المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اكتبْ تاريخك بَنفْسِك ( اجمل ماقرات)


nassri17
2010-04-20, 16:01
http://abeermahmoud2006.jeeran.com/505-Bismellah.gif
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلا بكم اعزائي اعضاء منتدى الجفة العزيز كالعادة نمر بصدف واحيانا تكون الصدفة مفيدة المهم منذ دقائق معدودات كنت احمل كتابا ليشخ من مشايخنا الكرام واعجبني موضوع فاردت ان لا ابخل عليكم بالفائدة فلاتبخلوني بالردود
كنتُ جالساً في الحرَمِ في شدَّةِ الحرّ ، قبل صلاةِ الظهرِ بساعةٍ ، فقام رجلٌ شيخٌ كبيرٌ ، وأخذ يُباشِرُ على الناسِ بالماءِ الباردِ ، فيأخذُ بيدهِ اليُمنى كوباً ، وفي اليُسرى كوباً ، ويسقيهمُ منْ ماءِ زمزم ، فكلَّما شرب شاربٌ ، عاد فأسقى جارهُ ، حتى أسقى فِئاماً من الناسِ ، وعَرَقُه يتصبَّبُ ، والناسُ جلوسٌ كلٌّ ينتظرُ دوره ليشرب منْ يدِ هذه الشيخِ الكبيرِ ، فعجبتُ منْ جلدِهِ ومنْ صبرِهِ ومنْ حبِّه للخيرِ ، ومن إعطائِه هذا الماءَ للناسِ وهو يتبسَّمُ ، وعلمتُ أنَّ الخير يسيرٌ على منْ يسرَّه اللهُ عليه ، وأنَّ فِعْلَ الجميِل سَهْلٌ على منْ سهَّلهُ اللهُ عليه ، وأنَّ للهِ ادِّخاراتٍ من الإحسانِ ، يمنحُها منْ يشاءُ منْ عبادهِ ، وأنَّ اللهُ يُجري الفضائل ولو كانتْ قليلةً على يدِ أناسٍ خيرِّين ، يحبُّون الخيْر لعبادِ اللهِ ، ويكرهون الشَّرَّ لهم .

أبو بكر يعرِّضُ نفسه للخطرِ في الهجرةِ ، حمايةً للرسولِ r .

وحاتمُ ينامُ جائعاً ، ليشبع ضيوفه .

وأبو عبيدة يسهرُ على راحةِ جيشِ المسلمين .

وعمرُ يطوفُ المدينة والناسُ نيامٌ .

ويتلوى من الجوعِ عام الرَّمادة ، ليُطعم الناس .

وأبو طلحة يتلقى السهام في أُحُدٍ ، ليقي رسول اللهِ r .

وابنُ المباركِ يُباشِرُ على الناسِ بالطعامِ وهو صائمٌ .

ذهبوا يرون الذكر عمراً ثانيا



ومضوا يعدُّون الثناء خلودا




﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ﴾ .

********************************************

أنْصِتْ لكلام الله

هدِّئ أعصابك بالإنصاتِ إلى كتابِ ربِّك ، تلاوةً مُمتعةً حسنةً مؤثِّرةً منْ كتابِ اللهِ ، تسمعُها منْ قارئٍ مجوِّدٍ حَسَنِ الصوتِ ، تصلُك على رضوانِ اللهِ عزَّ وجلَّ ، وتُضفي على نفسِك السكينة ، وعلى قلبِك يقيناً وبرداً وسلاماً .

كان r يحبُّ أنْ يسمع القرآن منْ غيرِهِ ، وكان r يتأثَّرُ إذا سمع القرآن منْ سواهُ ، وكان يطلُبُ منْ أصحابِه أنْ يقرؤوا عليهِ ، وقد أُنزل عليهِ القرآنُ هو ، فيستأنسُ r ويخشعُ ويرتاحُ .

إنَّ لك فيهِ أسوةً أنْ يكون لك دقائقُ ، أو وقتٌ من اليومِ أو الليلِ ، تفتحُ فيهِ المذياع أو مسجّلاً ، لتستمع إلى القارئِ الذي يعجبُك ، وهو يتلو كلام اللهِ عزَّ وجلَّ .

إنَّ ضجَّة الحياةِ وبلبلة الناسِ ، وتشويش الآخرين ، كفيلٌ بإزعاجِك ، وهدِّ قُواك ، وبتشتيتِ خاطرِك . وليس لك سكينةٌ ولا طمأنينةٌ ، إلاَّ في كتابِ ربِّك وفي ذكرِ مولاك : ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ .

يأمرُ r ابن مسعودٍ ، فيقرأ عليه منْ سورةِ النساءِ ، فيبكي r حتى تنهمر دموعُه على خدِّه ، ويقولُ : (( حسْبُك الآن )) .

ويمرُّ بأبي موسى الأشعريِّ ، وهو يقرأُ في المسجدِ ، فيُنصتُ لهُ ، فيقولُ له في الصباحِ : (( لو رأيتني البارحة وأنا أستمعُ لقراءتِك )) ، قال أبو موسى : لو أعلمُ يا رسول الله أنك تستمعُ لي ، لحبَّرْتُهُ لك تحبيراً .

عند ابن أبي حاتم يمرُّ r بعجوزٍ ، فيُنصت إليها منْ وراءِ بابها ، وهي تقرأُ ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾ ، تعيدُها وتكرِّرُها ، فيقولُ : (( نعم أتاني ، نعم أتاني )) .

إنَّ للاستماعِ حلاوةً ، وللإنصاتِ طلاوةً .

أحدُ الكُتاّبِ اللامعين المسلمين سافر إلى أوربا ، فأبحر في سفينةٍ ، وركبتُ معه امرأةٌ منْ يوغسلافيا ، شيوعيَّةٌ فرَّتْ منْ ظُلمٍ ومنْ قهرِ تيتو ، فأدركتْه صلاةُ الجمعةِ مع زملائِه ، فقام فخطبهم ، ثم صلَّى بهمْ وقرأ سورة الأعلى والغاشية ، وكانتِ المرأةُ لا تجيدُ العربية ، كانتْ تُنصتُ إلى الكلام وإلى الجرْسِ وإلى النَّغمةِ ، وبعد الصلاةِ سألتْ هذا الكاتب عن هذهِ الآياتِ ؟ فأخبرها أنها من كلامِ اللهِ عزَّ وجَّل ، فبقيتْ مدهوشةً مذهولةً ، قال : ولم تمكنّي لغتي لأدعُوها إلى الإسلامِ : ﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ﴾ .

إنَّ للقرآنِ سلطاناً على القلوبِ ، وهيبةٌ على الأرواحِ ، وقوةً مؤثَّرةً فاعلةً على النفوسِ.

عجبتُ لأناسٍ من السلفِ الأخبارِ ، ومن المتقدِّمين الأبرار، انهدُّوا أمام تأثيرِ القرآن ،وأمام إيقاعاتِه الهائلةِ الصادقةِ النافذةِ : ﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ .

فذاك عليُّ بنُ الفُضيل بن عياضٍ يموتُ لمَّا سمع أباه يقرأُ : ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ{24} مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ ﴾ .

وعمرُ رضي اللهُ عنه وأرضاهُ منْ سماعِه لآيةٍ ، ويبقى مريضاً شهراً كاملاً يُعادُ ، كما يُعادُ المريضُ ، كما ذكر ذلك ابنُ كثيرٍ . ﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى ﴾ .

وعبدُاللهِ بنُ وهبٍ ، مرَّ يوم الجمعةِ فسمع غلاماً يقرأُ : ﴿ وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ... ﴾ فأُغمي عليه ، ونُقل إلى بيتهِ ، وبقي ثلاثة أيامٍ مريضاً ، ومات في اليوم الرابعِ . ذَكَرَه الذهبيُّ .

وأخبرني عالمٌ أنه صلَّى في المدينةِ ، فقرأ القارئُ بسورةِ الواقعةِ ، قال : فأصابني من الذهولِ ومن الوجلِ ما جعلني اهتزُّ مكاني ، وأتحرَّكُ بغيرِ إرادةٍ مني ، مع بكاءٍ ، ودمعِ غزيرٍ . ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ .

ولكنْ ما علاقةُ هذا الحديثِ بموضوعِنا عنِ السعادةِ ؟!

