تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هام للغاية


روح الفؤاد
2010-04-30, 14:10
السلام عليكم
أرجو الافادة,المشروع 04في مادة اللغة العربية ص 174
والذي موضوعه كالتالي :جمع بعض مراثي الممالك و المدن الاندلسية و إستخراج خصائص الوصف منها.
الرجاء الافادة في أقرب وقت.تقبلو رجائي و إمتناني.
شكرا مسبقا :19:

احساس2009
2010-04-30, 17:05
مما يلفت النظر شيوع الشعر في المجتمع الأندلسي، إذ لم يكن الشعر وقفًا على الشعراء المحترفين، وإنما شاركهم في ذلك الأمراء والوزراء والكتاب والفقهاء والفلاسفة والأطباء وأهل النحو واللغة وغيرهم، فالمجتمع الأندلسي بسبب تكوينه الثقافي القائم على علوم العربية وآدابها، ثم طبيعة الأندلس التي تستثير العواطف وتحرك الخيال، كل ذلك جعل المجتمع يتنفس الشعر طبعاً وكأنما تحول معظم أهله إلى شعراء.

اتجاهاته:اتجه الشعر في الأندلس إلى ثلاثة اتجاهات، الاتجاه المحافظ الذي يهتم بالموضوعات التقليدية ويتبع منهج القدماء في بناء القصيدة من حيث الأسلوب البدوي، حيث تحوي ألفاظه جزالة وعبارات لا تخلو من خشونة وحوشيّة، أما بحوره فطويلة وقوافيه غنائية، ويحتذي هذا الاتجاه نماذج المشرق.
أما الاتجاه الثاني فهو المحدث، وهو الاتجاه الذي حمل لواءه بالمشرق مسلم بن الوليد وأبو العتاهية وغيرهما, من دعاة التجديد، الذين ثاروا على الاتجاه المحافظ وطرقوا موضوعات جديدة بأسلوب متنوع، خالفوا فيه طريقة القدماء في بناء القصيدة، وعرفت الأندلس هذا الاتجاه على يد عباس بن ناصح، حيث نقله من المشرق، وتمثل الاتجاه المحدث في الأندلس باهتمامه بأغراض لم تكن قائمة بذاتها في القصيدة من قبل، فظهرت القصائد بأسلوب قصصي لا يخلو من روح الدعابة والسخرية، أما صوره فتتألّف من عناصر حضرية في لغة يسيرة الألفاظ وإيقاع يميل إلى البحور القصيرة والقوافي الرقيقة، ويعد الشاعر يحيى بن حكم الغزال من أشهر رواد هذا الاتجاه.

وآخر هذه الاتجاهات هو الاتجاه المحافظ الجديد الذي ظهر في المشرق بسبب تطرف الاتجاه المحدث ومن ثم هو محاولة لإعادة الشعر العربي إلى طبيعته وموروثه دون جمود أو بداوة، وقد عمد هذا الاتجاه إلى الإفادة من رقي العقل العربي بما بَلَغَتْه الثقافة العربية الإسلامية من نهضة واسعة في مجتمع توفرت له أسباب الحضارة، وكان هذا الاتجاه محافظًا في منهج بناء القصيدة ولغتها وموسيقاها وقيمها وأخلاقها وروحها، ولكنه مجدد في المضمون وفي معاني الشعر وصوره وأسلوبه، ويمثل أبو تمام والبحتري والمتنبي دعائم هذا الاتجاه في المشرق، وقد عرفت الأندلس هذا الاتجاه على يد نفر من الأندلسيين رحلوا للمشرق وعادوا للأندلس بأشعار البحتري وأبي تمام، وكانت فترة الخلافة في ذروة نضجها، إذ كان المجتمع الأندلسي في هذه الفترة قد تجاوز الانبهار بالمستحدثات الحضارية التي بهرت شعراء القرن الثاني وأصبح أكثر استقراراً وتعقلاً، ومن أعلام هذا الاتجاه ابن عبد ربه وابن هانئ والرمادي وغيرهم.

