تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اول طلب الرجاء المساعدة


nassri17
2010-04-20, 16:17
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا اول طلب وارجوا ان لا تخيبوا ظني ان ابحث عن اسباب نقائض الجرير وال فرزدق وشكرا لكم

nassri17
2010-04-20, 16:43
اين ردودكم يا اعضاء المندى

سومية1
2010-04-20, 16:44
انتظر قليلا...

أمال2008
2010-04-20, 16:49
كان جريرمرسل العنان لا يعوقه قيد , حاد الذهن , خبيث اللسان , والفرزدق سليط اللسان , فاجر النفس متين الشعر , وسهل القافيه ,للاثنين نقائض عديده , وهجاءات جمهشعر النقائض

هو نوع من الشعر يتبارى فيه شعراء القبيلة كل حسب انتمائه والآخر يرد
عليه بنفس القافيه ويهجوه او يمدحه على حسب ما يدور بينهم .

و هناك أسباب كثيرة لنمو شعراء النقائض منها الاجتماعية وعقلية ومن
العوامل الاجتماعية ترجع الى حاجة المجتمع العربي خاصة في البصرة وقد
نهضت دراسات دينية وعقلية مختلفة ونشأ بجانبها نوع من الملاهي يجد فيه
الفارغون من العمل تسليتهم ، وكذلك العوامل العقلية كان لها دور في صنع
النقائض حيث انها تعد الى نمو العقل العربي ومرانه على الحوار والجدل
والمناظرة وكان من اهم شعراء النقائض جرير والفرزدق .

وواضح ان جرير والفرزدق درسا تاريخ القبائل العربية في الجاهلية والاسلام
وهذا ما يعد وثائق تاريخية طريفة ولم يكن الشاعر يدرس تاريخ القبائل التي
يدافع عنها فحسب وانما كان يدرس ايضا تاريخ القبائل التي يهجوها ليقف على
الايام التي انهزمت فيها حتى يستطيع ان يبدع في هجائه وسرعان ما وصلت
النقائض الى العصر الاموي وليس في المدح والهجاء فحسب وانما امتدت الى
النسب والغزل والفخر والولاء وغيره .

نماذج من اشعار النقاض

ومن قول الفرزدق في جرير :

يا صاحبي دنا الرواح فسيرا
غلب الفرزدق في الهجاء جريرا


وهذا من قول جرير يقول :

فغض الطرف انك من نمير
فلا كعبا بلغت ولا كلابـــــــــا

سومية1
2010-04-20, 16:52
الاسباب التي ادت الى ظهور النقائض:

1. التنافس الشخصي بين الشعراء.
2. تنافس بين القبائل.
3. الخلاف السياسي.
4. رغبة علماء اللغة في ايجاد مادة للبحث والدراسة.

أمال2008
2010-04-20, 16:56
النقائض في العصر الاموي


(http://alsd1.jeeran.com/archive/2009/5/876558.html)



النقائض في العصر الاموي





بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، الذي اتخذ من الشعراء من ينافح ويدافع عن الإسلام ، وعلى آله وأصحابه ومن نهج نهجهم إلى يوم الدين وبعد:


لقد تنوعت فنون الأدب وتعددت ، ومن بين هذه الفنون فن النقائض ، و هذا الفن لون جديد من ألوان الأدب والمناظرة الأدبية .
كما وأن فن النقائض يعتبر سجلاً تاريخياً أفادت منه العلماء في معرفة أنساب العرب وأيامهم ومثالبهم ، وكان لها فضل على اللغة أمدتها بثروة من الألفاظ وأكسبت المعاجم مادة لغوية ، وهذا ما سيتبين لنا من خلال البحث.
فأحببت أن أكتب في هذا المجال ، وبعد قرأتي لبعض كتب الأدب خرجت بمعلومات عن هذا الفن وتكونت لدي الفكرة الكافية عنه .
والباب الأول يتضمن ثلاثة فصول ، الفصل الأول : تعريف فن النقائض ، الفصل الثاني : لمحة عن حياة شعراء النقائض ، الفصل الثالث : الكنب المؤلفة في هذا الفن .

وأما الباب الثاني فيتضمن ثلاثة فصول أيضاً ، الفصل الأول : نشأة فن النقائض ، الفصل الثاني : أسباب فن النقائض ، الفصل الثالث : خصائص فن النقائض ، ثم الخاتمة .
وعلى لله قصد السبيل .


