مشاهدة النسخة كاملة : كيف نتعامل مع النصوص....؟ ( حكم صيام السبت ) .
بسم الله الرحمان الرحيم
لما رأيت خلو المنتدى من المسائل الفقهية طرحت هده المسألة للمناقشة فيها
حسب النصوص الشرعية الواردة فيها وأقوال أهل العلم المتقدمين والمتأخرين
والراجح من أقوالهم والمرجوح حسب الدليل . ألاوهي صيام يوم السبت
من غير الفرض :
1-هل يجوز صيام يوم السبت من غير الفرض أم لا يجوز إلا لفريضة؟
2-أو يفيد إستواء الطرفين كما قال صلى الله عليه وسلم".....فإن صيام يوم السبت
لا لك ولا عليك" ( الصحيحة 225).
3-كيف نتعامل مع النصوص ؟
أرجو من الإخوة الأعضاء المشاركة لفقه المسألة وشكرا.
"اللهم لا علم لنا إلأ ماعلمتنا"
علي الجزائري
2007-05-14, 01:19
عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء رضي الله عنهم
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود
شجرة فليمضغه ) رواه الترمذي وحسنه والنسائي وابن خزيمة في صحيحه
وأبو داود ... ورواه النسائي أيضا وابن ماجه وابن حبان في صحيحه
عن عبد الله بن بسر دون ذكر أخته ورواه ابن خزيمة في صحيحه أيضا
عن عبد الله بن شقيق عن عمته الصماء أخت بسر أنها كانت تقول :
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم السبت
ويقول إن لم يجد أحدكم إلا عودا أخضر فليفطر عليه و صححه الألباني ..
السيف العامري
2007-05-14, 14:05
بارك الله فيك على الطرح وبارك الله في علي الجزائري
الحديث هذا هو الحجة في هذه المسأله (حديث الصماء)
وهو صحيح اعترض عيه في السند ولكن اعتراضات غير صحيحه
وهو صحيح / اذن علينا النظر في صحة الاستدلال
بعد ان ثبت لنا صحته كدليل ، ستجد انه صريح في المنع
المنع عن افراده بصوم اما اصحاب الاقوال الاخرى بأختصار تجدهم
لا يقولون بالافراد ولكن جدلهم يتعلق بالدليل واستدلاله مما يجعلك تحتار
ولكن اذا راجعت كلامهم وانت تصطحب معك مسألة الافراد لن تجد تعارض
في الافراد فقط وهذا سببه يعود لاصول المفتي الفقهيه يجادل في المنطوق
والمفهوم والاجماع ويسرد وفي النهايه يفتي بما يوافق العالم الاخر
الخلاصة استاذي ارجع لحديث الصماء واقرأه يتدبر اما صيام رمضان والثلاث البيض
وصوم يوم وافطار يوم وصيام الكفارة اذا مر بيوم السبت لا يكون افراد له بصوم
والله اعلم وعلمه اتم وأسلم
فيك بارك الله
الحديث ظاهره النهي عن صوم السبت مطلقاإلا في الفرض كما قال الآلباني رحمه الله. وقد دهب إليه قوم من أهل العلم.
وهو صريح في النهي عن صومه مفردا
سبحانك لا علم لنا إلأ ماعلمتنا
بارك الله فيكم على هذا النقاش الفقهي و لا يسعنا إلا أن نتعلم مما علمكم الله ...
علي الجزائري
2007-05-22, 13:02
السلام عليكم ..
أظن أنك وُفِقت في اختيار العنوان ،ذلك لأن هناك أحاديث في هذا الباب..
و يظهر لنا من خلالها تعارض ( و ما في الشرع من تعارض ) ..و الله تعالى
يقول : و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )
لهذا يأتي السؤال كيف نتعامل مع النصوص ؟
و قد ذكرتُ حديثا في الموضوع و هو دليل صريح في تحريم صيام يوم السبت
إلا في حال النفل ( التطوع )..
غير أنه توجد أحاديث أخرى منها حديث جويرية رضي الله عنها
في قول النبي صلى الله عليه و آله و سلم :
( لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده )
رواه البخاري ومسلم ..
فهل هذا الحديث يفيد جواز صيام السبت ؟أم أنه عام خُصص بحديث النهي ؟
نرجو التفصيل بارك الله فيكم ..
لا تعارض بين الحديثين كما قال شيخنا في الصحيحة "هدا،وقد كان بعض المناقشين عارض حديث السبت بحديث الجمعةهدا،فتأملت في دلك ،فبدا لي أن لا تعارض والحمد لله،ودلك بأن نقول : من صام الجمعة دون الخميس فعليه أنيصوم السبت ،وهدا فرض لينجو من إثم مخالفته الإفراد ليوم الجمعة ،........"
ولكن هدا إنما لمن صام الجمعة وهو غافل عن النهي عن إفراده.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
و إن كان الموضوع ربما فُضَّ فقد رأيت أن أضيف هذه الزيادة الصوتية من درس علم في فقه الصيام للشيخ أبوعبد المعز محمد علي فركوس القُبِّي الجزائري حفظه الله
http://www.ferkous.com/Achrita/Real_media/05_Fikh_Assiam/10_SiamSabt.rm
الصوت منخفض قليلا
علي الجزائري
2007-07-01, 00:43
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
و إن كان الموضوع ربما فُضَّ فقد رأيت أن أضيف هذه الزيادة الصوتية من درس علم في فقه الصيام للشيخ أبوعبد المعز محمد علي فركوس القُبِّي الجزائري حفظه الله
http://www.ferkous.com/Achrita/Real_media/05_Fikh_Assiam/10_SiamSabt.rm
الصوت منخفض قليلا
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ...
لم يفض الموضوع بعد !!!
فلايزال قابلا للمناقشة و نرجو تبيين المسائل الواردة في المسألة
و بارك الله فيكم .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عذرا أخي لم أفهم ما تقصد
نرجو تبيين المسائل الواردة في المسألة
.
علي الجزائري
2007-07-02, 13:06
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ...
المسائل هي :
- ما هي مذاهب العلماء في صيام يوم السبت ؟
- ما هي الأدلة لكل فريق ؟
- و بذلك كيف نرجح أحد المذهبين على الآخر ؟
- و من ثَمَّ ما هو حكم صيام يوم السبت إذا توافق معه
يوم عرفة أو عاشوراء ... ؟
المناقشة تتم على ضوء هذه المسائل ...
و بارك الله فيكم .