إن بلاد الأندلس ذات طبيعة ساحرة خلابة, بل هي من أجمل بقاع الأرض,فهناك السهول الخضراء والجبال المكسوة بالأشجار,والأنهار المتدفقة,والمياه العذبة,والنسيم العليل.
وكانت مضرب المثل في الجمال والنظافة ومظاهر المدنية، وكانت طبيعة الأندلس تخلب
الألباب بمروجها الخضر وأشجارها الجميلة وأزهارها الفواحة وأنهارها الرقراقة المتدفقة.وقد كانت الأندلس درة الحضارة الإِسلامية في أوربا،لا من حيث الطبيعة فقط وإنما من حيث جمالها العمراني ,الذي اخذ حليته من الطبيعة التي تحيط به.
وقد أحب الأندلسيون بلادهم ومدنها فتغنوا بِها وكتبوا شعراً خلد أسماء مدنهم مما يدل على إن كل واحد منهم كان متعلقاً ببلدته ويشتاق ويحن إليها إذا ما غاب عنها, ومما قاله الشعراء قول الرقيق ابن خفاجة في وصف الأندلس وجمال طبيعتها:
إن للـجنة بالأنـدلسِ مجتلــى حبٍ وريَّا نَفـَسِ.
فسنــا صُبْحَتِـها مـن شنبٍ ودجى ليلتها من لَعَسِ.

وقال شاعر آخر:
حـبذا أنـدلسٍ من بـلدٍ لم تـزل تنتج لـي كل سـرورْ طـائرٌ شادٍ وظـلٌ وارفٌ ومـياهٌ سائحـاتٌ وقـصــورْ

وتنعم البيئة الأندلسية بالجمال , وتصطبغ بظلال, وارفة, و ألوان ساحرة, تتنفس بجو عبق عطر يضاعف من روعته وبهائه ما يتخلل جنباتها من مواطن السحر,ومظاهر الفتنة التي تبعث الانبهار والدهشة في النفوس. وقد أنعكس ذلك في شعر الأندلسيين بشكل عام, حيث ازدحم بصور متنوعة ملونة تمثل البيئة الطبيعية في هذه الرقعة المسماة بالأندلس. ومن هنا تشكلت صورة الأندلس في الأذهان متقاربة في أوصافها وألوانها وقسماتها...
هذه الصورة على العموم تأخذ عطرها وعبقها وملامحها وألوانها من الطبيعة, فهي أقرب إلى لوحة فنية ناطقة, إنها بستان زاهٍ أو حديقة غناء أو واحة خضراء.
وهذا ولا شك ما جعل الوصف من ابرز أغراض الشعر عند شعراء الأندلس،حيث تهيائت لهم أسباب الشعر وتوفرت لديهم دواعيه...
وقد عبّر ابن خفاجة أشهر شعراء الطبيعة في الأندلس عن هذه الصلة فقال:

يا أهـــــــــــل أندلـس للـه درُّكمُمـاءٌ وظـــــــــلٌ وأنهار وأشجارما جنة الخــــــــلد إلاّ في دياركمُ
ولو تخيرت هــــــــذا كنت أختار


الوصف
يعد من افضل اغراض الشعر العربي,وأقربها إلى النفوس،ومن طبيعة الشاعر لا يقول الوصف الأ وهو واسع الخيال لديه القدرة على والاستطاعة على تصوير المحسوس, إلى صوراً حية,للسامع وكأنه يراه إمامه،ولابد من وجود الحوافز,والمواقف التي تثير مشاعر الشاعر وتجعله يبدع في الوصف...فلذالك عرف الوصف عند الأندلسيين بكثرة الحوافز الطبيعية والأحداث المتتالية.