إنَّ التشويش الذي يعيشُه الإنسانُ في الأربعِ والعشرين ساعةً كفيلٌ أنْ يُفقِده وعيهُ ، وأن يُقلقه ، وأن يُصيبه بالإحباطِ ، فإذا رَجَعَ وأنصت وسَمَعَ وتدبَّر كلام المولى ، بصوتٍ حسنٍ منْ قارئٍ خاشعٍ ، ثاب إليه رُشدُه ، وعادتْ إليه نفسهُ ، وقرَّتْ بلابلهُ ، وسكنتْ لواعِجُه . إنني أُحذَّرك بهذا الكلامِ عنْ قومٍ جعلُوا الموسيقى أسباب أُنسِهمْ وسعادتِهمْ وارتياحِهم ، وكتبُوا في ذلك كُتُباً ، وتبجَّح كثيرٌ منهمْ بأنَّ أجمل الأوقات وأفضل الساعات يوم يُنصت إلى الموسيقى ، بلْ إنَّ الكُتَّاب الغربيين الذين كتبُوا عن السعادةِ وطردِ القلقِ يجعلون منْ عواملِ السعادةِ الموسيقى . ﴿ وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً ﴾ ، ﴿ سَامِراً تَهْجُرُونَ ﴾ .

إنَّ هذا بديلٌ آثِم ، واستماعٌ محرَّم ، وعندنا الخيْرُ الذي نزل على محمدٍ r ، والصِّدقُ والتوجيهُ الرَّاشدُ الحكيمُ ، الذي تضمَّنه كتاب اللهِ عزَّ وجلَّ : ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ .

فسماعٌنا للقرآنِ سماعٌ إيمانيٌّ شرعيٌّ محمديٌّ سنيٌّ ﴿ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ ﴾ ، وسماعُهم للموسيقى سماعٌ لاهٍ عابثٌ ، لا يقومُ به إلا الجَهَلةُ والحمقى والسُّفهاءُ من الناسِ ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ .

*****************************************

كلٌّ يبحثُ عنِ السعادةِ ولكنْ



للعالمِ الإسكافيِّ كتابٌ بعنوان ( لُطْفُ التدبيرِ ) وهو كتابٌ جمُّ الفائدةِ ، أخَّاذٌ جذَّابٌ جلاَّبٌ ، مؤدَّى الكلامِ فيه البحثُ عن السيادةِ والسعادةِ والرِّيادةِ ، فإذا الاحتيالُ والمكرُ والدهاءُ ، وضَرْبٌ من السياسةِ ، وأفانينُ من الالتواءِ ، فَعًَلها كثيرٌ من الملوكِ والرؤساءِ ، والأدباءِ والشعراءِ ، وبعضِ العلماءِ ، كلُّهم يريدُ أنْ يهدأ وأنْ يرتاح ، وأنْ يحصل على مطلوبهِ ، حتى إنّهُ منْ عناوينِ هذا الكتابِ :

في لطفِ التدبيرِ ، تسكيرُ شغْبٍ ، وإصلاحُ نِفارٍ أو ذاتِ بيْن ، ماذا يفعلُ المنهزمُ في مكائدِ الأعداءِ ، مُكايَدَةُ صغيرٍ لكبيرٍ ، في دفعِ مكروهٍ بقولٍ ، في دفعِ مكروهٍ بمكروهٍ ، في دفعِ مكروهٍ بلُطفٍ ، في لُطفِ التدبيرِ في دفعِ مكروهٍ ، في مُداراةِ سلطانٍ ، في الانتقامِ منْ سالِب مُلكٍ ، في الخلاصِ منْ نِقْمةٍ في الفتْكِ والاحترازِ منُه في إظهارِ أمرٍ لإخفاءِ غيرِه . إلى آخرِ تلك الأبوابِ .

ووجدتُ أنَّ الجميع كلَّهمْ يبحثون عنِ السعادِة والاطمئنانِ ، ولكنْ قليلٌ منهمْ منِ اهتدى إلى ذلك ووُفِّق لنيْلِها . وخرجتُ من الكتابِ بثلاثِ فوائد :

الأولى : أنَّ منْ لم يجعلِ الله نصب عينيه ، عادتْ فوائدُه خسائِر وأفراحُه أتراحاً ، وخيراتُه نكباتٍ ﴿ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ .

الثانيةِ : أنَّ الطرق الملتوية الصَّعْبة التي يسعى إليها كثيرٌ من الناسِ في غيرِ الشريعةِ ، لنيلِ السعادةِ ، يجدونها – بطُرُقٍ أسهَلَ وأقرَبَ – في طريق الشرعِ المحمديِّ ، ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ﴾ فينالون خَيْرَ الدنيا وخَيْرَ الآخرةِ .

