طاهر القلب
2010-04-26, 12:23
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الصفات المذمومة للإنسان في القرآن
هذه أكثر الصفات التي وجدت عند الإنسان و هو مكروه و قال هذا رب العالمين صفات الإنسان المذكورة في القرآن
يئوس .. كفور .. كنود .. قتور .. فخور .. ظلوم .. عجول .. هلوع .. قنوط .. مجادل .. طاغي .. خصيم..
هذه بعض الصفات الذميمة المذكور في القرآن التي وصف بها الإنسان ، و اعلم ان هذه الصفات قد تكون موجودة في المسلم و الكافر فهي غير مخصصة بالكافر ، قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى في تفسيره لسورة الكهف : " إذا مر بك مثل هذا في القرآن الكريم (الْأِنْسَانُ) فلا تحمله على الكافر إلا إذا كان السياق يُعَيِّنُ ذلك ، فإذا كان السياق يراد به ذلك ، صار هذا عاماً يراد به الخاص ، لكن إذا لم يكن في السياق ما يعين ذلك فاجعله للعموم ، اجعله إنساناً بوصف الإنسانية ، و الإنسانية إذا غلب عليها الإيمان اضمحل مقتضاها المخالف للفطرة" انتهى كلامه .
يئـوس .. كفـور .. فخـور
قال تعالى : (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ) الآية : 9 من سورة هود
يخبر تعالى عن الإنسان و ما فيه من الصفات الذميمة ، إلا من رحم الله من عباده المؤمنين ، فإنه إذا أصابته شدة بعد نعمة ، حصل له يأس و قنوط من الخير بالنسبة إلى المستقبل ، و كفر و جحود لماضي الحال ، كأنه لم ير خيرا ، و لم يَرْج بعد ذلك فرجا . و هكذا إن أصابته نعمة بعد نقمة يقول : ما بقي ينالني بعد هذا ضيم و لا سوء ، فهو فرح بما في يده ، بطر فخور على غيره" (1) ، و في إيراد صيغتي المبالغة في (لَيَئُوسٌ كَفُورٌ) ما يدلّ على أن الإنسان كثير اليأس ، وكثير الجحد عند أن يسلبه الله بعض نعمه ، فلا يرجو عودها ، و لا يشكر ما قد سلف له منها . و في التعبير بالذوق ما يدل على أنه يكون منه ذلك عند سلب أدنى نعمة ينعم الله بها عليه ، لأن الإذاقة و الذوق : أقلّ ما يوجد به الطعم ، و المعنى : أنه إن أذاق الله سبحانه العبد نعماءه من الصحة و السلامة ، و الغنى بعد أن كان في ضرّ من فقر أو مرض أو خوف ، لم يقابل ذلك بما يليق به من الشكر لله سبحانه ، بل يقول ذهبت المصائب التي ساءته من الضرّ والفقر و الخوف و المرض عنه و زال أثرها ، غير شاكر لله ، و لا مثن عليه بنعمه"(2) .
ظلـوم .. كفـار
قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) الآية : 34 من سورة إبراهيم
هذه طبيعة الإنسان من حيث هو ظالم متجرئ على المعاصي مقصر في حقوق ربه كفَّار لنعم الله ، لا يشكرها و لا يعترف بها إلا من هداه الله فشكر نعمه ، و عرف حق ربه و قام به" (3) فالإنسان الذي بدل نعمة الله شاكرا لغير من أنعم عليه ، فهو بذلك من فعله واضع الشكر في غير موضعه ، و ذلك أن الله هو الذي أنعم عليه بما أنعم و استحق عليه إخلاص العبادة له ، فعبد غيره و جعل له أندادا ليضلّ عن سبيله ، و ذلك هو ظلمه ، و كَفَّارٌ لجحود نعمة الله التي أنعم بها عليه لصرفه العبادة إلى غير من أنعم عليه ، و تركه طاعة من أنعم عليه" (4)
خصيـم مبيـن
قال تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) الآية : 4 من سورة النحل
خَلَق الإنسان من ماء مهين فإذا به يَقْوى و يغترُّ ، فيصبح شديد الخصومة و الجدال لربه في إنكار البعث ، و غير ذلك" (5) فالخصيم هو شديد الخصومة و مبِينٌ بيّنها في نفي البعث قائلاً مَن يُحىِ العظام وَ هِىَ رَمِيمٌ "(6)
عجــول
قال تعالى : (وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا) الآية : 11 من سورة الإسراء
