الباشـــــــــــق
2010-04-23, 19:49
من دفتر أحوال الخونة: سعد حداد كان ضابطاً نصراني ماروني في الجيش اللبناني أيام الحرب الأهلية الطاحنة التي دارت بلبنان في أواسط السبعينيات القرن الماضي ، بين المسلمين والنصارى ، بسبب الوجود الفلسطيني علي أرض لبنان ، وكان قائداً لكتيبة عسكرية جلها من النصارى مؤلفة من 400 عسكري ، في بلدة "القليعة "علي الحدود مع إسرائيل ، وكان سعد حداد شديد الكراهية للمسلمين والفلسطينيين ، ولذلك أقدم علي الاتصال بالقادة الصهاينة وعرض العمل معهم سنة 1976 في أعقاب محاصرة الفلسطينيين لمناطق " القليعة " ، و"مرجعيون "، و"بنت جبيل " ، وبالفعل قام الصهاينة بتزويده بالسلاح والذخائر ، ولم يلتفت له أحد لانشغال الناس بالقتال الداخلي حتى أعلن سعد حداد عن تشكيل دولة لبنان الحر سنة 1979 ، وشكل ما يعرف بجيش لبنان الجنوبي ، واشترك في مذابح صبرا وشاتيلا مع الصهاينة والمليشيات النصرانية ضد المخيمات الفلسطينية سنة 1982 ، ولكنه الله عز وجل لم يمهله ليهنأ بخيانته إذ أخذه أخذ عزيز مقتدر بالسرطان الذي عصف بجسده حتى هلك سنة 1984 .
خلف الهالك سعد حداد عميل آخر أشد منه في العمالة والخيانة ، وهو انطوان لحد الذي كان يكبر حداد بأكثر من عشر سنين ، ولكنه كان جباناً خائراً أمام شهرة سعد الهالك ، هذا الخائن الجديد عمل علي توثيق علاقاته مع إسرائيل بحيث أصبح حارس أمن الصهاينة من ناحية الجنوب اللبناني ، وكان يدعو لضم جنوب لبنان للكيان الصهيوني باعتباره امتداداً جغرافياً وطبيعياً له ، ظل يمارس دوره في محاربة المقاومة اللبنانية حتى مايو 2000 ، وفيه تم انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني بعد تفاهمات غامضة مع حزب الله الشيعي ، وأصبح لحد وأعوانه في مهب الريح ، حيث استغنت إسرائيل عن خدماتهم ، وتركتهم يتفرقون شذر مذر ، وأيدي سبا بين البلاد ، وقد حاول بعض الخونة من أعضاء جيش لبنان الجنوبي العميل أن يدخل الحدود الإسرائيلية فاراً من وجه الغضب الشعبي في لبنان ، فأطلق الجنود الصهاينة عليهم النيران في مشهد ذي دلالات وعبر كثيرة ، ما زال محفوراً في الذاكرة اللبنانية حتى الآن .
ثم رأي الصهاينة بعد ذلك أن يواصلوا الاستفادة من الخونة والعملاء من جيش لبنان الجنوبي ، فوافقوا علي استقبالهم ومنحهم جنسية إسرائيلية منقوصة ، في مقابل دمجهم في الجيش الإسرائيلي في كتيبة خاصة عرفت بكتيبة المستعربين أنشأت عقب انتفاضة الأقصى في أواخر سنة 2000 ، وكانت مهمتها مواجهة رجال الانتفاضة ، ووكلت لتلك الكتيبة أقذر المهام وأحقرها من قتل بدم بارد للفلسطينيين ، واغتصاب وانتهاك وغير ذلك من المهام البشعة التي لا يقوى عليها إلا الخونة المجرمين .
أما كبير الخونة والعملاء (انطوان لحد) فقد فر إلي فرنسا لتكون ملاذه الآمن ، ولكنه اضطر إلي مغادرتها تحت ضغط لبنان علي فرنسا من أجل تسليمه للمحاكمة ، فأخذ يتنقل في البلاد ، وقد تقطعت به السبل ، وأخيراً استقر في تل أبيب بعد أن منح الجنسية مع أعوانه ، وظل مهملاً منزوياً ، وقد افتتح مطعماً حقيراً في أحد ضواحي تل أبيب يعمل فيه الآن ، وهكذا كانت آخرة خدمة الأعداء وخيانة الوطن والأمة .