تعريفه:هو إظهار أو استحضار شئ , أو مكان,أو حيوان, أو إنسان, لا يقع تحت نظر القارئ عبر التصوير اللغوي إما بأسلوب نقلي يكون فيه التصوير معادلا للموضوع الموصوف, وإما بأسلوب ملون بالعاطفة والخيال,ما يجعل التعبير يتجاوز الموضوع الموصوف,اذ يعاد خلقه وفقا لرؤية الذات المعاينة.
ويعد الوصف من الأغراض الأصيلة في الشعر العربي، حيث طرقوا به كل ميدان قرب من حسهم أو إدراكهم أو قام في تصورهم.ولذا لم يكن عجيباً إن يقبل شعراء الأندلس عليه أكثر من إقبالهم على أي غرض.
وقد اشتدت عنايتهم به، حتى اتسعت دائرته لكل ما وقع تحت أعينهم، وخاصة وصف المناظر الطبيعية، والمشاهد الكونية،كالرياض، والثمار، والأزهار، والطيور، والبحار، والأنهار، وأفردوا للوصف القصائد، أو حلوا صدورها به، وربطوا بين وصف الطبيعة وسائر الفنون الشعرية.

وصف الطبيعة في الشعر الأندلسي ..احتوى الشعر الأندلسي على فنونا شعرية لا تكاد تختلف عن الأنواع الموجودة في المشرق فقد كان هناك فخرا ومدحا ورئاء وغزل وقد تفرد الأندلسيون بنظم الموشح نحواً من ثلاثة قرون أنتقل بعدها إلى الشرق وقد جددوا بكثير من الأغراض الشعرية المستمدة من الواقع الأندلسي وجددوا حتى بطريقة بناء القصيدة فيما يتعلق بالوزن والقافية كما يتضح ذلك في شعر الموشحات.
ومن أهم الأغراض الشعرية التي تميز بها الأندلسيون:
أ‌. وصف الطبيعة.
ب‌. الغزل .
ج .الخمريات .
د. رثاء الدول.
هـ . الورديات والزهرياتولعل مايهمنا في هذا المقام هو الحديث عن شعر وصف الطبيعة:
لم يكن وصف الطبيعة فنا مقصورا ومحصورا في بيئة المغاربة والأندلسيون , بل وجد وبشكل كبير عند البغداديون والمشاركة بشكل عام , حيث وجد عند ابن الرومي والبحتري والصنوبري, وكانت هذه الأسماء لامعه ساطعة في سماء وصف الطبيعة .
ولكن كان لهذه الطبيعة الساحرة أثرها الكبير في خصب عقول الأندلسيين ورفاهية حسهم , ورقة تصويرهم , وسعه خيالهم , ومما ساعد على ازدهار شعر الطبيعة في الأندلس غير الطبيعة نفسها الحياة اللاهية التي عاشها الشعراء, نتيجة التحرر والانطلاق في مجمع الأندلس , لذا كان الشاعر يعتبر الطبيعة مسرحا لحياته اللاهية , وفي أحضانها كان يستسلم للهوه وحبه وخمره , فعكف على تصوير لهوه وعبثه في مجال الطبيعة , وكان ممتزجا بها متفاعلا معها.
مظاهر وصف الطبيعة في الأندلس :
لم يترك الشاعر الأندلسي مظهر من مظاهر الطبيعة أحسه بحواسه وتفاعل معه بمشاعره إلا وصوره وأبدع التصوير ووصفه فأحسن الوصف فوصف الرياض بما فيه من خضرة وحمرة وصفرة وشذا وعبير , وهذا ابن خفاجه استولت على لبه الحدائق الفيح , والمروج الخضر, حيث كان يمرح ويلهوا مع أصدقاءه في جو بهيج,وشاركه الغصن هذا الإحساس والذي توج هذا الجمال ظهور الهلال بعد الغروب كأنه طوق من ذهب يزين برد الغمامة , حين ذاك وصف هذه اللوحة بقوله ..
واهتز عطف الغصن من طرب بنا *** وافتر عن ثغر الهلال المغرب .
فكأنه والحسن مقترن به *** طوق على برد الغمامة مذهب.
مزج الطبيعة بفنون الشعر المختلفة :
مزج شعراء الأندلس وصف الطبيعة بشرب الخمر ومجالس اللهو والطرب والغزل والحب, شرب المعتمد بن عباد الخمر ليلا في جو من النشوة والطرب والطبيعة الخلابة..
ولقد شربت الراح يسطع نورها *** والليل قد مدً الظلام رداءا
حتى تبدى البدر في جوزاءه *** ملكا تناهى بهجة وبهاءا