عجول "قال جماعة من أهل التفسير و قال ابن عباس : ضجرا لا صبر له على السراء و الضراء" (7) "و هذا من جهل الإنسان و عجلته حيث يدعو على نفسه و أولاده و ماله بالشر عند الغضب و يبادر بذلك الدعاء كما يبادر بالدعاء في الخير ، و لكن الله بلطفه يستجيب له في الخير و لا يستجيب له بالشر"(8)
قتـــور
قال تعالى : (وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا) الآية : 100 من سورة الإسراء
جاء في تفسير ( وَكَانَ الإنْسَانُ قَتُورًا) عن قتادة قال : بخيلا ممسكا"(9)
مجــادل
قالتعالى : (وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا) الآية : 54 منسورة الكهف
فالإنسان أكثر شيء مراء و خصومة ، لا ينيب لحقّ ، و لا ينجر لموعظة" (10) " لكن المؤمن لا يكون مجادلاً ، بل يكون مستسلماً للحق و لا يجادل فيه ، و لهذا قال عبد الله بن مسعود : "ما أوتي قوم الجدل إلَّا ضلوا" و تدبر حال الصحابة تجد أنهم مستسلمون غاية الاستسلام لما جاءت به الشريعة ، و لا يجادلون و لا يقولون لم؟ و لما قال الرسول صلى الله عليه و سلم : "توضؤوا من لحوم الإبل و لا توضؤوا من لحوم الغنم" هل قال الصحابة "لِمَ"؟ بل قالوا سمعنا و أطعنا، ما جادلوا، و كذلك في بقية الأوامر ، لكن الإنسان من حيث هو إنسان أكثر شيء عنده الجدل"(11)
قال الزجاج : المراد بالإنسان : الكافر ، و استدل على أن المراد الكافر بقوله تعالى : (و يجادل الذين كَفَرُواْ بالباطل) ، و الظاهر العموم و أن هذا النوع أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدال جدلاً ، و يؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين و غيرهما من حديث عليّ : أن النبيّ صلى الله عليه و سلم طرقه و فاطمة ليلاً ، فقال : « ألا تصليان؟» فقلت : يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا ، فانصرف حين قلت ذلك و لم يرجع إليّ شيئاً ، ثم سمعته يضرب فخذه و يقول : (وَ كَانَ الإنسان أَكْثَرَ شَىء جَدَلا)"انتهى كلامه" (12)
يئـوس قنـوط
قال تعالى : (لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَ إِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ) الآية : 49 من سورة فصلت
ان الإنسان ذو يأس من روح الله و فرجه ، قنوط من رحمته ، و من أن يكشف ذلك الشرّ النازل به عنه" (13) هذه هي طبيعة الإنسان ، من حيث هو ، و عدم صبره و جلده ، لا على الخير و لا على الشر ، إلا من نقله الله من هذه الحال إلى حال الكمال ، فهو لا يمل ، من دعاء الله ، في الغنى و المال و الولد ، و غير ذلك من مطالب الدنيا ، و لا يزال يعمل على ذلك ، و لا يقتنع بقليل ، و لا كثير منها ، فلو حصل له من الدنيا ، ما حصل ، لم يزل طالبًا للزيادة ، و إن مسه المكروه ، كالمرض ، و الفقر ، و أنواع البلايا فيئوس قنوط من رحمة الله تعالى ، و يظن أن هذا البلاء هو القاضي عليه بالهلاك ، و يتشوش من إتيان الأسباب ، على غير ما يحب و يطلب"(14) فيقع في ذهنه أنه لا يتهيأ له بعد هذا خير"(15)
هلــوع
قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا) الآية : 19 من سورة المعارج
و هذا الوصف للإنسان من حيث هو وصف طبيعته الأصلية ، أنه هلوع ، و فسر الهلوع بأنه : (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا) فيجزع إن أصابه فقر أو مرض ، أو ذهاب محبوب له ، من مال أو أهل أو ولد ، و لا يستعمل في ذلك الصبر و الرضا بما قضى الله ، (وَ إِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا) فلا ينفق مما آتاه الله ، و لا يشكر الله على نعمه و بره ، فيجزع في الضراء ، و يمنع في السراء" (16) قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا موسى بن عُلَيّ بنُ رَباح : سمعت أبي يحدث عن عبد العزيز بن مروان بن الحكم قال : سمعت أبا هُرَيرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : شر ما في رجل شُحٌ هالع ، و جبن خالع"(17)
