تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إله الشيخ الأكبر عند الصوفية (ابن عربي) !!!!!


الهيثم
2008-02-16, 00:13
إله ابن عربي

نقلا من كتاب {هذه هي الصوفية },(26نوفمبر 1955). بقلم أحد المتصوفة الذين رجعوا إلى الحق وهو الشيخ عبد الرحمن الوكيل .

أما هذا الطاغوت الأكبر، فقد افترى للصوفية رباً عجيباً يجمع بين النقيضين المتوترين في ذاته، وبين الضدين الحقيقيين في صفاته، فهو الوجود الحق، وهو العدم الصرف، هو الخلاق، وهو المخلوق، هو عين كل كائن، وصفاته عين صفات كل موجود وكل معدوم، هو الحق الكريم والباطل اللئيم، هو الفكرة العبقرية، والخرافة الحمقاء، هو الخاطرة الملهمة، والوهم الذاهل، والخيال الحيران، والمستحيل الذي لا يتصور فيه العقل أبداً أن يخطر حتى مرة واحدة في بال الإمكان، والممكن الذي يرى فيه الفكر أجلى معاني الإمكان، والذي لا يتوهم فيه العقل وهم استحالة. هو المؤمن، وهو الكافر، هو الموحد الخالص التوحيد، وهو المشرك الأصم الوثنية. هو الجماد الغليظ، وهو الحيوان ذو المشاعر المرهفة، والحساسية المتوقدة، هو الملاك الساجد تحت العرش، وهو الشيطان الذي يصطرخ في سقر، هو القديس الناسك يذوب قلبه في دموع التسابيح، وهو العربيد يضج الماخور من بغى خطاياه، هو الراهبة التي تحيا على النور يغمر الوجود بمباهجه، وهو الظلام موار الكهوف بالفزع والرهبة، تلك هي بعض ذاتيات رب ابن عربي، وبعض خصائص الإله الصوفي!!.
ولهذا يؤمن الطاغوت بأن اليهود عباد العجل ناجون، بل يؤمن بأنهم كانوا على علم بحقيقة الألوهية، لم ينعم موسى ولا هرون بلمحة من تجلياته، ولا ببارقة من انكشاف الأسرار الإلهية المغيبة لن!! لأنهم ما قصروا العبادة على فكرة مجردة خاوية كموسى، وإنما عبدوا الرب متجلياً في صورة عجل، فأدركوا من حقيقة الأمر ما لم يدركه هرون، وهو أن الذات الإلهية لا تعبد إلا حين تتجلى في صور خلقية!!.
ويؤمن ابن عربي بقدسية عبدة الأصنام، ويمجد صدق إيمانهم وإخلاص توحيدهم، يؤمن بالصابئة عباداً يوحدون الله، ويخلصون له الدين، يؤمن بسمو إيمان الذين عبدوا ثلاثة آلهة غير أنه يعيب عليهم قصورهم عن إدراك الحقيقة كاملة؛ إذ عبدوا الله في ثلاثة أقانيم، على حين كان الواجب أن يعبدوه في كل شئ، فليس الرب عنده هو تلك الأقانيم فحسب، وإنما هو عين ما يرى أو يحس، فأصحاب الثالوث عنده مخطئون؛ لأنهم عبدوا بعض مظاهر الرب، أو بعض تعيناته وكان واجباً أن يعبدوه في الكل؛ لأنه هو ذلك الكل فيما ظهر منه، وفيما بطن!! (اقرأ الفص "العيسري" و "المحمدي" من فصوص الحكم لبن عربي).

- ربوبية كل شئ.
واسمع إليه يؤكد لك أن كل شئ هو الله سبحانه : " سبحان من أظهر الأشياء، وهو عينها (ص 604 جـ2 الفتوحات المكية لابن عربي.)" "إن العارف من يرى الحق (الله) في كل شئ، بل يراه عين كل شئ (ص 374 فصوص بشرح بالي، ص 382 بشرح قاشاني ص 192 جـ1 بتحقيق الدكتور عفيفي.)" وكلمة "شئ" في دين الطاغوت تطلق حتى على الصور الذهنية والوهمية وعلى العدميات، فوق إطلاقها على كل موجود له كيانه المادي المستقل المتقوم بذاتياته وخصائصه. فانب عربي كما ترى أصرح الدعاة إلى وحدة الوجود، بل هو كاهنها الأكبر!!.n
- الرب إنسان كبير .
واسمع إليه يحكم على ربه بأنه يجب أن يوصف بما يوصف به الخلق، حتى بما فيهم من نقص وعجز وحمق وجهالة، ويحد بما يحد به كل كائن على حدة: "فما يحد شئ إلا وهو حد الحق(والحد هو أتم أنواع التعريف، فإذا عرفت الصنم مثلا بحد ما، فهذا التعريف صادق على الرب الصوفي، لأنه هو ذلك الصنم نفسه) فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات فهو الشاهد من الشاهد، والمشهود من المشهود، فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له، فهو الإنسان الكبير(ص 111 فصوص الحكم ط الحلبي)".

- الرب هو صور العالم.
واسمع إليه يؤكد لك أن ربه هو كل ما ترى من صور العالم: "هي ظاهر الحق؛ إذ هو الظاهر، وهو باطنها؛ إذ هو الباطن، وهو الأول؛ إذ كان، ولا هي، وهو الآخر؛ إذ كان عينها عند ظهورها(ص 112 فصوص ط الحلبي) وتدبر تعريف ابن عربي لربه بقوله: "هو عين ما ظهر، وهو عين ما بطن في حال ظهوره، وما ثم من يراه غيره (يعني أنك إذا رأيت إنساناً، أو حجراً، فقد رأيت الرب الصوفي، بل الرائي والمرئي هما عين ذلك الرب)، وما ثم من يبطن عنه، فهو ظاهر لنفسه، باطن عنه، وهو المسمى أبا سعيد الخراز(هو أحمد بن عيسى ممن تكلم في الفناء الصوفي نوفي سنة 279)، وغير ذلك من أسماء المرئيات(ص 77 جـ 1 فصوص ط الحلبي) والعارف الحق بالله عند ابن عربي هو من يرى "سريان الحق (الله) في الصور الطبيعية والعنصرية، وما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق فيها(ص 181 المصدر السابق).


- صفات الرب صفات الخلق.
ويحكم ابن عربي على ربه، ويصفه بالعجز الذليل، والنقص المشين، والسفه والحماقة، وبأنه مناط مذمة وتحقير مهانة. فيقول : "ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص، وبصفات الذم؟! ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها – وكلها حق له – كما هي صفات المحدثات حق للحق (ص 80 فصووص راجع ما كتبته في "دعوة الحق" ص 30 وما بعدها.).
لقد خشي ابن عربي أن يتوهم فيه إنسان أنه يطلق صفات الخلق على الله سبحانه إطلاقاً مجازياً، أو يطلق صفات الله على خلقه كذلك. خشي هذا، فمحا توهم المجاز عن الأولى بقوله: "كما هي صفات المحدثات حق للحق" فلا تتوهم مجازاً ما فيما يحكم به ابن عربي على ربه، أو فيما يصفه به من ذم ونقص وعجز. ومحاه عن الأخرى بقوله:"وكلها – أي صفات الله من ربوبية وإلهية وخالقية ورازقية، وسواها مما هو من صفات الله وحد – حق له"، أي للمخلوق، فالخلق يوصف بصفات الله على الحقيقة لا على المجاز!! ذاك دين ابن عربي.