مزج الغزل بالطبيعة أمر مألوف وخير من فعل ذلك من الشعراء بن زيدون وعبر عن مشاعره لولادة
بقافيه بعثها إليها وهو مختبيء في الزهراء :
إني ذكرت في الزهراء مشتاقا *** والأفق طلق ومرأى الأرض قد راقا
وللنسيم اعتلال في اصائله *** كأنه رق لي فاعتل اشفاقا
يوم كأيام لذات لنا انصرمت *** بتنا لها حين نام الدهر سراقا .
مزج المدح بالطبيعة :
فظاهره خلط المدح بوصف الطبيعة لم تكن من ابتكار الأندلسيون بل سبقهم بها المشارقه حيث كانت أصولها وقد حاول المشارقه القيام بهذا على حذر وتردد وهو مسلم بن الوليد , ثم بدا هذا واضحا في شعر أبي تمام والبحتري , ولكن هذه المحاولات كانت جميعها على حذر وتخوف كبيرين , ولكن وجدت عند شعراء الأندلس بقوة , مثل رائيه ابن عمار في مدح المعتمد بن عباد حيث يقول :
أدر الزجاجة فالنسيم قد انبرى *** والنجم قد صرف العنان عن السرى
والصبح قد أهدى لنا كافوره *** لما استرد الليل منا العنبرا .
هكذا افتتح قصيدته بوصف الطبيعة حتى وصل إلى مدح ابن عباد حيث قال :
عــباد المخضر نائل كفّه *** والجو قد لبس الرداء الاخضرا
أندى على الأكباد من قطر الندى *** وألذ في الأجفان من سنة الكرى .
ويحفظ لنا التاريخ الأدبي بين دفتيه أسماء شعراء لمعوا في هذا المجال : ابن عمار , وابن الشهيد , وابن زيدون , وابن خفاجه , وابن الزقاق.
وصف الطبيعة مزوجاً بــ الرثاءوتعتبر هذه قفزه جريئة تحتاج لعبقرية وابداع كي تؤدى بأكمل وجه , وذلك لانهم مزجوا الرثاء برصف الطبيعة, حيث البسوا الطبيعة حلل همومهم , وآلامهم الدفينة , وعلى رأس من قاموا بهذه التجربة " ابن خفاجه " حين رثى الوزير أبا عبد الله بن ربيعه حيث يقول في مطلعها :
في كل ناد منك روض ثناء وبكل خد فيك جدول مــاءِ
ولكل شخص هزة الغصن الندي وتحت البكاء ورنه المـكـَّـاءِ
جالت بطرفي للصبابه عبرة كالغيم رق فجال دون سماءِ
وبسطت في الغبراء خدي ذلة أستنزل الرحمى من الغبراءِ .
لاهزني أمل وقد حل الردى بأبي محمد المحل النائي .
غير أن ابن خفاجة يقفز هذه المره قفزة جريئة حين يمزج الغزل والخمر والطبيعة بالرثاء وذلك في ميميته حيث بدأها بالغزل وذكر أيام لهوه ومجونه على طريقه القدامىفيقول :
ورب ليال بالغميم ارقتها *** لمرضى جفون بالفرات نيام
يطول علي الليل يا أم مالك *** وكل الليالي الصب ليل تمام
ويستمر في ذلك حتى يصل إلى الرثاء ويخلص إليه تخلص حسن
تلذذ بدار القصف عني ساعة *** وابلغ نداماها اعز سلام
وقفت وقوف الثكل بين قبورهم *** أعظمها من أعظم ورجام .
أهم شعراء الطبيعة الأندلسية :
ابن رشيق، ابن خفاجه ، ابن الشهيد، ابن الزقاق، وابن زيدون والرصافي الرفاء ، وابن زمرك.
وبعد أن جلنـا هذه الجولات مع شعر الطبيعة نحب أن نضيف ، أن الشاعر الأندلسي برغم من حبه الجم للطبيعة إلا انه لم يحاول في أحيان كثيرة أن ينفح فيها شيء من روحه ويمزج بهـا أحاسيسه ومشاعره مزجاً تـاماً، بل اكتفى بتصويرها معتمداً على الحواس الخمس وأبرزهـا حاسة البصر، ويبرزه معتمداً في ذلك على خياله وصوره الخلابة ولكن وجد هناك شعراء امتزجوا بالطبيعة وتجانسوا معها كابن خفاجه.
ونخلص إلى أن شعراء الطبيعة الأندلسية فاقوا إخوانهم المشارقه، بعزارة المادة ودقة التصوير وابتكار الفنون ، ونجاحهم في التعبير عن حبهم لبلادهم وتفضيلها على جميع البلدان.