و الهلع : شدّة الجَزَع مع شدّة الحرص و الضجر" (18)
طــاغي
قال تعالى : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى) الآية : 6 من سورة العلق
الإنسان هنا ليس شخصاً معيناً ، بل المراد الجنس ، كل إنسان من بني آدم إذا رأى نفسه استغنى فإنه يطغى ، من الطغيان و هو مجاوزة الحد ، إذا رأى أنه استغنى عن رحمة الله طغى و لم يبالِ ، إذا رأى أنه استغنى عن الله عز و جل في كشف الكربات و حصول المطلوبات صار لا يلتفت إلى الله و لا يبالي ، إذا رأى أنه استغنى بالصحة نسي المرض ، و إذا رأى أنه استغنى بالشبع نسي الجوع ، إذا رأى أنه استغنى بالكسوة نسي العري ، و هكذا فالإنسان من طبيعته الطغيان و التمرد متى رأى نفسه في غنى ، و لكن هذا يخرج منه المؤمن ، لأن المؤمن لا يرى أنه استغنى عن الله طرفة عين ، فهو دائماً مفتقر إلى الله سبحانه و تعالى ، يسأل ربه كل حاجة ، و يلجأ إليه عند كل مكروه ، و يرى أنه إن وكله الله إلى نفسه وكله إلى ضعف و عجز و عورة ، و أنه لا يملك لنفسه نفعاً و لا ضًّرا ، هذا هو المؤمن ، لكن الإنسان من حيث هو إنسان من طبيعته الطغيان" (19)
قال ابن أبي حاتم : حدثنا زيد بن إسماعيل الصائغ ، حدثنا جعفر بن عون ، حدثنا أبو عُمَيس ، عن عون قال : قال عبد الله : مَنهومان لا يشبعان ، صاحب العلم و صاحب الدنيا ، و لا يستويان ، فأما صاحب العلم فيزداد رضا الرحمن ، و أما صاحب الدنيا فيتمادى في الطغيان" (20)
كنـــود
قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) الآية : 6 من سورة العاديات
الكنود قال الحسن : هو الذي يعد المصائب ، و ينسى نعم ربه" (21) ، و المراد بالإنسان هنا الجنس ، أي أن جنس الإنسان ، إذا لم يوفق للهداية فإنه(لكنود) أي كفور لنعمة الله عز و جل كما قال الله تبارك و تعالى : (و حملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً). و قيل : المراد بالإنسان هو الكافر ، فعلى هذا يكون عامًّا أريد به الخاص ، و الأظهر أن المراد به العموم ، و أن جنس الإنسان لولا هداية الله لكان كنوداً لربه عز و جل ، و الكنود هو الكفر ، أي كافر لنعمة الله عز و جل ، يرزقه الله عز و جل فيزداد بهذا الرزق عتواً و نفوراً ، فإن من الناس من يطغى إذا رآه قد استغنى عن الله ، و ما أكثر ما أفسد الغنى من بني آدم فهو كفور بنعمة الله عز و جل ، يجحد نعمة الله ، و لا يقوم بشكرها ، و لا يقوم بطاعة الله لأنه كنود لنعمة الله"(22)
المصـــــــــــــادر
(1- تفسير ابن كثير . 2- فتح القدير باختصار يسير . 3- تفسير السعدي . 4- تفسير الطبري باختصار يسير . 5- تفسير السعدي . 6- تفسير الجلالين . 7- تفسير البغوي . 8- تفسير السعدي . 9- تفسير الطبري . 10- تفسير ابن كثير . 11- تفسير ابن العثيمين . 12- فتح القدير باختصار يسير . 13- تفسير الطبري . 14- تفسير السعدي باختصار يسير . 15- تفسير ابن كثير . 16- تفسير السعدي . 17- تفسير ابن كثير 18- تفسير الطبري . 19- تفسير ابن العثيمين . 20- تفسير ابن كثير . 21- تفسير ابن كثير . 22- تفسير ابن العثيمين)
منقــــول
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الصفات المذمومة للإنسان في القرآن
هذه أكثر الصفات التي وجدت عند الإنسان و هو مكروه و قال هذا رب العالمين صفات الإنسان المذكورة في القرآن
يئوس .. كفور .. كنود .. قتور .. فخور .. ظلوم .. عجول .. هلوع .. قنوط .. مجادل .. طاغي .. خصيم..