- ما هي مذاهب العلماء في صيام يوم السبت ؟
السلام عليكم ورحمة الله ...
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه في اللقاء المفتوح رقم 61 :.... العلماء مختلفون في هذا الحديث في العمل به، فمنهم من قال: إنه لا يعمل به إطلاقاً وأن صوم يوم السبت لا بأس به سواء أفرد أم لم يفرد لأن الحديث لا يصح، والحديث الذي لا يصح لا ينبني عليه حكم من الأحكام.
ومنهم من صحح أو حسن الحديث وقال: إن الجمع بينه وبين الأحاديث الأخرى أن المنهي عنه إفراده فقط، أن يفرده دون الجمعة أو يوم الأحد، وهذا ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله، فقال: إذا صام مع يوم السبت يوماً آخر فلا بأس، كأن يصوم معه الجمعة أو يصوم معه الأحد.
علي الجزائري
2008-11-02, 22:20
السلام عليكم ..
أشكر لك تواصلك معنا و سعيك لنشر الفائدة ..
فلربما نبدأ أوّلابدرجة الحديث - بما ان الشيخ رحمه الله ذكر اختلاف العلماء فيه -
فهل من الممكن أن تعطينا لمحة عن كلا الفريقين ..
جزاك الله خيراً أخي الكريم ، ونسأل الله لنا ولكم الثبات .
فقد اختلف العلماء رحمهم الله في صوم يوم السبت هل هو جائز أو مكروه أو يفرق بين أن يصومه منفرداً أو مضمون إليه ما قبله أو ما بعده فمن العلماء من قال إن صومه لا بأس به وأن الحديث الوارد فيه حديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة. ومنهم من قال إن صومه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وقال (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم )ومنهم من فصل أو فرق بين أن يصومه منفرداً أو يصوم يوماً قبله أو يوم بعده.
الحجة مع من تعتقد أخي الفاضل؟
علي الجزائري
2008-11-03, 14:18
أنا الذي أعتقده أن الحجة مع من قال إن صومه لا يجوز
لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وقال
(لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم )
°°°
جزى الله الإخوة - علي الجزائري ;dolim; السيف العامري;الوادعي- كل خير عنا في هذه الليلة فقد غبتكم في هذه اللحظة لكن كلامكم أفادنا ..وهذا سؤال حق طرحه في هذه الليلة الكريمة
°°°
أبو جابر الجزائري
2010-02-28, 07:36
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آل بيته الأطهار وصحابته الأخيار
المسألة مدارها على حديث الصماء " لا تصوموا السبت إلا فيما افترض عليكم،
ولكن هذا الحديث لا يصح ، ويكفي أنه طعن في صحته أرباب صنعة علم الحديث :
قال الأثرم: وحجة أبي عبدالله ـ الإمام أحمد ـ في الرخصة في صوم يوم السبت أن الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبدالله بن بسر. حديث الصماء ـ
قال أبو داود : هذا حديث منسوخ، نَسَخه حديث جويرية،
قال النسائي: هذا حديث مضطرب
قال الزهري : هذا حديث حمصي ـ أي لا يوثق في رواته ـ
قال الأوزعي : ما زلتُ له كاتما حتى رأيتُه انتشر
قال الإمام أحمد : كان يحيى بن سعيد ـ القطان ـ ينفيه، وأبى أن يحدثني به،
قال الإمام مالك: هذا حديث كذب
وقال الطحاوي: إن الآثار المروية التي فيها إباحة صوم يوم السبت تطوعا "..هي أشهر وأظهر في أيدي العلماء من هذا الحديث الشاذ الذي قد خالفها".
وقال البيهقي : إن صح هذا الخبر.
وقال أبوبكر ابن العربي: وأما يوم السبت فلم يصح فيه الحديث، ولو صح لكان معناه مخالفة أهل الكتاب.
وقال ابن حجر: الحديث معلول بالاضطراب، وقال أيضك الحديث فيه اضطراب شديد.
أما الاضطراب فلأنه رواه عبد الله بن بسر مرّة عن أخته الصماء ومرة عن خالته الصماء ومرة عن عمته، ومرة عن أبيه، ومرة رفعه للنبي صلى الله عليه وسلم ومرّة رواه موقوفا عليه.
الخلاصة : أن الحديث مردود سندا ومتنا، سندا لاضطرابه الشديد، ومتنا لمخالفته الأحاديث الكثرة في جواز صيام السبت ، كصيام الخميس مقرونا بالجمعة، وصيام الدهرن وصيام الثلاثة من كل شهر، وصيام عرفة وعاشورا، ست من شوال.
والله أعلم
وإليكم الآن البحث الذي أظنه شاف كافِ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذا نواة جزء مفرد إن شاء الله في حديث: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم"، نظرا لأن الخلاف حول الحديث يتكرر دائما، من آخره أن يوم عاشوراء وافق السبت هذه السنة، فاجتهدت قدر الإمكان في تحرير الكلام على الحديث، وأقتصر هنا على جانب الرواية، لأن جانب الدراية يُستغنى عنه إن ثبت ضعف الحديث رواية، وهذه هي النتيجة التي توصلتُ إليها، فأقول مستعينا بالله:
الحديث مخرجه من رواية أهل حمص، واختلفوا في روايته اختلافا كثيرا، وأشهر ما رُوي عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بُسر، عن أخته.
وقد اختُلف على ثور:
فرواه أبوداود (2421) والترمذي (744) -ومن طريقه البغوي في شرح السنة (6/361 رقم 1806) وابن بشكوال في الغوامض والمبهمات (2/797) وابن الأثير في أسد الغابة (5/494)- والنسائي في الكبرى (3/210 رقم 2776) وابن ماجه (1726) والطبراني في الكبير (24/330) من طريق سفيان بن حبيب،
ورواه أبوداود (2421) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3411) والطبراني في الكبير (24/326) وفي مسند الشاميين (1/245) وابن منده في الصحابة (كما في الإصابة 13/23) والحاكم (1/435) وأبونعيم في معرفة الصحابة (6/3380) من طريق الوليد بن مسلم،
ورواه النسائي في الكبرى (3/210 رقم 2775) والطبراني في الكبير (24/330) من طريق أصبغ بن زيد،
ورواه النسائي في الكبرى (3/210 رقم 2777) من طريق عبدالملك بن الصبّاح،
ورواه أحمد (6/368) -ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (2/106)- والدارمي (1/352) وابن خزيمة (2163) والطحاوي (2/80) والطبراني في الكبير (24/325) –ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (35/218)- وابن منده في الصحابة (كما في الإصابة 13/23) وأبونعيم في معرفة الصحابة (6/3380) والبيهقي في السنن الكبرى (4/302) وفي فضائل الأوقات (307) من طريق أبي عاصم،
ورواه الطبراني في الكبير (24/330) من طريق الفضل بن موسى،
ورواه الطبراني في الكبير (24/330) بسند واه عن قرة بن عبدالرحمن،
ورواه تمام الرازي في فوائده (592 ترتيبه) من طريق الأوزاعي،
ورواه الضياء في المنتقى من مسموعاته بمرو (34/أ كما في الإرواء 960) من طريق يحيى بن نصر،
وعلقه الدارقطني في العلل (5/193/ب) عن عباد بن صهيب،
عشرتهم عن ثور بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن عبدالله بن بُسْر السلمي، عن أخته الصمّاء، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه". على اختلاف في اللفظ.