روح الفؤاد
2010-04-30, 20:03
شكرا جزيلا أرجو الاضافة

اشراقة ميمي الصبح
2010-05-01, 16:01
انا كذلك ابحث عنه ولكني لم اجد الخصائص بعد ارجو ان يفيدك هذا البحث


رثاء المدن والممالك
عرف الأدب العربي رثاء المدن غرضًا أدبيافي شعره ونثره. وهو لون من التعبير يعكس طبيعة التقلبات السياسية التي تجتاج عصورالحكم في مراحل مختلفة.
وهذا النوع من الرثاء لا يقف في حدود عند رثاء المدنوحدها حين يصيبها الدمار والتخريب ولكنه يتجاوز ذلك إلى رثاء الممالك تارة والعصورتارة أخرى. بل قد يرثي الدولة بأسرها؛ كما حدث ذلك في الأندلس. وقد تميز هذا الغرضمن رثاء المدن في الشعر أكثر من تميزه في النثر.
ويُعد رثاء المدن من الأغراضالأدبية المحدثة، ذلك أن الجاهلي لم تكن له مدنٌ يبكي على خرابها، فهو ينتقل فيالصحراء الواسعة من مكان إلى آخر، وإذا ألم بمدن المناذرة والغساسنة فهو إلمامعابر. ولعل بكاء الجاهلي على الربع الدارس والطلل الماحل هو لون من هذه العاطفةالمعبّرة عن درس المكان وخرابه.
رثاء المدن في المشرق. عرف المشرق قدرا من هذاالرثاء شعرًا، عندما تعرضت عاصمة الخلافة العباسية للتدمير والخراب خلال الفتنةالتي وقعت بين الأمين والمأمون. فنهبت بغداد وهتكت أعراض أهلها واقتحمت دورهم، ووجدالسّفلة والأوباش مناخًا صالحا ليعيثوا فسادا ودمارا. وقد عبر الشاعر أبو يعقوبإسحاق الخريمي، وهو شاعر خامل الذكر، عن هذه النَّكبة في مرثيته لبغداد فقال:
يابؤس بغداد دار مملكة دارت على أهلها دوائرها
أمهلها الله ثم عاقبها حينأحاطت بها كبائرها
بالخسف والقذف والحريق وبالحرب التي أضحت تساورها
حلّتببغداد وهي آمـنة داهية لم تكن تحاذرهـا

ثم كان خراب البصرة على يد الزنجفي ثورتها المشهورة. فأشعلوا فيها الحرائق وحولوها إلى أنقاض ودمار، فوقف الشاعرابن الرومي مذهولا بما حدث فقال:
كم أخ قد رأى أخاه صريعا تَرِبَ الخد بين صرعىكرام
كم مفدّى في أهله أسلموه حين لم يحْمه هنالك حامي
كم رضيع هناك قدفطموه بشبا السيف قبل حدّ الفطام