هذه بعض الصفات الذميمة المذكور في القرآن التي وصف بها الإنسان ، و اعلم ان هذه الصفات قد تكون موجودة في المسلم و الكافر فهي غير مخصصة بالكافر ، قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى في تفسيره لسورة الكهف : " إذا مر بك مثل هذا في القرآن الكريم (الْأِنْسَانُ) فلا تحمله على الكافر إلا إذا كان السياق يُعَيِّنُ ذلك ، فإذا كان السياق يراد به ذلك ، صار هذا عاماً يراد به الخاص ، لكن إذا لم يكن في السياق ما يعين ذلك فاجعله للعموم ، اجعله إنساناً بوصف الإنسانية ، و الإنسانية إذا غلب عليها الإيمان اضمحل مقتضاها المخالف للفطرة" انتهى كلامه .
يئـوس .. كفـور .. فخـور
قال تعالى : (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ) الآية : 9 من سورة هود
يخبر تعالى عن الإنسان و ما فيه من الصفات الذميمة ، إلا من رحم الله من عباده المؤمنين ، فإنه إذا أصابته شدة بعد نعمة ، حصل له يأس و قنوط من الخير بالنسبة إلى المستقبل ، و كفر و جحود لماضي الحال ، كأنه لم ير خيرا ، و لم يَرْج بعد ذلك فرجا . و هكذا إن أصابته نعمة بعد نقمة يقول : ما بقي ينالني بعد هذا ضيم و لا سوء ، فهو فرح بما في يده ، بطر فخور على غيره" (1) ، و في إيراد صيغتي المبالغة في (لَيَئُوسٌ كَفُورٌ) ما يدلّ على أن الإنسان كثير اليأس ، وكثير الجحد عند أن يسلبه الله بعض نعمه ، فلا يرجو عودها ، و لا يشكر ما قد سلف له منها . و في التعبير بالذوق ما يدل على أنه يكون منه ذلك عند سلب أدنى نعمة ينعم الله بها عليه ، لأن الإذاقة و الذوق : أقلّ ما يوجد به الطعم ، و المعنى : أنه إن أذاق الله سبحانه العبد نعماءه من الصحة و السلامة ، و الغنى بعد أن كان في ضرّ من فقر أو مرض أو خوف ، لم يقابل ذلك بما يليق به من الشكر لله سبحانه ، بل يقول ذهبت المصائب التي ساءته من الضرّ والفقر و الخوف و المرض عنه و زال أثرها ، غير شاكر لله ، و لا مثن عليه بنعمه"(2) .
ظلـوم .. كفـار
قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) الآية : 34 من سورة إبراهيم
هذه طبيعة الإنسان من حيث هو ظالم متجرئ على المعاصي مقصر في حقوق ربه كفَّار لنعم الله ، لا يشكرها و لا يعترف بها إلا من هداه الله فشكر نعمه ، و عرف حق ربه و قام به" (3) فالإنسان الذي بدل نعمة الله شاكرا لغير من أنعم عليه ، فهو بذلك من فعله واضع الشكر في غير موضعه ، و ذلك أن الله هو الذي أنعم عليه بما أنعم و استحق عليه إخلاص العبادة له ، فعبد غيره و جعل له أندادا ليضلّ عن سبيله ، و ذلك هو ظلمه ، و كَفَّارٌ لجحود نعمة الله التي أنعم بها عليه لصرفه العبادة إلى غير من أنعم عليه ، و تركه طاعة من أنعم عليه" (4)
خصيـم مبيـن
قال تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) الآية : 4 من سورة النحل
خَلَق الإنسان من ماء مهين فإذا به يَقْوى و يغترُّ ، فيصبح شديد الخصومة و الجدال لربه في إنكار البعث ، و غير ذلك" (5) فالخصيم هو شديد الخصومة و مبِينٌ بيّنها في نفي البعث قائلاً مَن يُحىِ العظام وَ هِىَ رَمِيمٌ "(6)
عجــول
قال تعالى : (وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا) الآية : 11 من سورة الإسراء
عجول "قال جماعة من أهل التفسير و قال ابن عباس : ضجرا لا صبر له على السراء و الضراء" (7) "و هذا من جهل الإنسان و عجلته حيث يدعو على نفسه و أولاده و ماله بالشر عند الغضب و يبادر بذلك الدعاء كما يبادر بالدعاء في الخير ، و لكن الله بلطفه يستجيب له في الخير و لا يستجيب له بالشر"(8)
