أن هناك ميلا طبيعيا لدى القروض لأن تنمو مع سعر الفائدة، بمعنى أن هناك استمرار دينا جديدا مساويا لسعر فائدة الدين القديم، وظهر أن المديونية صارت مديونية طويلة الأجل فعلا.
وقد جاء لك متزامنا مع تدهور شروط التبادل التجاري للدول المدينة، والذي يجد تعبيره في تدهور نسبة أسعار صادرات الدول النامية إلى أسعار السلع التي تستوردها من الدول المتقدمة. الأمر الذي يؤدي بشكل مباشر إلى التأثير على حالة ميزان المدفوعات للدول المدينة، حيث يزيد عجز هذا الميزان، ومن ثم يزيد من الميل إلى الاستدانة من ناحية، ويؤدي أيضا إلى إضعاف قدرة هذه الدول عن الوفاء بأعباء ديونها من ناحية أخرى. وعموما فقد أسهم التدهور في شروط التبادل التجاري للبلدان النامية بشكل واضح فيتأزم قضية المديونية الخارجية هذه الدول.
ومع تصاعد أسعار النفط م عام 1974 حدث عجز واضح في الموازين التجارية وفي الحسابات الجارية للدول المستوردة للبترول الأمر الذي أدى إلى زيادة اقتراضها من الخارج. ولم يؤدي الارتفاع في الأسعار العالمي للنفط إلى تحسين موقف المديونية الخارجية للدول النفطية المدينة، مثل المكسيك ونيجيريا وفنزويلا. حيث حصلت في السبعينات على قروض كبيرة من البنوك التجارية التي اعتقدت بسبب هذا الارتفاع أنه لا غبار على قدرة الدول على سداد أقساطها( ) . ولكن مع انخفاض أسعار البترول في الثمانينات أصبحت تلك الدول في] مأزق لعدم قدرتها على دفع عملية التنمية الاقتصادية وفي نفس الوقت سداد ديونها المستحقة. أما بالنسبة لمجموعة الدول غير النفطية، فم الواضح أن آثار انخفاض أسعار البترول عالميا سوف تعمل في اتجاهين متضادي، الاتجاه الأول، إيجابي الأثر ويظهر في دعم وتحسين قدرتها على الوفاء بأعباء ديونها الخارجية. أما الاتجاه الثاني، فإنه يحمل آثار سلبية تتمثل في انخفاض حجم المعونات والقروض الميسرة التي كانت تحصل عليها من دول الأوبك، فضلا عن تدهور حجم تحويلات العاملين بالخارج والذي يمثل في بعض الدول المدينة المصدر الرئيسي للنقد الأجنبي.
ومع ظهور المصارف الدولية الخاصة أخذ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير في قبض أيديهما عن الدول النامية. وأخذ الاقتراض الدولي يتحول ليصبح إقراضا خاصا في نهاية الستينات وخصوصا بعد عام 1973. وقد ارتبط ذلك بعاملين حاسمين هما ظهور سوق الدولار الأوروبي وإعادة تدوير فوائض النفط بعد رفع أسعاره بواسطة الدول المنتجة والمصدرة له. فمع نمو السوق الأوروبية للدولار، اصطحب تدويل رأس المال بتدويل الإنتاج، واستدعى البحث عن رأس المال تطويرا مستمرا في التمويل الدولي. وبذاءة اتجهت الأموال للبلدان الصناعية، إلا أن الكساد الذي أصاب تلك الدول في مطلع السبعينات جعل المصارف الدولية الخاصة توجه أموالها نحو البلدان النامية، خصوصا وقد حلت الحقبة النفطية وأعادت تلك المصارف تدوير الفوائض النفطية. وهكذا ساهم الوضع الدولي في تضخم المديونية الخارجية للدول النامية. فالكساد يحرم هذه الدول من موارد نابعة من مصادرها، وهو نفسه يخلق السيولة الفائضة التي تمكنها من الحصول على القروض(. وفي ظل هذه الأوضاع أخذت البلدان الصناعية تخفض من نسبة ما تقدمه من دخولها الوطنية إلى البلدان النامية في صورة قروض ميسرة. حيث أخد نصيب القروض الميسرة، أو المعونات، من إجمالي قيمة القروض التي تحصل عليها البلدان النامية في التدني بصورة مستمرة خلال السبعينات والثمانينات. فبينما كانت القروض الميسرة كنسبة من قروض الدول النامية ككل 43% عام 1974، انخفضت إلى 33% عام 1978، وإلى 23, 5% في عام 1983. وبالنسبة لكبار الدول المدينة والتي تواجه صعوبات جمة في خدمة ديونها، انخفض نصيب هذه القروض من 42, 6% عام 1974، إلى 31, 1% عام 1978 وإلى 18, 6% عام 1983 ( ) .
مجمل القول أن مجموعة الدول النامية قد عانت في من ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية وخصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تعتمد على رأس المال الأجنبي في تمويل عجز الموازنة العامة، ومن تدهور شروط التبادل الدولي وتناقص دخولها من تصدير خاماتها في ظل أوضاع الحماية والركود في التجارة الدولية ابتداء من عام 1982. ومن تقييم الدولار بأعلى من قيمته. ومن الركود الاقتصادي الذي أصاب -وما زال- الدول الصناعية المتقدمة، ومن التغيرات التي حدثت في أسعار النفط عالميا. فضلا عن ممارسة الدول الدائنة كافة الضغوط الممكنة على البلدان النامية. وتخفيض كافة أنواع التدفقات المالية إليها من معونات اقتصادية وقروض ميسرة واستثمارات مباشرة وقروض مصرفية.








