بلقاسمي الجزائري
2008-02-22, 07:35
صرخة تحذير من المسجد الحرام
من منّا لا يعرف الشيخ المقرئ عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرمين الذي يبكي الملايين بقراءته الندية النابعة من صفاء القلب ويصحو بخطبه من أصيب بالعطب ، فهو ليس مجرد مقرئ حسن الصوت أو خطيب مفوّه، فهو من العلماء الدعاة حاصل على الدكتورة بتقدير ممتاز. من خطبه المؤثرة التي عالج فيها أخطر آفة تنخر في جسم الأمة وتحصد ثمرة الصحوة الإسلامية لعقود من الزمن ظاهرة الطعن والتجريح في العلماء والدعاة الذين هم ورثة الأنبياء ومصابيح الهدى فكانت خطبة جدُّ مؤثرة تابعها الملايين من المسلمين على المباشر فاخترت بعض ما جاء فيها لعل شبابنا المسلم المصاب بتلك الآفة الفتّاكة يعرض عنها فيفوز في الدنيا والآخرة .
(.. إخوة الإيمان إنّ شريعتنا الغرّاء قصدت إلى الألفة والوفاق ونأت عن مسالك التنازع والشقاق والافتراق، ونادت بالمحبة والإخاء وحضّت على التسامح والتراحم و التناصر والتلاحم فقال تعالى ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) آل عمران.103 . وقال صلى الله عليه وسلم [ إنّ من أحبكم إليّ وأقربكم منّي مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا ] الترمذي
وإنّ من الأدواء التي ينبغي أن تُشخّصَ ما هو كاين من وحشة وتنافر وجفاء وتدابر بلغ حد التجريح والتحذير والتسفيه والتشهير من قِبل أهل الملّة بعضها بعضا.
وإنّ من المصائب الفادحة أن يتطاول بعض أهل الملّة الواحدة على مقامات إخوانهم من العلماء الأجلاء والدعاة حطاً من أقدارهم ووقيعة في أعراضهم ونزعاً للثقة والمرجعية منهم.قال صلى الله عليه وسلم : ( يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ ) أبو داودوقال الإمام أحمد [ الوقيعة من أهل العلم ولا سيما أكابرهم من كبائر الذنوب ] وقال الإمام مالك [ كفى بالمرء شرا ألاّ يكون صالحا وهو يقع في الصالحين ]
فما بال أقوام من أهل الملّة من يكون غاية دنياه تتبع العثرات وتصيُّد الزلاّت والتنقيح في الهيئات والتشهير بها عبر المجالس والمنتديات، لا يفتئون همزا ولا ينفكّون لمزًا ولا يبرحون غمزا، ديدانهم التشويش ومطيتهم التحريش وسجيتهم الإثارة و التحويش، قاموسهم سُوء الظنّ ومعاجمهم الأذى والمنّ، يبادرون بالإتهام ويتعجّلون بالجفاء والاصطدام، يكثرون الوقيعة والعتاب ولا يتورعون عن الشتائم والسِباب، يطعنون في الخواصر ويُصوِّبون سهامهم تلقاء القفا.
إذا رأوك في نعمة حسدوك * وإن تواريت عنهم اغتابوك
إن سمعوا هفوة طاروا بها فرحا * وما عملوا من صالح كتموه[عملون ليل نهار على الحطّ من الأقدار والنيل من الكفاءات وتشويه صورة البراء الخيار النزهاء، يتحركون كالخفافيش في شدّة الظلام ويعملون خلف الكواليس.
لا يلتمسون المعاذير ويسعون لإسقاط أهل الفضل و المشاهير يبثّون عنهم الشائعات ويختلقون ضدّهم الوشايات فسبحان الله ربي العظيم إلى الله المشتكى ولاحول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم ...
إنهم مثل الذباب يراعي موضع العلل ولا يبالون أن يكون جمعهم من قالة السّوء والمجاهيل أو من ثنايا مؤلفات لم يطئها قلم التنقيح ولم يخطها يراع النسخ والتوضيح وعلى إثر تلك الأوهام والهفوات التي تقبل التأويل والاغتفار في جزيل الحسنات يكون الولاء والبراء والهجر والجفاء والودّ والعداء عبر التصنيف والتعصب والتحيز والتحزّب، ويشغل بذلك طلبة العلم والمبتدئون ويتلقفها في كل الصقاع والشائنون والمغرضون وتُهدر ملكاتٌ وأوقاتٌ بين رادّ ومردود عليه وتعقد المجالس فرياً في الأعراض بكلماتٍ جارحة وعبارات مُسفّهة سيئة وقذائف كأنها شُواظٌ من نار تشن بسوء الدخلة والمأرب، ضاربة بعفة اللسان ونزهة النفس كل مضرب، كان الأولى فيها صرفها صوب الفرق المنحرفة المناوئة لأهل الإسلام...