وبالإضافة إلى هاتين المرثيتين، حفل ديوانرثاء المدن في المشرق، بطائفة من القصائد تتحدث عن تلك المدن التي اسقطها هولاكووتيمور لنك.
وكذلك استثارت نكبة بغداد على يد هولاكو عاطفة عدد من الشعراء مثلشمس الدين الكوفي، ومن أبياته قوله:
إن لم تقرّح أدمعي أجفاني من بَعْدِبُعْدِكُمُ فما أجفاني
إنسان عيني مذ تناءت داركم ما راقـه نظــــر إلى إنســان
مالي وللأيام شتت خطبها شملي وخــلاني بلا خلان
ما للمنازل أصبحت لا أهلهاأهلي ولا جيرانهــا جيـراني

وتعد مرثبة الشيخ تقي الدين إسماعيل بن إبراهيمالتنوخي في القرن السابع الهجري أشهر مراثي بغداد حين خربها هولاكو. يقول في آخرالقصيدة:
إن القيامة في بغداد قد وجدت وحدّها حين للإقبال إدبار
آل النبيوأهل العلم قد سُبيوا فمن ترى بعدهم تحويه أمصار
ماكنت آمل أن أبقى وقد ذهبوالكن أتى دون ما أختار أقدار

وكذلك كان رثاء دمشق عندما سقطت في أيدي التتارفتعاقب على رثائها كثير من الشعراء مسجلين ذلك الحدث ومنهم الشاعر علاء الدينالعزولي في قوله:
أجريت جمر الدمع من أجفاني حزنا على الشقراء والميـدان
لهفي على وادي دمشق ولطفه وتبدل الغزلان بالثيــــــران
واحسرتاه علي دمشقو قولها سبحان من بالغل قد أبلاني
لهفي عليك محاسنا لهفي عليـ ك عرائسا لهفيعليك مغانـي

ولكن هذا اللون في المشرق لم يزدهر ازدهاره في الأندلس، ويعزىذلك إلى أن طبيعة التقلبات السياسية في الأندلس كانت أشد حدة وأسرع إيقاعا، وأنهااتخذت شكل المواجهة بين النصارى والمسلمين حين تجمع الصليبيون عازمين على طردالمسلمين وإخراجهم من الأندلس.
رثاء المدن في الأندلس. كان هذا الغرض في الأندلسمن أهم الأغراض الشعرية، إذ كان مواكبًا لحركة الإيقاع السياسي راصدًا لأحداثهمستبطنًا دواخله ومقومًا لاتجاهاته.
وكان محوره الأول يدور حول سلبيات المجتمعالأندلسي بسبب ما انغمس فيه الناس من حياة اللهو والترف والمجون وانصراف عن الجهاد. وأن الأمر لن يستقيم إلا برفع علم الجهاد تحت راية لا إله إلاالله. ومن هنا فالصوتالشعري لرثاء المدن في الأندلس يخالف الأصوات الشعرية الأندلسية الأخرى التي ألفهاأهل الأندلس في الموشحات ووصف الطبيعة والغزل وبقية الأغراض الأخرى.
ويلفت النظرأن عددا من قصائد رثاء المدن في الأندلس لشعراء مجهولين؛ ويُفَسَّرُ ذلك إمابخشيتهم من السلطان القائم بسبب نقدهم للأوضاع السياسية وإما أن عنايتهم بالحسالجماعي واستثارته كانت أكثر من عنايتهم بذواتهم الشاعرة.
يقوم هذا الرثاء علىمقارنة بين الماضي والحاضر؛ ماضي الإسلام في مجده وعزه، وحاضره في ذله وهوانه. فالمساجد غدت كنائس وبيعًا للنصارى وصوت النواقيس أضحى يجلجل بدلا من الأذان،والفتيات المسلمات انتهكت أعراضهن، والدويلات المسلمة تستعين بالنصارى في تدعيمحكمها. وتمتلئ كل هذه النصوص بشعور ديني عميق يطفح بالحسرة والندم.
كان سقوطمدينة طليطلة في أواخر القرن الخامس الهجري بداية المأساة؛ فهي أول بلد إسلامييدخله الفرنجة وكان ذلك مصابا جللا هزّ النفوس هزًا عميقًا. يقول شاعر مجهول يرثيطليطلة في قصيدة مطلعها:
لثُكلكِ كيف تبتسم الثغور سرورًا بعدما سبيت ثغور
طليطلة أباح الكفر منها حماها إنّ ذا نبــأ كبـــير