4-2 العوامل الداخلية:
ومن أهم العوامل الداخلية التي ساعدت على تفاقم أزمة المديونية نذكر أولا إهمال تنمية مختلف القطاعات والذي يرجع إلى اهتمام الدول النامية بقطاع السلع الأولية المصدرة كأساس لما تحصل عليه من عملات أجنبية. وقد أدى سوء التخطيط وعدم وجود دراسات جدية لمشروعات التنمية إلى انخفاض معدلات النمو الاقتصادي والاجتماعي والاعتماد المتزايد على العالم الخارجي والعجز عن تعبئة الفائض الاقتصادي. والواقع أن تزايد الاعتماد على العالم الخارجي، وما يواكب ذلك من نمو مواز في الديون الخارجية يعود إلى طبيعة التشكيلات الاقتصادية والاجتماعية المسيطرة على الدول النامية، وهذا ينجم أساسا عن كيفية أوجه التصرف في الفائض الاقتصادي، بين الاستهلاك والتراكم، وغلى تسرب جزء هام منه نحو الخارج في ضوء علاقة هذه التشكيلات مع الاقتصاد الرأسمالي العالمي. كما أن اتساع فجوة الموارد المحلية ( ) وخاصة في العقد السابع ، يرجع إلى نمو الاستهلاك المحلي بمعدلات تزيد عن معدلات نمو الناتج المحلي ، بسبب زيادة السكان والدخول النقدية وشيوع أنماط استهلاكية ترفية غير رشيدة ،والإسراف في الإنفاق العام في أوجه غير إنتاجية ضرورية وغياب التخطيط السليم للاستهلاك والإنتاج والتجارة الخارجية وأنماط الاستثمار .
ويرتبط بهذا عامل آخر وهو فشل نمط التنمية والتصنيع في الدول النامية والذي كان له آثارا وخيمة على تفاقم مشكلات ديونها الخارجية، حيث أدت هذه التجارب إلى تزايد الاعتماد على العالم الخارجي، وإذكاء قوى الاستهلاك الترفي، وإضعاف قوى الادخار المحلي، وإلى زيادة نهب مواردها وبخاصة في ضوء استراتيجيات تصنيع بدائل الواردات والإنتاج الموجه للتصدير.
كذلك فقد كشفت أزمة المديونية لعدد كبير من الدول النامية، عن اقترانها بوجود فساد إداري ضخم في أجهزة الدولة في هذه الدول. وقد نجم عن هذا الفساد نهب جانب كبير من القروض الخارجية التي عقدتها خلال عقد السبعينات وأوائل الثمانينات. وقد تم ذلك في شكل أمال ضخمة دفعت لأصحاب النفوذ على أنها عوائد لقاء عمليات الوساطة والسمسرة والوكالة، حينما سحبت هذه القروض وأخذت سبيلها لتنفيذ بعض المشروعات الترفيهية والاستهلاكية أو لتمويل توريد صفقات سلعية معينة. هذه الأموال الكبيرة التي نهبت من القروض، تم تهريبها للخارج وأودعت في بعض البنوك الخارجية لحساب من استولوا عليها ( ) . وساعد على ذلك ما عملت عليه المؤسسات العالمية والبنوك الدولية على إقراض الدول دون إخضاع تلك العمليات لأية رقابة أو متابعة في محاولة منها لاستغلال السيولة النقدية التي توفرت نتيجة لأموال البترول الهائلة في السبعينات ونمو حجم سوق الدولارات الأوروبية.