الظاهرة الدحلانية
محمد دحلان لاشك أنه ظاهرة تستحق الدراسة والتأمل ، من شخص وضيع ولد في مخيم خان يونس سنة 1960 لأسرة معدمة ، لم يكن معروفاً بأي أنشطة سياسية أو اجتماعية حتى فترة الجامعة ، ولكنه تميز خلال دراسته بالجامعة الإسلامية في غزة بالعداء الشديد للتيار الإسلامي ، فانضم للشبيبة التابعة لحركة فتح وهي الحركة التي أنشأتها الحركة لمضادة التيار الإسلامي الذي بدأ يسيطر علي الساحة الشبابية الفلسطينية في تلك الفترة .
هذا العداء الشديد للتيار الإسلامي جعل العين الفاحصة للموساد تقع عليه ، ليتم تلميعه بالأسلوب الانجليزي القديم ، ويعتقل عدة مرات بصورة استعراضية داخل مخيم خان يونس ، لتزداد شعبيته داخل صفوف الفلسطينيين ، ثم تأتي المرحلة التالية ، وهي مرحلة الإبعاد للخارج سنة 1988 ، ليذهب دحلان إلي تونس وهناك يدخل مرحلة جديدة في الإعداد والتحضير لمرحلة ما بعد عرفات واتفاقيات السلام ــ مدريد وأوسلو ــ وفقاً لشهادة (ويتلي برونر) أحد المسئولين السابقين في السي أي إيه ، فإن دحلان والرجوب قد تم تجنيدهما في تونس في أواخر الثمانينيات ، ليكونا فيما بعد أذرعه عرفات القوية ضد الحركة الإسلامية ، ويؤكد ذلك ( يعقوب بيري ) رئيس المخابرات الإسرائيلي السابق في مذكراته إذ يقول : دخلت عقب اتفاقيات أوسلو علي إسحاق رابين وهو مهموم ، فسألته عن سبب قلقه فقال : أخاف من سيطرة رجال من المقاومة علي أراضي السلطة الفلسطينية ، فقال له : الحل أن تقنع عرفات بأن يأتي بدحلان والرجوب ، أحدهما مسئولاً عن جهاز الأمن الوقائي في غزة ن والأخر في الضفة ، وقد كان وقر رابين بذلك عيناً .
وفي سنة 1994 أصبح دحلان مسئولاً عن جهاز الأمن الوقائي بناء علي تفاهمات أوسلو ، لتبدأ معها مرحلة جديدة في حياته المليئة بالفساد والانحلال وسرقة قوت الشعب الفلسطيني ليصل رقم حساباته الخاصة في بنوك إسرائيل وحدها إلي 53 مليون دولار سنة 1997 ، أي في ثلاث سنوات فقط منذ توليه رئاسة الأمن الوقائي ، ولم يستطع أحد أن يحاسبه أو يوقفه عنده حده بسرقاته وفساده لأنه كان علي رأس قائمة عملاء إسرائيل في فلسطين ، ولما طفح به الكيل وجه لعرفات تحذيراً شديد اللهجة ، أعقبه استقالة دحلان سنة 2001 من منصبه في الأمن الوقائي وأخذ يوجه انتقادات شديدة للرئيس عرفات ويصفه نفسه بالإصلاحي الديمقراطي ، ويهدد بالانقلاب علي السلطة ، وتحت ضغوط شديدة من محمود عباس دخل دحلان التشكيلة الوزارية الجديدة سنة 2003 في منصب الأمن الداخلي .