الثالثةِ : أنَّ أُناساً ذهبتْ عليهمْ دنياهم وأخراهم ، وهمْ يظُنُّون أنهم يُحسنون صُنعاً ، وينالون سعادةً ، فما ظفرُوا بهذه ولا بتلك ، والسببُ إعراضُهم عن الطريقِ الصحيحِ الذي بعث اللهُ به رُسُلَهُ ، وأنزل به كتبه ، وهي طلبُ الحقِّ ، وقولُ الصدْقِ ، ﴿ َتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ ﴾ .

كان أحدُ الوزراءِ في لهوهِ وطربِه ، فأصابه غمٌّ كاتِمٌ ، وهمٌّ جاثِمٌ فصرخ :

ألا موتٌ يُباعُ فأشترِيهِ





فهذا العيشُ ما لا خير فيهِ



إذا أبصرتُ قبراً من بعيدٍ






وددتُ لو أنني ممَّا يليِهِ



ألا رحِم المهيمنُ نفْس حُرٍّ




تصدَّق بالوفاةِ على أخيهِ




**************************************

وقفــــةٌ

« فليُكْثِرِ الدُّعاء في الرَّخاءِ : أيْ في حالِ الرَّفاهيةِ والأمنِ والعافيةِ ؛ لأنَّ مِنْ سمةِ المؤمنِ الشاكرِ الحازمِ ، أنْ يرِيش الشهم قبل الرمْي ، ويلتجئ إلى اللهِ قبْل الاضطرارِ ، بخلافِ الكافرِ الشَّقيِّ والمؤمنِ الغبيِّ ﴿ وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً ﴾ .

فتعيَّن على منْ يريدُ النجاةَ مِنْ ورطاتِ الشَّدائدِ والغُمومِ ، أنْ لا يفعل بقلبهِِ ولسانِه عنِ التَّوجُّهِ إلى حضرةِ الحقِّ – تقدّسَ – بالحمْدِ والابتهالِ إليه والثَّناء عليه ، إذ المراد بالدعاء في الرخاء – كما قاله الإمام الحليمي – دعاء الثناءِ والشُّكرِ والاعترافِ بالمِنن ، وسؤالِ التوفيقِ والمعونةِ والتَّأييدِ . والاستغفارِ لعوارضِ التَّقصيرِ ، فإنَّ العبد – وإنْ جهِد – لم يُوفِّ ما عليهِ منْ حقوقِ الله بتمامِها ، ومنْ غفل عنْ ذلك ، ولم يُلاحظْه في زَمَنِ صِحَّتِهِ وفراغِه وأمْنِهِ ، فقدْ صدقَ عليه قولُه تعالى : ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ » .

**************************************

نعيمٌ وجحيمٌ

نشرتْ الصحفُ العالميةُ خبراً عن انتحارِ رئيسِ وزراءِ فرنسا في حُكمِ الرئيسِ ميتران ، والسببُ في ذلك أنَّ بعض الصحفِ الفرنسية شنَّتْ عليهِ غارةً من النقْدِ والشتْمِ والتَّجريحِ ، فلمْ يجدْ هذا المسكينُ إيماناً ولا سكينةً ولا استقراراً يعودُ إليه ، ولم يجدْ منْ يركنُ إليه ، فبادر فأزْهَقَ رُوحَه .

إنَّ هذا الرجل المسكين الذي أقدم على الانتحارِ لم يهتدِ بالهدايةِ الرَّبّانيَّةِ المتمثَّلةِ في قولِهِ سبحانه : ﴿ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ وقولِه سبحانه : ﴿ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى ﴾ ، وقوله : ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً ﴾ ، لأنَّ الرجل فَقَدَ مفتاح الهدايةِ ، وطريق السَّدادِ وسبيل الرَّشادِ : ﴿ مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ﴾ .

إنَّ منْ وصايا الآخرين لكلِّ مُثْقلٍ بالهمِّ والحزنِ ، أنْ يأمروه بالجلوسِ على ضفافِ النهرِ ، ويستمتع بالموسيقى ، ويلعب النَّرْد ، ويتزلَّج على الثْلجِ .

لكنْ وصايا أهل الإسلامِ ، وأهلَ العبوديَّةِ الحقَّةِ : جلسةٌ بين الأذانِ والإقامِة في روضةٍ منْ رياضِ الجنَّةِ ، وهتافٌ بذِكرِ الواحد الأحدِ ، وتسليمٌ بالقضاءِ والقدرِ ، ورضاً بما قسم اللهُ ، وتؤكُّلٌ على اللهِ جلَّ وعلا .

