المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث الجمعة..[ خُذ من دنياك لآخرتك


أمين المستغانمي
2010-05-28, 08:09
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
فاز و نجى من تمسك بهداه و خاب و خسر من خالف أمره و عصاه


فاللهم صل و سلم و بارك عليه و على آله ,و على من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

أما بعد

أهلا وسهلا بكل أعضاء و زوار مندى الجلفة


الأخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. أما بعد:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} . آل عمران102
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء
وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}.النساء1

{ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * ُيصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} الاحزاب 70-71

ا
أما بعد :

أيها الإخوة في الله، فعن أبي العلاء قال : رأيتُ في النوم عجوزاً كبيرةً متغَضِّنة الجلد والناسُ ينظرون إليها فجئتُ فنظرت فعَجِبتُ من نظرهم إليها.
فقلتُ: ويلكِ من أنتِ؟
قالت: أوَما تعرفُني؟
قلتُ: لا ما أدري ما أنت؟.
قالت: فأنا الدنيا.
قال: قلتُ: أعوذُ بالله من شرِّك.
أحبتي في الله
هذا مثلٌ صحيحٌ لحقيقة الدنيا، عجوزٌ شمطاء، لا يرغب في مثلها العقلاء، ولكنها خلاَّبة تأخُذُ بألباب الناس، وتسلب ذوي العقول عقولهم، وتختُلهم، وتتزيَّنُ لهم حتى يظنوا فيها ما ليس فيها، وحتى يطمعوا منها بما لا حيلة لهم فيه، ولا سبيل للوصول إليه، فما هي إلا عجوزٌ غدارة خداعة غرارة، تغُرُّ الخطاب، ثم لا يظفروا منها إلا بالسراب.
أيها المسلمون
إن الدنيا دارٌ خلقنا الله فيها، لا لأجلها، وأخبرنا أنها ظلٌ زائل ما أسرع ما ينحسر عن أهله، وهي إن سرَّت يوماً فقد أحزنت أياماً، وإن أضحكت مرَّةً فقد أبكت أزماناً. فأين لذة التنصيب من مرارة العزل، وأين طعم العافية من علقم المرض، وأين سرور الاجتماع من عذابات الفراق. إنها كالنبات الذي يخرج سريعاً بعد نزول المطر؛ ثم لا يلبث حتى يكون مصفراً، ثم يموت ويكون هشيماً تذروه الرياح
{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً}
وقال سبحانه
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } سورة الحديد [ الآية 20]
ثم قال
{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} سورة الحديد [ الاية 21]
إذاً فالدنيا (لعبٌ) وليس من شأن الرجال- اللهوُ واللعبُ وإنما هو من شأن الصبيان.
والدنيا (زينة) إلا إنها عجوزٌ مزيَّنةٌ متخفيَّةٌ خلف أصباغها وبهرجها فإذا ما تمكَّنت من صاحبها كشفت له عن حقيقة وجهها الكالح.
إلا إنها عجوزٌ مزيَّنةٌ متخفيَّةٌ خلف أصباغها وبهرجها فإذا ما تمكَّنت من صاحبها كشفت له عن حقيقة وجهها الكالح.
والدنيا (تكاثر في الأموال والأولاد) فكُلاً يُريد أن يُري الناس منزلته ومكانته وفضله

ولكن المالَ والولدَ متاعٌ عارض وربما ذهب المال فلم تبق منه إلا الحسرة وربما تنكَّر بعض الولد ونسي النعمة التي لك عليه
وبدَّلها بالكفر والجحود.


أحبتي في الله
إن الكتاب والسنة مملوئان بتوضيح علاقة المسلم بالدنيا وأنها مما يجب ألا يتعلَّق به العبد فيُشغف بها قلبُهويستروِح لها فؤادُه لئلا يخسر الدنيا والآخرة.
قال تعالى
{مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ{15} أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} سورة هود [ 16]

وقال سبحانه
{مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً{18} وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً{19} كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً{20} انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً}. [الإسراء:19-21]

يا عباد الله
لقد ضُربت لنا عن الدنيا الأمثال وبيَّنت لنا الشريعةُ الطريقة المثلى للتعامل معها وأُبرِزَ لنا من هدي خيرِ الناس وأحبِّهم إلى خالقهم
صلى الله عليه وسلم
ما يُبيِّنُ لنا طريقة الله مع من يحبهم ويصطفيهمفإن الله يُعطي الدنيا لمن يُحب ولمن لا يُحب ولكنه لا يُعطي الدين وبضاعة الآخرة إلا لمن يحبُّهم ويختارُهم لولايته.
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: جاء جبريل إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال
((يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزيٌ به، وأحبِب من شئت فإنك مفارقُه. واعلم أن شرف المؤمن قيامُ الليل، وعزَّه استغناؤُه عن الناس))
رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن.
وكان صلى الله عليه وسلم يقول
اللهم لا عيش إلا عيشُ الآخرة.

وقال صلى الله عليه وسلم
((آكل كما يأكل العبد، فوالذي نفسي بيده لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا كأسا))
صحيح الجامع.
فالدنيا أحبتي في الله في خُضرتها وبهجتها الظاهرة كالشجرة وهي في سرعة انقضائها وقبضها شيئاً فشيئاً كالظل.
وأنت يا عبد الله مُسافرٌ إلى ربِّك وإلى آخرتك أفيليق بالمسافر إذا رأى في طريق سفره شجرةً في يومٍ صائف أن ينزل إليها
ويبني تحتها داراً؟! بل لا يليق إلا أن ينزل إليها إن احتاج لذلك فيستظلَّ بها على قدر حاجته، ثم يروحُ ويتركها.

ولذلك فإن من أسباب الفلاح الأخروي بل ومن أسباب السعادة الدنيوية أيضاً ألا يطمأن العبدُ إلى الدنيا ولا يركنَ إليها
وأن يعلمَ أنها غدَّارةٌ قُلَّبٌ بأهلها وأن يعلم حقارتها وهوانها وأنها في الآخرة كما مثَّل لنا
صلى الله عليه وسلم
((والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بم يرجع)).
رواه مسلم.
فكونوا يا أخوتي من بني الآخرة ولا تكونوا من بني الدنيا فإن اليوم عملٌ ولا حساب وغداً حسابٌ ولا عمل.
واعمروا دنياكم بإصلاح آخرتكم فإنهما لا يتعارضان ثُم لا تُتبِعوا أنفُسَكم الدنيا فقد تُكُفِّل لكم بشأنها وَرِزقِها
وأعجبُ شيءٍ أن تشتغل وتنشغل بشيءٍ قد تُكُفِّل لك به ثم تأتي إلى ما طُلبَ منك فتنشغل عنه ولا تقوم به.
فإن رزقك يا عبد الله مكفولٌ لك لن يضيعَ عليك منه ذرة وإن عملك الصالح هو المطلوب منك فلا تنشغل بهذا عن هذا.
وعلى كل حال فهذه أمثالٌ مضروبةٌ في الدنيا للآخرة
فهل تكون –أخي- في الآخرةِ أحمدُ عاقبةً
وخيرٌ مآلاً

من اجل غزة
2010-05-28, 10:24
بارك الله فيك ونفع بك وجعلها في ميزان حسناتك

لحلوا
2010-05-28, 11:16
بارك الله فيك هذا الموضوع الرائع

وتستاهل احلى تقييم للموضوع

أمين المستغانمي
2010-05-28, 19:25
شكرا لمروركم تحياتي الخالصة