تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : متى وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة


moussaoui khaled
2010-04-22, 18:59
متى وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

وفقا للسنة , ما هو الوقت الصحيح لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة ؟ هل نقرأها من بعد الفجر إلى ما قبل صلاة الجمعة , أم في أي وقت من ذلك اليوم ؟ وأيضا , هل قراءة سورة آل عمران يوم الجمعة من السنة ؟ وإذا كان الجواب بنعم , فمتى نقرأها ؟.


الحمد لله
ورد في فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة أو ليلتها أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها :

أ. عن أبي سعيد الخدري قال : " من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق " . رواه الدارمي ( 3407 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 6471 ) .

ب. " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين " .

رواه الحاكم ( 2 / 399 ) والبيهقي ( 3 / 249 ) . والحديث : قال ابن حجر في " تخريج الأذكار " : حديث حسن ، وقال : وهو أقوى ما ورد في قراءة سورة الكهف .

انظر : " فيض القدير " ( 6 / 198 ) .

وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 6470 ) .

ج. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة ، وغفر له ما بين الجمعتين ".

قال المنذري : رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره بإسناد لا بأس به .

" الترغيب والترهيب " ( 1 / 298 ) .

وتقرأ السورة في ليلة الجمعة أو في يومها ، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس ، وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس ، وعليه : فيكون وقت قراءتها من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة .

قال المناوي :

قال الحافظ ابن حجر في " أماليه " : كذا وقع في روايات " يوم الجمعة " وفي روايات " ليلة الجمعة " ، ويجمع بأن المراد اليوم بليلته والليلة بيومها .

" فيض القدير " ( 6 / 199 ) .

وقال المناوي أيضاً :

فيندب قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي رضي اللّه عنه .

" فيض القدير " ( 6 / 198 ) .

ولم ترد أحاديث صحيحة في قراءة سورة " آل عمران " يوم الجمعة ، وكل ما ورد في ذلك ، فهو ضعيف جدّاً أو موضوع .

عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة صلى الله عليه و ملائكته حتى تحجب الشمس " .

رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 6 / 191 ) ، و" الكبير " ( 11 / 48 ) .

والحديث : ضعيف جدّاً أو موضوع .

قال الهيثمي : رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " ، وفيه طلحة بن زيد الرقي وهو ضعيف [ جدّاً ] .

" مجمع الزوائد " ( 2 / 168 ) .

وقال ابن حجر : طلحة ضعيف جداً ونسبه أحمد وأبو داود إلى الوضع .

انظر : " فيض القدير " ( 6 / 199 ) .

وقال الشيخ الألباني : موضوع ، انظر حديث رقم : ( 5759 ) في " ضعيف الجامع " .

ومنها ما رواه التيمي في " الترغيب : " من قرأ سورة البقرة وآل عمران في ليلة الجمعة كان له من الأجر كما بين البيداء أي الأرض السابعة وعروباً أي السماء السابعة " .

قال المناوي : وهو غريب ضعيف جداً . " فيض القدير " ( 6 / 199 ) .

والله أعلم.

الباشـــــــــــق
2010-04-22, 19:49
جزاك الله خير

moussaoui khaled
2010-04-22, 20:25
Merci a vous aussi mon frere

moussaoui khaled
2010-04-23, 12:54
*اللهم إني أسألك إيمانا دائما ويقينا صادقا وعلما نافعا وأسألك دوام النجاة من كل بلية*

moussaoui khaled
2010-04-23, 12:59
كيف نكيِّف حياتنا اليومية مع القرآن ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :


كيف نكيِّف حياتنا اليومية مع القرآن ؟




في زحمة الحياة، والجري وراء السراب، والسباق الرهيب من أجل المادة، قد يغفل الإنسان عن سر وجوده، والغاية التي خلق من أجلها، مع أن المطلوب دائماً اليقظة الإيمانية التي تحول بين القلب والمؤثرات المادية، وتعطل دوره في قيادة الإنسان إلى الله.
وصدق الله العظيم إذ يقول: >أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون </122 (الأنعام).
لقد كان الأولون يقرأون القرآن، فيرتقون إلى مستواه، أما نحن فنقرأ القرآن، فنشده إلى مستوانا، وهذا ظلم بيِّن لمنهج الله، ولقد تلقى الجيل الأول من المسلمين هذا الدستور، فصاغوا حياتهم على أساسه، وأخذوه على أنه تعاليم وتوجيهات للتنفيذ والتطبيق والعمل، فكان الفتح الجديد للعالم، وكانت الحضارة الجديدة التي أنعشت الإنسانية، وارتقت بها، وتمت المعجزة، لأن الأمة الإسلامية كانت في مستوى المنهج الرباني، في الفهم، والالتزام، والصدق، والإخلاص.
ويقول عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن، فرزقنا العلم والعمل معاً".
ويقول سالم مولى أبي حذيفة ـ رضي الله عنه ـ وقد كان نموذجاً لعطاء حامل القرآن، واستشهد في حرب اليمامة: "بئس حامل القرآن أنا. إن أوتيتم من قِبَلي" فغرس حربته واستشهد في مكانه، ورفض أن يتزحزح أمام هجوم المرتدين.
نعم: لقد تكيَّفوا معه في حياتهم اليومية، وفي عقولهم ومشاعرهم، وفي حركتهم وسلوكهم، وفي كل أنشطتهم، يقول الحق تبارك وتعالى: </وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا</
فالقرآن روح قبل أن يكون ألفاظاً ومعاني، والاهتمام بهذا الجانب يجب أن يأخذ مكانه في قلوبنا وعقولنا، وللروح آثارها في حياة المؤمن، وآية واحدة من هذا الدستور، كفيلة ـ لو أحسنا استقبالها، عملاً واعتقاداً، والتزاماً بتكاليفها في غير فتور ولا كسل مع مخالطة روحها لخفايا القلب ـ فإنها كفيلة بإحياء الإنسان ظاهراً وباطناً، والقرآن حبل الله المتين، كما ورد عن رسول الله من حِـكم ضرب المثل بـ"البعوضة" في القرآن ، طرفه بيد الله، وطرفه الآخر بيد الناس، فأي جزء أخذنا منه بجد وقوة، سرى سره في القلوب، فارتجفت به وسرت فيها لحياة الحقة، قال تعالى: الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى" ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد 23(الزمر)


شمول المنهج


وأنبه إلى أن مهمة القرآن ليست حياة القلب فحسب، إنما هي وضع مناهج العمل الذي تنتظم به الحياة، حتى لا يضل المرء، عملاً واعتقاداً، أثناء سيره إلى الله، لكنا نتحدث عن روح القرآن التي تحيا بها القلوب، وعقل الحياة الذي يوجهها إلى الله على بصيرة هو الأحكام الشرعية.
فإذا قرأته وتدبرت آياته، وجدته كلاً لا يقبل التجزئة، ووجب أن ترجع ما فيه من أحكام إلى أصولها، حتى يتبيَّن لك الحق فيها، فلا تقتصر على حكم دون أن تلقي بالاً إلى ما يتعلق به من الآيات الأخرى، كما فعل بعض المسلمين في كثير من المسائل".
ويقول صاحب الظلال محدداً دور أمة الإسلام في حمل هذه الأمانة إلى العالم كله: "لقد جاء هذا القرآن ليربي أمة، ويقيم لها نظاماً، فتحمله هذه الأمة إلى مشارق الأرض ومغاربها، وتعلم به البشرية هذا النظام، وفق المنهج الكامل المتكامل، ومن ثم فقد جاء هذا القرآن مفرقاً وفق الحاجات الواقعية لتلك الأمة، ووفق الملابسات التي صاحبت فترة التربية الأولى، والتربية تتم في الزمن الطويل، وبالتجربة العملية في الزمن الطويل، جاء ليكون منهجاً عملياً يتحقق جزءاً جزءاً في مرحلة الإعداد، وذلك حكمة نزوله مفرقاً".
ويقول القاضي الشهيد عبدالقادر عودة ـ يرحمه الله ـ: "لقد صنع الله موسى وعيسى ومحمداً صلوات الله وسلامه عليهم وأوحى إليهم بالتوراة والإنجيل والقرآن، فهل جاء قبلهم أو بعدهم من غير الرسل من يصح أن يوضع معهم موضع المقارنة؟ وهل استطاع البشر أن يأتوا بمثل ما أتوا به؟ ولقد صنع الله السماء والأرض، وسخر لنا الشمس والقمر، وخلقنا معشر البشر فهل يحسن البشر أن يصنعوا مثل هذا؟ إنهم لا يحسنون أن يصنعوه، بل إن أكثرهم لا يحسنون أن يفقهوا" (التشريع الجنائي:ج1).
ويقول الأستاذ محمد البهي: "سل نفسك قبل قراءة القرآن، هل هواك مع الله؟ أم مع الدنيا؟ واعلم يا أخي: أن كل هوى من الأهواء الدنيوية، إنما هو حجاب كثيف بينك وبين الله، وبين قلبك والقرآن، فحب المال حجاب، وحب البنين حجاب، واشتغال القلب بشواغل الدنيا حجاب أو حجب، وإعجاب المرء بعلمه أو ذكائه أو صلاحه أو قوته أو جاهه، من الموانع الكثيفة الثقيلة، وميل الطبع إلى شيء مما حرَّم الله، وبغضه الخير لمنافسيه، وحسده وحقده، ورغبته في نزول الأذى والمصيبة بمن يكره، هذا ونحوه: أكنة يبتلى بها القلب، فتحول دون وصول روح القرآن إليه.
وصدق الله العظيم إذ يقول: وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا >وجعلنا على" قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على" أدبارهم نفورا 46(الإسراء)، (تذكرة الدعاة بتصرف).
ثم يقول ـ رحمه الله ـ مركزاً على هذه المعاني في دنيا القلوب، وحياة الأرواح: "يا أخي حياة القلب هي كل شيء، وأنت طالب حياة، فلا تبخل بأي جهد يجعلك من الأحياء، مهما شق عليك، ونحن في رسالة لا ينهض بحقها إلا القلب الحي، فمن رحلة إلى الدار الآخرة، لا ينفع فيها مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فجرِّد قلبك من هذه الأهواء، فإنك حينئذ تدرك وتحس، وتكره وتحب، وتبكي، وتخشع، وأنت في روضة من رياض الجنة".<ضرورة الطاعة لكتاب الله