- رب الصوفية وجود وعدم.
ورب الصوفية في دين ابن عربي يستغرق كل نسبة عدمية، أو وجودية "فالعي لنفسه، هو الذي يكون له الكمال الذي يستغرق به جميع الأمور الوجودية، والنسب العدمية، بحيث لا يمكن أن يفوته نعت منها وسواء كانت محمودة عرفاً وعقلاً وشرعاً، أو مذمومة عرفاً وعقلاً وشرعاً، وليس ذلك إلا لمسمى الله تعالى خاصة (ص 79 فصوص)"
يكون مناط الذم من الشرع والعقل والعرف؟ لقد نعت ابن عربي ربه بكل مذمة، فلماذا لا يذمه الشرع والعقل والعرف؟!

- كل شئ رب للصوفية.
لقد كفرت الصابئة؛ لأنهم عبدوا الكواكب، وكفرت اليهود؛ لأنهم عبدوا العجل، وكفرت النصارى؛ لأنهم عبدوا ثلاثة أقاني، وكفرت الجاهلية؛ لأنهم عبدوا أصناماً أقاموها لمن مات من أوليائهم، لتكون مقصد الرجاء، ومطاف الآمال، كما كان أصحابها، وهم ناعمون بالحياة. فماذا تقول في الصوفية، أو بماذا تحكم عليها، وهي تدعو إلى عبادة كل شئ؟! ألا يقول الجيلي :"إن الحق تعالى من حيث ذاته، يقتضي ألا يظهر في شئ، إلا ويعبد ذلك الشئ، وقد ظهر في ذرات الوجود (ص 83 جـ 2 الإنسان الكامل للجيلي) ويزيد ابن عربي الفرية جلاء بقوله : "و العارف المكمل من رأى كل معبود مجلي للحق يعبد فيه، ولذلك سموه كلهم إلهاً، مع اسمه الخاص بحجر، أو شجر، أو حيوان، أو إنسان، أو كوكب، أو ملك" (ص 195 جـ 1 فصوص، وقد عدد في هذا النص آلهة الذين كفروا من قبل، فعبدوا الحجر والشجر والحيوان والإنسان والكوكب والملك، يعني الصابئة واليهود والنصاري والذين أشركوا. وصوب عبادتهم، إذ كل ما عبدوه في دينه ليس غلا رباً تجلى في صورة ذلك المعبود).
فهل تراني جنحت إلى غلو ما حين قلت لك: إن الصوفية استمدت من كل كفر، ودانت بكل ما دان به الكافرون من قبل، فكانت هي وحدها تاريخ الوثنية كلها، وحمأتها منذ ابتدعها إبليس ليضل الكافرين؟!.
ألا ترى ابن عربي حفي القلب والشعور والعاطفة بعبادة الحجر والشجر "آلهة الجاهلية" وبعبادة الحيوان "آلهة الفرعونية واليهودية" وبعبادة الإنسان "إله النصرانية والشيعة" وبعبادة الكوكب والملك "أي آلهة الصابئة"؟!.
فالصوفية هي كل ذلك الكفر، ثم تحته وفوقه، وعن شماله ويمينه ومن خلفه ومن قدامه كفرها الخاص بها!! وفيما ذكر ابن عربي ما يثبت اليقين في قلبك بما أقول.

- التجسد في النساء.
وكما عبد ابن الفارض جسد الأنثى، عبده كذلك ابن عربي، بيد أن الأول عبد المرأة مستباحة العفة له، وعبدها الآخر مستعصية الشرف عن أهوائه.
وإليك نصاً واحداً من فصوصه يكشف لك عن مدى إيغال ابن عربي في عبادة الأنثى "ولما أحب الرجل المرأة، طلب الوصلة (يقصد بها ما يحدث بين الذكر والأنثى)، أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح (يقصد به ماله من معنى في أذهان العامة بدليل ما ذكره بعده. لا يريد الزواج بل شيئاً آخراً) ولهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، ولذلك أمر بالاغتسال منه – فعمت الطهارة، كما عم الفناء فيها – عند حصول الشهوة، فإن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بيغره، فطهره بالغسل (يزعم أن الله لم يأمر بالغسل إلا ليتطهر العبد مما توهمه من أنه كان مع امرأة، على حين كان هو مع الربة الصوفية جسداً وخطيئة!!)؛ ليرجع بالنظر إليه فيمن فنى فيه، إذ لا يكون إلا ذلك، فإذا شاهد الحق الرجل الحق(الحق في دين الصوفية هو الذات الإلهية في وجودها المطلق!!) في المرأة، كان شهوداً في منفعل، وإذا شاهده في نفسه – من حيث ظهور المرأة عنه – شاهده في فاعل، وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه، كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة، فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل؛ لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصة؛ فلهذا أحب صلى الله عليه وسلم النساء؛ لكمال شهود الحق فيهن (يزعم ابن عربي أن علة حب الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء هي اعتقاده أنهن الله في أجمل صور تعيناته وتجلياته، ورغبته في الالتذاذ الجسدي المتنوع بربه!!) إذ لا يشاهد الحق مجرداً عن المواد أبداً، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله، وأعظم الوصلة النكاح (ص 217 فصوص جـ 1 ط الحلبي، ص 437 استامبول بشرح القاشاني، ص 420 بشرح بالى ط 1309هـ).
وتستطيع أن تلخص، وتستخلص من هذا النص وحده دين ابن عربي كله. إنه يعتقد أن رب الصوفية يتجلي أعظم تجل له في صورة أنثى يهصر جسدها المستسلم حيوان ثائر الجسد. يعتقد أن العاشقين ينتهبان خطايا الليل، هما رب الصوفية!! ويحلف على العشاق عربدت بهم خمرة الأجساد من دنان الإثم أن يدينوا بأنهم كانوا مع الرب الصوفي ليلاً وخطيئة وغريزة ولذة!! فما استغرقوا في اللذة بأنثى، بل بالرب المتجسد الخطايا في أنوثة عصفت بها الرذيلة!! ثم ينحدر ابن عربي في سرعة مجنونة إلى أعمق الأغوار السحيقة من المادية، فيؤكد لنا : أن الرب الصوفي شئ مادي، وأنه لا يرى أبداً كاهنا الأكبر هذه الفرية الكبرى فيقول : "لا يشاهد الحق (الله) مجرداً عن المواد أبداً" ويقول: "وهو من حيث الوجود عين الموجودات، فالمسمى محدثات هي العلية لذاتها، وليست إلا هو(ص 76 جـ 1 فصوص لابن عربي ط الحلبي)"
وما ينبغي – احتراماً لعقلك يا سماحة الشيخ – أن أدلك على أساطير الزندقة في تلك النصوص الصوفية، فإنها تكاد تنشب مخالبها في العين لتراها!!
أترى تخزك الندامة على أنك شكوتنا، فنكأت لك الجراح، أم تراها تخزك لما ظلمت به من يود لك الخير، ويدعوك إليه، ولأنك في مكانك هذا تحمل أوزار الصوفية كلها على ظهرك؟!



- التجسد المسيحي، والتجسد الصوفي .
وتلوذ بي عاطفة من إشفاق تحملني على ألا أزيد جرحك انتكاساً بذكر نصوص أخر، غير أنني أود تذكير الشيخ بأن المسيحية حين سلبتها الصوفية رشدها وهداها، وقداسة الروحانية فيها، فرغبت بها عن التوحيد الخالص إلى الشرك؛ بعبادة ثلاثة آلهة!! إن المسيحية حين استعبدتها غواية الصوفية أبت أن تخبط وراءها في كل مهلكة، فلم تؤمن بتجسد الذات الإلهية في كل شئ وإنما اختارب جسداً طيباً طاهراً، شرف الله صاحبه بالرسالة، وآمنت بأنه التجسد الأعظم لله!! ومع هذا لم تنل من الله إلا لعنة الأبد، وغضب الأبد، وسعير جهنم يصلونها، وبئس المصير.
أما شيخكم الأكبر، فقد هوى به الكفر، أو هوى هو بالكفر، إلى أبعد أعماق الهاوية الساحقة الماحقة، وانحدر به إلى كل منحدر، فآمن بتجسد ربه في أجساد تقيحت من الدنس، آمن بتجسد ربه في الجيف، وفي الأوثان، وعدل السامري، وفرعون موسى، ثم هفت به غلمته الآثمة، فكشفت عن دخيلة نفسه الآبقة تعبد رباً تتلظى غرائزه، وتتسعر شهواته، وتشتهي مفاتنه حين يتجسد في أنثى طاحت بها نزواتها لقي تحت رغبة كل عابر يراود خطيئة!!.