قمة العقبة وترقية الجواسيس
"إن هذا الفتي يعجبني " هكذا عبر بوش الصغير عن إعجابه بدحلان عضو الوفد الفلسطيني في مفاوضات قمة العقبة الأردنية سنة 2003 ، وبالقطع كان ذلك للخدمات الجليلة التي يقدمها دحلان لأمريكا وإسرائيل ، في إشارة واضحة أن مرحلة عرفات قد انتهت ، وأن أمثال دحلان عباس هم الذين ستولون تسيير المصالح الأمريكية و الإسرائيلية في الأراضي المحتلة .
وبدأ المخطط الدحلاني في الإطاحة بالرئيس عرفات ، ففي خطاب وجهه دحلان لشاؤول مافوز وزير الدفاع الإسرائيلي السابق ونشرته الصحف الإسرائيلية جاء فيه : ( إن السيد ياسر عرفات قد أصبحت أيامه معدودة ، ولكن دعونا نذيبه علي طريقتنا ، وليس علي طريقتكم ، وتأكدوا أيضا أن ما قطعته علي نفسي أمام الرئيس بوش من وعود ، فإنني مستعد لدفع حياتي ثمناً لها ) وهو ما تحقق فعلاً ورحل عرفات وأصابع اتهام تكاد تشير إلي دحلان وزمرته مما استقطبهم من قيادات فتح وكوادره الذين رأوا في دحلان رجل المرحلة المقبلة .
فرار فأر غزة المذعور
أتت انتخابات 2006 بحركة حماس للتشكيلة الوزارية وتلبد الوضع داخل قطاع غزة والضفة ، إذ أخذت أحلام دحلان تصطدم بقوة وجود حماس داخل المؤسسات السياسية والتنفيذية خاصة في ظل وجود رجل مثل الشيخ سعيد صيام رحمه الله علي رأس جهاز الأمن ، فأخذ دحلان يبحث عن كيفية تفجير الوضع داخل غزة لإحداث شرخ في الجدار الفلسطيني ، وبالتعاون مع أمريكا وإسرائيل تم ضخ عشرات الملايين علي جهاز الأمن الوقائي التابع لدحلان ، لتكوين ما يسمي بالقوة الفولاذية ، من أجل الانقلاب المرتقب والذي وعد فيه دحلان أسياده الأمريكان والصهاينة بأنه سيدمر حركة حماس تدميراً شاملاً .
وبالفعل شهدت أواسط سنة 2007 الانقلاب علي حماس في غزة ، ولكنه المفاجأة التي فوجئ بها الأمريكان والصهاينة أن عميلهم دحلان الذين أنفقوا عليه مئات الملايين من أجل القضاء علي حماس ، قد فر من غزة مذعوراً مثل الفأر لا يلوي علي شيء ، وقد انكشفت كثير من فضائحه بالمستندات والأدلة الدامغة بعد سقوط مبني الأمن الوقائي ، ليهرب دحلان المذعور إلي أوروبا يمكث حيناً من الوقت ليعود بعدها إلي الضفة الغربية ، ليبدأ في تأليب الصهاينة والأمريكان من جديد علي بني شعبه ، ليكون له الدور البارز في العدوان الصهيوني الغاشم علي غزة أواخر سنة 2008 ، ليشمت في أهله وعشيرته في وسائل الإعلام ، في مشهد في غاية الخسة والنذالة التي لا يقدم علي إلا من انسلخ من هويته .
دحلان رجل الموساد الأول
دحلان خلال الفترة السابقة وأثناء إقامته في رام الله قام بتجميع كوادره الجبانة التي فرت من قطاع غزة من مرتزقة الأمن الوقائي وأدمجهم في الجهاز الأمني الذي كونه الجنرال دايتون الأمريكي بالضفة ، وهو الجهاز المكلف بإجهاض المقاومة الإسلامية والوطنية في الضفة الغربية ، ثم اصطفي منهم مجموعة خاصة أنشأ بهم فرقة خاصة لتقديم الدعم اللوجستي لجواسيس الموساد ، وقامت هذه المجموعة بالعديد من العمليات القذرة بالتعاون مع الموساد الإسرائيلي ضد رجال المقاومة وأبطال الجهاد الفلسطيني ، وآخرهم كان القائد الشهيد محمود المبحوح الذي اغتيل في دبي منذ أسابيع ، والذي كشفت التحقيقات عن تورط اثنين من رجال دحلان في هذه الجريمة البشعة .