ومن بين تلك العوامل أيضا التضخم المحلي والذي يؤثر سلبا على ميزان المدفوعات حيث يضعف من الموقف التنافسي لصادرات الدولة في السوق العالمي ( ) . وفي الوقت نفسه يشجع على زيادة الاستيراد حينما تكون أسعار السلع المستوردة، التي لها مثيل محلي، منخفضة على الأثمان المحلية. وهكذا تقل الصادرات وتتزايد الواردات في ظل التضخم، ويتزايد عندئذ عجز الميزان التجاري. يضاف إلى ذلك أن التضخم المحلي يضغط على سعر الصرف للعملة المحلية فيتدهور هذا السعر ويشجع هروب رأس المال إلى الخارج ويضع العراقيل أمام انسياب الاستثمارات الأجنبية الخاصة، ولا يخفي ما يجره ذلك كله من تأثيرات سلبية على حالة ميزان المدفوعات، فيتزايد عجز الحساب الجاري وتضطر الدولة للاستدانة الخارجية ( ) بيد أنه لزيادة الديون أيضا تأثيرها على إذكاء قوى التضخم في الدول النامية. أي أننا إزاء علاقة جدلية آت تأثير متبادل، فحينما تتزايد الديون، وتتفاقم أعباء خدماتها فإن تأثيرها التضخمي يكون واضحا. فالتضخم يؤدي إلى الاستدانة الخارجية والاستدانة الخارجية تزيد من التضخم المحلي.
ومن بين العوامل المحلية أيضا غياب السياسة السليمة للاقتراض الخارجي والذي كان له دورا كبيرا في حدوث كثير من المشكلات الراهنة الناتجة عن تضخم الدين الخارجي وتفجر أعباء خدمته. ولعل عدم الشعور بأهمية وجود مثل هذه الإستراتجية لدى هذه الدول، كان ناجما عن ظروف الاقتراض الخارجي في السبعينات، إذ لم تحرص جهات الإقراض على مراعاة قدرة المدين على السداد مستقبلا ولم تعط لحسن استخدام المدين للقروض أية اعتبارات كما سبق ورأينا.
وأخير تجدر الإشارة إلى أن جانبا كبيرا من الإفراط الذي حدث في هذه الاستدانة يعود إلى السياسات الليبرالية في قطاع التجارة الخارجية والنقد الأجنبي. فبالرغم من أن أزمات النقد الأجنبي والعجز المستمر في موازين مدفوعات هذه الدول كانت تتطلب وجود قواعد صارمة لضبط إيقاع الحركة في قطاع التجارة الخارجية، حتى يمكن مواجهة تلك الأزمات وتقليل العجز وترشيد استخدامات هذا القطاع، إلا أنه على العكس من ذلك، حدثت ليبرالية مفرطة في هذه الدول تجاه هذا القطاع. بل إنه حتى السياسات التي كانت قد لجأت إليها هذه الدول في أعقاب حصولها على استقلالها السياسي كمحاولات التخطيط الجزئي للتجارة الخارجية، وترشيد الواردات والرقابة عليها، وتشجيع ودعم الصادرات، ونظم الرقابة على الصرف الأجنبي..الخ كل هذه السياسات تم التخلي عنها، في الوقت الذي زادت الحاجة إليها لمواجهة تلك الأزمات. تلك السياسات التي تتعلق بالتجارة الخارجية والنقد الأجنبي والتي أسهمت في تأزم مشكلة الديون الخارجية وأعبائها في هذه الدول، كانت نتاجا لسياسة الباب المفتوح، سياسة الانفتاح الاقتصادي، التي انحازت إليها التشكيلات الاقتصادية والاجتماعية المهيمنة في تلك الدول إما اختيارا، وإما تحت ضغوط الدائنين وصندوق النقد الدولي الذين نظروا إلى تلك السياسات على أنها عمليات تكييف ضرورية لتصحيح أوضاع ميزان المدفوعات وضمان تسديد الديون، بينما أن نتائج تلك لسياسات كان وخيما على تلك الدول.