لماذا عبد ابن عربي المرأة؟.
إن كبريتكم الأحمر هذا أحب امرأة ذات مرة، هي ابنة الشيخ مكين الدين. وأين؟ في مكة!!.
وهفا العاشق المدله يتلمس جسد المرأة، وسبيل أنيابه إليها، راح يتوسل إليها أن تتجرد له، وأن تبيح قدس عرضها لخطيئته، فأبت العذراء، يتلهب حياؤها كرامة أن يلغ في شرفها ذئب!!.
لقد أرادته للقلب الطاهر، وأرادها هو للجسد الثائر، أرادته للطهر والمعبد وأرادها هو للدنس والماخور، فتمنعت الفتاة عن نابه الطحون، فنظم فيها ديوانه "ترجمان الأشواق" قرباناً من شهواته إلى جسدها الفواح العطر والفتنة، لعلها تنحدر معه إلى الهاوية، فتهب له من جسدها مضغة، أو من دمها رشفة، فذادته الفتاة عن حرم مخدعها الوردي، ولجت في إبائها النبيل الكريم، وأبت غلا أن تكون عذراء متألقة العرض، روحانية العاطفة، ممنعة العفة والشرف، ترى، هل أراب اليأس منها عشق ابن عربي؟ كلا، فقد استغرق نفسه، ووجوده، وملآ عليه دنياه فتنة ولهفة وقلقاً عاصفاً، فلم يعره اليأس، ولا مس لهبه خمود، فعاد إلى ديوانه يشرحه بدين الصوفية، يؤكد لهذه الجميلة النافرة الأبية أنها هي الرب متجسداً في صورة أنثى جميلة، وأنه ما أحبها إلا لأنها أجمل تعينا الحقيقة الإلهية، وأنه – إذ يتشهاها – فإنما يتشهى فيها أنوثة ربه، وجسده الفائر!! فأتب المرأة إلا أن تكون أنثى شريفة، لا رباً صوفياً يحتسي الآثام!! ومضى ابن عربي وراء الأسطورة موغلا في التيه الموحش، والدغل الرهيب، مضى وراءها يمجدها، ويهتف بها حتى صارت الأسطورة حقيقة صوفية صريحة، منحها ابن عربي وجوداً حياً صريحاً، وأمدها مثله الأحبار الزنادقة معه ومن بعده وهكذا تغزل الصوفية في "ليلى وبثينة وسعاد"!!
وتسائلهم، فيزمون الشفاه تهكما من حماقة جهلك!! ويرمقونك بالنظر الشزر، وكأنما يقولون لك: مسكين!! ما زال يجهل أن ربنا أنثى جميلة!! ضليل!! لم يهتد إلى أن الغانية اللعوب الهلوك هي الأفق الأعظم لتجليات الربوبية والإلهية، وإلى أن جسدها المنهوم الجائع إلى الآثام جسد ربنا الأعظم!! وأنها هي هو جسداً فاتنا، ورذيلة سوداء!!


- فقر الإله الصوفي إلى الخلق .
الله سبحانه يقول: (35:15 يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله، والله هو الغني الحميد) غير أن الصوفية تؤمن بإله هو الفقير إلى الخلق. فقير إليهم في وجوده فقير إليهم في علمه، فقير غليهم في بقائه، فقير إليهم في طعامه وشرابه، فقير إليهم في كل شئ يهب له الظهور بعد الخلفاء، والوجود بعد العدم، ويحول بينه، وبين الفناء.
يقول ابن عربي: "فوجودنا وجوده، ونحن مفتقرون إليه من حيث وجودنا، وهو مفتقر إلينا من حيث ظهوره لنفسه" ويقول : "فأنت غذاؤه بالأحكام (أي أسماؤك أسماؤه، وصفاتك صفاته، وأفعالك أفعاله، فلولاك ما سمى ولا وصف، ولا حكم عليه بحكم لأنك عينه وذاته) وهو غذاؤك بالوجود، فتعين عليه ما تعين عليك، والأمر منه إليك، ومنك إليه، غير أنك تسمي : مكلفاً، وما كلفك إلا بما قلت له: كلفني بحالك، وبما أنت عليه – ولا يسمي مكلفاً.
فيحمدني، وأحمده ويعبدني وأعبده (ص 83جـ 1 فصوص ط الحلبي)
ذلك هو رب الصوفية الذي افتراه لها ابن عربي، وبه يدين أقطابها، وله يسجدون!!

من كتاب " هذه هي الصوفية " للشيخ عبد الرحمن عبد الوهاب الوكيل , مصر.

حسين القسنطيني
2008-02-16, 09:57
أخي الفاضل، لقد نبهناك إلى المناظرة التي جرت بين ابن تيمية والسكندري رحمهما الله فراجعها يرحمك الله، فقد تكون مفيدة جدا لك، و أما عن ابن عربي فهو لو تأملت رجل كما قال عنه الشيخ زروق رحمه الله مال فيه الناس بين مكفر و رافع إلى قطب الأقطاب، و علمه نكله إلى الله، و أنت لا تعرف ربما حتى من هو ابن عربي إلا من خلال ما تقرأ عن جماعة مالت إلى تكفيره من خلال كتاب الفصوص الذي لا تصح نسبته إلى ابن عربي أصلا، فكان أول أمر عليك أن تراجع ما تجده في كتاب الفصوص مع ما تجده في كتب الشيخ ابن عربي يرحمه الله و هي كثيرة... أما ابن عربي عندنا فهو رجل يعلم الله حاله و سره، و قد كان يكتب بأسلوب لا يفهمه أمثالي و أمثالك، فنتورع عن الحكم على الرجل، و أما هو فقد تصدق بعرضه على الناس و سامحك مسبقا كما هومنقول عنه من تلامذته لأنه كان يعلم أن الواقعين في عرضه سيكونون كثر، فماذا عليك لو سكت عنه و أنت لا تعرفه و لم تقرأ له أبدا، ثم إن إشاراته لا تفهمها أبدا، و كل هذا تجده إن شاء الله في المناظرة التي دللناك عليها، فاطلب العلم قبل الحكم، و لو كنت مكانك لتركت الحكم على الرجل، فهو مثل الشيخ ابن تيمية رحمه الله مال فيه الناس بين من رفعه إلى مشيخة الإسلام و من كفره، بل و من كفر كل من وسمه بشيخ الإسلام، و لنا في ترك علم أحوال هؤلاء الرجال عبرة... راجع المناظرة يرحمك الله، و أخبرك عن أمر، أنني كنت مرة مع شيخي الفاضل احمد الإماراتي و هو نقشبندي مسند مجاز في كتب كثيرة في الحديث، أخذ يعرفني ببعض ألغاز هؤلاء القوم و كيف أن القارئ البسيط يغفل عن هذه المعاني و يؤدي به فهمه الساذج إلى تكفير هؤلاء من غير دراية معمقة بفحوى أقوالهم، و علمت أن القوم أرفع بكثير مما يصوره لنا بعض السذج... و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