قتـــور
قال تعالى : (وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا) الآية : 100 من سورة الإسراء
جاء في تفسير ( وَكَانَ الإنْسَانُ قَتُورًا) عن قتادة قال : بخيلا ممسكا"(9)
مجــادل
قالتعالى : (وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا) الآية : 54 منسورة الكهف
فالإنسان أكثر شيء مراء و خصومة ، لا ينيب لحقّ ، و لا ينجر لموعظة" (10) " لكن المؤمن لا يكون مجادلاً ، بل يكون مستسلماً للحق و لا يجادل فيه ، و لهذا قال عبد الله بن مسعود : "ما أوتي قوم الجدل إلَّا ضلوا" و تدبر حال الصحابة تجد أنهم مستسلمون غاية الاستسلام لما جاءت به الشريعة ، و لا يجادلون و لا يقولون لم؟ و لما قال الرسول صلى الله عليه و سلم : "توضؤوا من لحوم الإبل و لا توضؤوا من لحوم الغنم" هل قال الصحابة "لِمَ"؟ بل قالوا سمعنا و أطعنا، ما جادلوا، و كذلك في بقية الأوامر ، لكن الإنسان من حيث هو إنسان أكثر شيء عنده الجدل"(11)
قال الزجاج : المراد بالإنسان : الكافر ، و استدل على أن المراد الكافر بقوله تعالى : (و يجادل الذين كَفَرُواْ بالباطل) ، و الظاهر العموم و أن هذا النوع أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدال جدلاً ، و يؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين و غيرهما من حديث عليّ : أن النبيّ صلى الله عليه و سلم طرقه و فاطمة ليلاً ، فقال : « ألا تصليان؟» فقلت : يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا ، فانصرف حين قلت ذلك و لم يرجع إليّ شيئاً ، ثم سمعته يضرب فخذه و يقول : (وَ كَانَ الإنسان أَكْثَرَ شَىء جَدَلا)"انتهى كلامه" (12)
يئـوس قنـوط
قال تعالى : (لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَ إِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ) الآية : 49 من سورة فصلت
ان الإنسان ذو يأس من روح الله و فرجه ، قنوط من رحمته ، و من أن يكشف ذلك الشرّ النازل به عنه" (13) هذه هي طبيعة الإنسان ، من حيث هو ، و عدم صبره و جلده ، لا على الخير و لا على الشر ، إلا من نقله الله من هذه الحال إلى حال الكمال ، فهو لا يمل ، من دعاء الله ، في الغنى و المال و الولد ، و غير ذلك من مطالب الدنيا ، و لا يزال يعمل على ذلك ، و لا يقتنع بقليل ، و لا كثير منها ، فلو حصل له من الدنيا ، ما حصل ، لم يزل طالبًا للزيادة ، و إن مسه المكروه ، كالمرض ، و الفقر ، و أنواع البلايا فيئوس قنوط من رحمة الله تعالى ، و يظن أن هذا البلاء هو القاضي عليه بالهلاك ، و يتشوش من إتيان الأسباب ، على غير ما يحب و يطلب"(14) فيقع في ذهنه أنه لا يتهيأ له بعد هذا خير"(15)
هلــوع
قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا) الآية : 19 من سورة المعارج
و هذا الوصف للإنسان من حيث هو وصف طبيعته الأصلية ، أنه هلوع ، و فسر الهلوع بأنه : (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا) فيجزع إن أصابه فقر أو مرض ، أو ذهاب محبوب له ، من مال أو أهل أو ولد ، و لا يستعمل في ذلك الصبر و الرضا بما قضى الله ، (وَ إِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا) فلا ينفق مما آتاه الله ، و لا يشكر الله على نعمه و بره ، فيجزع في الضراء ، و يمنع في السراء" (16) قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا موسى بن عُلَيّ بنُ رَباح : سمعت أبي يحدث عن عبد العزيز بن مروان بن الحكم قال : سمعت أبا هُرَيرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : شر ما في رجل شُحٌ هالع ، و جبن خالع"(17)