5- البدائل المطروحة لمواجهة أزمة المديونية:

كان ظهور أزمة مديونية الدول النامية في أغسطس 1982 حفزا لتقديم عدد كبير من المقترحات لمواجهة الجوانب المختلفة لتلك الأزمة. ولم تقتصر هذه المقترحات على الديون التجارية فقط، بل امتد نطاقها لتشمل أشكال أخرى من الاقتراض مثل الديون الرسمية، وائتمانا التصدير.
وتعلق يعض هذه المقترحات بالنظام المالي والنقدي الدولي بشكل عام، وعلى العلاقات بين الدول النامية والبنوك التجارية، وعلى آليات إعادة جدولة الديون، وعلى حالة الدول الأقل نموا. ومن بين المقترحات التي تهدف إلى تعزيز النظام المالي والنقدي الدولي، يمكن تحديد إجراء توزيع جديد لحقوق السحب الخاصة، وزيادة موارد البنك الدولي بما يتناسب مع الاحتياطيات المالية للدول النامية، وتحسين قدرة المؤسسات المالية المتعددة الأطراف على معالجة آثار أزمة المديونية وأهمية تطوير مشروطة صندوق النقد الدولي وإنشاء مرفق جديد لأي إطار الصندوق للتعويض عن الخسائر الناتجة عن ارتفاع أسعار الفائدة، وثمة مقترحات أخرى تهدف إلى معالجة العلاقة بين الدول النامية والبنوك التجارية بشكل مباشر ومن بينها، توفير آليات تمكن البنوك من أن ستبدل بالقروض عديمة الأداء أصولا أكثر أمانا، على أن يقترن ذلك بتوفير قدر من التدابير التي تخفف عن الدول النامية عبء مدفوعات خدمة ديونها. وقد دعت بعض المقترحات الحديثة إلى ضرورة اعتماد تدابير تهدف إلى مد فترات التثبيت، وإطالة آجال الاستحقاق في عمليات إعادة جدولة الديون، وتسهيل عملية إعادة الجدولة على عدة سنوات، والتخلي عن شرط توصل الدول المدينة إلى اتفاق مسبق مع صندوق النقد الدولي كشرط أساسي لعملية إعادة الجدولة، وضمان استمرارية توفير إمكانيات التصدير خلال عملية إعادة الجدولة ذاتها ( ) .هذا بالإضافة إلى ضرورة قيام الدول الصناعية بتطبيق سياسات اقتصادية تساعد على تخفيف النمو في الدول النامية وزيادة الموارد الحقيقية المخصصة لتمويل التنمية، ودعوة الولايات المتحدة والدول الغربية لخفض العجز في موازين مدفوعا تهم، والحد من ارتفاع أسعار الفائدة، وإلغاء كافة القيود الحمائية القائمة، حتى يمكن نفاد صادرات الدول النامية إلى الأسواق لدولية.
وجدير بالذكر أنه من غير المتوقع أن تؤدي تلك المقترحات، وغيرها إلى وضع علاج مرض لكافة الصعوبات المالية التي تواجه الدول النامية من جراء تفاقم أزمة المديونية، إذ أن ذلك يرتبط بضرورة قيام الدول المدينة بإصلاحات اقتصادية جوهرية تشمل تغير الأنظمة المصرفية والمالية والضريبية والجمركية بهدف تقليل العجز في موازين المدفوعات، والحد من الواردات والاستغناء عن القروض، ومحاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي عن طريق زيادة الإنتاج وتشجيع الاستثمار وتحويل جزء من الميزانيات المخصصة للنفقات العسكرية للمشاريع الصناعية والزراعية والصحية، مما يساعد على دفع التطور الاقتصادي إلى الأمام. فلما كان المنهج المتبع للتصدي لأزمة المديونية يتسم بعدم التناسق( ) فإن الدول المدينة لا بد أن تقوم بإجراء التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الداخلية اللازمة حتى تفلت من فخ المديونية.فالاستراتيجية الملائمة للتنمية والتي تكفل من خلال تحققها عدم تكرار أزمة المديونية ترتكز في نواتها الأساسية على فكرة الاعتماد على ألذات، أي على تعبئة الفائض الاقتصادي الممكن، وعل صياغة نموذج تنموي يستهدف أن يتوجه، أساسا، إلى الداخل وليس الخارج، أي إلى إشباع الحاجات الأساسية للسكان، وليست حاجة من لديهم الطلب الفعلي في ضوء التفاوت الشائع في توزيع الدخل.

6- الاستراتيجية الدولية للديون في الثمانينات:

منذ أن تفجرت أزمة الديون الدولية عام 1982، حين أعلن المكسيك توقفها عن الدفع، يمكن القول أن الاستراتيجية الدولية لمواجهة مشكلة المديونية مرت بثلاث مراحل:
أولا: احتواء الأزمة:
وهي تمتد من وقت أزمة المكسيك في أوت 1982 إلى سبتمبر سنة 1985 حينما أعلن جيمس بيكر مشروعه لعلاج مشكلة الديون الدولية. وكان الهدف الأساسي في هذه المرحلة هو مساعدة المكسيك على العودة إلى استئناف خدمة ديونها، والحيلولة دون انتشار عدوى التوقف إلى البلاد المدينة الأخرى وتفادي حدوث انهيار للنظام المصرفي في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد قام صندوق النقد الدولي بدور قيادي في الجمع بين الأطراف المعينة وإقناع كل طرف بالمساهمة بنصيب في علاج الأزمة. وكان لا بد من إقناع البنوك التجارية بضرورة تقديم قروض جديدة للمكسيك لتمكينها من خدمة ديونها. فقد تفجرت الأزمة بداءة بسبب توقف البنوك عن الإقراض بعد أن بلغ حجم المديونية حدا ينوء به الاقتصاد المكسيكي ولا سيما بعد التهور الكبير في ميزانها التجاري على أثر الكساد العالمي.
وبالفعل نجح صندوق النقد الدولي في إقناعها بأن المحافظة على أصل الديون المستحقة للبنوك التجارية، وكانت تبلغ حين ذاك نحو 60مليار دولار، يبرر تقديم قروض جديدة للمكسيك. ومن هنا كانت "القروض الاضطرارية"، وفيها يساهم كل بنك دائن بنسبة من حصته من أصل الدين. وقد تم ذلك ضمن ما يعرف "بحزمة الإنقاذ" ( involuntary lending ) وهي الاتفاق بين جميع الأطراف المعنية على التزامات وحقوق كل منها في نطاق علاج الأزمة. وهي تقوم على أساس التزام البنوك التجارية بتقديم قدر محدد من القروض الجديدة وقبول إعادة جدولة نسبة معينة من أصل الديون المستحقة وفي مقابل ذلك تلتزم المكسيك بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي على تنفيذ برنامج تصحيحي لاستعادة ائتمانها الدولي وذلك في إطار ترتيب استعدادي ( stand by arrangement ) من بنك التسويات الدولية وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية. وقد أصبحت حزمة الإنقاذ المالية هذه نموذجا يحتذي بالنسبة لعدد من الدول المدينة مثل البرازيل والأرجنتين ويوغوسلافيا.
وعل الرغم من أن نتائج هذه الاستراتيجية جاءت مشجعة خلال فترة الانتعاش النسبي في الاقتصاد العالمي خلال عامي 1983 و 1984، إذ تمكنت المكسيك والدول المدينة الأخرى من تخفيض العجز في ميزان معاملاتها الجارية وتحقيق فائض في الميزان التجاري ومن خفض نسبة التضخم، فإن هذه الإنجازات ما لبثت أن تلاشت بعد انقضاء فترة الانتعاش في الاقتصاد العالمي. وبات واضحا أن هذه الاستراتيجية تنطوي على تكلفة اقتصادية باهضة للدول المدينة لا يمكن احتمالها سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية. ذلك أن ما طرأ من تحسن على ميزان المدفوعات كان يرجع إلى خفض شديد في الواردات أكثر من نمو في الصادرات، واقترن ذلك بانخفاض كبير في حجم الاستثمارات ومستوى الاستهلاك والأجور الحقيقية ومعدلات النمو مع تفاقم عجز الموازنة ومعدلات التضخم. وأصبح من العسير الاستمرار في سياسة تبدو كأنها تنطي على التضحية باقتصاد البلاد المدينة في سبيل استرضاء لبنوك الدائنة وتمكينها من استفاء حقوقها.
ثانيا: التصحيح الائتماني:
بينما في المرحلة الأولى ساد الاعتقاد بأنه يمكن السيطرة على مشاكل الديون خلال فترة قصيرة نسبيا( ). أثبت الواقع العملي أن الأمر يقتضي نهجا أقوى في معالجة مشاكل الديون والنمو، وأن القضية التي تجري مواجهتها ذات طابع طويل الأجل. فالعيب الأكبر في تلك الاستراتيجية أن بؤرة الاهتمام فيها كانت إعادة التوازن الخارجي للبلاد المدينة، ولم تحظى اعتبارات النمو والتنمية باهتمام يذكر. ومن ثم أصبحت القضية الكبرى عام 1985 هي كيفية التوفيق بين ضرورة التوازن الخارجي وضرورة النمو والتنمية من ناحية أخرى. وفي ضوء هذا اقترح بيكر " برنامجا للنمو المستمر " وتقوم مبادرة بيكر على ثلاثة عناصر أساسية:
ـ التزام البلاد المدينة ببرنامج تصحيحي لا يقتصر على المتغيرات الكلية ( ) إنما يمتد إلى المتغيرات الهيكلية ( ) .
ـ زيادة التمويل الخارجي للبلاد، وذلك بزيادة الإقراض، من البنوك التجارية والبنك الدولي وبنوك التنمية الدولية الأخرى، إلى الدول ذات المديونية الثقيلة والتي تلتزم ببرنامج تصحيحي يتفق عليه مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ـ إعطاء دورا خاصا للبنك الدولي إلى جانب صندوق النقد الدولي وذلك بزيادة القروض التي يقدمها للبلاد المدينة والتعاون في صياغة المضمون الهيكلي للبرامج التصحيحية. هذا بجانب استمرار قيام صندوق النقد الدولي بدور رئيسي في معالجة مشكلة المديونية الدولية للبلاد متوسطة الدخل سواء من حيث مساعدة البلاد المدينة في صياغة البرامج التصحيحية أو من حيث تمويلها من موارده الخاصة والمساعدة في الحصول على قروض جديدة من البنوك التجارية.
وعلى الرغم من أن المغزى الرئيسي لمبادة بيكر هو الاعتراف بضرورة وضع مشكلة النمو والتنمية في مركز الاستراتيجية الدولية للديون، كما أنها تؤكد على الطابع طويل الأجل لعملية التغلب على صعوبات الدين، فإن هذا التحول في السياسة العامة تجاه تلك القضية لم يؤد إلى تغيير هام في المبادئ والافتراضات العامة التي تقيدت بها استراتيجية الديون منذ البداية.
وجدير بالإشارة في هذا المجال أن مبادرة وزير الخزانة الأمريكي برادلي لا تختلف كثيرا، من حيث جوهرها عن مبادرة بيكر أو خطة وزير الخزانة الياباني ميازاوا . فهدفها هو تسهيل تطبيق نهج صندوق النقد الدولي في معالجة أزمة الدين في البلاد ذات المديونية الخارجية الثقيلة.

