أمين إسلام
2010-05-09, 16:17
21_ المحافظة على الوقت:
فالوقت هو عمر الإنسان، ومِنْ أَجَلِّ ما يصان عن الإضاعة والإهمال، والحكيم الخبير مَنْ يحافظ على وقته، فلا يتخذه وعاء لأبخس الأشياء، وأسخف الكلام، بل يَقْصُرُه على المساعي الحميدة التي ترضي الله، وتنفع الناس؛ فكل ساعة من ساعات عمرك قابلة لأن تضع فيها حجراً يزداد به صرح مجدك ارتفاعاً، ويقطع بها قومك في السعادة باعاً أو ذراعاً.
فإن كنت حريصاً على أن يكون لك المجد الأسمى، ولقومك السعادة العظمى فَدَع الراحة جانباً، واجعل بينك وبين اللهو حاجباً.
وإذا رجعنا البصر في تاريخ النوابغ الذين رفعوا للحكمة لواءً وجدناهم يبخلون بأوقاتهم أن يصرفوا شيئاً منها في غير درس، أو بحث، أو تحرير.
قال ابن عقيل: " إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة، وبصري عن مطالعة _أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره "
وقال: " إني أقْصر بغاية جهدي أوقات أكلي، حتى أختار سفَّ الكعك وتَحَسِّيه بالماء على الخبز؛ لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ؛ توفراً على مطالعة، أو تسطير فائدة لم أدركها فيها "
ولهذا خلف آثاراً عظيمة؛ فله كتاب الفنون، الذي قيل عنه: إنه بلغ ثمانمائة مجلدة.
فإذا كان الوقت بهذه المكانة فأجدر بالمعلم أن يحافظ عليه أشد المحافظة، وألا ينفق ساعات عمره إلا بما يعود عليه وعلى طلابه بالنفع، وأن يحذر غاية الحذر من إضاعة الوقت بما لا ينفع فضلاً عما يضر.
ومما يحسن تنبيه المعلمين عليه في هذا الشأن أن يتجنبوا ما يلي:
أ_ التأخر عن الدرس بلا مسوغ:
فذلك ينتج عنه الإخلال بالأمانة، وترك الطلاب فوضى بلا رقيب ولا حسيب.
كما ينتج عنه إضاعة الدرس، وحرمان الطلاب من الفائدة.
ب_ الغياب بلا عذر:
فلا يجوز أن يغيب بلا عذر؛ لأن في ذلك تفريطاً وإخلالاً،
جـ _شغل الدرس بما لا ينفع:
وذلك كأن يتشعب المعلم في أحاديث لا طائل تحتها، ولا فائدة ترجى من ورائها.
د_ قلة الاستفادة من الاجتماعات:
فالمعلمون كثيراً ما يجتمعون، ويلتقي بعضهم ببعض، واللائق بهم أن يكون اجتماعهم غنيمة يتعلم فيها بعضهم من بعض، ويتطارحون المسائل العلمية النافعة، ويتحدثون عن مشكلات الطلاب وحلولها، ومحاولة الارتقاء بالطلاب إلى الأكمل والأمثل، أو ما شاكل ذلك مما ينبغي لهم أن يأخذوا به؛ فهذا هو اللائق بهم، والمؤمل فيهم؛ إذ لا يليق بهم أن تضيع أوقاتهم سدى، فضلاً عن أن تضيع بالقيل والقال، والاشتغال بالناس؛ فذلك مما يَذْهَبُ ببهجة العلم ونوره.
بل يجمل بهم أن يترفعوا عن الاسترسال في أمور الحياة العامة، كالإغراق في الحديث عن النساء - أو الرجال - ، وأخبار المتزوجين، أو الحديث عن الأطعمة، وألوانها ، والكرة ومشاكلها ، والسياسة ودهاليزها ، والأجرة ووقت دخولها - الجيب - رغم أنها داخلة لامحالة بل ومصروفة بلا هوادة .
