الهيثم
2008-03-08, 21:59
بشرى الكئيب في نصرة الحبيب
الحمد لله الذي شهدت له بربوبيته جميع مخلوقاته، وأقرت له بالعبودية جميع مصنوعاته، وسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا صاحبة له، ولا ولد له، ولا كفؤ له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من بريته، وسفيره بينه وبين عباده، وحجته على خلقه، أرسله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، أرسله على حين فترة من الرسل، وليل الكفر مدلهمٌ ظلامه، شديد قتامه، ففلق الله بمحمد صلى الله عليه وسلم صبح الإيمان، فأضاء حتى ملأ الآفاق نوراً، وأطلع به شمس الرسالة، وجعله سراجاً منيراً، فهدى به من الضلالة، وعلَّم به من الجهالة، وبصر به من العمى، وأرشد به بعد الغي، وكثَّر به من القلة، وأعز به بعد الذلة، وأغنى به بعد العيلة، واستنقذ به من الهلكة، وفتح الله به أعيناً عمياً، وآذناً صماً، وقلوباً غلفاً، فبلَّغ الرسالة وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد عليه الصلاة والسلام في الله حق جهاده، وعبد ربه حتى أتاه اليقين، وشرح الله له صدره، ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، وقرن اسمه باسمه فإذا ذُكر ذكر معه، كما في الخطب والتشهد والتأذين، فصلى الله وسلم وبارك عليه ما تعاقب الليل والنهار.
من فضائله صلى الله عليه وسلم
لقد أكرم الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بكثير من الخصائص والمعجزات، فجعله نبيه وخليله وسيد ولد آدم، وأكرم الرسل، وعظَّم قدره، ورفع ذكره، وأعلى مقامه، وأخذ العهد على جميع الرسل والأنبياء لئن بعث محمد ليؤمنن به، وجعله خاتم النبيين، وجعل أزواجه أمهات المؤمنين، وبعثه إلى الناس أجمعين، وتكفل بحفظه وعصمته، وجعله شاهداً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وأكرمه بالإسراء والمعراج، وشقِّ الصدر وانشقاق القمر، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأعطاه جوامع الكلم، ومفاتيح خزائن الأرض، ونصره بالرعب، وجعل قرنه الذي بعث فيه خير القرون، وقدَّمه على الأنبياء فصلى بهم في بيت المقدس إماماً، وإذا نزل عيسى عليه الصلاة والسلام آخر الزمان فإنه يصلي خلف رجل من أمته صلى الله عليه وسلم تكرمة الله له ولأمته. وهو صلى الله عليه وسلم أول من يبعث، وهو إمام الأنبياء، وأول من يمر على الصراط، وأول من يقرع باب الجنة، وأول من يدخلها، أعطاه الله الوسيلة والفضيلة، والمقام المحمود، والحوض المورود، والكوثر، وبيده لواء الحمد، وهو صلى الله عليه وسلم أول شافع وأول مشفَّع، وأكثر الناس تابعاً يوم القيامة، صدق الله عز وجل حين قال (لقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)[آل عمران:164].
تكريم الله لخليله محمد صلى الله عليه وسلم
• ومن تكريم الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن كرَّم ما يتصل به: -فقد كرم نسبه الشريف، فجعله خير الناس نسباً. -وكرم أهل بيته فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. -وكرم قرابته فأوجب لهم المودة، كما قال ربنا عز وجل (قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)[الشورى:23]. -وكرم قومه وعشيرته، فشرَّفهم ورفع قدرهم، قال عز وجل (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ)[الزخرف:44]، أي: شرف لك ولقومك. -وكرم نسائه صلى الله عليه وسلم ، ورضي عنهم، فجعلهن أمهات المؤمنين، وحرم نكاحهن من بعده. -وكرم ابنته فاطمة - رضي الله عنها-، فجعلها سيدة نساء أهل الجنة أو نساء العالمين. -وأكرم زوجته خديجة - رضي الله عنها- التي آزرته زمن الشدة بمكة، فجعل لها بيتاً في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. -وكرم سبطيه الحسن والحسين فجعلهما سيدي شباب أهل الجنة. -وكرم صحابته - رضي الله عنهم-، فكانوا خير هذه الأمة بل خير القرون بعد الأنبياء والمرسلين، فحبهم دين إيمان وبغضهم نفاق وعدوان، والطعن فيهم زندقة. -وكرم مدينته عليه الصلاة والسلام، فجعلها حرماً، وجعل ما بين بيته ومنبره روضة من رياض الجنة، وجعل الصلاة في مسجده الشريف بألف صلاة. -وكرم أمته فجعلها وسطاً، وخير الأمم، وشاهدة على من سبقها من الأمم. -وكرم قرينه من الجن فأسلم، فلا يأمره إلا بخير. فصلوات الله وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار.