ثالثا: قائمة الاختيارات:
وتدور أساسا حول ابتداع أدوات جديدة غير مجرد القروض التقليدية لاجتذاب البنوك التجارية نحو التعامل مع البلاد المدينة. وتتخذ تلك الأدوات صورا مختلفة، وتتفاوت فيما بينها من حيث طبيعة كل منها ومدى اتفاقها مع قوى السوق المالية. وفيما يلي نستعرض سريعا بعض منها:

1- تحويل أصل الدين إلى مشاركة الدائنين في ملكية بعض الأصول بالبلاد المدينة. وتعتبر هذه الطريقة من أخطر الأدوات الجديدة وأكثرها شيوعا. وقد نشأت فكرة تحويل الدين إلى مشاركة على أثر نشوء سوق يتم فيه تداول ديون البلاد النامية بسعر يقل عن السعر الاسمي لتلك الديون. ورغم ما تنطوي عليه سياسة تحويل الدين من بعض المزايا فإنها تخضع للعديد من العيوب. فمن ناحية يعتقد أنصار هذا الاقتراح أنه سيؤدي إلى تخفيض العجز الداخلي لهذه الدول، وتخفيف عبء ديونها، وتقليل حاجتها للاستدانة الخارجية، وتصبح هناك مشاركة بين الدائنين والمدينين في تحمل المخاطـر( ) . كذلك فهناك فائدة للدائنين، بما يؤدي إليه من تحويل جانب من الديون المشكوك في تحصيلها إلى أصول إنتاجية ذات عوائد مستمرة، وهنا يتحول الدائنون إلى مستثمرين مباشرين ( ) ، وتتحول أعباء الأقساط والفوائد إلى أرباح تحول للخارج ، فبحالة غدارة المشروعات بشكل ناجح، ومن ناحية أخرى فإن برامج التحول تتوفك على وجود ديون قابلة للتداول بخصم ملموس ، وهذا قد لا يتوافر على المستوى المطلوب . كذلك فإن برامج التحويل ما زالت في حدود ضئيلة بالقياس إلى الحجم الكلي لديون البنوك التجارية، ويرجع ذلك إلى عدم وجود مشروعات كافية تحفز المستثمر الأجنبي، أو لعدم ترحيب الحكومة بزيادة حجم الاستثمار الأجنبي ( ) . وأخيرا وليس آخرا فإن تحويل الدين الأجنبي إلى عملة محلية يصدرها البنك المركزي لا بد أن يؤدي إلى زيادة كمية النقد المتداول على النحو الذي يهدد بمزيد من التضخم. لذلك فإن برامج التحويل تسير ببطء شديد في معظم البلاد المدينة ( ) ، ولا ينتظر أن تشكل سياسة فعالة للتخفيف من عبء الديون الدولية .

2- سندات الخروج ( ) :
وتلجأ إليها بعض البنوك الصغيرة في الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تريد الاستمرار في تحمل نصيب من القروض الجديدة للبلاد النامية، وهي في ذلك تختلف عن البنوك الكبرى التي تشترك في القروض الاضطرارية التي ينظمها صندوق النقد الدولي. وفي هذه الحالة تقوم البنوك بتحويل قروضها إلى سندات بسعر فائدة منخفضة وآجال وفاء طويلة ثم تبيع هذه السندات بخصم كبير، الأمر الذي يمكنها من الخروج من هذه الحلبة. وفي نفس الوقت تستفيد البلاد المدينة من الشروط التساهمية لسندات الخروج. والواقع أن هذا الأسلوب محدود الأثر حيث أنه لا يمس النسبة العظمى من الديون المستحقة للبنوك الدولية.