هذه الفرقة الخاصة بتقديم الدعم للموساد الإسرائيلي لم يقتصر عملها علي تتبع رجال المقاومة والمشاركة في اغتيالها ، بل تعد الأمر لإدخال كوادر الموساد إلي الدول العربية ، كما كشفت التحقيقات الجارية بخصوص الجاسوس الإسرائيلي الذي تم اكتشافه بالجزائر الأسبوع الماضي ، وهذا يجعل دحلان هو رجل الموساد الأول في المنطقة .
دحلان علي خطي حداد ولحد
دحلان أخذ في الأيام الفائتة في الضغط بواسطة فريقه المتنفذ داخل حركة فتح من أجل استحداث منصب جديد داخل السلطة ، هو منصب نائب رئيس السلطة ، بعد التدهور الكبير الذي لحق بصحة محمود عباس ، وخوفاً من الغياب المفاجئ لعباس وهو الأمر الذي سيؤدي لتولي عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي ، وهو أسوأ كوابيس دحلان وفريقه الموسادي .
دحلان بواسطة فريقه الموالي له داخل الهيئة العليا للحركة أخذ يقصى كل الأسماء المؤهلة والمرشحة لتولي هذا المنصب مثل محمد غنيم أمين سر الحركة ، مما أدي لاشتعال الخلافات في الجبهة الداخلية لفتح ، خاصة وهناك العديد من الشخصيات الرافضة لهيمنة دحلان وعلاقاته مع الصهاينة مثل هاني الحسن وصخر حبش وأحمد حلس والفريق المجايدة وغيرهم .
دحلان بفكرته الجديدة يسعي لتدشين الخطوة قبل الأخيرة من مخططه الرامي لتولي الرياسة الفلسطينية ، وتأسيس دولة فلسطين الحرة التي تشبه لحد كبير دولة لبنان الحر التي أسسها سعد حداد ، دولة عميلة خائنة في قلب العالم الإسلامي تهدر فيها حقوق ملايين اللاجئين ، ودماء مئات الألوف من الشهداء والجرحى ، يكون غاية وجودها الوحيد تحييد القضية الفلسطينية ودفنها للأبد ، والقضاء علي حركة المقاومة علي الأرض المباركة ، وحماية حدود الكيان الصهيوني وأمنه ، وتقدم علي تهديد وزعزعة أمن الدول المجاورة ، وتكون محطة عبور آمن للجواسيس والعملاء عبر دول المنطقة ، وهذا كله سيحدث إذا وصل من هو مثل فأر غزة المذعور إلي سدة الحكم في فلسطين .
المصدر: مفكرة الإسلام
خلف الهالك سعد حداد عميل آخر أشد منه في العمالة والخيانة ، وهو انطوان لحد الذي كان يكبر حداد بأكثر من عشر سنين ، ولكنه كان جباناً خائراً أمام شهرة سعد الهالك ، هذا الخائن الجديد عمل علي توثيق علاقاته مع إسرائيل بحيث أصبح حارس أمن الصهاينة من ناحية الجنوب اللبناني ، وكان يدعو لضم جنوب لبنان للكيان الصهيوني باعتباره امتداداً جغرافياً وطبيعياً له ، ظل يمارس دوره في محاربة المقاومة اللبنانية حتى مايو 2000 ، وفيه تم انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني بعد تفاهمات غامضة مع حزب الله الشيعي ، وأصبح لحد وأعوانه في مهب الريح ، حيث استغنت إسرائيل عن خدماتهم ، وتركتهم يتفرقون شذر مذر ، وأيدي سبا بين البلاد ، وقد حاول بعض الخونة من أعضاء جيش لبنان الجنوبي العميل أن يدخل الحدود الإسرائيلية فاراً من وجه الغضب الشعبي في لبنان ، فأطلق الجنود الصهاينة عليهم النيران في مشهد ذي دلالات وعبر كثيرة ، ما زال محفوراً في الذاكرة اللبنانية حتى الآن .