رحمة للعالمين
يـا أمة الإسلام: •إن الله جعل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم سبباً لهداية الخلق إلى طريق الحق، ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: لما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، قسَّم في الناس، في المؤلفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئاً، فكأنهم وجدوا إذ لم يصيبهم ما أصاب الناس، فخطبهم، فقال: (يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي...). •وهو صلى الله عليه وسلم أولى بأمته من أنفسها، كما قال ربنا عز وجل (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) [الأحزاب:6]. وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أنا أولى بموسى منهم..). وقال عليه الصلاة والسلام : (أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة..) متفق عليه. •وكان النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم رحيماً رءوفاً حريصاً على أمته، كما وصفه ربه بذلك في قوله (?َلقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)[التوبة:128]. وفي صحيح مسلم: أنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه وقال: (اللهم أمتي، اللهم أمتي)، وبكى. فقال الله عز وجل: (يا جبريل، اذهب إلى محمد - وربك أعلم- فسله ما يبكيك؟) فأتاه جبريل فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال - وهو أعلم- فقال الله عز وحل: (يا جبريل، اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك). •وقد جعله الله رحمة مهداة، قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107]، ووصفه ربه بقوله (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ)[التوبة:61]. •ووضع الله عنهم الإصر والأغلال بهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى في وصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف:157]. فدينه دين اليسر والسماحة ورفع الحرج. •وبركته صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، على من اتبعه، فقد اختصه الله بالشفاعة العظمى، والحوض المورود تكرمة له ولأمته، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان..) ثم ذكر منهن: (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما). •وكان صلى الله عليه وسلم يشتاق لرؤية أحبابه من المؤمنين: ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة، فقال: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا)، قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: (أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد).
محبة الرسول صلى الله عليه وسلم والذب عنه
•ولقد ضرب الصحابة الكرام - رضي الله عنهم- أروع الأمثلة في محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتعظيم سنته، والذب عنه، فمن ذلك: -قول أبي طلحة رضي الله عنه يوم أحد: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، لا تشرف، لا يصبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك. متفق عليه. -وتترس أبو دجانة على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، حتى أصابته السهام في ظهره رضي الله عنه، يحمي رسول الله صلى الله عليه وسلم . -ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أظلمت المدينة، وأصابهم من الحزن ما أصابهم، حتى قال عمر ما قال، فجاء أبو بكر رضي الله عنه وتلا قوله تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُل ُأَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ)، فلما أيقن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، قال: فلم تقدر رجلاي على حملي وسقطت. -وجاء من طرق: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قام على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمتم ما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بكى رضي الله عنه، وقال: إن الناس لم يعطوا في هذه الدنيا شيئا أفضل من العفو والعافية فسلوهما الله عز وجل....) رواه أحمد وغيره. -يقول أنس رضي الله عنه: قال أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما انتهيا إليها بكت. فقالا لها: ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم . فقالت: ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء، فهيجتهما على البكاء، فجعلا يبكيان معها. رواه مسلم. -وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي. رواه البخاري. -يقول أنس رضي الله عنه: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (وما أعددت للساعة؟). قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله. قال صلى الله عليه وسلم : (فإنك مع من أحببت). قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحاً أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم : (فإنك مع من أحببت). قال أنس: فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم. متفق عليه. -وفي الصحيح عن أبي سعيد رض الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر، فقال: (إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده، فاختار ما عند الله). فبكى أبو بكر رضي الله عنه، وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا. قال أبو سعيد: فعجبنا له، وقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا؟!. قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر هو أعلمنا به.