3- تخفيض سعر الفائدة ووضع حد أقصى للفوائد المستحقة:
سبق وأن رأينا كيف ارتفعت أعباء الفوائد المستحقة على الديون الخارجية للبلاد المدينة، إلى الحد الذي سبب لها مشاكل جمة. وأصبحت مدفوعات الفوائد تلتهم نسبا متزايدة من حجم الاقتراض السنوي الجديد لتلك الدول. كذلك أدى تعويم سعر الفوائد المستحقة على القروض إلى تغير عبء الفوائد ارتفاعا وانخفاضا تبعا للتغير في السعر البيني ( ) أو السعر الممتاز ( ) . من هنا فقد ظهر العديد من المقترحات في الدوائر المالية والنقدية بالدول الدائنة للخفيف من هذا العبء الشديد مع ضمان تسديد الفوائد. ومن بين هذه المقترحات وضع سقف لمدفوعات الفائدة. ويتخذ ذلك صورا متعددة. فقد يكون في صورة اتفاق على متوسط سعر الفائدة ( ) ، وقد يتخذ السقف صورة حد أقصى لما يدفعه المدين في خدمة الدين ( ) ، وقد يتخذ صورة التزام من الدائن لتقديم قروض إضافية لتعويض الزيادة المتفق عليها ( ) . وهناك من يقترح عمل تسهيل تمويل تعويضي بصندوق النقد الدولي، يخصص للبلاد المدينة للسحب منه عند ارتفاع أسعار الفائدة. كذلك يرى البعض، أنه بالنسبة للقروض الجديدة ينبغي على المقرضين أن يقبلوا أسعار فائدة تقل عن أسعار الفائدة بالسوق، مقابل تملكهم لحصة ـ معادلة للفرق ـ في ملكية المشروعات المجودة بالدول المدينة. وهناك من ينادي بضرورة تزايد القروض المشتركة التي ينظمها البنك الدولي لتمويل حالات إعسار دفع الفوائد.

4- إعادة جدولة الديون:
مع انفجار أزمة الديون العالمية، وبالذات بعد نشوب أزمة القروض المصرفية في عام 1982، أصبحت عمليات إعادة الجدولة أمرا مألوفا في علاقات الدائنين بالمدينين ( ) .فهناك اتجاها متزايدا لهذه العمليات، سواء من حيث كثرة عدد الحالات، أو من حيث زيادة قيمة المبالغ المعاد جدولتها، أو منحين إعادة تكرار عمليات الجدولة للدولة الواحدة. وبعد أن كانت عمليات إعادة الجدولة تقتصر عادة على الديون الرسمية المعقودة بين الحكومات، تطورت الظاهرة لكي تشمل أيضا ديون البنوك التجارية. وعملية إعادة الجدولة ليست بالأمر اليسير أو الهين، فهي تنطوي على كلفة وعلى شروط مجحفة، وهي لا تعدو أن تكون تأجيلا لدفع فاتورة الحساب لفترة قادمة ز وكما هو الحال بالنسبة لقواعد نادي باريس، تتم مفاوضات إعادة الجدولة مع البنوك في إطار متعدد ( ) . صحيح أنه لا يوجد حتى الآن، إطار عام محكم ومحدد للمفاوضات المتعددة الأطراف لإعادة الجدولة للديون المصرفية ـ كما هو الحال لمجموعة القواعد والشروط العامة في إطار نادي باريس ـ ولكن ثمة نهجا مشتركا يطبق في هذه المفاوضات، وإن كانت كل حالة تتم معالجتها في ضوء خصوصياتها، كما أن المفاوضات مع البنوك شبيهة تماما بالمفاوضات مع نادي باريس، مع فرق رئيسي، وهو أن المفاوضات الأخيرة يتم التوصل إليها بسرعة، نسبيا، بالمقارنة مع المفاوضات مع البنوك. ويرجع ذلك إلى الطبيعة المعقدة لقروض النظام المصرفي وتعدد الدائنين. ويضاف إلى ذلك فارق آخر، وهو أن عبء كلفة التأخير على دفع المستحقات المجمدة هي أكبر في حالة الديون المصرفية عنها في حالة نادي باريس.
ومهما يكن من أمر، فإن هذه الاقتراحات والأفكار ما زالت بعيدة كل البعد عن تقديم علاج حاسم لمشكلة الديون الدولية. وهي إما محدودة الأثر وإما مجرد أفكار لم تدخل بعد حيز التطبيق. والأمر لا يخرج عن تأجيل مدفوعات الأقساط لفترات قادمة، ولكن بكلفة مالية وسياسية واجتماعية باهضة. أو التخفيف من عبء الفوائد على المدينين، أو تأجيل دفعها، مع عدم إنقاصها ووضع شروط ضامنة لذلك، أو بتحميل كلفة التأجيل أو التخفيض على عاتق الآخرين.