تنبيهان: عزاه الإمام الألباني -رحمه الله- في الإرواء للضياء في المختارة (114/أ) من طريق ثور به، ولم أجده فيه.
وعزاه جاسم الدوسري -وفقه الله- لأبي داود (برقم 2424) من طريق الأوزاعي مسندا به من هذه الطريق (الروض البسام 2/199)، والواقع أن أبا داود إنما أسند عن الأوزاعي حكايته أنه روى الحديث بعد توقف، ولم يذكر سند روايته، ولذلك لم يعزه المزي في تحفة الأشراف (15910) لأبي داود عن الأوزاعي مسندا.
فهذا هو الوجه الأول المشتهر.
ورواه النسائي في الكبرى (3/209 رقم 2774) وابن ماجه (1726) وعبد بن حميد (508) وأبوالحسن الطوسي في المستخرج على الترمذي (3/392) وابن أبي عاصم والطبراني -ومن طريقهما الضياء (9/64)- وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ (398) وأبونعيم في الحلية (5/218) من طرق عن عيسى بن يونس، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بسر مرفوعا، ليس فيه روايته عن أخته الصماء.
قال أبونعيم: غريب من حديث خالد، تفرد به عيسى عن ثور.
قلت: عيسى ثقة، وقد تابعه على روايته عتبةُ بن السكن في فوائد تمام الرازي (593 ترتيبه)، إلا أن عتبة متروك.
ورواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3413) وتمام الرازي في الفوائد (591 ترتيبه) من طريق أبي بكر عبدالله بن يزيد، سمعت ثور بن يزيد، ثنا خالد بن معدان، عن عبدالله بن بسر، عن أمه مرفوعا.
عبدالله بن يزيد هو ابن راشد الدمشقي أبوبكر، وهو صدوق (الجرح والتعديل 5/202)، وليس أبا عبدالرحمن المقرئ المكي كما ظنه غير واحد ممن خرَّج الحديث، كصاحب الروض البسام.
فهاتان الروايتان الأخيرتان شاذتان، لمخالفة الجماعة.
والأشهر المحفوظ عن ثور: روايته عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بسر، عن أخته الصماء مرفوعا.
ورواه بقية بن الوليد واختُلف عليه:
قال النسائي في الكبرى (3/211 رقم 2778): أخبرنا سعيد بن عمرو، قال: حدثنا بقية بن الوليد، ثنا ثور، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بسر، عن عمته الصماء به.
سعيد صدوق، ورواه بقية من وجه آخر:
ورواه أبوطاهر المخلّص -ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (14/16)- من طريق محمد بن المصفى، ثنا بقية، عن السري بن يَنْعُم الجُبْلاني، عن عامر بن جَشيب، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بُسر مرفوعا، ليس فيه ذكر الصماء.
ومحمد بن المصفى والسري صدوقان، وعامر وثقه الدارقطني.
ورواه بقية من وجه آخر:
فقال النسائي في الكبرى (3/211 رقم 2779): أخبرنا عمرو بن عثمان،
وقال الطبراني في الشاميين (3/89): حدثنا أحمد بن يحيى بن حمزة، حدثني أبي، عن أبيه،
قالا: ثنا بقية، حدثني الزُّبيدي، ثنا لقمان بن عامر، عن عامر بن جَشيب، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بُسر مرفوعا كسابقه.
والزُّبيدي هو محمد بن الوليد الحمصي: ثقة ثبت، ولقمان صدوق.
ورواه النسائي أيضا (3/212 رقم 2783) والطبراني في الشاميين (3/89) من طريق يزيد بن عبدربه، ثنا بقية، عن الزبيدي، عن عامر بن جشيب، عن خالد، عن عبدالله مرفوعا، ليس عند النسائي لقمان بن عامر، نبه عليه المزي، أما عند الطبراني فالسند مقرون بالإسناد السابق؛ فلم يظهر الاختلاف.
ويزيد حمصي ثقة، وهو أوثق من روى عن بقية.
ورُوي عن بقية والزبيدي من وجه آخر:
فقال النسائي في الكبرى (3/212 رقم 2782): أخبرنا سعيد بن عمرو، ثنا بقية، عن الزبيدي، عن لقمان بن عامر، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بسر، عن خالته الصماء مرفوعا.
وسعيد صدوق، وتقدمت روايته عن بقية عن ثور عن خالد عن ابن بسر عن عمته الصماء.
ورواه أحمد (6/368) –ومن طريقه أبونعيم في معرفة الصحابة (6/3380)- من طريق إسماعيل بن عياش، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن لقمان، عن خالد، عن عبدالله بن بسر، عن أخته الصماء مرفوعا.
وإسماعيل الأصل أنه ثقة في الشاميين، بيد أنه رواه من وجه آخر!
فرواه الطبراني في الكبير (8/172 رقم 7722) من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبدالله بن دينار عن أبي أمامة مرفوعا!
وهذه رواية منكرة، قال الهيثمي في المجمع (3/198): رواه الطبراني في الكبير من طريق إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وهو ضعيف فيهم.
وقال الألباني: وهو كما قال. وقال إن رجاله ثقات. (الصحيحة 3101)
قلت: رحمهما الله، والأمر ليس كما قالا، فعبدالله بن دينار هذا ليس العدوي الحجازي الثقة، بل هو الحمصي الضعيف، فهو شيخ ابن عياش دون الأول، بل هو معروف برواية إسماعيل بن عياش عنه، ولم يَذكروا في ترجمته رواية عن غير التابعين، فأرى في الحديث علة أخرى وهي الانقطاع.