و الهلع : شدّة الجَزَع مع شدّة الحرص و الضجر" (18)
طــاغي
قال تعالى : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى) الآية : 6 من سورة العلق
الإنسان هنا ليس شخصاً معيناً ، بل المراد الجنس ، كل إنسان من بني آدم إذا رأى نفسه استغنى فإنه يطغى ، من الطغيان و هو مجاوزة الحد ، إذا رأى أنه استغنى عن رحمة الله طغى و لم يبالِ ، إذا رأى أنه استغنى عن الله عز و جل في كشف الكربات و حصول المطلوبات صار لا يلتفت إلى الله و لا يبالي ، إذا رأى أنه استغنى بالصحة نسي المرض ، و إذا رأى أنه استغنى بالشبع نسي الجوع ، إذا رأى أنه استغنى بالكسوة نسي العري ، و هكذا فالإنسان من طبيعته الطغيان و التمرد متى رأى نفسه في غنى ، و لكن هذا يخرج منه المؤمن ، لأن المؤمن لا يرى أنه استغنى عن الله طرفة عين ، فهو دائماً مفتقر إلى الله سبحانه و تعالى ، يسأل ربه كل حاجة ، و يلجأ إليه عند كل مكروه ، و يرى أنه إن وكله الله إلى نفسه وكله إلى ضعف و عجز و عورة ، و أنه لا يملك لنفسه نفعاً و لا ضًّرا ، هذا هو المؤمن ، لكن الإنسان من حيث هو إنسان من طبيعته الطغيان" (19)
قال ابن أبي حاتم : حدثنا زيد بن إسماعيل الصائغ ، حدثنا جعفر بن عون ، حدثنا أبو عُمَيس ، عن عون قال : قال عبد الله : مَنهومان لا يشبعان ، صاحب العلم و صاحب الدنيا ، و لا يستويان ، فأما صاحب العلم فيزداد رضا الرحمن ، و أما صاحب الدنيا فيتمادى في الطغيان" (20)
كنـــود
قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) الآية : 6 من سورة العاديات
الكنود قال الحسن : هو الذي يعد المصائب ، و ينسى نعم ربه" (21) ، و المراد بالإنسان هنا الجنس ، أي أن جنس الإنسان ، إذا لم يوفق للهداية فإنه(لكنود) أي كفور لنعمة الله عز و جل كما قال الله تبارك و تعالى : (و حملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً). و قيل : المراد بالإنسان هو الكافر ، فعلى هذا يكون عامًّا أريد به الخاص ، و الأظهر أن المراد به العموم ، و أن جنس الإنسان لولا هداية الله لكان كنوداً لربه عز و جل ، و الكنود هو الكفر ، أي كافر لنعمة الله عز و جل ، يرزقه الله عز و جل فيزداد بهذا الرزق عتواً و نفوراً ، فإن من الناس من يطغى إذا رآه قد استغنى عن الله ، و ما أكثر ما أفسد الغنى من بني آدم فهو كفور بنعمة الله عز و جل ، يجحد نعمة الله ، و لا يقوم بشكرها ، و لا يقوم بطاعة الله لأنه كنود لنعمة الله"(22)
المصـــــــــــــادر
(1- تفسير ابن كثير . 2- فتح القدير باختصار يسير . 3- تفسير السعدي . 4- تفسير الطبري باختصار يسير . 5- تفسير السعدي . 6- تفسير الجلالين . 7- تفسير البغوي . 8- تفسير السعدي . 9- تفسير الطبري . 10- تفسير ابن كثير . 11- تفسير ابن العثيمين . 12- فتح القدير باختصار يسير . 13- تفسير الطبري . 14- تفسير السعدي باختصار يسير . 15- تفسير ابن كثير . 16- تفسير السعدي . 17- تفسير ابن كثير 18- تفسير الطبري . 19- تفسير ابن العثيمين . 20- تفسير ابن كثير . 21- تفسير ابن كثير . 22- تفسير ابن العثيمين)
منقــــول