والواقع أن تلك المقترحات تنطلق من تشخيصها للمشكلة على أنها مجرد أزمة بسيولة دولية (، أي أنها أزمة وقتية لا تلبث أن تزول متى انحسرت الظروف التي أدت إلى قيامها. بيد أن أزمة الديون هي أزمة إعسار ( ) ، بمعنى أن البلاد المدينة لن تقوى على الوفاء بديونها الدولية حتى في أكثر الأحوال تفاؤلا إلا بتكلفة اقتصادية وسياسية باهضة لا يمكن احتمالها . جوهر الأمر إذن أن قضية الديون هي بعد رئيسي من أبعاد قضية أشمل وأعم وهي قضية التنمية. الخ.كانت أزمة المديونية العالمية هي قضية دولية فإنه لا يكفي لحلها، أن تقوم البلاد المدينة بإجراء التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الداخلية اللازمة، وإنما لا بد وأن يتغير إطار الاقتصاد الدولي وآليات سيره، مثل نظام النقد الدولي، وأوضاع التجارة العالمية، وسوق الإقراض الدولي، وآليات السيولة الدولية، والمنظمات الاقتصادية العالمية، وهيمنة الشركات المتعددة الجنسية..الخ .
إن التعديل الجذري للعلاقات غير المتكافئة القائمة بين الدول المدينة ودول العالم الرأسمالي لن تتحقق إلا عبر تعديلات جذرية وأساسية في النمط الراهن لتقسيم العمل الدولي، وخلق نموذج تنموي مستقل لهذه البلاد على النحو الذي يحطم قيود التبعية التي تربط البلاد المدينة بالبلاد الدائنة. وهي أمور تتصل بمهام الأجل الطويل. وعموما فإن فاعلية أي جهد تبدله الدول المدينة، على النحو الذي يصون استقراها السياسي والاقتصادي، ويحمي تنميتها وتقدمها الاقتصادي والاجتماعي من شبح الديون يجب أن يقاس بمعيار ذي بعدين رئيسيين: الأول هو مدى فاعلية هذا الجهد في رفع قدرة البلاد المدينة على الوفاء بأعباء ديونها الخارجية التي تراكمت في الماضي، مهما حدث من تخفيض في أعباء وحجم هذه الديون. والثاني هو مدى تأثير هذا الجهد على تقليل حاجة هذه البلاد للاقتراض الخارجي في الحاضر والمستقبل. والواقع أن تحقيق هذا الهدف يتطلب التفرقة بين الجهود المطلوب بذلها في الأجل القصير والمتوسط وتلك التي يتعين القيام بها عبر الأجل الطويل. فإذا كان المطلوب في الأجل القصير هو محاصرة الأزمة، فمن الضروري في الأجل الطويل الخلاص منها نهائيا. ولن يتأتى ذلك إلا بالوصول إلى تلك المرحلة التي يصبح بعدها الاقتصاد الوطني قادرا على الاستمرار في طريق التنمية دون الاعتماد بشكل أساسي على الموارد الأجنبية.


المراجـــع :

1- د.زينب حسين عوض الله . الاقتصاد الدولي. دار المعرفة الجامعية. مصر 1992 .
2- د. كامل بكري . الاقتصاد الدولي ، التجارة الخارجية والتمويل. الدار الجامعية .مصر2001 .
3- د. عادل أحمد حشيش.د . مجدي محمد شهاب. الاقتصاد الدولي.الدار الجامعية .مصر1988 .
4- د.سميرة إبراهيم أيوب .صندوق النقد الدولي،وقضية الإصلاح الاقتصادي والمالي .دراسة تحليلية
وتقييمية . جامعة الاسكندرية .2000 .
5- د. منير إبراهيم هندي . أساسيات الاستثمار في الأوراق المالية .منشأة المعارف .الإسكندرية
1999 .
6- د. غازي عبد الرزاق النقاش .التمويل الدولي والعمليات المصرفية الدولية .دار وارث
للنشر.1996 .
7- د.جبار محفوظ . البورصة وموقعها من أسواق العمليات المالية .الجزائر.2002.
8- د.عبد المطلب عبد الحميد . العولمة واقتصاديات البنوك . الدار الجامعية . مصر .2001 .
9- فرانسوالرو. ترجمة:د. حسين الضيقة. الأسواق الدولية للراساميل .م.ج.ن.ت.1991 .
10- ريمون برتران.ترجمة: محمود بهير أنسي .الاقتصاد المالي الدولي .دار المعرفة .1975 .
11- غايل فاين. ترجمة:كامل مجيد سعادة. توظيف الأموال .منشورات عويدات .لبنان.
12- جيمس س انجرام. ترجمة: اسماعيل مصطفى شدى . المشكلات الاقتصادية الدولية .دار
المعرفة. 1973.
13- .دومينيك سلفاتور.ترجمة: د.محمد رضا عبد العدل .الاقتصاد الدولي.
د.م.ج.الجزائر.1992 .

14- ali boukrami. les mécanismes monitaires et financiers internationaux.
e.n.p.Alger.1986.
15- roger dehem . précis d'economie internqtionale.dunod.1985.
16- maurice bye. G.destanne de bernis. Relations économiques fnternationales.
Dalloz.1977.

**ريم**
2010-06-22, 15:03
شكرا على المجهود...

سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى~
2010-06-22, 18:08
باركـ الله فيكـ

maga
2010-06-23, 20:11
بارك الله فيك و جزاك خيرا

لبيب 45
2010-06-26, 14:22
شكرا على الردود