قال الأحنف بن قيس: " جنبوا مجالسنا ذكر النساء والطعام؛ إني أبغض الرجل يكون وصَّافاً لفرجه وبطنه "
وقال الشيخ محمد الخضر حسين: " وإنه ليعظم في عينك الرجل بادئ الرأي، حتى تحسبه واحداً من رجال الأمة؛ فما يروعك إلا وقد أخذ يسوق إليك حديث الأطعمة، ويُشَخِّص لك هيئاتها يحللها تحليلاً كيماوياً، ثم يطبخها بلسانه مرة أخرى.
وإن لِفِقْهِ النفس أثراً عظيماً في تعديل المخاطبات وتحسين العادات "
هـ _ تأجيل الأعمال عن وقتها الحاضر:
إما هروباً منها، أو تكاسلاً في أدائها، فهذا لا يحسن بالمعلم؛ فالعمل الذي يؤجل قلَّ أن يُعْمل، وإذا عُمِل فقلَّ أن يُعْمل بإتقان كما لو كان في وقته، وإذا عمل في غير وقته ولو بإتقان أثَّر _في الغالب_ على أعمال أخرى.
فينبغي للمعلم أن يحزم أمره، وأن يؤدي عمله بكل جد، وأن يغتنم كل فرصة ولو قلَّت؛ ليعمل بها ما تيسر ولو كان قليلاً؛ فذلك مما يبعث نشاطه، ويريحه من تراكم الأعمال.
قال ابن المقفع: " إذا تراكمت عليك الأعمال فلا تلتمس الرَّوْح بالروغان منها؛ فإنه لا راحة لك إلا في إصدارها.
وإن الصبر عليها هو الذي يخففها عنك، والضجر هو الذي يراكمها عليك"
وقال ابن حزم: " لا تحقر شيئاً من عمل غدٍ أن تحققه بأن تعجله اليوم وإن قلَّ؛ فإن قليل الأعمال يجتمع كثيرها، وربما أعجز أمرها عند ذلك فيبطل الكل"
فالوقت هو عمر الإنسان، ومِنْ أَجَلِّ ما يصان عن الإضاعة والإهمال، والحكيم الخبير مَنْ يحافظ على وقته، فلا يتخذه وعاء لأبخس الأشياء، وأسخف الكلام، بل يَقْصُرُه على المساعي الحميدة التي ترضي الله، وتنفع الناس؛ فكل ساعة من ساعات عمرك قابلة لأن تضع فيها حجراً يزداد به صرح مجدك ارتفاعاً، ويقطع بها قومك في السعادة باعاً أو ذراعاً.
فإن كنت حريصاً على أن يكون لك المجد الأسمى، ولقومك السعادة العظمى فَدَع الراحة جانباً، واجعل بينك وبين اللهو حاجباً.
وإذا رجعنا البصر في تاريخ النوابغ الذين رفعوا للحكمة لواءً وجدناهم يبخلون بأوقاتهم أن يصرفوا شيئاً منها في غير درس، أو بحث، أو تحرير.
قال ابن عقيل: " إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة، وبصري عن مطالعة _أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره "
وقال: " إني أقْصر بغاية جهدي أوقات أكلي، حتى أختار سفَّ الكعك وتَحَسِّيه بالماء على الخبز؛ لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ؛ توفراً على مطالعة، أو تسطير فائدة لم أدركها فيها "
ولهذا خلف آثاراً عظيمة؛ فله كتاب الفنون، الذي قيل عنه: إنه بلغ ثمانمائة مجلدة.
فإذا كان الوقت بهذه المكانة فأجدر بالمعلم أن يحافظ عليه أشد المحافظة، وألا ينفق ساعات عمره إلا بما يعود عليه وعلى طلابه بالنفع، وأن يحذر غاية الحذر من إضاعة الوقت بما لا ينفع فضلاً عما يضر.
