المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا نَشْء أَنْتَ رَجَاؤُنَا


dmd39
2010-04-22, 17:38
http://www.s3udy.net/pic/salam_kalam005_files/49.gif
يا نَشْء أَنْتَ رَجَاؤُنَا
أيّها الطّالب الحبيب -و الطّالب أقصد به الذّكر و الأنثى إطلاقا و تغليبا-؛ إنّي راوٍ لك قصّةً فتأمّلها و احفَظها، فإنّك قد لا تجدها عند غيري و لا أظنّ أنّك واجد، ذلك أنّ طريقها عزيز غريب، و راويها قد واراه مأوى كلّ غريب، حتّى تعلم أنّ جملة الإمام ابن باديس _رحمه اللّه_ الّتي جعلتُ صدرَها عنوانا لهذا المقال، ما خرجت على لسانه إلاّ بعدما اقْتاتَت مِن قلبه اقْتِياتا يَكشِف سرّ خلود الرّجل و كلماته، لتَعقِل بعد ذلك ضرورة إيجاد الجملة منزلةً في قلبك.
فضيلة الشّيخ لخضر جبروني _رحمه اللّه_؛ كان رجلا مِن روّاد مسجد حيّي و هو أحد تلامذة ابن باديس الّذين عاصرتُهم و اكْتَحَلتْ عيني برؤيتِهم، سُئل يوما مِن طرف شيخنا عبد الفتّاح زيراوي _العضو بإحدى فروع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين و المشرف العام على موقع ميراث السنّة_عن بعض مواقف الإمام، فأجابه بالحديث عمّا رآه بعينه فقال؛ جاء الإمام عبد الحميد بن باديس _رحمه اللّه_ إلى الجامع الأخضر بقسنطينة لإلقاء درسه المعتاد في تفسير القرآن الكريم و النّاس في الزّمان و المكان منتظرين، حتّى إذا وصل عند عَتَبَة باب الجامع وقف هُنَيَّةً، ينظر إلى ساحة الجامع و قد غَصَّت بالطلاّب و المتعلّمين ينتظرون الدّرس مُتزاحِمَةً رُكَبهم مُشرئِبَّةً أعناقهم، ثمّ يُجاوز الإمام العَتَبة قاصدا كرسيّ درسه متخاطِّياً الجموع المتزاحمة، و هو يُردِِّد بصوت مسموع مُتهلِّلَ الوجه مُغْرَوْرِقَ العينين ذارِفَ الدّموع على الخدّين قائلا: "يا نشء أنت رَجاؤُنا و بك الصّباح قد اقترب".
رحمكَ اللّه أيّها الإمام و طيّب ثَراكَ و جَعَل الجنّة مُتقلَّبكَ و مَثْواكَ؛ فكم أحيَيْتَ مِن قلوب و حرَّرْت مِن عُقول، فجَعلتَ مِن أصحابها أنواراً للمهتدين و نيراناً على المعتدين.
رائِعة مِن روائع الشّيخ العلاّمة المُصلح الإمام عبد الحميد بن باديس -رحمه اللّه-، رَسَمَت هذا البيت و ما قبله و ما بعده، و إنّما انْتَقَيْتُه دون بقيّة الأبيات لقوّته و مباشرته الخطاب، وُجِّه للنّشء الّذي عاصر الإمام و لا يزال يُوَجَّه لكلّ ناشِئٍ مُمَيِِّزٍ عاقل، فكأنّما كُتب على لوحة سماوية تُظِلُّ مَن تحتها فلا يستطيع أحد لها مسحا و لا طَمْسا، بيت قد حَفظتَه أيّها النَّشء كما حَفظَه سابِقوك، بل رَسَخ في حافِظَتك و ذاكرتك رُسوخا قويّا لا يتَزعزع، فأنت المُردِّد و المُنشِد إيّاه رِدْحا مِن زَمَنٍ لا يزال يمضي بك على مقاعد الدّراسة.
فبارك اللّه في هذه الحافظة و الذّاكرة الّتي وَجَدَت فيها العلوم و الأنوار مُتَبَوَّئا، لكنّني أستسمحكَ أيّها الطّالب العزيز سائلا؛ هل وجَدَت تِلك الكلمات مع رُسوخها الذّهني مكانةً في قلبك و وعياً مِن عقلِك ؟ أم هي مجرّد كلمات تُردّد و عبارات تُلفظ لا تكاد تُجاوز حنجرتك ؟!.