الــــــــباب الأول:
الفصــل الأول :
تعريف فن النقائض
1- لغة :
النقائض جمع مفرده نقيضة ، والنقض إفساد ما أبرمت من عقد أو بناء ، ونقض البناء هدمه ، ونقض الحبل إذا حلّه ، ونقض العهد إذا تحلل منه ، والنقض ضد الإبرام ، والنقيضة الاسم ويجمع كما قلنا نقائض لذلك قالوا:( نقائض جرير والفرز دق ) ، والمناقضة في القول أن تتكلم بخلاف معناه.(1)
2- اصطلاحاً:
هو أن يتجه الشاعر إلى آخر بقصيدة هاجيا ًمفتخرا ًملتزما ًالبحر الذي اختاره الأول والقافية ذاتها وحركة الروي ، إذا ًفلا بد من وحدة الموضوع ووحدة البحر والقافية والروي (2)
مثال : ما قاله الأخطل عندما مدح عبد الملك بن مروان هاجيا ًبني كليب بن يربوع رهط جرير ومفضلاً عليهم بني دارم عشيرة الفرزدق خصم جرير:
أما كليب بن يربوع فليس لهـم عند التفــارط إيراد ولا صـــــدر
مخلّفون ويقضي الناس أمرهم وهم بغيب وفي عمياء ما نظروا
فيرد عليه جرير:
أرجو لتغلب إذا غبّت أمورهـم ألا يبارك في الأمر الذي ائتمروا
خابت بنو تغلبٍ إذ خلّ فارطهم حوض المكارم إنّ المـجد مبتدرُ
ومنه نجد ان:
فالموضوع واحد وهو الهجاء والبحر واحد وهو البسيط والقافية راء مضمومة في النقيضتين والمعاني واحدة هي الضعف والهوان .(3)



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) معجم العين ، لسان العرب ، القاموس المحيط مادة ((نقض )).
(2) أساس البلاغة ص 651، تاريخ النقائض ص 5.
(3) الأغاني 11/68 ، ديوان جرير ص 259 ، ديوان الأخطل ص
الفصل الثاني:
لمحة عن حياة بعض شعراء النقائض
وبما أننا في التعريفات لا بد من التعرف على شعراء النقائض ولو لمحة بسيطة لنرى مكانة هؤلاء الشعراء.
1- الفرزدق:
همام بن غالب بن ناجية بن مجاشع بن دارم وينتهي نسبه إلى زيد بن مناة بن تميم ، ولقب بالفرزدق لغلظه وقصره شبه بالفتيتة التي تشربها النساء وهي الفرزدقة .
ويكنى أبا فراس ، تزوج الفرزدق بالنوار فولدت له لبطة وسبطة وخبطة وركضة ، وكان له من البنات خمس أو ست .
وكان الفرزدق معناً مفناً (1). يقول كل شيء وسريع الجواب وكان سيداً وجيهاً عند الخلفاء والأمراء .
(( قال ابن قتيبة بن مسلم فيما كتبه إلى الحجاج حين سأله عن أشعر شعراء الإسلام قال: أشعر الجاهلية امرؤ القيس وأضربهم مثلاً طرفة وأما أشعر شعراء الوقت فالفرز دق أفخرهم))
كان يقيم في العراق ، وله ديوان اشتهرت منه النقائض ، وأغراض شعره المدح والرثاء والفخر والهجاء والوصف ، نوفي في البصرة سنة 114هـ .(2)
2- جرير:
جرير بن عطية بن حذيفة وهو من بني كليب بن يربوع ، ولد بعد نيف وثلاثين عاماً من الهجرة ، يكنى أبا حزرة ، وكان له عشرة من الولد وكلهم شعراء وأفضلهم وأشعرهم بلال بن جرير ، وكان يقيم جرير في المروة
وجرير يعتبر من أشد الشعراء الهجائين كان يقول : ((أنا لاابتدي ولكن اعتدي )).
(( قال أبو عمرو : سئل الأخطل أيكم أشعر قال: أنا امدحهم للملوك وانعتهم للخمر والحمر (3) وأما جرير فأنسبنا وأشبهنا وأما الفرزدق فأفخرنا )) .
له ديوان فيه مدح ورثاء وفخر وهجاء وغزل ، توفي في اليمامة سنة 110هـ (4)
3- الأخطل :
غياث بن غوث من بني تغلب ، يكنى أبا مالك ، وكان يشبّه الأخطل من شعراء الجاهلية بالنابغة الذبياني ، وهو تغلبي ولد في الحيرة .
والأخطل لقب غلب عليه والسبب في ذلك أنه هجا رجلاً من قومه ((فقال له يا غلام إنك أخطل)) وكان الأخطل يمدح بني أمية مدح معاوية ويزيد ومن بعدهم خلفاء بني مروان حتى هلك.
((قال مسلمة بن عبد الملك ثلاثة لا اسال عنهم أما أعلم العرب بهم الأخطل والفرزدق وجرير فأما الأخطل فيجيء سابقاً أبداً وأما الفرزدق فيجيء ثانياً وأما جرير فيجيء سابقاً مرة و ثانياً))
له ديوان فيه هجاء ومدح وفخر ووصف وخمر ، وهو أشبه بشعراء الجاهلية من حيث الجزالة .
فشعــــــراء الإســــــلام الأخطل وجرير والفرزدق وأشعرهـــــــــم الأخطل.








ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
(1)المعن: الخطيب الذي يدخل في كل شيء ، والمفن الذي يفنن في كلامه .
(2)الشعر والشعراء ص 310 ، طبقات فحول الشعراء 2/298 ، الأغاني 9/367 ، المزهر 2/361 ، الاشتقاق 1/ 192 معجم الشعراء ترجمة الفرزدق ، تاريخ الأدب العربي ص282.
(3) يعني النساء
(4) الشعر والشعراء ص 304 ، طبقات فحول الشعراء 2/297 ، الأغاني 2/5 ، المزهر 2/361 ، الاشتقاق 1/ 231 معجم الشعراء ترجمة جرير ، تاريخ الأدب العربي ص293.