ثم رأي الصهاينة بعد ذلك أن يواصلوا الاستفادة من الخونة والعملاء من جيش لبنان الجنوبي ، فوافقوا علي استقبالهم ومنحهم جنسية إسرائيلية منقوصة ، في مقابل دمجهم في الجيش الإسرائيلي في كتيبة خاصة عرفت بكتيبة المستعربين أنشأت عقب انتفاضة الأقصى في أواخر سنة 2000 ، وكانت مهمتها مواجهة رجال الانتفاضة ، ووكلت لتلك الكتيبة أقذر المهام وأحقرها من قتل بدم بارد للفلسطينيين ، واغتصاب وانتهاك وغير ذلك من المهام البشعة التي لا يقوى عليها إلا الخونة المجرمين .
أما كبير الخونة والعملاء (انطوان لحد) فقد فر إلي فرنسا لتكون ملاذه الآمن ، ولكنه اضطر إلي مغادرتها تحت ضغط لبنان علي فرنسا من أجل تسليمه للمحاكمة ، فأخذ يتنقل في البلاد ، وقد تقطعت به السبل ، وأخيراً استقر في تل أبيب بعد أن منح الجنسية مع أعوانه ، وظل مهملاً منزوياً ، وقد افتتح مطعماً حقيراً في أحد ضواحي تل أبيب يعمل فيه الآن ، وهكذا كانت آخرة خدمة الأعداء وخيانة الوطن والأمة .
الظاهرة الدحلانية
محمد دحلان لاشك أنه ظاهرة تستحق الدراسة والتأمل ، من شخص وضيع ولد في مخيم خان يونس سنة 1960 لأسرة معدمة ، لم يكن معروفاً بأي أنشطة سياسية أو اجتماعية حتى فترة الجامعة ، ولكنه تميز خلال دراسته بالجامعة الإسلامية في غزة بالعداء الشديد للتيار الإسلامي ، فانضم للشبيبة التابعة لحركة فتح وهي الحركة التي أنشأتها الحركة لمضادة التيار الإسلامي الذي بدأ يسيطر علي الساحة الشبابية الفلسطينية في تلك الفترة .
هذا العداء الشديد للتيار الإسلامي جعل العين الفاحصة للموساد تقع عليه ، ليتم تلميعه بالأسلوب الانجليزي القديم ، ويعتقل عدة مرات بصورة استعراضية داخل مخيم خان يونس ، لتزداد شعبيته داخل صفوف الفلسطينيين ، ثم تأتي المرحلة التالية ، وهي مرحلة الإبعاد للخارج سنة 1988 ، ليذهب دحلان إلي تونس وهناك يدخل مرحلة جديدة في الإعداد والتحضير لمرحلة ما بعد عرفات واتفاقيات السلام ــ مدريد وأوسلو ــ وفقاً لشهادة (ويتلي برونر) أحد المسئولين السابقين في السي أي إيه ، فإن دحلان والرجوب قد تم تجنيدهما في تونس في أواخر الثمانينيات ، ليكونا فيما بعد أذرعه عرفات القوية ضد الحركة الإسلامية ، ويؤكد ذلك ( يعقوب بيري ) رئيس المخابرات الإسرائيلي السابق في مذكراته إذ يقول : دخلت عقب اتفاقيات أوسلو علي إسحاق رابين وهو مهموم ، فسألته عن سبب قلقه فقال : أخاف من سيطرة رجال من المقاومة علي أراضي السلطة الفلسطينية ، فقال له : الحل أن تقنع عرفات بأن يأتي بدحلان والرجوب ، أحدهما مسئولاً عن جهاز الأمن الوقائي في غزة ن والأخر في الضفة ، وقد كان وقر رابين بذلك عيناً .