حسين القسنطيني
2008-02-17, 06:50
أخي أحب أن اسألك عن مشايخك الذين ربما يكونون مجازين في سنن الترمذي، فهل لهم أن يطلعوكم على من نقل
لهم الكتاب مسندا، هذا في حالة ما إذا كانوا مسندين في علومهم، و مجازين في كتب الحديث، فاسألهم عمن يأخذون يأخذون دينهم
أعن رجل جعلوه أخبث من عباد الصنم، اسألهم يجيبوك، فربما كان لدى بعضهم إجابات، إن كانوا يعلمون، و إلا فاعرف
أنهم قد كذبوكم، و أنهم صحفيون مصحفيون، والله المستعان، فلقد ضعفت همتهم أن يقعدوا بين يدي المشايخ لتعلم دين الله كما ينبغي، فراحوا يص
دين الله كما كان ينبغي لهم، و رأوا أن تصنيف الناس، و الحط من علماء المسلمين يكفل لهم الجديد المبتدع المتبع...
نسأل الله العافية و السلامة في الدين و الدنيا... و أن يحشرنا إليه غير فاتنين و لا مفتونين

الهيثم
2008-02-17, 16:57
شكرا أخي على الإهتمام.

حسين القسنطيني
2008-02-18, 10:12
اسألهم سيدي، لن تخسر شيئا، اسألهم فقط من حمل إليهم ذلك مسندا، لأنني لا أظن لهم الطريق الهندية، و حتى لو أخذوها عن الطرق الهندية، فذلك أمر، لأنهم سيكونون قد أخذوها عن أمثال ابن عربي الذين يكفرونهم و يضللونهم و يبدعونهم و يفسقونهم، اسألهم أخي و نحن بانتظار إجابات مشايخك