الفصل الثالث :
الكتب المؤلفة في فن النقائض
لقد ألفت عدة كتب في فن النقائض منها ما هو عام و منها ما هو خاص(1) :
1- (( كتاب النقائض )) لأبي عبيدة معمر بن المثنى واشتهر هذا الكتاب باسم النقائض واسمه الحقيقي
( نقائض جرير والفرزدق ) وهو يضم القصائد الهجائية والفخرية وقد طبع الكتاب في ليدن سنة 1908 م في ثلاث مجلدات ضخمة ثم طبع ثانية في بيروت بطريقة التصوير وكما أعادت طبعه بالأوفست مكتبة المثنى ببغداد.
2- (( كتاب نقائض جرير والأخطل )) جمعها أبو تمام الطائي طبعت في بيروت سنة 1922 م ثم أعيد طبعها تصويرأً في السبعين .
3- ( كتاب النقائض )) لسعدان بن المبارك الضرير النحوي أحد رواة العلم كوفي المذهب روى عن أبي عبيدة ، وروى الكتاب عنه ابنه ابراهيم .
4-(( كتاب النقائض)) للحسن بن الحسين بن عبيد الله المعروف بالسكري النحوي اللغوي الراوية الثقة المكثر .
5- (( كتاب النقائض)) لأبي جعفر محمد بن حبيب .
ولا أعلم هل طبعت الكتب الثلاث الأخيرة أم لا ؟
6- ((كتاب تاريخ النقائض في الشعر العربي)) لأحمد الشايب الأستاذ بجامعة القاهرة




الباب الثاني:
الفصل الأول :
نشأة فن النقائض
النقائض من الفنون الشعر القديمة لأنها عرفت منذ العصر الجاهلي ، فقد كان شعراء القبائل المتحاربة يتراشقون بالشعر كما يتراشقون بالسّهام ، وكانوا يهجون ويناقضون بعضهم بعضاً، فينتصر الشاعر بقومه ويرد عليه شاعر القبيلة المعادية ، ثم جاء الإسلام فدارت النقائض بين شعراء المسلمين وشعراء المشركين فدافع شعراء المدينة عن الإسلام والمسلمين ودافع شعراء مكة عن دينهم الوثني ، وعلى الرغم من أن النقائض أيام الرسول صلى الله عليه وسلم تعدّ امتداداً للنقائض في الجاهلية إلا أن تغيراً قد أصابها من حيث الغاية إذا أصبحت دفاعاً عن عقيدة ومبادئ دينية بعد أن كانت دفاعاً عن أعراض القبيلة.
ونقائض الإسلام لم تشتمل على فحش وجرح للأعراض وانتهاك للحرمات كالتي نتلمسّها بشكل واضح في نقائض جرير والفرز دق والأخطل .
ثم ازدهر هذا الفن ازدهاراً كبيراً وواسعاً في العصر الأموي وتحوّل إلى فن مستقل بذاته له أصوله وعناصره وأساليبه ومراميه وأبعاده الاجتماعية والسياسية فأحتلّ مكانة عزيزة وتبوأ منزلة في لوحة الشعر.
وكانت الحياة في العصر الأموي صالحة لقيام مثل هذا الفن ، واستطاع أن يرجع إلى ما كان عليه في الجاهلية الأولى ، لذلك عاشت النقائض في ظله وسايرته إلى النهاية وبلغت في درجتها الفنية وآثارها الأدبية الاجتماعية منتهى ما بلغت في تاريخ الشعر العربي جمعيه ، وهذا ما يقودنا لأن نتبين أسباب النقائض في هذا العصر .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الشعر والشعراء ص 319 ، طبقات فحول الشعراء 2/298، الأغاني 8/290 ، المزهر 2/ 361 الاشتقاق 1/241 تاريخ الأدب العربي ص 266






الفصل الثاني :
أسباب النقائض
لو رجعنا إلى العصر الأموي وبحثنا عن سبب انتعاش وتفجر النقائض في هذا العصر لوقفنا على أسباب خاصة وأسباب عامة .
1- الأسباب الخاصة : (1)
أهم هذه الأسباب السبب الاقتصادي فنقائض جرير والأخطل متأثرة به ، إذ أنها قامت على ما كان بين قيس وتغلب من المنافسة على أرض الجزيرة واستغلالها منذ نزلت قيس فنسرين أساءت جوار تغلب فوقف جرير والأخطل متناقضين.
ومن الأسباب الخاصة أيضاً أن الظروف جعلت جريراً يقف في صفوف قيس ، وتصادف (إن صح التعبير ) أن عشيرته أسرعت بالبيعة لابن الزبير ، وتصادف أن قتل مجاشعي الزبير بن العوام ، وتصادف أن لجأت النوار زوج الفرزدق حين غاضبته إلى الزبير فجعل الفرزدق يهجو جريراً.
2- الأسباب العامة :(2)
1- السبب السياسي : وترجع إلىتشجيع الخلفاء أي حكّام بني أمية لهذا الفن ولهذا الشعر بغية صرف الناس عن التفكير في السياسة ، وقد كان لهذا الجانب مظاهر شتى وصور عديدة فمثلاً ما فعل بشر بن مروان بجمع الشعراء على جرير ويغر بهم به وما كان ذلك من بشر إلا تأييدأً لسياسة آل مروان.
2- السبب العقلي : وتعود إلى نمو العقل ومرانه الواسع على الحوار والجدل والمناظرة في النّحل السياسية والعقيدية والفقه والتشريع .