وفي سنة 1994 أصبح دحلان مسئولاً عن جهاز الأمن الوقائي بناء علي تفاهمات أوسلو ، لتبدأ معها مرحلة جديدة في حياته المليئة بالفساد والانحلال وسرقة قوت الشعب الفلسطيني ليصل رقم حساباته الخاصة في بنوك إسرائيل وحدها إلي 53 مليون دولار سنة 1997 ، أي في ثلاث سنوات فقط منذ توليه رئاسة الأمن الوقائي ، ولم يستطع أحد أن يحاسبه أو يوقفه عنده حده بسرقاته وفساده لأنه كان علي رأس قائمة عملاء إسرائيل في فلسطين ، ولما طفح به الكيل وجه لعرفات تحذيراً شديد اللهجة ، أعقبه استقالة دحلان سنة 2001 من منصبه في الأمن الوقائي وأخذ يوجه انتقادات شديدة للرئيس عرفات ويصفه نفسه بالإصلاحي الديمقراطي ، ويهدد بالانقلاب علي السلطة ، وتحت ضغوط شديدة من محمود عباس دخل دحلان التشكيلة الوزارية الجديدة سنة 2003 في منصب الأمن الداخلي .
قمة العقبة وترقية الجواسيس
"إن هذا الفتي يعجبني " هكذا عبر بوش الصغير عن إعجابه بدحلان عضو الوفد الفلسطيني في مفاوضات قمة العقبة الأردنية سنة 2003 ، وبالقطع كان ذلك للخدمات الجليلة التي يقدمها دحلان لأمريكا وإسرائيل ، في إشارة واضحة أن مرحلة عرفات قد انتهت ، وأن أمثال دحلان عباس هم الذين ستولون تسيير المصالح الأمريكية و الإسرائيلية في الأراضي المحتلة .
وبدأ المخطط الدحلاني في الإطاحة بالرئيس عرفات ، ففي خطاب وجهه دحلان لشاؤول مافوز وزير الدفاع الإسرائيلي السابق ونشرته الصحف الإسرائيلية جاء فيه : ( إن السيد ياسر عرفات قد أصبحت أيامه معدودة ، ولكن دعونا نذيبه علي طريقتنا ، وليس علي طريقتكم ، وتأكدوا أيضا أن ما قطعته علي نفسي أمام الرئيس بوش من وعود ، فإنني مستعد لدفع حياتي ثمناً لها ) وهو ما تحقق فعلاً ورحل عرفات وأصابع اتهام تكاد تشير إلي دحلان وزمرته مما استقطبهم من قيادات فتح وكوادره الذين رأوا في دحلان رجل المرحلة المقبلة .
فرار فأر غزة المذعور
أتت انتخابات 2006 بحركة حماس للتشكيلة الوزارية وتلبد الوضع داخل قطاع غزة والضفة ، إذ أخذت أحلام دحلان تصطدم بقوة وجود حماس داخل المؤسسات السياسية والتنفيذية خاصة في ظل وجود رجل مثل الشيخ سعيد صيام رحمه الله علي رأس جهاز الأمن ، فأخذ دحلان يبحث عن كيفية تفجير الوضع داخل غزة لإحداث شرخ في الجدار الفلسطيني ، وبالتعاون مع أمريكا وإسرائيل تم ضخ عشرات الملايين علي جهاز الأمن الوقائي التابع لدحلان ، لتكوين ما يسمي بالقوة الفولاذية ، من أجل الانقلاب المرتقب والذي وعد فيه دحلان أسياده الأمريكان والصهاينة بأنه سيدمر حركة حماس تدميراً شاملاً .
وبالفعل شهدت أواسط سنة 2007 الانقلاب علي حماس في غزة ، ولكنه المفاجأة التي فوجئ بها الأمريكان والصهاينة أن عميلهم دحلان الذين أنفقوا عليه مئات الملايين من أجل القضاء علي حماس ، قد فر من غزة مذعوراً مثل الفأر لا يلوي علي شيء ، وقد انكشفت كثير من فضائحه بالمستندات والأدلة الدامغة بعد سقوط مبني الأمن الوقائي ، ليهرب دحلان المذعور إلي أوروبا يمكث حيناً من الوقت ليعود بعدها إلي الضفة الغربية ، ليبدأ في تأليب الصهاينة والأمريكان من جديد علي بني شعبه ، ليكون له الدور البارز في العدوان الصهيوني الغاشم علي غزة أواخر سنة 2008 ، ليشمت في أهله وعشيرته في وسائل الإعلام ، في مشهد في غاية الخسة والنذالة التي لا يقدم علي إلا من انسلخ من هويته .
