أمين إسلام
2010-04-21, 07:15
4- الإقبال على القرآن وقراءته بتدبر وتعقل:
فالقرآن هو الذي ربى الأمة وأدبها، فزكى منها النفوس، وصفى القرائح، وأذكى الفِطَن، وجلا المواهب، وأرهف العزائم، وأعلى الهمم، وصقل الملكات، وقوَّى الإرادات، ومكَّن للخير في النفوس، وغرس الإيمان في الأفئدة، وملأ القلوب بالرحمة، وحفز الأيدي للعمل النافع، والأرجل للسعي المثمر، ثم ساق هذه القوى على ما في الأرض من شر وباطل وفساد فَطهرها منه تطهيراً، وعمرها بالحق والإصلاح تعميراً.
والقرآن هو الذي جلا العقول على النور الإلهي فأصبحت كشافة عن الحقائق العليا، وطهر النفوس من أدران السقوط والإسفاف إلى الدنايا فأصبحت نزاعة إلى المعالي، مُقْدِمَةً على العظائم؛ فلم يزل بها هذا القرآن حتى أخرج من رعاة النَّعم رعاة الأمم، وأخرج من خمول الأمية أعلامَ العلمِ والحكمة.
وبهذه الروح القرآنية اندفعت تلك النفوسُ بأصحابها تفتح الآذانَ قبل البلدان، وتمتلك بالعدل والإحسانِ الأرواحَ قبل الأشباح.
فحقيق علينا _معاشر المعلمين_ أن نقبل على كتاب ربنا _جل وعلا_ قراءةً، وتدبراً، وفهماً، وعقلاً، واهتداءً بهديه، وتخلقاً بأخلاقه؛ لنحظى بأجلِّ الخيرة، ونظفر بحميد العاقبة.
5_ ملازمة ذكر الله _عز وجل_:
فبذكر الله تطمئن القلوب، وتزكو النفوس، وتزول الهموم والغموم.
قال _تعالى_: [أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ] (الرعد: 28).
ثم إن ذكر الله يهون الصعاب، ويزيد في القوة، قال ابن القيم رحمه الله في معرض حديثه عن فضائل الذكر: إن الذكر يعطي الذاكرة قوة، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه.
وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في سننه، وكلامه، وإقدامه أمراً عجيباً، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعة وأكثر.وقد شاهد العسكر من قوته في الحرب أمراً عظيماً
زيادة على ذلك فإن ملازمة الذكر يعد من أجل الأعمال إن لم يكن أجلها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : مما هو كالإجماع بين العلماء بالله وأمره أن ملازمة ذكر الله دائماً هو أفضل ما شغل العبد به نفسه في الجملة
وأفضل الذكر بعد القرآن تلك الكلمات الأربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
وكذلك لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فهذه الكلمة لها تأثير عجيب في ثبات القلب، ومعاناة الأشغال، وركوب الأهوال
6_ وقل ربي زدني علماً:
فلا تستنكف من التعلم، ولا تقنع بما لديك من العلم، فالعلم أساس ترفع عليه قواعد السعادة، ولا تنفتح كنوزه إلا بتدقيق النظر ممن تصدى للإفادة والاستفادة.
فيا أيها المعلم المبارك أعيذك بالله من صنيع بعض المعلمين؛ فما أن ينال الشهادة التي تؤهله للتعليم إلا وينبذ العلم وراءه ظهرياً، إما اشتغالاً عن العلم، أو زهداً به، أو ظناً منه أنه قد استولى بالشهادة على الأمد، وأدرك بها الغاية القصوى من العلم.
وما هي إلا مدة ثم ينسى كثيراً مما تلقاه من العلم أيام الطلب، وإذا تمادى به الأمر كاد أن يعدَّ من جملة العوام.
فما ذلك المسلك بسديد ولا رشيد؛ فلم يقض حق العلم، بل لم يدر ما شرف العلم ذلك الذي يطلبه لينال به رزقاً، أو ينافس به قريناً، حتى إذا أدرك وظيفة، أو أنس من نفسه الفوز على القرين أمسك عنانه ثانية، وتنحى عن الطلب جانباً.
وإنما ترفع الأوطان رأسها، وتبرز في مظاهر عزتها بهمم أولئك الذين يقبلون على العلم بجد وثبات، ولا ينقطعون عنه إلا أن ينقطعوا عن الحياة، لا تحول بينهم وبين نفائس العلوم وعورةُ المسلك، ولا طول مسافة الطريق، بعزم يبلى الجديدان وهو صارم صقيل، وحرص لا يشفي غليله إلا أن يغترفوا من العلوم بأكواب طافحة.
فالاشتغال بالعلم، والتزود منه يثبته، ويزيده، ويفتح أبوابه.