الحمد لله الذي شهدت له بربوبيته جميع مخلوقاته، وأقرت له بالعبودية جميع مصنوعاته، وسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا صاحبة له، ولا ولد له، ولا كفؤ له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من بريته، وسفيره بينه وبين عباده، وحجته على خلقه، أرسله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، أرسله على حين فترة من الرسل، وليل الكفر مدلهمٌ ظلامه، شديد قتامه، ففلق الله بمحمد صلى الله عليه وسلم صبح الإيمان، فأضاء حتى ملأ الآفاق نوراً، وأطلع به شمس الرسالة، وجعله سراجاً منيراً، فهدى به من الضلالة، وعلَّم به من الجهالة، وبصر به من العمى، وأرشد به بعد الغي، وكثَّر به من القلة، وأعز به بعد الذلة، وأغنى به بعد العيلة، واستنقذ به من الهلكة، وفتح الله به أعيناً عمياً، وآذناً صماً، وقلوباً غلفاً، فبلَّغ الرسالة وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد عليه الصلاة والسلام في الله حق جهاده، وعبد ربه حتى أتاه اليقين، وشرح الله له صدره، ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، وقرن اسمه باسمه فإذا ذُكر ذكر معه، كما في الخطب والتشهد والتأذين، فصلى الله وسلم وبارك عليه ما تعاقب الليل والنهار.
من فضائله صلى الله عليه وسلم
لقد أكرم الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بكثير من الخصائص والمعجزات، فجعله نبيه وخليله وسيد ولد آدم، وأكرم الرسل، وعظَّم قدره، ورفع ذكره، وأعلى مقامه، وأخذ العهد على جميع الرسل والأنبياء لئن بعث محمد ليؤمنن به، وجعله خاتم النبيين، وجعل أزواجه أمهات المؤمنين، وبعثه إلى الناس أجمعين، وتكفل بحفظه وعصمته، وجعله شاهداً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وأكرمه بالإسراء والمعراج، وشقِّ الصدر وانشقاق القمر، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأعطاه جوامع الكلم، ومفاتيح خزائن الأرض، ونصره بالرعب، وجعل قرنه الذي بعث فيه خير القرون، وقدَّمه على الأنبياء فصلى بهم في بيت المقدس إماماً، وإذا نزل عيسى عليه الصلاة والسلام آخر الزمان فإنه يصلي خلف رجل من أمته صلى الله عليه وسلم تكرمة الله له ولأمته. وهو صلى الله عليه وسلم أول من يبعث، وهو إمام الأنبياء، وأول من يمر على الصراط، وأول من يقرع باب الجنة، وأول من يدخلها، أعطاه الله الوسيلة والفضيلة، والمقام المحمود، والحوض المورود، والكوثر، وبيده لواء الحمد، وهو صلى الله عليه وسلم أول شافع وأول مشفَّع، وأكثر الناس تابعاً يوم القيامة، صدق الله عز وجل حين قال (لقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)[آل عمران:164].
تكريم الله لخليله محمد صلى الله عليه وسلم
• ومن تكريم الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن كرَّم ما يتصل به: -فقد كرم نسبه الشريف، فجعله خير الناس نسباً. -وكرم أهل بيته فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. -وكرم قرابته فأوجب لهم المودة، كما قال ربنا عز وجل (قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)[الشورى:23]. -وكرم قومه وعشيرته، فشرَّفهم ورفع قدرهم، قال عز وجل (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ)[الزخرف:44]، أي: شرف لك ولقومك. -وكرم نسائه صلى الله عليه وسلم ، ورضي عنهم، فجعلهن أمهات المؤمنين، وحرم نكاحهن من بعده. -وكرم ابنته فاطمة - رضي الله عنها-، فجعلها سيدة نساء أهل الجنة أو نساء العالمين. -وأكرم زوجته خديجة - رضي الله عنها- التي آزرته زمن الشدة بمكة، فجعل لها بيتاً في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. -وكرم سبطيه الحسن والحسين فجعلهما سيدي شباب أهل الجنة. -وكرم صحابته - رضي الله عنهم-، فكانوا خير هذه الأمة بل خير القرون بعد الأنبياء والمرسلين، فحبهم دين إيمان وبغضهم نفاق وعدوان، والطعن فيهم زندقة. -وكرم مدينته عليه الصلاة والسلام، فجعلها حرماً، وجعل ما بين بيته ومنبره روضة من رياض الجنة، وجعل الصلاة في مسجده الشريف بألف صلاة. -وكرم أمته فجعلها وسطاً، وخير الأمم، وشاهدة على من سبقها من الأمم. -وكرم قرينه من الجن فأسلم، فلا يأمره إلا بخير. فصلوات الله وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار.