الكرزازي
2009-06-15, 21:30
الســـلام عليكم ورحمة الله وبركـــاته سيدي القسنطيني جزاك الله خيرا عن مشاركاتك القيمة والمفيدة ... بارك الله فيــك ... بالنسبة للشيخ الأكبر سيدي محي الدين بن عـــربي الحاتمي قدس الله أسراره وأنواره فهو إمام حجة من مفاخــر أمة الإسلام لن يفهم كلامه السوقة ، وحاشا لله أن يكون اعتقاده كما قال عبد الرحمن الوكيل هذا ـ فإنه معروف بحقده على السادة الصوفية وتخليطه وتناقضه ـ ، ثم إن كتب الشيــخ الأكبــر حُرفت بعد وفاته لتدل على الإتحاد والحلول وغيرها ..... لكن آثرت أن أقدم بين يدي القاريء الكريم كتابا للحافظ الحجة الإمام السيوطي رضي الله عنه في الدفــاع عن الشيخ الأكبر قدس الله سره سماه : (تنبئة الغبي بتبرئة ابن عربي ) وإليك نص الكتاب :
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى..و سلام على عباده الذين اصطفى..وبعد ...
فقدا سئلتُ: في " ابن عربي، ما حاله ؟ وفي رجل أمر بإحراق كتبه وقال: إنه أكفر من اليهود، والنصارى، ومن أدعى لله ولدا " ؟ فما يلزمه في ذلك ؟
قد اختلف الناس قديما وحديثا في ابن عربي: ففرقة تعتقد ولايته. وهي المصيبة . و من هذه الفرقة الشيختاج الدين بن عطاء الله من أئمة المالكية والشيخ عفيف الدين اليافعي من أئمة الشافعية.فإنهما بالغا في الثناء عليه، و وصفاه بالمعرفة. وفرقة تعتقد ضلاله ومنهم طائفة كبيرة من الفقهاء. وفرقة شكت في أمره ومنهم الحافظ الذهبي في الميزان .
وعن الشيخ عز الدين بن عبد السلام: الحط عليه ووصفه بأنه القطب. و الجمع بينهما: ما أشار إليه تاج الدين بن عطاء الله في " لطائف المنن ": أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام كان في أول أمره على طريقة الفقهاء من المسارعة إلى الإنكار على الصوفية. فلما حج الشيخ أبو الحسن الشاذلي ورجع، جاء إلى الشيخ عز الدين قبل أن يدخل بيته، وأقراه السلام من النبي صلى الله عليه وسلم، فخضع الشيخ عز الدين لذلك، ولزم مجلس الشاذلي من حينئذ، وصار يبالغ في الثناء على الصوفية لمَّا فهم طريقتهم على وجهها. وصار يحضر معهم مجالس السماع.
وقد سئل شيخنا شيخ الإسلام، بقية المجتهدين شرف الدين المناوي عن ابن عربي، فأجاب بما حاصله: إن السكوتَ عنه أسلم؛ وهذا هو اللائق بكل وَرِع يخشى على نفسه.
والقول الفصل عندي في ابن عربي طريقه لا يرضاها فِرْقَتَا أهل العصر: لا من يعتقده، ولا من يحط ّ عليه. و هي: اعتقادُ وِلايَته، وتحريم النظر في كُتُبِه . فقد نُقِلَ عنه هو أنه قال:{ نحن قوم يحرم النظر في كتبنا. وذلك أن الصوفية تواطئوا على ألفاظ اصطلحوا عليها، وأرادوا بها معاني غير المعاني المتعارفة منها. فمن حمل ألفاظهم على معانيها المتعارفة بين أهل العلم الظاهر كفَر وكفَّرهم.} نص على ذلك الغزالي في بعض كتبه وقال : إنه شبيه بالمتشابه بالقرآن والسنة.
و من حمله على ظاهره كفر، وله معنى سوى المتعارَف عليه منه. فمن حمل آيات الوجه، واليدين، والعين، والاستواء، على معانيها المتعارفة كفر قطعاً.
والمتصدي لكتبه تدل أن ابن عربي لم يخفْ من سوء الحساب، وأن يقال له: هل ثبت عندك في نص أنه كافر ؟ فإن قال: { كتبه تدل على كفره }. أَلأول: أن يُقالَ له: هل ثبت عندك بالطريق المقبول في نقل الأخبار أنه قال هذهالكلمة بعينها ؟ وأنه قصد بها معناها المتعارف ؟
والأول: لا سبيل إليه؛ لعدم مُستَنَدٍ يُعْتمد عليه في ذلك. ولا عبرة بالاستفاضة الآن.وعلى تقدير ثبوت أصل الكتاب عنه؛ فلا بدّ من ثبوت كلِّ كلمة كلمة؛ لاحتمالأن يُدَسَّ في الكتاب ما ليس من كلامه من عَدُوٍّ أو مُلْحِد.وهذا " شرحالتنبيه " للجيلي ، مشحون بغرائب لا تعرف في المذهب. وقد اعْتُذِرَ عنه؛ بأنهلعلَّ بعض الأعداء دسَّ فيه ما أفسده حسدا.
والثاني: وهو أنه قصد بهذه الكلمة ( كذا ) لا سبيل إليه أيضا.ومن ادعاه كفر؛ لأنه منأمور القلب، التي لا يطَّلع عليها إلا الله.
و قد سال بعض أكابر العلماء بعضالصوفية في عصره: ما حملكم على أن اصطلحتم على هذه الألفاظ التي يُسْتَبْشَعُظاهرُها ؟فقال: غيرةً على طريقنا هذا أن يَدَّعيه من لا يحسنه، ويدخل فيه من ليس من أهله.
و المتصدي للنظر في كتب ابن عربي، أو أقرأها غيره..لم ينصح نفسه، ولا غيره؛ بل ضرَّ نفسه، وضرَّ المسلمين كل الضرر، لا سيما إن كان من القاصرين في علوم الشرع، والعلوم الظاهرة؛ فإنه يَضِل، ويُضِل..
و على تقدير أن يكون المُقرىء عارفا؛ فليس من طريق القوم إقراء المريدين كتب الصوفية. ولا
يؤخذ هذا العلم من الكتب.
و ما أحسن قول بعض الأولياء لرجل – وقد سأله أن يقرأ عليه " تائية ابن الفارض " – فقال له:
دع عنك هذا.. مَن جاع جُوعَ القوم، وسهر سهرَهم، رأى ما رأَوْا..
والواجب على الشاب المستَفْتَى عنه: التوبة، والاستغفار..والخضوع لله تعالى، والإنابة إليه؛ حذراً من أن يكون آذى وليًّا لله، فيؤذِن الله بحرب. فإن امتنع من ذلك، وصمَّم َ، فكفاه عقوبة الله تعالى عن عقوبة المخلوقين.وماذا عسى أن يصنع فيه الحاكم أو غيره..هذا جوابي في ذلك. والله أعلم.
و قد أثنى عليه جماعة منهم:
قال الشيخ العارف صفي الدين بن أبي المنصور في " رسالته ": رأيت بدمشق الشيخ الإمام الوحيد، العالم العامل: مُحْيِي الدين بن عربي. وكان من أكبر علماء الطريق، جمع بين سائر العلوم الكَسْبِيَّة، وما قرأ من العلوم الوهبية. وشهرته عظيمة، وتصانيفه كثيرة. وكان غلب عليه التوحيد علما وخلقا.. لا يكترث الوجود مقبلا كان أو مُعرضًا، وله أتباع علماء، أرباب مواجيد، وتصانيف، وكان بينه وبين سيدي أبي العباس الحرار إخاء ورفقة في السياحات – رضي الله عنهما – آمين.
و قال في موضع آخر من " الرسالة ": كتب الشيخ محيي الدين بن عربي كتابا من دمشق إلى أبي العباس الحرار قال فيه: يا أخي أخبرني بما تجده لك من الفتح. فقال لي الشيخ: اكتب: جرت أمور غريبة النظر، عجيبة الخبر. فكتب إليه ابن عربي: توجه إليَّ بها بباطنك أُجبْك عنها بباطني. فعزَّ ذلك على الشيخ منه، وقال لي: اكتب له: أُشْهدت الأولياء دائرة مستديرة في وسطها اثنان: أحدهما – الشيخ أبو الحسن بن الصباغ. والآخر – رجل أندلسي. فقيل لي: أحد هذين هو " الغوث "، فرفع الأندلسي رأسه أولا فتحقَّقته، فوقفت إليه، وسألته سؤالا بغير حرف ولا صوت، فأجابني بنفثة نفثَها، فأخذت منه جوابي، وسرت لسائر دائرة الأولياء، أخذ منها كل ولي بقسطه. فإن كنت يا أخي بهذه المثابة، تحدثت معك عن مصر. فلم يعد يكتب له من ذلك شيئا.
و قال الشيخ عبد الغفار القوصي في كتابه " الوحيد ". قال: حدثني الشيخ عبد الغفار المنوفي خادم الشيخ محيي الدين بن عربي قال : كان الشيخ يمشي، وإنسان يسبهُ، وهو ساكت لا يرد عليه. فقال: سيدي، ما تنظر إلى هذا ؟ ، فققلت: لمن يقول ؟ ، فقال:قول لك. فقال: ما يسبني أنا، قلت: كيف ؟ قال: هذا تصوَّرت له صفات ذميمة؛ فهو يسب تلك الصفات، وما أنا موصوف بها.
قال الشيخ عبد الغفار: ولقد حكى لي الشيخ عبد العزيز عن ابن عربي حكايات من هذا الجنس وغيره، مع ما يتكلم الناس فيه، ونسبوه إلى الكفر بألفاظ وجدوها في الكتب وما تأولوها.
قال: وحكى لي الشيخ عبد العزيز: أن شخصاً كان بدمشق، فرض على نفسه أن يلعن ابن عربي كل يوم عَقب كل صلاة عشر مرات، فتوقف لأنه مات، وحضر ابن عربي مع الناس جنازته، ثم رجع وجلس في بيت بعض أصحابه، وتوجه إلى القبلة، فلما جاء وقط الغداء أُحْضِرَ إليه الغداء، فلم يأكل، ولم يزل على حاله متوجها، يصلي الصلوات، ويتوجه إلى ما بعد العشاء الآخرة، فالتفت وهو مسرور، وطلب الطعام، فقيل له في ذلك، فقال: الْتزمت مع الله ألاَّ آكل ولا أشرب حتى يغفر لهذا الرجل الذي كان يلعنني، فبقيت كذلك، وذكرت له سبعين ألف << لا إله إلا الله >>، ورأيته وقد غفر له.
قال الشيخ عبد الغفار:
و حكى لي الشيخ عبد العزيز عنه حكايات ٍ تدل على عظم شأنه، وكشف إطلاعه قال: وحكى الإمام محب الدين الطبري شيخ الحرم بمكة عن والدته – وكانت من الصالحات – أنها ربما أنكرت على ابن عربي كلاماً قاله في معنى " الكعبة ". قالت : فرأيت الكعبة تطوف بابن عربي .
وقال: وقد كان وقع بين الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وبين الشيخ محيي الدين بن عربي.
أخبر الشيخ عبد العزيز ذلك؛ لأن الشيخ عز الدين كان ينكر ظاهر الحكم.
و حكى عن خادم الشيخ عز الدين أنه دخل إلى الجامع بدمشق، فقال "الخادم" للشيخ عز الدين: أنت وعدتني أن تُرِيَنِي << القطب >>. فقال له: ذلك هو << القطب >>، وأشار إلى ابن عربي وهو جالس، والحلقة عليه. فقال له: يا سيدي وأنت تقول فيه ما تقول ؟ فقال: هو القطب. فكرر عليه القول، وهو يقول ذلك. فإن لم يكن << القطب >> فلا معارضة في قول الشيخ عز الدين؛ لأنه إنما يحكم عليه بما يبدو من أموره الظاهرة، وحفظ سياج الشرع. والسرائر أمرها إلى الله تعالى يفعل فيها ما يشاء، فقد يطَّلع على محله ورتبته، فلا ينكرهما. وإذا بدا في الظاهر شيء مما لا بعهده الناس في الظاهر أنكره حفظا ً لقلوب الضعفاء، ووقوفاً مع ظاهر الشرع، وما كلف به، فيعطي هذا المقامَ حقًّهُ، وهذا حقَّهُ، والله أعلم. هذا كلام الشيخ عبد الغفار في جمعه بين مقالتي الشيخ عز الدين في حق ابن عربي. وعندي في الجمع أحسن من ذلك، وهو ما أشار إليه الشيخ تاج الدين بن عطاء الله– نفعنا الله به -: أن الشيخ عز الدين كان أوَّلا على طريقة غالب الفقهاء من المسارعة إلى الإنكار على << الصوفية >>. فلما حج الشيخ أبو الحسن الشاذلي ورجع، وأقرأه السلام من النبي صلى الله عليه وسلم حسُن اعتقاده في الصوفية، ولزم مجالسهم بعد ذلك؛ فالظاهر أن إنكاره على ابن عربي كان في أول أمره لما كان الشيخ عز الدين أولاً بدمشق. وثناؤه عليه كان بعد ذلك في آخر أمره.
قال الشيخ عبد الغفار:
و قد حكى الثقة عن ابن عربي أن شخصا طلع وهو بغرفة بدمشق، وكان الشيخ عز الدين حاضراً عنده، فقال له ذلك الشخص: إني أقصد الجهة الفلانية، فقال: لا يأخذوك العرب. فقال: لا بُدَّ لي من السفر. فنزل، فإذا الشيخ يقول: هذا البدوي خرج عليه، وأخذ ثيابه، وها هو قد رجع، وجعل يقول: ها هو.. إلى أن قال: يا فلان، قال: نعم. فطلع علينا عرياناً ونحن جلوس مكاننا. قال الشيخ عبد الغفار: وهذا كشف صريح. قال:و قد اشتبه عليَّ الحال في الحاكي: هل هو القاضي جلال الدين ابن السبكي عن قاضي القضاة وجيه الدين البهنسي أم هو الشيخ عبد العزيز ؟ قال: وكلاهما إذا حكيا سواء.
و قال اليافعي في (( الإرشاد )):
اجتمع الشيخان الإمامان العارفان المحققان الربانيان: الشيخ شهاب الدين السُّهْروَرْدي.
و الشيخ محيي الدين بن عربي-رضي الله عنهما - فأطرق كل واحد منهما ساعة، ثم افترقا من غير كلام. فقيل لابن عربي: ما تقول في الشيخ شهاب الدين ؟. قال: مملوء سثَّةً من قَرنه إلى قدمه.. فقيل للسهروردي ما تقول في الشيخ محيي الدين ؟ فقال: بحر الحقائق.
وبلغني عن بعض الشيوخ الكبار العارفين: أنه كان يقرأ عليه أصحابُه كلام ابن عربي ويشرحه، فلما حضرته الوفاة، نهاهم عن مطالعة كتب ابن عربي وقال: أنتم ما تفهمون مراده، ومعاني كلامه.
وسمعت أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام كان يطعن في ابن عربي ويقول: هو زِنديق. فقال له يوماً بعض أصحابه: أريد أن تُرِيني القطب.. فأشار إلى ابن عربي وقال: هذاك هو..
فقيل له: فأنت تطعن فيه ؟. فقال: حتى أصونَ ظاهر الشرع، أو كما قال - رضي الله عنه - أخبرني بذلك غير واحد ما بين مشهور بالصلاح، والفضل، ومعروف بالدين ثقة عدل، من أهل الشام، ومن أهل مصر. إلا أن بعضهم روى: << أن تُرِيني ولياً >>. وبعضهم روى << أن تُرِيني القطب >>.