وفي هذه القصيدةالتي بلغت سبعين بيتا تصوير لحال المسلمين عشية سقوطها وما أصابهم من ذل وصغار، كماتصور ماضيها المجيد وحاضرها المهين. وتنتهي بأمنية مشتهاة أن يخرج من أصلابالمسلمين بطلٌ كطارق بن زياد يعيد الأمر إلى نصابه:
ألم تك معقلا للدين صعـبافذلّله كما شاء القديـــر
وأخرج أهلها منها جميعــا فصاروا حيث شاء بهم مصير
وكانت دار إيمان وعلـم معالمها التي طمست تنــير
مساجدها كنائس، أي قلب علىهذا يقر ولا يطـير
فيا أسفاه يا أسفاه حزنــا يكرر ما تكررت الدهـور

ثمتختم المرثية بهذه الأمنية:
الاّ رجل له رأي أصيــــل به مِمّا نحاذرنستجـــــــــير
يكُرّ إذا السيوف تناولــته وأين بنا إذا ولت كــــــــرور
ويطعن بالقنا الخطار حتى يقول الرمح من هذا الخطــير ؟

وتعد مرثيةالشاعر ابن الأبار لمدينة بلنسية من المراثي المشهورة في الأندلس، فقد أرسل بها علىلسان أميره إلى أبي زكريا بن حفص سلطان تونس مستنجدا به لنصرة الأندلس ومطلعها:
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا إن السبيل إلى منجاتها درســـا
وهب لها من عزيزالنصر ما التمست فلم يزل منك عزّ النصر ملتمسا

ويحكي هذا النص يأس أهلالأندلس من حكامهم المسلمين ومن ثم توجهوا لطلب النصرة من خارج الأندلس كما تصورحال بلنسية وقد تحولت المساجد إلى كنائس وفرض الكُفر سلطانه على الجزيرة وأن الذيأصاب بلنسية يوشك أن يصيب باقي المدن الأندلسية:
مدائن حلها الإشراك مبتسماجذلان، وارتحل الإيمان مبتئسا
ياللمساجد عادت للعدا بيعا وللنداء غدا أثناءهاجرسـا

ثم يلتفت إلى أبي زكريا سلطان تونس قائلا:
طهّر بلادك منهم إنهمنجس ولا طهارة ما لم تغسل النجسا
وأوطئ الفيلق الجرار أرضهم حتى يطأطئ رأسا كلمن رأسا
وأملأ هنيئًا لك التأييد ساحتها جرُدًا سلاهب أو خطية دُعُســا

وأما مراثي الممالك فمن أشهرها مرثية أبي محمد، عبد المجيد بن عبدون التيرثى بها قتلى بني الأفطس أصحاب بطليوس ومطلعها:
الدهر يفجع بعد العين بالأثرفما البكاء على الأشباح والصور؟


وفيها يقول:
أنهاك لا آلوك موعظة عن نومة بين ناب الليث والظفر

وفي هذه المرثية، يحشد ابن عبدون الكثير من أحداث التاريخ وتقلباته ويحكيما أصاب الدول والممالك من مآسٍ ومحن متخذا من ذلك سبيلا للعظة والتأسي. وتمتازالقصيدة على طولها بحاسة شعرية قوية وعاطفة جياشة تزاوج بين مأساة بني الأفطسالذاتية والسياسية.
ومن أهم المراثي التي ربطت بين المأساة الذاتية والسياسيةقصيدة أبي بكر بن عبد الصمد في رثاء مملكة إشبيليا وأميرها الشاعر المعتمد بن عباد:
ملك الملوك أسامع فأنادي أم قد عدتك عن السماع عوادي
لما خلت منك القصورولم تكن فيها كما قد كنت في الأعــياد
قد كنت أحسب أن تبدد أدمعي نيران حزنأضرمت بفــــؤادي