ومن الومضات اللطيفة للقاضي إياس بن معاوية الذي صار مثلا في الفطنة والذكاء ما أورده الحافظ ابن كثير عن سفيان بن حسين قال ذكرت رجلا بسوء عند إياس بن عبد الله فنظر في وجهي وقال :( أغزوت الروم؟ قلت لا، قال : السند والهند والترك ؟ قلت لا، قال : أفسلم منك الروم والسند والهند والترك ولم يسلم منك أخوك المسلم ؟ قال : فلم اعد بعدها أبدا )وقال ابن سرين [ ظلمك لأخيك أن تذكر منه ما تعلم وتكتم خيره ] وقال ابن المبارك[ المؤمن يلتمس المعاذير والمنافق يتتبع الزلاّت] وقال آخر [ المؤمن يستر وينصح والمنافق يهتك ويفضح] هذا في حقّ أحاد المسلمين وعوامهم فكيف إذا كان من أهل العلم والفضل والخير والسبق والدعوة؟ وقضى سحابة عمره عالما محققا أو داعية متألفا أو كان من ذوي الهيئات والمروءات ، قال العلامة الذهبي في ترجمة محمد بن نصر رحمه الله (لو أنّا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفورا له قمنا عليه وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا ابن نصر وابن مندة ولا من هو أكبر منهما والله هو هادي الخلق إلى الحق ةهو أرحم الراحمين فنعوذ بالله من الهوى والفضاضة) فيا أهل السنّة الميامين حنانيكم ببعضكم حنانيكم لطفا بإخوانكم ورفقا بالعلماء والدعاة.....
خطبة الجمعة 26/12/2003
جمعها واختصرها بلقاسمي الجزائري
من منّا لا يعرف الشيخ المقرئ عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرمين الذي يبكي الملايين بقراءته الندية النابعة من صفاء القلب ويصحو بخطبه من أصيب بالعطب ، فهو ليس مجرد مقرئ حسن الصوت أو خطيب مفوّه، فهو من العلماء الدعاة حاصل على الدكتورة بتقدير ممتاز. من خطبه المؤثرة التي عالج فيها أخطر آفة تنخر في جسم الأمة وتحصد ثمرة الصحوة الإسلامية لعقود من الزمن ظاهرة الطعن والتجريح في العلماء والدعاة الذين هم ورثة الأنبياء ومصابيح الهدى فكانت خطبة جدُّ مؤثرة تابعها الملايين من المسلمين على المباشر فاخترت بعض ما جاء فيها لعل شبابنا المسلم المصاب بتلك الآفة الفتّاكة يعرض عنها فيفوز في الدنيا والآخرة .
(.. إخوة الإيمان إنّ شريعتنا الغرّاء قصدت إلى الألفة والوفاق ونأت عن مسالك التنازع والشقاق والافتراق، ونادت بالمحبة والإخاء وحضّت على التسامح والتراحم و التناصر والتلاحم فقال تعالى ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) آل عمران.103 . وقال صلى الله عليه وسلم [ إنّ من أحبكم إليّ وأقربكم منّي مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا ] الترمذي
وإنّ من الأدواء التي ينبغي أن تُشخّصَ ما هو كاين من وحشة وتنافر وجفاء وتدابر بلغ حد التجريح والتحذير والتسفيه والتشهير من قِبل أهل الملّة بعضها بعضا.