وقد مدحه طائفة، وعظَّمه طائفة من شيوخ الطريقة، وعلماء الحقيقة..كالشيخ الحريري والشيخ نجم الدين الأصبهاني والشيخ تاج الدين ابن عطاء الله. وغيرهم ممن يكثر عددهم، ويعلو مجدهم.
وطعن فيه طائفة لا سيما من الفقهاء. وتوقف فيه طائفة.
قلتُ: ما نُقل ونسب إلى المشائخ - رضي الله عنهم - مما يخالف العلم الظاهر، فله محامل:
الأول - أنَّا لا نُسلِّم نسبته إليهم حتى يصحَّ عنهم.
الثاني - بعد الصحة يُلْتَمَس له تأويلٌ يوافق..فإن لم يوجد له تأويل قيل: لَعَلَّ له تأويلاً عند أهل العلم الباطن العارفين بالله تعالى.
الثالث - صدور ذلك عنهم في حال السكر والغيبة، والسَكرانُ سُكراً مباحاً غير مؤاخذ؛ لأنه غير مكلف في ذلك الحال. فسوء الظن ِّ بهم بعد هذه المخارج من عدم التوفيق. نعوذ بالله من الخذلان، وسوء القضاء، ومن جميع أنواع البلاء.
وقال أيضا - في موضع آخر - من (( الإرشاد )) ما نصه : قال شيخ الطريقة، وبحر الحقيقة محيي الدين بن عربي - رضي الله عنه - كنت أنا وصاحب لي في المغرب الأقصى بساحل البحر المحيط، وهناك مسجد يأوي إليه << الابدال >>، فرأيت أنا وصاحبي رجلاً قد وضع حصيراً في الهواء على مقدار أربعة أذرع من الأرض وصلى عليه فجئت أنا وصاحبي حتى وقفت تحته، وقلت:
شُغِلَ المحِبُّ عن الحبيبِ بسرِّه *** في حبِّ مَن خَلق الهواء وسخَّره
العارفون عُقولُهم معقولةٌ *** عن كلِّ كون ترتضيه مُطَهَّره
فهمُ لديه مكرَّمون وعنده *** أسرارُهم محفوظة ومُطَهَّره
قال: فأوجز في صلاته، وقال: إنما فعلت هذا لأجل المُنْكِر الذي معك، وأنا أبو العباس الخضر.
قال:و لم أكن أعلم أن صاحبي ينكر كرامات الأولياء، فالتفَتُّ إليه، وقلت: يا فلان، أكنت تنكر كرامات الأولياء ؟؟ قال :نعم. قلت: فما تقول الآن ؟ قال: ما بعد العيان ما يقال.
وقال أيضا: دعانا بعض الفقراء إلى دعوة ب"زقاق القناديل" بمصر، فاجتمع بها جماعة من المشايخ، فقدم الطعام، وعجرت الأوعية، وهناك وعاء زجاج جديد، قد اتخذ للبول، - ولم يستعمل بعد - فغرف فيه رب المنزل الطعام، فالجماعة يأكلون، وإذا الوعاء يقول: منذ أكرمني الله بأكل هؤلاء السادة مني لا أرضى لنفسي أن أكون بعد ذلك محلاً للأذى، ثم انكسر نصفين.
قال:فقلت للجميع: سمعتم ما قال الوعاء ؟ قالوا:نعم. قلت: ما سمعتم ؟ قال:فأعاد القول الذي تقدم. قال: فقلت:قال قولاً غير ذلك. قلت: وما هو ؟ قلت : قال كذلك قلوبكم مُنْكِرة ، قد أكرمها الله تعالى بالإيمان ، فلا ترضوا بعد ذلك أن تكون محلاً لنجاسة المعصية ، وحب الدنيا ..
أورد هاتين الحكايتين عن ابن عربي: الشيخ تاج الدين بن عطاء الله في (( لطائف المنن )) والعلامة قاضي القضاة شرف الدين البارزي في كتابه (( توثيق عرى الإيمان )).
و قال الحافظ محب الدين بن النجار في (( ذيل تاريخ بغداد )): محمد بن علي بن محمد بن عربي أبو عبد الله الطائي من أهل الأندلس. ذكر لي أنه ولد بمرسية في ليلة الاثنين سابع عشر من رمضان سنة ستين وخمسمائة. و نشأ بها، وانتقل إلى أشبيلية في سنة ثمان وسبعين، فأقام بها إلى سنة ثمان وتسعين. ثم دخل بلاد الشرق، وطاف بلاد الشام، ودخل بلاد الروم. وكان قد صحب الصوفية، وأرباب القلوب، وسلك طريق القوم، وحج وصنف كتباً في علوم القوم، وفي أخبار مشايخ الغرب، وزُهَّادها، وله أشعار حسنة، وكلام مليح. اجتمعت به بدمشق، وكتبت عنه أشياء من شعره، ونعم الشيخ هو. دخل بغداد، وحدَّث بها بشيء من مصنفاته، وكتب عنه الحافظ أبو عبد الله بن الدبيثي.
و من شعره ما أنشدني لنفسه قوله:



أيا حائرًا ما بين علم وشهوة *** ليتصـلا مـا بيـن ضديـن مـن وصـل



و من لم يكن مستنشق الريح لم يكن *** يرى الفضل للمسك العتيق على الزبل




أيا حائرًا ما بين علم و شهوة *ليتصلا ما بين ضدين من وصل
و من لم يكن مستنشق الريح لم يكن *يرى الفضل للمسك العتيق على الزبل