دحلان رجل الموساد الأول
دحلان خلال الفترة السابقة وأثناء إقامته في رام الله قام بتجميع كوادره الجبانة التي فرت من قطاع غزة من مرتزقة الأمن الوقائي وأدمجهم في الجهاز الأمني الذي كونه الجنرال دايتون الأمريكي بالضفة ، وهو الجهاز المكلف بإجهاض المقاومة الإسلامية والوطنية في الضفة الغربية ، ثم اصطفي منهم مجموعة خاصة أنشأ بهم فرقة خاصة لتقديم الدعم اللوجستي لجواسيس الموساد ، وقامت هذه المجموعة بالعديد من العمليات القذرة بالتعاون مع الموساد الإسرائيلي ضد رجال المقاومة وأبطال الجهاد الفلسطيني ، وآخرهم كان القائد الشهيد محمود المبحوح الذي اغتيل في دبي منذ أسابيع ، والذي كشفت التحقيقات عن تورط اثنين من رجال دحلان في هذه الجريمة البشعة .
هذه الفرقة الخاصة بتقديم الدعم للموساد الإسرائيلي لم يقتصر عملها علي تتبع رجال المقاومة والمشاركة في اغتيالها ، بل تعد الأمر لإدخال كوادر الموساد إلي الدول العربية ، كما كشفت التحقيقات الجارية بخصوص الجاسوس الإسرائيلي الذي تم اكتشافه بالجزائر الأسبوع الماضي ، وهذا يجعل دحلان هو رجل الموساد الأول في المنطقة .
دحلان علي خطي حداد ولحد
دحلان أخذ في الأيام الفائتة في الضغط بواسطة فريقه المتنفذ داخل حركة فتح من أجل استحداث منصب جديد داخل السلطة ، هو منصب نائب رئيس السلطة ، بعد التدهور الكبير الذي لحق بصحة محمود عباس ، وخوفاً من الغياب المفاجئ لعباس وهو الأمر الذي سيؤدي لتولي عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي ، وهو أسوأ كوابيس دحلان وفريقه الموسادي .
دحلان بواسطة فريقه الموالي له داخل الهيئة العليا للحركة أخذ يقصى كل الأسماء المؤهلة والمرشحة لتولي هذا المنصب مثل محمد غنيم أمين سر الحركة ، مما أدي لاشتعال الخلافات في الجبهة الداخلية لفتح ، خاصة وهناك العديد من الشخصيات الرافضة لهيمنة دحلان وعلاقاته مع الصهاينة مثل هاني الحسن وصخر حبش وأحمد حلس والفريق المجايدة وغيرهم .
دحلان بفكرته الجديدة يسعي لتدشين الخطوة قبل الأخيرة من مخططه الرامي لتولي الرياسة الفلسطينية ، وتأسيس دولة فلسطين الحرة التي تشبه لحد كبير دولة لبنان الحر التي أسسها سعد حداد ، دولة عميلة خائنة في قلب العالم الإسلامي تهدر فيها حقوق ملايين اللاجئين ، ودماء مئات الألوف من الشهداء والجرحى ، يكون غاية وجودها الوحيد تحييد القضية الفلسطينية ودفنها للأبد ، والقضاء علي حركة المقاومة علي الأرض المباركة ، وحماية حدود الكيان الصهيوني وأمنه ، وتقدم علي تهديد وزعزعة أمن الدول المجاورة ، وتكون محطة عبور آمن للجواسيس والعملاء عبر دول المنطقة ، وهذا كله سيحدث إذا وصل من هو مثل فأر غزة المذعور إلي سدة الحكم في فلسطين .
المصدر: مفكرة الإسلام