إن قضية الدين الأساسية: هي اتباع المسلم لما أنزل الله، والاعتراف بربوبية الله، والتزام أوامره، واجتناب نواهيه، قال تعالى: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون(3)(الأعراف).
اتباع هذا الوحي لأنه حق ويقوم على الحق، ويقر الحق في الأرض، فالحق مادته، والحق غايته، ومن الحق قوامه، وهو الحق الأصيل الثابت الذي خلق الله السموات والأرض قائمين به، فالحق سداه، والحق لحمته، وغايته، وسيد الدعاة صلى الله عليه و سلم مبشر ومنذر به، وصدق الله العظيم إذ يقول: وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا </105>(الإسراء).
إن جميع جزئيات هذا الكتاب وكلياته صدق وعدل، فيما تحتوي عليه من معنى، وفيما تدل عليه من أحكام وتشريع ومن مفهوم، ومن أجل ذلك لا تبدل كلماته، قال تعالى: وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم</115>(الأنعام).
إن أكثر الناس في زماننا هذا قد يبتعدون عن كتاب الله، ويهجرونه، ويركنون إلى المناهج الوضعية وإلى الظن في تصوراتهم وحياتهم، وفي أحكامهم ومشورتهم، وهم في حقيقة أمرهم يلجؤون إلى طريق المغالطة لتغطية أغراضهم، والهروب من المواجهة التي تطاردهم، ويكاد المريب يقول: "خذوني".
إن الذي يهجر كتاب الله ويبتعد عنه، وهو ما هو في صدق كلماته، وعظمة تشريعاته، وعدل مبادئه، إنما يبتعد عن الصدق والحق والعدل، إنما يبتعد عن نور الله، إنما يبتعد عن الحق الذي قامت عليه السموات والأرض، إنما يبتعد عن الموازين التي وضعها المولى سبحانه وتعالى: والبديل للأسف عنده، هو الظن والهوى، وصدق الله العظيم إذ يقول: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون </116>(الأنعام).
فمن جانب: هناك حق وصدق وعدل، وموازين وقيم ثابتة، هي ما في هذا الدستور الخالد، الذي طُبق ما يزيد على ألف سنة، فعاش المسلمون في ظله أحراراً، ومن جانب آخر: هناك ظن وكذب وغفلة، وهو ما يتبعه أكثر الناس، والعبرة دائماً ليست بالكم ولا بالنوع، لكن العبرة بما ينطوي على الحق والصدق والعدل.
وإذن: فليس هناك خيار سوى اتباع منهج الله، والسير على منواله، وترك ما عليه الناس، لمن أراد أن يتجنب الضلال والضياع، وصدق رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قال: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا أبداً ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي، ألا هل بلغت اللهم فاشهد".>
دمتم برعاية الله

moussaoui khaled
2010-04-23, 13:03
صفات خير النساء فى القرآن الكريم
يقول عز من قائل

" عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا " (التحريم : 5 )

ومن هنا فقد ظننت أن ما فهمته من هذه الآية الكريمة لم يسبق إليه أحد من قبل ، إلا أن تكون إشارت لا تفى بالغرض ، فهذه الآية الكريمة ، كما نفهم تحمل الصفات التى جاءت فى خير النساء طرا وهي :

1- " مسلمات " تعنى : خاضعات لله بالطاعة
2- " مؤمنات " : يعني مصدقات بالله ورسوله.
3- " قانتـــات " : مطيعات لله.
4- " تائبـــات " : راجعات إلى ما يحبه الله منهن من طاعته عما يكرهه منهن.

5- " عابدات " : متذللات لله بالطاعات
6- " سائحات " : صائمات ، هذا المعنى جاء فى أقوال ابن عباس وقتادة والضحاك ، وقال آخرون: السائحات: المهاجرات ، وقال ابن زيد : ليس في القرآن ، ولا في أمة محمد سياحة إلا الهجرة ، وهي فى قوله تعالى (السائحون ). وكان بعض أهل العربية يقول : نرى أن الصائم إنما سمي سائحا ، لأن السائح لا زاد معه ، وإنما يأكل حيث يجد الطعام ، فكأنه أخذ من ذلك.
7- " ثيبات " : وهن اللواتي قد افترعن وذهبت عذرتهن.
8- " وأبكارا " : وهن اللواتي لم يجامعن ، ولم يفترعن.


كما أن الآية الكريمة تحمل أيضا خطابا خاصا موجه لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، فالخطاب جاء يشملهن كلهن ، وإن كانت العلة فيه عائشة وحفصة رضي الله عنهما ، ويتضح ذلك من قوله تعالى : " إن تتوبا إلى الله "

وجاء الخطاب على طريقة الإلتفات ليكون أبلغ في معاتبتهما والتوبة من التعاون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإيذاء.
" فقد صغت قلوبكما " ، أي عدلت ومالت عن الحق ، وهو حق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وذلك حق عظيم يوجد فيه استحقاق العتاب بأدنى تقصير.

يقول الإمام الطبري فى تفسيره المسمى (جامع البيان في تأويل القرآن) قيل : إن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم تحذيرا من الله نساءه ، لما اجتمعن عليه في الغيرة.

جاء فى سبب نزول هذه الآية رواية أنس عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال : بلغني عن بعض أمهاتنا ، أمهات المؤمنين شدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذاهن إياه ، فاستقريتهن امرأة امرأة ، أعظها وأنهاها عن أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقول : إن أبيتن أبدله الله خيرا منكن ، حتى أتيت ، حسبت أنه قال على زينب ، فقالت : يا ابن الخطاب ، أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت؟ فأمسكت ، فأنزل الله سبحانه " عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن "

ولكن – ما سبب هذه الشدة ، وما نوع الايذاء الذى تعرض له النبي من أزواجه ؟

ذكر الواحدي فى (أسباب النزول) أن سبب نزول سورة التحريم " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك " ، وما بعدها أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم ولده مارية في بيت حفصة ، فوجدته حفصة معها ، فقالت: لم تدخلها بيتى ، ما صنعت بي هذا من بين نسائك إلا من هواني عليك ، فقال لها : لا تذكري هذا لعائشة ، هي علي حرام إن قربتها ، قالت حفصة : وكيف تحرم عليك وهي جاريتك ؟ فحلف لها لا يقربها ، وقال لها : لا تذكريه لأحد ، فذكرته لعائشة ، فأبى أن يدخل على نسائه شهرا ، واعتزلهن تسعا وعشرين ليلة ، فأنزل الله تبارك وتعالى - لم تحرم ما أحل الله لك - الآية.

ولا يشغلنا ورود سبب آخر لنزول الآية عن المطلوب ، بل ما تلفتنا إليه الآيات أن الله سبحانه وتعالى بعد أن عاتب أمهات المؤمنين على تقصيرهن فى حفظ حق رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهو حق عظيم ، كشف لنا عن عظمة نبيه بما لا تطيقه الجبال ، حتى يشعرهن بالأولى بهن من غيرهم ، وهو توقيره ونصرته وتأييده ورعاية حق نبوته ورسالته ، فليس هو زوجا كالأزواج ، كما أنهن لسن نساء كالنساء.

والمتأمل المتدبر فى الآيات الكريمة سيرى ما انكشف لأمته صلى الله عليه وسلم ، وما علمته أمهات المؤمنين علم اليقين من تهديد الله سبحانه وتعالى لهن ، فقد علمن علما هو عين اليقين قدر نبي الله صلى الله عليه وسلم وعظمته ومنزلته عند ربه سبحانه وتعالى !

وذلك فى قوله تعالى : " وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير" (التحريم : 2 )

هنا تعلونا الدهشة ، ويكسونا البشر والفرحة ، فما أعظم كرامتك يا نبي الله وعظم قدرك ومنزلتك عند ربك سبحانه وتعالى !

يخوف الله جل شأنه أمهات المؤمنين ، بألا يتعاون على إيذاء حبيبه صلى الله عليه وسلم ، ويخوفهن من نفسه سبحانه ، فالله مولاه وناصره ، فلا يضره اجتماعكن وتظاهركن عليه ، ومن كان الله سبحانه وتعالى مولاه ، فكل خلقه من صالح المؤمنين تبعا لذلك ، ويتفرد كبير الملائكة ورئيسهم جبريل عليه السلام من قبل أولئك جميعا بالنصرة والمولاة لحبيب الله صلى الله عليه وسلم ، فقد قرن الله سبحانه وتعالى ذكره بذكره مفردا له من الملائكة تعظيما له وإظهارا لمكانته عنده سبحانه وتعالى ، ويأتى من بعده صالح المؤمنين.

وقد تعددت أقوال الكثيرين من أهل التفسير كمقاتل والضحاك وغيرهما فيمن المقصود بصالح المؤمنين ، فمن قائل :
1- أنهم خيار المؤمنين.
2- وقيل : من صلح من المؤمنين ، أي كل من آمن وعمل صالحا.
3- وقيل : من بريء منهم من النفاق.
4- وقيل : الأنبياء كلهم.
5- وقيل : الخلفاء .
6- وقيل : الصحابة.


