تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الـتعـلـيـم .... طـبـع أم تـلـقـيـن ...!..


حميدي البشير
2010-05-07, 18:23
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين ؛
سيدنا محمد عليه أفضل الصلاه وأتم التسليم .... أما بعد

الـتعـلـيـم .... طـبـع أم تـلـقـيـن ...!..
عاد من بريطانيا فسألوه عن أعجب ما شاهد فيها، فقال : أطفالهم يتحدثون الانجليزية بطلاقة !! ولم يكن الرجل بهذه السذاجة، لأنه أدرك بإحساسه أن وراء هذه الظاهرة العظيمة مدرسة عظيمة، هي الأم التي تطبع لسانها بكل مفرداته وقواعده على لسان صغارها، ولو كانت لا تقرأ ولا تكتب، لا يمنحها من النجاح في ذلك إلا إذا ولد الصغير أصماً، من أجل ذاك كنت أقول لزملائي في الجامعة :إذا رسب التلميذ فنظام التعليم نظام فاسد، لأنه يقوم على تلقين المعلومة، ثم يسأل التلميذ عنها ويحاسبه عليها، ولا يقوم على مناهج الأم التي تطبع العلم على قلب صغيرها، لينطلق به في الآفاق عالماً بكل تفاصيله الدقيقة بدون سؤال ولا حساب. والامتحان هو أسوأ وأقسى ما في نظم التعليم السائدة، وهو المسؤول عن معظم المظاهر السلبية، والأمراض النفسية، ومنها على سبيل المثال : الغش، والخوف، والاكتئاب، والإحساس بالظلم والهوان، ولو أننا طلبنا من كل أستاذ جامعي أن يمتحن زملاءه في مادته، بدون أن يعود أحدهم إلى ما كان عليه في أيام الدراسة ولياليها المضنية ، لرسبوا جميعاً، إن الشهادة الجامعية لا تعني أكثر من أن صاحبها أفلت بطريقة أو بأخرى من مصيدة الامتحان. وكان الصغير ينتقل من مدرسة الأم ناطقاً بلسان مطبوع، إلى الكُتّاب بالمجان أو إلى المدرسة الأولية بالمصاريف لتتطبع على قلبه القراءة، والكتابة، وحفظ بديع القول من القرآن الكريم، وأجمل الكلام من شعر العرب ونثرهم، وجدول الضرب وعمليات الحساب الأربع، كل أولئك على طريقة الأم المثلى بطبع لا تلقين فيها ولا امتحان، وكان الكُتّاب أو المدرسة الأولية تمنح الصغير الذي يكون قد بلغ ستة أو سبعة أعوام شهادة إضافية ذات معنى وبيان بأنه " يقرأ، ويكتب، ويحفظ النصوص، ويتقن العمليات الحسابية الأربع". حينئذ لا تُفتح له أبواب المدرسة الابتدائية " أربع سنوات" ومن ورائها المدرسة الثانوية "خمس سنوات" على مصراعيها، بل يسأل عن القراءة والكتابة وعمليات الحساب، فإذا أخطأ فيها خطأ نحوياً واحداً كالذي يقع فيه بغير حرج الذين يتخرجون اليوم في الجامعة، طُلب من ولي أمره أن يعيده إلى المدرسة الأولية لمدة سنة أخرى، أو أن يبعث به إلى مدرسة من مدارس الحرف. وفي المدرستين الابتدائية والثانوية، كان المعلم أشد حرصاً على طبع العلم على قلوب تلاميذه، من تلقينهم المعلومة على عواهنها، لأن المنظومة التعليمية كانت ما تزال متصلة بمدرسة الأم التطبيعية، ومتأثرة بأساليبها، ولسان حال المعلم يومئذ: ما لى لا أطبع مادتي على قلب هذا التلميذ، مثلما طبعت أمه لسانها على قلبه! فكان رحمه الله يطبع العلم أكثر مما يلقنه، ويختبر التلميذ به أكثر مما يمتحنه فيه. وبانقطاع الكُتّاب والمدرسة الأولية، انقطع حبل التعليم بطريقة الطبع، وأصبح محض تلقين، ولم تعد الأم هي النموذج الأمثل في المنظومة التعليمية، وربما لمس البرفسور ريموند مور ظاهر هذه الحقيقة، فقد توصل في بداية الثمانينيات، على رأس فريق من خبراء التعليم، وبعد دراسة ثمانين ألف حالة إلى أن السن المناسبة لدخول المدرسة هي ثمانية أعوام للمتفوقين، وعشرة أعوام للعاديين، لأن الطفل ـ بزعمه ـ في هذه السن المبكرة يكون أقل قدرة على "التحصيل والاستيعاب" بسبب ضعف قدراته العقلية والنفسية والعصبية وعدم اكتمال حواسه السمعية والبصرية، وخلص من ذلك إلى أن الطفل قبل ثمانية أعوام، يكون أكثر حاجة إلى رعاية أبوية في البيت من وجوده في المدرسة التي ترهقه قبل الأوان ـ بزعمه ـ بدروس القراءةوالكتابة والحساب ! القضية ليست قضية "تحصيل واستيعاب" !! لأن التحصيل والاستيعاب يتم بأساليب الطبع الفطري في مدرسة الأم منذ العام الأول من ولادته، وإنما تكمن القضية في أفضل الوسائل التي تكفل قيام نظام التعليم على هذه الأساليب، أو على محاولة الاقتراب منها ولو شيئاً قليلاً، إن الذي يجعل المدرسة ظلاً كئيباً، وهماً ثقيلاً، أن الطفل يتحول فيها من أساليب الطبع الفطري، إلى أساليب التلقين والامتحان، وكانت المدارس الخاصة في الأربعينيات تقدم تجارب رائدة في محاولة الاقتراب من مدرسة الأم، أحضان دافئة، وجبة إفطار، تربية بدنية، فنون موسيقية، ومسرحية، ورسم ونحت، ومدرس أنيق بقيافة كاملة يطبع مادته على قلب تلاميذه بأكثر مما يعمد على تلقينها، ويتحسس مقدرة التلميذ على تحصيلها واستيعابها، دون أن يشعره بأنه يمتحنه فيها، كل ذلك مقابل رسوم مدرسية تقل بكثير عن قيمة درس خصوصي في مادة واحدة من مواد التلقين والقهر والتعذيب والجهالة الشاملة. وتعبيراً عن الحنين إلى البيت، يحتفل الأمريكيون يوم الأحد الثالث من شهر يونية بعيد الآباء، وذلك منذ سنة 1935، وتشدو المطربة الأمريكية جين مورجان في هذا اليوم بأغنيتها الجميلة في هذه المناسبة بقولها : "قلبي لأبي". ألا وإن الأم مدرسة إذا أتبعتها ، أعددت مدرسةً لا يشق لها غبار.
تحياتى للجميع .. منقوووووول

abou wassim
2010-05-07, 19:23
نعم هذا صحيح

لحسن75
2010-05-07, 20:38
جزاك الله خيرا