كتب إليّ الحافظ ضياء الدين المقدسي: إن ابن العربي توفي ليلة الجمعة الثاني والعشرين من ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وستمائة.
ومنهم قاضي القضاة العلاّمة سراج الدين الهندي الحنفي أحد أئمة الحنفية، وقاضي القضاة بالديار المصرية، وصاحب المصنفات: كشرح الهداية، وشرح المغني. كان يتعصب لابن عربي، وابن الفارض. وألف شرحًا على تائية ابن الفارض، وعزّر ابن أبي حجلة لكلامه فيه. ومنهم الشيخ ولي الدين محمد بن أحمد الملّوي أحد علماء الشافعية. كان عارفًا بالتفسير والفقه، والأصول، والتصوف، ألف عدة تصانيف على طريقة ابن عربي، ومات في ربيع الأول سنة أربع وسبعين وسبعمائة، وحضر جنازته ثلاثون ألفًا. وحكى أنه قال عند موته: << حضرت ملائكة ربي، وبشروني، وأحضروا لي ثيابًا من الجنة، فانزعوا عني ثيابي؛ فنزهوها، فقال: أرحمتموني >>، ثم زاد سُرُورُه، ومات في الحال. ومنهم أبو ذر أحمد بن عبد الله العجمي أحد من كان يشغل الناس في المعقول. ذكر الحافظ بن حجر في (( إنباء الغمر )) أنه كان يدرس كتب ابن عربي، وأنه كان للناس فيه اعتقاد، ومات سنة ثمانين وسبعمائة.
أدم الصلاة على النبي محمد=فقبولها حتم بدون تردد
أعمالنا بين القبول وردها=إلا الصلاة على النبي محـمد
فصـلاة ربي عد أنفاس الورى=وسـلامه أبـدا عليكم سـيدي
والآل والصحب الكرام ومن تلا=والصالحين على الدوام السرمدي ومنهم الشيخ بدر الدين أحمد بن الشيخ شرف الدين محمد بن فخر الدين بن الصاحب بهاء الدين بن حنا المشهور بالبدر بن الصاحب.
قال ابن حجر: تفقه، ومهر في العلوم، وألف تواليف. وكان يحسن الظن بتصانيف ابن عربي ويصرح بالنقل منها. مات سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. ومنهم الشيخ شمس الدين محمد بن إبراهيم بن يعقوب المعروف ب << شيخ الوضوء >>. قال ابن حجر: كان يقرأ السبع، ويشارك في الفضائل، وينظر في كلام ابن عربي. وقال ابن حجر: تفقه بوالدي وغيره، وأذن له من خطيب أبيورد بالإفتاء، وكان التاج السبكي يثني عليه وكان حسن الفهم، جيد المناظرة، وسلك طريق التصوف. وكان يعتقد أن ابن عربي مات سنة تسعين وسبعمائة. ومنهم أبو عبد الله محمد بن سلامة التوزري المغربي. قال ابن خلكان: كان فاضلا في الأصول والفقه،داعية إلى مقالة ابن عربي، يناضل عنها، ويناظر عليها، مات سنة ثمانمائة. ومنهم الشيخ نجم الدين الباهي.قال ابن حجّي: كان أفضل الحنابلة بالديار المصرية، وأحقهم بولاية القضاء.قال ابن حجر: وكان لهُ نظر في كلام ابن عربي. وقد درس وأفتى، مات سنة اثنتين وثمانمائة.ومنهم شمس الدين محمد بن أحمد الصوفي المعروف ب << لبن نجم >> نزيل مكة.قال ابن حجر: تسلك على يد الشيخ يوسف العجمي، وتجرد، وكان كثير العبادة.قال ابن حجر: كان على طريقة ابن عربي.مات سنة إحدى وثمانمائة.ومنهم الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي ثم الزبيدي.قال ابن حجر: تعانى الاشتغال، ثم تصوف، وكان خيّرا عابدا، حسن السَّمت، محبا في مقالة ابن عربي، مات سنة ست وثمانمائة.ومنهم العلامة مجد الدين الشيرازي صاحب القاموس.قال ابن حجر: لما اشتهرت باليمن مقالة ابن عربي، ودعا إليها الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي، وغلبت على علماء تلك البلاد صار الشيخ مجد الدين يُدخل في شرح البخاري من كلام ابن عربي.ومنهم علاء الدين أبو الحسن بن سلام الدمشقي الشافعي.أحد أئمة الشافعية بالشام، ومُصنَّفيهم.قال ابن حجر: كان ينسب إلى نُصْرة مقالة ابن عربي، ويتخيل لها تأويلات، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين وثمانمائة.ومنهم قاضي القضاة شمس الدين البساطي المالكي.ذكر ابن حجر في حوادث سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة أنه حضر معه عند الشيخ علاء الدين البخاري، فجرى ذكر ابن عربي، فبالغ الشيخ علاء الدين في ذمه، وتكفير من يقول بمقالته؛ فانتصر له البساطي، وقال: إنما ينكرالناس عليه ظاهر الألفاظ التي يقولها، وإلا فليس في كلامه ما ينكر، إذا حمل لفظه على مراده،
وضَرْبٍ من التأويل.وكان من جملة كلام الشيخ علاء الدين: الإنكار على من يعتقد الوحدة المطلقة. وكان من جملة كلام البساطي:أنتم تعرفون الوحدة المطلقة ؟ فاستشاط البخاري غضبًا، وأقسم بالله إن لم يعزل السلطان البساطيَّ من القضاء ليخرجنَّ من مصر.والتمس من كاتب السرّ أن يسأل السلطان في ذلك، فهمَّ السلطان أن يوافقه، وأراد أن يقرر الشهاب بن تقي مكان البساطي، فاُحضر،وأُحضِرت خِلَعُهُ، ثم بطل ذلك المجلس.قلتُ: هذا من بركة الانتصار لأولياء الله تعالى ! واستمر البساطي في منصبه، ولم يتفق له عزل قط إلى أن مات بعد إحدى عشرة ليلة من هذه الواقعة.
وذكر البرهان الرقاعي في (( معجمه )) حكى لي الشيخ تقي الدين أبو بكر بن أبي الوفاء القدسي الشافعي قال – وهو أمثل الصوفية في زماننا – قال:كان بعض الأصدقاء يشير عليَّ بقراءة كتب ابن عربي ونحوها من أنظارها. وبعضهم يمنع مني ذلك، فاستشرتُ الشيخ يوسف الإمام الصفدي في ذلك، فقال:اعلم يا ولدي – وفقك الله – أن هذا العلم المنسوب لابن عربي ليس بمختَرع له، وإنما هو كان ماهرًا فيه، وقد ادعى أهله أنه لا يمكن معرفته إلا بالكشف فإذا صح مُدَّعاهم، فلا فائدة في تقريره؛ لأنه إذا كان المقرّر، والمقرر له مطلعين؛ فالتقرير تحصيل الحاصل.وإن كان المطلعُ أحدَهما فتقريره لا ينفع الآخر. وإلا فإنهما يخبطان خبط عشواء !! فسبيل العارف عدم البحث عن هذا العلم، وعليه المعول، والسلوك فيما يوصل إلى الكشف عن الحقائق. ومتى كشف له عن شيء علمه، ومشى في أعلى سند.قال: ثم استشرتُ الشيخ زين الدين الخافي بعد أن ذكرت له كلام الشيخ يوسف،فقال: كلام الشيخ يوسف حسن. وأزيدك أن العبد إذا تخلَّق، ثم تحقق، ثم جُذِب، اضمحلت ذاته، وذهبت صفاته، وتخلص من السّوى، فعند ذلك تلوح له بروق الحق بالحق، فيطلع على كل شيء، ويرى الله عند كل شيء، فيغيب بالله عن كل شيء ولا يرى شيئا سواه، فيظن أن الله عين كل شيء وهذا أول المقامات.فإذا ترقى عن هذا المقام وأشرف على مقام أعلى منه، وعضَّده التأييد الإلهي، رأى أن الأشياء كلها فيض وجوده تعالى، لا عين وجوده، فالناطق حينئذ بما ظنه في أول مقام إما محروم ساقط، وإما نادم تائب.. { وربك يخلق ما يشاء ويختار } القصص / 68.فإن قلت: فهذا الشيخ ولي الدين العراقي قد قال في فتاويه: قد بلغني عن الشيخ الإمام علاء الدين القونوي أنه قال في مثل ذلك: إنما يؤول كلام المعصومين !
قلتُ: هذا منقوض بأمرين:أحدهما: أن القونوي قد فعل خلاف ذلك في كتابه(( شرح التعرف ))، فنقل عن ابن عربي وغيره كلمات ظاهرها المنافاة للشرع، ثم تأولها وخرجها على أحسن المحامل؛ فهذا منه إما دليل على بطلان ما نقل عنه من عدم التأويل، أو رجوع عنه.و الثاني: إن كلام القونوي لو ثبت أنه قاله، ولم يقل خلافه في (( شرح التعرف )) مُعَارَض بقول مَن هو أجَلّ منه، وهو شيخ الإسلام ولي الله تعالى محيي الدين النووي؛ فإنه نص في كتابه (( بستان العارفين)) على خلاف قول القونوي؛فقال بعد أن حكى عن " أبي الخير التِّـــنَاتي " حكاية ظاهرها الإنكار. ما نصه: { قلت: قد يتوهم من يتشبه بالفقهاء ولا فقه عنده أن ينكر على أبي الخير هذا، وهذه جهالة وغباوة ممن يتوهم ذلك، وجسارة منه على إرسال الظنون في أفعال أولياء الرحمن.فليحذر العاقل من التعرض لشيء من ذلك، بل حقه إذا لم يفهم حكمهم المستفادة، ولطائفهم المستجادة، أن يتفهمها ممن يعرفها، وكل شيء رأيته من هذا النوع مما يتَوَهَّم من لا تحقيق عنده أنه مخالف، ليس مخالفاً بل يجب تأويل أفعال أولياء الله تعالى.هذا كلام النووي بحروفه.