فلقد تناظر الشعراء بحقائق القبائل ومفاخرها ومثالبها ، فدرس كلّ منهم موضوعه وبحث في أدلته ليوثقها ، وفي أدلة خصمه لينقضها ، فأصبحت مناظرات شعرية تدور في سوقي المربد في البصرة والكناسة في الكوفة.
3- السبب الاجتماعي: ومرده إلى حاجة المجتمع العربي وخاصة في البصرة إلى ضرب من الملاهي يقضي به الناس أوقات فراغهم.



الفصل الثالث :
خصائص فن النقائض
لفن النقائض وخصوصاً ما جرى بين جرير و الفرزدق والأخطل خصائص عديدة منها:
1- طول النقيضة :
لاختلاط العصبية القبلية بالسياسة ، فكانت النقيضة تخوض في مديح الخلفاء والولاة فأصبحت لا تحتوي على فخر وهجاء فحسب بل تحتوي على مديح وسياسة ، ويقدم الشاعر لكل ذلك ببكاء الأطلال ووصف الرحلة والنسيب ، فاتسمت بالطول ، فلجرير قصيدة رائية أكثر من خمسين بيتاً بدأها برثاء زوجته ووصف المطر ومديح أم حرزة ويبدأ البيت الرابع والعشرين فيها بهجاء الفرزدق فيقول : ( الكامل)
لولا الحياء لعادني استعبار ولزرت قبـرك والحبيب يزار
ولقد نظرت وما تمتع نظرة في اللحد حيث تمكّن المحفار
ثم يهجو الفرزدق فيقول:
أفأم حرزة يا فرزدق عتيم غضب المليك عليكم القهـــار(1)
فيرد عليه الفرزدق بقصيدة طويلة يبدؤها بمقدمة طللية ثم بارتحال الظعائن ثم بالحكمة ، وفي البيت الثاني والعشرين يبدأ بهجاء جرير فيقول : ( الطويل)
تحن بزوراء المدينــــــــة ناقتي حنين عجــول يبتغي البو رائم
ويا ليت زوراء المدينة أصبحت بأحفار فلح أو بسيف الكواظم
ثم يهجو جريراً فيقول:
تحرّك قيس في رؤوس لئيمــــة أنوفاً وآذاناً لئام المصــــــــالم(2)
فجرير من قبيلة قيس .