و ليس لمِثلك بدينِك و جزائريّتِك أنْ يكون حظّه مِن البيت التَذكُّر على حساب التَدبُّر، و المَباني على حساب المَعاني، و التَّسْلِية على حساب التَّحْلِية، و ما هذا إلاّ لأنّ البيت قد خرج مَخْرَج الوصيّة للأبناء و الأحفاد، مُتجاوزا المعنى الضيّق للوصايا الّتي تراعي عادةً أمور الأموال و الأوقاف و المواريث...، بل هي وصيّة ذهبيّة مِن رَجل ربّاني إلى أجيال متعاقبة في أزمنة متلاحقة، قد جاءت لغتها سهلة العبارة واضحة المعنى؛ فالمُخاطَب هم الطلاّب و الشّباب الّذين ترجو منهم أمّتهم رفع الجهل عنها و الذلّ الّلذان يُشَبَّهان عادة باللّيل و الظّلام، فيكون اجتهادهم و سعيهم لتحقييق هذه الرّسالة النّبيلة صباحا يقترب فيبزغ فجره بعد ليل مُظلِم و يُضيءُ نوره بعد ظلام دامِس، يزداد اقتراباً كلّما قوي الاجتهاد و زاد السّعي حتّى يُؤسَّسُ لأسباب عِزَّة الأمّة و تمكينها.
فلا تجعل نفسَك أيّها الطّالب الغالي استثناءً مِن المُوصَى له و المُوصَى به، بل أنت المُخَصَّص و الأَولى بذلك ما توجَّه إليك الخِطاب قراءةً منك و استماعاً، فقد أضحى لغيرك خبراً و لك إنشاءً.
أيّها الطّالب البارّ؛ و اللّه لقد حَرَّك موقف الإمام في نفسي أشْجانا و استدرّ مِنّي دموعا، فهلاّ وَجَد ذلك مِنك على الأقلّ تأمّلا في كلماته و أخْذاً العبرةَ منها، فإنّها رسالة تنفعك أكثر مِن مئات الرّسائل، إذا كان لك قلب و ألقيت السّمع و أحسنت الوفاء.
و هذه بلادك الجزائر؛ قد خَلَت مِن المُسْتدمِرين بجُهد العلماء المصلحين و جهاد الأبطال المجاهدين بعد فضل اللّه سبحانه، فإذا بها أرض حُرَّة غَنَّاء تُكْرِم و تأوي أهلها بعدما سُقِيَت جنّاتها عَرَقا و دما، فحافظ أيّها الوَلَد على يوْمِها و غَدِها كما حَافظ أولئك على أَمْسِها، و ستجدها كريمَةً مِعطاءةً ما أكرمتَها و أعطيتَها تفكيركَ و جُهدك في تثبيت راية الإسلام و التّوحيد عليها، و تأسيس أسباب التفوّق الحضاري فيها.
و لا تُشغلنَّك سَفاسِف الأمور و هَنّات الطّريق عن الوصية و المُضي في تحقيقها، فَكُنْ كالعَلْياء و الجبل الشّامخ، و إيّاكَ أن تلتفت لنداء خبيث أو تُجيب دعوى مفرِّق أو تنظر إلى بريق مُغري.
فلا يزال الرّجاء مُعَلَّقٌ فيك بالقيام على ما يَحفظ دينك و ينهض بوطنك، حتّى يَكتب اللّه على يديك إشراقاً بعد ليلة ظَلْماء، و حياةً بعد موتٍ على الرَّمْضاء، و فَرَجاً بعد لأْواء.
كُن خير سلَفٍ لخير خَلَف، و إنّي داعٍ أنْ يحفظكَ اللّه سبحانه و يوفّقكَ إلى ما يُحبّ و يرضى، و يحَبِّب إليك الإيمان و يزَيِّنه في قلبك و يَجعلك مِن الرّاشدين، و أسأله الواحد الأحد أنْ يَقيك مِن الشّرور و الفِتن و يرفع بك الهموم و المِحن، و يقيم بك الدّين و يكتُب على يديك رجاء الأمّة.
أيّها الطّالب الحبيب العزيز الغالي...؛ يا نشء أنت رجاؤُنا و بك الصّباح قد اقترب...
منقول

زهرة الجزائر 07
2010-04-22, 20:37
رحمه الله
بارك الله فيك أخي على المجهود القيم
لكناخي استاذنا قال لنا إنو يقصد بكلمة يا نشء جشي من الجنود الشباب
نسيت شرحها بالضبط لأنو مضت عليها عامين مي قالنا
على العموم أخي مشكور