ولابن عربي هذا ولد مشهور، فقيه أديب يسمى: سعد الدين محمد بن العربي. شعره مشهور في(( تذكرة الصلاح الصفدي )). وغيره. وقد روى من شعره الحافظ شرف الدين الدمياطي في (( معجمه))، وقال: محمد بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد أبو عبد الله بن أبي عبد الله الطائي الحاتمي المغربي المحتد، الدمشقي المولد، الشافعي الفقيه الأديب المعروف بابن العربي، والمنعوت بالسعد – رضي الله عنه وعن والده - توفي بدمشق في جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وستمائة.وذكره الصلاح الصفدي في تاريخه فقال: سعد الدين محمد بن الشيخ محيي الدين بن العربي الشاعر ولد بملطية في رمضان سنة ثمان عشرة وستمائة، وسمع الحديث ودرس، وكان شاعرا مجيدا، وله ديوان شعر مشهور ومن شعره:
نهري من المحبوب أصبح مرسلا *** وأراه متَّصِلا بفيض مدامعي
قال الحبيب بأن ريقي نافـع *** فاسمع رواية مالك بن نافـع
و لابن عربي ولد ثانٍ اسمه عماد الدين محمد قال فيه القطب اليونيني: كان فاضلا سمع الكثير على أحمد بن عبد الدائم المقدسي، ومات بدمشق سنة سبع وستين وستمائة، وقد نيف على الخمسين.ثم رأيتُ في تاريخ الصفدي في ترجمة الشيخ محيي الدين بن عربي -رضي الله عنه - ما نصه:قد عظمه الشيخ كمال الدين بن الزملكاني في مصنفه الذي عمله في الكلام على النبي، والملك، والشهيد، والصّدِّيق، وهو مشهور في الفصل الثاني في فضل الصّدِّيقية. وقال: الشيخ محيي الدين بن عربي البحر الزاخر في المعارف الإلهية. وذكر من كلامه جُمْلَةً، ثم قال في آخر الفصل:وإنما نقلتُ كلامه، وكلام من جرى مجراه من أهل الطريق؛ لأنهم أعرف بحقائق هذه المقامات، وأبصر بها، لدخولهم فيها. وتَحققِهم بها ذوقاً، والمخبر عن الشيء ذوقا مخبر عن عين اليقين، فاسأل به خبيرا...انتهى كلام ابن الزملكاني.قال الصفدي: وحُكي لي بأنه ذكر للشيخ تقي الدين بن تيمية أن في دمشق إنسانا يصرف كلام ابن عربي بالتأويل إلى ظاهر الشرع، فقُدِّر أن أجتمع به، فقال له: بلغني عنك كذا، وكذا،فقال: نعم.فقال: كيف تعمل في قوله: << خُضْتُ لُجَّةَ بَحْرٍ، الأنبياءُ وقوفٌ على ساحله >>فقال: ما في ذا شيء. يعني أنهم واقفون لإنقاذ من يغرق فيه من أممهم. فقال له: هذا بعيد.فقال: وإلا..ما الذي تفهمه أنت ؟ وما هو المقصود ؟!وعلى الجملة فقد كان رجلاً عظيماً، والذي نفهمه من كلامه حسن بَسنٌ، والذي يشكل علينا نكل علمه إلى الله تعالى، وما كلفنا إتباعه، ولا العمل بكل ما قاله.قال: وقد رأيتُ كتابه الفتوحات المكية في عشرين مجلدا بخطه، فرأيتُ فيه دقائق وغرائب وعجائب ليست توجد في كلام غيره، وكأن المنقول والمعقول ممثلان بين عينيه في صورة محصورة يشاهدها متى أراد، وتأتي له الأثر ونزله على ما يريده، وهذه قدرة ونهاية إطلاع، وتوقد ذهن وغاية حفظ وذكر.ومن وقف على هذا الكتاب علا قَدرُه، وهو من أجل مصنَّفاته.
قال: وقد ذكر في أوله عقيدته، فرأيتها من أولها إلى آخر ها عقيدة الشيخ أبي الحسن الأشعري، ليس فيها ما يخالف رأيه، قال: وكتب عليها:
ليس في هذه العقيدة شيء *** يقتضيه التكذيب والبهتانُ
لا ولا ما قد خالف العقل والنقـ*** ـل الذي قد أتى به القرآنُ
و عليها للأشعري مَدَارٌ *** ولها في مقاله إمكـانُ
و على ما ادعاه يتجه البحـــ***ـــثُ ويأتي الدليل والبرهانُ
بخلاف الشياع عنه ولكن *** ليس يخلو من حاسد إنسان.
هذا آخره، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا بلا تقليل، وحسبنا الله ونعم الوكيل .

علي النموشي
2009-06-15, 21:48
ليس في هذه العقيدة شيء *** يقتضيه التكذيب والبهتانُ
لا ولا ما قد خالف العقل والنقـ*** ـل الذي قد أتى به القرآنُ
و عليها للأشعري مَدَارٌ *** ولها في مقاله إمكـانُ
و على ما ادعاه يتجه البحـــ***ـــثُ ويأتي الدليل والبرهانُ
بخلاف الشياع عنه ولكن *** ليس يخلو من حاسد إنسان.


صدقت و الله .

واصل فنحن معك قلبا و قالبا