واختُلف على الزبيدي غير ما سبق:
فرواه النسائي في الكبرى (3/211 رقم 2780) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3412) والطبراني في الكبير (24/330) وأبونعيم في معرفة الصحابة (6/3380) من طريق محمد بن حرب، ثنا الزبيدي، عن الفضيل بن فضالة، عن عبدالله بن بسر عن خالته الصماء مرفوعا.
وعزاه ابن حجر لابن منده في الصحابة من طريق الفضيل به. (الإصابة 13/23)
ومحمد بن حرب هو كاتب الزُّبيدي: ثقة، وقدمه أحمد على بقية بن الوليد، أما فضيل فتابعي من أهل الشام؛ ذكره ابن حبان في الثقات.
وروي من وجه آخر عن الزبيدي:
فرواه النسائي (3/211-212 رقم 2781) والطبراني في الشاميين (3/100) وأبونعيم في الصحابة (1/411) من طريق أبي التقي عبدالحميد بن إبراهيم، ثنا عبدالله بن سالم، عن الزبيدي، ثنا الفضيل بن فضالة، أن خالد بن معدان حدثه، أن عبدالله بن بسر حدثه، أنه سمع أباه يرفعه.
قال النسائي عقبه: أبوتقي هذا ضعيف ليس بشيء، وإما أخرجته لعلة الاختلاف.
قلت: لكن رواه الطبراني في الشاميين (3/100) وفي الكبير (2/31 رقم 1191) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن زبريق الحمصي، عن عمرو بن الحارث، عن عبدالله بن سالم به،
وعند الطبراني وأبونعيم زيادة: وقال عبد الله بن بسر: إن شككتم فسلوا أختي. قال: فمشى إليها خالد بن معدان؛ فسألها عما ذكر عبد الله، فحدثته بذلك.
وهذه المتابعة لا تصح: فابن زبريق هذا مختلف فيه، وحاله إلى الضعف أقرب، انظر تهذيب الكمال وحاشيته (2/370)، وقد ضعفه النسائي في روايته عن عمرو بن الحارث خصوصا، وعمرو بن الحارث هذا ليس المصري الثقة، بل هو حمصي شبه مجهول، تفرد بالرواية عنه اثنان: ابن زبريق الضعيف، ومولاة له مجهولة، فهو غير معروف بالعدالة كما قال الذهبي. (الميزان 3/251)
وعبدالله بن سالم حمصي ثقة.
ومن الاختلاف على خالد بن معدان:
ما رواه النسائي في الكبرى (3/212 رقم 2784) عن محمد بن وهب، ثنا محمد بن سلمة، ثني أبوعبدالرحيم، عن العلاء، عن داود بن عبيد الله، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بسر، عن أخته الصماء، عن عائشة مرفوعا.
قال الذهبي عن داود: لا يعرف، تفرد بالحديث عنه العلاء، وكأنه ابن الحارث. (الميزان 2/12)
قلت: وكذلك مال المزي، ولكني أشك في كونه العلاء بن الحارث الدمشقي، إذ ذُكرت له رواية عن عبدالله بن بسر نفسه، وقد أدركه إدراكا بينا، فقد توفي العلاء سنة 136 عن سبعين سنة، وهو ثقة تغير آخر عمره، والله أعلم.
ومحمد بن حرب ومحمد بن سلمة وأبوعبدالرحيم خالد بن أبي يزيد حرانيون ثقات، وتوفي الأخير سنة 144
والسند منكر على كل حال، تفرد به مجهولان.
اختلاف آخر:
رواه النسائي في الكبرى (3/209 رقم 2772) وأبويعلى في مسنده الكبير –ومن طريقه ابن عساكر (27/154) والضياء (9/58)- والبغوي في الصحابة (4/170) –ومن طريقه ابن عساكر- والدولابي في الكنى (2/118) وابن قانع (2/81) والشجري في الأمالي (2/114) من طريق مبشر بن إسماعيل، عن حسان بن نوح، عن عبدالله بن بسر أنه سمع رسول الله صلى الله وسلم.
مبشر حلبي ثقة، وتابعه على هذا الوجه علي بن عياش –وهو حمصي ثقة- عن حسان به.
رواه أحمد (4/189) -ومن طريقه ابن عساكر- وابن حبان (6/379 رقم 3615) والطبراني –ومن طريقه الضياء (9/58-59) والعراقي في الأربعين العشارية (17)- والمزي في تهذيب الكمال (6/43) من طريق علي بن عياش به.
ولكن قال الطبراني في مسند الشاميين (3/399): ثنا أبوزرعة الدمشقي وأحمد بن محمد بن عرق، قالا: ثنا علي بن عياش، ثنا سليمان بن حسان بن نوح، عن عمرو بن قيس، قال سمعت عبدالله بن بسر مرفوعا.
فإن كان الذي في أصل مسند الشاميين محفوظا فهو اختلاف آخر، ويحرر ذلك، لأن الضياء والعراقي والمزي أخرجوه من طريق الطبراني عن أبي زرعة وابن عرق معا عن ابن عياش بالسند الذي قبل هذا.
نعم، رووه عن الطبراني بإسناد معجمه الكبير -ولم يُطبع مسند عبدالله بن بسر منه- لا بإسناد رواية مسند الشاميين؛ المروي من طريق أبي نعيم الأصبهاني عن الطبراني.
ومما أشكل عليّ أن أبا ثور عمرو بن قيس الحمصي الثقة روى عن ابن بُسر، وذكروا من الرواة عنه حسان بن نوح، وهذا شيخ معروف لعلي بن عياش، ولم يذكروا في شيوخ علي ولا الرواة عن أبي ثور من يسمى سليمان بن نوح، فإن كان الإسناد محفوظا فأظن أن [سليمان بن] مقحمة.
ومن الاختلاف على حسان بن نوح ما رواه الروياني في مسنده (2/307) من طريق أبي المغيرة عبدالقدوس بن الحجاج –وهو حمصي ثقة- عن حسان، نا أبوأمامة مرفوعا.
وحسان بن نوح هذا حمصي، ذكره العجلي وابن حبان وابن خلفون في الثقات، ولم يتبين لي الوجه المحفوظ من روايته، وإن كنت أرى أنه لا يصح عن أبي أمامة بحال، فلم يُتابع على روايته من وجه صحيح.