رحمة للعالمين
يـا أمة الإسلام: •إن الله جعل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم سبباً لهداية الخلق إلى طريق الحق، ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: لما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، قسَّم في الناس، في المؤلفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئاً، فكأنهم وجدوا إذ لم يصيبهم ما أصاب الناس، فخطبهم، فقال: (يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي...). •وهو صلى الله عليه وسلم أولى بأمته من أنفسها، كما قال ربنا عز وجل (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) [الأحزاب:6]. وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أنا أولى بموسى منهم..). وقال عليه الصلاة والسلام : (أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة..) متفق عليه. •وكان النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم رحيماً رءوفاً حريصاً على أمته، كما وصفه ربه بذلك في قوله (?َلقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)[التوبة:128]. وفي صحيح مسلم: أنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه وقال: (اللهم أمتي، اللهم أمتي)، وبكى. فقال الله عز وجل: (يا جبريل، اذهب إلى محمد - وربك أعلم- فسله ما يبكيك؟) فأتاه جبريل فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال - وهو أعلم- فقال الله عز وحل: (يا جبريل، اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك). •وقد جعله الله رحمة مهداة، قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107]، ووصفه ربه بقوله (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ)[التوبة:61]. •ووضع الله عنهم الإصر والأغلال بهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى في وصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف:157]. فدينه دين اليسر والسماحة ورفع الحرج. •وبركته صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، على من اتبعه، فقد اختصه الله بالشفاعة العظمى، والحوض المورود تكرمة له ولأمته، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان..) ثم ذكر منهن: (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما). •وكان صلى الله عليه وسلم يشتاق لرؤية أحبابه من المؤمنين: ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة، فقال: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا)، قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: (أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد).
محبة الرسول صلى الله عليه وسلم والذب عنه
•ولقد ضرب الصحابة الكرام - رضي الله عنهم- أروع الأمثلة في محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتعظيم سنته، والذب عنه، فمن ذلك: -قول أبي طلحة رضي الله عنه يوم أحد: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، لا تشرف، لا يصبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك. متفق عليه. -وتترس أبو دجانة على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، حتى أصابته السهام في ظهره رضي الله عنه، يحمي رسول الله صلى الله عليه وسلم . -ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أظلمت المدينة، وأصابهم من الحزن ما أصابهم، حتى قال عمر ما قال، فجاء أبو بكر رضي الله عنه وتلا قوله تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُل ُأَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ)، فلما أيقن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، قال: فلم تقدر رجلاي على حملي وسقطت. -وجاء من طرق: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قام على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمتم ما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بكى رضي الله عنه، وقال: إن الناس لم يعطوا في هذه الدنيا شيئا أفضل من العفو والعافية فسلوهما الله عز وجل....) رواه أحمد وغيره. -يقول أنس رضي الله عنه: قال أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما انتهيا إليها بكت. فقالا لها: ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم . فقالت: ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء، فهيجتهما على البكاء، فجعلا يبكيان معها. رواه مسلم. -وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي. رواه البخاري. -يقول أنس رضي الله عنه: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (وما أعددت للساعة؟). قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله. قال صلى الله عليه وسلم : (فإنك مع من أحببت). قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحاً أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم : (فإنك مع من أحببت). قال أنس: فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم. متفق عليه. -وفي الصحيح عن أبي سعيد رض الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر، فقال: (إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده، فاختار ما عند الله). فبكى أبو بكر رضي الله عنه، وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا. قال أبو سعيد: فعجبنا له، وقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا؟!. قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر هو أعلمنا به.