2- التأثر بالإسلام:
إذ عاش شعراء النقائض في بيئة إسلامية ، فدخلت المعاني الإسلامية في صلب النقائض فخراً وهجاء .
وهذا ما يبدو في نقيضـة الفرزدق التي يهجــو بهـــا جريراً ويفتخر بقومــه فيقول: ( الكامل)
إن الذي سمك السماء بنى لنا بيتاً دعائمه أعــز وأطول
بيتـــاً بنــــاه المليك ومـــا بنا حكم السماء فإنه لا ينقــل
وهذا مأخوذ من قوله تعالى :(( أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها رفع سمكها فسواها))(1)
وقوله أيضاً: ( الكامل )
ضربت عليك العنكبوت بنسجها وقضى عليك به الكتاب المنزل
وهذا مأخوذ من قوله تعالى :(( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون))(2).
ومن قول جرير الذي كان أشد تأثراً بالإسلام يقول : ( الكامل )
إنّ البعيث وعبد آل مقـــاعس لا يقــرآن بسورة الأحبــار
وهذا مأخوذ من قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود .....)) (3)
وغير ذلك من الأشعار التي تبين تأثر شعراء النقائض بالإسلام(4)
3- الإفحاش في الهجاء :
لقد هتك شعراء النقائض الأعراض وأباحوا الحرمات بعبارات تؤثر التصريح لا التلميح ، وهذا الهجاء وصل إلى درجة تشمئز منه النفوس وتنكرها الأخلاق والتعاليم الدينية وكان لبعض الأبيات أثر في نفوس من وجهت إليهم فقال جرير:
ما هجينا بشيء قط أشد علينا من قول الأخطل :( البسيط )
مازال فينا رباط الخيل معلمة وفي كليب رباط الـذلّ والعـار
قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم قالوا لأمهم : بولي على النار
تمسك البول شحاً لا تجود به ولا تبول لهم إلا بمقـــــــــــدار
فأجابه جرير : ( الكامل )
حيّوا المقام وحيوا ساكن الدار ما كدت تعرف إلا بعد إنكـــار
كما أنّ الفرزدق يقول في أم جرير : ( الوافر)
قبح الله فقرة في بطنهـــــــا منها خرجت وكنت فيها تحمل
فأجابه جرير : (الكامل)
قبح الإله بني خفاف ونسوة ٍبات الخزير لهن كالأحقـــــــال
إذاً سلك شعراء النقائض هذا الطريق وهو الهجاء من أجل الرد على الخصم وتقوية حجته(1)
4- اعتماد السخرية :
عمد شعراء النقائض إلى هذا الأسلوب ففيه إسفاف وتشنيع الخصم وفي نقائض جرير والفرزدق أمثلة كثيرة على ذلك .
فقد سخر جرير من الفرزدق قائلاً ( الطويل)
وإنك لو تعطي الفرزدق درهماً على دين نصــرانية لتنصـــّر
ومن ذلك أيضاً قوله : ( الوافر)
خذوا كحلاً ومجمرة وعطـــــراً فلستم يا فرزدق بالرجـــــال
ومن ذلك قول الفرزدق في والد جرير ( الكامل )
إنّا لنضرب رأس كلّ قبيلــــــةٍ وأبوك خلف أتانـــــه يتقمّل
وقوله أيضاً : ( الطويل )
تركنا جريراً وهو في السوق حابس عطية هل يلقى به من يبادله
فقالــــوا له ردّ الحمــار فإنـــــــــــه أبوك لئيم رأسـه وجحافلــه(2)
5- توليد المعاني والصور: (1)
أخذ شعراء النقائض يولدون المعاني و الأفكار ، وكان عندهم خيال خصب يبتكرون الصور ويبالغون في المعاني ويخترعون الوقائع والحوادث غير آبهين بما يرتكب في سبيل ذلك من الكذب والبهتان.
فشغل جرير بفكرة القين والحدادة عند الفرزدق فولّد منها المعاني ، فحينما يصفه بأنه قين و ابن قين كان يتعمق في هذه الفكرة ، ويستخرج منها معاني متعددة فيقول : ( الكامل )
ألهى أباك عن كل المكارم والعـــلا لي الكتــــــــــائف وارتفاع المرجـــــل
تصف السيوف وغيركم يعــصي بما يا ابن الــقيون و ذاك فعل الصّقل
يقول أيضاً : ( الطويل )
هو القين وابن القين لا قين مثله لفطح المساحي أو لجدل الأداهم
ونلاحظ الفرزدق يسرد في ميميته حوادث وأيام فيقول ( الطويل):
ونحن ضربنا هامة ابن خويلد يزيد على أمّ الفراخ الجواثــــــم
ونحن قتلنا ابني هيّم وأدركت بحيرا بنا ركض الذكور الصلادم
6- استخدام أسلوب المقارنة والموازنة :(2)
وأسلوب الموازنة والمقارنة من أهم سمات النقائض عند الأمويين وخصوصاً عند الفرزدق وجرير والأخطل لجأ إليه الشعراء للاحتجاج و الدقة في التحدي ولتوضيح الفكرة وإظهارها .
يقول الفرزدق : ( الطويل )
أتعدل أحساباً لئــــام أدقـــــــةٍ بأحسابكـــم إني إلى الله راجـــــــع
واضعاً قول الأخطل لجرير : ( الطويل)
أتعدل أحساباً كراماً حماتهـــا بأحسابكــم إني إلى الله راجــــــــع
ومنها قول الأخطل لجرير : ( البسيط)
أما كليب بن يربوع فليس لهم عند التفارط إيــراد و لا صــــــــدر
مخافون ويقضي الناس أمرهم وهم بغيب ٍوفي عمياء ما شعروا
ملطمون بأعقار الحياض فمـا ينفكّ فـــي دارميّ فيهم أثــــــــــــر
قوم أنابت إليهم كلّ مخزيـــــة وكلّ فاحشةٍ سبّت بهــــا مضــــــر
فينقض عليه جرير قائلاً : ( البسيط )
نحن اجتبينا حياض المجد مترعة من حومة لم يخالط صفوها كدر
خابت بنو تغلب إذ دخل فارطهــم حوض المكارم إنّ المجد مبتدر
الظاعنون على العمياء إن ظعنوا والسائلون بظهر الغيب ما الخير
7- رصد سقطات الخصم : (1)
حاول شعراء النقائض رصد أخطاء وغفلات الخصم لكي ينهلون عليه بالهجاء والشعر المقذع
وينظر هنا إلى حادثة نبؤ السيف في يد الفرزدق عندما أمره الخليفة سليمان بن عبد الملك بضرب عنق أحد الأسرى ، وكان قد دس له سيف لا يقطع ، فاستغل هذه الحادثة جرير ،
وراح يسخر من الفرزدق فيقول: (الطويل )
أكلفت قيساً أن نبا سيف غالــــــب وشاعت له أحدوثة في المواســــــم
بسيف لأبي رغوان سيف مجاشع ضربت ولم تضرب بسيف ابن ظالم
ضربت عند الإمام فأرعشـــــــــت يداك وقالوا محدث غير صــــــــارم









الخاتمة:
من خلال دراستنا ولو لجانب بسيط من فن التقائض يتبن لنا ما يلي :
أن فن النقائض فن قديم وجد منذ العصر الجاهلي وترعرع حتى وصل إلى عهد بني أمية ، وقد توافرت في هذا العهد الأسباب السياسية الاجتماعية والعقلية لرعاية هذا الفن ، وجذبت إليه الشعراء .
كما ونلاحظ أن هذا النوع من فنون الشعر يحتاج إلى شرائط من حيث اتحاد البحر والروي والمعنى .
كما وقد عرفنا أقطاب هذا الفن في هذا العهد كيف استطاعوا تكريس شعرهم في سيبل الوصول إلى غايتهم .
وعرفنا أنّ فن النقائض أحد الفنون الأدبية الجديدة ، وأنه أفد العلماء في معرفة الأنساب والمفاخر عند العرب.
والحمد لله رب العالمين