وتعد أيضا دالية ابن اللبانة في رثاء بني عبَّاد ومملكتهممن تلك المراثي التي ربطت بين مأساة المعتمد وضياع ملكه ومأساة الشاعر حين هوى عنعرش الشعر ومملكته:
تبكي السماء بدمع رائح غاد على البهاليل من أبناءعـــــــبَّاد
على الجبال التي هُدّت قواعدها وكانت الأرض منهم ذات أوتاد
نسيت إلا غداة النهر كونهم في المنشآت كأموات بألحـــــاد
تفرقوا جيرة منبعد ما نشأوا أهـلا بأهـل وأولادًا بأولاد

وأما نونية أبي البقاء الرنديفهي واسطة العقد في شعر رثاء المدن وأكثر نصوصه شهرة وأشدها تعبيرا عن الواقع. فهيترثي الأندلس في مجموعها مدنا وممالك. فتصور ما حلّ بالأندلس من خطوب جليلة لا عزاءفيها ولا تأسٍ دونها وكيف ضاعت قرطبة دار العلوم، وإشبيليا مهد الفن، وحمص مهبطالجمال، وكيف سقطت أركان الأندلس واحدة تلو الأخرى، وكيف أَقفرت الديار من الإسلامفصارت المساجد كنائس وغدا صوت الأذان صوت ناقوس؟!، ثم يهيب أبو البقاء الرنديبفرسان المسلمين عبر عدوة البحر إلى المسارعة لنجدة الأندلس والمسلمين. يقول في أولالقصيدة:
لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يُغَرُّ بطيب العيش إنسان
هي الأموركما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمــان
وللحوادث سلوان يسهلها وما لما حلّبالإسلام سلوان

إلى أن يقول:
فاسأل بلنسية ما شأن مرسية وأين شاطــبةأم أيـن جيَّــان؟
وأين قرطبة دار العلوم، فكم من عالم قد سما فيها له شان
وأين حمص وما تحويه من نزه ونهرها العذبُ فياض وملآن
قواعد كن أركان البلادفما عسى البقاء إذا لم تبق أركان
حيث المساجد قد صارت كنائس ما فيهن إلانواقيـــس وصلبــان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة حتى المنابر ترثي وهي عيدان

وتختتم القصيدة بنغمة حزينة شجية تسفر عن الأسى العميق والتماس العظةوالعبرة فيما حل بالأندلس:
لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ إن كان في القلب إسلاموإيمان!

وأهمية رثاء المدن أنه يكشف عن جوانب ثرية من التاريخ السياسي بينالمسلمين والنصارى في الأندلس. كما يكشف جانبا من النقد الذاتي الذي واجه بهالأندلسيون أنفسهم حين أَدركوا أن الانغماس في حياة اللهو والترف أدى إلى سقوط رايةالجهاد، وأن ملوك الطوائف حين حرصوا على ملكهم الفردي أضاعوا ملكًا أعظم. وما أصدقسخرية الشاعر المصحفي حين قال:
مما يزهدني في أرض أندلس أسمــاء معتضــدٍفيــها ومعتمـــد
ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

روح الفؤاد
2010-05-01, 21:49
شكرا جزيلا

اشراقة ميمي الصبح
2010-05-02, 12:07
العفو .........

احساس2009
2010-05-02, 21:37
العفو.....

¨°o.سيدو~علالو.o°¨
2010-05-10, 20:11
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
جزاكم الله كل خير


سلاااااااااام

الهام الحياة
2010-05-14, 17:19
ان شاء الله تكون استفدتي من الاعضاء انا و الله ما عندي كتاب عربية حتى الكراس كاتبة فيه غير الدرس الاول تع بداية السنة الدراسية

hamouna
2011-04-16, 14:17
شكرا على الموضوع

memoza12
2012-03-30, 16:41
من يهتم بالشعر?

memoza12
2012-03-30, 16:43
ارجو الرد فهدا مهم لي...............شكرا