ومما يحسن تنبيه المعلمين عليه في هذا الشأن أن يتجنبوا ما يلي:
أ_ التأخر عن الدرس بلا مسوغ:
فذلك ينتج عنه الإخلال بالأمانة، وترك الطلاب فوضى بلا رقيب ولا حسيب.
كما ينتج عنه إضاعة الدرس، وحرمان الطلاب من الفائدة.
ب_ الغياب بلا عذر:
فلا يجوز أن يغيب بلا عذر؛ لأن في ذلك تفريطاً وإخلالاً،
جـ _شغل الدرس بما لا ينفع:
وذلك كأن يتشعب المعلم في أحاديث لا طائل تحتها، ولا فائدة ترجى من ورائها.
د_ قلة الاستفادة من الاجتماعات:
فالمعلمون كثيراً ما يجتمعون، ويلتقي بعضهم ببعض، واللائق بهم أن يكون اجتماعهم غنيمة يتعلم فيها بعضهم من بعض، ويتطارحون المسائل العلمية النافعة، ويتحدثون عن مشكلات الطلاب وحلولها، ومحاولة الارتقاء بالطلاب إلى الأكمل والأمثل، أو ما شاكل ذلك مما ينبغي لهم أن يأخذوا به؛ فهذا هو اللائق بهم، والمؤمل فيهم؛ إذ لا يليق بهم أن تضيع أوقاتهم سدى، فضلاً عن أن تضيع بالقيل والقال، والاشتغال بالناس؛ فذلك مما يَذْهَبُ ببهجة العلم ونوره.
بل يجمل بهم أن يترفعوا عن الاسترسال في أمور الحياة العامة، كالإغراق في الحديث عن النساء - أو الرجال - ، وأخبار المتزوجين، أو الحديث عن الأطعمة، وألوانها ، والكرة ومشاكلها ، والسياسة ودهاليزها ، والأجرة ووقت دخولها - الجيب - رغم أنها داخلة لامحالة بل ومصروفة بلا هوادة .
قال الأحنف بن قيس: " جنبوا مجالسنا ذكر النساء والطعام؛ إني أبغض الرجل يكون وصَّافاً لفرجه وبطنه "
وقال الشيخ محمد الخضر حسين: " وإنه ليعظم في عينك الرجل بادئ الرأي، حتى تحسبه واحداً من رجال الأمة؛ فما يروعك إلا وقد أخذ يسوق إليك حديث الأطعمة، ويُشَخِّص لك هيئاتها يحللها تحليلاً كيماوياً، ثم يطبخها بلسانه مرة أخرى.
وإن لِفِقْهِ النفس أثراً عظيماً في تعديل المخاطبات وتحسين العادات "
هـ _ تأجيل الأعمال عن وقتها الحاضر:
إما هروباً منها، أو تكاسلاً في أدائها، فهذا لا يحسن بالمعلم؛ فالعمل الذي يؤجل قلَّ أن يُعْمل، وإذا عُمِل فقلَّ أن يُعْمل بإتقان كما لو كان في وقته، وإذا عمل في غير وقته ولو بإتقان أثَّر _في الغالب_ على أعمال أخرى.
فينبغي للمعلم أن يحزم أمره، وأن يؤدي عمله بكل جد، وأن يغتنم كل فرصة ولو قلَّت؛ ليعمل بها ما تيسر ولو كان قليلاً؛ فذلك مما يبعث نشاطه، ويريحه من تراكم الأعمال.
قال ابن المقفع: " إذا تراكمت عليك الأعمال فلا تلتمس الرَّوْح بالروغان منها؛ فإنه لا راحة لك إلا في إصدارها.
وإن الصبر عليها هو الذي يخففها عنك، والضجر هو الذي يراكمها عليك"
وقال ابن حزم: " لا تحقر شيئاً من عمل غدٍ أن تحققه بأن تعجله اليوم وإن قلَّ؛ فإن قليل الأعمال يجتمع كثيرها، وربما أعجز أمرها عند ذلك فيبطل الكل"