المصادر والمراجع:
لأبي الفرج الأصفهاني ، دار الفكر ، بيروت ، الطبعة الثانية تحقيق : سمير جابر الأغاني : 1-
ابن دريد ، مؤسسة الخانجي، 1958م ، تحقيق عبد السلام هارون. الاشتقاق: 2-
أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، دار صعب بيروت 1968م الطبعة الأولى تحقيق: فوزي عطوي البيان والتبين : 3-
أحمد حسن الزيات ، مكتبة الرسالة تاريخ الأدب العربي 4-
حنا الفاخوري ، الطبعة البوليسية. تاريخ الأدب العربي 5-
أحمد الشايب ، مكتبة النهضة ، الطبعة الثالثة 1966م. تاريخ النقائض: 6-
أبي منصور عبد الملك الثعالبي ، دار المعارف ، القاهرة ، الطبعة الأولى 1965م ، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم. ثمار القلوب في المضاف والمنسوب: 7-
أبي بكر علي بن عبد الله الحموي الأزراري ، دار الهلال ، بيروت ، 1987 م ، الطبعة الأولى ، تحقيق : عصام شعيتو. خزانة الأدب وغاية الطلب: 8-
ديوان الأخطل: 9-
شرح محمد اسماعيل الصاوي ، دار الأندلس . ديوان جرير: 10-
شرحه : علي خريس ، مؤسسة الأعلمي ، الطبعة الأولى . ديوان الفرزدق: 11-
عبد الله بن مسلم بن قتيبة ، دار الكتب العلمية ، الطبعة الثانية، تحقيق : مفيد قمحة الشعر والشعراء: 12-
ابن سلام الجمحي ، دار المعارف ، القاهرة ، 1952 م تحقيق : محـــــــمود شـــــاكر طبقات فحول الشعراء، 13-
أحمد بن محمد بن عبد ربه ، دار إحياء التراث ، بيروت 1999 م الطبعة الثالثة العقد الفريد : 14-
الدكتور شوقي ضيف ، دار المعارف ، الطبعة السابعة . العصر الإسلامي: 15-ا
محمد بن يعقوب الفيروز آبادي مؤسسة الرسالة الطبعة السادسة 1998م القاموس المحيط: 16-
ابن منظور ، دار صادر ، بيروت 1957. لسان العرب : 17-
أبي الفتح محمد الموصلي ، المكتبة العصرية ، 1995م تحقيق :محمد محي الين عبد الحميد. المثل السائر: 18-
جلال الدين السيوطي ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1998، الطبعة الأولى ، تجقيق فؤاد علي منصور. المزهر في علوم اللغة و أنواعها: 19-
محمود الفاخوري ، مديرية الكتب والمطبوعات المدرسية. مصادر التراث : 20-
ياقوت الحموي. معجم الأدباء : 21-
الخليل بن أحمد الفراهيدي. معجم العين : 22-
محمد بن عمران المزرباني ، تحقيق : سالم الكرنكوسي سنة 1354هـ معجم الشعراء : 23-
محمد بن المبارك البغدادي . منتهى الطلب من أشعار العرب : 24-
مطبعة ليدن 1907م أعادت طبعه مكتبة المثنى بغداد . نقائض جرير والفرزدق : 25-
الشاعر أبي تمام . المطبعة الكاثولكية ، بيروت ، 1922م نقائض جرير والأخطل : 26-
أحمد بن عبد الوهاب النويري ، دار الكتب ، 1342هـ نهاية الأرب في فنون العرب : 27-
المبارك بن محمد الجزري ، المكتبة العلمية ، بيروت 1979م ، تحقيق : طاهر الزاوي ، محمود الصناحي. النهاية في غريب الأثر: 28-
صلاح الدين الصفدي طبعة 1911م نكت الهميان: 29-
صلاح الدين الصفدي ، باعتناء يوسف فان اس الوافي بالوفيات 30




أرجوا ان تستفيد منها أخي

nassri17
2010-04-20, 16:57
شكرا اختي سومية لكن اقصج نقائض الجرير والفرزدق

nassri17
2010-04-20, 16:58
على العموم افديتيني شكرا لكي بوركتي اختاه وايضا اختي امال

سومية1
2010-04-20, 16:58
حسنا اخي اتمنى ان اتمكن من المساعدة..

nassri17
2010-04-20, 17:01
لا والله لقد ساعدتيني بما فيه الكفاية شكرا لكي

سومية1
2010-04-20, 17:03
نبدأ أولا بالشاعر العظيم


الفرزدق







هو همام بن غالب، كنيته أبو فراس ولقبه الفرزدق، ولقب به، لغلظة في وجهه. ولد الشاعر الفرزدق في بيت يكتنفه الشرف والسيادة من كل جانب، فأبوه غالب أحد أجواد العرب.. ولد بالبصرة، ونشا في باديتها.. كان الفرزدق متقلبا في مزاجه وعلاقاته الاجتماعية، فقد يمدح الرجل اليوم ليهجوه في يوم آخر.