************************************

﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾

نَزَلَ هذا الكلامُ على رسولِ اللهِ r فتحقَّقتْ فيه هذهِ الكلمةُ ، فكان سهل الخاطرِ ، منشرح الصدرِ ، متفائلاً ، جيَّاشَ الفؤادِ ، حيَّ العاطفةِ ، ميسَّراً في أمورِهِ ، قريباً من القلوبِ ، بسيطاً في عظمةٍ ، دانياً من الناسِ في هيبةٍ ، متبسماً في وقارٍ ، متحبباُ في سموٍّ ، مألوفاً للحاضر والبادي ، جمَّ الخُلُقِ ، طلْقَ المُحيَّا ، مشرق الطلْعةِ ، غزير الحياءِ ، يهشُّ للدُّعابةِ ، ويَبَشُّ للقادِم ، مسروراً بعطاءِ اللهِ ، جذِلاُ بالهِباتِ الرَّبانيَّةِ ، لا يعتريه اليأسُ ، ولا يعرفُ الإحباط ، ولا يخلدُ إلى التَّخْذِيلِ ، ولا يعترفُ بالقنوطِ ، ويُعجبُه الفألُ الحسنُ ، ويكرهُ التَّعمُّق والتَّشدُّق ، والتَّفيْهُق والتَّكلُّف والتَّنطُّع ؛ لأنهُ صاحبُ رسالةٍ ، وحاملُ مبدأ ، وقدوةُ أُمَّةٍ ، وأُسوةُ أجيالٍ ، ومعلِّمُ شعوبٍ ، وربُّ أسرةٍ ، ورجُلُ مجتمعٍ ، وكنْز مُثُلٍ ، ومَجْمَعُ فضائل ، وبحرُ عطايا ، ومشرِقُ نورٍ .

إنه باختصارٍ : ميسرٌ لليُسرى ، ، وإنه بإيجازٍ ﴿ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾ أو بعبارةٍ أخرى : ﴿ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ وكفى !! ﴿ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً{45} وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ﴾ .

إنَّ مما يُعارضُ الرسالة الميسَّرة السهلة : تنطُّعُ الخوارجِ ، وتزندُقُ أهلِ المنطقِ عبيدِ الدنيا ، وانحرافُ مرتزقةِ الأفكار ﴿ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ .

******************************************

زهرة القسام
2010-04-20, 16:06
و كأنها من كتاب لا تحزن لعائض القرني
جزاك الله خيرا

حَكَـايَا إِحسَـღـاس
2010-04-20, 16:06
بارك الله فيك

nassri17
2010-04-20, 16:10
نعم هي من كتاب لاتحزن بوركتم

nassri17
2010-04-20, 16:14
اين باقي الاعضاء يا اختي زهرة القسام هل انتي مطلعة على كتاب لا تحزن كله

زهرة القسام
2010-04-21, 18:09
ليس كله ولكني في اوقات ضيقي وعندما اشعر ان الكون ضاق بوسعه ألتجئ اليه

مصرية من الجزائر
2010-04-21, 18:21
أنا أيضا يعجبني كلماتك دكتور عائض القرني

وكتابه لا تحن غاية في الروعة

كلامه رائعه وأسلوبة رائع

جزيت خيراا حبيبتي علي النقل المفيد

م.ح.م.د
2010-04-21, 18:33
بارك الله فيك
جزاك الله خيرا
سلااااااااااااام

nassri17
2010-04-27, 18:21
بوركتم وشكرا لكل من مر بالموضوع

لؤلؤة الجنان
2010-04-27, 18:30
بارك الله فيك

sisito
2010-04-28, 11:48
بورك فيك اخي على الموضوع

nassri17
2010-04-29, 16:56
شكرا بوركتم

زهرة الجزائر 07
2010-04-29, 17:00
بارك الله فيك أخي

حمـ 0418 ــزة
2010-04-29, 17:52
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك على هذا النقل الموفق


سلام

محبة الحبيب
2010-04-29, 18:03
جزاك الله كل خير

nassri17
2010-05-08, 11:27
شكرا بوركتم

afaf86
2010-05-08, 12:00
شكرا على الموضوع .. جزاكـ الله خيــــــــــــــــــرا ..