ولو لم يأت من ذلك كله إلا أن الاشتغال بالعلم يقطع عن الرذائل، ويوصل إلى الفضائل.
قال ابن حزم رحمه الله : لو لم يكن من فائدة العلم والاشتغال به إلا أن يقطع المشتغل به عن الوساوس المضنية، ومطارح الآمال التي لا تفيد غير الهم، وكفاية الأفكار المؤلمة للنفس لكان ذلك أعظمَ داعٍ إليه، فكيف وله من الفضائل ما يطول ذكره؟
قال سعيد بن جبير رحمه الله: لا يزال الرجل عالماً ما تَعَلَّم، فإذا ترك العلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون
كيف لا وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المعلَّم والمزكَّى من الله _عز وجل_ يأمره الله أن يقول: [وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً] (طه: 114).
قال الإمام الشافعي رحمه الله:
إذا هجع النُّوَّام أسبلت عبرتي
وَرَدَّدْتُ بيتاً وهو من ألطف الشعر
أليس من الخسران أن ليالياً
تَمُرُّ بلا علمٍ وتحسب من عمري( )
قال أبو إسحاق الإلبيري رحمه الله في فضل العلم والمواظبة على طلبه:
أبا بكرٍ دعوتُك لو أَجَبْتَا
إلى ما فيه حَظُّك إنْ عقلتا
إلى علم تكون به إِماماً
مطاعاً إن نهيت وإن أمرتا
وتجلو ما بعينك من عَشَاها
وتهديك السبيلَ إذا ضللتا
وتحمل منه في ناديك تاجاً
ويكسوك الجمالَ إذا اغْتَرَبْتَا
ينالك نَفْعُهُ ما دمت حَيَّاً
ويبقى ذُخْرُه لك إن ذهبتا
هو العَضْبُ المُهَنَّدُ ليس ينبو
تصيب به مقاتل من ضربتا
وكنز لا تخاف عليه لِصَّاً
خفيف الحمل يوجد حيث كنتا
فلو قد ذقت من حلواه طعماً
لآثرت التعلم واجتهدتا
ولم يشغلك عنه هوىً مطاعٌ
ولا دنيا بزخرفها فُتنتا
ولا ألهاك عنه أنيقُ روضٍ
ولا خِدْرٌ بِرَبْرَبِهِ كَلِفتا
فَقُوتُ الروح أرواحُ المعاني
وليس بأن طعمت وأن شربتا
فواظبْه وخذ بالجد فيه
فإن أعطاكه الله أخذتا
..... يتبع ....
فالقرآن هو الذي ربى الأمة وأدبها، فزكى منها النفوس، وصفى القرائح، وأذكى الفِطَن، وجلا المواهب، وأرهف العزائم، وأعلى الهمم، وصقل الملكات، وقوَّى الإرادات، ومكَّن للخير في النفوس، وغرس الإيمان في الأفئدة، وملأ القلوب بالرحمة، وحفز الأيدي للعمل النافع، والأرجل للسعي المثمر، ثم ساق هذه القوى على ما في الأرض من شر وباطل وفساد فَطهرها منه تطهيراً، وعمرها بالحق والإصلاح تعميراً.
والقرآن هو الذي جلا العقول على النور الإلهي فأصبحت كشافة عن الحقائق العليا، وطهر النفوس من أدران السقوط والإسفاف إلى الدنايا فأصبحت نزاعة إلى المعالي، مُقْدِمَةً على العظائم؛ فلم يزل بها هذا القرآن حتى أخرج من رعاة النَّعم رعاة الأمم، وأخرج من خمول الأمية أعلامَ العلمِ والحكمة.
وبهذه الروح القرآنية اندفعت تلك النفوسُ بأصحابها تفتح الآذانَ قبل البلدان، وتمتلك بالعدل والإحسانِ الأرواحَ قبل الأشباح.
فحقيق علينا _معاشر المعلمين_ أن نقبل على كتاب ربنا _جل وعلا_ قراءةً، وتدبراً، وفهماً، وعقلاً، واهتداءً بهديه، وتخلقاً بأخلاقه؛ لنحظى بأجلِّ الخيرة، ونظفر بحميد العاقبة.
5_ ملازمة ذكر الله _عز وجل_:
فبذكر الله تطمئن القلوب، وتزكو النفوس، وتزول الهموم والغموم.
قال _تعالى_: [أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ] (الرعد: 28).
ثم إن ذكر الله يهون الصعاب، ويزيد في القوة، قال ابن القيم رحمه الله في معرض حديثه عن فضائل الذكر: إن الذكر يعطي الذاكرة قوة، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه.
وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في سننه، وكلامه، وإقدامه أمراً عجيباً، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعة وأكثر.وقد شاهد العسكر من قوته في الحرب أمراً عظيماً
زيادة على ذلك فإن ملازمة الذكر يعد من أجل الأعمال إن لم يكن أجلها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : مما هو كالإجماع بين العلماء بالله وأمره أن ملازمة ذكر الله دائماً هو أفضل ما شغل العبد به نفسه في الجملة
وأفضل الذكر بعد القرآن تلك الكلمات الأربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
وكذلك لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فهذه الكلمة لها تأثير عجيب في ثبات القلب، ومعاناة الأشغال، وركوب الأهوال
6_ وقل ربي زدني علماً:
فلا تستنكف من التعلم، ولا تقنع بما لديك من العلم، فالعلم أساس ترفع عليه قواعد السعادة، ولا تنفتح كنوزه إلا بتدقيق النظر ممن تصدى للإفادة والاستفادة.
فيا أيها المعلم المبارك أعيذك بالله من صنيع بعض المعلمين؛ فما أن ينال الشهادة التي تؤهله للتعليم إلا وينبذ العلم وراءه ظهرياً، إما اشتغالاً عن العلم، أو زهداً به، أو ظناً منه أنه قد استولى بالشهادة على الأمد، وأدرك بها الغاية القصوى من العلم.
وما هي إلا مدة ثم ينسى كثيراً مما تلقاه من العلم أيام الطلب، وإذا تمادى به الأمر كاد أن يعدَّ من جملة العوام.
فما ذلك المسلك بسديد ولا رشيد؛ فلم يقض حق العلم، بل لم يدر ما شرف العلم ذلك الذي يطلبه لينال به رزقاً، أو ينافس به قريناً، حتى إذا أدرك وظيفة، أو أنس من نفسه الفوز على القرين أمسك عنانه ثانية، وتنحى عن الطلب جانباً.
وإنما ترفع الأوطان رأسها، وتبرز في مظاهر عزتها بهمم أولئك الذين يقبلون على العلم بجد وثبات، ولا ينقطعون عنه إلا أن ينقطعوا عن الحياة، لا تحول بينهم وبين نفائس العلوم وعورةُ المسلك، ولا طول مسافة الطريق، بعزم يبلى الجديدان وهو صارم صقيل، وحرص لا يشفي غليله إلا أن يغترفوا من العلوم بأكواب طافحة.
فالاشتغال بالعلم، والتزود منه يثبته، ويزيده، ويفتح أبوابه.
ولو لم يأت من ذلك كله إلا أن الاشتغال بالعلم يقطع عن الرذائل، ويوصل إلى الفضائل.
قال ابن حزم رحمه الله : لو لم يكن من فائدة العلم والاشتغال به إلا أن يقطع المشتغل به عن الوساوس المضنية، ومطارح الآمال التي لا تفيد غير الهم، وكفاية الأفكار المؤلمة للنفس لكان ذلك أعظمَ داعٍ إليه، فكيف وله من الفضائل ما يطول ذكره؟
قال سعيد بن جبير رحمه الله: لا يزال الرجل عالماً ما تَعَلَّم، فإذا ترك العلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون
كيف لا وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المعلَّم والمزكَّى من الله _عز وجل_ يأمره الله أن يقول: [وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً] (طه: 114).
قال الإمام الشافعي رحمه الله:
إذا هجع النُّوَّام أسبلت عبرتي
وَرَدَّدْتُ بيتاً وهو من ألطف الشعر
أليس من الخسران أن ليالياً
تَمُرُّ بلا علمٍ وتحسب من عمري( )
قال أبو إسحاق الإلبيري رحمه الله في فضل العلم والمواظبة على طلبه:
أبا بكرٍ دعوتُك لو أَجَبْتَا
إلى ما فيه حَظُّك إنْ عقلتا
إلى علم تكون به إِماماً
مطاعاً إن نهيت وإن أمرتا
وتجلو ما بعينك من عَشَاها
وتهديك السبيلَ إذا ضللتا
وتحمل منه في ناديك تاجاً
ويكسوك الجمالَ إذا اغْتَرَبْتَا
ينالك نَفْعُهُ ما دمت حَيَّاً
ويبقى ذُخْرُه لك إن ذهبتا
هو العَضْبُ المُهَنَّدُ ليس ينبو
تصيب به مقاتل من ضربتا
وكنز لا تخاف عليه لِصَّاً
خفيف الحمل يوجد حيث كنتا
فلو قد ذقت من حلواه طعماً
لآثرت التعلم واجتهدتا
ولم يشغلك عنه هوىً مطاعٌ
ولا دنيا بزخرفها فُتنتا
ولا ألهاك عنه أنيقُ روضٍ
ولا خِدْرٌ بِرَبْرَبِهِ كَلِفتا
فَقُوتُ الروح أرواحُ المعاني
وليس بأن طعمت وأن شربتا
فواظبْه وخذ بالجد فيه
فإن أعطاكه الله أخذتا
..... يتبع ....