قيل إنه نظم الشعر صغيرًا.. دارت بين الفرزدق وجرير الشاعر الأموي أيضًا، حرب هجائية دامت نحو خمسين سنة، وكان لتلك الحرب الشعرية صدى واسع في البلاد، وضج بها"المربد" سوق البصرة، وانقسم الناس قسمين، كل قسم يؤيد هذا الشاعر أو ذاك.

توفي الفرزدق بالبصرة سنة 114ه وقد شارف على التسعين.

كان التكسب مرماه في أكثر الأحوال، فمدح ورثى وهجا، فها نحن نتوقف قليلا عند مديحه.




شعره في المديح






مدح الفرزدق خلفاء بني أمية على أنهم أولى الناس بتراث الخلافة، وأحق الناس بالملك، وهم كالقمر يهتدي به، وسيوفهم هي سيوف الله التي يضرب بها الأعداء، وإذا النصر حليفهم، لأن الله معهم، وإذا الهدى مشرق من وجوههم، منهم الهادون والمهديون.. وتذكر الكتب والمراجع، أن الخليفة "هشام بن عبد الملك" حج على عهد أبيه وطاف بالبيت، وحاول أن يصل إلى الحجر الأسود فلم يستطع لشدة الزحام، فنصب له كرسي وجلس عليه ينظر إلى الناس، وحوله جماعة من أهل الشام. وفيما هو كذلك أقبل"زين العابدين" فطاف بالبيت، ولما انتهى إلى الحجر انشقت له الصفوف ومكنته من استلامه، فقال رجل من الشام لهشام:

من هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة؟

فقال هشام"

لا أعرفه، وخاف أن يذكر اسمه فيرغبهم فيه.

وكان الفرزدق حاضرًا فقال: أنا أعرفه.

فقال الشامي: ومن هو يا أبا فراس؟، فقال قصيدته الشهيرة في مدح زين العابدين، فغضب هشام وحبسه، فهجاه الفرزدق.

أنشد الشاعر الفرزدق قصيدة يمدح فيها"زين العابدين":



هذا الذي تعرف البطحاء وطأته **** والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم **** هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله **** بجده أنبياء الله قد ختموا

ما قال لا قط إلا في تشهده **** لولا التشهد كانت لاءه نعم

إذا رأته قريش قال قائلها **** إلى مكارم هذا ينتهي الكرم






فخر الفرزدق






الشاعر يمزج بين الفخر والهجاء، فالهجاء عنده موضوع في جو فسيح من الفخر والتبجح... أما موضوع فخره فهو في قومه ونفسه، وفخره بقومه اشد منه بنفسه، إنه أعز الناس بيتًا وأرفعهم شرفًا وأوسعهم خيرًا وكرمًا، وهم ذوو العقول التي توازي الجبال، والثبات الذي لا يزعزع..

ولقد برع الفرزدق براعة فائقة في الفخر، ذلك لأن شرف آبائه وأجداده قد مهد له سبيل القول بالفخر، وتطاول على جرير وتحداه أن يأتيه بمثل آبائه وقومه:



أولئك آبائي فجئني بمثلهم **** إذا جمعتنا ياجرير المجامع

فيا عجبًا حتى كليب تسبني**** كأن أباها نهشل أو مجاشع



كانت غاية الفرزدق في هجره الاستعلاء على جرير، فكان فخره في الغالب ممتزجًا بهجاء جرير ورهطه..

وفي فخره بقومه يصفهم بالمكارم التي كان العرب يفاخرون بها، ككثرة العدد وحماية الجار والبأس في القتال، وشرف المنزلة، وقري الضيف، ونباهة الذكر، ورجاحة العقل. ثم يعدد آباءه ويذكر مآثر كل منهم.. حتى أن الفرزدق يستغل بعض الحوادث التي هجاه بها خصمه جرير، فيجيد الاعتذار لها ويحولها على فخر، فهو حين عجز عن قتل الأسير الرومي الذي دفع إليه قال:



ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم **** إذا أثقل الأعناق حمل المغارم



وهذه أبيات يفخر الفرزدق فيها بنفسه وبقومه، فيقول:

إن الذي سمك السماء بنى لنا **** بيتًا دعائمه أعز وأطول

أحلامنا تزن الجبال رزانة **** وتخالنا جنًا إذا ما نجهل

وهب القصائد لي النوابغ إذ مضوا**** وأبو يزيد، وذو القروح، وجرول



فالفرزدق يقول:

إن الله أعطى قومه عزًا وشرفًا، أكثر من جرير وقومه.. فعقولنا تساوي بوزنها وتفكيرها وزن الجبال، كما أنها توازنها ثباتًا ورسوخًا، على أننا في الحروب والدفاع عن كياننا نصبح محاربين أشداء قساة فيما إذا ما حملنا أحد على الغضب.



فكرة عن النقائض الشعرية






ذكرنا أن المعركة الشعرية نشبت بين الفرزدق وجرير ودامت أكثر من خمسين عامًا، فالنقائض قصائد امتزج فيها الهجاء والفخر، وكثرت فيها الإشارة إلى ماضي القبائل في الجاهلية وحاضرها في عهد بني أمية، يقول الشاعر قصيدته، فيرد عليه خصمه بقصيدة من وزنها وقافيتها ويتعقب أفكاره ومعانيه، فيردها عليه..