والحق أن ما فهمناه أن كلمة ( صالح المؤمنين ) كلمة عامة تشمل كل المؤمنين ، فلا يظن عاقل أن المنافقين منهم ، إلا أن يكون القصد سلب صفة ليست فيهم ، وتأكيدا على خلو الصالحين من كل ما يشوش حقيقة الإيمان والعمل الصالح ، وإلا ما جاءت الآية بقوله سبحانه وتعالى بلفظ " صالح " ، فالصلاح كما نفهم من أقوال أهل الحق والحقيقة دائرة كبرى تشمل جميع المؤمنين الذين يعملون الصالحات ، وفيهم الأولياء والأنبياء والمرسلين ، فلا يظن أبدا أنها مقصورة على طبقة منهم دون أخرى.

يقول الإمام الفخر الرازي فى ( مفاتيح الغيب) أن لفظ : " صالح " ههنا ينوب عن الجمع ، ويجوز أن يراد به الواحد والجمع.

وقال ابن عباس : يريد أبا بكر وعمر.

وهذا كلام ينزل من ترجمان القرآن على قلوبنا بردا وسلاما ، وبخاصة لو تنبهنا أن أبا بكر والد عائشة رضي الله عنهما ، وأن عمر هو والد حفصة رضي الله عنهما ، كما أن عمر رضي الله عنه هو الذى وعظهن ، فلم يرتدعن حتى نزلت الآية على مراده ، فكان الشيخان هما من بين صالح المؤمنين الأولى بعد جبريل عليه السلام فى موالاة ونصرة نبي الله وحبيبه صلى الله عليه وسلم على من عاداه.

ولا شك أن من تولاه الله تعالى بنصرته ، كان حزب الله كلهم فى موالاته ونصرته ، وعلى رأسهم جبريل عليه السلام منفردا ، ثم أبو بكر وعمر لبيان عظم المنقبة ، وكبير المنزلة التى لهما عند ربهما سبحانه وتعالى ، فهما يواليان الله ورسوله بأموالهما ، وأهليهما ، ونفسيهما ، فلا يؤثران شيئا على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم يأتى بعد ذلك الملائكة جميعا صفا صفا وراء جبريل عليه السلام فوجا ، أعوانا للنبي صلى الله عليه وسلم ، وسندا له ، وتتوالى صفوف حزب المحبة الإلهية من ملك وجان وإنس وحيوان ونبات وجماد فى مسانده صلى الله عليه وسلم تبعا لذلك ، وهو ما كشفنا عن بعضه مفصلا فى كتابنا ( الكون كله خريطة محمدية )!

ذلك كله فى معرض تخويف نساءه صلى الله عليه وسلم ، وتقصيرهم فى حقه وموالاته وتقديره وتوقيره.

ويزيد ذلك ما توعدهم الله تعالى به فى قوله سبحانه وتعالى : " عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن "

وهنا يجب علينا أن نتنبه لتلك الإشارات اللطيفة فى قوله سبحانه وتعالى " عسى ".

لقد سرنى ما ذهب إليه الزَّبيدي صاحب ( تاج العروس) من أن " عسى " متى جاءت فى جميع آيات القرآن الكريم ، فهي من الله سبحانه وتعالى إيجاب ، إلا قوله تعالى : " عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن " !

وهذا ما فهمناه من سياق الآية الكريمة من قبل أن نرجع إلى معاجم اللغة وبخاصة ( تاج العروس ) ، لأن الله سبحانه وتعالى خاطب نساء النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التخويف ، فلم يطلقهن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يبدله الله سبحانه وتعالى نساء غيرهن .

ومن هنا علمنا علما يقينيا أن تلك الصفات الثمانية التى جاءت فى الآية الكريمة ، هي هي صفات أمهات المؤمنين ، صفات خير النساء طرا ، وهي كما سبق :

1- مسلمات
2- مؤمنات
3- قانتات
4- تائبات
5- عابدات
6- سائحات
7- ثيبات
8- وأبكارا


وقد سبق أن تعرفنا على معانى تلك الصفات.

ولكن ابن كثير فى ( تفسير القرآن العظيم ) أتى بكلام طيب فى تفسير قوله تعالى : " ثيبات وأبكارا " أي: منهن ثيبات ، ومنهن أبكارا، ليكون ذلك أشهى إلى النفوس ، فإن التنوع يبسط النفس.

ولم يكتف بهذا ، بل توسع فى ذلك ، فجاء بأحاديث أكد هو أنها ضعيفة ، تقول أن المقصود بالثيبات : هي آسية امرأة فرعون. أما الأبكار : فهي مريم ابنة عمران .

ولا شك أنه قد أضاف لنا فهما ومعان جديدة لم تكن عندنا.

ولكن - ما يعنينا الآن ، وهو الأولى بفهمنا أن الوصف " ثيبات وأبكارا " جاء شاملا لكل أزواجه سواء كن ثيبات أو كن أبكارا ، فعم الثيبات من أزواج الدنيا ، ولا يمنع أن يشمل معهن أزواج الجنة وفيهن آسيا بنت مزاحم.

كما أن قوله تعالى " وأبكارا " يفيد الجمع ، وبخاصة لو علمنا أنه ليست واحدة من أزواجه صلى الله عليه وسلم ممن تزوجها بكرا سوى عائشة رضي الله عنها ، فيأتى الجمع ليناسب ما يكون عليه الأمر فى الآخرة ، فقد يكون فيه إشارة إلى مريم ابنة عمران عليها السلام ، ولا يمنع من أن تكون أخت موسى عليه السلام من الأبكار ، فقد ذكر ابن كثير حديثا فى ذلك ، وضعفه.

قال أبو أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أعلمت أن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران ، وكلثم أخت موسى ، وآسية امرأة فرعون ؟ فقلت: هنيئا لك يا رسول الله "

نعم ، نحن نحب لنبينا أن يبنى فى الجنة بهاتين المرأتين اللتان ضربتا مثلا للذين آمنوا ، وجاء ذلك المثل فى سورة التحريم بالذات ، وهي ذات السورة التى جاء فيها وصف أمهات المؤمنين ، ليكون فى ذلك مناسابة جليلة ، و إشارة لطيفة تضم المرأتين إلى أمهات المؤمنين ، هذا من وجه .

ومن ثم ، يكون هو صلى الله عليه وسلم أبا لعيسى عليه السلام معنى ، فكما أن أزواجه صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، فهو صلى الله عليه وسلم أبا لجميع المؤمنين ، فهو أولى بهم منهم.

يقول سبحانه وتعالى : " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا " (6)

وأورد ابن كثير الكثير من الأحاديث التى تؤيد فهمنا ، فقد روي عن أبي بن كعب ، وابن عباس أنهما قرآ " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم "

وروي نحو هذا عن معاوية ، ومجاهد ، وعكرمة ، والحسن.

وهو أحد الوجهين في مذهب الشافعي ، كما حكاه البغوي وغيره.

ولما كنا لا نريد أن نشغل القارئ عما بدأناه ، أرجأنا الكلام فى أبوة النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين إلى بحث آخر ، والله المستعان.

وعموما ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أب لجميع المؤمنين ، كما أن أزواجه أمهاتهم ، فهو مولاهم ، وليس له صلى الله عليه وسلم من بينهم أبا يتولاه بالرعاية والعناية والنصرة والتأييد والعصمة ، فلم يبق إلا الله سبحانه وتعالى له مولى يكفله ، ومربيا يغذيه ويرشده ، وحافظا وعاصما وناصرا ومعينا ، فهو مطلوب العناية الإلهية من دون خلقه سبحانه وتعالى.

يقول عز من قائل " ووجدك ضالا فهدى " ( الضحى : 7 )

هذا ، فليس له إلا ربه سبحانه وتعالى ، فهو إلهه ومولاه ، فلا ناصر له إلا هو ، ومن كان الله مولاه ، فكل ما فى الكون من حزب المحبة الإلهية من العرش إلى الفرش عونا له على من عاداه ، وناصرا ، وانظر فى ذلك كتابنا ( الكون كله خريطة محمدية )، فقد كشفنا عن حقيقة حزب المحبة الإلهية بشكل – على حد علمنا - لم يسبق إليه.

لقد أفرده ربه سبحانه وتعالى من بين خلقه ، كما أفرد جبريل عليه السلام من بين الملائكة ، فليس له نظير من خلق الله سبحانه وتعالى إلا جبريل عليه السلام ، فهو أخيه ، فطالما سأله ، كما فى رحلة الإسراء والمعراج خاصة ، قائلا : ما هذا يا أخى يا جبريل ؟

ثم أفرد الحق سبحانه وتعالى صاحبيه أبى بكر وعمر رضي الله عنهما من بين صحابته صلى الله عليه وسلم ، فلا يطاولهما فى مقامهما صفوف الملائكة.

وذلك فى قوله تعالى : " والملائكة بعد ذلك ظهير "

وهذا يعنى أن مقام صالح المؤمنين أعلى من باقى الملائكة دون جبريل عليه السلام ، فهو صف وحده ، كما أن الله سبحانه وتعالى أفرد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من بين إخوانه بالأولية والختام ، وخصه بخصائص المجموع ، فلم تجتمع في أحد من قبله صفات وخصائص التفضيل على التمام والكمال والشمول والكلية والفطرة كما اجتمعت فيه صلى الله عليه وسلم ، فهو خاتم النبيين وإمام المتقين وسيد ولد آدم ، وصاحب الخلق العظيم ، وهو رحمة الله للعالمين ، فلا يجارى ! ( اظر فى ذلك إجمالا وتفصيلا ، كتابنا : الاصطفاء والاجتباء وأنوار الأنبياء ).