وإنّ من المصائب الفادحة أن يتطاول بعض أهل الملّة الواحدة على مقامات إخوانهم من العلماء الأجلاء والدعاة حطاً من أقدارهم ووقيعة في أعراضهم ونزعاً للثقة والمرجعية منهم.قال صلى الله عليه وسلم : ( يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ ) أبو داودوقال الإمام أحمد [ الوقيعة من أهل العلم ولا سيما أكابرهم من كبائر الذنوب ] وقال الإمام مالك [ كفى بالمرء شرا ألاّ يكون صالحا وهو يقع في الصالحين ]
فما بال أقوام من أهل الملّة من يكون غاية دنياه تتبع العثرات وتصيُّد الزلاّت والتنقيح في الهيئات والتشهير بها عبر المجالس والمنتديات، لا يفتئون همزا ولا ينفكّون لمزًا ولا يبرحون غمزا، ديدانهم التشويش ومطيتهم التحريش وسجيتهم الإثارة و التحويش، قاموسهم سُوء الظنّ ومعاجمهم الأذى والمنّ، يبادرون بالإتهام ويتعجّلون بالجفاء والاصطدام، يكثرون الوقيعة والعتاب ولا يتورعون عن الشتائم والسِباب، يطعنون في الخواصر ويُصوِّبون سهامهم تلقاء القفا.
إذا رأوك في نعمة حسدوك * وإن تواريت عنهم اغتابوك
إن سمعوا هفوة طاروا بها فرحا * وما عملوا من صالح كتموه[عملون ليل نهار على الحطّ من الأقدار والنيل من الكفاءات وتشويه صورة البراء الخيار النزهاء، يتحركون كالخفافيش في شدّة الظلام ويعملون خلف الكواليس.
لا يلتمسون المعاذير ويسعون لإسقاط أهل الفضل و المشاهير يبثّون عنهم الشائعات ويختلقون ضدّهم الوشايات فسبحان الله ربي العظيم إلى الله المشتكى ولاحول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم ...
إنهم مثل الذباب يراعي موضع العلل ولا يبالون أن يكون جمعهم من قالة السّوء والمجاهيل أو من ثنايا مؤلفات لم يطئها قلم التنقيح ولم يخطها يراع النسخ والتوضيح وعلى إثر تلك الأوهام والهفوات التي تقبل التأويل والاغتفار في جزيل الحسنات يكون الولاء والبراء والهجر والجفاء والودّ والعداء عبر التصنيف والتعصب والتحيز والتحزّب، ويشغل بذلك طلبة العلم والمبتدئون ويتلقفها في كل الصقاع والشائنون والمغرضون وتُهدر ملكاتٌ وأوقاتٌ بين رادّ ومردود عليه وتعقد المجالس فرياً في الأعراض بكلماتٍ جارحة وعبارات مُسفّهة سيئة وقذائف كأنها شُواظٌ من نار تشن بسوء الدخلة والمأرب، ضاربة بعفة اللسان ونزهة النفس كل مضرب، كان الأولى فيها صرفها صوب الفرق المنحرفة المناوئة لأهل الإسلام...
ومن الومضات اللطيفة للقاضي إياس بن معاوية الذي صار مثلا في الفطنة والذكاء ما أورده الحافظ ابن كثير عن سفيان بن حسين قال ذكرت رجلا بسوء عند إياس بن عبد الله فنظر في وجهي وقال :( أغزوت الروم؟ قلت لا، قال : السند والهند والترك ؟ قلت لا، قال : أفسلم منك الروم والسند والهند والترك ولم يسلم منك أخوك المسلم ؟ قال : فلم اعد بعدها أبدا )وقال ابن سرين [ ظلمك لأخيك أن تذكر منه ما تعلم وتكتم خيره ] وقال ابن المبارك[ المؤمن يلتمس المعاذير والمنافق يتتبع الزلاّت] وقال آخر [ المؤمن يستر وينصح والمنافق يهتك ويفضح] هذا في حقّ أحاد المسلمين وعوامهم فكيف إذا كان من أهل العلم والفضل والخير والسبق والدعوة؟ وقضى سحابة عمره عالما محققا أو داعية متألفا أو كان من ذوي الهيئات والمروءات ، قال العلامة الذهبي في ترجمة محمد بن نصر رحمه الله (لو أنّا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفورا له قمنا عليه وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا ابن نصر وابن مندة ولا من هو أكبر منهما والله هو هادي الخلق إلى الحق ةهو أرحم الراحمين فنعوذ بالله من الهوى والفضاضة) فيا أهل السنّة الميامين حنانيكم ببعضكم حنانيكم لطفا بإخوانكم ورفقا بالعلماء والدعاة.....
خطبة الجمعة 26/12/2003
جمعها واختصرها بلقاسمي الجزائري