اختلاف آخر:
رواه النسائي في الكبرى (3/209 رقم 2773) وابن خزيمة (3/317) والطبراني في الكبير (24/324-325) وابن منده في الصحابة (كما في الإصابة 13/23) وأبونعيم في معرفة الصحابة (6/3380) والبيهقي (4/302) من طريق الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن ابن عبدالله بن بسر، عن أبيه، عن عمته الصماء أخت بسر مرفوعا.
وسقط في مطبوعة صحيح ابن خزيمة "ابن عبدالله بن بسر"، والتصويب من إتحاف المهرة (16/996)
ومعاوية حمصي ثقة له غرائب وإفرادات، وابن عبدالله بن بسر مبهم في جميع المصادر، وكذا في تاريخ البخاري (8/442) والجرح والتعديل (9/324)، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، بل نص الذهبي أنه لا يُعرف. (الميزان 4/593)
وقد ذكروا يحيى بن عبدالله بن بسر من شيوخ معاوية، ولم أجد لهذا ترجمة، ومن أولاد عبدالله بن بُسر من لا تُعرف حاله أيضا، مثل ابنه محمد. (مجمع الزوائد 6/255)، فالإسناد ضعيف للجهالة.
طريق آخر:
رواه أحمد (4/189) -ومن طريقه الخطيب (6/24) وابن الجوزي في التحقيق (2/105) والضياء (9/104)- عن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني،
ورواه الطبراني (كما في تنقيح التحقيق 2/361) -ومن طريقه الضياء- عن الحسين بن إسحاق التستري، ثنا محمد بن الصباح الجرجرائي،
قالا: ثنا الوليد بن مسلم، عن يحيى بن حسان، سمعت عبدالله بن بسر مرفوعا.
وقد صرح الوليد بالتحديث عند الطبراني.
وشيخ الطبراني هو الحسين بن إبراهيم بن إسحاق التستري: راو مكثر، أخرج له أبوعوانة والحاكم وأبونعيم في المستخرج على مسلم والضياء، وروى عنه الطبراني في المعجم الكبير فقط نحو ألف حديث، وقال عنه الخلال: شيخ جليل سمعت منه بكرمان سنة خمس وسبعين وقت خروجي إلى كرمان، وكان عنده عن أبي عبدالله جزء مسائل كبار، وكان رجلا مقدَّما، رأيت موسى بن إسحاق القاضي يكرمه ويقدمه. (طبقات الحنابلة 1/142)، وقال عنه الذهبي: كان من الحفاظ الرحالة، ونقل عن أبي الشيخ أنه توفي سنة 290 (السير 14/57)، وقال أيضا: محدث رحال ثقة، ونقل عن ابن قانع أنه توفي سنة 289 (تاريخ الإسلام 21/157)، وقال في موضع آخر: والصحيح وفاته في المحرم سنة ثلاث وتسعين. (التاريخ 22/136)
ويحيى بن حسان يظهر أنه البكري الفلسطيني الثقة، ولم يذكر المزي له رواية عن ابن بسر، ولا رواية للوليد عنه، والله أعلم.
قلت: والراويان عن الوليد هنا صدوقان كانا ببغداد، وقد خالفهما جماعة أكثر وأحفظ وفيهم بلديون للوليد؛ فرووه على وجه آخر عنه عن ثور كما تقدم، والرواة هم: يزيد بن قبيس (شامي ثقة، وروايته عند أبي داود)، ودُحيم (دمشقي ثقة حافظ متقن، عند ابن أبي عاصم والطبرني وأبي نعيم)، وإسحاق بن راهويه (إمام حافظ جبل، عند الطبراني في الشاميين)، وصفوان بن صالح (دمشقي ثقة رمي بتدليس التسوية، عند الحاكم)
فالأظهر لديّ أن المحفوظ عن الوليد روايته عن ثور، وأن هذا اختلاف لا يُقال إن للوليد فيه إسنادان، فلو كانت روايته عن يحيى محفوظة لما احتاج الحفاظ لغيرها، ولاشتُهرت وعُرفت في الشام –مخرج الحديث، وبلد الوليد بن مسلم- على الأقل، والله أعلم.
وجه آخر مخالف:
رواه النسائي في الكبرى (3/213 رقم 2785) عن أحمد بن إبراهيم بن محمد، عن إسحاق بن إبراهيم الفراديسي، ثنا معاوية بن يحيى أبومطيع، ثني أرطاة، سمعت أبا عامر، سمعت ثوبان وسئل عن صيام يوم السبت، قال: سلوا عبدالله بن بسر، قال: فسئل، فقال: صيام السبت لا لك ولا عليك.
وهذا موقوف فيه مخالفة جزئية للمتن السابق عند المتأمل، وإسناده شامي حسن: أحمد والفراديسي كلاهما دمشقي ثقة، ومعاوية بن يحيى الأطرابلسي الشامي ثقة صدوق، ذُكرت له أوهام، وأرطاة حمصي ثقة، وأبوعامر عبدالله بن غابر الأَلهاني حمصي صدوق.
وقال الألباني: إسناده جيد. (الصحيحة 225)
فهذا الموقوف أخرجه النسائي بعد سرد الطرق المرفوعة للحديث السابق إشارة منه لإعلاله ، والله أعلم.
وجه آخر:
قال أحمد (6/368) -ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (2/106): حدثنا يحيى بن إسحاق، أخبرنا ابن لهيعة، أخبرنا موسى بن وردان، عن عبيد الأعرج، قال: حدثتني جدتي أنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتغدى، وذلك في يوم السبت، فقال: تعالَي فكلي، فقال: إني صائمة، فقال لها: أصُمتِ أمس؟ فقالت: لا، قال: فكُلي فإن صيام يوم السبت لا لك ولا عليك".
أخرجه أحمد في مسند الصماء، فإما أنه يعتبر جدة عبيد هي الصماء، أو أنه أورده في مسندها إعلالا للمروي عنها في صيام السبت، والإمام أحمد منقولٌ عنه إعلال الحديث.
وهذا السند ضعيف: فيه ابن لهيعة، والراوي عنه لم يُذكر ضمن من كان يتتبع أصول ابن لهيعة الصحيحة، وقد رواه ابن لهيعة من وجه آخر:
قال أحمد (6/368): ثنا حسن بن موسى، ثنا ابن لهيعة، ثنا موسى، أخبرني عُبيد بن حُنين مولى خارجة، أن المرأة التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم السبت حدثته، أنها سألت رسول الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال: لا لك، ولا عليك.