انظر أيها المحب الفطن ، كم مقدار الخوف والرهبة التى سرت فى أوصال أمهات المؤمنين ، بعد هذا التوصيف الإلهي لمقام نبيه صلى الله عليه وسلم وعظيم كرامته وقدره عند ربه سبحانه وتعالى!

وبهذا تكون المناسبة بين قوله تعالى : " وضرب الله مثلا للذين آمنوا " الآية ، وبين قوله وتعالى : " وصالح المؤمنين " ، وعائشة وحفصة ، مناسبة تامة.

واعلم سر امتثالهن لأمر ربهن ، وما في ذلك من عظمة معرفتهن بما يرد عليهن من ربهن سبحانه وتعالى ، فما رغبن فى شيء ليس فيه رضاء الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فظهرت كرامتهن عند الله سبحانه ، وبانت منزلتهن عند رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد أمر ألا يبدل بهن غيرهن.

بقول له ربه سبحانه " لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا " ( الأحزاب : 52 )

فامتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه سبحانه وتعالى ، وذلك من عظيم عناية الله تعالى بأمهات المؤمنين ، وما لهن عند الله سبحانه وتعالى من الكرامة ، فليس فى الكون كله نساء أعلى منهن فى درجات الإيمان والعلم بالله تعالى !

يقول عز من قائل فى بيان منزلتهن وأنهن لسن كأحد من النساء ، آمرا لهن " يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا * وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا " ( الأحزاب : 32- 33 )

ومن هنا قلت أن تلك الصفات التى ذكرت فى آية التحريم ، ليست إلا وصفا لنساء النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد قارب ذلك المعنى الشهيد صاحب ( في ظلال القرآن ) ، بقوله أن تلك الصفات : هي الصفات التي يدعوهن إليها عن طريق الإيحاء والتلميح.

وهو تأكيد لما قلناه ، أن ما جاء إنما هو صفات أمهات المؤمنين.

لكن - يبقى العدد ، فصفاتهن فى الآية ثمانية صفات ، فإن تأكد لنا أن أمهات المؤمنين كن ثمانية تأكد لنا أكثر ما توصلنا إليه من فهم ، ، فكم كان عددهن عندما نزلت هذه الآية الكريمة ؟

جاء فى ( الاستيعاب في معرفة الأصحاب ) لابن شهاب ، ما يروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خير أزواجه بدأ بها ، فاختارت الله ورسوله. قالت: وتتابع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كلهن على ذلك.

وهؤلاء هن نساءه صلى الله عليه وسلم اللائى توفى عنهن وكان عددهن ، فيما اتفق عليه علماء السير تسع من أمهات المؤمنين.

وهذا العدد من جملة عدد نسائه صلى الله عليه وسلم اللائى دخل بهن ، فيما اتفق أهل السير عليه ، وهو إحدى عشر امرأة ، هن :

أ - ست من قريش ، كما يلى :

1- خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
2- وسودة بنت زمعة رضي الله عنها.
3- وأم سلمة بنت أبي أمية رضي الله عنها.
4- وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها.
5- وحفصة بنت عمر رضي الله عنها.
6- وأم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها.


ب - أربع من العربيات :

1- زينب بنت جحش رضي الله عنها.
2- وميمونة بنت الحارث رضي الله عنها.
3- زينب بنت خزيمة رضي الله عنها.
4- وجويرية بنت الحارث رضي الله عنها.


ج- واحدة من غير العربيات ، وهي :
جويرية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها رضي الله عنها ، من بني النضير من بني إسرائيل من ولد هارون عليه السلام.

وكان له سريتان يقسم لهما مع أزواجه ، هما :

1- مارية القبطية أم إبراهيم عليه السلام. 2- وريحانة.

وتوفي في حياته صلى الله عليه وسلم من أزواجه اثنتان هما :

1- خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
2- وزينب بنت خزيمة رضي الله عنها.


ومن هنا يكون عدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم اللاتى توفى عنهن تسعة.

ولعل ما يقوى ذلك أن هذا العدد هو نفس العدد الذى وجدناه عند ابن هشام فى سيرته المشهورة باسمه ( سيرة ابن هشام ) ، فقد ذكر أن أزواجه صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين كن تسعا ، وهن :

1- عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها.
2- وحفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها.
3- وأم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب رضي الله عنها.
4- وأم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة رضي الله عنها.
5- وسودة بنت زمعة بن قيس رضي الله عنها.
6- وزينب بنت جحش بن رئاب رضي الله عنها.
7- وميمونة بنت الحارث بن حزن رضي الله عنها.
8- وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار رضي الله عنها.
9- وصفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها.


هؤلاء هن نساءه صلى الله عليه وسلم اللاتي ذكرهن ابن هشام فيما حدثه غير واحد من أهل العلم لم يختلف منهم أحد.

وهذا العدد تسعة هو عدد نساءه صلى الله عليه وسلم اللائى توفى عنهن.

ولنرجع إلى ما كنا فيه من صفات أمهات المؤمنين الثمانية ، فكيف يتفق لنا ، ويتسنى لنا القول بأن عدد نسائه صلى الله عليه وسلم على عدد الصفات الثمانية الموصوفات بها فى الآية الكريمة سابقة الذكر من سورة التحريم ؟!

كيف يمكن القول أنهن ثمانية نساء وقد اتفق علماء السير – كما ذكرنا - أنهن كن تسعة توفى عنهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!

جاء في الصحيحين عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام كان يقسم لثمان ولا يقسم لواحدة.

قال عطاء بن أبي رياح: هي صفية بنت حيي بن أخطب.

قلت: هذا على رواية من روى أنه لم يعقد عليها ولم يحجبها المتقدم خلافها وعدها في أمهات المؤمنين .

ولقوله تعالى : " ترجى من تشاء منهن وتئوي إليك من تشاء" ( الأحزاب : )

ترجى : تؤخر.
وتؤوي ، يعني : تترك مضاجعة من تشاء منهن وتضاجع من تشاء منهن.

روى أنه أرجأ منهم سودة وجويرية وصفية وميمونة وأم حبيبة. وكان يقسم لهن ما شاء كما شاء.

وأوى إليه عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب بنت جحش.

أرجأ خمسا. وآوى أربعا. كذا ذكره المنذري.

وجاء فى ( سبل الهدى والرشاد ) للصالحي الشامي ما ذكره ابن القيم في (زاد المعاد) أنه صلى الله عليه وسلم كان يقسم لثمان منهن دون التاسعة.

ووقع في صحيح مسلم من قول عطاء أن التي لم يقسم لها هي صفية بنت حيي .

ولكن – ابن القيم فى ( زاد المعاد ) يقول أن ذلك غلط من عطاء - رحمه الله تعالى - وإنما هي سودة بنت زمعة رضي الله عنها ، فإنها لما كبرت وهبت نوبتها لعائشة رضي الله عنها ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة.

ثم يأتى ابن القيم لبيان ما استند إليه من غلط ووهم عطاء رحمه الله تعالى ، فسبب هذا الوهم -– كما يقول - والله تعالى أعلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد وجد على صفية في شيء ، فقالت لعائشة: هل لك أن ترضي رسول الله صلى الله عليه وسلم عني وأهب لك يومي ؟
قالت : نعم .
فقعدت عائشة إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم في يوم صفية ، فقال: إليك عني يا عائشة ، فإنه ليس يومك.
فقالت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، فأخبرته بالخبر فرضي عنها ، وإنما كانت قد وهبت لها ذلك اليوم وتلك النوبة الخاصة لذلك .

ومن هنا يحق لنا القول أن الصفات الثمانية هي لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، ولا نستثنى منهن أحدا ، فهن تسع فى العدد ، وثمانية فى االعمل ، فيكون العدد مناسبا لعدد أبواب الجنة ، من ناحية .
ومن ناحية ثانية يكون مناسبا مناسبة بالمطابقة لصفات المؤمنين فى سورة التوبة.
ذلك باعتبار أن صفة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر تعد صفة واحدة!

يقول عز من قائل " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا فى التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم * التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين " ( التوبة : 111- 112 )

ومن هنا نتساءل : هل مازال أحد من أهل القبلة ينازع فى شرف خير نساء العالمين ؟
وهل يعقل أو يقبل من أحد أن يتصور فيمن تلك صفاتهن سوءا ؟!
وهل يطاوعك قلبك ولسانك يا من تزعم أنك على دين الإسلام ، ملة خير البرية ؛ أن تسيئ لمن أحسن إليهن الله وفضهن على العالمين ؟
وهل تتجرأ بعد ذلك وتتألى على الله ويفتئت كذبا وزورا ، فتتهم من شرفهن الله ، فجعلهن أمهات المؤمنين ؟
ألم تقرأ قوله تعالى : " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " ؟

لم يبق لك أيها المسيء إلا أن تثوب إلى رشدك ، وترجع إلى صوابك ، وتتوب إلى الله توبة نصوحا ، عسى ربك أن يتقبل توبتك ، فترجو ثوابه ، و إلا فانتظر عقابه ، فهو سبحانه وتعالى ولي الذين آمنوا ، فلا يتركهم نهبا للظالمين ، فهو يملى للظالم ، فإذا أخذه لم يفلته ، فاحذر !

moussaoui khaled
2010-04-23, 13:06
الأرض تتكلم
الأرض تتكلم
"الأرض تتكلم Earth Speaks" هذا عنوان وجدته على أحد المواقع العالمية (مجلة الاكتشاف) www.discovermagazine.comطبعاً يبدو هذا العنوان طبيعي جداً في مثل هذا العصر، لأن العلماء اكتشفوا أن كل شيء تقريباً في الكون يبث الترددات الصوتية.