على أن فن النقائض نشأ أول ما نشأ في العصر الجاهلي وامتد حتى ازدهر في العصر الأموي الذي استيقظت فيه العصبية بعد أن أضعفها الإسلام، وانضمت إلى العوامل القبلية عوامل أخرى سياسية واجتماعية واقتصادية وشخصية.. فكانت نقائض هذا العصر تختلف عن نقائض العصر الجاهلي بطولها وإفحاشها واتساع الخيال فيها..

هذا ومن المعروف أن النقائض تقوم على الهجاء، وفن الهجاء بدوره قائم على أمور ثلاثة: الأول أن يذكر الشاعر معايب خصمه ومثالب قبيلته بنفسه وبقبيلته.. والثاني تناول الأغراض وقذف المحصنات والشتائم.. والثالث تصوير الخصم بصورة ساخرة تحمل القارىء أو السامع على الضحك..








<span style='color:red'>الفرزدق شاعر الوصف






كان الفرزدق واسع الخيال، دقيق الملاحظة، جيد القصص، مما ساعده على أن يكون من ابرع الوصافين في العهد الأموي، أما موصوفاته فكثيرة، منها ما هو منتزع من البادية كالذئب، ومنها ما هو من حياة الحضر كالسفينة والجيش.. ويصطبغ وصف الفرزدق أحيانًا بصبغة القصص الذي يحسن الشاعر سرده، كما يمتاز بالتقرب من الحيوان المفترس والعطف عليه، ففي وصفه للذئب يظهر استعدادًا لأن يلبس ذلك الوحش من ثيابه وأن يقاسمه زاده.




فلما دنا قلت ادن دونك إنني **** وإياك في زادي لمشتر كان

فبت أسوي الزاد بيني وبينه **** على ضوء نار مرة ودخان




فهذان البيتان من قصيدة يصف فيها ذئبًا أتاه ليلا وهو يشتوي شاة، فدعاه أن يشاركه الطعام المشوي اللذيذ، فهو وحيد وقد عانى من عقوق الأصدقاء وبعد الأحباب، فكأن الشاعر استأنس بمجيء الضيف الذئب، او أرجح أن الفرزدق قد تخيل هذا الضيف. وهو في قلب الصحراء يشعل ناره للطعام ففضل في قصيدته هذه القصصية أن يكون ضيفه حيوانًا، عسى أن يكون وفيًا أنيسًا مخلصًا أكثر من الإنسان الغادر.. فوصف الشاعر يتناول المحسوسات أكثر من المعنويات، كما يمتاز بالدقة وحسن التصوير، فضلا عن طابع شخصي مبتكر أو جده من خلال قصصه.</span>






الهجاء في شعر الفرزدق



<span style='color:royalblue'>
]إن ميزة الهجاء عند الفرزدق هي الفخر أولا، فالشاعر في الهجاء يعتمد على الفخر والاستناد عليه، فبالهجاء ينقض الشاعر على خصمه فيوسعه شتمًا وذلا فيصوره حقيرًا، كما يصور قومه وأهله بأنهم يتصفون بأرذل الصفات وأقبح الطباع، فهم مثلا ضعفاء متخاذلون، بخلاء لا أصل لهم ولا فرع..

وبالمقابل فالشاعر هذا يفخر بقومه وبنفسه، كما رأينا في هجاء جرير، والذي هو فخر للفرزدق بآن واحد.

وقال الفرزدق في الضيافة:




ومستنبح والليل بيني وبينه **** يراعي بعينيه النجوم التواليا

سرى إذ تفشى الليل تحمل صوته**** إلي الصبا قد ظل بالأمس طاويا

حلفت لهم إن لم تجبه كلابنا **** لأستوقدن نارًا تجيب المناديا


وقال يهجو" إبليس" وقد تاب في أواخر حياته:



أطعتك يا إبليس سبعين حجة **** فلما انتهى شيي وتم تمامي

فررت إلى ربي وأيقنت أنني **** ملاق لأيام المنون حمامي



لاشك في أننا نلمس من هذه الأبيات للفرزدق، توبته عن ماضيه البعيد وعن مساوئه وطيشه، فهنا هو قد بلغ السبعين من عمره، حيث النهاية في الدنيا أصبحت قريبة، ولا بد من لقاء الموت الذي هو غاية كل إنسان... فهذه الأبيات تدلنا على أن الشاعر قد صقلته الأيام وهذبته الحياة، فبدا شعره صادقًا عن نفسه الزاهدة، وتقواه العميقة..

وهكذا رأينا الفرزدق في شعره يلتزم بالديباجة المعروفة لديه، فشعره الغزلي أحيانا يخلو من هذه الديباجة، فيتجاوز قوانين النحو والبيان في كثير من الأحيان...

ولكن شعر الفرزدق فضلا عن قيمته الأدبية، ذو قيمة تاريخية كبرى، لأنه يطلعنا على نواح كثيرة من حياته وحياة خصومه، وعلى أخبار العرب وأيامهم وعاداتهم، وأوضاع الدولة الأموية وتصرف عمالها وولاتها، وعلى الفتوحات والجيوش وغيرها.