وموسى بن وردان صدوق، فيه كلام يسير، وعبيد بن حنين ثقة، وهو غير عبيد الأعرج الوارد في السند الآخر، فهذا قال عنه ابن عبدالهادي: لا يُعرف. (وانظر التعليق على المسند 45/8 الرسالة)
فأكَّد الاختلاف أن ابن لهيعة لم يضبطه، والسند ضعيف على كلا الحالين، وضعف الإسناد شيخ الإسلام ابن تيمية (اقتضاء الصراط المستقيم 264)، وتلميذه ابن عبدالهادي (التنقيح 2/372)، والهيثمي (مجمع الزوائد 3/198)
تلخيص الطرق السابقة:
مخرج الحديث من حمص، واختلف أهلها في رواية الحديث عن عبدالله بن بسر على أوجه كثيرة، فرواه عنه خالد بن معدان، واختُلف عليه، فرواه عنه ثور بن يزيد، وعامر بن جشيب، ولقمان بن عامر، واختُلف على كل منهم.
أما ثور فروى جماعة عنه عن خالد، عن ابن بسر، عن أخته الصماء مرفوعا.
ورُوي عنه عن خالد، عن عن ابن بسر، عن أمه الصماء.
ورُوي عنه عن خالد، عن ابن بسر، عن عمته.
والمحفوظ عن ثور الرواية الأولى.
أما عامر بن جشيب فاختلف نفس الرواة في الإسناد إليه عن خالد، عن ابن بسر مرفوعا،
ومن الرواة عن عامر: لقمان بن عامر، ورُوي عن لقمان، عن خالد، عن ابن بسر، عن خالته الصماء،
ورُوي عن لقمان، عن خالد، عن ابن بُسر، عن أخته. ليس فيهما عامر بن جشيب.
وهذه الطرق الثلاثة اختلف فيها بقية بن الوليد والزبيدي الحمصيان.
واختلف على الزبيدي سوى ما سبق، فرُوي عنه عن فضيل بن فضالة، عن خالد، عن ابن بسر، عن أبيه، وهذا منكر.
وروي عنه، عن فضيل، عن ابن بسر، عن خالته الصماء. ليس فيه خالد بن معدان.
وثمة طريق رابع إلى خالد بن معدان، رواها عنه داود بن عبيد الله، عنه، عن ابن بسر، عن أخته، عن عائشة مرفوعا، وهذا منكر.
فالرواية عن خالد بن معدان مضطربة، وأمثلها رواية ثور عنه.
ورُوي الحديث عن حسان بن نوح، واختُلف عليه:
فروي عنه عن عبدالله بن بسر مرفوعا،
ورُوي عنه عن عمرو بن قيس، عن عبدالله بن بسر،
وروي عنه عن أبي أمامة مرفوعا.
ولم يتبين لي الراجح من هذه الروايات، وأرى أنه مضطرب كذلك.
والحديث رواه أيضا معاوية بن صالح عن ابن عبدالله بن بسر، عن أبيه، عن عمته، وهذا ضعيف.
وروي عن يحيى بن حسان عن عبدالله بن بسر مرفوعا، رواه عنه الوليد بن مسلم، وهذه رواية شاذة عنه.
ورُوي الحديث بلفظ مغاير عن أبي عامر الغبري، عن عبدالله بن بسر موقوفا عليه، وسنده جيد.
ورُوي باللفظ المغاير من طريقين عن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم، وكلا الطريقين اختلاف على راو ضعيف.
ورُوي من وجهين منكرين عن أبي أمامة مرفوعا، تقدم أحدهما.
فتحصل أن الحديث فيه اختلاف شديد، حتى إذا استبعدنا أحاديث ومخالفات الضعفاء يبقى الحديث مضطربا عن الثقات أنفسهم، وكلهم من بلد واحد، وقد نص النسائي وابن حجر على أن الحديث مضطرب، ومع الاختلاف والضعف في المرفوع نجد أنه رُوي موقوفا بإسناد نظيف ولفظ مختلف، فهاتان علتان تكفيان للقدح في الحديث، كيف وقد تتابع حُذّاق الأئمة على إنكار هذا الحديث منذ وقت مبكر؟
أقوال العلماء في الحديث:
من ضعف الحديث:
أقدم من وقفتُ عليه منهم حافظُ التابعين ابن شهاب الزهري، فروى أبوداود (2423 واللفظ له) والحاكم (1/436) والبيهقي (4/302) من طريق عبدالملك بن شعيب بن الليث، ثنا ابن وهب، سمعت الليث يحدث عن ابن شهاب، أنه كان إذا ذُكر له أنه نهي عن صيام يوم السبت يقول: هذا حديث حمصي.
ورواه الطحاوي (2/81) من طريق عبدالله بن صالح كاتب الليث، ثنا الليث بن سعد به بأتم منه، ولفظه: سئل الزهري عن صوم يوم السبت، فقال: لا بأس به، فقيل له: فقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في كراهته، فقال: ذاك حديث حمصي.
قال الطحاوي عقبه: فلم يعدّه الزهري حديثا يُقال به، وضعَّفه.
وهذا صحيح عن الزهري، وقد أطال الإمام الألباني في نقد معنى العبارة بعد تصحيح سنده للزهري (صحيح أبي داود الكبير 7/182)، ولكن أقول: سواء كان قصد الإمام الزهري التنكيت على أهل حمص أو لم يكن فإن مقصد كلامه الطعن في متن الحديث، وأنه لا أصل له صحيح عنده، ولهذا أورده الإمام أبوداود -وغيره- مُعلا به الخبر، ونص على هذا المعنى الطحاوي.
وكفى بهذا الحكم المتقدم من حافظ التابعين وأوسعهم رواية.
ولم ينفرد الزهري من المتقدمين بإعلاله، فروى أبوداود (4224) –ومن طريقه البيهقي- بسند رجاله ثقات عن الأوزاعي -وهو شامي- أنه قال عن الحديث: ما زلتُ له كاتما حتى رأيتُه انتشر.
وقال الألباني: صحيح مقطوع. (صحيح سنن أبي داود 2424 الصغير)
بل نقل أبوداود (2424) عن الإمام مالك قوله: هذا كذب.
وقال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد الله [يعني أحمد بن حنبل] يُسأل عن صيام يوم السبت يتفرد به؟ فقال: أما صيام يوم السبت ينفرد به فقد جاء في ذلك الحديث حديث الصماء. يعني حديث ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بسر، عن أخته الصماء، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم". قال أبوعبد الله: فكان يحيى بن سعيد ينفيه، وأبى أن يحدثني به، وقد كان سمعه من ثور. قال: فسمعته من أبي عاصم.