ولكن زمن نزول القرآن كان هذا الأمر مستغرباً، لأن الإنسان وقتها لم يكن يتصور بأن الأرض يمكن أن تصدر ذبذبات صوتية، إلا أن القرآن حدثنا عن مثل هذا الأمر في العديد من الآيات، والتي فسرها المفسرون بأن الله جعل في الأرض القدرة على الكلام فتكلمت. يقول تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) [فصلت: 11]. ويقول أيضاً عن فرعون وملئه بعد أن أغرقهم الله بكفرهم: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) [الدخان: 29].


ولو رجعنا إلى أقوال المفسرين نجدهم لم يستغربوا هذا الأمر، بل آمنوا بكل ما جاء في كتاب الله تعالى، وقالوا: بأن الأرض تكلمت بصوت حقيقي، والسماء كذلك، وأن الأرض تبكي بكاء حقيقياً، وكذلك السماء.


والعجيب أن أحد أهم مواقع الفضاء في العالم www.space.com نشر مقالة بعنوان "السماء تتكلم" وقد وجد البروفيسور مارك ويتل من جامعة فيرجينيا أن الكون في بداية خلقه أصدر ترددات صوتية بنتيجة التمدد المفاجئ للغاز الموجود وقتها، وهذا الاكتشاف حدثنا عنه القرآن كما في الآية السابقة: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) [فصلت: 11].


إن الأمر لا يقتصر على كشف هذه الترددات الصوتية بل إن العلماء وجدوا أن هذه الترددات وهي في المجال دون الصوتي infrasoundمهمة جداً ولها عمل حساس وهي نعمة من نعم المولى تبارك وتعالى!!


فالأرض تصدر مثل هذه الذبذبات وهي في المجال أقل من 20 هرتز (أي أقل من 20 ذبذبة في الثانية)، قبل حدوث الزلازل والهزات الأرضية، وتصدر هذه الذبذبات أيضاً قبل حدوث البراكين، وكذلك قبل حدوث ظاهرة الأمواج الممتدة (تسونامي).


فعندما ضرب التسونامي عام 2004 شواطئ إندونيسيا وذهب ضحيته مئات الآلاف، قبل هذه الحادثة بقليل هربت الكلاب من المنطقة وبدأت الفيلة في حديقة الحيوانات المجاورة تتذمر وتصرخ وترتجف، وفسر العلماء هذه الظاهرة بأن الحيوانات تسمع هذه الترددات وتخاف منها.


فقد وجد العلماء أن الفيلة تتخاطب بالذبذبات تحت الصوتية أما الحيتان فتكلم أصدقاءها بهذه الذبذبات وتنتشر عبر الماء لآلاف الكيلومترات! والأغرب من ذلك أن الفيلة تسمع الترددات الصوتية المنخفضة والتي لا يسمعها الإنسان والتي تسبق العواصف، فتهرب منها! كذلك الانهيارات الجليدية العنيفة تسبقها ترددات صوتية منخفضة، وهذا ما يسعى العلماء لاستغلاله للتنبؤ المبكر بالزلازل والبراكين والكوارث الطبيعية.


لقد سخر الله هذه الترددات الصوتية المنخفضة قبل حدوث البراكين أو الكوارث الطبيعية مثل الزلازل لتكون إنذاراً للحيوانات لتهرب من المنطقة التي سيضربها البركان، لقد زود الله تعالى الحيوانات بأجهزة تسمع هذه الترددات وتحللها، وتتخذ احتياطاتها، أما الإنسان (المتكبر!) فحتى هذا اليوم لم يتمكن من اختراع جهاز يمكنه من التنبؤ بهذه البراكين والزلازل، فسبحان الله!
تأملوا معي كيف أن الله تعالى سخر كل شيء لخدمتنا! قال تبارك وتعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الجاثية: 13]. فلك الحمد يا رب العالمين على هذه النعم، نسألك أن تنفعنا بهذا العلم إنك سميع قريب مجيب

بلبل 14
2010-04-23, 13:29
جزاك الله خيرا

NEWFEL..
2010-04-23, 14:19
جزاك الله خيرا.........................

moussaoui khaled
2010-04-25, 23:25
سورة الكهف

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا (1)

الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، الذي تفضَّل فأنزل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم القرآن، ولم يجعل فيه شيئًا من الميل عن الحق.


قَيِّماً لِيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (3)

جعله الله كتابًا مستقيمًا، لا اختلاف فيه ولا تناقض؛ لينذر الكافرين من عذاب شديد من عنده، ويبشر المصدقين بالله ورسوله الذين يعملون الأعمال الصالحات، بأن لهم ثوابًا جزيلا هو الجنة، يقيمون في هذا النعيم لا يفارقونه أبدًا.


وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (4)

وينذر به المشركين الذين قالوا: اتخذ الله ولدا.


مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (5)

ليس عند هؤلاء المشركين شيء من العلم على ما يَدَّعونه لله من اتخاذ الولد، كما لم يكن عند أسلافهم الذين قلَّدوهم، عَظُمت هذه المقالة الشنيعة التي تخرج من أفواههم، ما يقولون إلا قولا كاذبًا.


فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (6)

فلعلك -أيها الرسول- مُهْلِك نفسك غمًّا وحزنًا على أثر تولِّي قومك وإعراضهم عنك، إن لم يصدِّقوا بهذا القرآن ويعملوا به.


إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (7)

إنَّا جعلنا ما على وجه الأرض من المخلوقات جَمالا لها، ومنفعة لأهلها؛ لنختبرهم: أيُّهم أحسن عملا بطاعتنا، وأيهم أسوأ عملا بالمعاصي، ونجزي كلا بما يستحق.


وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً (8)

وإنَّا لجاعلون ما على الأرض من تلك الزينة عند انقضاء الدنيا ترابًا، لا نبات فيه.


أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً (9)

لا تظن -أيها الرسول- أن قصة أصحاب الكهف واللوح الذي كُتِبت فيه أسماؤهم من آياتنا عجيبة وغريبة؛ فإن خلق السموات والأرض وما فيهما أعجب من ذلك.


إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً (10)

اذكر -أيها الرسول- حين لجأ الشبَّان المؤمنون إلى الكهف؛ خشية من فتنة قومهم لهم، وإرغامهم على عبادة الأصنام، فقالوا: ربنا أعطنا مِن عندك رحمة، تثبتنا بها، وتحفظنا من الشر، ويسِّر لنا الطريق الصواب الذي يوصلنا إلى العمل الذي تحب، فنكون راشدين غير ضالين.


فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (11)

فألقينا عليهم النوم العميق، فبقوا في الكهف سنين كثيرة.


ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً (12)

ثم أيقظناهم مِن نومهم؛ لنُظهر للناس ما علمناه في الأزل؛ فتتميَّز أي الطائفتين المتنازعتين في مدة لبثهم أضبط في الإحصاء، وهل لبثوا يومًا أو بعض يوم، أو مدة طويلة؟


نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13)

نحن نقصُّ عليك -أيها الرسول- خبرهم بالصدق. إن أصحاب الكهف شُبَّان صدَّقوا ربهم وامتثلوا أمره، وزِدْناهم هدى وثباتًا على الحق.


وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً (14)

وقوَّينا قلوبهم بالإيمان، وشددنا عزيمتهم به، حين قاموا بين يدي الملك الكافر، وهو يلومهم على تَرْكِ عبادة الأصنام فقالوا له: ربنا الذي نعبده هو رب السموات والأرض، لن نعبد غيره من الآلهة، لو قلنا غير هذا لكُنَّا قد قلنا قولا جائرًا بعيدًا عن الحق.


هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً (15)

ثم قال بعضهم لبعض: هؤلاء قومنا اتخذوا لهم آلهة غير الله، فهلا أتَوْا على عبادتهم لها بدليل واضح، فلا أحد أشد ظلمًا ممن اختلق على الله الكذب بنسبة الشريك إليه في عبادته.


وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً (16)

وحين فارقتم قومكم بدينكم، وتركتم ما يعبدون من الآلهة إلا عبادة الله، فالجؤوا إلى الكهف في الجبل لعبادة ربكم وحده، يَبْسطْ لكم ربكم من رحمته ما يستركم به في الدارين، ويسهل لكم من أمركم ما تنتفعون به في حياتكم من أسباب العيش.


وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَتَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً (17)

فلما فعلوا ذلك ألقى الله عليهم النوم وحَفِظهم. وترى -أيها المشاهد لهم- الشمس إذا طلعت من المشرق تميل عن مكانهم إلى جهة اليمين، وإذا غربت تتركهم إلى جهة اليسار، وهم في متسع من الكهف، فلا تؤذيهم حرارة الشمس ولا ينقطع عنهم الهواء، ذلك الذي فعلناه بهؤلاء الفتية من دلائل قدرة الله. من يوفقه الله للاهتداء بآياته فهو الموفَّق إلى الحق، ومن لم يوفقه لذلك فلن تجد له معينًا يرشده لإصابة الحق؛ لأن التوفيق والخِذْلان بيد الله وحده.


وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوْ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (18)

وتظن -أيها الناظر- أهل الكهف أيقاظًا، وهم في الواقع نيام، ونتعهدهم بالرعاية، فنُقَلِّبهم حال نومهم مرة للجنب الأيمن ومرة للجنب الأيسر؛ لئلا تأكلهم الأرض، وكلبهم الذي صاحَبهم مادٌّ ذراعيه بفناء الكهف، لو عاينتهم لأدبرت عنهم هاربًا، ولَمُلِئَتْ نفسك منهم فزعًا.


وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (19)

وكما أنمناهم وحفظناهم هذه المدة الطويلة أيقظناهم مِن نومهم على هيئتهم دون تغيُّر؛ لكي يسأل بعضهم بعضًا: كم من الوقت مكثنا نائمين هنا؟ فقال بعضهم: مكثنا يوما أو بعض يوم، وقال آخرون التبس عليهم الأمر: فَوِّضوا عِلْم ذلك لله، فربكم أعلم بالوقت الذي مكثتموه، فأرسِلوا أحدكم بنقودكم الفضية هذه إلى مدينتنا فلينظر: أيَّ أهل المدينة أحلُّ وأطيب طعامًا؟ فليأتكم بقوت منه، وليتلطف في شرائه مع البائع حتى لا ننكشف، ويظهر أمرنا، ولا يُعْلِمَنَّ بكم أحدًا من الناس.


إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (20)

إن قومكم إن يطَّلعوا عليكم يرجموكم بالحجارة، فيقتلوكم، أو يردوكم إلى دينهم، فتصيروا كفارًا، ولن تفوزوا بمطلبكم مِن دخول الجنة -إن فعلتم ذلك- أبدًا.


وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً (21)

وكما أنمناهم سنين كثيرة، وأيقظناهم بعدها، أطْلَعنا عليهم أهل ذلك الزمان، بعد أن كشف البائع نوع الدراهم التي جاء بها مبعوثهم؛ ليعلم الناس أنَّ وَعْدَ الله بالبعث حق، وأن القيامة آتية لا شك فيها، إذ يتنازع المطَّلِعون على أصحاب الكهف في أمر القيامة: فمِن مُثْبِتٍ لها ومِن مُنْكِر، فجعل الله إطْلاعهم على أصحاب الكهف حجة للمؤمنين على الكافرين. وبعد أن انكشف أمرهم، وماتوا قال فريق من المطَّلِعين عليهم: ابنوا على باب الكهف بناءً يحجبهم، واتركوهم وشأنهم، ربهم أعلم بحالهم، وقال أصحاب الكلمة والنفوذ فيهم: لنتخذنَّ على مكانهم مسجدًا للعبادة. وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، ولعن مَن فَعَلَ ذلك في آخر وصاياه لأمته، كما أنه نهى عن البناء على القبور مطلقًا، وعن تجصيصها والكتابة عليها؛ لأن ذلك من الغلو الذي قد يؤدي إلى عبادة مَن فيها.


سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (22)

سيقول بعض الخائضين في شأنهم من أهل الكتاب: هم ثلاثةٌ، رابعهم كلبهم، ويقول فريق آخر: هم خمسة، سادسهم كلبهم، وكلام الفريقين قول بالظن من غير دليل، وتقول جماعة ثالثة: هم سبعة، وثامنهم كلبهم، قل -أيها الرسول-: ربي هو الأعلم بعددهم، ما يعلم عددهم إلا قليل من خلقه. فلا تجادل أهل الكتاب في عددهم إلا جدالا ظاهرًا لا عمق فيه، بأن تَقُصَّ عليهم ما أخبرك به الوحي فحسب، ولا تسألهم عن عددهم وأحوالهم؛ فإنهم لا يعلمون ذلك.


وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً (23) إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً (24)

ولا تقولنَّ لشيء تعزم على فعله: إني فاعل ذلك الشيء غدًا إلا أن تُعَلِّق قولك بالمشيئة، فتقول: إن شاء الله. واذكر ربك عند النسيان بقول: إن شاء الله، وكلما نسيت فاذكر الله; فإن ذِكْرَ الله يُذهِب النسيان، وقل: عسى أن يهديني ربي لأقرب الطرق الموصلة إلى الهدى والرشاد.


وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (25)

ومكث الشُّبَّان نيامًا في كهفهم ثلاثمائة سنة وتسع سنين.


قُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26)

وإذا سُئلت -أيها الرسول- عن مدة لبثهم في الكهف، وليس عندك علم في ذلك وتوقيف من الله، فلا تتقدم فيه بشيء، بل قل: الله أعلم بمدة لبثهم، له غيب السموات والأرض، أَبْصِرْ به وأسمع، أي: تعجب من كمال بصره وسمعه وإحاطته بكل شيء. ليس للخلق أحد غيره يتولى أمورهم، وليس له شريك في حكمه وقضائه وتشريعه، سبحانه وتعالى.


وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (27)

واتل -أيها الرسول- ما أوحاه الله إليك من القرآن، فإنه الكتاب الذي لا مبدِّل لكلماته لصدقها وعدلها، ولن تجد من دون ربك ملجأً تلجأ إليه، ولا معاذًا تعوذ به.


وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28)

واصبر نفسك -أيها النبي- مع أصحابك مِن فقراء المؤمنين الذين يعبدون ربهم وحده، ويدعونه في الصباح والمساء، يريدون بذلك وجهه، واجلس معهم وخالطهم، ولا تصرف نظرك عنهم إلى غيرهم من الكفار لإرادة التمتع بزينة الحياة الدنيا، ولا تُطِعْ من جعلنا قلبه غافلا عن ذكرنا، وآثَرَ هواه على طاعة مولاه، وصار أمره في جميع أعماله ضياعًا وهلاكًا.


وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً (29)

وقل لهؤلاء الغافلين: ما جئتكم به هو الحق من ربكم، فمن أراد منكم أن يصدق ويعمل به، فليفعل فهو خير له، ومن أراد أن يجحد فليفعل، فما ظَلَم إلا نفسه. إنا أعتدنا للكافرين نارًا شديدة أحاط بهم سورها، وإن يستغث هؤلاء الكفار في النار بطلب الماء مِن شدة العطش، يُؤتَ لهم بماء كالزيت العَكِر شديد الحرارة يشوي وجوههم. قَبُح هذا الشراب الذي لا يروي ظمأهم بل يزيده، وقَبُحَتْ النار منزلا لهم ومقامًا. وفي هذا وعيد وتهديد شديد لمن أعرض عن الحق، فلم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يعمل بمقتضاها.


إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30)

إن الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الأعمال الصالحات لهم أعظم المثوبة، إنا لا نضيع أجورهم، ولا ننقصها على ما أحسنوه من العمل.


أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (31)

أولئك الذين آمنوا لهم جنات يقيمون فيها دائمًا، تجري من تحت غرفهم ومنازلهم الأنهار العذبة، يُحَلَّون فيها بأساور الذهب، ويَلْبَسون ثيابًا ذات لون أخضر نسجت من رقيق الحرير وغليظه، يتكئون فيها على الأسِرَّة المزدانة بالستائر الجميلة، نِعْمَ الثواب ثوابهم، وحَسُنتِ الجنة منزلا ومكانًا لهم.


وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً (32)

واضرب -أيها الرسول- لكفار قومك مثلا رجلين من الأمم السابقة: أحدهما مؤمن، والآخر كافر، وقد جعلنا للكافر حديقتين من أعناب، وأحطناهما بنخل كثير، وأنبتنا وسطهما زروعًا مختلفة نافعة.


كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً (33)

وقد أثمرت كل واحدة من الحديقتين ثمرها، ولم تُنْقِص منه شيئًا، وشققنا بينهما نهرًا لسقيهما بسهولة ويسر.


وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً (34)

وكان لصاحب الحديقتين ثمر وأموال أخرى، فقال لصاحبه المؤمن، وهو يحاوره في الحديث، والغرور يملؤه: أنا أكثر منك مالا وأعز أنصارًا وأعوانًا.


وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنقَلَباً (36)

ودخل حديقته، وهو ظالم لنفسه بالكفر بالبعث، وشكه في قيام الساعة، فأعجبته ثمارها وقال: ما أعتقد أن تَهْلِك هذه الحديقة مدى الحياة، وما أعتقد أن القيامة واقعة، وإن فُرِضَ وقوعها -كما تزعم أيها المؤمن- ورُجعتُ إلى ربي لأجدنَّ عنده أفضل من هذه الحديقة مرجعًا ومردًا؛ لكرامتي ومنزلتي عنده.


قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (37)

قال له صاحبه المؤمن، وهو يحاوره واعظًا له: كيف تكفر بالله الذي خلقك مِن تراب، ثم مِن نطفة الأبوين، ثم سَوَّاك بشرًا معتدل القامة والخَلْق؟ وفي هذه المحاورة دليل على أن القادر على ابتداء الخلق، قادر على إعادتهم.


لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً (38)

لكن أنا لا أقول بمقالتك الدالة على كفرك، وإنما أقول: المنعم المتفضل هو الله ربي وحده، ولا أشرك في عبادتي له أحدًا غيره.


وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً (39) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنْ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً (41)

وهلا حين دخَلْتَ حديقتك فأعجبتك حَمِدت الله، وقلت: هذا ما شاء الله لي، لا قوة لي على تحصيله إلا بالله. إن كنت تراني أقل منك مالا وأولادًا، فعسى ربي أن يعطيني أفضل من حديقتك، ويسلبك النعمة بكفرك، ويرسل على حديقتك عذابا من السماء، فتصبح أرضًا ملساء جرداء لا تثبت عليها قدم، ولا ينبت فيها نبات، أو يصير ماؤها الذي تُسقى منه غائرًا في الأرض، فلا تقدر على إخراجه.


وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً (42)

وتحَقَّقَ ما قاله المؤمن، ووقع الدمار بالحديقة، فهلك كل ما فيها، فصار الكافر يُقَلِّب كفيه حسرةً وندامة على ما أنفق فيها، وهي خاوية قد سقط بعضها على بعض، ويقول: يا ليتني عرفت نِعَمَ الله وقدرته فلم أشرك به أحدًا. وهذا ندم منه حين لا ينفعه الندم.


وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً (43)

ولم تكن له جماعة ممن افتخر بهم يمنعونه مِن عقاب الله النازل به، وما كان ممتنعًا بنفسه وقوته.


هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً (44)

في مثل هذه الشدائد تكون الولاية والنصرة لله الحق، هو خير جزاءً، وخير عاقبة لمن تولاهم من عباده المؤمنين.


وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (45)

واضرب أيها الرسول للناس -وبخاصة ذوو الكِبْر منهم - صفة الدنيا التي اغترُّوا بها في بهجتها وسرعة زوالها، فهي كماء أنزله الله من السماء فخرج به النبات بإذنه، وصار مُخْضرًّا، وما هي إلا مدة يسيرة حتى صار هذا النبات يابسًا متكسرًا تنسفه الرياح إلى كل جهة. وكان الله على كل شيء مقتدرًا، أي: ذا قدرة عظيمة على كل شيء.


الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (46)

الأموال والأولاد جَمال وقوة في هذه الدنيا الفانية، والأعمال الصالحة -وبخاصة التسبيحُ والتحميد والتكبير والتهليل- أفضل أجرًا عند ربك من المال والبنين، وهذه الأعمال الصالحة أفضل ما يرجو الإنسان من الثواب عند ربه، فينال بها في الآخرة ما كان يأمُله في الدنيا.


وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (47)

واذكر لهم يوم نُزيل الجبال عن أماكنها، وتبصر الأرض ظاهرة، ليس عليها ما يسترها مما كان عليها من المخلوقات، وجمعنا الأولين والآخِرين لموقف الحساب، فلم نترك منهم أحدًا.


وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (48)

وعُرِضوا جميعًا على ربك مصطَفِّين لا يُحجب منهم أحد، لقد بعثناكم، وجئتم إلينا فرادى لا مال معكم ولا ولد، كما خلقناكم أول مرة، بل ظننتم أن لن نجعل لكم موعدًا نبعثكم فيه، ونجازيكم على أعمالكم.


وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49)

ووُضِع كتاب أعمال كل واحد في يمينه أو في شماله، فتبصر العصاة خائفين مما فيه بسبب ما قدموه من جرائمهم، ويقولون حين يعاينونه: يا هلاكنا! ما لهذا الكتاب لم يترك صغيرة مِن أفعالنا ولا كبيرة إلا أثبتها؟! ووجدوا كل ما عملوه في الدنيا حاضرًا مثبتًا. ولا يظلم ربك أحدًا مثقال ذرة، فلا يُنقَص طائع من ثوابه، ولا يُزاد عاص في عقابه.


وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (50)

واذكر حين أمرنا الملائكة بالسجود لآدم، تحية له لا عبادة، وأمرنا إبليس بما أُمِروا به، فسجد الملائكة جميعًا، لكن إبليس الذي كان من الجن خرج عن طاعة ربه، ولم يسجد كِبرًا وحسدًا. أفتجعلونه -أيها الناس- وذريته أعوانًا لكم تطيعونهم وتتركون طاعتي، وهم ألد أعدائكم؟ قَبُحَتْ طاعة الظالمين للشيطان بدلا عن طاعة الرحمن.


مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (51)

ما أحضرتُ إبليس وذريته -الذين أطعتموهم- خَلْقَ السموات والأرض، فأستعين بهم على خلقهما، ولا أشهدتُ بعضهم على خَلْق بعض، بل تفردتُ بخلق جميع ذلك، بغير معين ولا ظهير، وما كنت متخذ المضلِّين من الشياطين وغيرهم أعوانًا. فكيف تصرفون إليهم حقي، وتتخذونهم أولياء من دوني، وأنا خالق كل شيء؟


وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِي الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (52)

واذكر لهم إذ يقول الله للمشركين يوم القيامة: نادوا شركائي الذين كنتم تزعمون أنهم شركاء لي في العبادة؛ لينصروكم اليوم مني، فاستغاثوا بهم فلم يغيثوهم، وجعلنا بين العابدين والمعبودين مهلكًا في جهنم يهلكون فيه جميعًا.


وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً (53)

وشاهد المجرمون النار، فأيقنوا أنهم واقعون فيها لا محالة، ولم يجدوا عنها معدلا للانصراف عنها إلى غيرها.


وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (54)

ولقد وضَّحنا ونوَّعنا في هذا القرآن للناس أنواعًا كثيرة من الأمثال؛ ليتعظوا بها ويؤمنوا. وكان الإنسان أكثر المخلوقات خصومة وجدلا.


وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ قُبُلاً (55)

وما منع الناس من الإيمان -حين جاءهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ومعه القرآن- ، واستغفار ربهم طالبين عفوه عنهم، إلا تحدِّيهم للرسول، وطلبهم أن تصيبهم سنة الله في إهلاك السابقين عليهم، أو يصيبهم عذاب الله عِيانًا.


وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُواً (56)

وما نبعث الرسل إلى الناس إلا ليكونوا مبشرين بالجنة لأهل الإيمان والعمل الصالح، ومخوِّفين بالنار لأهل الكفر والعصيان، ومع وضوح الحق يخاصم الذين كفروا رسلهم بالباطل تعنتًا; ليزيلوا بباطلهم الحق الذي جاءهم به الرسول، واتخذوا كتابي وحججي وما خُوّفوا به من العذاب سخرية واستهزاء.


وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (57)

ولا أحد أشد ظلمًا ممن وُعِظ بآيات ربه الواضحة، فانصرف عنها إلى باطله، ونسي ما قدَّمته يداه من الأفعال القبيحة فلم يرجع عنها، إنَّا جعلنا على قلوبهم أغطية، فلم يفهموا القرآن، ولم يدركوا ما فيه من الخير، وجعلنا في آذانهم ما يشبه الصمم، فلم يسمعوه ولم ينتفعوا به، وإن تَدْعُهم إلى الإيمان فلن يستجيبوا لك، ولن يهتدوا إليه أبدًا.


وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمْ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (58)

وربك الغفور لذنوب عباده إذا تابوا، ذو الرحمة بهم، لو يعاقب هؤلاء المعرضين عن آياته بما كسبوا من الذنوب والآثام لعجَّل لهم العذاب، ولكنه تعالى حليم لا يعجل بالعقوبة، بل لهم موعد يجازون فيه بأعمالهم، لا مندوحة لهم عنه ولا محيد.


وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (59)

وتلك القرى القريبة منكم -كقرى قوم هود وصالح ولوط وشعيب- أهلكناها حين ظلم أهلها بالكفر، وجعلنا لهلاكهم ميقاتًا وأجلا حين بلغوه جاءهم العذاب فأهلكهم الله به.


وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (60)

واذكر حين قال موسى لخادمه يوشع بن نون: لا أزال أتابع السير حتى أصل إلى ملتقى البحرين، أو أسير زمنًا طويلا حتى أصل إلى العبد الصالح؛ لأتعلم منه ما ليس عندي من العلم.


فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (61)

وجَدَّا في السَّيْر، فلما وصلا ملتقى البحرين جلسا عند صخرة، ونسيا حوتهما الذي أُمر موسى بأخذه معه قوتًا لهما، وحمله يوشع في مِكْتَل، فإذا الحوت يصبح حيًّا وينحدر في البحر، ويتخذ له فيه طريقًا مفتوحًا.


فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً (62)

فلما فارقا المكان الذي نسيا فيه الحوت وشعر موسى بالجوع، قال لخادمه: أحضر إلينا غداءنا، لقد لقينا من سفرنا هذا تعبًا.


قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِي إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (63)

قال له خادمه: أتذكر حين لجأنا إلى الصخرة التي استرحنا عندها؟ فإني نسيت أن أخبرك ما كان من الحوت، وما أنساني أن أذكر ذلك لك إلا الشيطان، فإن الحوت الميت دبَّتْ فيه الحياة، وقفز في البحر، واتخذ له فيه طريقًا، وكان أمره مما يُعْجَبُ منه.


قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً (64)

قال موسى: ما حصل هو ما كنا نطلبه، فإنه علامة لي على مكان العبد الصالح، فرجعا يقصان آثار مشيهما حتى انتهيا إلى الصخرة.


فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (65)

فوجدا هناك عبدًا صالحًا من عبادنا هو الخَضِر عليه السلام -وهو نبي من أنبياء الله توفاه الله- ، آتيناه رحمة من عندنا، وعَلَّمْناه مِن لدنَّا علمًا عظيمًا.


قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (66)

فسلَّم عليه موسى، وقال له: أتأذن لي أن أتبعك؛ لتعلمني من العلم الذي علمك الله إياه ما أسترشد به وأنتفع؟


قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (67)

قال له الخَضِر: إنك -يا موسى- لن تطيق أن تصبر على اتباعي وملازمتي.


وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (68)

وكيف لك الصبر على ما سأفعله من أمور تخفى عليك مما علمنيه الله تعالى؟


قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (69)

قال له موسى: ستجدني إن شاء الله صابرًا على ما أراه منك، ولا أخالف لك أمرًا تأمرني به.


قَالَ فَإِنْ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (70)

فوافق الخَضِر وقال له: فإنْ صاحَبتني فلا تسألني عن شيء تنكره، حتى أبيِّن لك من أمره ما خفي عليك دون سؤال منك.


فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (71)

فانطلقا يمشيان على الساحل، فمرت بهما سفينة، فطلبا من أهلها أن يركبا معهم، فلما ركبا قَلَعَ الخَضِر لوحًا من السفينة فخرقها، فقال له موسى: أَخَرَقْتَ السفينة؛ لتُغرِق أهلَها، وقد حملونا بغير أجر؟ لقد فعلت أمرًا منكرًا.


قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (72)

قال له الخَضِر: لقد قلت لك من أول الأمر: إنك لن تستطيع الصبر على صحبتي.


قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (73)

قال موسى معتذرًا: لا تؤاخذني بنسياني شرطك عليَّ، ولا تكلفني مشقةً في تعلُّمي منك، وعاملني بيسر ورفق.


فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (74)

فقبل الخَضِر عذره، ثم خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصرا غلامًا يلعب مع الغلمان، فقتله الخَضِر، فأنكر موسى عليه وقال: كيف قتلت نفسًا طاهرة لم تبلغ حدَّ التكليف، ولم تقتل نفسًا، حتى تستحق القتل بها؟ لقد فَعَلْتَ أمرًا منكرًا عظيمًا.



الجزء السادس عشر :


قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (75)

قال الخَضِر لموسى معاتبًا ومذكرًا: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا على ما ترى من أفعالي مما لم تحط به خُبْرًا؟


قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (76)

قال موسى له: إن سألتك عن شيء بعد هذه المرة فاتركني ولا تصاحبني، قد بلغتَ العذر في شأني ولم تقصر؛ حيث أخبرتَني أني لن أستطيع معك صبرًا.


فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً (77)

فذهب موسى والخَضِر حتى أتيا أهل قرية، فطلبا منهم طعامًا على سبيل الضيافة، فامتنع أهل القرية عن ضيافتهما، فوجدا فيها حائطًا مائلا يوشك أن يسقط، فعدَّل الخَضِر مَيْلَه حتى صار مستويًا، قال له موسى: لو شئت لأخذت على هذا العمل أجرًا تصرفه في تحصيل طعامنا حيث لم يضيفونا.


قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (78)

قال الخَضِر لموسى: هذا وقت الفراق بيني وبينك، سأخبرك بما أنكرت عليَّ من أفعالي التي فعلتها، والتي لم تستطع صبرًا على ترك السؤال عنها والإنكار عليَّ فيها.


أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (79)

أما السفينة التي خرقتها فإنها كانت لأناس مساكين يعملون في البحر عليها سعيًا وراء الرزق، فأردت أن أعيبها بذلك الخرق؛ لأن أمامهم ملكًا يأخذ كل سفينة صالحة غصبًا من أصحابها.


وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً (80)

وأما الغلام الذي قتلته فكان في علم الله كافرًا، وكان أبوه وأمه مؤمِنَيْن، فخشينا لو بقي الغلام حيًا لَحمل والديه على الكفر والطغيان؛ لأجل محبتهما إياه أو للحاجة إليه.


فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (81)

فأردنا أن يُبْدِل الله أبويه بمن هو خير منه صلاحًا ودينًا وبرًا بهما.


وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (82)

وأما الحائط الذي عدَّلتُ مَيْلَه حتى استوى فإنه كان لغلامين يتيمين في القرية التي فيها الجدار، وكان تحته كنز لهما من الذهب والفضة، وكان أبوهما رجلا صالحًا، فأراد ربك أن يكبَرا ويبلغا قوتهما، ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك بهما، وما فعلتُ يا موسى جميع الذي رأيتَني فعلتُه عن أمري ومن تلقاء نفسي، وإنما فعلته عن أمر الله، ذلك الذي بَيَّنْتُ لك أسبابه هو عاقبة الأمور التي لم تستطع صبرًا على ترك السؤال عنها والإنكار عليَّ فيها.


وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (83)

ويسألك -أيها الرسول- هؤلاء المشركون من قومك عن خبر ذي القرنين الملك الصالح، قل لهم: سأقصُّ عليكم منه ذِكْرًا تتذكرونه، وتعتبرون به.


إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً (84)

إنا مكَّنَّا له في الأرض، وآتيناه من كل شيء أسبابًا وطرقًا، يتوصل بها إلى ما يريد مِن فَتْح المدائن وقهر الأعداء وغير ذلك.


فَأَتْبَعَ سَبَباً (85)

فأخذ بتلك الأسباب والطرق بجد واجتهاد.


حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (86)

حتى إذا وصل ذو القرنين إلى مغرب الشمس وجدها في مرأى العين كأنها تغرب في عين حارة ذات طين أسود، ووجد عند مغربها قومًا. قلنا: يا ذا القرنين إما أن تعذبهم بالقتل أو غيره، إن لم يقروا بتوحيد الله، وإما أن تحسن إليهم، فتعلمهم الهدى وتبصرهم الرشاد.


قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً (87)

قال ذو القرنين: أمَّا مَن ظلم نفسه منهم فكفر بربه، فسوف نعذبه في الدنيا، ثم يرجع إلى ربه، فيعذبه عذابًا عظيمًا في نار جهنم.


وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً (88)

وأما مَن آمن منهم بربه فصدَّق به ووحَّده وعمل بطاعته فله الجنة ثوابًا من الله، وسنحسن إليه، ونلين له في القول ونيسِّر له المعاملة.


ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (89)

ثم رجع ذو القرنين إلى المشرق متبعًا الأسباب التي أعطاه الله إياها.


حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْراً (90)

حتى إذا وصل إلى مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم ليس لهم بناء يسترهم، ولا شجر يظلهم من الشمس.


كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً (91)

كذلك وقد أحاط عِلْمُنا بما عنده من الخير والأسباب العظيمة، حيثما توجَّه وسار.


ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (92)

ثم سار ذو القرنين آخذًا بالطرق والأسباب التي منحناها إياه.


حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً (93)

حتى إذا وصل إلى ما بين الجبلين الحاجزين لما وراءهما، وجد من دونهما قومًا، لا يكادون يعرفون كلام غيرهم.


قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً (94)

قالوا يا ذا القرنين: إنَّ يأجوج ومأجوج -وهما أمَّتان عظيمتان من بني آدم- مفسدون في الأرض بإهلاك الحرث والنسل، فهل نجعل لك أجرًا، ونجمع لك مالا على أن تجعل بيننا وبينهم حاجزًا يحول بيننا وبينهم؟


قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً (95)

قال ذو القرنين: ما أعطانيه ربي من الملك والتمكين خير لي مِن مالكم، فأعينوني بقوة منكم أجعل بينكم وبينهم سدًا.


آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (96)

أعطوني قطع الحديد، حتى إذا جاؤوا به ووضعوه وحاذوا به جانبي الجبلين، قال للعمال: أجِّجوا النار، حتى إذا صار الحديد كله نارًا، قال: أعطوني نحاسًا أُفرغه عليه.


فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً (97)

فما استطاعت يأجوج ومأجوج أن تصعد فوق السد؛ لارتفاعه وملاسته، وما استطاعوا أن ينقبوه من أسفله لبعد عرضه وقوته.


قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً (98)

قال ذو القرنين: هذا الذي بنيته حاجزًا عن فساد يأجوج ومأجوج رحمة من ربي بالناس، فإذا جاء وعد ربي بخروج يأجوج ومأجوج جعله دكاء منهدمًا مستويًا بالأرض، وكان وعد ربي حقًّا.


وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً (99)

وتركنا يأجوج ومأجوج -يوم يأتيهم وَعْدُنا- يموج بعضهم في بعض مختلطين؛ لكثرتهم، ونفخ في "القرن" للبعث، فجمعنا الخلق جميعًا للحساب والجزاء.


وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضاً (100)

وعرضنا جهنم للكافرين، وأبرزناها لهم لنريهم سوء عاقبتهم.


الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (101)

الذين كانت أعينهم في الدنيا في غطاء عن ذكري فلا تبصر آياتي، وكانوا لا يطيقون سماع حججي الموصلة إلى الإيمان بي وبرسولي.


أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً (102)

أفظن الذين كفروا بي أن يتخذوا عبادي آلهة من غيري؛ ليكونوا أولياء لهم؟ إنا أعتدنا نار جهنم للكافرين منزلا.


قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103)

قل -أيها الرسول- للناس محذرًا: هل نُخبركم بأخسر الناس أعمالا؟


الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104)

إنهم الذين ضلَّ عملهم في الحياة الدنيا -وهم مشركو قومك وغيرهم ممن ضلَّ سواء السبيل، فلم يكن على هدى ولا صواب- وهم يظنون أنهم محسنون في أعمالهم.


أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً (105)

أولئك الأخسرون أعمالا هم الذين جحدوا بآيات ربهم وكذَّبوا بها، وأنكروا لقاءه يوم القيامة، فبطلت أعمالهم؛ بسبب كفرهم، فلا نقيم لهم يوم القيامة قدرًا.


ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً (106)

ذلك المذكور مِن حبوط أعمالهم جزاؤهم نار جهنم؛ بسبب كفرهم بالله واتخاذهم آياته وحجج رسله استهزاءً وسخرية.


إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (107)

إن الذين آمنوا بي، وصدَّقوا رسلي، وعملوا الصالحات، لهم أعلى الجنة وأفضلها منزلا.


خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً (108)

خالدين فيها أبدًا، لا يريدون عنها تحوُّلا؛ لرغبتهم فيها وحبهم لها.


قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً (109)

قل -أيها الرسول-: لو كان ماء البحر حبرًا للأقلام التي يكتب بها كلام الله، لنفِد ماء البحر قبل أن تنفد كلمات الله، ولو جئنا بمثل البحر بحارًا أخرى مددًا له. وفي الآية إثبات صفة الكلام لله -تعالى- حقيقة كما يليق بجلاله وكماله.


قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ من ربي أنما إلهكم إله واحد، فمَن كان يخاف عذاب ربه ويرجو ثوابه يوم لقائه، فليعمل عملا صالحًا لربه موافقًا لشرعه، ولا يشرك في العبادة معه أحدًا غيره.

بدر1971
2010-05-18, 18:21
اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على ابراهيم و على آل ابراهيم و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على ابراهيم و على آل ابراهيم في العالمين إنك حميد مجيد