قال الأثرم: وحجة أبي عبدالله في الرخصة في صوم يوم السبت أن الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبدالله بن بسر.. ثم سرد الأثرم الأحاديث.
قال ابن تيمية عقبه: واحتج الأثرم بما دل من النصوص المتواترة على صوم يوم السبت، ولا يُقال يحمل النهي على إفراده، لأن لفظه: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم"، والاستثناء دليل التناول، وهذا يقتضي أن الحديث يعم صومه على كل وجه، وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثنى، فإنه لا إفراد فيه، فاستثناؤه دليل على دخول غيره، بخلاف يوم الجمعة، فإنه بيَّن أنه إنما نهى عن إفراده، وعلى هذا فيكون الحديث إما شاذا غير محفوظ وإما منسوخا، وهذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صحبوه، كالأثرم وأبي داود.. الخ كلامه.
ثم نقل ابن تيمية كلام وحجة من قواه، وخلص في النهاية إلى خلاف هذا الحديث. (اقتضاء الصراط المستقيم 2/72-75 وبعده إلى 81)، ونقله بطوله ابن القيم، وأقر كلام شيخه. (تهذيب السنن 3/297-298 وبعده إلى 301)، وإن كان مال في زاد المعاد إلى التوفيق بينه وبين الأحاديث المخالفة. (2/79-80)، وكذلك نقل ابن مفلح كلام شيخه ابن تيمية مختصرا جدا، وأقره. (الفروع 3/92 العلمية)
وعدّه الأثرم منسوخا (الناسخ والمنسوخ ص170)، وقال: إنه خالف الأحاديث كلها، وسردها، وكان الأثرم قد قال عن حديث آخر (151): الأحاديث إذا تظاهرت فكثرت كانت أثبت من الواحد الشاذ، كما قال إياس بن معاوية: إياك والشاذ من العلم، وقال إبراهيم بن أدهم: إنك إن حملت شاذ العلماء حملت شرا كثيرا، فالشاذ عندنا هو الذي يجيء بخلاف ما جاء به غيره، وليس الشاذ الذي يجيء وحده بشيء لم يجئ أحد بمثله ولم يخالفه غيره.
وقال أبوداود: هذا حديث منسوخ، وزاد في رواية ابن العبد: نَسَخه حديث جويرية، وقد أتبع أبوداود الحديث بحديث جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: صمتِ أمس؟ قالت: لا، فقال: أتريدين أن تصومي غدا؟ قالت: لا، قال: فأفطري.
وحدبث جويرية هذا رواه البخاري.
قلت: واحتج غيره بمخالفته لحديث أبي هريرة مرفوعا في الصحيحين: "لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا يوما قبله أو بعده". والذي بعد الجمعة هو السبت!
وانظر بقية الأحاديث المعارِضة للحديث –الخاصة والعامة- في الناسخ والمنسوخ للأثرم والاستقامة لشيخ الإسلام ابن تيمية.
وقال النسائي: الحديث مضطرب، نقله المنذري في مختصر السنن (3/300) وابن القيم في الزاد (2/79) وابن مفلح في الفروع (3/92) وابن الملقن في خلاصة البدر المنير (1/337) وابن حجر في التلخيص الحبير (2/216)، ولم أجده في موضعه من السنن الكبرى للنسائي، ولكن صنيعه وتطريقه للحديث يقتضيه.
وقال الطحاوي: إن الآثار المروية التي فيها إباحة صوم يوم السبت تطوعا "..هي أشهر وأظهر في أيدي العلماء من هذا الحديث الشاذ الذي قد خالفها".
وقال البيهقي في فضائل الأوقات (307): إن صح هذا الخبر.
وقال أبوبكر ابن العربي: وأما يوم السبت فلم يصح فيه الحديث، ولو صح لكان معناه مخالفة أهل الكتاب. (القبس شرح الموطأ 2/514)
وقال ابن حجر: الحديث معلول بالاضطراب. (التهذيب 8/174 ونحوه في بلوغ المرام 688)، وقال: الحديث فيه اضطراب شديد. (التهذيب 12/326)، وردَّ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/216) على من رجح بعض الأوجه في رواية الحديث قائلا: "لكن هذا التلون في الحديث الواحد بالإسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهن راويه وينبئ بقلة ضبطه، إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث؛ فلا يكون ذلك دالا على قلة ضبطه، وليس الأمر هنا، كذا بل اختلف فيه أيضا على الراوي عن عبد الله بن بسر أيضا".
والذي ردَّ على ترجيحه ابن حجر هو: الدارقطني، حيث قال بعد أن ذكر خمسة أوجه فقط من الاختلاف: والصحيح عن ابن بُسر عن أخته. (العلل 5/194/أ)
وكذا عبدالحق الإشبيلي، حيث رجح رواية ابن بُسر عن عمته (الأحكام الوسطى 2/225)، مع أنها رواية لم تثبت أصلا كما تقدم.
وقال سماحة الشيخ ابن باز: حديث منسوخ أو شاذ، لأن الأحاديث الصحيحة المحكمة قد دَلَّت على شرعية صيامه مع الجمعة أو مع الأحد في غير الفرض، وهي أحاديث صحيحة وكثيرة، وفيه علة أخرى أيضاً: وهي الاضطراب. (التحفة الكريمة 61)
من صحح الحديث:
قال الترمذي: حديث حسن، ومعنى كراهته في هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام، لأن اليهود تعظم يوم السبت.
وأورده ابن السكن في صحاحه (البدر المنير 5/760)، وكذا ابن خزيمة، وابن حبان، والضياء.
وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، وقال إنه معارَض بإسناد صحيح.. فذكر حديثي جويرية وأم سلمة في صيام السبت.
ووجَّه عبدُالحق الإشبيلي تكذيب الإمام مالك بقوله: ولعل مالكا رضي الله عنه إنما جعله كذبا من أجل رواية ثور بن يزيد الكلاع، فإنه كان يُرمى بالقدر، ولكنه كان ثقة فيما روى، قاله يحيى وغيره، وقد روى [عنه] الجلة، مثل يحيى بن سعيد القطان وابن المبارك والثوري وغيرهم. (الأحكام الوسطى 2/225)
قلت: التوجيه الذي قاله بعيد متكلَّف، لأن مالكا لم ينفرد بإعلال الحديث، ثم إن يحيى القطان نفسه قد أنكره من رواية ثور خصوصا، وأقره الإمام أحمد.
وقال الموفق ابن قدامة: حديث حسن صحيح. (الكافي 1/363)
وتعقب النووي والشمس ابن عبدالهادي قول أبي داود بالنسخ وتكذيب مالك للحديث. (المجموع 6/451 والمحرر 647)
وقال الذهبي عن طريق ثور: إسناد صالح حسن. (مهذب سنن البيهقي 4/1681)، وقال عن طريق حسان بن نوح عند النسائي: إسناد صالح. (تاريخ الإسلام 10/126)، وقال أيضا: يحمل الحديث على أنه كان يصوم معه يوما. (تنقيح التحقيق 1/396)
وقال الشمس ابن مفلح عن إسناد أبي عاصم عن ثور: سنده جيد. قلت: هذا حكمه على ظاهر الإسناد، ثم نقل إعلال الأئمة للمتن، وأقر كلام شيخه ابن تيمية في أن المتن شاذ أو منسوخ.
وقال العراقي: حديث صحيح. (الأربعون العشارية 17)
وقال ابن الملقن: والحق أنه حديث صحيح غير منسوخ. (البدر المنير 5/763)، ونص أنه يُحمل على إفراد السبت فقط.
وهنا تنبيه مهم: فعلى فرض ثبوت الحديث وأنه غير منسوخ فهذا أغلب من صححه رأى أن النهي ليس مطلقا، بل هو مخصوص بإفراد السبت، وبعضُهم نص أنه معارَض بالصحيح، فينبغي لمن يحتج بتصحيحهم أن يراعي فقههم للحديث، فإنه لذلك لم يستنكروه.
ثم انتصر الألباني لتصحيح الحديث في إرواء الغليل (رقم 960) وعدد من كتبه، وقلَّده جماعة من المعاصرين.
وقد صحح الإمام الألباني الحديث اعتمادا على ما وقف عليه من طرقه، فبنى ترجيحه على اجتهاده في دراستها، ولكن بالتوسع في التخريج نجد أن عدة أوجه واختلافات لم يخرّجها رحمه الله، ولعله لذلك لم تتبين له قوة الاضطراب على حقيقته، فربما لو رآها وقت تخريجه للحديث لكان تغير ترجيحه، فرحمه الله تعالى، وجزاه عن السنة وأهلها خيرا.
خلاصة البحث:
ظهر لديَّ أن الحديث لا يصح لاضطرابه، ولو لم يكن مضطربا فهو شاذ، وإن سلم منه فهو منسوخ، مع التنبيه أن غالب من تساهل وصحح الحديث لم يأخذ بظاهره، بل حمله على إفراد السبت بالصوم، والله تعالى أعلم.
وقد أفرد موضوع الحديث بالتصنيف عدة، منهم ابن حجر في رسالته: القول الثبت في صيام السبت، وغير واحد من المعاصرين
المرجع :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=136223 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=136223)
جزاك الله خيرا أخي أبو جابر ونفعك بك ...
هده المسألة كما هو معروف عند أهل العلم من المسائل التي كثر الكلام فيها ما هو حكمه؟ (أي صيام يوم السبت).
هل هو منهي عنه لداته؟أم لتخصيصه وإفراده؟ فأختلفلت لدالك الآرء وتباينت الأقوال.
1- قال الطحاوي في" شرح معاني الآثار" 2/80 بعد روايته الحديث " فدهب قوم إلى هدا الحديث فكرهوا صوم يوم السبت تطوعا".
2- قال بن رشد في بداية المجتهد 5/216/217 .....وأما المختلف فيها فأيام التشريق ويوم الشك ويوم الجمعة ويوم السبت...
3- قال شيخ الإسلام في "إقتضاء الصراط المستقيم" عندما ورد دكر مسألة صيام يوم السبت والحديث الوارد فيها .
وقد إختلف العلماء وسائر الأصحاب فيه .
فهده نقول علمية ترد قولك إن كان مطلقا أخي جابر
أما مسألة النسخ فلا تقبل إلابدليل , فلا دليل هنا عن النسخ بل وأزيد هنا فائدة لأخي أبو جابر
أن النسخ فرع عن التصحيح أي الحديث صحيح عند أبي داود
أبو جابر الجزائري
2010-03-04, 07:41
جزاك الله خيرا أخي أبو جابر ونفعك بك ...
هده المسألة كما هو معروف عند أهل العلم من المسائل التي كثر الكلام فيها ما هو حكمه؟ (أي صيام يوم السبت).
هل هو منهي عنه لداته؟أم لتخصيصه وإفراده؟ فأختلفلت لدالك الآرء وتباينت الأقوال.
1- قال الطحاوي في" شرح معاني الآثار" 2/80 بعد روايته الحديث " فدهب قوم إلى هدا الحديث فكرهوا صوم يوم السبت تطوعا".
2- قال بن رشد في بداية المجتهد 5/216/217 .....وأما المختلف فيها فأيام التشريق ويوم الشك ويوم الجمعة ويوم السبت...
3- قال شيخ الإسلام في "إقتضاء الصراط المستقيم" عندما ورد دكر مسألة صيام يوم السبت والحديث الوارد فيها .
وقد إختلف العلماء وسائر الأصحاب فيه .
فهده نقول علمية ترد قولك إن كان مطلقا أخي جابر
أما مسألة النسخ فلا تقبل إلابدليل , فلا دليل هنا عن النسخ بل وأزيد هنا فائدة لأخي أبو جابر
أن النسخ فرع عن التصحيح أي الحديث صحيح عند أبي داود
وفيكم بارك الله أخي الوادعي،
أرجوا منكم توضيح عباراتكم " فهذه نقول عليمة تردّ قولكم " ، لم أفهم وجه استدلالكم بهذه النقولات، وأنا لم أبديء أيّ رأي في المسألة حتى يكون لي قول، وإنما أنا ناقل فقط لأقوال علماء أثبات.
أم مسألة نسخ الحديث فلم يصدر من شخص عامي، بل هو قول أبو داود صاحب السنن العالم بالسنّة وما أدراك من هو.
أرجوا كذلك زيادة في التوضيح في وجه الاستدلال بهذه القاعةد :
أن النسخ فرع عن التصحيح أي الحديث صحيح عند أبي داود
وحياكم الله
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir